تأليف :
مجموعة مؤلفين
إعداد وتحرير :
د. محمد محمود مرتضى
فهرس المحتويات :
مقدّمة المشروع: الاستعماريّة المستدامة الجغرافيا العربيّة-الإسلاميّة حقلُ اختبار / محمود حيدر
جيوبولتيك سوريّة وأهميّتها من منظار الاستعمار الفرنسي / إبراهيم أحمد سعيد
الأوضاع السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة في سوريّة قبيل الاحتلال الفرنسيّ / حسام جميل النايف
آليّات فرنسا لفرض الانتداب على سوريّة / بشرى خير بيك
الاستعمار الفرنسي لسوريّة ومحاولات التّقسيم الطائفي / محمد محمد خيري
الاحتلال الأكاديمي: سياسة الاحتلال الفرنسي التّعليميّة في سوريّة / علاء محمد مسعود
فرنسة الحياة الثّقافيّة في سوريّة خلال الانتداب الفرنسيّ (١٩٢٠-١٩٤٦م) / ابراهيم علاء الدين
دور الأدباء والشّعراء والمثقّفين السّوريّين في مواجهة الاستعمار الفرنسيّ / عبد الله السليمان
الاستعمار الفرنسيّ وسرقة الآثار في سوريّة / همام سعد
الاستعمار السّياسيّ: الإدارة الفرنسيّة في سوريّة / غنوة ناصر
الاستعمار الفرنسي لسوريّة من الجانب الاجتماعي / ربيع يوسف عثمان
الحركات الوطنيّة في سوريّة إبّان الاحتلال الفرنسيّ / سومر سيف الدّين حزنقور
انعِكاسـاتُ الاستعمَارِ الفَرنسيِّ على الاقتِصادِ السوريِّ / مثقال العاصي
الاستعمار والجرائم العسكريّة والاجتماعيّة للاحتلال الفرنسي / صايل مخلوف
الأحزاب السّوريّة في مواجهة الاحتلال الفرنسي في سوريّة / أ. د. وضاح حسين نوفل
الثّورات السّوريّة ضدّ الاستعمار الفرنسيّ / محمد المحمد الحسين
دور المرأة السّوريّة في مقاومة الاستعمار الفرنسيّ / أحمد الخضر
جيش الشرق في سوريّة ممارساته وردة الفعل الوطنيّة / كاميليا شكيب أبو جبل
دور العلماء في مواجهة الانتداب الفرنسيّ لسوريّة / مرح رافع البرغش
دور السَّيِّد محسن الأمين في مواجهة الاستِعمار الفرنسي لسوريَّة / مرح رافع البرغش
القضاء والتّشريعات والقوانين الفرنسيّة في سوريّة / سمر بهلوان
مقدمة المركز
في سياق استراتيجيّته البحثيّة السّاعية إلى رصد، وتحليل، ونقد التّاريخ الحديث للاستعمار الغربي، يتقدّم المركز الإسلاميّ للدّراسات الاستراتيجيّة بمشروعه الموسوعي الجديد متناولًا الظّاهرة الاستعماريّة، وظروف نشأتها، وآليّات عملها، والثّورات الّتي واجهتها، ولتحقيق الهدف استُهِلَّ هذا المشروع بوصفه مرحلة أولى بدراسة تاريخ الحركة الاستعماريّة، ووقائعها، في دول المشرق العربيّ، ومغربه.
ولإنجاز هذه السّلسلة سعت إدارة المشروع إلى بيان الأسس التّاريخيّة، والمعرفيّة لنشوء الاستعمار الحديث في بلادنا، حيث مضت إلى الإحاطة بدائرة واسعة من الآليّات، والوسائل الآيلة إلى ترسيخ السّيطرة، والهيمنة على ما يسمّى بدول، ومجتمعات الأطراف منذ أواخر القرن التّاسع عشر، وإلى يومنا الحالي. وعليه، فقد تركّزت الأبحاث على إجراء رصد تحليليّ انتقاديّ للمحطّات الكبرى الّتي مرّت بها الحركة الاستعماريّة، ومهّدت بالتّالي للزّمن الاستعماريّ المستحدث عبر أشكال، واتّجاهات، وآليّات لا حصر لها.
قد يتناهى للنّاظر في هذا العمل الموسوعيّ، كما لو أنّه -للوهلة الأولى- بإزاء مشروع تقليديّ سبقته مشاريع لا حصر لها في سياق التّدوين التّاريخيّ للعمليّة الاستعماريّة بأحقابها، وأشكالها المختلفة. غير أنّ الغاية الّتي رسمها المركز الإسلاميّ للدّراسات الاستراتيجيّة لهذا المشروع ليست على هذا النّحو، ولم تكن تكرارًا لما سبق. فهو إلى إدراكه الأهمّيّة التّأريخيّة، والعلميّة للأعمال الّتي سبقت -وتقديره للجهود الّتي بُذلت على مدى أجيال في هذا المضمار- يدرك في الوقت نفسه، الأهمّيّة الاستراتيجيّة الاستثنائيّة الّتي ينبغي تظهيرها، وتفعيلها حيال ظاهرة قهريّة استعلائيّة لم تنتهِ إلى مآل، وكانت سببًا جوهريًّا في التّأخّر التّاريخيّ لبلادنا، ومجتمعاتنا. على هذا الأساس، تكون غاية المركز من هذه السّلسلة، التّأسيس لطور ثقافيّ جديد يتركّز على نزع الاستعمار في حقوله الأكثر شمولًا. وهو الأمر الّذي يتعدّى مجرّد تبيين المخاطر المترتّبة على - إجراءاته السّياسيّة، والعسكريّة المعروفة، بل أنّه يعمل على تظهير قيمة علميّة موسوعيّة تكشف بالرّصد التّاريخيّة، والتّحليل، والنّقد الحقول المختلفة الّتي تتحرّك فيها العمليّة الاستعماريّة بصيغتها المعاصرة، مثل استعماريّات الغزو التّقنيّ، والعسكريّ، والميديا، والمؤسّسات العلميّة، والأكاديميّة، والاقتصاد المعرفيّ، وأنماط الحياة اليوميّة المختلفة.
ولكي تكتسب هذه السّلسلة خصوصيّتها، كان ضروريًّا الشّروع في التّأسيس لخاصِّية منهجيّة واضحة، من خلال تدوين استقرائيّ لأزمنة الاستعمار بما تخلَّلها من حوادث، وانعطافات في سياق الاحتدام بين القوى الاستعماريّة، وشعوب البلدان المستعمرة. وإذا كان لنا من تحقيب لأزمنة الاستعمار الّتي بدأت إرهاصاتها مع نشوء الدّولة القوميّة في أوروبا، ثمّ اتّخذت مسارها الانتشاريّ إلى قارّات آسيا، وأفريقيا، وأميركا اللّاتينيّة... سيكون من المفيد «تأريخيًّا» اعتماد العام (١٤٩٣م) بدايةً رسميّة للفعل الاستعماريّ. نعني بذلك على وجه الدّقّة الاستعمار بصيغته، ومفهومه الأوروبيّين. أي ذاك الّذي يقوم على النّهب العنيف للمستعمرات، ونقل المنهوبات إلى «المركز» الاستعماريّ الأوروبيّ (Métropole)؛ وهذا على خلاف ما كانت عليه حركة الاستعمار، منذ نشأة المجتمعات البشريّة، والّتي كانت عبارة عن انتقال جماعة من البشر، قبيلة، أو شعب، من موقع، أو موطنٍ أصلي لها، للاستيطان في مكان ما، بشكل سلميّ، أو بالغلبة، واستعمارها، بمعنى إعمارها، ثمّ تتّخذ هذه الجماعات، أو الشّعوب من المنطقة الّتي استعمرتها موطنًا لها، ومستقرًّا، ولو إلى حين.
ثمَّ أنّنا وجدنا من الضّروريّ إعادة بلورة مرجعيّة علميّة توثيقيّة تعزّز البحث العلميّ حول الاستعمار، بوصفه جوهر النّزاع اليوم بين الأمم المعاصرة. ولئن كان الاستعمار الرّاهن قد مضى بعيدًا في تطوير أساليبه، وأهدافه، وتقنيّاته، إلّا أنّ نزعات الهيمنة، والسّيطرة، والاستعلاء على الغير، تبقى الأساس المحوريّ الثّابت الّذي تشكّلت عليه الماهّيّة الأصليّة للاستعمار. يُضاف الى ذلك، أنّ منطقتنا العربيّة، والإسلاميّة تشهد اليوم أخطر، وآخر أنماط الاحتلال المركّب، الّذي ما يزال من ناحية، وفيًّا للنّمط الكلاسيكيّ للاحتلال، ومن ناحية أخرى، هو منفتحٌ على الأنماط النّيوكولونياليّة الّتي تشكّل سندًا له بوسائل متطوّرة. لا يزال الاستعمار يهدّد الأمم، وأمّتنا، وأقطارنا بأساليب شتّى، إذ ما من مشكلة شاغلة اليوم، في مجال الأمن، والاستقرار السّياسيّ، والتّنمية، والسّيادة، ونحو ذلك إلّا وهي موصولة بالاستعمار، وأساليبه في تقويض تقدّم الأمم. وهكذا فإنّ الهيمنة الاستعماريّة على البلاد الخارجة من جغرافيّات المركزيّة الغربيّة لا تنحصر بآلية أحاديّة كما كان عليه الأمر في أشكال الاستعمار الكلاسيكيّ الّذي سبق الحربين العالميّتين: الأولى، والثّانية، بل تجاوزه إلى ما يمكن اعتباره احتلالًا للوعي، وإعادة تشكيله على نحو جوهريّ، ولا سيّما على النّحو الّذي ظهر فيه بقوّة في زمن العولمة، وإعادة إحياء أحاديّة المركز الاستعماريّ الغربيّ.
* * *
نخصّص هذا الجزء من سلسلة تاريخ الاستعمار للإحاطة بتاريخ الاستعمار الفرنسيّ في سوريّة. والأهميّة في هذه الإحاطة أنّها تؤسّس لمنهج معرفيّ حول الحركة الاستعماريّة، وتاريخها في المشرق العربيّ، وفي بلاد الشّام على وجه الخصوص. ولعلّ من أخطر الظّواهر في تاريخ الاستعمار الأوروبّيّ الحديث لبلادنا ما تكشفه دراسات، وأبحاث هذا الجزء من السّلسلة. فقد جاءت اتّفاقيّات سايكس-بيكو بين الحكومتين الاستعماريّتين البريطانيّة، والفرنسيّة لترسِّخ التّجزئة، وتقيم الحدود، والفاصلة بين أقاليم المشرق العربيّ. وهذا الجزء يسعى إلى الإضاءة التّفصيليّة على تاريخ الاستعمار في سوريّة، وآثاره، وتداعياته على مجمل نواحي الحياة، كما يتناول الثّورات الشّعبيّة التّحريريّة الّتي تعاقبت، وشملت حقبة الاحتلال الفرنسيّ تحديدًا، بدءًا من بدايات القرن العشرين.
وقد شارك في إنجاز بحوثه ودراساته جمعٌ من المؤرّخين، والباحثين المتخصّصين في مجالات مختلفة من العلوم الإنسانيّة، انصبَّت اهتماماتهم على الحقول السّياسيّة، والعسكريّة، والثّقافيّة، والأكاديميّة، والاجتماعيّة بغية الإحاطة بأوسع مسافة ممكنة من التّغطية. من أجل ذلك جرى ترتيب موضوعات هذا الجزء، وتوزيعها على مجموعة من العناوين، والمحاور نذكر منها:
- جيوبولتيك سوريّة، وأهميّتها من منظار الاستعمار الفرنسيّ - سياسة الاحتلال الفرنسيّ التّعليميّة في سوريّة - الأحزاب السّوريّة في مواجهة الاحتلال الفرنسيّ في سوريّة (١٩٢٠-١٩٤٦م) - الاستعمار السّياسيّ: الإدارة الفرنسيّة في سوريّة - الاستعمار الفرنسيّ لسوريّة من الجانب الاجتماعي - الاستعمار الفرنسيّ لسوريّة ومحاولات التقسيم الطائفي (١٩٢٠-١٩٤٦م) - الحركات الوطنيّة في سوريّة إبّان الاحتلال الفرنسي (١٩٢٠-١٩٤٦م) - دور العلماء في مواجهة الانتداب الفرنسيّ لسوريّة - الثّورات السّوريّة ضدّ الاستعمار الفرنسيّ (١٩١٩-١٩٤٦م) - دور الأدباء والشّعراء والمثقّفين السّوريّين في مواجهة الاستعمار الفرنسيّ.
وتقديرًا للجهود العلميّة القيِّمة المبذولة في إنجاز هذا المشروع نقدِّم الشّكر، والتّقدير للدّكتور محمّد محمود مرتضى على جهده في تنسيق عمليّة إنجاز الأبحاث مع الباحثين، وتقويمها وتحريرها، وللدّكتور محمود حيدر في تقديم هذا الجزء، وترتيبه في سياق مشروع سلسلة تاريخ الاستعمار.