تنزيه القميين
تأليف
العلامة الشريف أبي الحسن الفتوني العاملي
المتوفى 1138 هـ
تحقيق
كاظم الشيخ محمد تقي الجواهري
(163)
مقـدّمـة التحقيـق:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على خاتم الاَنبياء والمرسلين محمّـد وآله الاَطيبين الاَطهرين.
رغم أنّ التاريخ الفقهي الشيعي لم يُدوّن بأُسلوب علمي متكامل، ولم يخضع لمنهجية متبلورة الاَركان، ممّا حال دون سبر الغور في أعماقه وخصائصه ـ ذات المضامين الرفيعة والمفاهيم الجليلة ـ بالكيفية الملائمة والطرح المرموق.
إلاّ أنّ هذا لم يقف حائلاً ولم يشكّل عائقاً نحو إمكان تمييز مراتب الرقيّ ومراحل التطوّر التي أصابته منذ عصر ظهور الاِسلام إلى يومنا هذا.
ولقد تنوّعت الآراء واختلفت الاَقوال في تصنيف عوامل تطوّره ونهضته؛ فمن مذهبٍ قائلٍ بإرجاعها إلى أشخاص الفقهاء الاَعاظم، وآخر إلى عناوين خاصّة ـ مثل: مرحلة النشوء، النمو، التكامل... ـ وثالث إلى المدارس والمعاهد، إلى غير ذلك.
ولعلّ المذهب الاَخير أقرب إلى الدرك وأنسب للقبول، لِما فيه من
(165)
العمومية والشمولية للقولين الاَوّليْن.
ولو استقصينا الجدول الزمني والمسيرة التاريخية للفقه الشيعي، لوجدنا أنّ المدارس التي قامت ونشأت في هذه الفترة وتلك، في هذا البلد وذاك، كانت ولا زالت هي المحاور الرئيسية في إكسابه ما وصل إليه من منزلة سامية ومكانة شامخة، فاق بها طرّاً سائر الفرق والمذاهب، من حيث سعة المحتوى وعمق المطالب ومتانة الاستدلال ورفعة الطرح وتنوّع الاَساليب؛ المنصبّة جميعاً في قناة إثبات المُدّعى ونقض المخالف.
ومدرسة قم ـ التي ازدهرت في الربع الاَوّل من القرن الرابع حتّى منتصف القرن الخامس ـ وبعد انتقال حركة التدريس والتأليف إليها من المدينة والكوفة، استطاعت أن تُظهر فاعليةً كبيرةً ودوراً مؤثّراً في تطوير الفقه الاِمامي وإرساء قواعده المتينة وأُطره الرصينة.
ولعلّ من أهمّ العوامل التي ساهمت في منح هذه المدرسة مكانتها المذكورة: هو ولاء قـم ـ ومشهورية انتمائها ـ لمذهب أهل البيت عليهم السلام ؛ حيث كانت ولا زالت تعدّ حصناً من حصون الشيعة المنيعة وثغراً من ثغورها الشامخة؛ والروايات الواردة عن الاَئمّة الاَطهار عليهم السلام في عظم منزلتها وشرفها كثيرة ومعروفة.
كما كانت تعدّ آنذاك الركن الآمن الذي اطمئنّ إليه فقهاء آل البيت عليهم السلام بعد ما لاقوه من شتّى صنوف القسوة والاِرهاب من بني العبّـاس وسوء معاملتهم لهم.
مضافاً إلى ذلك، فقد كانت قم مركزاً فقهيّاً كبيراً، لا سيّما في عهد النوّاب الاَربعة؛ إذ حفلت بالكثير من أعاظم الفقهاء وأجلّتهم، أمثال: الكليني والصدوق ووالده وابن قولويه وابن الجنيد وعلي بن إبراهيم وغيرهم.
وقد ساعد وجود الدولة البويهية حينذاك على نموّ المدرسة الفقهية
(166)
الشيعيـة في قـم والري، لِمـا كانت تمتاز بـه من الـولاء والانقياد لمذهب أهل البيت عليهم السلام.
أمّا أهمّ ملامح مدرسة قم وأبرز خصائصها التي امتازت بها عن أقرانها فيمكن الاِشارة إلى جانبين منها:
الجانب الاَوّل: تدوين الحديث وتبويبه وتجميعه وتنظيمه، وقد تجلّى ذلك في موسوعة الشيخ الصدوق (ت 381 هـ) الحديثية الشهيرة من لا يحضره الفقيه.
الجانب الثاني: فاعلية ونشاط حركة الرسائل الفقهية الجوابية حينذاك، فكانت الاَسئلة ترد على الفقهاء فيكتبون أجوبتها على هيئة رسائل فقهية، وهذا ما كان له أعمق الاَثر في تطوير البحث الفقهي وإنمائه، بالرغم من محدودية هذه الرسائل من حيث عرضها لِما صحّ من الروايات والاَحاديث فقط.
إنّ هذا المختصر الذي استعرضناه عن قم ومدرستها الفقهية ما هو إلاّ زاوية صغيرة توخّينا منها بيان مصداقية من مصاديق الحقيقة الكليّة التي احتضنها التاريخ بكلّ قطع وثبات، حقيقة أنّ قم ومدرستها كانت محوراً أثرى الجبهة الفقهيّة الشيعية بأفضل مؤن التطوّر والازدهار على يد أجلّ الفقهاء والعلماء الكبار.
وبالتأمّل الدقيق في ما أوردناه آنفاً يظهر أنّ ما ذهب إليه السيّـد المرتضى (ت 406 هـ) ـ من وصف القمّيين باستثناء الصدوق بالمجبّرة والمشبّهة، وأنّ يونس بن عبـد الرحمن والفضل بن شاذان كانا يقولان بالقياس ويعملان به ـ ما كان إلاّ لمجرّد التباس الاَمر عليه ـ إن صحّ التعبير ـ
(167)
وليس عناداً منه عليهم.
وإلاّ فماذا يعني كون الكثير الكثير من القميّين من خواصّ الاَئمّة عليهم السلام وأعيان شيعتهم وثقاتهم؛ بالنصّ القطعي الوارد عنهم عليهم السلام ، مضافاً إلى شهادة ذوي الفضل والجلالة من كبار علماء الرجال وأشياخهم، كالنجاشي والكشّـي والعلاّمة وابن داود، المدّونة في أسفارهم ومصنّفاتهم، التي أثبتوا فيها بصريح العبارة: أنّ الكثير من فضلاء الطائفة وجهابذتها كانوا من أهل قـم وأنّهم أهل علم وفقاهة وصحّة حديث، على طبق أمتن المباني الرجالية والقواعد الاستدلالية القطعيّة التي لا تقبل النقض بأيّ حال من الاَحوال، فكانت مورد الاتّفاق والاِجماع.
وهذه الرسالة تنزيـه القمّيّـين قد شيّدها العلاّمة، المحقّق، الرجالي، المدقّق، الثقة الثقة، البحّاثة، الفقيه، أبو الحسن الشريف العاملي النجفي، جدّ شيخنا صاحب الجواهر؛ لبيان حال القمّيّين وردّ ما نسبه إليهم زعيم الطائفة ورئيسها السيّد المرتضى علم الهدى قدس سره .
وقد رتّبها ؛ على مقدّمة وفصلين وخاتمة:
المقدّمة كانت: في بيان أنّ نسبة القميّين إلى المجبّرة والمشبّهة كان منشؤها المخالفين؛ تهمةً منهم للعلماء المكرمين وافتراءً على الاَئمّة المعصومين عليهم السلام ، وأنّ نقلهم ـ أي القميّين ـ الاَخبار المتضمّنة للجبر والتشبيه في كتبهم لا لاَجل اعتقادهم بها وتديّنهم بظواهرها، بل لغرض وصولهم إلى محامل وتأويلات صحيحة لها، أو لتورّعهم عن ردّ خبر منقول عن الاَئمّة عليهم السلام لمجرّد عدم فهم المعنى.
والفصل الاَوّل: في ذكر المعتبرين من أشاعرة قم.
والفصل الثاني: في ذكر المعتبرين من سائر القمّيّـين.
والخاتمة: في ذكر بعض الاَخبار المرويّة عن يونس بن عبـد الرحمن
(168)
والفضل بن شاذان في إبطال القياس وعدم جواز العمل به؛ ردّاً لِما نسبه إليهما السيّـد المرتضى قدس سره من استعمالهما القياس.
سلك المصنّـف فـي رسالتـه الجليلـة هـذه ـ وعلى طول محاورهـا الاَربعة ـ مسلك التحقيق الدقيق والاستدلال القويم، على أساس النصّ الروائـي الجلي، والقرينـة الواضحة، والشاهـد المبين، والمؤيّـد المتين؛ بأرقى القواعد وأوثقهـا، وأرسخ المبانـي وأتمّها، على نحو لا يدع للريبة والشكّ أي مجال.
(169)
ترجمـة المؤلّف
اسمـه: الشريف(1)، كنيتـه: أبو الحسن، وهو ليس من السادة الاَشراف كما قد يتبادر من اسمـه، يوصف في بعض التراجم بالعدل، وعشيرته «آل الفتوني» كثيرون في جبل عامل(2).
اسم أبيه: الشيخ محمّـد طاهر بن عبـد الحميد بن موسى بن علي بن محمّـد بن معتوق بن عبـد الحميد.
وأُمّـه: العلويـة أخت الشريف المير محمّـد صالح بن عبـد الواسع الحسيني الخاتون آبادي، جدّ صاحب الجواهر لاَُمّ والده الشيخ باقر، التي اسمها آمنة بنت فاطمة بنت المولى أبي الحسن الفتوني.
وقيل: إنّ أُمّ الشيخ باقر والد صاحب الجواهر هي بنت الشيخ الفتوني، فيكون الفتوني جـدّ صاحب الجواهر، أو جـدّ والده الشيخ باقر.
ولادتـه:
قال في الذريعة: كانت ولادته بأصفهان؛ لاَنّ والده تزوّج في ـ أوان إقامته بأصفهان ـ السيّـدة أُخت الاَمير محمّـد صالح الخاتون آبادي، فرزق منها الشريف، وكان يسكن محلّة «درب إمام» بأصبهان، ولذا يقال له الشريف الاِمام، ولم نعثر على تاريخ ولادته معيّناً، ولعلّها كانت حدود سنة
------------------------------------------
(1) ذكر صاحب الروضات 7|142، وصاحب ريحانةالاَدب 2|321 أنّ: الشريف صفته لاَنّ والدته علوية النسب.
(2) أعيان الشيعة 7|343.
(170)
1070 كما يظهر من تواريخ إجازات مشايخه له من سنة 1096 إلى سنة 1107 هـ.
ويظهر من الاِجازة الثانية له من العلاّمة المجلسي في سنة 1107 أنّه كان في ذلك التاريخ مجاوراً للغري، وأيضاً يظهر من تلك الاِجازات أنّ آباءه كلّهم علماء أجلاّء، ترجمهم سيّـدنا الحسن الصدر في تكملـة الاَمـل(1).
مشايخـه:
يروي بالاِجازة عن العلاّمـة محمّـد باقر المجلسي صاحب البحار.
وعن المحدّث الحرّ العاملي صاحب الوسائل.
وعن الشيخ أحمد بن محمّـد بن يوسف البحراني.
وعن خاله السيّـد الاَمير محمّـد صالح الحسيني الخاتون آبادي.
وعن المحدّث السيّـد نعمة الله الجزائري.
وعن المولى الفيض الكاشاني صاحب الوافي والصافي والشافي.
وعن المحقّق آقا حسين الخوانساري.
وعن الشيخ محمّـد حسين بن الحسن بن إبراهيم بن عبـد العالي الميسي.
وعن الشيخ صفيّ الدين بن فخر الدين الطريحي.
وعن الحاج محمود بن علي الميبدي المشهدي.
وعن الشيخ قاسم بن محمّـد الكاظمي.
----------------------------------------
(1) الذريعة 2|371.
(171)
وعن الشيخ عبـد الواحد بن محمّـد بن أحمد البوراني.
تلامذتـه والراوون عنـه:
تلمّذ عليه وروى عنه الكثير من أجلّة الطائفة وفضلائها، نذكر منهم:
1 ـ الشيخ أبو صالح محمّـد مهدي العاملي الفتوني.
2 ـ السيد محمّـد بن علي بن حيدر العاملي.
3 ـ الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري.
4 ـ المولى محمّـد إبراهيم بن غياث الدين الحويزاوي.
5 ـ السيّـد نصر الله الموسوي الحائري.
6 ـ السيّـد حسين القزويني، أحد مشايخ العلاّمة بحر العلوم.
7 ـ السيّـد محمّـد بن أمير الحاجّ شارح قصيدة أبي فراس.
8 ـ الشيخ أحمد بن الشيخ حسن النحوي.
قال صاحب التكملة إنّه استقصى في كتابه: بغية الوعاة في طبقات مشايخ الاِجازات مشايخه وتلامذته(1).
بعض أقوال العلماء فيه:
قال الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق: كان محقّقاً مدقّقاً، ثقة صالحاً، عدلاً(2). وقال السيّد بحر العلوم في إجازته للشيخ محمّـد اللاهيجي: الشيخ
-------------------------------------------
(1) تكملة أمل الآمل: 443.
(2) لؤلؤة البحرين: 107 رقم 40.
(172)
الاَعظم، رئيس المحدّثين في زمانه، وقدوة الفقهاء في أوانه(1).
وقال صاحب الروضات رحمه الله: الفاضل العرّيف، الباذل جهده في سبيل التكليف... من أعظم فقهائنا المتأخّرين وأفاخم نبلائنا المتبحّرين...(2).
أمّا صاحب الجواهر فقد قال فيه: جدّي الفاضل المتبحّر الآخوند الملاّ أبو الحسن الشريف(3).
وأثنى عليه المحدّث النوري واصفاً إيّاه بـ: أفقه المحدّثين، وأكمل الربّانيين، الشريف العدل... أفضل أهل عصره وأطولهم باعاً(4).
وقال السيّـد عبـد الله آل السيّـد نعمة الله الجزائري: سُئل والدي يوماً: أيّهما أفضل، الشريف أبو الحسن أو الشيخ سليمان؟ فقال: أمّا الشريف أبو الحسن فقد مارسته كثيراً في أصبهان وفي المشهد وفي بلادنا لمّا قدم إلينا وأقام عندنا مدّة مديدة فرأيته في غاية الفضل والاِحاطة وسعة النظر؛ وأمّا الشيخ سليمان فلم أره...(5).
مؤلّفـاتـه:
1 ـ الفوائد الغروية والدرر النجفية:
مرتّب على مقصدين في مجلّدين: أحدهما في أُصول الدين والآخر في أُصول الفقه، وهو كتاب حسن فيه ما يستفاد من الاَحاديث من القواعد الفقهية والمسائل الاَُصولية ـ أي أُصول الفقه ـ وفيه تحقيقات رائقة وفوائد
-------------------------------------------
(1) حكاه عنه في أعيان الشيعة 7|342.
(2) روضات الجنّات 7|142 ـ 144.
(3) جواهر الكلام 29|313 و323.
(4) خاتمة مستدرك الوسائل 2|54.
(5) الاِجازة الكبيرة: 207.
(173)
فائقة تدلّ على مهارته في العلوم العقلية والنقلية، فرغ منه سنة 1112 هـ(1).
2 ـ رسالة في الرضاع (الرضاعية):
مسهبة غرّاء ، اختار فيها القول بالتنزيل (أي نزّل ما يحرم بالمصاهرة ما يحرم بالنسب).
فرغ منها في النجف 25 المحرّم سنة 1111 هـ، وقيل: سنـة 1109 هـ، ذكر فيهـا: أنّـه ألّفهـا بعد استخارات عديدة عنـد رأس الاَميـر عليه السلام (2).
3 ـ شرح على كفاية المقتصد للمحقّق السبزواري:
من أوّل كتاب المتاجر... والظاهر أنّه لم يخرج منه إلاّ شرح المتاجر هذا، واعتمد في بقيّة الكتب على ما فصّله السبزواري في ذخيرته كما استظهر ذلك صاحب لؤلؤة البحرين(3).
4 ـ ضياء العالمين في بيان إمامة الاَئمّة المصطفين:
قال السيّـد محسن الاَمين في الاَعيان: رأيت منه نسخة مخطوطة في النجف الاَشرف في مكتبة الحسينية الشوشترية في ثلاث مجلّدات كبار سنة 1352 وكتب المؤلّف في بعض فصوله ما يقرب من ثلاثين صفحة في إيمان أبي طالب(4).
وقال صاحب الذريعة: ضياء العالمين في مجلّدين، في أكثر من 65000 بيت يوجد في مكتبة الاِمام أمير المؤمنين العامّة بالنجف، والمكتبة الجعفرية في كربلاء، ومكتبة كاشف الغطاء والمكتبة التسترية، وهو مرتّب
------------------------------------------------
(1) الذريعة 16|353.
(2) الذريعة 11|188.
(3) الذريعة 14|35، لؤلؤة البحرين: 109.
(4) أعيان الشيعة 7|343.
(174)
على مقدّمة ومقصدين وخاتمة(1).
وتوجد نسخة منه في مكتبة مؤسّسة آل البيت عليهم السلام العامرة مصوّرة من مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الاَشرف.
5 ـ شريعة الشيعة ودلائل الشريعة:
قال آقا بزرك في الذريعة: شرح لـ: مفاتيح الشرائع، خرج منه شرح الباب الاَوّل منه في سنة 1129 هـ، ويتلوه الباب الثاني في مقدّمات الصلاة.
وقال الشيخ يوسف البحراني في اللؤلؤة: وهو يشهد بفضله وتحقيقه، ودورانه مدار الاَخبار المأمونة عن العثار في جليله ودقيقه، ولا أعلم هل برز منه غير هذا أم لا(2).
6 ـ كتاب الاَنساب:
ذكر في أوّله بعد خطبة مختصرة أنّه: رأى في كربلاء كتاب حدائق الاَلباب في معرفة الاَنساب وفيه مشجّرات الملوك والمشاهير والسادات على طرز غريب يعسر الوصول منه على المراد، وطلب منه بعض السادات أن يؤلّف فيه كتاباً يسهل الوصول إلى ذخائر كنوزه ويكشف النقاب عن وجوه رموزه، فألّف هذا الكتاب، ورتّبـه على جملتين: الاَُولى منهما في آباء السبطين، والثانية في أبنائهما(3).
وذكر آقا بزرك رحمه الله أنّه: لم يسمّ المؤلّف الكتاب باسم خاصّ، لكن رأيت بعض الفضلاء عبّر عنه بـ: «حديقة النسب» ولو سمّاه بـ: «كشف النقاب» عن وجه رموز حدائق الاَلباب ـ كما وصفه المؤلّف به ـ لكان أوْلى.
------------------------------------------------
(1)الذريعة 15|124.
(2) الذريعة 14|187، لؤلؤة البحرين: 109.
(3) الذريعة 2|371.
(175)
ولمّا رأيت حسن ترتيبه وهو مسطّر جعلته بهذا الترتيب مشجّراً بخطّ دقيق في خريطـة طويلـة إذا نشر طيّها يرى فيها الاَسماء متّصلة بآبائها إلى آدم بسهولة، وسمّيته: شجرة السبطين وشرعة الشطّين(1).
7 ـ مرآة الاَنوار ومشكاة الاَسرار:
تفسير جليل للقرآن، مقتصراً على ما ورد في متون الاَخبار، لم يخرج منه إلاّ شيء يسير من أوائل سورة البقرة(2) بعد مجلّده الاَوّل الكبير الذي هو في مقدّمات التفسير والعلوم المتعلّقة بالقرآن، لم يعمل مثله، طبع المجلد الاَوّل منه وحده في إيران سنة 1303، ونسبته إلى الشيخ الكازروني ـ على ما كُتب عليه ـ غلط وافتراء، هكذا ذكر السيّد محسن الاَمين في الاَعيان(3).
وقال المحدّث النوري رحمه الله في حاشية الخاتمة: ومن الحوادث الطريفة والسرقات اللطيفة أنّ مجلّد مقدّمات تفسير هذا المولى الجليل المسمّى: مرآة الاَنوار، موجود الآن بخطّ مؤلّفه في خزانة كتب حفيده شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام طاب ثراه، واستنسخناه بتعب ومشقّة وكانت النسخة معي في بعض أسفاري إلى طهران، فأخذها منّي بعض أركان الدولة وكان عازماً على طبع تفسير البرهان للعالم السيّد هاشم البحراني، وقال لي: إنّ تفسيره خالٍ عن البيان، فيناسب أن تلحق به هذه النسخة ليتمّ المقصود بها فاستنسخها، ورجعت إلى العراق، وتوفّي هذا الباني قبل إتمام
----------------------------------------
(1) الذريعة 14|372.
(2) قال آقا بزرك الطهراني: وهو في نسخة شيخنا العلاّمة النوري من أوّل سورة الفاتحة إلى أواسط سورة البقرة في مجلّد كبير، وفي نسخة أُخرى إلى الآية الرابعة من سورة النساء، (مثنى وثلاث ورباع). الذريعة 20|264.
(3) الذريعة 20|264، أعيان الشيعة 7|343.
(176)
الطبع، فاشترى ما طبع من التفسير، ونسخة المرآة من ورثته بعض أرباب الطبع، فأكمل الناقص وطبع المرآة في مجلّد.
ولمّا عثرت عليه في المشهد الغروي رأيت مكتوباً على ظهر الورقة الاَُولى منه: كتاب مرآة الاَنوار ومشكاة الاَسرار، وهو مصباح لاَنظار الاَبرار، ومقدّمة للتفسير الذي صنّفه الشيخ الاَجلّ، والنحرير الاَنبل، العالم العلاّمة، والفاضل الفهّامة، الشيخ عبـد اللطيف الكازروني مولداً والنجفي سكناً... إلى آخره.
فتحيّرت وتعجّبت من هذه السرقة فكتبت إلى باني الطبع ما معناه:
إنّ هذا التفسير للمولى الجليل أبي الحسن الشريف، وأمّا عبد اللطيف فلم أسمع بذكره، ولم نره في كتاب، ولعلّ الكاتب السارق المطفىَ لنور الله اشتبه عليه ما في صدر الكتاب بعد الخطبة من قوله: يقول العبد الضعيف، الراجـي لطف ربّـه اللطيف، خادم كلام الله الشريـف... إلـى آخـره، فظنّ أنّـه أشار إلـى اسمـه فـي ضمـن هـذه العبـارة، ولكن النسبـة إلـى كازرون لا أدري ما منشؤها؟!
فوعدني في الجواب أن يتدارك ويغيّر ويبدّل الصفحة الاَُولى، ويكتب على ظهرها اسم مؤلّفه وشرح حاله الذي كتبته سالفاً على ظهر نسختي من التفسير، وإلى الآن ما وفى بعهده، وأعدّ نفسه لمؤاخذة المولى الشريف في غده.
فليبلّغ الناظر الغائب أنّ هذا التفسير المطبوع في سنة 1295 هـ في طهران ـ المكتوب في ظهره ما تقدّم ـ للمولى أبي الحسن الشريف، الذي يعبّر عنه في الجواهر بجدّي العلاّمة، لا لعبـد اللطيف الكازروني، الذي لم
(177)
يتولّد بعد، وإلى الله المشتكى وهو المستعان(1).
8 ـ حقيقة مذهب الاِمامية:
وبيان أساسه الذي مَن ضلّ عنه ضلّ.
أوّله: الحمد لله الذي لم يخلق الخلق إلاّ ليعبدون...
فرغ منه يوم الجمعة آخر شعبان 1138 هـ، ويظهر من تاريخ وفاته أنّه آخر تصانيفه(2).
9 ـ شرح الصحيفة:
ذكرها الشيخ آقا بزرك في الذريعة(3).
10 ـ نصائح الملوك وآداب السلوك:
في شرح العهد المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام الذي كتبه لمالك الاَشتر حين ولاّه مصر، ألّفه بالفارسية باسم السلطان حسين الصفوي المتوفّى سنة 1135، ومعلوم من آخر النسخة أنّه أنهاه في سنة 1118، والذي يحتوي على حدود 3250 بيت(4).
11 ـ الكشكول:
يحتوي على 540 صفحة، وهو موجود في مكتبة كاشف الغطاء بالنجف، والظاهر أنّ النسخة بخطّه الشريف(5).
-----------------------------------------
(1) خاتمة مستدرك الوسائل 2|55.
(2) الذريعة 7|49.
(3) الذريعة 13|346.
(4) الذريعة 24|171، انظر: فهرس النسخ المخطوطة لمكتبة سپهسالار 2|33 و5|715 رقم النسخة 766.
(5) الذريعة 18|70.
(178)
12 ـ معراج الكمال:
ذكره آقا بزرك رحمه الله، وقال: إنّ النسخة كانت عند الحاجّ مولى علي محمّـد النجف آبادي ـ قدّس الله سرّه ـ كما يظهر من فهرست كتبه(1).
13 ـ تنزية القمّيين:
وهو الكتاب الماثل بين يدي القارىَ الكريم، أشرنا إليه في صدر البحث.
وفاتـه ومدفنـه:
قال صاحب الاَعيان: إنّه توفّي سنة 1139. وقيل سنة 1138 كما أرّخه بعض أحفاده بخطّه على ظهر الفوائد الغروية(2)، وفي تتمّة أمل الآمل توفّي في أواخر العشر الاَربعين بعد المائة والاَلف(3).
قال صاحب نجوم السماء: دفن بالنجف الاَشرف(4).
النسخ المعتمدة في التحقيق:
اعتمدنا في تحقيقنا هذه الرسالة الشريفة على مصوّرتي النسختين التاليتين:
1 ـ النسخـة المخطوطـة المحفوظـة فـي مكتبـة آيـة الله العظمـى المرعشي قدس سره بقم المشرّفة برقم 5459، كتبها عبد الله الموسوي الاشتهاردي سنة 1357 هـ، تحتوي على 16 ورقة في 17 سطراً بحجم 22×17 سم .
---------------------------------------
(1) الذريعة 21|232.
(2) وكذا في نسخة «ضياء العالمين» بخطّ الشيخ محمّـد حسين الجواهري.
(3) أعيان الشيعة 7|342.
(4) نجوم السماء: 218.
(179)
أشرنا إليها في الهامش بلفظة: المخطوط.
2 ـ النسخة المطبوعة بقم المشرّفة سنة 1368 هـ، بتصحيح الشيخ محمّـد علي الرازي القاساني.
أشرنا لها في الهامش بلفظة: المطبوع.
منهجية التحقيق:
أجرينا مقابلة بين المخطوط والمطبوع، وثبّتنا الاختلافات الموجودة بينهما.
ثمّ قمنا باستخراج الآيات والنصوص الروائية والاَقوال من مصادرها.
واتّبعنا منهج التلفيق بين المخطوط والمطبوع والمصدر لغرض الحصول على المتن الاَنسب والاَقرب إلى الصواب واستفدنا من اختلافات النسختين مع المصادر فثبّتنا الراجح في المتن، وأشرنا إلى المرجوح في الهامش.
وقمنا كذلك بتصحيح بعض الاختلافات الرجالية التي واجهتنا أثناء العمل.
وترجمنا أيضاً للطوائف والفرق التي أوردها المصنّف في المتن.
سائلين المولى تبارك وتعالى أن يتقبّله بأحسن قبوله.
والحمـد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّـد وآلـه الغرّ الميامين.
(180)