البحث في...
عنوان الحوار
إسم المحاور
إسم مجري الحوار
المصدر
التاريخ
ملخص الحوار
نص الحوار
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

December / 23 / 2021  |  1047الجدل الراهن على أفول الغرب السياسي بلغ درجة الذروة

الحوار مع :د. فؤاد إيزدي
الجدل الراهن على أفول الغرب السياسي بلغ درجة الذروة

يعمل الدكتور فؤاد إيزدي، وهو الحائز على شهادة الدكتوراه في حقل العلاقات العامة من جامعة ولاية لويزيانا الأميركية، في حقل التعليم والبحث والتحقيق في جامعة طهران. ومن بين مؤلّفاته وترجماته إلى اللغة الفارسية: (ببلوغرافيا السلم والإرهاب)، و(طرق وأساليب الولايات الأميركية المتحدة في الحرب السيبرانية)، و(الإمبريالية الإنسانية)، و(هل سيكون هناك مستقبل للرأسمالية؟)، وغير ذلك من العناوين الأخرى. بالإضافة إلى عمله في تدريس المسائل العامّة في السياسة والعلاقات، شارك في مختلف الاجتماعات والمؤتمرات والحوارات العلميّة في هذا الشأن.

نسعى في هذا الحوار إلى تناول جملة من الأزمات النظرية والعملية في السياسة والعلاقات الدولية.

«المحرّر»


* هلّا تفضّلت علينا بتحليل وبحث التيارات السياسية المختلفة التي حظيت بفرصة الظهور والتواجد الاجتماعي في الغرب الحديث؟

ثمة اقتراب وطيد بين المدارس السياسيّة الرئيسة في الغرب والمدارس الاقتصاديّة. بمعنى أنّه حيث إنّ الفكر الاقتصادي الرأسمالي هو السائد في البلدان الغربية، وهو ما ندعوه بالرأسمالية، فقد حدث ارتباط بين هذا التفكير الاقتصادي ـ المطروح على هامش المفاهيم الرأسمالية ـ وبُعد التفكير السياسي وهو المعروف بدوره بالفكر الليبرالي الديمقراطي أيضًا. إذا أردنا تسمية التفكير في البلدان الغربية في الحقل الاقتصادي، أمكن لنا تسمية الفكر الرأسمالي، وإذا أردنا تسمية التفكير في مجال السياسة، أمكن لنا تسمية الليبرالية الديمقراطية. إنّ الفكر الرأسمالي يكتسب أجنحة تلفة. كما يكتسب الفكر الليبرالي الديمقراطي بدوره أجنحة مختلفة يتمّ دعمها والترويج لها من قبل الدوائر الحاكمة في البلدان الغربية. وفي الحقل الأيديولوجي في فترة الحرب الباردة يكون المراد هو (الحرب الثقافية الباردة). لقد كان نشاط المعسكر الغربي ـ ولا سيّما في الولايات المتحدة الأميركية ـ يتلخّص في الترويج للتفكير الرأسمالي الغالب والفكر الليبرالي الديمقراطي. وفي المقلب الآخر كان المعسكر الشرقي يسعى إلى الترويج للفكر الشيوعي والماركسي. وفي الوقت نفسه، كان هناك في العالم الغربي أشخاص منبهرون بالفكر الماركسي، وكان هناك في بلدان المعسكر الشرقي أشخاص منبهرون بالتفكير السائد في الغرب أو ما يعرف بالتفكير الليبرالي الديمقراطي. وفي نهاية المطاف اّتسعت دائرة التفكير المنبهر بالغرب، الأمر الذي أدّى إلى انهيار الاتّحاد السوفيتي. في التفكير الرأسمالي تكون الأصالة لرأس المال، ويجوز لكلّ مؤسّسة أن تعمل على إخراج منافسيها من الدائرة الاقتصادية؛ لتتمكّن من الوصول إلى الحدّ الأقصى من الثروة ورأس المال. وحيث تكون الأصالة لرأس المال، فإنّ الأصل الأوّل فيما يتعلّق بالتفكير الليبرالي الديمقراطي سوف يكون من نصيب الفردانيّة؛ بمعنى استقلاليّة الفرد. وعليه يتعيّن على الفرد أن يعمل بنفسه على تشخيص ما هو الحسن وما هو القبيح. وإنّ نتيجة أصالة الفرد، هي ما نشاهده من الواقع الفعلي الأخلاقي والثقافي في الغرب حاليًا. لقد كان هناك تفكير متأثّر بالفكر الماركسي يعمل منذ البداية على نقد هذا التفكير السائد في البلدان الغربية، وقد ظهرت مؤخّرًا مجموعات لا تنتمي إلى جذور أو خلفيات ماركسية، ولكن حيث وصل التفكير الرأسمالي والليبرالية الديمقراطية إلى طريق مسدود، أخذ بعض الأشخاص من النُّخَب والأساتذة والكتّاب الغربيين يعملون على نقد هذا الواقع الراهن. بمعنى أنّه أخذ يحدث الشيء ذاته الذي حصل بالتدريج في الاتّحاد السوفيتي، حيث أخذ الكثيرون يشعرون بأنّ التفكير الماركسي لم يعد مجديًا، وأخذوا يميلون بشكل وآخر نحو التفكير الرأسمالي. وحاليًا هناك الكثير من الذين بدأوا يدركون أن التفكير الرأسمالي لم يعد مجديًا وأخذوا يعيشون حيرة من أمرهم. لقد عمدت مؤسّسة قبل أسبوع إلى نشر إحصائيّة تفيد أنّ أغلب الشباب من الذين لا تزيد أعمارهم على الثلاثين سنة في الولايات المتحدة الأميركية يميلون إلى التفكير الاشتراكي ويرجّحونه على كفّة التفكير الرأسمالي، بمعنى أنّنا بدأنا نشهد عمليّة انسلاخ أيديولوجي لدى طبقة الشباب الأميركي. ومن بين الأسباب التي أدّت إلى حيازة أشخاص مثل السيدة وارن أو ساندرز المرتبة الأولى والثانية في الانتخابات الحزبيّة الداخليّة، وحيازة السيد بايدنت ـ الذي يحمل أفكارًا ديمقراطية تقليديّة ـ المرتبة الرابعة، تعود إلى هذا التغيّر الذي طرأ على مزاج المواطن الأميركي. لقد بدأ المخاطب الغربي يدرك أنّ النّظام الرأسمالي لم يعد مجديًا، وقد ظهرت أدبيات جديرة في نقد المنظومة الرأسمالية والتفكير الليبرالي الديمقراطي، غاية ما هنالك أنّنا في البلدان الإسلاميّة لم نتمكّن من تقديم البديل، ومن هنا أخذ هذا المخاطب يتلمّس طريقه في العودة إلى التفكير الماركسي، الأمر الذي يعكس ضعفنا وعجزنا في هذا المضمار. كما أنّ المتابعة من أجل العثور على البديل لا تقتصر على طبقة الشباب فقط. لقد صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخّرًا في حوار أجرته معه مجلّة الإيكونومست، قائلاً: (إنّ أوروبا في طريقها إلى الزوال والاضمحلال على المستوى الجيوسياسي، حيث نعيش في أوروبا أزمة اقتصاديّة واجتماعيّة وأخلاقيّة وسياسيّة). وتكمن الأهميّة في أنّ هذا الادّعاء يصدر عن رئيس الجمهوريّة الفرنسي، وليس عن شخص يحمل أفكارًا ماركسيّة. إنّ هذا الكلام يصدر عن شخص يحتلّ رأس الدولة في الحكومة الفرنسية، وهذه هي الحقيقة دون أدنى مبالغة. والعبارة الثانية هي: إنّ الولايات المتّحدة الأميركية تعاني من عدم الاستقرار، ولم تعد جديرة بالثّقة. هذا هو واقع أميركا؛ حيث يقف التفكير الرأسمالي والليبرالي الديمقراطي على رأس هذا التفكير. والعبارة الثالثة هي أنّ الفشل في سوريا أثبت أنّ المعسكر الغربي في طريقه إلى الانهيار. والنقطة الهامّة هي أنّنا كنّا في بعض الأحيان نثير بحث أفول التفكير وأفول الدول الغربية، وكنّا في العادة نفرّق بين الأفول والانهيار. وكنّا نقول: إنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تتّجه إلى الانهيار بالضرورة، أو أن البلدان الغربية ـ على سبيل المثال ـ ليست في طريقها نحو الانهيار. غاية ما هنالك أنّ السيد ماكرون في هذا الحوار كان يستخدم كلمة (collapse) بمعنى الانهيار. فبينما كنّا نستعمل كلمة الـ (decline)، كان ماكرون يستعمل كلمة الـ (collapse). والعبارة الرابعة هي: أن الناتو قد أصيب بموت سريري. والعبارة الخامسة هي: إنّ الناتو من وجهة نظر دونالد ترامب وسيلة لبيع البضائع الأميركية. والعبارة السادسة هي: إنّ الإسلام السياسي أكبر عدوّ لأوروبا. والعبارة السابعة هي: نحتاج إلى علاقات استراجية مع روسيا. هذا هو الوضع الذي تحدّث عنه رئيس الجمهورية الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومن هذه الناحية كانت هذه التحدّيات الفكريّة ومختلف التيّارات الفكريّة قد ظهرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وكانت الإدارة الأميركية ترصد نفقات طائلة في هذه المواجهة الفكريّة على هامش الحرب الثقافية الباردة. إنّ الكثير من المفكرين الغربيين أصبحوا مرتبطين من الناحية المادية بمؤسّسات من قبيل الـ (CIA). وقد صدر حتى الآن العديد من الكتب حول موضوع الـ (The Cultural Cold War)، وللأسف الشديد فقد ترجم الكثير من هذه الكتب في المجتمعات الإسلامية، وإنّ الذين قرأوا هذه الكتب في المجتمعات الإسلامية لم يلتفتوا إلى أنّها تعود في أسبابها إلى النّزاع المحتدم بين الولايات المتحدة الأميركية والاتّحاد السوفياتي؛ فإنّ الذين كانوا مرتبطين من الناحية المادية بجهاز الاستخبارات الأميركي في أوروبا وأميركا، أخذوا يكتبون في الضدّ من الاتّحاد السوفيتي، وأولئك الذين كانوا في الاتّحاد السوفياتي يكتبون في الضدّ من الولايات المتحدة الأميركية، ويتقاضون على ذلك أجرهم. وللأسف الشديد لم يتمّ التدقيق في هذه الظاهرة، ثمّ ظهر في العالم الإسلامي عدد من الأشخاص والمفكّرين المنبهرين بالتفكير الغربي، وشغف آخرون بالتفكير الشرقي. إنّ هؤلاء لم يلتفتوا إلى أنّ هذه الأوضاع إنّما كانت بفعل الصراع المحتدم بين هذين المعسكرين، وقد حُسم هذا الصراع حاليًا، وإذا كان لا يزال قائمًا، فإنّ تاريخ صلاحية الكتب التي تمّ تأليفها في هذا الشأن قد انتهت. هناك في البلدان الغربية اتّجاهات متعدّدة تتراوح ما بين الماركسية والليبرالية، ويتمّ تعريفها بطبيعة الحال على هامش إطار محدّد. وإذا حصل تزايد في وتيرة الاحتفاء بالتفكير الشيوعي في الغرب في مرحلة ما، كانت الحكومات تتدخّل وتعمل على كبح هذه الحفاوة. ومن هنا لم تستطع هذه الأفكار من فرض نفسها على مستوى المجتمع. وعلى الرغم من ذلك فإنّه بسبب المشاكل التي تعاني منها الليبرالية الديمقراطية والرأسمالية في البلدان الغربية، أخذ عدد من الشباب الغربيين ـ دون توجيه وإرشاد من أحد ـ يفكرون بالبديل، ولم يجدوا أمامهم غير المذهب الماركسي. ومن هذه الناحية أخذوا يميلون إلى تلك الجهة.

* ما التحدّيات المشتركة التي فرضتها هذه الأمثلة بشكل عام؟ وعلى نحو المقارنة هل في أخذ العيّنات من هذه المؤسّسات في المجتمعات الإسلامية ما يفرض مثل هذه التحدّيات أيضًا؟

- إنّ هؤلاء قد أثاروا سلسلة من التحديات في بلدانهم، وكان من نتائجها وتداعياتها هذه المقابلة التي أجرتها صحيفة الإيكونومست مع الرئيس الفرنسي ماكرون. وفي الحقيقة هناك أزمة كبيرة على مستوى السياسة الداخلية. ولدينا في هذا الشأن دراسة مقرونة بإحصائيّة حول أفول الولايات المتحدة الأميركية، وقد شارفت الآن على نهايتها. وفي الأساس، ما هي الأسباب التي أدّت إلى انتخاب شخص مثل دونالد ترامب؟ إنّ ترامب شخص غير طبيعي، وسيّئ الخلق وبذيء الألفاظ وخرف ومثير للجدل؛ فلماذا يتمّ انتخابه؟ إنّما تمّ انتخابه لأنّ كلامه إلى المخاطب وضع الإصبع على الجرح، إذ قال صراحة: إنّ الولايات الأميركية المتحدة في طريقها إلى الأفول؛ حيث إنّها تعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والثقافية والسياسية، وذكر الكثير من المشاكل الأخرى، وادّعى أنّه قادر على حلّها وإصلاحها. وقال المواطنون الأميركيون: إنّ رجال السياسة من التقليديين لم يتمكّنوا من إصلاح مشاكلنا، بل إنّهم في الحقيقة هم الذين خلقوا لنا هذه المشاكل. ومن هنا فقد صوّتوا لدونالد ترامب. ولكنّي أرى ـ بطبيعة الحال ـ أنّ ترامب يعمل على تسريع وتيرة أفول الولايات الأميركية المتحدة. فقد قلّل من نفوذ أميركا. وعليه فإنّهم يعانون من الكثير من التحديات سواء في الداخل أو الخارج. ولو رجعتم إلى (National Security Strategy) الذي هو نص تصدّره الإدارة الأميركية على أساس مصادقة الكونجرس، ويتمّ توقيعه من قبل جهاز الأمن الوطني ورئيس الجمهورية الأميركية. يتمّ في هذا النص بيان التحديات المتعدّدة التي تعاني منها الولايات المتحدة الأميركية على مستوى السياسة الخارجية. من ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنّ الكثير من المؤسّسات والمنظّمات الدوليّة هي من تأسيس الولايات المتّحدة الأميركية. بيد أنّ هذه المنظمات العالمية نفسها تعمل الآن ضدّ الولايات المتحدة الأميركية. ولذلك لا نجد مكانة مرموقة لأميركا في المنتديات والأروقة العالميّة، كما أنّها تعاني الكثير من المشاكل على مستوى الرأي العام الدولي. ومن هنا فإنّكم على مستوى السياسة الداخلية، وعلى مستوى السياسة الخارجيّة تشاهدون الكثير من أمارات وأدلّة بحث الأفول، وإنّ هذه الرؤية الانتقادية في داخل البلدان الغربية وخارج البلدان الغربية تجاه النظام السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي القائم آخذة بالازدياد. بمعنى أنّنا نشاهد ما حصل ذاته بالنسبة إلى الاتّحاد السوفياتي وأدّى إلى انهياره، وتلك الانتقادات ذاتها التي أدّت في نهاية المطاف إلى تعريض أسس التفكير الحاكم في الاتحاد السوفياتي إلى الكثير من المشاكل، أقول: ها نحن نشاهد الشرائط ذاتها بالنسبة إلى الواقع الراهن في الولايات المتحدة الأميركية. إنّ واحدة من المشاكل التي يعاني منها المفكّرون في العالم الإسلامي تكمن في مجرّد التأسّي بالنماذج الغربية. في حين أنّ هذه النماذج ليست وطنيّة. نعلم أنّ مؤسّسة اليونسكو تقدّم تقريرًا سنويًا حول واقع العلوم الاجتماعية، وإنّ أحد فصول هذا التقرير يرتبط بتوطين العلوم الاجتماعية. بمعنى أنّ اليونسكو في باريس والكثير من المفكرين الغربيين الذين يتردّدون على ذلك المعلَم، أخذوا يدركون في نهاية المطاف أنّ هذه العلوم التي يتمّ إنتاجها في البلدان الغربية، لا تنفع البلدان الأخرى إلا إذا تمّ العمل على توطينها. والتحدّي الآخر الماثل أمام عالم التشيّع، يكمن في أنّ مكانة الشيعة في العالم آخذة في الصعود والارتقاء.

* هل يمكن الاستفادة من منظومات الحلول المقترحة لمواجهة التحديات الماثلة أمام العالم الإسلامي، أم لا بدّ من التفكير في إحداث منظومة سياسية بديلة؟

- من بين المشاكل التي يعاني منها العالم الإسلامي، أنّ الأساتذة والنُخَب في العالم الإسلامي لا يعرفون بعضهم في الأعم الأغلب. ومن هنا يأتي العمل حاليًا على بناء تشكيل تحت عنوان (المجمع العالمي للأساتذة المسلمين في الجامعات)، حيث يعنى هذا المجمّع بالتعريف بالأساتذة المسلمين الذين يحملون الهواجس الاجتماعية/ الإسلامية. وإنّ ما تقدّم من الأبحاث يتمّ التعريف بها على هامش أبحاث الحضارة الإسلامية. لقد تربّعت الحضارة الإسلاميّة في فترة من الزمن على قمّة العرش والذروة، ثم أخذت بالأفول. وأضحت الكثير من البلدان الإسلامية مستعمرات للدول الكبرى، وحتى الكثير من البلدان الإسلامية التي لم تشهد استعمارًا صريحًا، كانت تعاني في الحقيقة من نوع من الاستعمار المبطّن، ثم تبلورت بعد ذلك حركات معارضة للاستعمار، وحقّقت بعض النجاحات في مجال التحرّر من ربقة الاستعمار، وقد فرض عليها هذا النّجاح حاليًا تحديات كبيرة. وإنّ من بين طرق الحلّ للخروج من هذه التحديات هو العمل على تعرّف النُّخَب وأساتذة الجامعات في العالم الإسلامي على بعضهم. ليس لدينا أيّ تجمّع في العالم الشيعي؛ ليجمع بين الأساتذة الشيعة من مختلف البلدان لكي يتعرّفوا على بعضهم ويتواصلوا فيما بينهم ويتعاونوا معًا على إرساء قواعد النّشاط والبحث العلمي. وليس بالضرورة أن يقتصر تعاونهم في مجال العلوم الإنسانيّة والعلوم الاجتماعية فقط. فليس لدينا مثل هذا التجمّع حتى في الحقول الفنية الهندسيّة والحقول الطبيّة أيضًا. وهذا يمثّل واحدًا من المشاكل التي تحتاج إلى إصلاح وترميم. إنّ من بين الأساليب المتّبعة من قبل أعداء التشيّع والإسلام، هي الاهتمام بالنُّخَب في البلدان الإسلامية والعمل على تغريب هذه الطبقة من المجتمع. إنّهم يعلمون أنّ هذه الطبقة من المجتمع إذا تأثّرت بالتفكير الغربي ـ فحيث إنّهم يمثّلون طبقة النخبة في المجتمع ـ فإنّ تلاميذهم سوف يغتربون أيضًا، وإنّ المجتمع بعد ذلك سيغدو برمّته غربيًا بتأثير من هذه الطبقة. ومن هنا يتعيّن على هؤلاء الأشخاص أن يتعرّفوا على بعضهم، وأن يقوموا بأعمال ثقافية وعلمية مشتركة فيما بينهم. هذا ما نفتقر إليه لا في عالم التشيّع فحسب، بل وحتى في العالم الإسلامي أيضًا. وعلى هذا الأساس يتعيّن على هؤلاء أن يعرف بعضهم بعضا، وأن يكون هناك حضور في التجمّعات العلميّة لأصنافهم وزملائهم في الحقول التخصّصيّة. ثم يعملون في مشاريع تحقيقيّة. إنّ الأساتذة الذين يحملون هواجس الحضارة الإسلامية، عندما يجتمعون فيما بينهم سوف يكتسبون تبعات ثقافية وسياسية. وأرى أنّ هذا هو الأصل والأساس الجوهري في الخروج من هذا التحدّي بنجاح.

* على أي أسس تقوم العلاقات الدولية في ظل التحولات الكبرى التي نعيشها اليوم، ثم ما هي العناصر الغالبة حاليًا في العلاقات الدوليّة، وما هو دور الأخلاق فيها؟

- تبلورت منظومة العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية بتأثير من المنظومة التي عملت الولايات المتحدة الأميركية على إيجادها، وتحوّلت إلى النّظام العالمي الأميركي/ الإنجليزي. وذلك أنّ الإنجليز كانوا يمثّلون دولة استعمارية عظمى، وقد خطّطت للكثير من هذه المشاريع الاستعماريّة قبل اندلاع الحرب العالميّة الثانية، ولكنّها انسحبت كقوّة عظمى من الساحة بالتدريج، وأعطت زمام القيادة للولايات المتّحدة الأميركية لتواصل هذا المسار. لقد كانت هذه المنظومة الدوليّة بتخطيط من المملكة المتّحدة والولايات الأميركية المتّحدة، وقد بلغت الآن مرحلة يصفها شخص مثل رئيس الجمهورية الفرنسي بأنّها منظومة قد تعرّضت للتحدّي، ولم تعد مجدية. ومن بين الأمور التي أثارها ماكرون في هذه المقابلة هي أنّ أعداء الولايات المتحدة الأميركية يجب أن لا يكونوا أعداءً لنا بالضرورة، ثم انتقل إلى الحديث عن روسيا، وقال: إنّ علاقتنا مع روسيا يجب أن تتحسّن. وعليه فإنّ هذا النظام في طور التغيير. وكما تعلمون فإن العالم في حالة انقلاب تاريخي، وهذا ليس مجرّد ادعاء من قبل المنتقدين للدولة الأميركيّة فقط. هناك ما يقرب من سبع عشرة منظمة استطلاع في الولايات المتحدة الأميركيّة، وإنّ واحدة منها ـ وهي تحمل عنوان الشورى الوطنية للمعلومات ـ تعنى بدراسة المستقبل، وقد أصدرت هذه المنظمة مؤخّرًا نصًّا تحت عنوان المسارات العالمية لعام 2030 م. وقد ذهب هذا النصّ إلى الادّعاء بأنّ الولايات المتحدة الأميركية حتى عام 2030 م سوف تفقد سيطرتها على العالم، وأنّ العالم يتّجه إلى التعدّديّة القطبيّة. إنّ ارتفاع وتيرة التحالفات الدولية يمثل واحدًا من أسباب أفول الولايات المتحدة الأميركية، وإنّ المؤسّسات الاستخبارية والمعلوماتية الأميركية تذعن بأنّها في طريقها لتصبح قطبًا من بين أقطاب أخرى، هذا إذا تفاءلنا ولم نقل إنّ الأمر سيصل بالولايات المتحدة الأميركية إلى شفير الانهيار، واقتصرنا على تمنّي الأفول فقد، ولن تبقى هي القطب الأوحد، وسوف تكون هناك أقطاب أخرى مثل الصين وغيرها، ويستعرض قائمة بدول أخرى، من قبيل: أندونيسيا، وإيران، وتركيا، ومصر وغيرها، بوصفها من الأقطاب الثانوية. وقد أقرّ هذا النّص بأنّ هذه البلدان إذا حافظت على وضعها الراهن حتى عام 2030 م، سوف تبقى من الأقطاب الثانويّة، وأمّا إذا اتّحدت فيما بينها وشكّلت تحالفًا، فإنّها ستغدو أقوى من أوروبا واليابان وروسيا. ومن هنا فإنّ الحديث عن تشكيل تحالف بين الدول الإسلامية يمثّل هاجسًا مثيرًا للقلق. إنّ مسألة الاتّحاد بين المسلمين هي من الأمور التي يجب أن تنال حظّها من الاهتمام. وإنّ هذه المعارك المفتعلة التي يثيرها الغربيون منذ أمدٍ بعيدٍ بين الشيعة والسنة، وتطوّرت في الآونة الأخيرة لتثير معارك شيعيّة شيعيّة، تعود إلى هذا الموضوع الهام. إنّ مؤسّسة البحث والمعلومات تقرّ بأنّ المسلمين إذا اتّحدوا فيما بينهم فسوف يتقدّمون على أوروبا، ومن هنا تخطّط مؤسّسة استخباريّة ومعلوماتيّة أخرى من أجل الحيلولة دون حدوث هذا الاتّحاد. ولذلك فإنّ الواقع الراهن الذي نعيشه حاليًا إنّما هو بتخطيط منهم. في الانقلاب التاريخي للعالم سابقًا ظلّ الإسلام من دون نصيب. فبعد الحرب العالميّة الثانية أصبح العالم منقسمًا بين قطبين، بينما أضحى العالم الإسلامي مستعمرًا أو شبه مستعمَر. والآن يجب على العالم الإسلامي أن يكون واحدًا من تلك الأقطاب. إنّ هذه المسألة تعود إلى الأمور التي ذكرتها، فإذا لم يتمّ التأسيس لمركز دراسات يرصد واقع الشيعة والأعداء ويضع الحلول، فسوف نواجه مشكلة قطعًا. وعليه فإنّ المسار القائم حاليًا في طريقه إلى التحوّل. وهناك مسار جديد في طور التشكّل، وإنّ العالم يتّجه نحو التعدّديّة القطبيّة. وإنّ مهمّتنا في العالم الإسلامي وفي عالم التشيّع يجب أن تقوم على توجّهنا لنكون واحدًا من تلك الأقطاب. غاية ما هنالك أنّ هذا يحتاج إلى تفكير وتدبير. وإنّ التفكير والتدبير يحتاجان إلى غرفة عمل، وغرفة العمل تحتاج إلى تنظيم وتنسيق وتجمّع.

* هل لك أن تعدّد لنا أنواع ونماذج الديمقراطيات، وكيف تقاربونها نقدياً؟

- أتخطّى التقسيمات الموجودة في هذا الشأن، وأشير مباشرة إلى هذه النقطة، وهي أنّ التفكير الليبرالي الديمقراطي الذي كان يمثّل شعارًا للبلدان الغربية، قد أصبح مناقضًا لشعاراتهم الأخرى في الحقل الاقتصادي الذي هو شعار المنظومة الرأسمالية. ما هو سبب هذا التناقض؟ يعود السبب في ذلك إلى أنّ الأولويّة في منظومة الرأسمالية تعود إلى المصلحة الفرديّة. إنّ المصالح الفرديّة تعني أن تقوم بعمل منظّم؛ لتتمكّن من بسط سيطرتك على السوق برمّته، لتصبح قادرًا على فرض القيمة والتسعيرة التي تريدها على المشتري، ليكون بمقدورك مراكمة الثروة. هذه هي خلاصة التفكير الرأسمالي. وأمّا التفكير الديمقراطي أو سيادة الشعب، فإنّها ترصد مصلحة الجماعة وتعمل على الترويج لها. بمعنى أنّها تقول: إنّ على الغالبيّة من النّاس أن يجتمعوا ويتّحدوا فيما بينهم، ليصلوا إلى سلسلة من الأهداف المشتركة، ليتّجهوا بعد ذلك إلى تحقيق تلك الأهداف المشتركة. فهم من جهة ينظرون إلى مصلحة الفرد، ومن جهة أخرى إلى مصلحة الجماعة. ومن هنا تتعرّض المنظومة إلى التناقض. وأمّا في الرؤية الإسلامية فلا نعاني من هذا التناقض. فإنّ رؤية الأمّة من وجهة نظر الإسلام تكون هي المحور، ويجب على الفرد أن يكون في خدمة المجتمع الإسلامي. ومن هذه الناحية فإنّ ذلك التركيز الذي يتمّ وضعه على الفرد في التفكير الرأسمالي، لم يعد له وجود، وليس لرأس المال أصالة، وإنّ المصالح الفرديّة إنّما تكون محترمة إذا تمّ تعريفها في ظلّ مصلحة الأمّة ومصلحة الجماعة. ومن هذه الناحية فإنّ التفكير الإسلامي في الواقع خير بديل للتفكير الغربي. كما أنّ التفكير الليبرالي الديمقراطي الغربي بدوره هو البديل الأفضل للمنظومة الشيوعية. ولكنّه لم يكن متماهيًا مع الفطرة الإنسانيّة، وكان يفرض محدوديات وقيود كثيرة، وكان التناقض فيه كبيرًا. بمعنى أنّك تجد تناقضًا في التفكير الغربي، كما تجد تعارضًا في التفكير الشيوعي، وإنّ الذي لا يحتوي على تناقض هو التفكير الإسلامي. ومن هنا فإنّي أذهب إلى ضرورة تأسيس مركز أبحاث يعمل على تقديم هذا التفكير الإسلامي على المستوى العالمي.

* كيف ترى إلى النظريّة القائلة بأنّ السلطة والأحزاب السياسية في الغرب تابعة للشركات الاقتصادية والنظام الرأسمالي؟

- أجل، هذا هو الواقع. هناك دراسة في الولايات المتحدة الأميركيّة ـ التي تمثّل منتهى التفكير الليبرالي الديمقراطي والرأسمالية ـ قام بها أساتذة العلوم السياسية في أميركا، حول من هم الذين يفوزون في الانتخابات الأميركيّة؟ وكانت النتيجة التي توصّلت إليها هذه الدراسة هي أنّ 94% من الأفراد الذين فازوا في الانتخابات كانوا هم الأكثر إنفاقًا على الحملات الانتخابية من منافسيهم. فما الذي تعنيه هذه الحقيقة؟ إنّ هذا يعني: هل يمكنك الوصول إلى منصب سياسي دون أن تنفق مالاً؟ والجواب: يمكن لك ذلك، ولكن نسبة نجاحك سوف لا تتجاوز الـ 6%، وهي نسبة شبه معدومة! وعليه يكون اكتناز الأموال وجمعها شرطًا أساسيًّا في الدعاية الانتخابيّة. والآن نحن نشهد في الولايات المتحدة الأميركيّة انتخابات داخليّة خاصّة بالحزب الديمقراطي؛ حيث يقوم الديمقراطيون في كلّ شهر أو شهرين بإقامة المناظرات فيما بينهم. ولكن ما هو ملاك حضور الشخص خلف المنصّة في الندوات الحوارية والخطابية؟ إنّ هذا الملاك يتلخّص بحجم الحصول على المساعدات الماليّة، بمعنى مقدار الدعم المادي الذي يحصلون عليه. يقولون: إذا استطعتم الحصول على مساعدات ماليّة يمكنكم المشاركة في المناظرات، وأمّا إذا كنتم دون المستوى المطلوب من هذه الناحية، فلا أمل لكم بالمشاركة. ويرد هنا هذا السؤال القائل: من الذي يمتلك هذه النقود في المجتمع؟ إنّ الجزء الأكبر من هذه النقود موجود في حوزة الرأسماليين، وفي الأساس فإنّ المنظومة الأميركيّة في الأساس مفصّلة على مقاس الرأسماليين في المجتمع بما يتيح لهم النفوذ والتأثير في الساحة السياسية. وبعبارة أخرى: إنّ الذين يخوضون غمار السياسة، مدينون بشكل عام إلى الرأسمالية. ومن هذه الناحية هناك حالتان في الولايات المتحدة الأميركيّة والكثير من البلدان الغربية؛ وهما: إما أن يكون الشخص نفسه رأسماليًّا ويعمل على توظيف ثروته الخاصّة في اتّجاه الوصول إلى السلطة، مثل دونالد ترامب، أو أن يكون مدينًا للرأسماليين، وفي هذه الحالة يقوم الرأسمالي بدفع نسبة مئويّة من أمواله لمن يرغب في خوض المعترك السياسي. ومن ناحية أخرى يجب أن تجهد في أن تحصل على مساعدات مالية أكثر من تلك التي يحصل عليها الخصوم السياسيين؛ إذ لو كان ما تحصل عليه أقل من الآخرين، سوف تهبط حظوظك في الفوز في الانتخابات، وتكون من فئة أولئك الأشخاص الذين لا تتجاوز حظوظهم في الفوز حاجز الـ 6%. وعلى هذا الأساس يتعيّن عليك وأنت داخل دائرة الـ 6% أن تفكّر في طريقة أخرى ترفع من حظوظ نجاحك في الانتخابات. وعلى هذا الأساس فإنّ عنصر الأموال والنقود يحتلّ المرتبة الأولى في المنظومة السياسيّة الأميركيّة والكثير من البلدان الغربية. وفي حقل السلطة نجد الاهتمام بنظريّة (ما بعد الولايات المتحدة الأميركيّة) أو بحث (ما بعد الغرب) يحظى بأهميّة بالغة؛ إذ هي من المسائل الجديرة بالمتابعة. وإنّ قراءة إحصائيّات بعض المراكز والمؤسّسات في هذا الشأن على درجة كبيرة من الأهميّة. من ذلك على سبيل المثال أن بعض المؤسّسات الماليّة الشهيرة في العالم الغربي، مثل (Morgan Stanley)، وضعت قائمة بعشرة بلدان تحتلّ المرتبة الأولى في اقتصاد العالم ما بين عامي 2040 ـ 2050م. وهذه القوائم تحتوي عادة على اسم بلدين، ونعني بهما: الولايات المتحدة الأميركيّة وألمانيا، ولكن لا وجود في هذه القائمة لإنجلترا وفرنسا ضمن البلدان العشرة الأولى. بمعنى أنّ ثمانية من البلدان التي تحتلّ صدر هذه القائمة هي من غير البلدان الغربية، وهذا يعني أنّنا سنشهد عالم ما بعد الغرب. منذ أن كانت هذه المفاهيم قابلة للإحصاء ـ أي منذ عام 1850 م ـ كانت الصين هي القوّة الاقتصادية الأكبر في العالم. ومنذ أقل من مئتي عام أخذت البلدان الغربية تحتل الصدارة، وأما الآن فأخذت الأمور تعود إلى مجاريها الطبيعية. ومن هذه الناحية أخذ الاقتصاد العالمي والمصادر المالية في العلم تتّجه نحو الشرق. ومن بين مشاكلنا في العالم الإسلامي هي أنّنا نعاني من وجود الدكتاتوريات في بعض البلدان، وكان نتيجة ذلك تسلّل ثروات البلدان الإسلامية إلى الدول الغربية، حيث نشهد تراكم نقود النفط في البنوك والمصارف الغربية.

* كف تقيّم مستقبل العلاقات الدوليّة وتوزيع السلطات في الساحة الدولية؟ وبعبارة أخرى: هل سيعيش العالم تجربة السلام العالمي أم ستقع حرب عالمية ثالثة؟ وما هو دور الغرب في هذا الشأن؟

- أرى أنّ رؤية الشورى الوطنية للمعلومات ـ وهي مؤسّسة معلوماتيّة أميركية ـ تشتمل على استنتاج صحيح. وهي أنّ العالم في طريقه نحو التعدّديّة القطبيّة، وأنّ مكانة الغرب في طور الأفول، وفي المقابل هناك ارتقاء وصعود في مكانة الشرق. وأنّ مكانة العالم الإسلامي يمكن أن ترتفع شريطة أن يعمل المسلمون على تطوير بلدانهم وأن يتغلّبوا على العقبات الماثلة أمامهم. وفيما يتعلّق بالسؤال القائل: هل سنشهد نشوب حرب عالميّة ثالثة؟ لا يمكنني أن أقدّم جوابًا قاطعًا في هذا الشأن. ولكن فيما يتعلّق بالعلاقات الدوليّة لا يُستبعد أن تتّجه مكانة قوّة عظمى في مرحلة ما نحو الأفول، وتظهر في المقابل دولة أخرى لتحلّ محلّها وتستحوذ على مكانتها، وتندلع لذلك حرب بين القوّة العظمى القديمة والقوّة العظمى الجديدة. وهذا ما تحقّق فعليًّا على مدى التاريخ المنصرم. ولكن هل يعني ذلك أنّ حربًا سوف تندلع بين الصين والولايات المتحدة الأميركيّة حتمًا؟ هذا ما لا أستطيع أن أجزم به. وبحسب القواعد يجب أن لا تتكرّر تلك التجربة التاريخية، وذلك لأنّ العالم قد تغيّر وأصبحنا نعيش في عالم مختلف، وهو عالم مليء بالقنابل الذريّة. ومن هنا تدرك كلتا القوّتين العُظميين أنّهما إن دخلا في حرب فإنّ ذلك سوف يعني اللّجوء بالضرورة إلى استخدام القنابل النوويّة، وهذا يعني زوال كلا البلدين. في الأزمنة السابقة لم يكن بمقدور الإمبراطوريات أن تفني بعضها، أمّا اليوم فقد أضحت هذه الإمكانيّة قائمة. ومن هنا لا يمكن أن نتوقّع نشوب حرب واسعة النطاق؛ لأنّ هذا يعني فناء الجميع. ومن ناحية أخرى: إنّنا حيث نؤمن ـ بفضل تعاليمنا الدينية/ الشيعيّة ـ بوجود الإمام المهدي (عج)، نمتلك اتّجاهًا يتمحور حول المهدويّة. بمعنى أنّنا نؤمن بأنّ العالم يتّجه نحو قيام الدولة المهدويّة، وإنّ من واجب الشيعة أن يعملوا على تمهيد الأرضيّة لظهور الإمام المنتظر (عج). ومن هنا فقد تقدّم أن قلت: إنّنا بحاجة إلى مركز أبحاث يختصّ بدراسة موقع التشيّع في العالم. وإنّ القيام بالبحث والتحقيق في حقل المهدويّة لا يقتصر على تدوين مجموع الأحاديث والروايات المهدويّة في كتاب فقط. فهذا أمر مستحسن، ولكن يجب بالإضافة إلى ذلك تنظيم نشاط تحقيقي في هذا الشأن أيضًا، ويجب أن يتمّ ذلك بشكلٍ عمليٍّ وتطبيقيٍّ. بمعنى أنّه يجب العمل على تشخيص موانع ظهور الإمام المنتظر (عج)، والبحث في سبل رفعها. وأرى أنّ مكانة المؤسّسات الشيعيّة العاملة خارج إيران قد تضاعفت. إذ أصبح مجيء الكثير من المفكرين والأساتذة إلى إيران على شيء من الصعوبة والتعقيد بفعل المواجهة القائمة بين إيران والكثير من البلدان الغربية. وفي المقابل يمكن لبلدان أخرى مثل العراق أن تشكّل حاضنة مناسبة في إطار الوصول إلى الأهداف التي ننشدها في دائرة التشيّع. كما أنّ بيئة مثل العراق أكثر عالميّة؛ وإنّ تجربة مسيرة الأربعين خير شاهد على ذلك.


تعريب: السيد حسن علي مطر الهاشمي.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف