البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الفكر الإسلامي وآليات التفعيل

الباحث :  مصطفى السادة
اسم المجلة :  النبأ
العدد :  59
السنة :  شهــر ربيع الثاني 1422هـ تموز 2001م
تاريخ إضافة البحث :  February / 1 / 2015
عدد زيارات البحث :  1493

الفكر الإسلامي وآليات التفعيل
السيد مصطفى السادة
مقدمة..
لم يتوقف قطار التحديات والحروب التي يشنها الفكر الغربي على العالم الإسلامي منذ ظهور ما عرف في العصر الحديث بمصطلح (المد الإسلامي الجديد) وتهديده لمصالحهم.
ولم تقف تلك التحديات عند حد معين، كالحرب العسكرية أو الاقتصادية مثلاً، بل تجاوزت ذلك لتشمل مختلف الأصعدة؛ حتى الاجتماعية منها، وكان أخطرها تلك الحرب التي شنها الفكر الفلسفي الغربي على العقل المسلم - بهدف إقصائه عن العالمية - بعد إشاعة مزاعم من قبيل تعارض الفكر الإسلامي مع العقل والفكر المتحرر، وعدم قدرته على التوافق والانسجام مع الأسس العقلية، الأمر الذي استدعى بروز مجموعة من الفلاسفة المسلمين الذين عكفوا على قراءة ورصد الفكر اليوناني وما كتبه فلاسفته، وجهدوا في الرد على تلك الأباطيل التي تمسك بها أتباع هؤلاء في العالم الغربي - ولسنا هنا بصدد الحكم أو نقض مدى صوابية هذا الفكر الفلسفي أو عدمها ومدى تأثير البعض من الفلاسفة المسلمين بالفكر اليوناني - والوقوف أمام خطورة انتشارها وتأثيرها السلبي خصوصاً وأنها تلازمت مع الحروب العسكرية التي شنتها الجيوش الغربية فيما عرف بالحروب الصليبية التي وقعت ما بين القرن الخامس والسابع الهجري الموافق (1097-1290م)، وما أعقبها من حروب وغارات مختلفة شنت على العالم الإسلامي بدءاً من الحرب العالمية الأولى (1914 - 1916م) التي أعقبتها اتفاقية (سايكس بيكو) المشهورة، التي عقدت بين وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا بغرض تقسيم ما عرف تاريخياً بـ(الهلال الخصيب)، وسقوط الخلافة العثمانية في عام (1924م) على يد مصطفى كمال أتاتورك في تركيا، ونشوء ما عرف بموجة التغرّب العقيدي الماركسي، مروراً بالحرب العالمية الثانية (1940 - 1945م)، التي انتهت إلى تقسيم العالم إلى عالم غربي وآخر شرقي وبروز ظاهرة الحرب الباردة والتي استمرت قرابة الخمسين عاماً (1945 - 1995م) حيث سقوط الفكر الماركسي وعجزه عن قيادة المعسكر الشرقي، وطغيان نظرية القطب الواحد أو ما سمي بـ(النظام العالمي الجديد)، وما فرضه من حرب العولمة الفكرية والثقافية(1) والتي تعد اليوم أخطر تحد تتعرض له الثقافة الإسلامية المعاصرة، بغية القيام بعملية خنق للفكر الإسلامي وإيقاف خطره الزاحف على العالم الغربي
وقد تبلورت هذه الأطروحة الغربية في كتابات(فوكوياما) التي قدمها حول نهاية التاريخ؛ فهي ليست أطروحة عرضية أو هامشية بل تمثل تصوراً أساسياً في الفكر الليبرالي، وقد سبق إليها (هيغل) أحد أبرز مفكري الغرب وأكثرهم تأثيراً في الفكر الحداثوي، حيث يقول هيغل في كتابه (فلسفة التاريخ: ص103-04): (يرحل تاريخ العالم من الشرق إلى الغرب؛ فأوربا هي نهاية التاريخ كما كانت آسيا بدايته)(2).
من هنا وبعد هذا السرد المختزل لما تعرضت له الأمة والفكر من ضغوط وتحديات مختلفة على طول الحقب التاريخية وتحت مختلف المسميات والشعارات (الديمقراطية - حقوق الإنسان - العدالة الاجتماعية - حرية الفكر والأيديولوجيا..) يتوجب القيام بحركة نهضوية حضارية، ننطلق من خلالها في إبراز المشروع الثقافي المتمثل في منظومة القيم والمفاهيم، وهذه المسؤولية الكبيرة ملقاة على عاتق الفكر الإسلامي.
الفكر وإنقاذ البشرية..
الأهمية الكبرى التي تتميز بها الرسالة الإسلامية على مدى التاريخ الطويل من عمرها أنها تحمل بين طياتها مشروعاً لتغيير الإنسان تغييراً حقيقياً جوهرياً يبدأ من الداخل كما يتحدث القرآن في قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد: 11). وهذا ما كان يهدف إليه الرسول الكريم (ص) ومن بعده أهل بيته (ع)، من خلق حالة من التفاعل بين الإنسان وبين المشروع الإسلامي الإلهي التغييري كما في قوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور.. ) (البقرة: 257)، وقوله تعالى: (آلر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد) (إبراهيم: 1).
وكما أشار إلى ذلك الإمام علي (ع) في نهج البلاغة حيث قال عن الهدف من بعثة الأنبياء (ع): (ليثيروا للناس دفائن العقول)، باعتبار أن العقل مرتكز الشقاء والسعادة كما ورد عن الإمام الصادق (ع): (إن الله خلق العقل وقال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال له: وعزتي وجلالي ما خلقت شيئاً أحب إلي منك لك الثواب وعليك العقاب) (3)، وتغيير الإنسان كما يقرر القرآن يقوم على أساس الإيمان بالخالق والنظرة التوحيدية للكون التي تتأتى للإنسان من خلال التعمق والتأمل في معرفة النفس (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق.. ) (فصلت: 53)، وقوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا.. ) (الأعراف: 172).
ومن هنا يمكن لنا فهم الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (ع) الباعثة على ضرورة معرفة النفس لأنها طريق لمعرفة الله تعالى، فقد ورد عن الإمام علي (ع):(من عرف نفسه فقد عرف ربه) (4).
وهذه النظرة التوحيدية التجريدية القائمة على معرفة المخلوق المجرد - النفس التي تناولها الإسلام وتحدث عنها القرآن في كثير من آياته (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (الكهف: 110).
وقوله تعالى: (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) (البقرة: 163)، تتواطأ عليها جميع الأديان السماوية، وهي أصل من الأصول التي تقوم عليها مدرسة أهل البيت (ع)، ولا يكتفي الإسلام بهذه النظرة التوحيدية وإنما يؤكد على ضرورة تحول هذه النظرة والمعرفة الإنسانية للنفس إلى سلوك وعمل وممارسة، وهو أصل آخر يضاف إلى بقية الأصول الإسلامية من أجل إبراز النظرية القيمية والمفاهيمية في الفكر الإسلامي، وقد أكد القرآن على ذلك (مثل الذين حُمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله.. ) (الجمعة: 5)(5).
وقد ورد عن الإمام علي (ع): (أيها الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون، إن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل قد رأيت الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ عن علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله وكلاهما حائر بائر) (6).
وهذا التأكيد من قبل أئمة أهل البيت(ع) على لزوم العمل بالعلم جاء ليكشف عن المهمة الخطيرة التي يتحملها كل عالم تجاه علمه، فدور العلم والمعرفة في حياة الإنسان ليس لغرض المباهاة والتعالي على الآخرين، بل الغرض الأول والدور الأساس للعلم في حياة الإنسان هو توجيه الإنسان وتسييره في طريق الالتزام بما عرفه وعلمه حقاً وحقيقة، وإلا عاد علمه عليه وبالاً(7).
ولا نجاوز الحقيقة إذا قلنا أن مهمة الرسالة الإسلامية هي إنقاذ البشرية من كل ما تعيشه من الأزمات الخانقة؛ والتي أوصلت العالم إلى عنق الزجاجة، وكم هي الحاجة ماسة اليوم إلى بعث جديد لهذه الرسالة شريطة أن يكون الفهم على مستوى الحدث والواقع، فهي قادرة على إصلاح الفكر البشري وإعادة بناء الإنسان - الفرد والمجتمع - الواعي لما تتمتع به من عناصر قوة وجذب وقدرة على إخضاع الآخر والنفاذ إلى عمقه (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.. ) (الأنفال: 24)، فهي تتميز بعناصر قوة أبرزها:
- ضمان العدالة الاجتماعية (وأمرت لأعدل بينكم) (الشورى: 15).
- تكريم الإنسان (الرجل والمرأة) بعيداً عن اللون والعرق (ولقد كرمنا بني آدم) (الإسراء: 70).
- صيانة حقوق الإنسان (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات: 13).
وهذه العناصر هي التي تتمايز بها الأمم المتحضرة عن غيرها، والعالم المعاصر يرفع هذه الشعارات ويدعي دعوى عريضة بالعمل على تحقيقها ولكنه يتغافل عن قيمة أساسية وهي قيمة البعد الأخلاقي والقيمي في حياة الإنسان ودوره في خدمة المجتمع وتحميله المسؤولية في سبيل الدعوة إلى الفكر السليم، وإبراز المشروع الإسلامي إلى العالم.
وفي سبيل ذلك برزت عدة دراسات هدفها بلورة وإثارة هذا الدور - دور المثقف - وإعطاؤه البعد المعاصر، بعيداً عن الدور التقليدي المتعارف في الوسط الاجتماعي، المتمثل في المساهمة في عملية النقد الذاتي والفكر والسلوك وإرشاد الأمة بما يتناسب مع أصالتها ويحفظ هويتها الثقافية وخصوصيتها الإسلامية.
بيد أنه مما يؤسف له أن نجد أحياناً قطيعة شبه تامة بين البعض من المثقفين وبين الثقافة الإسلامية، وبالتالي البحث عن الحلول للمشاكل الاجتماعية في نطاق الفكر الآخر، مما أوقع هؤلاء في منحدرات خطيرة ومنزلقات فكرية عميقة، بسبب اعتمادهم الكلي على الثقافة الغربية المختلفة من حيث المنطلقات والمرتكزات عن أسس ثقافتنا وحضارتنا.
أسلمة الذات قبل الآخر..
مما لا شك فيه أن جميع المفكرين والمثقفين المسلمين يتفقون على أن الأمة تعيش اليوم أزمة على صعيدين:
أولاً: أزمة في التفكير الثقافي؛ أو لنقل في الفكر الإسلامي.
ثانياً: الانحسار الثقافي المتولد من العامل الأول؛ والذي تتجلى أعراضه في عدم قدرة خطابنا الثقافي المعاصر على مواكبة الأحداث المتسارعة وسبقها قبل وقوعها، وهو ما يعرف إعلامياً بـ(الضربة الواقية) والعجز أحياناً عن إيصال المنظومة القيمية والمفاهيمية إلى الذات والآخر، وهذا التشخيص لهذه الأزمة يبرز اليوم في عدة كتابات تحاكم العقل الإسلامي والعربي، وإن كان بعضها يحاكي الكتابات الفكرية الغربية وينقل أو يتبنى إشكالات الآخر في الحكم بتخلف العقل أو الفكر المسلم بسبب ارتباط أصحابها العقلي والنفسي بالرؤية المادية للكون وانطلاقهم في دراسة الأمور من خلال المنهج الحسي التجريبي، ولا نريد هنا التقليل من شأن هذه الأزمة الفكرية التي يمر بها الفكر والخطاب الإسلامي حيث لم يحقق حتى الآن المستوى المطلوب من بعد الرؤية وعمقها، التي تستجيب للمستجدات السياسية والاجتماعية والثقافية والسلوكية في التعامل مع الطبيعة ومع المجتمعات الأخرى، ولا يزال يغلب الأسلوب الخطابي التعبوي على الخطاب الإسلامي(8).
هذا الشعور وهذا التشخيص لأزمة الثقافة والوعي بعث الدارسين والمهتمين بشؤون الفكر على دراسة المنهج والوسيلة الصحيحة والكفيلة بإيصال هذا المشروع إلى المجتمع، مما أدى إلى نشوء اتجاهات مختلفة من حيث إمكانية الاستفادة من أدوات الآخر:
الأول: اتجاه الرفض المطلق للفكر الآخر وأدواته والانكفاء على الذات والتراث.
الثاني: اتجاه القبول المطلق للآخر وفكره ووسيلته ورفض التراث.
الثالث: الاتجاه التلفيقي الذي يتغذى فكرياً وثقافياً على ما يتوافق مع مصالحه دون التمييز بين فكر وآخر؛ فالغاية عنده تبرر الوسيلة!!.
هذه الاتجاهات أوجدت حالة من الانفصال بين الأصالة والمعاصرة؛ لأن الاكتفاء بالأصالة والعيش في الماضي يستلزم العزلة التامة عن كل ما هو جديد في هذا العالم، وبالتالي انتشار حالة الجمود والاكتفاء برؤية الثقوب السوداء في الفكر الآخر، فهو كمن ينظر بمنظار ملون بلون واحد فيرى الأشياء باللون الأسود والأبيض، وكذلك الاكتفاء بالمعاصرة والابتعاد عن الأصالة؛ إذ يستلزم الانصهار المطلق في بوتقة الآخر والسقوط في ثقافة التغريب، وبجملة واحدة لا يمكن للانفتاح السلبي إلا أن يؤدي إلى ذوبان وانصهار مطلق في آلة المعلوماتية الغربية؛ كما أن القطيعة الكاملة لا تعني إلا تجاوزاً لكثير من المقتضيات والدواعي التعليمية والنفسية والاجتماعية(9).
ونحن بحاجة إلى اتجاه يوازن ويعقلن هذه الاتجاهات؛ بحيث يجمع بين الأصالة والمعاصرة، فهو يستنطق النصوص الدينية بلغة تتوافق مع متطلبات الوقت، كما يعبر عن ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم.. ) (إبراهيم: 4) وهذه هي العلاقة - الممانعة - الإيجابية.
فهو أولاً يتزود من المفاهيم والقيم الدينية لتكون السد المنيع أمام الانزلاق في منحدرات التغريب، ويستفيد في ذلك من الأدوات المعاصرة وطرقها وإن كانت في ذاتها عملية صعبة تحتاج الكثير من الجهد والوعي في عملية الموازنة والاستفادة.
الاستنطاق المشوش جوهر المشكلة..
المشكلة الحقيقية لا تكمن في عدم وجود فكر سليم قادر على عملية الاستنهاض والبعث من جديد؛ فالمشروع الإسلامي حضاري قادر على إصلاح واستنهاض الإنسان كما يقرر القرآن (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً.. ) (سبأ: 28)، وبالتتبع الدقيق للمشكلة نجد أن جوهرها الحقيقي يكمن في عدم القدرة على استنطاق النصوص الدينية استنطاقاً قادراً على جذب الإنسان المعاصر، وهذا الأمر أدى لعدم وضع الفكر الإسلامي في المكانة المناسبة اللائقة به كفكر قادر على إنقاذ البشرية وإصلاح وضع الإنسان، وأيضاً أدى إلى تشوش الرؤية الفكرية واضطرابها مما أدى إلى نشوء ما يعرف اليوم بـ(فكر التغريب) أو (فكر التلفيق) بصورة أدق..
وحاول أتباع هذا الفكر، ولأجل تبرير الاستلاب الثقافي، إشاعة دعوى عالمية الفكر الغربي وقدرته على معالجة واستيعاب المشاكل والأزمات العالمية العالقة، كما أن العجز في التعامل مع النص الديني - لدى الفرد المسلم - فكرياً وثقافياً أدى إلى تداعي الأمة.
ومن المعروف أن تداعي الأمم يستهل حين تستكين حركة مشروعها وتنكفئ عناصرها على ذاتها، فتعود إلى مكوناتها الأولية التي سرعان ما تفتقد بضمورها إلى معنى في سياق اكتفائها بإنجازاتها الماضية..(10)
ومن هنا ينبغي التذكير بأن المهمة الأولى أمام الفكر الإسلامي هي إبراز المضامين والقيم بعد استنطاق النصوص الدينية بصورة صحيحة.
وهذا الفهم المطلوب لا يعني القول بأن الفكر الإسلامي حبيس النصوص؛ فإن هذه النظرة - إن وجدت - هي نوع من التجني على هذا الفكر، ولكننا حين نذكر بهذه الحقيقة إنما نهدف إلى ضرورة إيجاد صيغ وضوابط معينة تضمن الفهم الحقيقي والصحيح للإسلام ليكون صالحاً لكل زمان ومكان، بحيث يتوافق مع معطيات ومتطلبات العصر؛ فليس من السليم أن نقف في فهم قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل..) (الأنفال: 60)، عند المرحلة التي سبقت اكتشاف الأسلحة.
القلق سمة الفكر المعاصر..
حالة القلق والاضطراب قد تصيب الإنسان في حياته وتؤدي به إلى حالة من التعب النفسي والانشغال الدائم وعدم القدرة على التركيز؛ مما يسبب له المضاعفات والأمراض، كذلك قد يصيب القلق والاضطراب الفكر بحيث يصبح في حالة انفعال دائم مع الأحداث.
وهذا التوصيف للقلق مما أصيب به الفكر الإسلامي المعاصر فهو قلق بسبب نشوء عناصر قوة الآخر خصوصاً في هذه الحقبة الزمنية حيث ظهور الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة وما عرف اليوم بشبكة المعلومات (الانترنيت Internet) والتي أوصلت صداها إلى العالم بأسره، ولم يعد ممكناً لجماعة معينة الانقطاع عنها.
ومع أننا نشاطر الفكر الإسلامي قلقه وخوفه مما قد تحمله هذه العناصر من كوامن خطرة ومقلقة تهدد التعاليم والقيم الأخلاقية الإنسانية، إلا أنه ليس من المعقول الإيمان بنظرية الممانعة السلبية والاعتقاد بنظرية المؤامرة وتحميل مسؤولية الإخفاق على الآخر وبالتالي كيل التهم وتركيز اللوم عليه؛ لأن ذلك يعني حرمان العالم من رسالة الهداية والإنقاذ وفضيلة نشر القيم والصلاح التي بعث بها الرسول الكريم (ص): (إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً..)(فاطر: 24).
..............
الهـــوامـــش:
(1) العولمة: مصطلح ظهر استخدامه في الأدبيات السياسية والاقتصادية مع نهاية عقد الثمانينات، ويقصد به الدلالة على ما هو حاصل من تغييرات في الاقتصاد العالمي بعد سقوط الفكر الشيوعي.
(2) تقوم مقولة (نهاية التاريخ) التي طورها هيغل واسترجعها مؤخراً فوكوياما على فكرة محورية خلاصتها أن التطور التاريخي للإنسان مرتبط بقيام تناقضات بين منظومات فكرية مرتبطة بمستويات مختلفة من الحرية، ونظراً لأن المنظومة الليبرالية تنبع من مجتمع عمت فيه الحرية وشملت جميع الأفراد فلم تعد الحرية، وبالتالي حق تقرير مصير المجتمع محصورة في فرد أو نخبة فإن الحاجة إلى إحداث تغييرات في التصورات النظرية أو البنية الفعلية للمجتمع تلاشت وتلاشت معها إمكانيات التطور الفكري والاجتماعي.. (مجلة الكلمة: العدد38 ص38).
(3) البحار: ح3.
(4) غرر الحكم: 7946.
(5) أسلمة الذات: كامل الهاشمي ص97.
(6) البحار: ح69 ص39.
(7) أسلمة الذات: مصدر سابق.
(8) الفكر الإسلامي المعاصر مراجعة تقويمية: ص26.
(9) النبأ: العدد52 ص16.
(10) المستقبل العربي: العدد 244 الصادر 6/1999م ص43.
(11) إسلامية المعرفة: ص133 إسماعيل الفاروقي.
(12) نفس المصدر.
(13) وهذه إحدى الخطوات الخمس التي وضعها المناطقة لحل أي مشكلة تواجه الإنسان، ولمزيد من الاطلاع يراجع (منطق المظفر: ج1 ص23).
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف