البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

حديث تأثير السحر في سيد البشر (ص) في ميزان النقد !

الباحث :  السيد حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي
اسم المجلة :  تراثنا
العدد :  38
السنة :  السنة العاشرة ـ محرم الحرام ـ جمادى الآخرة ـ 1415 هـ . ق
تاريخ إضافة البحث :  January / 30 / 2016
عدد زيارات البحث :  3066
حديث تأثير السحر في سيد البشر (ص)
في ميزان النقد !
السيد حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا طيبا مباركا كثيرا في الأولى والآخرة ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد المحفوظ من كيد السحرة ، وعلى آله الطيبين الطاهرين البررة ، وصفوة صحبه المصطفين الخيرة .
وبعد ، فهذه رسالة موسومة ب‍ (القول الفائق في نفي تأثير السحر في خير الخلائق) صلى الله عليه وآله وسلم ، بينت فيها اختلاف جمهور الفريقين في تأثره صلى الله عليه وآله وسلم بالسحر الذي عمله لبيد بن الأعصم اليهودي ـ كما جاء في بعض الأحاديث وذكره جماعة من المفسرين في سبب نزول المعوذتين ـ وضمنتها حجج الطائفتين على مذهبهم ليكون اختيار الحق عن بينة ، والله تعالى ولي الهداية والتوفيق .
فنقول : اعلم أنهم اختلفوا في أن السحر هل له حقيقة أم لا ، وقد أطالوا الكلام في هذا الشأن ، ونحن نضرب عن ذلك صفحا ، ونطوي عنه كشحا ، روما للاختصار .
ويترتب على الثاني عدم بقاء مجال للبحث ، إلا أن الأول وإن كان هو
(63)





الأقرب بيد أن تأثير السحر في النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير ثابت ، بل لا يصح ألبتة ، كما سيظهر لك ذلك إن شاء الله تعالى .
(64)


















فصل
إذا تقرر هذا فاعلم : أن مما اعتل به من أجاز تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم ما روي من أنه عليه وآله الصلاة والسلام سحره لبيد بن أعصم اليهودي ، وقد ورد ذلك من طرق الفريقين ، ونحن نورد في هذه العجالة ما وقفنا عليه من تلك المرويات ، ونتكلم فيه بما يفتح الله به علينا ويرشدنا إليه ، وهو المستعان في الأمور كلها ، لا إله غيره ولا رب سواه .
أخرج فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره (1) عن عبد الرحمن بن محمد العلوي ومحمد بن عمرو الخزاز ، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون ، عن عيسى ابن محمد ، عن جده ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : سحر لبيد بن أعصم اليهودي وأم عبد الله اليهودية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عقد من قز أحمر وأخضر وأصفر ، فعقدوا له إحدى عشرة عقدة ، ثم جعلوه في جف من طلع (2) ، ثم أدخلوه في بئر بواد بالمدينة في مراقي البئر تحت راعوفة (3) فأقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثا لا يأكل ولا يشرب ولا يسمع ولا يبصر ولا يأتي النساء .
فنزل عليه جبرئيل ونزل بالمعوذات فقال له : يا محمد ما شأنك ؟ قال : ما أدري ، أنا بالحال التي ترى ، قال : فإن أم عبد الله ولبيد بن أعصم سحراك ، وأخبره بالسحر وحيث هو .
ثم قرأ جبرئيل : (بسم الله الرحمن الرحيم * قل أعوذ برب الفلق) ،
-------------------------------------------
(1) تفسير فرات الكوفي : 619 ح 774 .
(2) جف الطلعة وعاؤها الذي يكون فيه ، والجمع الجفوف ، والطلع من النخل شيء يخرج كأنه نعلان مطبقات والحمل بينهما منضود والطرف محدد .
(3) راعوفة البئر صخرة تترك في أسفل البئر إذا احتفرت تكون هناك ليجلس المستقي عليها حين =
(65)


فقال رسول الله ذاك فانحلت عقدة ، ثم لم يزل يقرأ آية ويقرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتنحل عقدة ، حتى قرأها عليه إحدى عشرة آية وانحلت إحدى عشرة عقدة ، وجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودخل أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره بما أخبره جبرئيل وقال : انطلق فأتني بالسحر ، فخرج علي عليه السلام فجاء به ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنقض ، ثم تفل عليه ، الحديث .
وإسناد هذا الخبر مما لا تقوم به حجة ، فإن عبد الرحمن بن محمد العلوي مجهول لا يعرف حاله ، ولم يتعرض أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ لترجمته ، وكذا صاحبه محمد بن عمرو الخزاز ، فإن حاله مجهول (4) ، وإنما ذكر النجاشي (5) في ترجمة أبيه عمرو بن عثمان الثقفي الخزاز أن له ابنا اسمه محمد روى عنه ابن عقدة . ونحوهما عيسى بن محمد وجده ، إذ لم يترجما في كتب الأصحاب رحمهم الله تعالى .
وأما إبراهيم بن محمد بن ميمون ، فقد حكي عن (ميزان الاعتدال) (6) للحافظ الذهبي أنه من أجلاء الشيعة ، ولذلك عدة المامقاني في الحسان (7) .
وأخرج ابنا بسطام في كتاب (طب الأئمة عليهم السلام) (8) عن محمد ابن جعفر البرسي ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى الأرمني ، قال : حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا محمد بن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إن جبرئيل عليه السلام أتى النبي
-------------------------------------------------
= التنقية .
(4) تنقيح المقال 3 / 164 .
(5) رجال النجاشي : 287 رقم 766 .
(6) ميزان الاعتدال 1 / 63 رقم 203 .
(7) تنقيح المقال 1 / 23 .
(8) طب الأئمة : 113 .
(66)
صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا محمد ، قال : لبيك يا جبرئيل ، قال : إن فلانا اليهودي سحرك وجعل السحر في بئر بني فلان ، فابعث إليه ـ يعني إلى البئر ـ أوثق الناس عندك وأعظمهم في عينك ـ وهو عديل نفسك ـ حتى يأتيك بالسحر .
قال : فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب عليه السلام وقال : انطلق إلى بئر ذروان (9) فإن فيها سحرا سحرني به لبيد بن أعصم اليهودي فأتني به .
قال علي عليه السلام : فانطلقت في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهبطت فإذا ماء البئر قد صار كأنه ماء الحياض من السحر ـ إلى أن قال ـ فاستخرجت حقا (10) فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : افتحه ، ففتحته فإذا في الحق قطعة كرب النخل في جوفه وتر (11) عليها إحدى عشرة عقدة ، وكان جبرئيل عليه السلام أنزل يومئذ المعوذتين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ، اقرأها على الوتر .
فجعل أمير المؤمنين عليه السلام كلما قرا آية انحلت عقدة حتى فرغ منها ، وكشف الله عز وجل عن نبيه ما سحره به وعافاه .
وهذا الخبر غير نقي الإسناد أيضا ، إذ فيه البرسي والأصحاب ـ رحمهم الله ـ لم يحوموا حوله ، ولا تصدوا لذكره في كتبهم ، فلم يتبين لنا حاله ، ومثله أحمد بن يحيى الأرمني .
وأما محمد بن المفضل بن عمر ، فقد عده الشيخ ـ رحمه الله ـ وسائر
---------------------------------------
(9) ذروان ـ بفتح المعجمة وسكون الراء ـ : بئر في بني زريق ، وهم بطن من الأنصار مشهور من الخزرج .
(10) أي وعاء من خشب أو عاج أو غيرهما مما يصلح أن ينحت منه .
(11) ا لوتر : شرعة القوس ومعلقها .
(67)


أرباب الرجال من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام (12) ، فالظاهر أن روايته عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام مرسلة ، ومع ذلك لا يعرف له حال .
بقي الكلام على محمد بن سنان أبي جعفر الزاهري الخزاعي ، وقد اختلفت كلمتهم فيه ، والمشهور بين الفقهاء وعلماء الرجال تضعيفه ـ كما نص عليه في التنقيح (13) ـ ونقل عن جماعة من الأكابر الطعن فيه والحط عليه .
فقد صرح الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ رحمه الله ـ بضعفه في الرجال والفهرست ، وقال في (التهذيب) : محمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا ، وما يستبد بروايته ولا يشركه فيه غيره لا يعتمد عليه ، ونحوه كلامه في (الاستبصار) .
وقال أيضا ـ في أواخر باب الميم من رجاله ـ : مياح المدائني ضعيف جدا ، له كتاب يعرف ب‍ : رسالة مياح ، وطريقها أضعف منها وهو محمد بن سنان .
وقال ابن الغضائري ـ رحمه الله ـ بترجمته : ضعيف ، غال ، يضع ، لا يلتفت إليه .
وقال المفيد رحمه الله ـ في رسالته التي في كمال شهر رمضان ونقصانه ، بعد نقل رواية دالة على أن شهر رمضان لا ينقص أبدا ـ : وهذا حديث شاذ نادر غير معتمد عليه ، في طريقه محمد بن سنان وهو مطعون فيه ، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه ، ومن كان هذا سبيله لا يعتمد عليه في الدين . انتهى .
وقد قدح فيه أيضا في كلام آخر .
وتوقف العلامة ابن المطهر ـ رحمه الله ـ فيه ، كما هو نص خلاصته .
ونسب التضعيف إلى جماعة آخرين ، منهم أبو محمد الفضل بن شاذان
-----------------------------------------------
(12) رجال الطوسي : 361 رقم 32 .
(13) تنقيح المقال 3 / 124 .
(68)

وأيوب بن نوح وصفوان بن يحيى .
قال أبو عمرو الكشي في رجاله : قال أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري : قال أبو محمد الفضل بن شاذان : لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان .
وقال أيضا : قال حمدويه : كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح وقال : لا أستحل أن أروي أحاديث ابن سنان .
وقال أيضا : ذكر حمدويه بن نصير أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان فقال لنا : إن شيءتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا ، فإني كتبت عن محمد بن سنان ولكني لا أروي لكم أنا عنه شيئا ، فإنه قال عند موته : كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماع ولا رواية وإنما وجدته . انتهى .وقال ابن داود : روي عنه ـ يعني محمد بن سنان ـ أنه قال عند موته : لا ترووا عني مما حدثت شيئا ، فإنما هي كتب اشتريتها في السوق .
وممن ضعفه من أجلة أهل العلم الشيخ الإمام المحقق نجم الدين ابن سعيد في مواضع من المعتبر ، والعلامة ابن المطهر في موضع من المختلف ، والآبي في كشف الرموز ، والشهيد الثاني في المسالك ، والمحقق الأردبيلي ، وتلميذه صاحب المدارك ، وصاحب الذخيرة ، وحكي ذلك أيضا عن المعتصم والمنتقى ومشرق الشمسين ، والحبل المتين ، وحاشية المولى صالح ، والتنقيح ، والفخري في مرتب مشيخة الصدوق ، والذكرى ، والروضة ، وغيرها .
فالحزم اجتناب أحاديثه لا سيما في المسائل الأصولية ـ كالتي نحن فيها ـ ، وإن احتجوا ببعضها في الفروع فإنما ذلك لوجود متابعة ، أو قيام شاهد ، أو تحقق انجبار الضعف بعمل الأصحاب ، أو لأجل الاستناد إلى قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة في مواردها عند الذاهب إلى حجيتها وتماميتها ، وغير ذلك .
وإن أبيت إلا القول بوثاقته ـ استنادا إلى ذب صاحب التنقيح عنه ـ فإن
(69)



الآفة لا ترتفع من الحديث أيضا ، لجهالة سائر رجال السند ـ كما عرفت آنفا ـ .
ولا يخفى عليك أن أكثر ما ذكره المامقاني ـ رحمه الله ـ في الذب عنه وأجاب به عن المطاعن والقوادح التي رمي بها لا تأبى المؤاخذة والايراد .
هذا ، مع أن الجرح هنا مفسر فيقدم على المدح والتوثيق على مقتضى القاعدة المقررة في محلها.
فإن قلت : سلمنا ، إلا أن الشيخ ـ رحمه الله ـ قد علق في التهذيب والاستبصار ، وكذا النجاشي ـ رحمه الله ـ في رجاله عدم الاعتماد على روايته على ما استبد بروايته ولم يشركه فيه غيره ـ كما مر آنفا ـ وهذا الحديث ليس كذلك ، إذ قد روي من وجوه أخر .
قلت : مضافا إلى أن الأكثر أطلقوا القول بتضعيفه ولم يقيدوه بذلك ـ ومنهم الشيخ رحمه الله في كتابيه الرجال والفهرست ـ فإن جميع الأخبار المروية في هذا الباب مرمية بالضعف والشذوذ ، ورطل منها لا يقام له وزن ولا يسوي دانقا ، ورواتها بين مجهول ووضاع .
وبالجملة : فليس في المقام ما يوجب الركون ويورث السكون إلى هذا الحديث وأضرابه ، بل الصارف عنه وعن أمثاله قوي ، ولو سلمنا فغاية ما تفيده الأحاديث الواردة في هذا الشأن الظن ، وظاهر أنه لا يكتفى به فيما نحن فيه ، بل لا بد من القطع واليقين والعلم الذي لا يعتريه شك ولا ريب ، فتنبه .
هذا كله من جهة الإسناد ، وأما متنه فلا يخلو من نكارة ، فإن ظاهر ما ورد فيه من أن أمير المؤمنين عليه السلام كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ من المعوذتين ، أنه بإتمام قراءتهما انحلت العقد الإحدى عشرة بأجمعها ، وهذا لا يتم إلا على القول بأن المعوذتين إحدى عشرة آية ، وهو مذهب أهل الخلاف ، وأما على مذهب أهل الحق فلا يستقيم ذلك ، لإجماعهم على أن البسملة آية ، اللهم إلا أن يقال : إن المراد أصل المعوذتين دون بسملتيهما ، ودونه خرط القتاد .
(70)


مضافا إلى أن بين الخبرين المتقدمين تهافتا بينا ، ففي الأول أن جبرئيل عليه السلام هو الذي تولى قراءة المعوذتين ، وفي هذا أن عليا عليه السلام هو الذي قرأهما ، وعليك بالتأمل والتروي فيما روي في هذا الباب علك تهتدي إلى علل أخرى ، والله المستعان .
وفي كتاب طب الأئمة عليهم السلام أيضا (14) عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ـ من حديث ـ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سحره لبيد بن أعصم اليهودي ، فقال أبو بصير لأبي عبد الله عليه السلام : وما كاد أو عسى أن يبلغ من سحره ؟ قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام : بلى ، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرى أنه يجامع وليس يجامع ، وكان يريد الباب ولا يبصره حتى يلمسه بيده ، والسحر حق ، وما يسلط السحر إلا على العين والفرج ـ الحديث ـ .
ومع غض الطرف عن إرساله ، أفليس ـ يا أولي الألباب ـ أن من يرى أنه يفعل الشيء ولا يفعله قد بلغ السحر منه مبلغا عظيما وأخذ بروحه بحيث يتخيل ذلك ؟ ! وحاشا أشرف الخلائق وأكملهم على الإطلاق صلى الله عليه وآله وسلم من هذا التخبيط والتخليط .
وفي كتاب (دعائم الإسلام) (15) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام ، عن علي عليه السلام : أن لبيد بن أعصم وأم عبد الله اليهوديين لما سحرا النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعلا السحر في مراقي بئر بالمدينة ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب ، فنزل عليه جبرئيل ، بمعوذات ـ الحديث ـ .
وهذا خبر آحاد مرسل لا يحتج بمثله في هذه المقامات ، على أن هذا
----------------------------------------
(14) طب الأئمة : 114 .
(15) دعائم الإسلام 1 / 138 ح 487 .
(71)


اللفظ يدفع الذي قبله من حيث عدم تسلط السحر إلا على العين والفرج فحسب ، فإنه مشعر ، بل صريح في تأثيره في عقله صلى الله عليه وآله وسلم حتى صار لا يفهم ـ والعياذ بالله ـ ما دام مسحورا ، وهذا من أشنع الأقوال وأفسد الآراء عند أولي البصائر والحجى ، بل صريح الخبر أن السحر أثر في سمعه وبصره وكلامه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ، فأقام لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ، وكذلك لا يأكل ولا يشرب ، وهذا كله من أبين الأباطيل وأوضح الأضاليل ، إذ كيف يصلح من جاز عليه مثل ذلك ـ من تعطيل الحواس واختلالها ـ لمنصب عظيم ومقام جسيم كالنبوة والرسالة والتبليغ عن الله تعالى شأنه وعز سلطانه .
وليعلم أن هذه المرويات وأضرابها لا تنفق في سوق الاعتقاد السديد وإن عزيت إلى الأئمة الهادين سلام الله تعالى عليهم أجمعين ، ولا يعول عليها ذو مسكة ، ولا يحتفل بشيء منها ذو لب ودين ، لمعارضتها لصريح الكتاب العزيز وبداهة العقل .
وعلى تقدير ثبوتها ، فإنها محمولة على التقية بلا ريب ، لموافقتها لأحاديث مخالفينا واعتقادهم ، وهذا أحسن ما يقال فيها على ذلك التقدير .
ومن القواعد المقررة عندهم أن المسائل الأصولية لا بد فيها من برهان قاطع ودليل جازم ، فلا يجوز التعويل على الظنون في ذلك .
قال الإمام العلامة جمال الدين ابن المطهر ـ رحمه الله تعالى ـ في (مبادئ الأصول) (16) : خبر الواحد إذا اقتضى علما ولم يوجد في الأدلة القاطعة ما يدل عليه وجب رده ، لأنه اقتضى التكليف بالعلم ولا يفيده فيلزم تكليف ما لا يطاق . انتهى .
وبالجملة : فقد قرروا أن الحديث إذا جاء على خلاف الدليل من
------------------------------------------
(16) مبادئ الوصول : 209 .
(72)
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف