إعداد :
د . عمّار عبد الرزّاق الصغير
فهرست المحتويات :
مباحث تمهیدیة
المنطق في القرآن
د. عسكري سليماني أميري
الهندسة المعرفيّة لعلم المنطق
د. الشيخ فلاح سبتي
النقد الأخباري لعلم المنطق
الأستاذ الشيخ حسين إبراهيم شمس الدين
المنطق واللغة ودورهما في تطور الفكر الإسلاميِّ
د. فاطمة علي عبُّود
اعلام المنطق عند الإمامیة
الإبداعات المنطقية للفارابي
د. أكبر فائدئي ود. أحمد الحسيني
الإبداعات المنطقيّة للشيخ الرئيس ابن سينا
الشيخ إبراهيم أحمد مشيك
منطق التحصيل لبهمنيار بن المرزبان
الشيخ سامر توفيق عجمي
المنجز المنطقي للخواجة نصير الدين الطوسي
د. محمد عبد المهدي الحلو
موقع العلّامة الحِلّي في تاريخ علم المنطق
د. محمد غفوري نجاد ود. أحد فرامرز قراملكي321
محمد باقر الداماد وأثره في تحقيق مطالب علم المنطق
د. السيد سعد شريف البخاتي
المنطق الصدرائي
د. عسكري سلیماني أمیري
موقع القضية الطبيعية من منظار الملا عبد الله اليزدي
د. محمد حسین ایراندوست
منطقُ المُظفَّر دراسةٌ مقارنةٌ مع حاشية مُلَّا عبد الله
د. الشيخ مرتضى فرج.
قراءةٌ في كتاب الأسس المنطقيّة للاستقراء
د. السيد حسام مهند جمال الدين
مقدمة المركز
تتجلّى أهمية علم المنطق في هدفه الأساس من دراسة أسس الاستنتاج الصحيح، وقواعد التفكير البشريّ بوساطة تأسيس آلياتٍ تضبط حركة الذهن وتنظّمه، للوصول إلى الحقائق أو الأفكار الصحيحة. فهو آلة القوّة التي يُدرك بها الإنسان المعقولات، ويُميّز بها الصحيح من السقيم من الأفكار، في شتّى صنوف الإدراك، وبأيّ نوعٍ من أنواع العلم (تصوريّ أو تصديقيّ)، سواء في بحث المعرِّف أم الحُجّة؛ في جانبه المادي بمعرفة المفاهيم التي تُعرِّف حقائق الأشياء الذاتية والعرضية ــ كما في بحث المعرّف ــ أو معرفة أحكام الموضوعات من طريقها الذاتي الذي يُعنى به بحث الحُجّة في قسم البرهان، أو في جانبه الصوري في ترتيب هيأتها الصحيحة في الاستدلال وبيان شروط الاستنتاج على مستوى الهيأة ــ كما في مباحث الحُجّة ــ ممّا يسهم في استقامة الفكر وتنظيم مخرجاته.
إذًا فعلم المنطق يُقدّم تلك القواعد للوعي الإنسانيّ ليقوم بسلسلةٍ من العمليات العقلية والإجراءات الذهنيّة ــ وفقاً للخزين المعرفي في الذهن ــ بانتقالاته بين المعلوم والمجهول، في حركته الذاهبة والراجعة مرورًا بالدائرة ووصولًا للمعرفة المطلوبة، والنتيجة التي يتحوّل فيها المجهول إلى معلوم. وهذه هي الفائدة المتوخّاة من علم المنطق الذي يتكفّل بتوفير تلك الآلة ويدعو لمراعاتها.
ومن فوائده ــ كذلك ــ تمييز الحدود والرسوم صورةً ومادّة، ومعرفة الاستدلال الصحيح من الخاطئ في باب الحُجّة والدليل ــ القياس والتمثيل والاستقراء ــ في بحثها الصوريّ كالقضايا، أو المادّي كمعرفة مواد الأقيسة من الصناعات الخمسة (البرهان والجدل والخطابة والشعر والمغالطة)؛ لضبط التعاطي مع العلوم النظريّة ومعرفة الحقائق الكونيّة، لاسيّما في صناعتَي البرهان والمغالطة، أو ظهور فائدته في القضايا الاجتماعيّة والمناقشات الكلاميّة كما في الجدل، أو في الإقناع والتأثير في الآخر كما في فنَّي الخطابة والشعر. وعلى هذا الأساس تبقى أهميّته حاضرةً في شتّى العلوم والفنون.
وعلم المنطق الذي هو علمٌ آليٌّ لا يتوقّف على علومٍ أخرى، كان الفيلسوف الإغريقي أرِسطُو ( 384 ق.م – 322 ق.م) أوّل من وضع قواعده ورتّب مسائله؛ إذ أخرجها من القوّة (الاستعداد الفطري) إلى الفعل (التنظير القواعدي) بمجموعة مؤلّفاتٍ عُرفت بـ (الأورغانون) Organon؛ أيّ (الآلة أو الأداة)، غير أنّ أرسطو سمّاه بـ( التحليلات)، أيّ تحليل الفكر إلى استدلالات، والاستدلال إلى أقيسةٍ والقياس إلى عباراتٍ وحدود .
وتتمثّل الغاية التي يتوخّاها المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية في هذا المشروع ــ الذي يأتي ضمن سلسلة ( العلوم الإسلامية عند الإماميّة) ــ في بيان الصورة الدقيقة لتطوّر آليات الاستدلال في الذهنية الإمامية، وحضور علم المنطق في المدارس الفكريّة، والمعاهد التعليميّة، وما قَدّم من أثرٍ في استدعاءاته للاستدلال أو الاحتجاج في إثبات القضايا والأفكار، أو دفعها.
إذ يُفتتح الاستكتاب بالمقدّمات المنهجية لعلم المنطق من تعريفٍ وموضوعٍ وغاية، وبيانٍ لأهم مسائله، ومن ثم تصنيفه بأيّ قسمٍ من العلوم اليقينيّة أو الظنيّة وغيرها، ومرتبته بين العلوم. ثم متابعة تلك القواعد في القرآن الكريم الذي بنى تعاليمه على أسس الفهم والتأثير والإقناع، ودعا البشرية إلى التأمّل والتفكّر والتعقّل في مسائله التي بناها بشكلٍ منطقيّ مستقيمٍ لا خلل فيه، فهو يدعو إلى الإيمان وفقًا للأصول العقلية الفطرية، والتفكير الصحيح للوصول إلى الحقائق.
ويعقبه تجارب الرواد الإسلاميين الشيعة في علم المنطق كالفارابي (المُعلّم الثاني) (ت:339هـ 950 م) وما قدّمه من بيانٍ وشرحٍ لكتاب (الأرغانون) لأرسطو، والتقسيمات التي ابتكرها في مجال تقسيم العلم إلى تصوّرٍ وتصديق، وتقسيم المفاهيم الكليّة إلى المعقولات، ومقولته في الكلّي والجزئي، وتطوير أبوابه ليدخل التراث المنطقي في عالم الفكر الإسلامي ويزدهر بشكلٍ ملحوظٍ حتى أثّر ذلك في المتأخّرين.
إذ جاء بعد الفارابي ابن سينا (ت: 980 هـ ــ 1037 م) ليفيد بشكلٍ كبيرٍ ممّا قدّمه الفارابي في شرحه لمنطق أرسطو، فيقدّم جملةً من الإبداعات في مجالات العلم، والتكثّر العلمي، وسبل حصول المعرفة، والفكر، والحدس، والصورية، والرمزية وغيرها، وصولًا إلى مراحل ازدهاره وحضوره العالي على يد الخواجة نصير الدين الطوسي (ت:672هـ ـــ 1274م)، والعلّامة الحِلّي (ت:726هـ ـــ 1325م)، وصدر المتألّهين الشيرازي (ت: 1050هـ ـــ1640م)، وما مثّلته مراحلهم من دفاعٍ عن أهميّة المنطق ضد التيّارات المناوئة ـــ بسبب تسرّب السطحيّة والخرافة في إطار تفكير بعض حملة العلم الديني ـــ وما قدّموه من معطياتٍ ومعالجاتٍ ومنهجيةٍ تخدم القضايا الإلهية والفكر الديني، وتسهم في إنتاج المعرفة.
وتلا تلك المراحل في تأريخ علم المنطق في الفكر الإمامي مرحلة التوضيح والبيان، والإضافة والتبويب، والنظم والعرض بلغةٍ علميةٍ متقنةٍ وأسلوبٍ منهجي شيّق، وحضوره العالي في الدرس الحوزوي والمعاهد العلمية قراءةً ونقدًا، وتدريسًا، وتوظيفًا في العلوم الإسلامية الأخرى.
وفي الختام وعرفـانًا بإسهامات الباحثين المشاركين يتقدّمُ المركز الإسلاميّ لهم بوافر الشكر والتقدير على ما جادت به أفكارُهم، وسطّرته أقلامُهم من جهودٍ علميّةٍ كريمة.
نأمل أنْ يـحقّق هذا الكتاب إضافةً علميّةً تنضمّ إلى ما كتب فـي هذا الـمجال، وبذلك يشارك الـمركز الإسلاميّ فـي رفد الفكر بمـا يتطلّب من مواكباتٍ عصريّةٍ مهمّةٍ فـي الـمعرفة والـمنهج.
والـحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ على رسولهِ الأمين محمّدٍ وعلى أهلِ بـيتـهِ الطـيبـينَ الطاهرين.
د. عمار عبد الرزاق الصغير
شهر رمضان المبارك 1445هـ - آذار /مارس 2024
العراق / النجف الأشرف