أثر المناهج الغربية في تغريب القراءة الدينية في العالم الاسلامي الحديث والمعاصر

أثر المناهج الغربية في تغريب القراءة الدينية في العالم الاسلامي الحديث والمعاصر

تأليف :

السيد هاشم الميلاني

 

فهرس المحتويات

الفصل الأوّل: المباحث التمهيديّة والمبادئ التصوریّة

المبحث الأول: مباحث تمهيديّة

المبحث الثاني: شرح المفاهيم

الفصل الثاني: الإطار النظريّ في بيان القراءة الصحيحة في ضوء المناهج الإسلامية

المبحث الاول: مباني المنهج

المبحث الثاني: المناهج الإسلاميّة

المبحث الثالث: أزمة الحاضر

الفصل الثالث: أثر المناهج الغربيّة في القراءة الدينيّة

1- المنهج العلميّ (التجريبيّ-الوضعيّ)

المبحث الأوّل: لمحةٌ تاريخيّة

المبحث الثاني: تطبيقات المنهج في العالم الإسلاميّ

المبحث الثالث: ملاحظات نقديّة

2. المنهج الهرمنيوطيقي

المبحث الأوّل: لمحةٌ تاريخيّة

المبحث الثاني: تطبيقات المنهج في العالم الإسلاميّ

المبحث الثالث: تحليلٌ ونقد

3. المنهج الماركسيّ

المبحث الأوّل: لمحةٌ تاريخيّة

المبحث الثاني: تطبيقات المنهج في العالم الإسلامي

المبحث الثالث: تحليلٌ ونقد

4. المنهجية التاريخية

المبحث الأوّل: لمحةٌ تاريخيّة

المبحث الثاني: تطبيقات المنهج في العالم الإسلامي

المبحث الثالث: تحليلٌ ونقد

5. المنهج الأنثروبولوجي

المبحث الأوّل: لمحةٌ تاريخيّة

المبحث الثاني: تطبيقات المنهج في العالم الإسلامي

المبحث الثالث: تحليلٌ ونقد

6. المنهج الفينومينولوجيّ

المبحث الأوّل: لمحةٌ تاريخيّة

المبحث الثاني: تطبيقات المنهج في العالم الإسلامي

المبحث الثالث: تحليلٌ ونقد

7. المنهج التفكيكيّ

المبحث الأوّل: لمحةٌ تاريخيّة

المبحث الثاني: تطبيقات المنهج في العالم الإسلامي

المبحث الثالث: تحليلٌ ونقد.

 

مقدمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين، وبعد...

المنهج لغةً: النهج والمنهج والمنهاج، وجمعه مناهج، الطريق الواضح[1]، ونهج لي الأمر: أوضحه[2]. واستخدم في القرآن الكريم بهذا المعنى، قال تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) (المائدة: 48). والنهج يعني الطريق الواضح، وأنهج الطريق أي استبان وصار نهجاً واضحاً بيّناً، ونهجت الطريق إذا أبنته وأوضحته...[3].

وهو الطريق المؤدّي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامّة، تُهيمن على سير العقل وتحدّد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة[4].

فالمنهج هو مجموعة القواعد والأساليب والأدوات العامّة التي تشكّل خارطة الطريق الواجب على الباحث الالتزام بها، والسير عليها في دراسته للموضوع ومعالجته للمشكلة البحثيّة، من أجل التوصّل إلى النتائج والأجوبة المطلوبة، وإيجاد الحلول المناسبة لها.

ومن الواضح لدى الباحث وجود نوع من الترابط بين تطوّر الحركة المعرفيّة والإنتاج المعرفي في جميع العلوم وبين دقّة مناهجها، وعلميّتها وتطوّرها، إذ لن تُكتب الحياة لعلمٍ لا يستند إلى منهج ينسجم مع خصوصيات وطبيعة هذا العلم. ولهذا يرجع الفضل في الكثير من التطوّرات الحاصلة في شتى العلوم لدور المناهج في البحث وتطوير هذه الأخيرة مع زيادة مجال معرفة الإنسان.

وهذا ما يُبرّر الاهتمام العلمي والبحثي الواسع والمستمر بقضيّة المناهج، فإنّ المناهج كأسلوب علميّ حظيت بالكثير من الدراسات والاهتمامات الأكاديميّة لدرجة أنّ بعض الجامعات جعلت من علم المناهج اختصاصًا مستقلًّا؛ لأنّ العلم عمليّة منهجيّة.

بناءً عليه، كانت الحاجة إلى دراسة المناهج ضرورة من ضرورات الحركة المعرفيّة، فهي التي ترسم للعلوم مسارها السليم المتوازن، وتحدّد لها معالم طريقها. وذلك في ظلّ ما أفرزته تجارب الفكر المعاصر في حقل المناهج، ما أدّى عن عمد أو عن خلل وتقصير إلى الوقوع في الكثير من المشكلات، ونقاط الفراغ التي لم تُملأ إلى الآن، بل ثبت بالدليل الواضح عدم صلاحيّة الكثير من المناهج لإثراء المسيرة الإنسانيّة بما ينسجم وفطرة الإنسان وتطلّعه نحو الكمال، واكتسابه لمنظومة القيم التي تضمن تربية الإنسان الصالح، والفاعل إيجاباً في تطوّر الحياة الإنسانيّة ورقيّ كيانها الاجتماعي

ففي واقعنا الإسلامي، اختلفت الأفكار والرؤى والتوجّهات في هذا المضمار، فمنها ما اعتمد على الدراسات الغربيّة النظريّة والميدانيّة، دون بذل جهد للبحث عن منهج يعتمد على الأسس والمفاهيم والقيم الإسلاميّة. ومنها ما هذّب وشذّب لكي يرتدي مظهراً شرقياً وإسلامياً، دون الرجوع إلى أهل الاختصاص في العلوم الإسلاميّة، ومنها ما زاوج بين الدراسات الغربية والدراسات الشرقية -النظرية والميدانية- بما يلائم النظرة الشرقيّة للحياة والمجتمع.

من هذا المنطلق تم انشاء سلسلة ( دراسات في المنهج ) لتساهم في اثراء الساحة الفكرية بالبحوث والدراسات الجادة، من خلال تاصيل المناهج الاسلامية وتهذيب المناهج الوافدة.

  يتضمن هذا الكتاب الاشارة الاجمالية الى اهم المناهج الاسلامية المعتمدة في فهم الخطاب الديني، ويركز بحثه على المناهج الغربية الوافدة الى العالم الاسلامي، والتي اثرت على الخطاب الاسلامي، وقامت بعلمنته وفق ما تمليه من اسس ومباني، كما يتابع المؤلف اهم الاشخاص الذين تأثروا بهذه المناهج واستخدموها لفهم الدين وتفسيره، مع الاشارة الى نقدها في نهاية كل محور.

ونحن اذ نقدم هذا الكتاب الى المكتبة العربية، نأمل ان يسد ثغرة مهمة عانا منها العالم الاسلامي منذ فترة، ونأمل ان نلحقه بدراسات اخرى تركز على هذا الحقل المعرفي الجديد.

والحمد لله رب العالمين

المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية

 

---------------

[1]- الفراهيدي، العين، ج 3، ص 392.

[2]- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج 5، ص 361.

[3]- الجوهري، الصحاح، مادة نهج

[4]- بدوي، د.عبد الرحمان، مناهج البحث العلمي، ص 5.

 

مقدمة المؤلف

يمرّ العالم الإسلاميّ اليوم بمنعطفٍ خطيرٍ حيث أمضى عشرات العقود -منذ استعمار العالم الإسلاميّ- المليئة بالتجارب الغنيّة، وابتعد عن الحالات الانفعاليّة التي يصاب بها الإنسان أو المجتمع عند مواجهة تيّاراتٍ سياسيّةٍ، وثقافيّةٍ، واجتماعيّةٍ جديدةٍ أخذته يمينًا وشمالًا، فذاكرة العالم الإسلاميّ مليئةٌ بتجارب غنيّةٍ شهدت إخفاقات وإنجازات متعدّدة.

إنّ ذاكرة العالم الإسلاميّ وأرشيفه يكتنز تجارب فترة الخلافة العثمانيّة والصفويّة وعوامل الازدهار والأفول ومطامع الغرب فيهما، وكذلك تجربة الانفتاح على الغرب بعد الغزو الفرنسيّ لمصر وما تبعه من ظهور تيّارات فكريّة متنوّعة: علميّة، وماركسيّة، وقوميّة، وكذلك حقبة الاستعمار والتحرّر من الاستعمار الظاهريّ، والوقوع في فخّ الاستعمار المبطّن، وأخيرًا الاعتداء على فلسطين واحتلالها، وما تلاه من تداعيات عسكريّة، وسياسيّة، وثقافيّة استمرّت إلى يومنا الحاضر.

إنّ العالم الإسلاميّ اليوم ليحقّق النهوض الجديد بحاجةٍ ماسّة إلى ذلك المكنز الغني بالمعلومات، وإلى تلك الذاكرة المليئة بالإنجازات والإخفاقات؛ ليكونا المنطلق نحو رسم خارطة طريقٍ للحاضر والمستقبل. وإذا كان الغرب في بداية تعرّف العالم الإسلاميّ عليه قبل نحو 200 سنة في أوج الازدهار والاقتدار، فقد ظهرت اليوم بوادر أزماته وانهياره، إلى جانب ظهور قوى دوليّةٍ جديدةٍ، مضافًا إلى ظهور تيّارات ما بعد الاستعمار التي تفسح المجال للمهمّشين، كما تم تجريب كثيرٍ من الآراء والنظريّات والمناهج المختلفة، وقد ظهرت آثارها ونتائجها، وإبطال كثيرٍ منها؛ وبذلك فقد انكسر جماح العلم وشوكته، وأصبح منقادًا متواضعًا، كما قد ظهرت مآسي التقنيّة الجديدة، وما خلّفته من دمارٍ شاملٍ للبيئة والإنسانيّة، وقد ظهرت تيّارات المابعديّة لتقف أمام جماح الغرب المتغطرس بتفوّقه.

قد آن الأوان للعالم الإسلاميّ أنْ يفيق من سباته، وأنْ يلعب في ملعبه بدل اللعب في ملعب الآخر، بأنْ يتّحد سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا مع الحفاظ على التنوّع الدينيّ والثقافيّ والمذهبيّ، لا سيّما أنّ الغرب يسعى الحيلولة دون تحقّق هذا المبتغى، ويعمل جاهدًا لإلقاء الخلاف والتشتّت في العالم الإسلاميّ، إذ العالم الإسلاميّ المُمزَّق أنفع للغرب من العالم الإسلاميّ المقتدر والقوي، وتجربة الخلافة العثمانيّة التي هدّدته ووقفت على أبواب عواصمه الكبيرة كافيةٌ لإدراك التهديد الذي يواجههم جرّاء وجود عالمٍ إسلاميٍّ قويٍّ ومقتدر.

فسعوا جاهدين لتضعيف هذه القوة واضمحلالها بشتّى الطرق والآليات، ومن أنجح هذه الطرق بثّ الثقافة الغربيّة وقيمها في العالم الإسلاميّ عن طريق النخب الثقافيّة، والأنظمة التعليميّة في حربٍ ناعمةٍ لم تنتنه بعد.

وفي نظرةٍ فاحصةٍ إلى التيار التغريبيّ في العالم الإسلاميّ، نرى أنّ جلّ اعتماده في قراءة الدين على المناهج الغربيّة التي تفسّر الدين تفسيرًا ماديًّا دنيويًّا منعزلًا عن عالم الغيب، ممّا أدّى إلى نشر العلمنة وروح الحداثة في المجتمع الإسلاميّ، وإفراغ الدين من محتواه، وإلباسه لباسًا جديدًا لا يمتّ إلى واقعه بصلة، بل يضرب بجذوره في تعاليم الغرب وقيمه.

تسعى هذه الأطروحة إلى مناقشة هذه المناهج الوافدة من الغرب إلى العالم الإسلاميّ في الساحة العربيّة وإيران، تلك المناهج التي تسبّبت في تغريب القراءة الدينيّة وعلمنتها، مع الإشارة الى أهمّ من تبنّاها مع تحليلٍ ونقدٍ يتلاءم وحجم الدراسة هذه. وهذا المضمون هو الذي يكوّن السؤال الرئيس للدراسة المتكفّل للبحث عن سبب تغيير القراءة الدينيّة في بعض طبقات المجتمع الإسلاميّ.

وختامًا لا يسعني إلّا أنْ أقدّم خالص شكري وتقديري لكلّ من أسهم وأعان في إنجاز هذه الدراسة، وأخصّ بالذكر منهم الأستاذ المشرف الدكتور الشيخ حميد بارسانيا، والأستاذ المساعد الدكتور هادي بيكي؛ لما بذلاه من جهدٍ في مراجعة هذه الدراسة، وتقييمها وتقويمها لتظهر بهذه الحلّة.

وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله الميامين.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف