تأليف:
عبد الله عمار الحموي
الفهرس المحتويات
غاية الشريعة، واتخاذ المساجد
أشرف العبادات
المساجد وشرف النسبة
أفضل الأماكن وأفضل الناس
المسجد وعناية آدم والخليل(عليه السلام)
المسجد أوّل ثمار التمكين
عُمّار المساجد صفوة خلق الله
خرّابها وهدّامها بأقبح الصفات وأشنعها
عمارة المسجد في القرآن الكريم
بناء المساجد وإقامة شعائر الله
بناء المسجد النبوي الشريف
صفة المسجد النبوي الشريف
العمارة الحسية للمساجد
على خطى النَّبِيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)
بناء المسجد أجرًا جاريًا
العمارة المعنوية لبيوت الله تعالى
صلاة الجماعة أوضح مصاديق العمارة المعنوية للمساجد
فضل المشي إلى صلاة الجماعة
التعلّق بالمسجد
روّاد المساجد وشهادة الإيمان
من وصية النَّبِيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر الغفاري
المسجد والتربية الإيمانيّة
المساجد ودورها التعليمي
كيف نحيي المسجد
إحياء مكتبة المسجد
اللقاءات مع أهل الحي
المساجد وشباب الإسلام
تعويد الصبيان على ارتياد المسجد
من أحكام المساجد
طهارة المسجد
طهارة زوّار المسجد
مراعاة حرمة المسجد
عدم زخرفة المسجد
الحفاظ على أغراض المسج
أين مكانك في المسجد؟
من فقه المسجد
أحي مسجدًا مهجورًا
لا تنسَ حقّ الجوار!
تطهّر في بيتك
تحلّى بالوقار
إلبس أفضل ما لديك
الاستخفاف باللباس
تجنّب روائح الفم
الذكر حال الدخول والخروج من المسجد
خطوات تحصد حسنات
تعاهد الحذاء
الدخول إلى رحاب المسجد
الذكر حال الدخول
وللمسجد تحيّة
الجلوس في المسجد عبادة
المساجد للقرآن
منع القصص في المسجد
الأصوات المرتفعة في المسجد
ترك المسجد أثناء الصلاة
الحذر من استدعاء النوم بالنعاس
حافظ على نظافة المسجد
خدمة المسجد وتطهيره للركع السجود
إضاءة المسجد
تاجر مع الله فقط
الأذان في المسجد
روحية الدخول إلى المسجد
المساجد بيوت عبادة وعلم ودعوة
حنين الجواد لمسجد خير العباد
مقدّمة المركز
الحمد للّه ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله الطاهرين(عليهم السلام) وبعد...
الحياة الطيِّبة هي الوضعيّة المنشودة لحياة البشر؛ في الأبعاد الإيمانيّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة، والجهاديّة، والجسميّة، والبيئيّة، والجماليّة، والعلميّة، والإداريّة. ووفقًا لرؤيتنا الإسلاميّة لا مجال لفصل الحياة الطيِّبة بأبعادها ومراتبها كافة عن الإيمان والعمل الصالح الوارد في عدّة آيات في القرآن الكريم على نحو التلازم، قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل: 97). فالإحياء هنا بمعنى إلقاء الحياة في الشيء وإفاضتها عليه، وفيها دلالة على أنّ الله سبحانه يكرّم المؤمن الذي يعمل صالحًا بحياة جديدة غير ما يشاركه سائر الناس من الحياة العامّة، وما في الآية من طيب الحياة يلازم طيب أثرها وهو القدرة والشعور المتفرّع عليهما الأعمال الصالحة.
إذًا «الحياة الطيِّبة» في هذه الدنيا هي النتاج الطبيعي للعمل الصالح النابع من الإِيمان، أيْ أنّ المجتمع البشري سيعيش حينها حياةً هادئةً مطمئنةً ملؤها الرفاه والسلم والمحبّة والتعاون، وفي أمان من الآلام الناتجة عن الإِستكبار والظلم والطغيان وعبادة الأهواء والأنانيّة التي تملأ الدنيا ظلامًا وظلامات.
وتتأكّد أهمية التربية على نمط الحياة الإسلاميّة بسعة التشريعات والقيم الإسلاميّة، لهذا فهي إضافة للتربية على البعد الإيماني التربوي، حيث العمل على تربية شخصيّة الإنسان وبناؤه في الجوانب العقائديّة والإيمانيّة والعباديّة والروحيّة، تبرز الأهميّة للتربية في البعدَيْن السلوكي الفردي والاجتماعي، حيث التربية على الحياة الأسريّة والاجتماعيّة الإسلاميّة، ويتحمّل المسؤلية المجتمعيّة في ضوئها. وفي التربية على ثقافة التدبير المعيشي، واتقان العمل، والسعي للكسب الحلال...، وأصول وقيم التعامل مع سائر النعم والمخلوقات. بل والتصرّف في الأرض وخيراتها وفق إرادة الله تعالى، باعتبارها أمانة إلهية لخدمة الإنسان ورقيّه ورفاهيّته وتحقيق كماله على ضوء الإرادة الإلهيّة.
ختامًا لا شك بأنّ التزام الإنسان نمط الحياة الإسلاميّة، ومراعاته لقواعد وأصول الحياة الطيبة يكفلان له أعلى درجات السعادة والإطمئنان في حياته الدنيوية، والفوز برضا الله وجزاءه الحسن في حياته الأخروية.
هذا الكتاب «المساجد بيوت الله» يسلّط الضوء على مكانة المسجد وقداسته في الإسلام، ودوره منذ عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في مختلف مراحل الدعوة، وأنّها بيوت الله في الأرض، وتدعوه لتحويل حُسن تعامله معها إلى نمط حياة من أنماط الحياة الإسلاميّة الطيّبة، وقد استندنا في تأليفه وكتابة مضامينه على الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبويّة الشريفة وروايات أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، وفتاوى الفقهاء، ليكون الكتاب أصيلًا في مضامينه ومفيدًا للقرّاء الكرّام.
مقدِّمة المؤلِّف
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيّدنا ومولانا رسول الله محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلى آله الطيبين الطاهرين(عليهم السلام)، وبعد...
إنّ المساجد بيوت الله ومهابط رحمته، فيها يُعبد الله ويُوحّد، وفيها يُذكر اسمه، وزوارهُ فيها عُمَّارُها، وهي ملتقى المؤمنين من عبادهِ وصفوتهِ، وأحبُّ البقاع إليهِ، أساسها على التقوى، وهي منارات الهدى وأعلام الدين، ومنطلق إعلان التوحيد لله سبحانه، وقلاع الإيمان كما أنها بيوت للطاعة ومجالس للذكر، ومحاريب للعبادة، ومواضع تسبيح، وابتهال وتذلّل بين يدي الله سبحانه، ورغبة فيما عنده من الأجر الكبير، وهي مرتاد لكل رائد للعلم أريب، ومقام تهجّد وترتيل لكتاب الله تعالى وحفظ له، وغوص وراء معانيه، والناس يتعلَّمون فيها مبادئ دينهم وتعاليمه. كما أنّها أوّل المؤسّسات التي انطلق منها شعاع العلم والمعرفة في الإسلام، وهي ميدان الشورى والتعارف والتآلف؛ لأنّ المسجد هو ذلك الموئل الإيمانيّ الّذي تطمئنّ القلوب المؤمنة لارتياده، وتسكن النفوس النقيّة في كنفه، وهو بعد معينٌ لا ينضب، ومنهل ينهل منه أفراد المجتمع ما يروي نهمهم، ويعطيهم قوّة علميّة، وشحنة إيمانيّة تدفع عنهم الشكوك والأوهام، وتجنّبهم سموم الأعداء، ونفثاتهم المحمومة المسعورة.
وأنَّ ممّا يؤسف له اليوم أن نرى الكثير من المسلمين يبتعدون عن بيوت الله، وهم يعلمون أنَّه لن يقوم لهم مجد ولا عز، ولن تسترجع لهم كرامة وهيبة إلّا بعودتهم للمساجد وإعادتهم للنسخة الصحيحة منها، ومن ثمّ ارتشافهم من معينها الصافي، وتعلّق قلوبهم بعلوم الله التي تبث من خلالها، والعمل على عمرانها بالإيمان وإقام الصلاة ليتحقق فيهم قول الله عَزَّتْ آلاَؤُه: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة: 18).
لأجل ما تقدّم كانت هذه الرسالة التي تبيّن مكانة المسجد في الإسلام، وقسطًا وافرًا من آدابه، ووظيفة مرتاديه وجيرانه، وفضل الصلاة فيه في جماعة أو غيرها؟ وسنتولى بتوفيق الله سبحانه استقصاء ما في الوسع ممّا جاء في كتاب الله وسنّة مولانا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وآثار الأئمّة من أهل بيته(عليهم السلام) الواردة في حقّ المساجد وزوّارها، ونسأله تعالى أن يوفقنا جميعًا لمراضيه، ويجعلنا من عمّار بيوته بذكره إنّه سميع مجيب.