مفهومه ومساره التَّاريخي ومناهجه...
تأليف
عبد المجيد زراقط
مقدمة المركز
تدخل هذه السلسلة التي يصدرها المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية في سياق منظومة معرفية يعكف المركز على تظهيرها، وتهدف إلى درس وتأصيل ونقد مفاهيم شكلت ولمّا تزل مرتكزاتٍ أساسيةً في فضاء التفكير المعاصر.
وسعيًا إلى تحقيق هذا الهدف وضعت الهيئة المشرفة خارطةً برامجيةً شاملةً للعناية بالمصطلحات والمفاهيم الأكثر حضورًا وتداولًا وتأثيرًا في العلوم الإنسانية، ولا سيما في حقول الفلسفة، وعلم الاجتماع، والفكر السياسي، وفلسفة الدين، والاقتصاد، وتاريخ الحضارات.
أما الغاية من هذا المشروع المعرفي فيمكن إجمالها بالتالي:
أولًا: الوعي بالمفاهيم وأهميتها المركزية في تشكيل وتنمية المعارف والعلوم الإنسانية وإدراك مبانيها وغاياتها، وبالتالي التعامل معها كضرورةٍ للتواصل مع عالم الأفكار، والتعرُّف على النظريات والمناهج التي تتشكّل منها الأنظمة الفكرية المختلفة.
ثانيًا: إزالة الغموض حول الكثير من المصطلحات والمفاهيم التي غالبًا ما تستعمل في غير موضعها أو يجري تفسيرها على خلاف المراد منها. لا سيما وأن كثيرًا من الإشكاليات المعرفية ناتجة من اضطراب الفهم في تحديد المفاهيم والوقوف على مقاصدها الحقيقية.
ثالثًا: بيان حقيقة ما يؤديه توظيف المفاهيم في ميادين الاحتدام الحضاري بين الشرق والغرب، وما يترتّب على هذا التوظيف من آثارٍ سلبيةٍ بفعل العولمة الثقافية والقيمية التي تتعرض لها المجتمعات العربية والإسلامية، وخصوصًا في الحقبة المعاصرة.
رابعًا: رفد المعاهد الجامعية ومراكز الأبحاث والمنتديات الفكرية بعملٍ موسوعيٍ جديدٍ يحيط بنشأة المفهوم ومعناه ودلالاته الاصطلاحية، ومجال استخداماته العلمية، فضلًا عن صِلاته وارتباطه بالعلوم والمعارف الأخرى. وانطلاقًا من البعد العلمي والمنهجي والتحكيمي لهذا المشروع، فقد حرص المركز على أن يشارك في إنجازه نخبةٌ من كبار الأكاديميين والباحثين والمفكرين من العالمين العربي والإسلامي.
* * *
تبحث هذه الحلقة في سلسلة "مصطلحات معاصرة" في مصطلح
"النقد الأدبي"، من حيث مفهومه وتطوّره ومناهجه ونقده.
والنقد الأدبي، كما هو معروف، نشأ عند صدور أوَّل نصٍّ أدبي، وتطوَّر طوال العصور، وكان للإغريق والعرب دورٌ أساس في تطوُّره، وعرف، في العصر الحديث، مناهجَ كثيرةً، أسهمت العلوم الإنسانية واللغوية في نشأتها وتطوُّرها. وقد تتبَّع الباحث مسار تطوُّر هذا النقد طوال العصور، وانتهى إلى إجراء قراءةٍ نقديةٍ في مناهجه.
والله ولي التوفيق
مقدمة
ما هو النَّقد الأدبي؟ ما مهمَّاته؟ ما علاقة الأديب بالنَّاقد الأدبي؟ من هو النَّاقد الأدبي؟ ما مناهج النَّقد الأدبي التي عرفها طوال مساره التاريخي؟ هل عرف التاريخ الأدبي العربي نقدًا أدبيًّا يُعتدُّ به؟ إن تكن الإجابة بـ «نعم»، وهي كذلك، فمن هم أعلامه؟ ما رؤاه؟...
هذه أسئلةٌ تحاول هذه الدِّراسة أن تجيب عنها، وعن أسئلةٍ أخرى، تتفرَّع عنها.
تلبِّي الإجابات عن هذه الأسئلة حاجةً ملحَّةً تعرفها المكتبة العربية، في هذه الآونة من تاريخها، وذلك لأن الإنتاج الأدبي، من نحوٍ أوَّل، في الوطن العربي، غزير، في مختلف أنواع الأدب، بسبب سهولة النَّشر واستسهاله، من دون أن يواكبه، أو يليه، نقدٌ أدبيٌّ منهجيٌّ يدرسه، ويميِّز جيِّده من رديئه، ويتبيَّن خصائص هذا الجيِّد، ويبلور الظَّواهر الأدبيَّة...، ولأنَّ المشكلة الكبرى، التي يواجهها النُقَّاد، من نحوٍ ثانٍ، وبخاصَّةٍ طلاَّب الجامعات، هي مشكلة معرفة المناهج الأدبية الحديثة، وملاءمة كلٍّ منها للهدف المراد تحقيقه من دراسة النَّص.
تهدف هذه الدِّراسة إلى تلبية هذه الحاجة الملحَّة، فتقدِّم معرفةً بالنَّقد الأدبي ووظائفه ومناهجه...، مركَّزةً وافيةً، بلغةٍ موضوعيةٍ، سهلةٍ، بسيطةٍ وعميقةٍ في آن، يمكن للقارئين: المختصّ والعادي أن يتلقّياها من دون صعوبة.
إضافةً إلى تقديم معرفةٍ بالتُّراث النقدي الأدبي العربي، وإذ نفعل ذلك، نأمل أن نكون قمنا ببعض ما ينبغي القيام به في هذا المجال.
عبد المجيد زراقط