الباحث : الشيخ رسول جعفريان
اسم المجلة : تراثنا
العدد : 55
السنة :
تاريخ إضافة البحث : January / 31 / 2016
عدد زيارات البحث : 2885
آفاق جديدة في تاريخ التشيع *
قراءات في كتاب
«معجم أعلام الشيعة»
للاستاذ المحقق الطباطبائي
الشيخ رسول جعفريان
بسـم الله الرحمن الرحـيم
اسـتناداً إلى زاوية معينة، لا بُـدّ من تقسيم المصنّفات الرجالية الشـيعية إلى قسمين:
الاَوّل: المصنّفات التي نالت قصب السبق في التفرّد بضبط أعلام أو أحوال أعلام لم يُعهد تدوينها من قبل.
الثاني: المصنّفات التي اقتفت آثار الماضين ولم تأت بإبداع أو كشف جديد. وهي وإن كانت لا تخلو من فوائد شتّى ـ كاشتمالها وحصرها للآراء الرجالية المتناثرة في المصادر المختلفة، أو احتوائها لبحوث أدبية رفيعة، أو تناولها لفئة معيّنة من العلماء، كالفلاسفة مثلاً، أو غيرها من الفوائد ـ إلاّ أنّها لا تُقاس بسابقتها بالمرّة.
---------------------------------------
(*) مقال باللغة بالفارسية، ننشره بمناسبة الذكرى السنويّة الثالثة لرحيل العلاّمة المحقّق السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي 1 المتوفّى في 7 رمضان 1416 هـ، ترجمه إلى اللغة العربية السـيّد مهدي الربّاني.
(156)
ومن مصاديق القسم الاَوّل، رجال الكشّي، ورجال النجاشي، ورجال الطوسي وفهرسته، وفهرست منتجب الدين، وغيرها.
هذا، ولم نقف بعد مصنَّف منتجب الدين، المؤلّف في أوائل القرن السابع، على أثر ـ على صعيد علم الرجال الشـيعي ـ بهذه المميّزات، حتّى العصر الصفوي، وإنْ كان فلم تقع عليه أيدينا لحدّ الآن.
وأمّا التصانيف الرجالية التي ظهرت منذ العصر الصفوي حتّى الوقت الحاضر فلم تأت بشيء جديد في بحثها لرجال الاَسانيد، وإنْ كان بعضها يحتوي على اجتهادات رجالية متينة كـ: قاموس الرجال للعلاّمة التستري.
غاية الاَمر، إنّه قد تمّ العثور في بعض الاَحيان من بين أسانيد الحديث على شخصيات جديدة، الاَمر الذي يستدعي العناية بها من هذه الجهة.
وفي العهد الصفوي، حاول الشيخ عبـدالله الاَفندي ـ وهو أحد تلامذة العلاّمة المجلسي البارزين والاَوفياء له ـ طيلة عدّة عقود إعدادَ أثر رجالي خالد يشتمل على أعلام الشـيعة والسُـنّة، بَـيْد أنّ محاولته التي استقرّت في كتاب رياض العلماء لم تتمخّض عن أهمّية خاصّة من جهة استيعابه لـ: رجال النجاشي أو فهرست منتجب الدين وغيرهما، وإنّما تكمن أهمّـيّته في ما بذله من جهود شخصية في المكتبات العامّة والخاصّة الكثيرة التي زارها في مختلف مدن العالم الاِسلامي.
وكان نهجه عند الوقوف على مخطوطةٍ: دراستها بدقّة وتسجيل المعلومات الرجالية للمصنّف، أو مَن ذكرهم المصنّف وتعرّض لحياتهم، ليدرَج في مؤلَّفه.
وبذلك غدا رياض العلماء أثراً نادراً من حيث استيعابه للمعلومات
(157)
التي يعسر على غيره جمعها واحتوائها.
ومِن بعد الاَفندي.. لا بُـدّ من الاِشارة إلى العلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني رحمه الله ، الذي قضى حوالي خمسين عاماً يجول وينقّب في مختلف المكتبات، مستعيناً بجهود ثُلّة من عشّاق الكتاب في تحضير موادّ كتابَيه الذريعة وطبقات أعلام الشـيعة، فأثمرت تلك الجهود عن هذين الاَثرين الخالدين.
ومع إنّ كتاب الطبقات يشتمل في الكثير من تراجم أعلامه على معلومات جديدة، إلاّ إنّ الملاحظ عدم توسّع المصنّف بسرد التفاصيل عن العَلَم إذا كان مشهوراً.
مضافاً إلى ذلك فقد نهض علماء كثيرون على مدى هذه القرون لترجمـة وشرح أحوال علماء بلدانهم أو المعاصرين لهم، فصنّفوا آثاراً مهمّة في هذا المجال، أكسبها حفظها لاَسماء عدد من العلماء من الاندثار والضياع منزلة ومكانة طيّبة.
ومن المناهج التي اختطّها عبـدالله الاَفندي والشيخ آقا بزرگ الطهراني للعثور على علماء جدد، هو البحث في الآثار المخطوطة واستخراج المعلومات الرجالية الموجودة بين طيّاتها.
وقد سلك هذا المسلك جمع من المفهرسين والمترجمين، منهم: الاَُستاذ السيّد أحمد الاِشكوري حفظه الله، فقد ذكر في كتابه تراجم الرجال عدداً من الّذين لم يُذكروا في كتب التراجم والرجال، أو لم ترد عنهم معلومات كافية، وذلك بالاستعانة بالآثار المخطوطة، لتأتي الحصيلة في مجلّدين، ويبدو أنّه بصدد إصدار هذه المجموعة في خمسة مجلّدات بعد سلسلة من الاِضافات.
(158)
إنّ مبادرة الشيخ آقا بزرگ في تعريفه للشخصيات الشـيعية كانت مطابقة لمبادرة النجاشي في تصنيفه القيّم لكتابه الرجالي المعروف؛ مع التسليم بأنّ كثيراً من الآثار المخطوطة في زمن الشيخ لم تكن بمتناوله، مضافاً إلـى بقاء عـدد كبير مـن المخطوطات مركومـاً في المكتبات الخاصّة ـ إلى الآن ـ بدون بطاقـة تعريف، إذ كان بالاِمكان أن نحصل من خلالها علـى معلومات جديدة.
ومن السُبل التي تعيننا على معرفة مجهولي رجال الشـيعة: هو الوقوف على ما هو مبثوث في هذا المجال في كتب أبناء العامّة الرجالية، الكتب التي بقيت ـ تحت غبار المكتبات ـ غير مطبوعة حتّى السنوات الاَخيرة، فإلى جانب آلاف التراجم لعلماء أبناء العامّة قد يُعثر أحياناً على تراجم بعض علماء الشـيعة من المناطق المختلفة.
وقد يعسر الحصول ـ في كثير من الاَحيان ـ على ترجمتهم أو المعلومات المرتبطة بهم إلاّ في مصدر أو موضع واحد؛ وسبب ذلك يعود إلى أنّ علماء الشـيعة نتيجة استقرارهم في البلاد العربية وسط مجتمعات شـيعية متفرّقة، لم يرد ذِكرهم في الكتب الرجالية الشـيعية بالرغم ممّا كانوا يتحلّون به من علم وفضل، نعم ضبط أسماءهم أصحابُ التراجم من أبناء العامّة في كتبهم بما يتناسب وما يتمتّعون به من مكانة رفيعة.
وقد أشرنا في ما سبق إلى أنّ حركة تدوين أسماء مؤلّفي الشـيعة قد انحصرت في القرنين السادس والسابع فقط.
ومبادرة ابن أبي طيّ في حلب ـ في القرن السابع أيضاً ـ في تصنيف كتاب طبقات الاِمامية لم تحصد ثمارها؛ لضياع أصل الكتاب للاَسف.
لذا فالمشروع الذي قلّما حظي بعناية خاصّة لحدّ الآن، يتمثّل في
(159)
العثور على تراجم أعلام الشـيعة المتناثرة في مصادر أبناء العامّة الرجالية وتراجمهم؛ إذ يمكننا بذلك أن نكتشف مكانة الشـيعة، ونكون بالوقت نفسه قد أحطنا بشكل أوسع بتراجم أعلام الشـيعة.
والذي كان ينـبغي أن يتـمّ في هذا المضمـار، هو ما بادر به وأنجـزه ـ إلى حدٍّ ما ـ العلاّمةُ الاَُستاذ السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي رحمه الله .
فمهّد بذلك الطريق لجهودٍ أكبر تُبذل على هذا الصعيد.
وكتاب معجم أعلام الشـيعة، الذي يضمّ 674 ترجمة، دلّل من جهات عدّة على أهمّية هذه المصادر، كما أوضح كيفية توظيفها لِما يخدم معرفة تاريخ الشـيعة على نحو أفضل.
ولا يخفى أنّ التراجم التي ضمّها هذا الكتاب لم يأت الشيخ آقا بزرگ على ذِكرها في طبقات أعلام الشـيعة.
وإن كان الاسـتاذ قد ترجم في بعض الموارد بزيادة معلومات جديدة ـ مع كونه مذكوراً في الطبقات ـ فذلك لوقوع الخطأ في ترجمته.
وتجدر الاِشارة إلى أنّ بعض من ترجم لهم في المعجم هم من علماء ما بعد العصر الصفوي حتّى وقتنا الحاضر، وأمرهم لا يعنينا في هذا البحث.
وعمدة هؤلاء إمّا تتلمذ الاَُستاذ عليهم، أو كانت تربطه بهم نوع من الرفقة كمحمّـد جواد فضل الله، أو هم ممّن عثر على أسمائهم في النسخ المخطوطـة، أو كانوا ممّن ذكر ترجمتهم محمّـد مهدي الرازي في نهاية كتابه مشكاة المسائل (نسخة رقم 4967| المكتبة الرضوية)(1)، الذي لم يكن قد رآه الشيخ آقا بزرگ.
-------------------------------------------
(1) معجم أعلام الشـيعة: 20 و 29 و 30 و 115 و 166 و 172 و 410.
(160)
ولكنّه يتناول بصورة عامّة ترجمة علماء الشـيعة من القرن الثالث إلى التاسع، وبتركيز أكثر لِما بين القرنين الخامس والسابع، ويبدو أنّ المعجم كان من المفروض أن يتمّ في مجلّدين، يختصّ الاَوّل بالعلماء الماضين، في حين يتناول الثاني تغطية العلماء المعاصرين، بَـيْد أنّ هذه التجزئة لم تنجز بالدقّة المفروضة.
وهذا الكتاب بمحصّله ـ انطلاقاً من زاوية معرفة التاريخ الشيعي ـ يضمّ بين ثناياه معلومات قيّمة.
إنّ المطالب التي اكتنفها هذا الكتاب لهي ذات قيمة رفيعة بالنسبة لي، فقد ألّفتُ من قبل كتاب تاريخ التشـيّع في إيران، ولي مقالات متفرّقة في تاريخ التشـيّع في سائر البلدان، فلهذا سعيت إلى ترتيب هذه المطالب بشكلٍ يفتح أمامي آفاقاً جديدة على صعيد البحث عن تاريخ الشيعة.
معايير الانتماء الشـيعي:
إنّ أوّل سؤال يطرح نفسه ـ بغضّ النظر عن الّذين وردت أسماؤهم وتمّ ضبطهم كشيعة في الكتب الرجالية الشيعية ـ هو أنّه: كيف نستطيع أن نثبت أنّ بعض الاَفراد الّذين ورد ذِكرهم في مصادر الآخرين كانوا شـيعة؟!
وهذه المشكلة تكتسب جدّية أكثر حينما لا يكون هناك تصريح خاصّ بشأنهم، حتّى في مصادر أبناء العامّة، والنظرة الاَُولى في كتاب المعجم تطرح هذا الاِشكال مِن أنّ كثيراً من هؤلاء لا شاهد على تشـيّعهم.
والاَمر الذي يقوّي الاِشكال أيضاً، هو ما يبديه كثير من الكُتّاب في مضمار التشـيّع ودائرة حملة الاَقلام الشيعية من ميلٍ للزيادة في أعداد الشـيعة، إلاّ أنّ هذه الحالة لم تكن عمدية في كثير من الموارد، بل كان ذِكر
(161)
بعض محدّثي وعلماء السُـنّة مع علماء الشـيعة نتيجة عدم الالتفات لمفهوم كلمة «الشـيعة» واستخدامات هذا المصطلح في القرون الهجرية الاَُولى؛ إذ كان يطلق على كلّ مَن يقدّم عليّـاً عليه السلام على عثمان.
وترسّخت هذه المسألة إلى حدٍّ اتُّهم فيه العلاّمة القاضي نور الله التستري ـ الذي عَرّف بعضَ أبناء العامّة بكونهم شيعة في كتابه مجالس المؤمنين ـ بأنّه ينسب إلى التشـيّع شخصيات لا صحّة لها.
والذي ينبغي أن يقال هنا: إنّه لا شكّ أنّ هذا الاِشكال مسجّل على بعض المترجمين من هذه الناحية، لاسيّما من خلال ما ذكروه في كتبهم من أسماء بعض المحدّثين الّذين اتُّهموا بالتشيّع في القرون الاَُولى في حين أنّهم كانوا من أبناء العامّة أساساً.
ولكن هناك أمراً آخر، وهو أنّ التفرّس في معرفة الانتماء الشيعي ليس أمراً هيّن الحصول.
إنّ عناصر الانتماء والانتساب إلى المذهب وعدمها يمكن حصرها بواسطة معرفة سلسلة من المعايير والملاكات الموجودة في الكتب القديمة وآراء مترجمي أبناء العامّة حيال العلماء الماضين، والتي تحكي بنوعٍ ما تشيّع بعض الاَفراد، فقد وردت في الكثير من النصوص الاِشارة الخاطفة لتشيّع أفراد مجهولين لا يشخّصها إلاّ أصحاب البصيرة الثاقبة العارفين بهذه المعايير.
والقاضي نور الله التستري هو من هذا النمط.. وفي الحقيقة لا بُـدّ من وصفه بالخبير في الشخصيات الشيعية، لا كما اتّهموه.
وقد حظي بهذه الدقّة أيضاً العلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني رحمه الله، والاَُستاذ السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي رحمه الله.
(162)
وبدون شكّ، فإنّ دقّتهما ـ وإن نسبا أحياناً رجالاً من أبناء العامّة إلى التشيّع خطأً ـ أصبحت عاملاً أساسياً في معرفة وإبراز وجوه كانت مجهولة؛ لاَنّ مناطقهم كانت شيعية في زمنهم ثمّ انقلبت الاَمور فيها.
وفي ما يلي نتطرّق إلى بعض الملاكات التي استند إليها الاَُستاذ رحمه الله بنحوٍ ما لاِثبات تشـيّع الاَفراد، وكان آخذاً بها بنظر الاعتبار:
1 ـ تصريح الآخرين بكون الشخص المعني شيعياً:
ولكن يجب الانتباه إلى أنّ هذه النسبة صدرت في أيّ زمان؟! وبأيّ تعبير؟! ومِن قِبَل مَنْ؟! إذْ إنّ هذه النسبة من دون اقترانها بمفهوم الرفض وأمثاله كانت تطلق في القرنين الثالث والرابع على الذي كان يحمل نوعاً من الميول الشيعية، وذلك إمّا لرفضه عثماناً، أو لكونه يرى ـ لسببٍ ما ـ أنّ منزلة عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ونسبة الرفض كانت تطلق في تلك الفترة غالباً على كلّ من كان يرفض الشيخين، وهي قرينة ـ بحدّ ذاتها ـ تدلّ على التشـيّع.
وقد يعبّر أحياناً عن الرافضي بشيعي غالٍ، ونماذجه موجودة ـ عادة ـ في الآثار الرجالية ـ لا التراجم ـ التي يدور محور بحثها الاَساسي حول رجال الحديث والشخصيات الشيعية العراقية في القرنين الثالث والرابع.
وكانت كلمة «الشـيعة» في القرون التالية، كالقرنين السادس والسابع، والقرن الخامس ـ إلى حدٍّ ما ـ تعني: الرافضي أو الاِمامي.
نعم، لو نقل الذهبي ـ مثلاً ـ في القرن التاسع نصوصاً عن القرن الثالث والرابع في ميزان الاعتدال، فالكلام المتقدّم في الفرق بين التشـيّع والرفض يعود أيضاً.
(163)
وأمّا إذا عدّ ابن الفوطي ـ في القرن السابع ـ أحدهم شـيعيّاً، فالمحتمل قويّاً أن يكون مقصوده: الاِمامي.
هذا، وإنّ كثيراً ممّن أوردهم السيّد الاَُستاذ رحمه الله عن لسان الميزان وبعض الكتب الرجالية المماثلة، هم من جماعة محدّثي الشـيعة الّذين يمكن إطلاق لفظ: «الشيعة العراقيّين» عليهم، إلاّ إنّه لا بُـدّ ـ في كلّ مورد ـ من التمعّن وتوخّي الدقّة في التعابير، فبعض هذه العناوين عبارة عن: كان
رافضياً(1).. كان من شيوخ الشـيعة(2).. كان من غلاة الرافضة(3) .. قيل في أبي محمّـد بن قيس الحضرمي ـ الذي كان يلقّب عصفور الجنّة ـ: كان من غلاة الرافضة(4).
ومن التعابير الاَُخرى: رافضي مقيت(5).. كان يتشـيّع(6).
وقد أُطلقت بعض هذه التعابير على الشـيعة الاِسماعيلية، كالحسن ابن إبراهيم بن زولاق، فقد قيل فيه: كان يُظهِر التشـيّع للفاطميّين(7)، وكالحسن بن سليمان الاَنطاكي، الذي كان بمصر وقتله الحاكم الفاطمي لاَسبابٍ ما؛ إذ وصفوه بأنّه كان يظهر الرفض(8).
إذاً، فالملاك الاَوّل لمعرفة الشـيعة هو تصريح خاصّ يدلي به أحد المصنّفين بالنسبة إلى الشخص المعني.
--------------------------------------
(1) معجم أعلام الشـيعة: 31.
(2) معجم أعلام الشـيعة: 36.
(3) معجم أعلام الشـيعة: 55.
(4) تلخيص مجمع الآداب 4| رقم 616، معجم أعلام الشـيعة: 268.
(5) معجم أعلام الشـيعة: 59.
(6) معجم أعلام الشـيعة: 103.
(7) لسان الميزان 2|191، معجم أعلام الشـيعة: 135.
(8) لسان الميزان 2|211، معجم أعلام الشـيعة: 146.
(164)
كما إنّ اتّهام شخصٍ ما بتشـيّعه ـ الوارد في الكثير من مصادر التراجم التي نقل عنها السـيّد الاَستاذ رحمه الله ـ يكفي في عدّه شـيعيّـاً.
وإذا كان الاتّهام بالتشـيّع في القرن الثالث ـ بل وحتّى في النصف الاَوّل من القرن الرابع ـ غير مقترن بكلمة الرفض؛ فهو ناظر إلى المحدّثين المتشـيّعين الّذين لم يعترفوا بعثمان، أو ـ على الاَقلّ ـ يرون أنّ عليّـاً عليه السلام مقدّم عليه.
قال العماد الكاتب في سعد بن أحمد النيلي: كان مغالياً في التشـيّع، متحلّياً بالورع، عالياً في الاَدب، معلّماً في المذهب، مقدّماً في التعصّب.
كما أضاف أيضاً بأنّ له شعراً، أكثره مدح في أهل البيت عليهم السلام (1).
2 ـ النسب العَلَوي:
يمكن القول بأنّ ما من علوي بارز ذكره ابن الفوطي أو الصفدي في مصنّفيهما إلاّ وذكره الاَُستاذ رحمه الله في هذا الكتاب بعنوان أنّه أحد كبار الشيعة.
ولقد اشتهر العلويّون ـ إلى حدّ ما ـ بانتمائهم إلى مذهب التشـيّع في القرون السالفة، لا سيّما في القرنين السادس والسابع، والتصوّر الذي كان سائداً عند علماء الاِمامية هو أنّ العلويّـين إن لم يكونوا كلّهم فأكثرهم من الشـيعة، وليسوا من أبناء العامّة.
قال عبـد الجليل القزويني ـ الذي كان من أعلام القرن السادس ـ: قيل: إنّ علوياً سُـنّياً، وآخر شيعياً طلبا إذن الدخول على السلطان مسعود السلجوقي، فقال: الاتّحاد(2) شرطي في القبول، والعلوي السُـنّي منافق ذو
-----------------------------------------
(1) خريدة القصر 1|203، معجم أعلام الشـيعة: 224.
(2) أي: الاتّحاد في النسب والمذهب.
(165)
وجوه. فأُذن للشيعي ونال المراد؛ إذ به كان الاتّحاد.
وجاءت هذه الحكاية لتوضح أنّ العلوي ليس إلاّ شيعياً خالصاً؛ إذ التبرّي من الاَب عقوقٌ، وإنكار المذهب من أشدّ النفاق(1).
هذا، مع أنّ عدداً قليلاً جدّاً من العلويّـين كانوا من النواصب(2).
ومن الطريف أنّ السيّد الاَُستاذ رحمه الله ذكر عالماً شيعيّـاً كان يعيش في حلب، فاسترسل يوماً في النيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لدى النقيب عزّ الدين مرتضى، فزبره النقيب، فلم يجسر أحد من الشـيعة أن يعارض النقيب في ذلك(3).
قال القوّامي الرازي ـ في ديوانه ص 115 ـ في حقّ السيّد فخر الدين العلوي، الذي كان نقيباً للشـيعة في الريّ في النصف الاَوّل من القرن السادس ما ترجمته:
أنت نقيب الشيعة، وسيّد أشراف العصر، وبجاهكم نال اليُمْنَ الاَشرافُ.
وقد أكبّ الاَُستاذ رحمه الله على ذِكر النقباء من العلويّين أكثر من غيرهم، وتراجم الّذين يحملون منهم لقب: النقيب، كثيرة جدّاً، كما حظي بعض منهم بلقب: الصدر.
وقد ذكر الاَستاذُ رحمه الله عليَّ بن مرتضى البغدادي العلوي، وتعجّب ممّا قاله المنذري في التكملة ـ ترجمة رقم 169 ـ من أنّه: الاَصبهاني الاَصل،
--------------------------------------
(1) كتاب النقض: 224 ـ 227.
(2) عمدة الطالب: 253 و 200 و 71.
(3) معجم أعلام الشـيعة: 466 ـ 467.
(166)
البغدادي المولد والدار، الحنفي(1) ـ بوضع علامة التعجّب بعد كلمة: الحنفي ـ ثمّ علّق عليه قائلاً: هو والد... راوي كتاب الذرّيّـة الطاهرة للدولابي؛ فمن المحتمل أن تكون دهشته من هذه الناحية.
والذي ينبغي أن نقوله هنا: إنّه لا ريب في عدم إمكان وصف كلّ علوي بالتشـيّع، بل وصفه بالاِمامي؛ إذ من الواضح أنّ المدن التي كان نسيجها السكّاني متألّفاً من متعصّبي أبناء العامّة ـ الّذين ما كانوا يطيقون بالمرّة أيّ فكرٍ شيعي ـ لا يمكن لظروفها أن تسمح للعلويّـين بفرصة اعتناق المذهب الشيعي أو الانتماء إليه، لا سيّما وأنّ لقب «النقيب» كان من الاَلقاب الحكومية، وهذا ممّا يفرض وجوب المحافظة على القوانين والاَعراف الحكومية.
نعم، يمكن أن نتصوّر أنّهم كانوا يمارسون التقية، ولكن هذا غير منطبق على كلّ مكان وزمان.
وبالطبع أنّ تشـيّع العلويّين الّذين كانوا يقطنون المدن الشيعية يعدّ أمراً مقبولاً وطبيعياً.
وهناك شواهد عديدة تُظهر أنّ بعض العلويّين المذكورين في هذا الكتاب ـ على الاَقلّ ـ كانوا من الشافعية في الظاهر، أو أنّهم قرأوا النصوص الحديثية لاَبناء العامّة عند مشايخهم، كالحـسين بن علي الهمداني، وهو من علويّي هذه المدينة في القرن الخامس، فقد أمضى دراسته الحديثية كاملة لدى علماء العامّة(2).
-----------------------------------
(1) معجم أعلام الشـيعة: 327.
(2) معجم أعلام الشـيعة: 177.
(167)
وقد كان لعلويّي نيسابور في القرنين الرابع والخامس المساهمة الفعّالة في مجال الحديث السُـنّي(1)، كما كان لعلويّي أصفهان أيضاً مراودة على مجالس الحديث السُـنّية(2)، ولكن مع كلّ ذلك، فإنّنا نقبل المعيار الذي يعدّ كلّ علوي شيعياً؛ وذلك لكثرة العلويّين الشـيعة.
نعم، إذا كان هناك شاهد على خلافه، ولم تثبت تقيّته، فإنّ علامة الاستفهام باقية على حالها.
وأمّا إذا كان هناك شاهد ـ ولو جزئي ـ على تشيّعه، فلا مجال للغموض حينئذٍ، ونذكر على سبيل المثال: إسماعيل بن علي العلوي، حيث حكى ابن الفوطي أنّه اشتغل على الفقيه نجم الدين أبي القاسم جعفر ابن سعيد الحلّي(3).
أو ما قاله في ترجمة تمّام بن محمّـد الاَسماعيلي العلوي (ت 708) من أنّه: اجتمعت به بشرويان، وقد قصد حضرة الوزراء، ورأيته في مخيّم المخدوم أصيل الدين أبي محمّـد الحسن بن مولانا نصير الدين أبي جعفر الطوسي(4)، فإنّه في مثل هذه الموارد لا يُشكّ في تشـيّع الشخص.
ويمكن إضافة معيار آخر لتشـيّع العلويّين، وذلك بالالتفات إلى: إنّ هناك فرقاً بين ميول العلويّين الّذين ينتهي نسبهم إلى الاِمام الباقر عليه السلام أو الاَئمّة من بعده ـ لا سيّما الموسويّين منهم ـ وبين العلويّين الّذين ينتهي نسبهم إلى ما قبله من الاَئمّة عليهم السلام ، ويتجلّى هذا الفارق في انتماء أغلب
---------------------------------------
(1) راجع ـ على سبيل المثال ـ: معجم أعلام الشـيعة: 213.
(2) معجم أعلام الشـيعة: 235.
(3) تلخيص مجمع الآداب 4| رقم 826، معجم أعلام الشـيعة: 99.
(4) تلخيص مجمع الآداب 4| رقم 833، معجم أعلام الشـيعة: 119.
(168)
أفرادالقسم الاَوّل إلى مذهب الاِمامية.
3 ـ الانتساب إلى أُسرة شـيعية:
فعلى سـبيل المثال: عندما يذكر علم الدين أحمـد بن أحمد الاَسدي ـ أخو ابن العلقمي، الوزير الاِمامي للمستعصم العبّاسي ـ، المتوفّى بعد الواقعة(1) في شهر ربيع الاَوّل من سنة 656، فإنّه وإن لم يكن هناك تصريح بتشيّعه إلاّ أنّه بملاحظة أُسرته يمكن إثبات تشيّعه، خاصّة وأنّه قد قيل فيه: إنّه كان في كلّ عام يحمل إلى العلويّين المقيمين بالحرمين أربعمئة مثقال(2).
ويعدّ المنتسبون إلى الاَُسرة البويهية من أكابر الشـيعة أيضاً، لذا فإنّ مجرّد الانتساب إليها يعدّ شاخصاً لتشـيّع الفرد المعني.
ومثال ذلك هو: السلطان أبو الحسين أحمد بن بويه بن فناخسرو الديلمي البويهي(3).
وممّن ذكرهم الاَُستاذ رحمه الله على سبيل المثال: الملك الرحيم (ت 450)(4)، والملك العزيز (ت 144)(5)، وأبو كاليجار مرزبان بن
------------------------------------------
(1) أيّ: واقعة سقوط الدولة العباسية سنة 656 هـ.
(2) معجم أعلام الشـيعة: 32 و 33، وكذلك في ص 319.
(3) معجم أعلام الشـيعة: 34.
(4) معجم أعلام الشـيعة: 203.
(5) معجم أعلام الشـيعة: 204.
(6) معجم أعلام الشـيعة: 451.
(7) معجم أعلام الشـيعة: 455.
(169)
والاَُستاذ رحمه الله قد ذكر شاپور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة في عداد الشـيعة(1)، وهكذا سلطان الدولة البويهي بن بهاء الدولة(2)»؟، وجلال الدولة البويهي (ت 435)، الذي قال فيه الذهبي: كان جلال الدولة شيعياً كأهل بيته(3).
ومن الاَُسر الشيعية التي كانت تقطن بغداد هي أُسرة النوبختي، ويمكن لنا أنّ نعدّ كلّ فرد من أفرادها إذا ورد له اسم في المصادر المختلفة ـ ولم يصرّح بتسـنّنه ـ فرداً شيعيّاً.
ونذكر على سبيل المثال: الحسن بن الحسين النوبختي ـ المذكورة ترجمته في الكثير من مصادر أبناء العامّة، المصرّح فيها بكونه رافضياً(4) ـ وعلي بن أحمد النوبختي (ت 351).
ومن الاَُسر الشيعية أيضاً أُسرة ابن حمدون، التي كانت مشهورة بالرئاسة والكتابة(5).
وقد ذكر الاَُستاذ الطباطبائي رحمه الله : سعد بن محمّـد البجلي الكوفي، المولود بالكوفة سنة 525، والمتوفّى ببغداد سنة 611، واستظهر ممّا قاله المنذري ـ: «وصلّى عليه من الغد، وحمل إلى مشهد الكوفة فدفن عند أهله» ـ أنّ أُسرته أُسرة شيعية(6)، وبالطبع، فإنّنا على علم بأنّ أُسرة البجيلة أُسرة شيعية.
--------------------------------------
(1) معجم أعلام الشـيعة: 228.
(2) معجم أعلام الشـيعة: 349.
(3) سير أعلام النبلاء 17|577 رقم 382، معجم أعلام الشـيعة: 350.
(4) معجم أعلام الشـيعة: 144.
(5) معجم أعلام الشـيعة: 158.
(6) معجم أعلام الشـيعة: 225.
(170)
4 ـ الانتساب إلى بلد شيعي:
غير متناسين بالطبع الاستثناءات الموجودة في كلّ معيار وميزان، ولكن على أيّة حال يمكن أن يكون هذا الاَمر ملاكاً بنفسه.
وقد امتازت بهذا الملاك مدن الحلّة وقم، بل وحتّى حلب، فقد عدّ الاَُستاذ رحمه الله: أحمد بن عبـد الرحمن الناظر، شيعياً؛ لاَنّه كان صـدر الحلّة(1).
وقال الذهبي في أحمد بن علي الحمصي: كبير الرافضة... أخذ التشـيّع من الحلّة، وكان قد سكن بعلبك التي كانت من مراكز الشيعة أيضاً.
ونقل الاَُستاذ رحمه الله في ترجمة بغدي بن علي الحكيم (ت 685): أنّه وُلد بالحلّة سنة 631، وهو شاهد على تشيّعه.. وقد حمل دبر وفاته ببغداد إلى مشهد الحسـين بن عليّ عليه السلام ، وهو شاهد آخر(2)، وكذلك حمل ابنه الحسن بن بغدي بعد وفاته ببغداد إلى مشهد الحسـين عليه السلام ، وجدّه قشتمر التركي أيضاً مدفون في مشهد الحسـين(3).
وهذا الاَمر يصدق أيضاً على منطقة الكرخ ببغداد، وعليه عدّ السيّد الاَُستاذ رحمه الله: أبا القاسم أحمد بن علي بن أحمد الكرخي (ت 600) من الشـيعة.
وهناك شـيعي باسـم أبي عبـدالله الحسين بن أحمد البغدادي، الذي ـ مع اشتهاره بمسند العراق ـ قد وصفوه بأنّه: عامّي، أُمّي، رافضي، وكان
-------------------------------------
(1) معجم أعلام الشـيعة: 44.
(2) معجم أعلام الشـيعة: 116.
(3) معجم أعلام الشـيعة: 141.
(171)
فقيراً عفيفاً يخدم في حمّام بالكرخ(1).
وجاء في ترجمة الشيخ الاَجلّ أصيل الدين الحسين بن محمّـد، المعروف بابن الشطوي (ت 636)، الذي كان قاضي منطقة الكرخ، مضافاً إلى أنّ قضاءه كان في أيّام الناصر لدين الله ـ الخليفة العبّاسي الشيعي ـ: حمل بعد وفاته إلى مشهد الحسـين عليه السلام ، وهذا يدلّ على تشـيّعه(2).
والنموذج الآخر هو تشيّع أنوشروان بن خالد بن محمّـد أبو نصر القاشاني (ت 533)، وزير المسترشد العبّاسي؛ وبما أنّه من أهل كاشان، ولم يعهد منها أيّ سابقة سُـنّية وبأي شكل من الاَشكال، فهو بحدّ ذاته شاهد على تشيّعه، ولا يخفى أنّه كان من مواليد الريّ، فيشير ذلك إلى أنّ هذه الاَُسرة الكاشانية كبعض الاَُسر القُمّية هاجرت إلى الريّ في تلك السنوات، وقد قال ابن كثير: إنّه من قرية «فين» من كاشان(3).. وقد صرّحوا فيه بأنّه كان يتشيّع.. مضافاً إلى ذلك أنّه بعد وفاته دفن في داره، ثمّ نقل بعد ذلك إلى الكوفة بمشهد عليّ عليه السلام (4).
وهناك عالم علَوي آخر يدعى عزّ الدين محمّـد بن الفضل، وُلد بحلب ونشأ بالموصل وقدم بغداد وسكن الكرخ(5).
5 ـ الدفن في العتبات المقدّسة:
وهذا الاَمر يكون أكثر وضوحاً عندما نلحظ أنّ فرداً يتوفّى ببغداد
-----------------------------------------
(1) سير أعلام النبلاء 19|101 رقم 57، معجم أعلام الشـيعة: 168.
(2) التكملة لوفيات النقلة 3|345 رقم 2479، معجم أعلام الشـيعة: 187.
(3) البداية والنهاية 12|214.
(4) المنتظم 10|77، معجم أعلام الشـيعة: 113.
(5) التكملة لوفيات النقلة 2|445 رقم 1630، معجم أعلام الشـيعة: 413.
(172)
وينقل جثمانه إلى مشهد الاِمام الحسـين عليه السلام أو مشهد أمير المؤمنين الاِمام عليّ عليه السلام .
والنقل إلى مشهد الاِمامين الكاظمين عليهما السلام يمكن أن يكون أيضاً شاهداً على ذلك، وإن كان في ذلك نوع تأمّل؛ للقرب من بغداد أوّلاً، وللاحترام الخاصّ الذي كان يكنّه أبناء العامّة في القرن السابع لمشهد الكاظمين، فكانوا يدفنون موتاهم عنده، وعليه: فإذا لم يكن هناك شاهد آخر سوى دفنه في مشهد الكاظمين ـ وعلى حدّ تعبير المؤرّخين مشهد باب التبن ـ فلا يمكن وصفه بالتشـيّع بسهولة.
والنماذج من هذا القبيل موجودة في كتاب السـيّد الاَُستاذ رحمه الله(1)؛ قيل في ترجمة الوزير علي بن علي البخاري (ت 593): إنّه دفن في مشهد الاِمام موسى بن جعفر عليه السلام ، وفي الوقت ذاته جاء في ترجمته أنّه تفقّه على مذهب الشافعي(2).
وعلى أيّ حال، فإنّ نقل الجثمان والاعتقاد بالتبرّك بالدفن في مشاهد الاَئمّة عليهم السلام ، يعدّ من الشواهد التي تفيد التشـيّع، وقد عدّ السيّد الاَُستاذ رحمه الله ـ مع العناية بهذا الاَمر ـ كثيراً من العلماء الّذين نُقلوا إلى المشاهد المشرّفة من الشـيعة.
فحكى في ترجمة علي بن نصر الحلّي (ت 615): توفّي... وحُمل من الغد إلى الكوفة، فدفن هناك.
ثمّ علّق قائلاً: مرادهم من الكوفة في أمثال المقام هو النجف...
-------------------------------------------
(1) معجم أعلام الشـيعة: 96.
(2) التكملة لوفيات النقلة 1|281 رقم 391، معجم أعلام الشـيعة: 312.
(173)
وهذا يدلّ على تشيّعه، زيادة على كونه حلّيّـاً؛ [لاَنّ أهل الحلّة كانوا شـيعة](1).
وقد سبق أن تطرّقنا إلى أبي نصر القاشاني، وزير المسترشد، الذي دفن في داره ثمّ نقل بعد ذلك إلى الكوفة فدفن في مشهد الاِمام عليّ عليه السلام ، وهذه الاَُمور تشير بوضوح إلى تشـيّع الشخص.
أمّا طاشـتكين بن عبـدالله المستنجدي ـ المتوفّى سنة 602 بتسـتر ـ الذي كان أحد مماليك المستنجد بالله، وولي إمارة الحلّة، ثمّ تستر وخوزستان، فقد حُمل إلى الكوفة ودُفن في مشهد أمير المؤمنين الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، في تربة له هناك(2).
وكذا طبرس بن عبـدالله التركي الدواتي، فقد اشتراه الظاهر بأمر الله وحصل له منه القرب والاختصاص، ولمّا بويع المستنصر بالله قرّبه واجتباه وجعله برسم حمل الدواة.. ثمّ صاهر بعد ذلك بدر الدين لؤلؤ، حاكم الموصل الاِمامي، ودفن في مشهد الاِمام موسى بن جعفر عليه السلام إلى جانب زوجته(3).
وقشتمر بن عبـدالله التركي (ت 637)، كان أوّلاً مملوكاً لقطب الدين السنجري، وانتقل منه إلى الخليفة الناصر لدين الله العبّاسي (الشيعي)، وعلامة تشيّعه تسليم الحلّة إليه، وحمله إلى مشهد الاِمام الحسـين عليه السلام ، فدفن هناك في تربه له فيها زوجته وولده(4).
----------------------------------------
(1) معجم أعلام الشـيعة: 332.
(2) التكملة لوفيات النقلة 2|83 رقم 925، معجم أعلام الشـيعة: 233.
(3) تلخيص مجمع الآداب 4| رقم 1480، معجم أعلام الشـيعة: 235.
(4) الحوادث الجامعة: 131، معجم أعلام الشـيعة: 355.
(174)