نظرية المعرفة الدينية

نظرية المعرفة الدينية

عناوين الكتب :

نظرية المعرفة الدينية / الجزء الاول (المعرفة الواجبة والكافية في الدين)

نظرية المعرفة الدينية / الجزء الثاني (المعرفة الدينية - العقلانية والمصادر -)

نظرية المعرفة الدينية / الجزء الثالث (رؤية معرفية الى الوحي و الإلهام و التجربة الدينية والعرفانية والفطرة)

تأليف :

محمد حسين زاده

تعريب :

حسن علي مطر الهاشمي

 

فهرس محتويات الجزء الاول :

القسم الأول: إطلالة من خارج الدِين إلى المعرفة الواجبة والكافية في الدين

الفصل الأول: المفاهيم والأمور العامّة

الفصل الثاني: إمكان الحصول على المعرفة اليقينيّة في الِدين

الفصل الثالث: المعرفة اللازمة في الدين

الفصل الرابع: معيار صدق القضايا الدينيّة

القسم الثاني :  رؤيةٌ دينيّةٌ إلى المعرفة اللازمة والكافية في الدِّين

الفصل الخامس: مفهوم العلم والمعرفة

الفصل السادس: اعتبار المعرفة الظنيّة في القضايا الدينيّة

الفصل السابع: اعتبار المعرفة التقليديّة في حقل العقائد

الفصل الثامن: إرهاصات التفسير الديني للمعرفة الواجبة والكافية

 

فهرس محتويات الجزء الثاني  :

القسم الأول: إمكان و عقلانية المعرفة الدينية

الفصل الأول: إمكان الحصول على المعرفة العقليّة في حقل الدين

الفصل الثاني: أدلّة امتناع الاستناد إلى العقل في الدِّين

الفصل الثالث: أدلّة عدم اعتبار العقل في حقل الدِّين

الفصل الرابع: عقلانيّة الدِّين علاقة الإيمان بالدليل

الفصل الخامس: الإيمان والأبعاد اللغويّة المتنوّعة

الفصل السادس: أدلّة عدم اعتبار العقل في كتابات المسلمين

القسم الثاني: مصادر المعرفة الدينية

الفصل السابع: الأدوات المشتركة والخاصّة في المعرفة الدينيّة

الفصل الثامن: مساحة اعتبار العقل

 

فهرس محتويات الجزء الثالث  :

الفصل الأول: الوحي والإلهام

الفصل الثاني: الوحي والإلهام في العرفان

الفصل الثالث: حقيقة الوحي

الفصل الرابع: التجربة العرفانيّة

الفصل الخامس: الفطرة

 

مقدّمة المركز

من بين سائر مباحث الفلسفة أخذت نظريّة المعرفة حيّزًا كبيرًا من اهتمام الباحثين؛ وذلك لتعلّق موضوعها بتخصّصاتٍ عديدةٍ، وتناولها لجميع اتجاهات المعرفة الإنسانيّة بوصفها فلسفةً للعلوم. ومن جهة فهي تشكّل المرتكز الذي حدا بالفلسفة لأنْ تتنوّع إلى مدارس ومذاهب واتّجاهاتٍ ونزعاتٍ ومناهج تبعًا لـمصادر استقائها التي يُعوّل عليها فـي تـحديد نوعها.

إنّ تشكّل نظريّة المعرفة الفلسفيّة بوصفها نظريّةً مستقلّةً ظهر منذ ثلاثة قرونٍ على يد الفلاسفة الغربيّين، أمّا في الفكر الإسلاميّ فقد طُرِحَت كثيرٌ من مسائلها ومصادرها ومناهجها متفرّقةً في مباحث الفلسفة، والمنطق، وأصول الفقه منذ زمن تأسيس تلك العلوم، واستمرّت تتطوّر معها إلى يومنا الحاضر.

ومنذ ذلك الـحين وهي ذات شأنٍ فـي فرز الأصيل عن الدخيل من مناهج الـمعرفة وأبحاثها الـمعاصرة.

تهدف نظريّة المعرفة إلى الكشف عن حقيقة المعرفة الإنسانيّة وطبيعتها، وحدودها، ومصادرها، ومناهجها، وقيمتها، وموانعها، وصدقها وخطئها، والشروط الموضوعيّة لتشكّلها، ووسائل إنتاجها، وسبل نموّها بوصفها مدخلًا ضروريًّا تؤسَّس عليه كثيرٌ من المعارف الرامية لإنتاج اليقين. وتُعنى نظريّة المعرفة أيضًا بنقد العلوم وتقويمها، وتحديد الأُسس التي ترتكز عليها، لتؤمّن الوصول إلى المعرفة السليمة.

ولا تقف نظريّة المعرفة في علاقتها بالعلوم على إطارها الموضوعيّ فحسب؛ وإنّمـا تـمارس دورًا منهجيًّا تنطلق منه لمعالجة العلاقة بين الذات والموضوع، وضبط طبيعتها؛ لتحصين سلامة الآليات والأدوات الـمعرفيّة بينهمـا وتوليد نتائج معرفيّةٍ أمينة.

وما زالت مهمّة نظريّة المعرفة هي البحث حول المعارف الصحيحة التي يمكن اعتمادها وطرح الحقائق في ضوئها، ومحاكمة الحقائق والقضايا الأخرى التي تنتج صورةً خاطئةً عن الواقع؛ فهي إذًا تحمل مهمّة إنتاج اليقين أو بيان طريقه؛ فتؤسّس للوصول إلى اليقين الكاشف عن الواقع - لأنّه الحقيقة نفسها - بشكل يتجاوز الجزم العلميّ والفلسفيّ إلى الجزم بمطابقة الواقع والكشف عنه، وهو ما يفصح عنه قسمـا الـمعرفة الحضوريّة والحصوليّة بأنّ وظيفتهما الكشف عن مطابقة الواقع وتحصيل اليقين.

ويمثل تأسيس (سلسلة دراسات إبستمولوجيّة) من قبل (المركز الإسلاميّ للدراسات الاستراتيجيّة) استجابةً واعيةً لمتطلباّتٍ معرفيّةٍ حاضرةٍ فـي واقع الفكر المعاصر، يسعى بوساطتها المركز إلى اتّخاذ موقفٍ معرفيّ حاسمٍ في المسائل الأساسيّة لنظريّة الـمعرفة، من شأنها الإسهام فـي إيضاح ومعالجة قضاياها المركزيّة، ومآلاتها الفكريّة.

في هذا الكتاب

يبيّن الشيخُ الدكتور محمد حسين زاده  المفاصلَ الأساسيّةَ للمعرفةِ الدينيةِ التي تُعدّ من الأدوات التي تعمل على تقييم المعرفة في حقل الدين بالخصوص، والكتاب يمثّل الإصدار الثالث من سلسلة (دراسات إبستمولوجية)، وقد جاء باسم (نظريّة المعرفة الدينيّة)، متضمنًا ثلاثة أجزاء، تناول في جزئه الأوّل المعنون بـ( المعرفة الواجبة والكافية في الدِّين)، أهمَّ مسألةٍ في هذا المجال، وهي تحديد الأُطر الواجبة للمعرفة في الدين وحدود الكفاية منها ، باحثًا فيها من اتّجاهين: اتّجاه  النظر من خارج الدين، وإمكان الوصول إلى المعرفة اليقينيّة في أقسامٍ من الدين، وبعض أجزاء المعرفة الدينيّة . واتّجاه النظر من زاويةٍ دينيّةٍ ليصل إلى وجوب تحصيل المعرفة اليقينيّة، وحدود الإجزاء والكفاية فيها بالعلم المتعارف. معرّجًا إلى معيار الصدق لتقييم هذا النوع من المعرفة بعد مناقشة كلّ نوعٍ وتقييمه، ومتابعًا رؤية المفكّرين المسلمين _ ممّن طرح مسألة اليقين بالمعنى الأخص في الدين _ في تعيين المعرفة اللازمة المُجزية في الدين، ومحدّدًا نوع الواجب والكافي في المعرفة الدينية، متناولًا مفهوم العلم والمعرفة، واعتبار الظنّ وكفايته في المعرفة والإيمان بالأصول الاعتقاديّة أو عدم ذلك. ثم يبحث مسألة التقليد واعتبار خبر الواحد في الأصول الاعتقاديّة من الدين، وكيفية المعرفة في الأقسام غير الاعتقاديّة من الدين.

أما الجزء الثاني الذي جاء بعنوان (المعرفة الدينيّة العقلانيّة ومصادرها) فبحث عقلانيّة المعرفة الدينيّة، وإمكان الوصول إلى المعرفة العقلية في دائرة الدين، وطرق المعرفة الدينيّة ومصادرها مثل الوحي والإلهام، ومقدار كشفها عن الواقع، وحدود اعتبار العقل في الدين والمعارف الدينيّة.

وأتى الجزء الثالث من سلسلة أبحاث المعرفة الدينية بعنوان (رؤية معرفيّة إلى الوحي والإلهام والتجربة الدينيّة والعرفانيّة والفطرة) متناولًا مصادر المعرفة الدينيّة كالوحي والإلهام في اللغة، والقرآن، والروايات، وعلم الكلام، مستخرجًا ماهيّتهما وخصائصهما من تلك الروافد. كما يتناول التجربة الدينية ويناقش نسبتها الى الشهود أو التجربة العرفانيّة. فيقيّم هذه المصادر ومقدار اعتبارها في الوصول إلى الحقيقة.

ويتّخذ البحث منعرجًا نحو التجربة الدينيّة في رؤية اللاهوتي المسيحي (شلايرماخر) حول الوحي، مناقشًا أغراضه عنده، ومبيّنًا لوازمه الخاطئة والانتقادات الواردة عليه إسلاميًّا، مفرّقًا بين رؤيته وبين التجربة الدينيّة والعرفانيّة في الفكر الإسلامي وقيامها على أساس التعاليم الدينيّة. ثم يعطف الكلام نحو الفطرة مبيّنًا معناها وقيمتها، واستقلالها من عدمه، واعتبارها مصدرًا للوصول إلى الدين. عارضًا المصدر التلفيقي المتكّون من العقل والوحي والإلهام والسُّنّة المطهّرة والحواس.

نأمل أنْ يـحقّق هذا الكتاب إضافةً علميّةً تنضمّ إلى ما كتب فـي هذا الـمجال، وبذلك يشارك الـمركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجيّة فـي رفد الفكر بمـا يتطلّب من مواكباتٍ عصريّةٍ مهمّةٍ فـي الـمعرفة والـمنهج.

والـحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ على رسولهِ الأمين محمّدٍ وعلى أهلِ بـيتـهِ الطـيبـينَ الطاهرين.

المركز الإسلاميّ للدراسات الاستراتيجيّة

النّجف الأشرف

 

مقدمة الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وخاتمهم محمّد بن عبد الله وخلفائه المعصومين ولا سيّما خاتم الأوصياء الحجّة بن الحسن بقيّة الله الأعظم روحي لتراب مقدمه الفداء.

نقدّم لكم الكتاب الثاني من سلسلة أبحاث المعرفة الدينيّة، ولكي تتّضح أهميّة هذا البحث بين أنواع المعرفة والاتّجاهات المختلفة، يجدر بنا إلقاء نظرةً على أهمّ الاتّجاهات والتيّارات في المعرفة والإبستمولوجيا. ويمكن تبويب جميع هذه الاتّجاهات ضمن مخطّطٍ بيانيّ أو منظومةٍ جامعةٍ؛ لأنّها إمّا أن تكون مقيّدةً بمساحةٍ خاصّةٍ من المعرفة البشريّة، أو تكون مطلقة. وبذلك يمكن تبويبها على النحو الآتي:

أ . التيّارات والاتّجاهات المقيّدة

1. المعرفة الدينيّة.

2. المعرفة العرفانيّة.

3. المعرفة في دائرة القضايا الأخلاقيّة؛ حيث تختص بجانبٍ واسعٍ من علم فلسفة الأخلاق.

4. المعرفة الخاصّة بقضايا العلوم الطبيعيّة (مجموعة العلوم التجريبية أو قسم كبير منه).

5. المعرفة المرتبطة بقضايا العلوم الإنسانيّة (مجموعة العلوم التجريبية أو قسم كبير منه).

6. المعرفة الرياضيّة أو المعرفة الخاصّة بدائرة القضايا الرياضيّة.

ب. التيّارات والاتّجاهات المطلقة

1. الاتّجاه القائم على الحكمة الإسلاميّة.

2. الاتّجاه الحديث القائم على فلسفة رينيه ديكارت.

3. اتّجاه الفلسفة التحليليّة (فلسفة البلدان الناطقة باللغة الإنجليزيّة).

4. الاتّجاهات القائمة على الفلسفات الأوروبيّة من قبيل الهرمنيوطيقا الفلسفيّة، والظاهراتيّة، والنقديّة، والبنيويّة، والإبستمولوجيا النسويّة.

5. موت الإبستمولوجيا والمعرفة.

6. الإبستمولوجيّات الطبيعيّة، من قبيل: المعرفة الطبيعيّة، والمعرفة التكامليّة وما إلى ذلك.

7. المدارس المعرفيّة في الفلسفة الإسلاميّة، من قبيل: المدرسة المشائيّة، والمدرسة الإشراقيّة، والحكمة المتعالية.

إنّ الاتّجاهات العامّة المذكورة على الرغم من الاختلاف الكبير فيما بينها، فإنّها تشترك في بيان كثيرٍ من المسائل المعرفيّة الأساسيّة والجوهريّة، ومن بينها الأبحاث الآتية: البحث عن معيار الصدق، وحقيقة الصدق، وطرق أو مصادر المعرفة وإمكانها. ومن هنا يمكن بيان مجموعة من تلك الأبحاث من خلال محوريّة المسألة، كما يمكن بيانها في إطار محوريّة المدرسة، أو محوريّة الاتجاه، أو محوريّة الشخص أيضًا.

وبذلك فإنّه على الرغم من إمكان بحث المسائل المعرفيّة من طريق دراسة كلّ واحدٍ من الاتّجاهات والمدارس أو المنظّرين، فإنّ بيان وبحث آراء جميع الأشخاص والتوجّهات والمدارس المعرفيّة يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ جدًا. وفي ظلّ هذه الشرائط، نجد أنّ الخيار الأفضل هو بيان المسائل الأساسيّة المشتركة بين المدارس والاتّجاهات بشكلٍ جامعٍ وشاملٍ، وبعد اختيار النظريّة الصحيحة وإثباتها من الناحية المنطقيّة، يتّضح وضع النظريّات المقابلة، كما سوف يتّضح موقفنا تجاه كثيرٍ من الأشخاص والمدارس والنظريّات والاتّجاهات المعرفيّة.

وقد عمد كاتب السطور إلى إعداد طرحٍ شاملٍ وجامعٍ لتغطية واستيعاب كثيرٍ من هذه التيارات والاتّجاهات فضلًا عن بعض الأبحاث والدراسات المقارنة في المسائل المعرفيّة الإبستمولوجيّة، والأبحاث المقارنة في بعض الاتّجاهات. إنّ ثمرة الدراسة والبحث المقارن في الاتجاه القائم على الفلسفة التحليليّة، قد تجلّت في كتاب البحث المقارن في المعرفة المعاصرة،[1] الذي تعرّضنا فيه ـ بعد شرح أهمّ المسائل في هذا الاتّجاه، ومقارنتها مع توجّهات المفكّرين المسلمين ـ إلى بحثه وتقييمه. كما تمّ بالنظر إلى اتّجاه المفكّرين المسلمين تضمينه مجموعةً جامعةً وشاملةً تمثّل أهم الأبحاث والمسائل المعرفيّة الأساسيّة أيضًا.

وفي هذه المجموعة سوف تتّضح النظريّات البديلة وموقفنا منها من خلال انتخاب الخيار الصحيح في كلّ مسألةٍ، وإثباتها بشكلٍ منطقيّ متقنٍ، وقد كان كتاب مصادر المعرفة[2] هو الكتاب الثاني من هذه السلسلة، وكان كتاب المعرفة البشريّة: الأسس[3] ـ الذي يشتمل على البحث بشأن العلوم الحضوريّة أو الأسس المعرفيّة البشريّة ـ الكتابَ الثالث منها. يضاف إلى ذلك أنّنا بصدد إعداد وتأليف كتابٍ جامعٍ وشاملٍ آخر يضمّ أهمّ أبحاث المعرفة الدينيّة ومسائلها. وإنّ كتاب المعرفة الواجبة والكافية في الدين هو الكتاب الأول من هذه السلسلة، وإنّ هذا الكتاب الذي بين يديك هو الكتاب الثاني منها.

نتعرّض في هذا الكتاب إلى بحث مسألة عقلانيّة المعرفة الدينيّة أو إمكانها، ومصادرها، ونقوم بدراستها من زاويةٍ معرفيّةٍ إبستمولوجيّة، ونعمل على تقييم اعتبارها في الوصول إلى الحقيقة أو المعرفة الصادقة والمتطابقة مع الواقع. وفي القسم الأول سوف نبحث من الفصل الأول إلى نهاية الفصل السادس حول إمكان الوصول إلى المعرفة العقليّة في دائرة الدِين، ونعمل في الوقت نفسه على مناقشة وتقييم أهمّ الأمور التي يمكن أن تحول دون الوصول إلى هذا النوع من المعرفة. وسنقوم في القسم الثاني بالبحث حول مصادر المعرفة الدينيّة، حيث سنعمل في الفصل السابع على إلقاء نظرةٍ عابرةٍ إلى مصادر أو طرق المعرفة الدينيّة والمعرفة غير الدينيّة، ونبحث من باب المقدّمة حول اختلافها واتّحادها، ثم ننتقل بعد ذلك إلى المصادر الخاصّة بالمعرفة الدينيّة، ولا سيّما الوحي والإلهام. ثم نبحث في فصلٍ مستقلٍّ عن مساحة أو حدود اعتبار العقل في الدِين والمعارف الدينيّة. وحيث سنُبيّن في بداية كلّ فصلٍ خلاصةً عنه في مستهلّ ذلك الفصل، لا نرى ضرورةً لذكر خلاصات الفصول في هذه المقدّمة رعايةً لعدم التكرار.

وفي الختام أرى من الواجب عليّ أن أتقدّم بجزيل الشكر إلى سماحة الحكيم والفيلسوف المحترم سماحة العلّامة آية الله الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي (دامت بركاته)؛ إذ شملني بفضله ولطفه على الدوام من خلال توجيهاته وإرشاداته المتواصلة. كما أتقدّم بوافر الشكر إلى الأخ العالم الفاضل فضيلة السيّد الأستاذ عبد الرسول عبوديّت، وفضيلة الدكتور محسن القمّي على مطالعته الدقيقة لهذا الكتاب وما أفاده من الملاحظات القيّمة، كما أشكر سائر الأصدقاء الذين ساعدوني على إنجاز هذه المهمّة، وأخصّ منهم بالذكر المعاون المحترم لمؤسسة الإمام الخميني؟ق؟ للأبحاث والدراسات، والمدير المحترم لتدوين المتون، وجميع العاملين في هذه الدائرة، وجميع المسؤولين في مركز النشر.

-----------------

[1].   عنوانه في الأصل الفارسي: پژوهشي تطبيقي در معرفت شناسي معاصر.

[2].   عنوانه في الأصل الفارسي: منابع معرفت.

[3].   عنوانه في الأصل الفارسي: معرفت بشري: زيرساخت‌ها.

 

 

مقدمة الجزء الثالث

 بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، والحمدُ للهِ ربّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف الأنبياءِ والمرسلين وخاتمهم محمّد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وخلفائه المعصومين(عليهم السلام)، ولا سيّما خاتم الأوصياء الحُجّة بن الحسن بقيّة الله الأعظم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، روحي لتراب مقدمه الفداء.

 نقدّم لكم الكتاب الثالث من سلسلة أبحاث المعرفة الدينيّة. ومن الجدير ذكره أننا ـ بالإضافة إلى بعض الأبحاث التطبيقيّة في البحوث المعرفيّة والدراسة التطبيقيّة لبعض الاتجاهات ـ قد أعددنا طرحًا شاملًا لاستيعاب كثيرًا من هذه التيّارات والاتجاهات. إنّ ثمرة القراءة والتحقيق المقارن حول الاتجاه القائم على الفلسفة التحليليّة، عبارةٌ عن كتاب البحث التطبيقيّ والمقارن في المعرفة المعاصرة، الذي عمدنا فيه إلى بحثها وتقييمها، بعد شرح أهمّ المسائل في هذا الاتجاه، ومقارنتها باتجاه المفكّرين المسلمين، وتمّ طرح اتجاه المفكّرين المسلمين الذي يشمل سلسلةً جامعةً تمثّل أهمّ الأبحاث والمسائل المعرفيّة. وفي هذه المجموعة ـ من خلال اختيار القضية الصحيحة في كلّ مسألةٍ وإثباتها المنطقيّ ـ يتّضح واقع النظريّات البديلة وموقفنا منها. وإنّ كتاب (مصادر المعرفة) هو الكتاب الثاني، وكتاب (المعرفة البشريّة، الأسس)، الذي يختصّ ببحث في العلوم الحضوريّة والمفاهيم أو الأسس المعرفيّة البشريّة، هو الكتاب الثالث من هذه السلسلة.

وعلاوة على ذلك فإنّ سلسلةً شاملةً أخرى تمثّل أهمّ أبحاث ومسائل المعرفة الدينيّة قيد التأليف والإعداد أيضًا. إنّ كتاب (ما يجب ويكفي في الدين)، هو الكتاب الأوّل من هذه السلسلة، وكتاب (المعرفة الدينيّة، العقلانيّة والمصادر)، هو الكتاب الثاني من هذه السلسلة، وكتاب (رؤية معرفيّة إلى الوحي والإلهام والتجربة الدينيّة والعرفانيّة والفطرة)، هو الكتاب الثالث من هذه السلسلة.

وفي هذا الكتاب سوف نخوض في البحث حول المصادر أو الطرق الخاصّة بالمعرفة الدينيّة، من قبيل: الوحي، والإلهام، والتجربة الدينيّة ونسبتها (التجربة الدينيّة) إلى الشهود أو التجربة العرفانيّة، بالإضافة إلى الفطرة أيضًا، ومن خلال نظرةٍ معرفيّةٍ نلقيها على هذه المفاهيم، نعمد إلى تقييم بحثها واعتبارها في الوصول إلى الحقيقة ضمن خمسة فصول: في الفصل الأول سوف نبحث ماهيّة الوحي والإلهام وتمايزهما وخصائصهما من زاوية علم اللغة، والقرآن الكريم، والروايات، وعُرف المسلمين، وعلم الكلام، ونعدّد سائر المصادر المماثلة للإلهام، ونبحث حول اختلاف الوحي والإلهام من زاوية الروايات، ونستخرج خصائصهما المعرفيّة من كتب اللغة، والقرآن، والروايات أيضًا.

وفي الفصل الثاني، سوف نبحث ماهيّة الوحيّ والإلهام وتمايزهما وخصائصهما، وموقع الولاية ومصادرها المعرفيّة في علم العرفان، لنواصل البحث في علمٍ آخر من العلوم الإسلاميّة؛ وذلك لأنّ لعلم العرفان نظرةً خاصّةً في حلّ هذه المسائل.

وفي الفصل الثالث، نعمل على بيان رؤية الليبراليّة الدينيّة، ـ ولا سيّما من وجهة نظر مؤسسها (شلايرماخر) ـ بشأن حقيقة الوحي، ونسعى بالالتفات إلى أقواله وكلماته، إلى شرح أهم شواخص هذه الرؤية التي يقوم تفسير الليبراليين المسيحيين الجدُد للوحي على كثيرٍ منها. ثم نواصل البحث بعد ذلك على نحو الاختصار ونشير إلى أهمّ اللوازم الخاطئة، والانتقادات الواردة على هذه الرؤية، لا سيّما من وجهة نظر الإسلام، والمفكّرين المسلمين.

وفي الفصل الرابع، بعد بحث حقيقة التجربة الدينيّة، وبيان معنى التجربة العرفانيّة، وتبويب المكاشفات والتجارب العرفانيّة من وجهة نظر العرفاء المسلمين، وقيام التجارب الدينيّة أو العرفانيّة على أساس التربية والتعاليم الدينيّة، والتركيبة الذهنيّة للمجرِّب، ننتقل إلى البحث القائل: هل التجربة الدينيّة التي تعني التجربة العرفانيّة، يمكن أنْ تكون مصدرًا معرفيًا دينيًا بالنسبة إلى المشاهد وإلى الآخرين أيضًا؟ وهل يمكن الاستناد إليها للوصول إلى تعاليم الدين وإلى المعارف الدينيّة ـ بوصفها مصدرًا مستقلًا ومعتبرًا ـ مثل الوحي، والإلهام، وسائر المصادر الأخرى؟ وهل يمكن تحليل الوحي والإلهام بوصفه مكاشفة أو تجربة عرفانيّة؟

وفي الفصل الخامس، نسعى ـ بعد نظرةٍ عابرةٍ إلى مفهوم واستعمالات كلمة (الفطرة) ـ إلى دراسة الأبحاث المعرفيّة حول الفطرة التي يمكن بيانها على نحو الاختصار. ومن بين أهمّ هذه الأبحاث، بحث القيمة المعرفيّة للفطرة بوصفها مصدرًا للوصول إلى الدين، واستقلالها أو عدم استقلالها في عرض سائر مصادر المعرفة الدينيّة الأخرى، وارتباطها بالتجربة الدينيّة.

وفي النظرة الأخيرة، سوف نشير إلى الأبحاث الأساسيّة الأخرى، ومن بينها: اعتبار المصدر التلفيقيّ بوصفه واحدًا من المصادر الخاصّة في المعارف الدينيّة، التي هي تلفيقٌ من العقل والوحي أو الإلهام، ومرجعيّة قول وفعل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، والإمام المعصوم(عليه السلام)، والحواس والدليل النقلي، ومختلف أنواع الوحي بلحاظ الأخذ والبنية، وما إلى ذلك.

وفي الختام أرى من الواجب عليّ أن أتقدّم بجزيل الشكر لسماحة الحكيم والفيلسوف المحترم سماحة آية الله الشيخ محمد تقي المصباح اليزدي ؟ره؟؛ إذ شملني بفضله ولطفه من خلال توجيهاته وإرشاداته المتواصلة. كما أتقدّم بوافر الشكر إلى الأخ العالم الفاضل فضيلة السيد الأستاذ عبد الرسول عبوديّت على قراءته الدقيقة لهذا الكتاب، وفضيلة الدكتور محمد فنائي على مطالعته الدقيقة لهذا الكتاب، وما أفاده من الملاحظات القيّمة، كما أشكر سائر الأصدقاء الذين ساعدوني على إنجاز هذه المهمّة، وأخصّ منهم بالذكر المعاون المحترم لمؤسسة الإمام الخميني(رحمه الله) للأبحاث والدراسات، والمدير المحترم لتدوين المتون، وجميع العاملين في هذه الدائرة، وجميع المسؤولين في مركز النشر.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف