مجلة القرآن والاستشراق المعاصر العدد 3

مجلة القرآن والاستشراق المعاصر العدد 3

فهرس المحتويات 

الافتتاحية

منتدى الاستشراق المعاصر

بحوث ودراسات

ـ كتاب «مصادر يهوديَّة في القرآن» للمستشرق شالوم زاوي -عرض وتقويم-

ـ يسوع اليهوديّ (يشوا) في الأناجيل ليس يسوع (عيسى) في القرآن والأحاديث!

ترجمات

ـ  مقدِّمة ترجمة “أوري روبين”  العبريَّة لمعاني القرآن الكريم

آثار استشراقيَّة

ـ مشروع الموسوعة القرآنيَّة الألمانيَّة

شخصيَّات استشراقيَّة

ـ المستشرق الفرنسيّ فرانسوا ديروش

مدارس استشراقيَّة

ـ آراء المستشرقين الفرنسيِّين في القرآن الكريم

مواقع إلكترونيّة استشراقيّة

ـ الموقع الإلكترونيّ: الإسلام والحقيقة

مرصد  الاستشراق المعاصر

مؤتمرات وندوات

ـ مقاربة القرآن من منظور الدراسات الإسلاميَّة والإنثروبولوجيَّة

إصدرات

ـ دليل أوكسفورد حول الدراسات القرآنيَّة

ـ كيف اكتشفت أوروبا القرآن؟

ـ موسى في المسيحيَّة: من فيلو إلى القرآن

ـ مجتمعات القرآن: الحوار والجدال والتنوُّع في القرن الحادي والعشرين

ـ المقاربات القرآنيَّة في إيران المعاصرة

بحوث ودراسات

ـ العدد 26 من مجلة "قرآن ومستشرقان"

ـ المجلَّد 21 - العدد 2 من مجلَّة "دراسات قرآنيَّة"

ـ العددان 18 و 19 من مجلَّة "دراسات استشراقيَّة"

ـ هل تقتصر الرسالة القرآنيَّة  على مَنْ يعترف باللغة العربيَّة؟

أخبار

ـ الاجتماع السنويّ للجمعيَّة الدوليَّة  للدراسات القرآنيَّة - 2019

ـ تراث المدراش اليهوديّ في القرآن والحديث

ـ تنويه "القرآن والاستشراق المعاصر"

بوصلة الاستشراق المعاصر

 

افتتاحية العدد

الاستشراق (Orientalism) مصطلح تعدّدت دلالاته ودوافعه الفكريّة والأيديولوجيّة عبر التاريخ والواقع المعاصرَيْن، فتراوحت دلالته بين دراسةٍ لحضارة الشرق وثقافته وعاداته وتقاليده وأعرافه وأنماط معيشته...، ودراسةٍ للدين والإسلام والقرآن والسنّة والتاريخ الإسلاميّ ورموز المسلمين...، وتجاذبت دوافعه بين دراسةٍ حرّضها التنصير والتبشير، ودراسةٍ ساقها الاستعمار الكولونياليّ لإخضاع البلاد والعباد، وأخرى حملها الخوف على الأنا (الغربيّة) من الاستلاب الحضاريّ والثقافيّ أمام انتشار تعاليم الإسلام، ورابعةٍ أخرى حفَّزها البحث عن الحقيقة وفهم الآخر الشرقيّ أو المسلم، وتحرّي هويّته من داخل بيئته الشرقيّة والإسلاميّة؛ تمهيدًا لمدّ جسور الحوار والتلاقي الحضاريّ بين الشرق والغرب، وبين أتباع الأديان، وقليل مَنْ هم كذلك!...   

وبسبب دوافع التنصير والاستعمار الغالبة على حركة الاستشراق في التاريخ المعاصر، فقد اكتسب هذا المصطلح حمولة سلبيّة أعاقت عمل المستشرقين المعاصرين في دراستهم للشرق والإسلام؛ على اختلاف دوافعهم في الدراسة؛ ما حدا بهم إلى إلغائه في مؤتمر دولي عقدته الجمعيّة الدوليّة للمستشرقين عام 1973م، والتي أصبحت تسمّى في ما بعد بـ "الجمعيّة الدوليّة للدراسات الإنسانيّة حول آسيا وأفريقيا"، ثمّ عدّلت التسمية إلى "الجمعيّة الدوليّة للدراسات الآسيويّة والشمال-أفريقيّة"، كما ألغت الجامعات والمراكز البحثيّة الغربيّة اسم «الاستشراق» من أقسامها العلميّة والبحثيّة، وأطلقت عليها تسميات أخرى؛ من قبيل: "دراسات الشرق الأوسط"، و"دراسات الشرق الأدنى"، و"الدراسات الآسيويّة"، و"الدراسات الشمال-إفريقيّة"، و"معاهد دراسات الشرق الأوسط"، ... ولكنّ ذلك لم يُفلِح في تغيير الصورة النمطيّة التي حفرها الغرب -بممارساته- في أذهان العرب والمسلمين؛ عن مساعيه ودوافعه السلبيّة الكامنة وراء بحثه عن الشرق والإسلام، على الرغم من تأكيدات بعض أبرز المستشرقين المعاصرين لهذا الإلغاء المصطلحيّ؛ ومنهم: المستشرق البريطانيّ الأصل برنارد لويس (siwel dranreB) ( 2018 - 1916) ؛ بقوله في أحد تعليقاته على نتائج المؤتمر الدولي للمستشرقين الذي عُقِدَ في باريس عام 1973م: «لقد ألقينا مصطلح "الاستشراق" في مزابل التاريخ»[1]، ولكن سرعان ما عاد تداول هذا المصطلح بكثرة بين المفكّرين والباحثين، بُعيد هذا الإلغاء الشكليّ له من قِبَل الغرب، ولاسيّما بعد أنْ أصدر المفكِّر الفلسطينيّ إدوارد سعيد كتابه المشهور بعنوان «الاستشراق» عام 1976م، الذي تُرجِمَ إلى لغات أوروبيّة وشرقيّة عدّة، محدِّدًا فيه الاستشراق بأنّه مصطلح أكاديميّ صرف، وأنّ المستشرق هو كلّ مَنْ يدرس أو يكتب عن الشرق أو يبحث فيه، وكلّ ما يعمله هذا المستشرق يسمّى استشراقاً، وواصفًا إيّاه بأنّه تحيّز مستمرّ وماكر من دول مركز أوروبا تجاه الشعوب العربيّة الإسلاميّة، وبأنّه أسلوب غربيّ للهيمنة على الشرق، وإعادة صياغته وتشكيله وممارسة السلطة عليه[2]؛ ما أحدث ضجّة إعلاميّة كبيرة بين المفكّرين والأكاديميّين الغربيّين والعرب، وردّات فعل سجاليّة بينه وبين أبرز المستشرقين الغربيّين آنذاك؛ وعلى رأسهم: برنارد لويس.

ومع التسليم جدلًا بانتهاء الصلاحيّة الفكريّة والبحثيّة لمصطلح "الاستشراق" في الفكر الغربيّ، فهل انقطعت صلاته الدوافعيّة والمصدريّة بالاستشراق القديم؟ الواقع يؤكِّد العكس تمامًا؛ إذ إنَّنا نجد أنَّ معظم مقولات المستشرقين الجدد ليست إلَّا اجترارًا لمقولات المستشرقين السابقين، ولاسيّما أمثال: سيلفستر دي ساسي (Silvester de Sacy) (ت: 1838م)، أرنست رينان (Ernest Renan) (ت: 1892م)، وإجنتس جولدتسيهر (Ignaz Goldziher) (ت: 1921م)، وتيودور نولدكه (Theodor Noldke) (ت: 1930م)، وكارل بروكلمان (Carl Brockelmann) (ت: 1956م)، وآرثر جفري (Arthur Jeffery) (ت: 1959م)، ولويس ماسينيون (Louis Massingon) (ت: 1962م)، وريجيس بلاشير (Regis Blachere) (ت: 1973م)، وغيرهم! وما زالت كُتُب أولئك المستشرقين إلى الآن تُعاد طباعتها، ويُبنى عليها البحث الغربيّ المعاصر والحديث عن الإسلام والعرب والمسلمين! بل أكثر من ذلك؛ فإنّنا نجد هذا المصطلح (الاستشراق) ما زال متداولًا بشكله المصطلحيّ -فضلًا عن حمولته الفكريّة والأيديولوجيّة- في أكثر الفعاليّات والمواقع العلميّة والبحثيّة والثقافيّة الغربيّة، حتّى بعد الإلغاء الشكليّ للمصطلح في مؤتمر الجمعيّة الدوليّة للمستشرقين المنعقد عام 1973م[3]، وإلى يومنا هذا؛ ويكفي أنْ تضع كلمة "Orientalism" في محرّكات البحث المشهورة على الشبكة الإلكترونيّة؛ ليأخذك البحث إلى عشرات الآلاف من المواقع والمقالات والكتب والدراسات والفعّاليّات والأنشطة التي ورد في عنوانها مصطلح "الاستشراق"![4] 

وعودًا على الاستشراق المعاصر، تستوقفنا إشكاليّات وأسئلة أثارتها الفعّاليّات والأنشطة البحثيّة الغربيّة المعاصرة في الآونة الأخيرة؛ منها:

ـ هل استقى النبي محمّد رسالته من مصادر يهوديّة؟

ـ هل لدراسة المخطوطات القرآنيَّة، والمقارنة بين قراءات القرآن، والتعرُّف إلى الظروف التاريخيَّة والدينيَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة في عصر نزول القرآن، وكذلك الدراسة التاريخيَّة والأدبيَّة للنصّ القرآنيّ؛ مدخليّة في معرفة تاريخ القرآن؟ وهل يمكن توثيق النصّ القرآنيّ من خلال مخطوطاته، ومن خلال نقله مشافهة (القراءات)، وتقديم تفسير مستفيض يضع القرآن في سياقات ظهوره التاريخيّ؟

ـ مع القول بنزول القرآن على سبعة أحرف، فإنَّ تحديد طبيعة القرآن يعني الخوض في إشكاليَّة النزول، وفي إشكاليَّة القراءات أيضًا؛ إذ هل يؤلِّف القرآن مع القراءات طبيعة واحدة، أم هناك طبيعتان مغايرتان؟ وهل يمكننا أن نأخذ بعين الاعتبار أنَّ ثمّة كتابًا منزلًا وبأشكال عدَّة؟ وعلى القول بأنَّ القرآن نزل بلغة قريش وله قراءات عدَّة منقولة عن صحابة رسول الله، وهو ما يعود -ربَّما- إلى النقل بحسب المعنى، فما هو موقف علماء المسلمين من هذا النقل؟ وهل يمكن الاعتقاد بأنَّ هذه القراءات هي شكل للإحاطة بالقرآن؟

ـ من أين استقى المسلمون ممارساتهم الخاصَّة حول ترتيل القرآن وتلاوته، في ظلّ تدوينها في القرنين الثاني والثالث الهجريين على أقرب تقدير؟

ـ هل للدراسات الإثنولوجيَّة ذات البعد الموسيقيّ (إثنوموسيقولوجيا) مدخليّة في فهم القرآن؟ وهل يمكن الاستفادة منها في استعراض المقاربة الفرديَّة والجماعيَّة للقرآن، وفهم التجربة الخاصَّة للمؤمن مع كلام الله؟ 

ـ هل للشكل الفيزيائيّ للقرآن مدخليّة في تكوين التجربة الدينيَّة عند المسلمين؟

ـ كيف عرف الأوروبيّون بوجود القرآن؟ وكيف حصلوا عليه؟ وكيف قاموا بترجمة نصّ ديانة مختلفة جدًّا عن ديانتهم؟

ـ كيف يمكن للأفراد الذين لا يتحدَّثون العربيَّة الوصول إلى القرآن؟ وهل القرآن المترجم هو ذاته باللغة العربيَّة؟ وما السياسات التاريخيَّة والمعاصرة والتحدِّيات الكامنة في ترجمة القرآن؟ وهل سيتمُّ الحكم على القرآن على سندان التاريخ، حيث تتطفَّل الترجمة وتتكرَّر، أم يجب تأطير النصّ الذي تمَّ كشفه دائمًا من خلال مصفاة الأرثوذكسيَّة التي تمنح اللغة العربيَّة البكر الامتياز وتجنّبها إهانة اللغات الأخرى؟ وهل يوجد لدينا لغة عربيَّة من القرن السابع (زمن نزول القرآن)، حتّى نتمكّن من فهم رسالة القرآن؟ وماذا عن كثير من المسلمين الذين يبلغ تعدادهم مليارًا ونصف نسمة؟ ذلك أنَّ غالبيَّتهم المطلقة من غير العرب وغير المطَّلعين على اللغة العربيَّة إلَّا من خلال القرآن؟ على المرء أن يسأل مرارًا وتكرارًا: مَنْ الذي يُهيمن، سندان التاريخ أم مصفاة الأرثوذكسيَّة؟ وهل يقدِّم القرآن نفسه مثل هذا الادِّعاء الشامل بفصله الشبيه بالحصن عن كلِّ اللغات الأخرى وفوقها؟  وهل تقتصر الرسالة القرآنيَّة على من يعترف بالأنبياء ويعرف اللغة العربيَّة فقط؟!

ـ هل يفتقد التاريخُ الدينيّ القرآنيّ المستندَ العلميّ، ولاسيما مستندات علم الآثار والأركيولوجيا، في حين أنّ التاريخ الدينيّ في الكتاب المقدّس تدعمه هذه المستندات العلميّة؟

ـ هل يسوع اليهوديّ (يشوا) في الأناجيل هو غير يسوع (عيسى) في القرآن والأحاديث؟ وهل ادِّعاء القرآن والأحاديث الإسلاميَّة بأنَّ "عيسى" هو نفسه "يسوع" في اليهوديَّة والمسيحيَّة يهدف إلى جعل "يسوع" وجميع الأنبياء السابقين أنبياء مسلمين، وبالتالي تثبيت الدين الإسلاميّ دينًا مكمِّلًا للمسيحيَّة وللديانات السابقة؛ ما يؤول إلى إعدامها، من باب الاستيلاء التعسُّفيّ لمنفعة الإسلام؟

ـ هل توجد علاقة جدليَّة بين القرآن ومجتمعات تفسيره؟ وكيف تسيرُ هذه العلاقة بين المجتمع والكتاب المقدَّس؟ وهل يُمكن للفهم الأفضل لكيفيَّة التلقِّي وأصول التفسير (الهرمنيوطيقا) والافتراضات الثقافيَّة الخاصَّة بكلِّ مجتمع أن يؤدِّي إلى فهمٍ أفضل للقرآن في القرن الحادي والعشرين؟

هذه فضلًا عن غيرها من الأسئلة المُستنتَجة من أقوال المستشرقين المعاصرين ومقولاتهم، مع مادَّة علميَّة ترصد الواقع البحثيّ الاستشراقيّ المعاصر في مجال الدراسات القرآنيّة، وتوصِّفه كما هو؛ ليتمكَّن الباحثون من الحوزويِّين والجامعيِّين والمؤسَّسات البحثيَّة والعلميَّة؛ من التصدِّي والنقد ورفع الشبهات والمغالطات الكثيرة التي أُثيرت حول القرآن الكريم من قِبَل المستشرقين الغربيِّين ومن سار على ركبهم من المستغربين.

وختامًا، نؤكِّد ترحيبنا واستعدادنا التامّ لتلقِّي الأفكار والمشاريع والأبحاث والدراسات والتقارير والأخبار التي ترتبط بالاستشراق المعاصر حول القرآن الكريم، لنشرها في هذه المجلة.

والله الموفِّق

المركز الإسلاميّ للدراسات الاسترتيجيَّة/ بيروت - لبنان

 

---------------------------

[1]  Lewis, Bernard: “ The Question of Orientalis”, In New York Review of Books, 24 June, 1982, p49- 56.

[2] انظر: سعيد، إدوارد: الاستشراق، ترجمة: محمد عناني، ط1، القاهرة، رؤية للنشر، 2006م، المقدّمة، ص44-51.

[3] انظر: م.ن، ص44-45.

[4] لمزيد من التفصيل، انظر: مطبقاني، مازن بن صلاح: «الدراسات العربيّة والإسلاميّة (الاستشراق) في الإنترنت»، ضمن فعّاليّات المؤتمر السنويّ الخامس: «الاتّصال وثقافة الديمقراطيّة»، 12-15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2000م/ 16-19 شعبان 1421هـ.ق، جامعة اليرموك-قسم الصحافة والإعلام، إربد-الأردن، موقع صيد الفوائد، على الرابط الآتي:  https://www.saaid.net/Doat/mazin/2.htm

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف