في اطار محاضراته الهادفة الى تأصيل الوعي الديني والمعرفي، عقد "المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية" ندوة بتاريخ الأربعاء الواقع في 6/3/2019.
حملت الندوة عنوان : العولمة ورهانات المستقبل
وقد حاضر في اللقاء الفكري المفتوح، الذي تناول العولمة وخلفياتها ابعادها ومستقبلها من منظور اجتماعي ثقافي، المفكر منير شفيق كضيف رئيسي،
وحاوره نخبة من الجامعيين، واساتذة علم الاجتماع والحوزويين..
في مداخلته تحدث المفكر شفيق عن مصطلح العولمة، كمرحلة تاريخية ولدتها طفرة التقنية، وأتت اثارها على الشعوب بفعل تقليص المسافات، نتيجة التطور الهائل في وسائل الاتصال والتكنولوجيا...
وهي مرحلة فرضت ارتدادات هائلة على المجتمعات وثقافاتها وقيمها ..
واضاف شفيق ان العولمة، حملت -مع الاسف- فيما حملت من ادوات ، استباحة للقيم الموروثة ، واطلاق مخيلة الشعوب نحو عالم الرغبات والاستهلاك والسلع والمتع...
كما جرى استخدام العولمة واستثمارها ، كأداة هيمنة لأدوات ثقافية ومالية واقتصادية واجتماعية، فكانت وسيلة طيعة بيد الامبريالية الاميركية والغربية، دامت تأثيراتها لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن...
ونتج عن كل ذلك، استباحة الهوية الثقافية للشعوب واختراق خصوصياتها وانتهاك موروثاتها الثقافية والدينية بفعل ما افرزته العولمة بفعل تقنيات الصورة الجذابة المؤثرة، وبفعل تعميم قيم العولمة مشهديا في مختلف وسائل الاعلام والتواصل، حيث اصبح العالم اشبه بقرية صغيرة، تهب عليها العواصف من كل جانب...
ورأى الباحث شفيق ان العولمة بمفهومها السياسي كأداة هيمنة للامبريالية الغربية ومشروعها، الى تراجع بسبب تراجع الحضور الاميركي كقطب اوحد على مستوى العالم.
ويرى شفيق ان كل هذا الذي يجري من حولنا ، يتطلب ان نعيد تشكيل رؤيتنا لأنفسنا وللعالم، في خضم مشهد شديد التعقيد.
كما يتطلب التفكير بآليات دفاعية جديدة للحفاظ على قِيم الأصالة، وتحصين الفكر والعقيدة مما قد يَلحقُ بها من ضرر او تشويه نتيجة الضخ الفكري والاعلامي واستخدام ادوات التشويه الثقافي وفي مجالات التربية...
هذا بلحاظ ضرورة الانتفاع بما حوته العولمة من تطور تكنولوجي، مما ينبغي مواكبته والافادة منه في معركة ادارة الوجود في سياق عولمي سريع التغير...
واستنتج المحاضر منير شفيق في مداخلته ان هناك تراجعا لمنسوب العولمة بالمعنى السياسي،
فالعالم يعيش حاليا مرحلة من التعددية القطبية، ونشهد افول نجم الهيمنة الاميركية وحلفائها الغربيين كقطب اوحد يقود العالم .. ويتجلى الواقع الدولي الجديد في بروز اقطاب جديدة، كروسيا والصين والهند وايران... كلاعبين جُدد مؤثرين في العلاقات الدولية ..
وختاما ، ابدى المحاضِر شفيق تفاؤله بمستقبل الشعوب في منطقتنا وقضاياها وامالها ، وخاصة القضية الفلسطينية ،قضية الأمة المركزية، لاسيما مع تراجع دور الهيمنة الاميركية، واخفاقاتها البيّنة، وفشلها في فرض سياساتها الخبيثة في العديد من المناطق من العالم ..كل هذايتزامن مع صعود حركات المقاومة المناوئة لمشاريع الهيمنة الإمبريالية وادواتها الاستعمارية.
وقد شهدنا ونشهد، تطورا كميّا ونوعيا في امكانات وقدرات قوى المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين، مما يجعل المشروع المعادي في وضع صعب، قد ينذر ببدء العد العكسي له ولأدواته...
وفي ختام المداخلة، انفتح الحوار على جملة اسئلة وحوارات حول القضايا المثارة في المحاضرة، حول الدين وتحديات العصر، والعولمة ومستقبلها وكذلك مستقبل العالم في ظل التحولات المستجدة على المسرح الدولي في عالم جديد متعدد الاقطاب.