الباحث : السيد نور الله التستري 956 ـ 1019 هـ تحقيق: هدى جاسم محمد ابو طبرة
اسم المجلة : تراثنا
العدد : 48
السنة : السنـة الثانيـة عشـر | رجـب ـ ذو الحجّـة
تاريخ إضافة البحث : January / 31 / 2016
عدد زيارات البحث : 2663
نـهـايـة الاقـدام
في وجوب المسح على الاقدام
تأليف الشهيد الثالث القاضي السيد نور الله التستري 956 ـ 1019 هـ
تحقيق هدى جاسم محمد ابو طبرة
(337)
مقدّمـة التحقيـق:
بسم الله الرحمـن الرحيـم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الاَنبياء والمرسلين محمّـد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الاَوفياء المخلصين، ومن اتّبع الهُدَى إلى يوم الدين.
وبعـد:
قد يتصوّر البعض أنَّ طرق المسائل الخلافية بين الشيعة والعامّة بالبحث، أو التحقيق بات مملاًّ؛ لكثرة ما كتب حولها! والحقّ، أنّ هذا التصوّر ينطلق من أُفق ضيّق؛ لاَنّ الاختلاف في تطبيق ما أمر به الشارع المقدّس يرجع إلى أُمور كثيرة، وليس كلّ الناس يدركها، ويأتي في مقدّمتها الاجتهاد ـ في مقابل النصّ ـ في اختيار الخليفة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ممّا فتح باب الاجتهاد بالرأي على مصراعيه في ما هو أقلّ خطراً من الاجتهاد في اختيار الخليفة.
وقد ساعدت السياسات السابقة التي تبنّت فكرة الاجتهاد بالرأي على
(339)
ترسيخ شقّة الخلاف وتوسيعها مع الطرف الآخر الذي لم يتجاوز حدود الشريعة منذ صدورها ولم يلتجىَ في الفتيا إلى ما يمحق الدين كالقياس والاستحسان، والمصالح المرسلة وسدّ الذرائع، التي ما أنزل الله بها من سلطان.
كما أسهمت بعض السياسات المعاصرة على إبقاء ما كان على ما كان، فحجبت الدراسات الموضوعيّة ـ التي تهدف إلى تبصير المسلمين بملابسات التشريع، وواقع تاريخهم الاِسلامي ـ عن الوصول إلى رعاياها؛ لاَنّ الوقوف على سرّ الخلاف وحقيقته لا يجري بصالحها، فتراها كالخفافيش المختبئة في جحورها المظلمة هروباً من أشعّة الشمس وضيائها.
وإذا ما نظرنا إلى ثقافة المسلمين أنفسهم، ومدى انفتاح كل فريق منهم على ما لدى الآخر، وإلى ما يتّصل بروح التعصّب التي تحجّر الفكر وتقيّد حريته، وتصيب العيون بحمّى الاَلوان فلا ترى إلاّ ما استقرّ عليه السلف، عرفنا السرّ وراء صمت مدرسة الرأي وانغلاقها على نفسها، وعدم نزوعها لنداء مدرسة النصّ التي أخذت على عاتقها دراسة مسائل الخلاف بروح موضوعية مقارنة، مستهدية بنصوص الكتاب والسُنّة، ودليل العقل الذي حُرمت منه شريحة مسلمة واسعة، فبرزت في سمائها أسماء لامعة سخّرت طاقتها للكتابة في هذا الحقل، فتركت تراثاً إسلامياً خالداً يتّسم بالموضوعية والمقارنة إلى حدٍّ بعيدٍ، ويأتي في طليعة تلك الاَسماء اسم الشهيد الثالث ـ قدّس سره الشريف ـ السيّـد القاضي نورالله التستري (956 ـ 1019 هـ).
لقد خلّف الشهيد الثالث ترِكة علمية ضخمة، ما بين كتاب ورسالة، ومعظمها في المسائل الخلافية العقائدية والفقهية، من بينها رسالته في مسح
(340)
الرجلين في الوضوء، وهي الماثلة بين يدي القارىَ، وقد سمّاها بـ «نهاية الاِقدام في وجوب المسح على الاَقدام» مستقرئاً فيها حجج القائلين بوجوب غسل الرجلين وتفنيدها حجّة بعد أُخرى.
وأحسب أنّ المسلم الذي يغسل رجليه في الوضوء قبيل كلّ صلاة، ولخمس مرّات في اليوم الواحد، إذا ما قُدّر له أن يقرأ هذه الرسالة ويمعن النظر في أدلّتها، سيكون له ـ بقيد الاِنصاف ـ موقف آخر من الوضوء.
على أنّ هذه الرسالة لم تكن الوحيدة في مدرسة النصّ بل سبقتها وتلتها كتب ورسائل عديدة في الوضوء، أو في بيان بعض أفعاله كما في كثير من الدراسات الوضوئية السابقة على هذه الرسالة أو اللاّحقة بها.
ترجمـة المؤلّـف
هو السيّـد الجليل العالم العابد الشهيد ضياءالدين القاضي نـورالله، ابن السيّـد العلاّمة شريف الدين، ابن السيّـد ضياء الدين، يتّصل نسبه الشريف بالسيّـد الجليل أبي الحسن علي المرعشي ـ المعروف في كتب الرجال والتراجم الشيعية والعاميّة ـ وهو من سلالة الدوحة الحسينية العلوية الطاهرة، إذ ينتهي نسبه إلى الاِمام المعصوم زين العابدين وسيّـد الساجدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام .
ولد السيّـد ـ قدس سره الشريف ـ من أبوين مرعشيين عالمِيَن، في بلدة «تُسْتَر» من خوزستان سنة (956 هـ)، ولهذا يعرف بـ «التُسْتَريّ»، ويقال له: «الشوشتري» أيضاً لكون «تستر» مُعَرّبَ «شوشتر».
(341)
أمّا لقب: «المرعشي»، فقد جاء نسبةً إلى «مرعش» وهي بلدة تقع بين الشام وتركيا، وكان جدُّه الاَعلى، السيّـد الزاهد الفقيه المحدّث أبو الحسن عليّ، قد سكن تلك البلدة، فنُسِب إليها، وكذلك أولاده وأحفاده يُعرفون إلى اليوم بالسادة المرعشيّة.
والاَُسرة المرعشيّة من الاَسر الحسينية العريقة في الدين والتقوى والصلاح والعلم، خرّجت على امتداد قرون متعاقبة عدداً كثيراً من العلماء والمحدّثين والفقهاء، ولهم في تراثنا الشيعي بصمات بارزة، وآثار خالدة، لا سيّما آثار الشهيد صاحب الترجمة ـ قدّس سرّه الشريف ـ الذي شهدت له آثاره العلمية على تبحره في العلوم الشرعيّة بأسرها.
أخذ الشهيد التستري (طاب ثراه) العِلمَ ـ في أوان شبابه ـ من علماء بلدته تستر، وأوّلهم والده السيّـد شريف الدين، فقرأ عليه الكتب الاَربعة والاَُصول والفقه والكلام، كما أخذ العِلمَ عن كثيرين غير والده، ثمّ انتقل بعد ذلك من تستر إلى مدينة مشهد المقدّسة، وكانت تعجّ يومذاك بمشاهير العلماء.
وما إن وصل مشهد ـ وكان عمره في ذلك الوقت ثلاثاً وعشرين سنة ـ حتّى حضر درس المولى عبدالواحد التستري الذي كان من مشاهير أهل الفضل في عصره، ثمّ أخذ عن غيره من فطاحل العلماء في هذه المدينة المقدّسة، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى بلاد الهند في سنة (993 هـ)، ولمّا يبلغ الاَربعين، بعد أن تأكدّ له أنّ هذه البلاد لا تُرفع فيها راية لآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم .
ولمّا وصل بلاد الهند، قرّبه سلطانها (أكبر شاه)، لعلمه الجمّ وأدبه وفضله ونسكه وورعه؛ فطارت شهرته في كلّ بلاد الهند، ورقي أمره وحسن حاله جاهاً ومالاً ومنالاً حتّى نصّبه (أكبر شاه) قاضياً ومفتياً في دولته.
لقد كان منصب القضاء والاِفتاء لا يتسنّمه ـ في تلك البلاد ـ إلاّ من
(342)
فاق الناس بعلمه وفقهه، ولهذا فقد تعرّض السيّـد من جرّاء هذا المنصب إلى حسد الحاسدين، لا سيّما من تلبّس منهم بلباس الفقهاء، ومن تقمّص قميص العلماء.
وعلى الرغم من كثرة حاسديه في تلك البلاد مع شيوع النصب والعداء لاَهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، كان السيّـد الشهيد مجاهراً بالدعوة إلى التشيّع أمام من يطمئنّ إلى دينه وورعه، حتّى قيل عنه: إنّهُ أوّل من نشر مذهب الحقّ في بلاد الهند.
ولهذا فقد حيكت الدسائس ضدّه قدس سره قبل أن ينكشف تشيّعه، ثمّ سعت زمرة من الاَوغاد المتزيّين بزيّ العلماء من العامّة، إلى السلطان بإباحة دمه الشريف، خصوصاً بعد أن سمع بعضهم منه عبارة: «عليه الصلاة والسلام» قالها بحقّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، بعد أن جرى ذكره العطـر على لسانـه، فاغتنمهـا حسّاده، وزعموا أنّها مختصّة بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ! ورفعوا ذلك إلى السلطان، وقد عَلِمَ أحد كبار علماء الهند المنصفين بهذه الدسيسة والمحاولة القذرة، فكتب إلى سلطان الهند يُعلمه أنَّ عليّاً عليه السلام هو من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إلاّ أن الجُهّال لا يفقهوا ذلك، ولم يعرفوا حقّ أمير المؤمنين عليه السلام ، مع حسدهم لذلك السيّـد الجليل لِما وصل إليه من مكانٍ عالٍ ومنزلةٍ شامخةٍ بين العلماء.
فانصرف السلطان عن قتله بعد أنْ عرف حقيقة الحال وواقعه.
ولم يلبث أُولئك النواصب أنْ اسْتغلّوا وفاة السلطان (أكبر شاه) واغتنموا مجيء ابنه (جهانكير شاه التيموري) خلفاً على البلاد، وكان ضعيف الرأي سريع التأثّر شديد التعصّب، فدسّ أُولئك الحسّاد والاَوغاد رجلاً خسيساً منهم إلى السيّـد الشهيد لمعرفة أخباره والتجسّس عليه،
(343)
كما هو فعل أسيادهم من قبل في التجسّس على أعلام الشيعة لاَجل القضاء عليهم، وتصفيتهم.
وقد تمَّ لهم ما أرادوا، فلازم ذلك الرجل مجلس السيّـد القاضي نورالله بصفة طالب علم، إلى أن عرف ـ من طول الملازمة والخدمة ـ أنّ قاضي الهند وفقيهها هو من أكبر دعاة الحقّ، مع تمكّنه من الاطلاع على مؤلفات السيّـد لا سيّما كتابه الخالد «إحقاق الحقّ» الذي لم يبقِ فيه حجّة لناصبيّ عنيد إلاّ وقد جعلها هشيماً تذروه الرياح.
لقد استكتب الرجل الشقيّ نسخة من «إحقاق الحقّ»، وأتى بها إلى السلطان في الوقت الذي أشعلت فيه حسّاد الشهيد نار غضب جهانكير شاه التيموري ملك البلاد، على السيّـد الجليل، فأمر ـ لعنه الله ومن آزره ـ بقتله بصورة بشعة، إذ جُرّدت ثيابه عن جسده الشريف، ثم ضُرب بالسياط الشائكة حتّى تناثر لحم بدنه الشريف الطاهر، وذلك في سنة 1019 هـ على أشهر الاَقوال.
وهكذا قضى السيّـد التُستَري نحبه شهيداً وحيداً فريداً تحيط به زمر الاَوغاد، ومحرّفوا الكَلِم عن مواضعه من كلّ مكان ، ثمّ دُفن جثمانه الطاهر في بلدة أكبر آباد بالهند، ومرقده الشريف معروف يزار للتبرّك والتقرب إلى الله تعالى به.
(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
كان الشهيد القاضي نورالله التستري قدس سره عَلَماً في عصره، ومتكلّماً، وأديباً بارعاً، وبحراً في الفقه والاَُصول والحديث والعربية، أثنى عليه جميع من ترجم له غاية الثناء، حتّى وصفوه بالشهيد الثالث.
ولعلّ خير ما يدلّ على علمه وطول باعه في علوم الشريعة الغرّاء كثرة
(344)
مؤلّفاته ومصنّفاته، فقد أحصى له السيّـد شهاب الدين المرعشي النجفي قدس سره مائة وأربعين مصنَّفاً ما بين كتاب ورسالة، وذلك في مقدّمة تحقيقه لكتابه الخالد «إحقاق الحق».
والحقّ، إنّه لو لم يكن من بين مؤلّفاته إلاّ إحقاق الحقّ لكفى به شاهداً على غزارة علمه، وتفوّقه على أقرانه لِما فيه من مباحث كلامية وعقائديّة وفقهية وتفسيريّة راقية قلّما نجدها مجتمعة في كتاب في بابه.
رحم الله السيّـد الشهيد القاضي نورالله التستري، وسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث مع الشهداء حيّاً(1).
عملي في تحقيق الرسالة:
شرعت في تحقيق هذه الرسالة بعد أن توفّرت لديّ نسختان منها، سيأتي وصفهما بُعيد الانتهاء من سرد خطوات التحقيق الآتية:
--------------------------------------
(1) لخّصنا هذه الترجمة من المصادر التالية:
رياض العلماء ـ الميرزا عبدالله الاَفندي ـ 5|265، تعليقة أمل الآمل ـ له ايضاً ـ: 328 رقم 1037، ريحانة الاَدب في تراجم المعروفين بالكنية واللقب ـ التبريزي ـ 2|436 رقم 805، (ترجمه بعنوان: صاحب مجالس المؤمنين)، الفوائد الرضوية ـ الشيخ عبّاس القمّي ـ: 696، شهداء الفضيلة ـ الاَميني ـ: 171، روضات الجنّات ـ الخوانساري ـ 8|159 رقم 727، نفحات الروضات ـ الشيخ محمّـد باقر النجفي الاَصبهاني، المعروف بألفت ـ: 320 رقم 729، أعلام الشيعة ـ الشيخ آقا بزرك الطهراني ـ 2|622، أعيان الشيعة ـ السيّـد محسن الاَمين العاملي ـ 10|228، ومعجم رجال الحديث ـ السيّد الخوئي ـ 19|184.
هذا، وللشهيد التستري قدس سره ترجمتان ضافيتان: الاَُولى بقلم آية الله العظمى السيّـد شهاب الدين المرعشي النجفي قدس سره كتبها في مقدّمة تحقيق إحقاق الحقّ 1|82 ـ 161، والثانية: بقلم السيّد جلال الدين الحسيني، وهي رسالة مطوّلة في ترجمة السيّـد الشهيد الثالث واسمها: «فيض الاِله في ترجمة القاضي نورالله»، مطبوعة في مقدّمة كتاب «الصوارم المهرقة» للقاضي الشهيد تقع في 123 صفحة.
(345)
1 ـ قرأت النسختين معاً (النسخة الرضوية، والنسخة المرعشية) قراءة دقيقة، وتابعت من خلالها مفردات النسختين مفردة مفردة، لاَجل تثبيت جميع الاختلافات الحاصلة بينهما، مع الاِشارة إليها ـ في خطوة لاحقة ـ في هوامش التحقيق، فإن كان الاختلاف في اللفظ الواحد أو العبارة الواحدة من قبيل اختلاف التضادّ، اخترت الصواب منهما وجعلته متناً، والاِشارة إلى المتروك هامشاً. وإنْ كان الاختلافُ اختلافَ تنوّعٍ، وكلاهما يؤديان المقصود، اخترت أقربهما إلى الحسّ العربي، والذوق الاَدبي، مع التنبيه عليه أيضاً، وإن كان ذلك لا يخضع لاعتبارات علمية غالباً.
2 ـ لم أنتخب من النسختين أصلاً لتكون الثانية فرعاً؛ لِما سيأتي في وصفهمـا من أنّ في كلٍّ منهما ثغراتٍ تسدُّها الاَُخرى، فكان الاكتفاء برمز «ر» للرضوية و «م» للمرعشية، في هوامش التحقيق هو الاَوْلى.
3 ـ عدم التصرّف في المتن مطلقاً بلا إشارة، كما تقتضيه الاَمانة العلمية.
4 ـ إعطاء عناوين رئيسية وجانبيّة لمطالب الرسالة المهمّة مع حصر تلك العناوين بين عضادتين؛ للاِشعار بإضافتها منّي. 5 ـ تقطيع النصّ وتوزيعه بشكل منتظم وعلى طبق قواعد التحقيق، وتقويم النصوص.
6 ـ حصر الاَلفاظ المضافة منّي على متن الرسالة بين عضادتين، مع عدم الاِشارة إليها في الهامش في صورة عدم وجود البديل المحذوف، ومعها بوجوده.
7 ـ التوسّع في بيان ما لم يذكره المصنّف من الاَمور المتّصلة ببحث
(346)
الوضوء في هذه الرسالة، أو ذُكر فيها مقتضباً.
8 ـ الاستفادة التامّة من جميع كتب التفسير، وكتب القراءات القرآنية المتيسّرة وغيرها من الكتب الاَساسيّة الاَُخرى؛ لاِغناء آراء المصنف قدس سره وتصديقها بما في كتب العامّة أنفسهم.
9 ـ تصحيح الاَغلاط اللغوية التي مُنيت بها النسختان لا سيّما النسخة المرعشية التي اشتملت على أكثر من خمسين غلطاً لغوياً وبعضه نحوياً.
10 ـ تصحيح التصحيفات والتحريفات اللفظيّة أينما وُجِدت في متن الرسالة، مع الاِشارة إليها في الهامش.
11 ـ تخريج الآيات الكريمة من المصحف الشريف، والاَحاديث المنسوبة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من كتب الحديث، وأقوال العلماء من كتبهم.
12 ـ توضيح وشرح لبعض العبارات الغامضة في المتن، وبحسب ما نراه مناسباً في الهامش.
13 ـ ترجمت في الهوامش للاَعلام الّذين ورد ذكرهم في المتن، ما عدا الصحابة.
14 ـ ربط المطالب المتكرّرة سواء كانت في المتن أو من تعليقاتنا في هوامش الرسالة، وذلك بتعيين مواضعها والاِرجاع إليها. 15 ـ بيان الفهرس التفصيلي لمصادر ومراجع التحقيق في آخر الرسالة.
16 ـ متابعة الرسالة بعد طبعتها الاَوّليّة وإعادة تدقيقها والتأكّد من سلامتها قبل نشرها إن شاء الله تعالى.
(347)
وصف النسختين المعتمدتين في التحقيق:
اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على مصوّرتين لنسختين مخطوطتين:
الاَُولى «الرضويّـة»:
وهي نسخة مصوّرة على النسخة المخطوطة الموقوفة على مكتبة الاِمام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدّسة، برقم 2447، وقد تفضّل بإهدائها إلينا مشكوراً سماحة المحقّق السيّـد الجليل محمّـدرضا الجلالي، وفّقه الله تعالى لمراضيه.
وفي هذه النسخة لم يذكر اسم الواقف، ويظهر مـن «فهرستهاى خطّى دو كتابخانه مشهد، مدرسة نواب، استانه قدس رضوى 2|823 أنَّ واقف النسخة هو الخواجة شير أحمد توني.
وقد بلغ عدد لوحاتها ثمان عشرة لوحة فقط، ولم ترقم تلك اللوحات، ومساحة اللوحة الواحدة منها = 5|18 سم طولاً × 15 سم عرضاً، ومساحة الكتابة على اللوحة الواحدة = 14 سم طولا × 8 سم عرضاً، وعرض الحافّة الجانبية بحدود 4 سنتمرات، وعدد الاَسطر في كلّ لوحة = 15 سطراً ما عدا اللوحة الاَُولى، إذ ابتدأت بالبسملة في أعلى اللوحة، ثمّ بالربع الاَخير منها، وما بينهما بياض يسع لعشرة أسطر فقط، وكذلك اللوحة الاَخيرة حيث انتهت في السطر الخامس، وبه تمّت الرسالة.
وكان طول السطر الواحد من الكتابة = 8 سم، وعدد الكلمات في السطر الواحد ـ تقريباً ـ 12 كلمة.
وفي هذه النسخة إحدى وعشرون حاشية، اثنتا عشرة منها مذيّلة تارة بعبارة: «منه سلّمه الله»، وأُخرى بها مع زيادة: «وأبقاه».
(348)
وأمّا الحواشِ التسع الاَُخر، فثمانٍ، منها مُعَلَّمة بعلامة (الصح)، وواحدة كتبت باللغة الفارسية، وهي في بيان مقدار الصاع الشرعي.
وفي أسفل اللوحة الاَخيرة خَتْمٌ بسنة 1218 هجري شمسي، مع اسم: «باقي خان، مشهد، عُفِيَ عنهما» وبإزائه توقيع غلب عليه السواد.
وقد كُتِبت النسخة هذه بلغة الضاد وبخطّ النسخ الواضح الجميل، بحيث لم أجد صعوبة في قراءة متن الرسالة ولا حواشيها إلاّ نادراً، وكانت كلماتها منقوطة، وحروفها غير مشكولة، وهي خالية من البلاغات.
وأوّلها بعد البسملة: «قال الله تعالى في سورة المائدة: (يا أَيُّها الّذينَ آمَنوا إذا قُمْتُم إلى الصلاةِ فَاغْسِلوا وُجوهَكُمْ وأيْدِيَكُمْ إلى الْمَرافِقِ، وَامْسَحوا بِرُؤُوسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ إلى الكَعْبَيْنِ).. الآية». وآخرها: «الحمد لله على توفيق الاِتمام، والصلاة والسلام على النبيّ وآله الطهر الكرام إلى يوم يؤخذ بالنواصي والاَقدام».
وختمها الناسخ بعبارة: «تمّت الرسالة للسيّـد الاَجلّ الاَكرم الاَعلم الحسيني الاَمير نورالله الشوشتري، سلّمه الله وأبقاه».
هذا، ويوجد في هذه النسخة أكثر من ثلاثين غلطاً لغوياً، مع بعض التصحيفات اللفظية، والتحريفات، مع عدم ورود بعض الاَلفاظ التي لا يتمّ المعنى بدونها، وسقوط اليسير من العبارات، وقد تمّ تدارك ذلك ومعالجته في محلّه، وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف (ر).
وأهمّ ما يميّزها: جودة الخطّ، وقلّة الاَغلاط اللغوية بالقياس إلى النسخة الاَُخرى كما سيأتي في مواصفاتها. الثانية «المرعشيّـة»:
وهي نسخة مصوّرة على النسخة المخطوطة الموجودة في خزانة
(349)
مخطوطات آية الله العظمى السيّـد شهاب الدين المرعشي النجفي قدس سره في مدينة قم المقدّسة، برقم 7107.
وهذه النسخة المصوّرة من إهداء إدارة مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث، إليّ، فجزاهم الله تعالى عنّي ألف خير، ووفّقهم لمراضيه وسدّد خُطاهم لاِحياء تراث العترة الطاهرة عليهم الصلاة والسلام، إنّه سميع مجيب.
وهذه النسخة بخطّ محمّـد كاظم المدرّس الخادم، ولم يُثبّت عليها تاريخ النسخ.
وعدد لوحاتها إحدى عشرة لوحة، ولم ترقّم لوحاتها، ومساحة اللوحة الواحدة منها = 19 سم طولاً ×12سم عرضاً، ومساحة الكتابة في كلّ لوحة = 14 سم طولاً × 8 سم عرضاً، وفي كلّ لوحة سبعة عشر سطراً، وطول السطر الواحد = 8 سم، وعدد كلماته ـ تقريباً ـ 14 كلمة، وعرض الحافّة الجانبية = 4 سم، والعليا = 5 سم.
وفي أعلى اللوحة الاَُولى منها كُتب اسم الرسالة: «نهاية الاِقدام في وجوب المسح على الاَقدام، للقاضي نورالله الحسيني».
وهي خالية من البلاغات والاَختام، والحواشي سوى واحدة مذيّلة بعبارة: «منه عُفي عنه»، وثمَّة كلمات قليلة في حواشيها مُعَلَّمَة بعلامة (الصح).
كتبت هذه النسخة بلغة الضاد، وبخطّ النسخ أيضاً وأحياناً يميل إلى الخـطّ العادي، وهي مقروءة وواضحة غالبـاً، إلاّ أَنّ قراءة بعض عباراتها لا تخلو من صعوبة أحياناً، كما أنّ كلماتها منقّطة في الغالب، وحروفها غير مشكولة.
وأوّلها بعد البسملة: «الحمد لله الذي رفع أيدي حججنا على
(350)
الخصام».
وآخرها: «والحمد لله على توفيق الاِتمام...» إلى آخر ما ذكرناه في وصف النسخة الرضويّة.
وختمها الناسخ بقوله:
«كتبه العبد المحتاج إلى رحمة ربّه الغنيّ الدائم، محمّـد كاظم المدرّس الخادم، وفّقه الله تعالى لمراضيه، وأيّده، وحفظه، وسلّمه، بحرمة الرضا بن موسى، عليه وعلى آبائه وأولاده الصلوات الزاكيات، ما دامت الاَرض والسموات».
ويظهر منه أنّه كتبها في مدينة مشهد المقدّسة.
هذا، ويوجد في النسخة (المرعشية) أكثر من خمسين غلطاً لغوياً، مع بعض التصحيفات والتحريفات، مع عدم ورود بعض الكلمات، واختلاف قليل في بعض العبارات، مع سقوط بعض الفقرات منها، زيادة على التقديم والتأخير في اليسير من العبارات. وقد رمزنا لها بالحرف «م».
وأهمّ ما يميّزها عن النسخة الاَُولى أنّها تامّة الاَوّل حيث تقدّم أنّ في بداية (الرضويّة) بياضاً يسع لعشرة أسطر، زيادة على ما يكتنف قراءتها من صعوبة أحياناً لا تُعرف إلاّ بالرجوع إلى النسخة الرضوية، مع وجود السقط والغلط فيها أكثر من الاَُولى، وتتّفقان بجهالة تاريخ نسخهمـا، وإن أمكن تقدير عُمُر الثانية بإرجاعها إلى أوائل القرن الثاني عشر الهجري باعتبار أنّ ناسخهـا ـ محمّـد كاظم المدرّس ـ كان حيّاً في ذلك الوقت، فقد استنسخ كتاب «الاَمان من الاَخطار» للسيّـد ابن طاووس وفرغ منه في يوم الاَحد، 17 شعبان سنة 1103 هـ، كما في «الكواكب المنتشرة في القرن
(351)
الثاني بعد العشرة» من طبقات أعلام الشيعة 6|612.
والْحَمْدُ للهِ الّذي لا تُحْصى فَضائلُهُ وَلا تُعَدُّ نِعَمُهُ،
والصـلاةُ وَالسـلامُ عَلى أشْرَفِ مَخْلوقٍ في الدُنْيـا وَاالاَْخِـرَةِ
محمّـدٍ، وَعَلى عِتْرَتِهِ الْبَرَرَةِ،الطاهِرة المطهّرة ما ناح قمريٌّ على فَنَنه،
وما اشتاقَ الغريبُ إلى وطنه. هدى جاسم محمّـد أبو طبرة
ماجستير آداب في الشريعة والعلوم الاِسلامية
قـم المشرّفـة
(352)