البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

قراءة في كتاب: محنة التُّراث الآخر النَّزعات العقلانيَّة في الموروث الإمامي‏

الباحث :  أ. محمَّد دكير
اسم المجلة :  مجلة المنهاج
العدد :  13
السنة :  السنة الرابعة ربيع 1420 هجـ 1999 م
تاريخ إضافة البحث :  December / 14 / 2015
عدد زيارات البحث :  1737
قراءة في كتاب:
محنة التُّراث الآخر
النَّزعات العقلانيَّة في الموروث الإمامي‏

أ. محمَّد دكير (*)

«البحث عن المهمَّش هو بلا شك مهمَّة صعبة للغاية، وأصعب من ذلك البحث عن المعقول في الممنوع..». المؤلِّف إدريس هاني‏
إشكاليَّة المنهج في القراءات التراثيَّة الجديدة
عرف حقل التراث العربي والإسلامي، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، إنجاز مجموعة من القراءات استنجدت، في مجملها، بمناهج وآليات للبحث انطلقت من خلفيات أيديولوجية متعدِّدة ومتباينة، لذلك لم تتمكَّن هذه القراءات من تشكيل رؤية حقيقية لفهم التراث، بمعزل عن مؤثِّرات النَّزعات الأيديولوجية والتيارات الفكرية الحداثية.
فقد صدرت تباعاً مجموعة من القراءات، أو التفاسير، إذا صح التعبير: التفسير الماركسي، الوجودي الوضعي، البنيوي، التفكيكي.. الخ، فأيُّ منهج أو تيار فلسفي أو فكري نقدي، يكشف عنه التطوُّر الغربي، نجد من يهرع مسرعاً للبحث داخل التراث العربي والإسلامي، لإعادة قراءته من خلال هذه المناهج ولتأصيلها في الوقت نفسه، بغية الوصول إلى: ماركسية عربية، وجودية عربية، أو شخصانية إسلامية..!؟
إنَّ اختيار المنهج، لدى عدد من أصحاب هذه القراءات رالمشاريع، كان قد سبق اطلاعهم على الموضوع (التراث)، وذلك لكون المنهج «المنتخب» قد اقترن لدى بعضهم بانتمائه المذهبي (الماركسي خصوصاً)، أو بمجرد الاطلاع والتشبُّع بالفلسفات والمناهج الغربية، ومن ثم الرجوع بقناعة منهجية (علمية؟) متميزة لقراءة التراث.
وقد أسفرت هذه الطريقة، في التَّعاطي مع التراث، عن اجتزاء المنهج أو المذهب الغربي خارج إطاره الحضاري، وظروفه التاريخية، ومحدِّدات نشأته، ثم إسقاطه على حضارة أخرى مختلفة. كما يقول الدكتور حسن حنفي، وهذه المزاوجة
________________________________________
(*)باحث من المغرب.

[الصفحة - 264]


القسرية بين منهج (غربي)، وموضوع (شرقي)، كشفت عن أزمة جديدة، زادت من تمنُّع التراث عن الظهور التام بكافة كوامنه وخفاياه كما يؤكِّد المؤلف.
إن أكبر خطأ منهجي سقطت فيه مجمل هذه المشاريع رالقراءات، هو عدم الالتفات للعلاقة التي تربط المنهج بالموضوع والموضوع بالمنهج، وهذه قضية شائكة لها علاقة بإشكالية «المنهج العلمي» في مجال العلوم الإنسانية.
كما أن الشعور بالدُّونية انطلاقاً من تقزيم الأنا المتجلِّي في الماضي (التراث) وكذلك الحاضر (الواقع المتخلِّف)، في مواجهة الغرب؛ حيث الآخر يعني التقدُّم والتطوُّر والتفوُّق على جميع الأصعدة، هذا الشعور ربما جعل بعض الباحثين يغفل أو يتناسى أن للتراث مناهجه الخاصة به، فالأنساق الفكرية التي بنيت في علم الكلام والحكمة والتصوف والتشريع، لم تكن دون منهج،
لذلك فمعرفة مناهج التراث ستؤدِّي، أولاً وقبل كل شي‏ء، إلى فهمه وقراءته من الداخل، ومن ثم إلى استيعاب معطياته بشكل علمي موضوعي، هذا الاستيعاب الذي سيمكِّن من الكشف عن الخيوط أو الشرايين «المقطوعة؟»، والتي يمكن ربطها ووصلها مع مراحل التطور التي بلغتها المناهج العلمية المعاصرة، وبالتالي ربما أدى ذلك إلى اكتشاف منهج أو مناهج علمية متميزة (خاصة)، أكثر تلاؤماً مع التراث، لأنها لن تكون غريبة عنه، يمكنه أن يلفظها في أي لحظة، وإنما ستمثل الاستمرارية في إطار التجديد والتطوُّر، الذي يراعي المعطيات العلمية الجديدة. وسنكون بالتالي أمام محاولة علمية رمنهجية، لمعالجة الثنائيات التي خضنا فيها طويلاً وما زلنا. أي: التراثر الحداثة، الأصالة/ المعاصرة وغيرها من الثنائيات الأخرى.
مأزق النَّظرة التجزيئيَّة
من جهة أخرى، لا بدَّ من الحديث عن المأزق الكبير الذي عانت منه هذه المشاريعر القراءات، حيث سادت النظرة التجزيئية والتشطيرية، أثناء معالجة هذا التراث، وبذلك غاب ما يسمِّيه المؤلِّف «التراث الآخر»، أي التراث الشيعي الإمامي خصوصاً!؟ هذا القسم من التراث الذي عانى من المنع الشديد والمحاربة، ما دفع به نحو
________________________________________

[الصفحة - 265]


العزلة والانطواء. وإذا كان هذا القسم أو الجزء المهم من التراث العربي والإسلامي قد أغفل وأهمل، أو عولج من خلال «مصادر وسيطة» غير محايدة، وتنقصها الموضوعية، فهل يمكن لهذه المشاريع /القراءات، الإدعاء بأنها كوَّنت رؤية شمولية حول التراث، وبالتالي هل تستطيع أن تقدِّم استنتاجات متكاملة وموضوعية حوله؟!
لكن مهما قيل عن المناهج المستخدمة والإسقاطات الأيديولوجية التي حدثت بسبب هذه الاختيارات المنهجية، إلا أن الأهداف ربما كانت مشروعة إلى حد بعيد، فهذه المشاريع/القراءات، انطلقت من فكرة مهمة، وهي أهمية النظر في التراث، لجعله منطلقاً من أجل ربط الحاضر بالماضي في محاولة للعثور على زر إعادة تشغيل العقل الإسلامي، وبعث الحياة فيه وتفعيله، لعلَّه يتحرك مثلاً، فنكون أمام نهضة جديدة تشبه مثلاً النهضة التي حصلت في القرن الرابع الهجري.
وهذا المنطلق والشعور بأهمية التراث، يجسد بحد ذاته مرحلة من الوعي العربي والإسلامي لا يمكن إغفال أهميتها.
كما أن النتائج التي أسفرت عنها هذه المشاريع /القراءات، لا يمكن فهمها، أو تسويغها، من دون الرجوع إلى الملابسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية بشكل عام، التي كانت تلقي بثقلها على كاهل الباحث (صاحب المشروع)، الذي انطلق محمَّلاً بهموم وقضايا وآمال وأحلام، بل ببرامج حزبية، يريد تحقيقها على أرض الواقع.
لقد جاء هذا الكتاب مساهمةً للتعريف أولاً بهذا التراث، و «محاولة لفهمه وذلك انطلاقاً من اختيار ابستمولوجي يراعي التداخل الكلي لمكوِّنات العقل التراثي، تجاوباً مع المعطى فكما يقول المؤلف ، كما أنه يتيح الرؤية من داخل حقل التراث الآخر..».
لكن هذا الهاجس التعريفي سيواكبه بحث أو محاولة أخرى تكشف عن النزعات العقلانية داخل هذا الموروث الإمامي الذي اتهم بالهرمسية والباطنية واللاعقلانية، وذلك من خلال مقاربات في الكتابة التاريخية، علم الكلام، الحكمة، وأخيراً أصول التشريع.
________________________________________

[الصفحة - 266]


الكتابة التاريخية العربية: استمرار محنة التُّراث الآخر
إن أهم ما يمكن ملاحظته، بخصوص أزمة الخطاب التاريخي العربي، هو ذلك «الفقر العلمي الشديد» الذي يعاني منه هذا الخطاب، فالتاريخ والعقيدة ممتزجان ومتماهيان لدى المؤرِّخ القديم الذي وظَّف هذا المزج في الدفاع عن أيديولوجية السلطة الحاكمة، لذلك فقد وجد هذا المؤرِّخ نفسه في ظل الصراع السياسي والمذهبي فاقداً لاستقلاليته، ما جعلنا نرث فكما يقول المؤلف ـ «تاريخاً عربياً متناقضاً ومتمذهباً ومنمَّطاً».
ومن خلال النماذج المعروضة، باعتبارها تمثل بوضوح ذلك «الاختلاف المنهجي في الكتابة التاريخية العربية»، استطاع المؤلِّف أن يكشف عن مكانة «الآخر» المخالف والمناهض للسلطة وموقعه، وكيف تمكنت الرؤية المللية والمذهبية، التي ينطلق منها المؤرخ من تقديم «الآخر»، وبالتالي صياغة الحقيقة التاريخية التي سوف يتلقفها الخلف بعد ذلك.
اختار المؤلِّف مؤرِّخَيْن للحديث عن ملابسات الكتابة التاريخية العربية، الأول ابن جرير الطبري، الذي استطاع ففي نظر المؤلف ـ أن يحدث «تجديداً في صميم الكتابة التاريخية عند العرب» عندما اهتم بأسلوب «الإسناد» وتوثيق الرجال وتنظيم الأخبار وتضعيفها.
في الوهلة الأولى، يظهر كتاب الطبري: «تاريخ الرسل والملوك»، تاريخاً شاملاً لجميع المواقف والتيارات السياسية والمذهبية التي دخلت بها الساحة العربية والإسلامية، لكن الباحث المدقِّق سرعان ما يكتشف عكس ذلك، لأنه سيلاحظ ميلاً واضحاً للعباسيين، ومجارات لقناعات الأغلبية، مع أن الطبري كان عالماً بجميع ما تدعو إليه الفرق والتيارات السياسية والمذهبية.
قد يكون حاول إرضاء جميع التيارات، كما يرى المؤلِّف، لكن الموضوعية العلمية تظل مفتوحة على مخاطر جمَّة، من طرف الأغلبية من جهة، والسلطة الحاكمة من جهة أخرى. لذلك فقد تميزت كتابته بانتقاء للأخبار والسكوت عن عدد من التفاصيل التي قد تدعم موقف المعارضة (الآخر)، مع أن الطبري
________________________________________

[الصفحة - 267]


ـ كما يدَّعي المؤلف ـ كان قد حاول إرضاء الشيعة، عندما عرض لأخبارهم بنوع من الحياد، لكنه في نهاية المطاف تجنَّب ذكر أخبار مهمة تنتصر لعقيدتهم ـ أي الشيعة ـ في الإمامة، وتصرَّف في غيرها فوإن كنا نشك في من قام بهذا التصرف، وهل عبثت به الأيادي الحنبلية (السَّلفية)، كما فعلت مع غيره من الكتب؟!ـ كما غض الطرف عن أخبار تقلِّل من شأن خصومهم.
وعليه، فلم يكن الطبري محايداً أبداً، وهذا ما جعل التأريخ للآخر الإمامي، لا يحضر بالموضوعية الكافية في تاريخه، فما نحصل عليه هو رؤية ملتبسة، متناقضة ومختلفة، تحتاج إلى الكثير من الغربلة والتدقيق، واستدعاء المصادر والمراجع الأخرى، لمعالجة الحلقات الضائعة، والمحطات المسكوت عنها، وهذا ما نجده مثلاً عند اليعقوبي أو المسعودي..
أما مع ابن كثير، وهو المؤرِّخ الثاني الذي اختاره المؤلِّف، فنحن أمام محدِّث أولاً ثم مؤرِّخ ثانياً، فالتاريخ هنا سيتماشى بوضوح مع الدفاع والانتصار للمذهب، ونقض آراء «الآخر» الإمامي وغيره، من دون مواربة، ومن أجل صياغة الموقف لدى التيار الذي يمثله ـ كما يقول المؤلف ـ فهو مستعد لتصحيح ـ أو تكذيب ـ أي خبر أو رواية تصله وتمس بقداسة السلف؟!
والخلاصة التي يتوصل إليها المؤلِّف، بخصوص منهج كل من الطَّبري وابن كثير، أن كلاهما قد ضحَّى بالحقيقة، الأول ضحى «بالنص من أجل الوصول إلى الوفاق» والثاني ضحى «بالوفاق من أجل تحديد موقف السلف».
إن تجلِّيات هذه الأزمة في الكتابة التاريخية العربية ونتائجها، تظهر جلية بعد ذلك، خصوصاً إذا أضفنا لها الكتابات التي تولاَّها عدد من المنتمين للمدارس الكلامية واهتموا بالتأريخ للأفكار في إطار علمي خاص تعلَّق بالمجال الكلامي والعقائدي فقط. لقد غابت الموضوعية العلمية، في عرض أفكار الخصوم وعقائدهم، في ما كتبه الشهرستاني والبغدادي وغيرهما من المنتسبين للمدرسة الكلامية الأشعرية خصوصاً، هناك تساهل كبير في نقل الأخبار لدرجة تمرير الخرافات والأساطير من دون الشعور بتهافتها،
________________________________________

[الصفحة - 268]


وهذا قد يكون مردُّه إلى الإيمان والاعتقاد بحديث الفرقة الناجية، فما دامت الأشعرية هي الفرقة الحق والناجية، فما دونها الباطل، وبالتالي فلا حاجة للتدقيق في ما ينقل عن أصحاب الأهواء والباطل. والنتيجة أن صورة الآخر الإمامي ستشوَّه وتحرَّف بما يكفي لطرحها خارج الدائرة الإسلامية جملة وتفصيلاً.
ومن تجلِّيات استمرار هذه الأزمة التأريخية ما كتبه المؤرِّخون المعاصرون، المصريُّون على وجه التحديد، وهم يعيدون كتابة التاريخ العربي والإسلامي، لتقديمه في حلل لغوية جديدة، لكن بمضامين تحليلية قديمة، كترجمة شبه حرفية، يتخلَّلها في الكثير من الأحيان دفاع عمَّا روي، والبحث عن أدلَّة جديدة تدين «الآخر المخالف للإجماع».
لقد عوتب المؤرِّخ أحمد أمين من طرف علماء الإمامية عندما زار العراق، لما كتبه حولهم من «أباطيل»، لكنه اعتذر بعذر أقبح كما يقال، اعتذر بعدم اطِّلاعه على المصادر الإمامية؟! وهذا ما وقع فيه كذلك أصحاب المشاريعر القراءات، كما قلنا سابقاً.
وهذا قد يجعلنا نتحدَّث عن «ظاهرة» تكاد تشمل مجمل ما يكتب في مجالات التاريخ فالعقائد والفقه، أو الإنتاج الفكري الإسلامي بصفة عامة.
هناك إقصاء مستمر للفكر الشيعي الإمامي، القديم والحديث والمعاصر، والنماذج كثيرة نذكر منها، على سبيل المثال، ولأهمية موضوع الكتاب: «أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي» للدكتور فهمي جدعان، هذا الكتاب لم يتعرض للمساهمة المتميزة لعلماء الإمامية في النجف، وعلى رأسهم السيد محمد باقر الصدر مثلاً، هناك غياب شبه كامل لما تنتجه النجف في العراق أو قم في إيران.
وهذه «الظَّاهرة» تجعلنا نؤكد ما ذهب إليه الدكتور حنفي من وجود «دوائر حضارية متمايزة»، تعمل الكتابات التاريخية المعاصرة على إبقائها بل وتوسيعها انطلاقاً من استثمار الخصومة التاريخية الطويلة، وظهور معطيات جديدة، مثل الحواجز اللغوية. فالعالم السني المتحدِّث بالعربية، لا يكاد يعلم شيئاً عن الإنتاج الفكري الشيعي الفارسي إلا ما ندر؛ حيث تترجم بعض الكتابات القليلة بين الحين والآخر،
________________________________________

[الصفحة - 269]


وهنا يمكن أن نتحدَّث عن دائرة أوسع، لأن الفكر العربي مقصِّر جداً في اطلاعه وتواصله مع الفكر والإنتاج الفكري الإسلامي الآسيوي بشكل عام. في المقابل تتقلَّص مساحة الجهل بالآخر السني رالعربي، لدى علماء الإمامية، سواء في العراق أو إيران، لأنهم يتقنون اللغة العربية سواء أكانوا فرساً أم تركاً..
إن نتائج هذه الأزمة التأريخية ظهرت واضحة في مجمل هذه المشاريع، وخصوصاً عند الباحث المغربي محمد عابد الجابري، الذي وجَّه له المؤلف نقداً لاذعاً، وهو يرد على «هرمسية التشيع المفترضة؟» التي أخذها الجابري عن هنري كوربان والتي «تعود في الأصل إلى ماسينيون».
كما انتقد إهماله أو عدم اطلاعه على المصادر الأساسية لهذا الفكر، واقتصاره على كتب الملل والنحل الأشعرية، وما اقتبسه من المستشرقين؟! لذلك يمكن القول: إنَّ الفصول الثلاثة التي جاءت، بعد هذا الفصل، تُعدّ ردَّاً مفصَّلاً على الجابري، لبيان تهافت دعوى الهرمسية والباطنية أولاً، والكشف عن النَّزعات أو مظاهر العقلانية في التراث الإمامي، وقبل ذلك عرضه انطلاقاً من مصادره الأصلية والأساسية، واستنطاق نصوص أئمته وأقوال علمائه ومجتهديه..
علم الكلام: موقف تُمَيِّزه الوسطيَّة
ينطلق المؤلِّف، في هذا الفصل، من مقدمة يعدّها مسلَّمة ونتيجة مستخلصة، يستدل عليها بعد ذلك من خلال بحوثه في علم الكلام والحكمة. هذه المسلَّمة تؤكِّد على ضرورة معرفة مجموعة من المقدمات العقلانية والعرفانية، لمن أراد أن تتيسر له «معرفة أحوال الاعتقاد عند الإمامية»، وذلك بسبب المحتوى الفلسفي والعرفاني الذي تزخر به نصوص التشيُّع الإمامي وأقوال أئمته وعلمائه. لكن ما يميِّز هذه المدرسة على المستوى العقائدي، هو تنوُّع خطابها العقائدي، حيث يجد فيه العامي والفيلسوف معاً احتياجاتهما المعرفية والعلمية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ومع أن هذه المدرسة نشأت وترعرعت في خضم صراع كلامي وفلسفي عميق ومتشعِّب، إلا أنها استطاعت أن تحافظ على خصوصيتها، انطلاقاً من إيمانها بالأصول الخمسة، خلافاً للمعتزلة والأشاعرة، فهي وإن شاركت هاتين
________________________________________

[الصفحة - 270]


المدرستين في التوحيد والعدل والنبوة والمعاد، لكنها أضافت إليهما أصل الإمامة الذي رفعته «من مستوى الفرع إلى درجة الأصل».
لم يقدِّم المؤلِّف عرضاً مفصَّلاً لآراء هذه المدارس المتصارعة حول الأصول الخمسة، لأن ذلك يخرج عن أهداف بحثه، وإنما ركَّز معالجته حول «الجدل الكلامي الذي دار حول التوحيد والعدل» من خلال بعض المباحث الأساسية فقط. وعبر ذلك حاول إبراز المنظور العقائدي وآليَّات النظر فيه لكل مدرسة على حدة، مبتدئاً بأهم إشكالية عرفها وعالجها علم الكلام الإسلامي، وهي قضية الحُسن والقبح القوليين. فالنقاش في هذه القضية سيتمحور حول العقل بوصفه موضوعاً، متجاوزاً بعض المنطلقات الأخرى المهمَّة، ليصل إلى محاولة «تحديد الموقف من العقل». الموقف الذي سيؤثر في بناء النسق الكلامي لكل مدرسة، وما سيتفرع عنه من التزام على المستويين العقائدي والتشريعي، سيكون محوراً لجدل طويل وعقيم في بعض جوانبه.
ومن خلال الموقف من العقل يظهر أهم ما تميَّزت به المدرسة الكلامية الإمامية، ونقصد به «الوسطية»، فهم لم يقولوا باستغلال العقل مطلقاً، لأن «العقل يحتاج في علمه ونتائجه إلى السمع»، وخلاصة موقفهم في معالجة جميع القضايا المتفرِّعة في التوحيد والصفات الإلهية وإشكاليات التنزيه والتشبيه، وكذا العدل الإلهي، تتجلى في قول الإمام الصادق الذي لخَّص مذهبهم بقوله: «أمَّا التوحيد فأن لا تجوز على ربك ما جاز عليك، وأمَّا العدل بأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه»، أو كما قال الإمام علي بن أبي طالب: «التوحيد أن لا تتوهَّمه، والعدل أن لا تتهمه». وليس المذهب الإمامي الكلامي سوى شرح لهذه النصوص والاستدلال عليها بآليات النظر العقلي، لذلك قيل: «التوحيد والعدل علويان والتشبيه والجبر أمويَّان».
كما تظهر هذه الوسطية والتميز عن باقي المدارس الكلامية، في نظريتهم حول الجبر والاختيار، فالإمامية قالوا بالاختيار خلافاً للجبرية، أو أصحاب الكسب من الأشاعرة، لكنهم لم يقولوا بالاختيار المطلق كما ذهبت إليه المعتزلة، بل قالوا: «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين»،
________________________________________

[الصفحة - 271]


وبذلك جمعوا، حسب قول المؤلف: «بين القول بالإرادة المطلقة للخالق وبين الاختيار الممنوح للمخلوق على الوجه الذي يغدو فيه الوعد والوعيد واقعيين في نطاق عدله باعتبار حرية المكلف ومسؤوليته». وهذا الموقف الوسطي هو الذي ميَّز الإمامية بشكل عام، سواء أكانوا فقهاء أم علماء كلام أم فلاسفة..
الحكمة الإماميَّة: التمهيد للثَّورة العلميَّة المعاصرة
أهم ملاحظة يفتتح بها المؤلف حديثه عن التفكير الفلسفي لدى الإمامية، تمثلت في ظاهرة احتضان الشيعة للفلسفة، لكن فلاسفة الشيعة الإماميَّة، وإن ذهبوا بعيداً في البحث والاستنتاج بحرية كبيرة، إلا أن صلتهم بالوحي والنص (أحاديث الرسول والأئمة) ظلت مستمرة ومأخوذة بعين الاعتبار، ما جعل الفلسفة الإمامية «حقاً رائدة فلسفة إسلامية خالصة»، كما يقول المؤلف، أو كما قال عنها المستشرق هنري كوربان «فلسفة النبوَّة».
إن مساهمة فلاسفة الإمامية تجاوزت الموروث الفلسفي اليوناني، لتنتقل من الشرح والاستيعاب إلى التطوير، ليس على مستوى النقد فقط، وإنما على مستوى الابتكار والكشف عن مفاهيم وموضوعات جديدة. خصوصاً «تطوير النظر الفلسفي لإشكالية الوجود»، حيث سيظهر الفارق الجوهري بين المدرستين اليونانيتين (الإشراقية والمشائية) بشكل واضح مع الفيلسوف الإمامي صدر المتألهين الشيرازي بخصوص «موضوع الماهية وعلاقتها بالوجود». وهذا ما سينعكس إيجاباً على التفكير الفلسفي المعاصر، ولأهمية ما توصل إليه هذا الفيلسوف الإمامي الذي يصفه المستشرق الألماني ماكس هورتن بـ «واحد من عظام الرجال المجهولين في تاريخ البشرية»، فقد حاول المؤلِّف بصورة موجزة عرض مباحث الوجود ونظرية المعرفة انطلاقاً من كتب هذا الفيلسوف، وتقديمه أنموذجاً عامَّاً يفيد «في بلورة موقف من طبيعة المنزع العقلاني للإمامية» في مجال الحكمة. لكن من دون إهمال بقية الأسماء اللامعة في هذا المجال، لأن الضرورة المنهجية تقتضي أن يوضع فكر صدر المتألهين في سياقة التاريخ. فيتمُّ التعرُّض بنوع من التفصيل لما يسمِّيه المؤلف بـ «مرحلة الازدهار والنشاط».
________________________________________

[الصفحة - 272]


وفي خضم هذه المعالجة وهذا العرض يتوصَّل المؤلِّف، بين الحين والآخر، لمجموعة من الاستنتاجات والملاحظات القيِّمة، تصبُّ جميعها في الكشف عن النَّزعات العقلانية داخل هذا الموروث الفلسفي «المجهول» وغير المعروف بما فيه الكفاية. وبالتالي غير المكتشف لدى شريحة واسعة من الباحثين والنقَّاد والمؤرِّخين العرب والمسلمين.
من خلال هذه الملاحظات، أو الاستنتاجات المهمة، نكتشف الجوانب العقلانية في هذا التراث «المجهول»، «أسلوب الاستدماج المبدع» كما يقول المؤلف، الذي قام به عدد من الفلاسفة الإماميين، فالاطلاع الواسع على الاتجاهات الفكرية المختلفة أدى إلى صبها «في قالب دقيق يجعل من الفلسفة فكما يقول المؤلف ـ ذاتها وسيلة لتعقيل الشريعة لطموح جعل المعرفة ممكنة..»، وهذه التجربة قادتهم إلى الخوض في قضية مهمة عالجها عدد من الفلاسفة المسلمين من قبل، وهي قضية التوفيق بين الحكمة والشريعة، وبما أنهم لم ينفصلوا عن الوحي ولقربهم من النص الإمامي، الذي يختزن ما يمكن أن نسمِّيه عناصر عقلانية وفلسفية عميقة، فقد «كانوا الأقدر على تحقيق ذلك الحلم الكبير الذي راود رموز الفلسفة الإسلامية منذ الفارابي حتى ابن رشد، ألا وهو التوفيق بين الفلسفة والشريعة».
وهذه القدرة جاءت مشفوعة بابتكارات جديدة غير مسبوقة في كثير من جوانبها، خصوصاً مع الملاَّ صدرا ونظريته المتعلقة بـ «الحركة الجوهرية»، لقد كرَّس هذا الفيلسوف الإمامي جهداً كبيراً من تفكيره وانشغاله المعرفي، في محاولة للتوفيق بين الحكمة والشريعة، مستفيداً من تعمُّقه الكبير في كليهما، فجاءت بحوثه أو «كتبه الفلسفية فكما يقول الشيخ المظفرف تفسير الدين، كما أن كتبه الدينية تفسيراً للفلسفة».
على أن الاهتمام بالتوفيق بين الحكمة والشريعة لم يكن ليستحوذ على مجمل انشغالات الملاَّ صدرا، لأن ابتكاراته الجديدة، إنما جاءت بعد اطلاع واسع على التراث الفلسفي الذي سبقه، حيث تجاوز اهتمامه به التهذيب وتصحيح المطالب، بل عرف بنقده العلمي الدقيق لعدد من الآراء والأفكار، ومن ثم
________________________________________

[الصفحة - 273]


انطلق نحو التجديد أو بناء صرح فلسفي «على أسس جديدة من الوعي»، أو كما يقول المؤلف، أعاد «نظم نظرية الوجود، وفق رؤية شمولية وبناء فلسفي متكامل ومحكم».
لقد توصَّل المؤلف من خلال عرضه لفلسفة الملا صدرا ومعالجتها ـ وخصوصاً في ابتكاراته الجديدة ـ إلى كون هذه الفلسفة قد كشفت عن «مضامين علمية غزيرة، تمثل أساساً لما ستشهده الثورة الثقافية والمعرفية في تاريخنا المعاصر، فكان أن أصَّل ملاَّ صدرا مفهوم الوجود قبل كل من هيدغر وسارتر، حينما قال بحقيقة الموجود وظهوره وزمانيته. كما فجر مفهوم الحركة الشاملة قبل الدياليكتيك الهيغلي والماركسي بقرون عديدة.
بالإضافة إلى ابتكارات أخرى كنظريته في النشوء والتطوُّر، والميكانيكا.. كل هذا يجعل من فيلسوفنا ـ بحق ـ أحد أكبر الممهِّدين المجهولين للثورة العلمية المعاصرة...
وكما قلنا سابقاً فالملاَّ صدرا الذي تحدَّث عنه المؤلف، باعتباره انموذجاً للاشتغال الفلسفي الإمامي، يمثل قمَّة نضج البحث في المجال الوجودي، من دون أن ننسى المساهمات التمهيدية لكل من الخواجة نصير الدين الطوسي والحلِّي وغيرهما ممن جاء بعدهما مثل الميرداماد أستاذ الملاَّ صدرا، لأن صدر المتألهين يعدّ حلقة مهمة وأساسية ضمن المدرسة الفلسفية الإمامية، التي يكشف إنتاجها عن منحى عقلي عميق، لا يمكن الاستهانة به أو التقليل من شأنه، بل يمكن اعتماده والانطلاق منه ليس فقط للتجديد، وإنما لبناء رؤية متكاملة نحو التراث الإسلامي في كليته، بعيداً عن أي تقييم أيديولوجي أو مللي رطائفي ضيق.
إن الإنتاج أو الموروث الفلسفي الإمامي يشكل أفقاً وامتداداً طبيعياً للفكر الفلسفي الإسلامي بشكل عام، يمكن الاستفادة من عناصره الإيجابية لربط التراث بالعقلانية المعاصرة.
أصول التَّشريع: النُّزوع نحو اليقين‏
يتابع المؤلِّف رصده «لمواقع تجلي أو كمون النزعة العقلانية في الموروث الثقافي الإمامي»، وهذه المرة سيرصدها من خلال تتبُّعه لعملية تأصيل الشريعة وأحوال الاجتهاد الفقهي. لكن هذا الرصد لم يكن متيسراً من دون التمهيد له تاريخياً، أي محاولة وضعه
________________________________________

[الصفحة - 274]


في إطاره التاريخي. وهذا يتطلَّب بدوره البحث في التاريخ العام والرجوع لملابسات التدوين للعلوم الإسلامية، والحديث عن ظهور مفهوم الاجتهاد، وحاجة المسلمين له بعد وفاة الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم)، خصوصاً بالنسبة لأهل السنة والسلفيَّة، ثم بعد ذلك حاجة المجتمع الشيعي الإمامي للاجتهاد، بعد انتهاء عصر الأئمة وحلول زمن الغيبة.
فالملابسات التاريخية (السياسية والاجتماعية والدينية)، كان لها الدور الكبير ليس فقط في نشأة الاجتهاد، ولكن في تحديد جملة من ضوابطه وآلياته وتوجيهه لخدمة أغراض من دون أخرى. لذلك لا يمكن الحديث عن ظهور الاجتهاد في الإسلام وتطوُّره، من دون الاهتمام بملابسات ما سمِّي بعصر التدوين.
بدأ التوجه الحثيث نحو الاجتهاد لدى الإمامية مباشرة بعد غيبة الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن (المهدي المنتظر)، لأن المستجدَّات الكثيرة هجمت على المجتمع الشيعي الذي كان قد تعوَّد الرجوع إلى الإمام وانتظار الفتوى (النص)، لكن اقتحام مجال الاجتهاد والتأصيل لم يكن بدافع التأسيس لمراحل ما بعد النص فقط، كما يرى المؤلِّف، وإنما «بدافع ملأ فراغ الغيبة وتوفير الحد الأدنى من الأحكام الظنِّية للمكلَّفين في انتظار عودة الحكم الواقعي مع نهاية زمن الغيبة».
ومع أن حركة التأصيل وممارسة الاجتهاد جاءت متأخرة لدى الإمامية، إلا أنهم سرعان ما سيبلغون به قمة أوجه، في الوقت الذي أغلق فيه باب الاجتهاد لدى أهل السنة والسلفية بأمر سياسي، ودخل المجتمع السنِّي عصور التقليد والجمود.
إنَّ أهمَّ ما يميِّز المدرسة الإمامية في مجال التشريع، ويعطى للاجتهاد بعداً شرعياً متميِّزاً، هو النزوع نحو اليقين، ومحاولة تجنيب الشريعة الوقوع في الخطأ. فالاجتهاد هنا هو منطق عقلي تتم الاستفادة منه في محاولة للوصول إلى «اليقين» التشريعي، وقد استفاد مفهوم الاجتهاد لدى الإمامية من نظرتهم المتميِّزة للعقل، لأن «مجال الشريعة والعقل متماهيان في المنظور الإمامي» كما يقول المؤلف، لذلك فنحن أمام مدرسة اجتهادية جديدة تلتقي مع المدارس الفقهية والأصولية الأخرى في عدد من المنطلقات
________________________________________

[الصفحة - 275]


والنتائج، لكنها تتميز عنها كذلك في عدد من التفريعات والابتكارات الجديدة، انطلاقاً من مكانة العقل عند الإمامية وعدم توجُّسهم من آليات النظر العقلي، أثناء عملية استنباط الحكم الشرعي، لأن الدليل العقلي سيوضع في إطار «مسوِّغات إمامية خالصة».
وعليه، فإقحام النظر في مجال التشريع، لم يعد حكراً على المدارس السنية، إلا أن مغامرة الاجتهاد القاسية التي خاضها الإمامية، بحثاً عن اليقين وسد الفراغ النصِّي، جعلتهم يطوِّرون مباحث الاجتهاد بشكل كبير، مستفيدين من منجزات المدارس السنية التي كانت قد خلدت إلى النوم بسبب الخطر السياسي. وبالتالي ومن خلال تتبع المؤلف لهذه التجربة، استطاع أن يكشف عن «أحد أهم العناصر المحددة للنزعة العقلانية في هذه التجربة الإمامية فومن خلال آليات الاشتغال الاجتهادي الإمامي ـ ألا وهي النزعة إلى اليقين».
لقد استشعر علماء الإمامية بأن آليات الاجتهاد «عاجزة عن إحراز اليقين» فاستعاضوا عنها بالمصلحة السلوكية «القاضية برفع الحرج عن المكلَّف»، وهذا الاختيار لا ينفي أزمة اليقين أو يحسمها، لكنه يدفع باتجاه «الاطمئنان إلى حقيقة نسبية في إطار رؤية براغماتية» كما يرى المؤلِّف.
وأخيراً: إن التصور الإمامي المتجلِّي في مباحث الكلام والحكمة وأصول التشريع يظهر كيف استطاع الإمامية بلورة «عقل برهاني جبار»، كما يكشف فكما توصل إلى ذلك المؤلف ـ عن رؤية شمولية يتداخل ويتعايش فيها المعقول والروحي، بحيث من الصعب على الباحث أن يقوم بمجازفة للتفكيك بينهما لمعرفة النشاط العقلي وتمظهره في هذه المجالات المعرفية، لذلك يتحدَّث المؤلف عن مقاربة يصفها بـ «المغامرة»، فالباحث هنا لا تعترضه إشكالات منهجية فقط، وإنما يجد نفسه أمام إشكالات موضوعية داخلية، فهذا التُّراث ظل مهمَّشاً وممنوعاً، وبالتالي فالبحث عن مظاهر أو نزعات عقلانية فيه، هو نوع من البحث عن «المعقول في الممنوع» كما يقول المؤلف.
ليس باستطاعتنا الإحاطة بكل ما جاء في الكتاب، ولو رمنا الاختصار والإيجاز، لأن المباحث التي عالجها متداخلة ومتفرعة، وتمتد في حقبٍ
________________________________________

[الصفحة - 276]


زمنية طويلة، أي قرابة (1000 سنة). ولم يكن غرضنا كذلك أن نعرض محتويات الكتاب بشكل كامل، لكننا حرصنا على فتح مجموعة من النوافذ، تجعل القارى يطلُّ من خلالها على أهمِّ ما عالجه المؤلِّف خلال هذه المقاربات المختلفة، علَّنا نوجد لديه رغبة ما للاطلاع المتكامل، ليس فقط على محتويات الكتاب، وإنما محاولة الاطلاع والبحث عن هذا التراث «الممنوع» و «المجهول»؟! والذي ظل محارباً بشتى الطرق، ومن بينها الحديث عنه بوساطة خصومه وأعدائه، ما أدَّى إلى تحريفه، ومن ثم انتشرت حوله تصوُّرات مغلوطة، لا علاقة لها بالحقيقة والواقع.
وقد أدرك المؤلِّف هذه الحقيقة، ولعلها كانت السبب وراء كتابه، للمساهمة في رفع الظلم التاريخي عن هذا القسم من التراث الإسلامي الذي من دونه لا يمكن لأصحاب المشاريع النهضوية العربية والإسلامية، الادعاء بأنهم ينطلقون من أرضيَّة تراثية شاملة للتأسيس لعقلانية معاصرة تدفق الحياة في شراييننا الحضارية من جديد، وتخرجنا ممَّا نحن فيه من تخلُّف وانحطاط حضاري شامل.
________________________________________

[الصفحة - 277]
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف