روّاد الاصلاح عند الامامية في العالم الإسلامي الحديث والمعاصر(الجزء الاول)

روّاد الاصلاح عند الامامية في العالم الإسلامي الحديث والمعاصر(الجزء الاول)

تأليف :

سيد هاشم الميلاني

 

فهرس المحتويات

السيّد جمال الدّين الحسيني

جمال الدّين رائدًا نهضويًّا

أسباب التخلّف

الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء

1. الموقف الدّيني

2. الموقف الاجتماعي

3. الموقف السياسي

4. الموقف من الغرب

الشيخ محمّد رضا المظفر

المشروع الإصلاحي

1. مباحث دينيّة

2. مباحث اجتماعيّة

3. مباحث سياسيّة

4. الموقف من الغرب

السيّد محمّد باقر الصدر

1. المنظومة المعرفيّة

2. المنظومة الدّينيّة

3. المنظومة الاجتماعيّة

4. المنظومة السياسيّة

5. المنظومة الاقتصاديّة

6. المنظومة الغربيّة

السيّد محمّد حسين الطباطبائي

1. الدّين

2. الفطرة

3. الإسلام

4. الإنسان

5. السياسة ونظام الدولة

6. العلم والمعرفة

7. نقد الغرب

الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي

1. الدّين

2. نظريّة المعرفة

3. المباحث الحقوقيّة

4. المباحث السياسيّة

5. نقد الغرب

الشيخ عبدالله الجوادي الآملي

1. الدّين

2. الإنسان

3. الفطرة

4. العقل

5. نظريّة المعرفة

6. النظام السياسي

7. النظام الاجتماعي

8. حقوق الإنسان

9. الحق والتكليف

10. الأخلاق

11. نقد الغرب

 

مقدّمة المرکز

باتت مباحث الدّين محور النقاش المحتدم طيلة القرون الماضية، سواء في الغرب أو الشرق، وقد اشتدّت هذه المباحث في فترة النهضة ألأوروبية، والانقلاب على القراءة الدّينية الرسمية، وظهور تيار الإصلاح الدّيني، وما تبعه من ظهور تيارات ومدارس فكرية: سياسية واجتماعية وثقافية حيث كان الدّين دومًا طرفا في النقاش هذا.

والعالم الإسلامي لم يكن بمعزل عن هذا الجدل المستمر، وإن بنحو آخر، وما نزاع الفلاسفة والمتكلمين والعرفاء وأهل الحديث، إلا من نتائج هذا الجدل، غير أن العالم الإسلامي بعد احتكاكه بالغرب الحديث، واجه نوعًا آخر من التحديات الدّينية، ربما لم تكن من ذي قبل، بل ولدت جراء النهضة العلمية والعقلية الحديثة، وتغيير وجهة الإنسان من السماء إلى الأرض والسعي نحو تحقيق أكبر قدر من السعادة الدنيوية المحضة، وتغيرّت ميتا فيزيقا الغيب إلى فيزيقا الطبيعة، فانولدت جراءه لاهوت الطبيعة والدّين الطبيعي والإنسان الطبيعي محور الكون.

التحديات هذه، تفرض على الخطاب الإسلامي، الخوض في هذا المضمار، لتقديم قراءات تأسيسية حول مباحث الدّين وما يتعلّق به سعة وضيقا، مع لحظ المباحث الجديدة والإجابة على التحديات الحديثة، بغية الوصول إلي الحقيقة.

يتكفل هذا الكتاب تحقيق هذه المهمة حيث يستقرأ مشاريع أهم رواد الإصلاح الدّيني عند الإمامية ليقف على أهم المعالم التي قدّموها في تأصيل الرؤية الإسلامية والدّينية المتناسقة مع متطلبات العصر الحديث من جهة ، ويقوم بنقد ومناقشة الآراء الوافدة على الثقافة الإسلامية من قبل مختلف التيارات العلمانية من جهة ثانية. علما بأنّ تسلسل الأسماء لا يتبع منهجية خاصة، بل هو بحسب ما توفّر لدى الباحث من كتب هؤلاء الأعلام ومؤلفاتهم ، وستتم الإشارة في الأجزاء اللاحقة إلى باقي العلماء إن شاء اللّه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله الطاهرين.

 

المقدّمة

1. ضرورة البحث

ما هي ضرورة البحث عن الإصلاح في العالم الإسلامي عامّة وعند الشيعة خاصّة، ونحن نعيش في القرن الخامس عشر الإسلامي، والقرن 21 الميلادي؟! وهل من ضرورةٍ لاجترار الماضي من جديدٍ، والتحقيب في التيّارات المختلفة والمجادلات الكثيرة التي ربّما انقضى أمدها في اليوم الحاضر؟

وفي مقام الإجابة نقول بأنّنا نغور في الماضي الحديث والمعاصر ليس للنزهة أو الترف الفكري، بل لأجل أمورٍ نفيدُ منها جدًّا، من أهمّها:

ـ أخذ العبرة واقتباس التجارب: بإمكاننا أنْ نعتبر من المزالق والهفوات، ونقتبس الإيجابيّات، وما ينفعنا في يومنا الحاضر من تجارب الماضي. ونحن نرى أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) يذكر في كتابه إلى الإمام الحسن(عليه السلام) هذه التجارب، ويستخلص له لبابَها، فيقول:

«أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ، قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَتَهُ، تَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ...»[1].

ـ تقييم الماضي: ربّما لا يتمكن الإنسان من تقييم نفسه، وخططه، وبرامجه أمام المسائل والمشاكل؛ لأنّه محتدمٌ معها، يخوض غمارها، وعندما يبتعد الإنسان عن ماضيه شيئًا ما سيتمكّن من تقييم مواقفه بنحوٍ أفضل؛ لأنّه ابتعد عن تلك الأجواء وظهرت كثيرٌ من الملابسات والخدع المستترة تحت الأحداث، وتبيّنت النوايا والأسباب، فحينئذٍ يتمكّن الإنسان من الحكم على الماضي بصورةٍ أجودَ وأكملَ.

ـ البحث عن الهويّة: تعدّ الهويّة الفرديّة والجمعيّة القوام الرئيس لاستقامة الأمم، وعدم انهيارها أمام الفتن والمشاكل الداخليّة والخارجيّة؛ إذ الأمّة الخاوية من الهويّة سرعان ما تنهار، ويتمكّن العدوّ من السيطرة عليها، وما أنواع الحروب الباردة والناعمة التي نشهدها اليوم لاسيّما مع سيطرة السوشل مديا (مواقع التواصل الاجتماعي)، إلّا نوعٌ من أنواع تفريغ الإنسان المعاصر من هويّته، وعندما يكون الإنسان فارغًا ومسلوب الهويّة، يكون من السهل امتلاؤه بهويّةٍ أُخرى، والسيطرة عليه. فهذه الأمور تدعونا الى العناية بالماضي، وقراءته باستمرار.

2. لماذا الإصلاح الإسلامي؟

لقد تعرّف العالم الإسلامي على الغرب جرّاء التبادل التجاري أوّلًا، ثمّ العسكري ثانيًا، ثمّ الثقافي والاستعماري ثالثًا. الغرب المتخلّف سابقًا تمكّن بفضل جهود رجاله والثورات الفكريّة والصناعيّة والعلميّة من التقدّم والازدهار، وأصبح نموذجًا يُحتذى به في جميع المجالات الماديّة الرفاهيّة.

وجرّاء هذا التعرّف والاحتكاك المستمرّ، تولّد سؤال النهضة (لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم الغرب) وطفق العلماء يبحثون عن الجواب، وكلٌّ يدلو بدلوه ليقف على السبب الحقيقي، ومن هنا تولّدت النهضة، والبحث عن سبيل الإصلاح والابتعاد عن التخلّف.

فالإصلاح كان لا بدّ منه في تلك المرحلة الزمنيّة؛ إذ العالم الإسلامي كان يعيش تخلّفًا مشهودًا على جميع الأصعدة الثقافيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة، والعسكريّة، وكان الغرب هو المسيطر والمهيمن والمستعمر بفضل علومه وتقنيّاته. ومن هنا انبرى العلماء للقيام بحركةٍ تجديديّةٍ إصلاحيّةٍ بهدف استنهاض الهمم والعقول، واسترجاع المجد والحضارة التي كان يتمتّع بها العالم الإسلامي في الماضي.

وعلى الرغم من أنّ كثيرًا من المجادلات قد انتهت اليوم، والأولويّات قد تغيّرت ـ حيث لا داعي إلى ذكر محاسن الجرائد والصحف مثلًا، أو لزوم وجود القانون والدستور وغيرها من المباحث الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة التي كانت سائدة ـ على الرغم من ذلك فإنّنا بحاجةٍ مستمرّةٍ إلى رجالٍ إصلاحيّين يعرفون الزمان والمكان وملابساتهما، وكذلك يكون لهم قدم صدقٍ في التراث الإسلامي، ليأخذوا بزمام الأمّة الإسلاميّة نحو الهداية والرشاد من دون أن تنزلق في هاوية باقي التيّارات والأحزاب المناوئة والمستغربة.

3. تيّارات العالم الإسلامي

اختلفت تصنيفات التيّارات الفكريّة في العالم الإسلامي بين المفكّرين ومؤرّخي الحقبة الحديثة والمعاصرة، فكلّ واحدٍ منهم زاد أو أنقص من هذه التيّارات، ولكن نحن نصنّف هذه التيّارات في تيّارين كبيرين اثنين، وذلك ليس من خلال تعدّدها وتنوّعها وتحزّبها الظاهري والتي لا تنتهي إلى حدّ، بل المعيار في إدراج الأشخاص والتيّارات الصغيرة الأخرى تحت أحد هذين التيّارين الكبيرين هو المبنى العقدي والأنطولوجي المعتمد لدى كلّ شخصٍ أو تيّارٍ.

وهذان التيّاران هما:

أ) التيّار الإسلامي

إنّ المبنى والمرجع الذي يرجع إليه أصحاب هذا التيّار في كلّ أمورهم إنّما هو الدّين، وبالرجوع إليه تصلح الأمور، كما أنّ التخلّف نتيجةٌ طبيعيّةٌ للابتعاد عن الدّين والتعاليم الإلهيّة. فالتيّار الإسلامي يجعل الدّين الإسلامي مرجعيّته الوحيدة، وإنّ النجاة والسعادة الدنيويّة والاخرويّة إنّما تتحقّق جرّاء التمسّك به.

يندرج تحت هذا التيّار، تيّاراتٌ صغيرةٌ كثيرةٌ تتنوّع مشاربها وعقائدها، وكيفيّة معالجتها لمشاكل العصر، فيندرج تحته التيّار السلفي المتشدّد، والتيّار المحافظ الكلاسيكي التقليدي، والتيّار الإصلاحي المعتدل حيث ينظر إلى الإسلام وتعاليم الدّين من جهة، وينظر إلى متطلّبات العصر ومواكبة الزمان بما لا يتقاطع مع الدّين من جهةٍ ثانية.

ب) التيّار العلماني

يبحث هذا التيّار عن مرجعيّته خارج نطاق الدّين، ويتمسّك بالعصرنة، وما أنتجته الحداثة الغربيّة للتقدّم والخروج من التخلّف، وليس بالضرورة أنْ ينكر هذا التيّار الدّين رأسًا، بل ربّما اندرج تحته من يتمسّك بالدّين في نطاقه الفردي فيصلّي ويصوم، غير أنّه يجعل الدّين محدودًا بهذه الحدود لا أكثر، أمّا المجتمع والسياسة والعلوم وغيرها فإنّ المرجع فيها العقل الإنساني الأداتي، وما آلت إليه التجارب والعلوم البشريّة والمادية.

وعليه فيندرج تحت هذا التيّار الملحد المنكر للخالق، كما يندرج تحته المؤمن على النطاق الفردي فقط، أي الذي لا يكون للدِين مرجعيّة عامّة عنده، فتقسيمنا للتيّارات في العالم الإسلامي إنّما يكون بحسب المنطلق، فمنطلق التيّار الإسلامي ومرجعيّته هو الدّين، ومنطلق التيار العلماني ومرجعيّته الدنيا وما آلت إليه التجارب البشريّة والمادّيّة.

4. التيّار الإسلامي

نحن ننطلق هنا لنبحث عن الدور الاصلاحي الذي قام به التيّار الإسلامي بنسخته الشيعيّة؛ وذلك أنّ الكلام كثُرَ في مختلف التيّارات الفكريّة الإسلاميّة المنتمية إلى مذاهب مختلفة، ولم نجد مشروعًا متكاملًا يتحدّث عن التيّار الإصلاحي الشيعي مع ما له من إسهاماتٍ جادّةٍ في إصلاح الفكر الدّيني والاجتماعي، وفي مقام العودة إلى الإسلام وبناء الحضارة الإسلاميّة من جديد.

لذا نحاول أن نسلّط الضوء على روّاد الفكر الإصلاحي الإسلامي عند الشيعة الإماميّة، ونقف على أبرز المحطّات والمشاريع التي ذكروها لإصلاح العالم الإسلامي وأهم أسباب التخلّف، عسى أن ننتفع من منجزاتهم الفكريّة ونستفيد منها في حلّ أزماتنا المعاصرة، وتكون منطلقًا لإعادة بناء الحضارة الإسلاميّة، أو تمهيدًا لظهور دولة الحقّ.

سنتطرق في هذا الجزء الى سبعةٍ من رواد الإصلاح عند الإماميّة عسى أنْ نوفّق لإكمال هذه السلسلة لاحقًا. علمًا إنّنا لم نتبع ترتيبًا خاصًّا في سرد أسماء هؤلاء الأعلام، والإشارة الى أهم آرائهم.

وآخر دعونا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيّد المرسلين وآلهِ الطيبينَ الميامين.

 

----------------------

[1].   نهج البلاغة، الكتاب 31.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف