تأليف :
مجموعة مؤلفين
فهرس المحتويات :
الفصل الأول:
المنهجية التأسيسية لمحمّد أركون في مشروع نقد العقل الإسلامي
مهدي رجبي
الفصل الثاني:
دراسةُ النظريات ونقدُها
- العقل الإسلامي والعقل الغربي عند محمد أركون
محمد عرب صالحی - سعید متقي فر
- محمد أركون وآفات العقل الديني
محمد صفر جبرئيلي-وسعيد متقي فر
- نقد الفكر العربي: الأسلوب التفكيكي لمحمد أركون
سيتي رحمة سوكاربا
- محمد أركون والتفكيكية
عثمان خليل- الآنسة عبيدة خان
- نقد نظرية محمد أركون في هرمنيوطيقا القرآن
عبد الكبير حسين صالح
كلمة المركز
يعتبر الفكر المعاصر مكوِّنًا أساسيًّا في المنظومة الفكرية الإسلامية، والتراث المعاصر لا يختصّ بطبيعة الحال بالعالم الإسلامي فحسب، وإنّما له ارتباطٌ بجميع الثقافات والكيانات الجماعية التي تضرب بجذورها في تاريخ البشرية.
يتبلور هذا الفكر على أرض الواقع حينما تشهد الساحة ظهور فكرٍ «آخر» بصفته ثقافةً وسلسلةَ مفاهيمَ دلاليةٍ منافسةٍ، فالزمان والمكان إلى جانب المنافسة التي تحدث على ضوء مجموعةٍ من المفاهيم التي يطرحها «الآخرون»، كلُّها أمورٌ تُحفّز المدارس الفكرية والثقافات الأصيلة للعمل على التأقلم مع الظروف الجديدة، وفي الحين ذاته تحفّزها على السعي للحفاظ على حيويتها وخصوصياتها التي تميّزها عن «الآخر».
لو أنّ التاريخ شهد في بعض مراحله إقبال العلماء المسلمين على التراث الفلسفي الإغريقي باعتباره نطاقًا منسجمًا من الناحية الدلالية وذا مضامينَ عميقةٍ لدرجة أنّ بعض الفلاسفة من أمثال الفارابي وابن رشد ولجوا في فضائه الفكري وحاولوا إقامة تعريفٍ لمعانيهم ورؤاهم الدينية متلائِمٍ مع هذا الآخر الدخيل، ففي العصر الراهن باتت الثقافة والحضارة الغربيتان الحديثتان المتقوّمتان بأسسٍ عَلمانيةٍ وتوسُّعيةٍ، تمثّلان «الآخر» بالنسبة إلينا ولسائر الثقافات غير الغربية.
النظام الدلالي المنبثق من الفكر الغربي قد أسفر عن إيجاد تحدّياتٍ كبيرةٍ لـ «ذاتنا الإسلامية» بفضل تفوّقه سياسيًّا واقتصاديًّا، ونطاق هذا التحدّي يتّسع أكثر يومًا بعد يومٍ؛ لذلك طُرحت العديد من الحلول لمواجهته؛ وقد استسلم بعضهم لواقع الأمور بعد أن شعروا بالخشية من الغرور الغربي، فراحوا يبحثون عن الحلّ في العالم الغربي نفسه، لذا دعوا بانفعالٍ إلى ضرورة ملائمة «ذاتنا» مع هذا «الآخر»؛ إلا أنّ آخرين سلكوا نهجًا مغايرًا ودعوا إلى تفعيل تراث «ذاتنا» وأكّدوا على أنّ الحلّ لا يتبلور في ديار منافسنا، وإنّما هو كامنٌ في ديارنا. نعم، تراثنا المعاصر هو ثمرةٌ لكلّ حلٍّ يمكن أن يُطرح في هذا المضمار.
المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية افتتح في مكتبه بمدينة قم المقدّسة فرع الفكر المعاصر بهدف تدوين دراساتٍ وبحوثٍ علميةٍ حول الإنجازات الفكرية التي تحقّقت على صعيد ما ذكر إلى جانب تقييمها، وفي هذا السياق بادر الباحثون فيه إلى استطلاع المشاريع الفكرية لأبرز العلماء والمفکّرين في العالم الإسلامي من الذين تنصبّ نشاطاتهم الفكرية في بوتقة الفكر المعاصر، وثمرة هذا النشاط تنشر في إطار دراساتٍ تتضمّن بحوثًا تحليليةً لآثارهم، وإلى جانب ذلك تتطرّق إلى بيان واقع مسيرة إنتاجهم الفكري وكيفية تبلور آرائهم بصياغتها النهائية.
في هذا النمط من الدراسات عادةً ما يتمّ تسليط الضوء على مسيرة الإنتاج الفكري الهادف إلى إيجاد خلفّياتٍ ومبانٍ فكرية ونظرياتٍ تحت عنوان «المنهجیة التأسیسیة» ويقوم الباحث فيه بدراسة وتحليل مدى نجاح الفكر المعاصر أو إخفاقه بشكلٍ صريحٍ وشفّافٍ.
السيد هاشم الميلاني
المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية
النجف الأشرف ـ 1441 هـ
المقدمة
فرع الفكر المعاصر هو أحد مكوّنات المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، وقد تمّ تأسيسه بهدف استقصاء التحدّيات المعرفیّة في الفكر العربي الإسلامي على ضوء الاجتياح الثقافي الغربي، والسعي لوضع حلولٍ ناجعةٍ لمواجهتها، وكذلك العمل على تبويب مختلف التيارات الفكرية المعاصرة في أصنافٍ متناسقةٍ واستطلاع واقعها ونقد متبنّياتها الفكرية والمعرفیّة. من البديهي أنّ هذه الأهداف لا تتحقّق إلا من خلال امتلاك فهمٍ دقيقٍ للفكر المعاصر، وهذا الفهم بكلّ تأكيدٍ يتطلّب إجراء دراساتٍ وبحوثٍ علميةٍ مسهبةٍ حول شتّى الآثار المدوّنة في العصر الحديث وبذل جهودٍ حثيثةٍ لاستكشاف مضامينها ومنهجيتها الحقيقية.
من هذا المنطلق وعلى ضوء المشروع الفكري لمحمّد أركون، دار موضوع البحث حول تفصيل بيبلوغرافيا آثاره ضمن محورين أساسيين هما كالتالي:
1) فهرسةٌ موضوعيةٌ لآثاره ضمن جدولٍ شاملٍ للمواضيع التي سلّط الضوء عليها في مشروعه الفكري.
2) تعريف آثاره الفكرية كلّ واحدٍ على حدةٍ وبيان ما تضمّنته فصوله من مباحثَ وذكر أهمّ المواضيع التي تطرّق إليها في كلّ فصلٍ.
جُمعت ثمرة جهود فريق البحث المختصّ ضمن كتابٍ مستقلٍّ تحت عنوان “محمد أركون تحليل المنهجية ودراسة المؤلفات” حيث طبع من قبل دار النشر التابعة للمركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية.
هذا الكتاب يتضمّن مباحثَ تحليليةً نقديةً حول مختلف جوانب مشروع محمّد أركون الفكري، وهو حصيلةٌ لجهود عدّة باحثين تطرّقوا إلى بيان واقع الفكر العربي الإسلامي المعاصر باللغتين الإنجليزية والفارسية، وقد وقع الخيار على خمس مقالاتٍ دوّن مؤلّفوها دراساتٍ نقديةً حول مختلف آراء محمّد أركون ونظرياته، حيث اختيرت من بين عدّة دراسات لكونها تعكس المعالم العامّة لمنظومته الفكرية، وهي إلى جانب المقالة الأولى المدوّنة تحت عنوان “المنهجية التأسيسية لمحمّد أركون في مشروع نقد العقل الإسلامي”، تتضمّن آراءً نقديةً شاملةً حول شتى أبعاد مشروعه الفكري.
يتكوّن الكتاب من جزئين أساسيين كما يلي:
الجزء الأوّل: ميثودولوجيا بنيويةٌ لمشروع محمّد أركون (نقد العقل الإسلامي).
الجزء الثاني: دراساتٌ نقديةٌ حول مشروع محمّد أركون (نقد العقل الإسلامي).
وفي الختام نتقدم بالشكر الجزيل والتقدير لجميع الباحثين الأفاضل الذين ساهموا في إنجاز هذا المشروع البحثي، ولا سيّما سماحة السيّد هاشم الميلاني رئيس المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، الذي وفّر جميع الإمكانيات المتاحة لتمهيد الأرضية المناسبة لإنجازه، وفي هذا المضمار وضع الأصول الأساسية له واختار الكوادر الكفوءة في البحث والتدوين. كما نشكر الدكتور محسن الموسوي مدير فرع المركز في مدينة قم المقدّسة، والدكتور هادي بيكي ملك آباد مدير فرع الفكر المعاصر.