ليس من المبالغة القول: إن الاستشراق اهتم ولا زال بتاريخ الإسلام والمسلمين بما يقرب أو يوازي اهتمام المسلمين أنفسهم بل أحيانا يزيد؛ إذ تشير التقديرات إلى أن عدد الكتب التي كتبت عن الشرق الأدنى بلغ نحو (60000 كتاب) ما بين عامي (1800 و1950م)(1) . وكان لتاريخ الإسلام والمسلمين الحظ الأوفر من هذه الكتب والبحوث والدراسات، بل إن عناية الاستشراق بالتراث العربي الإسلامي وحضارته فاقت كل الجهود التي قدمها الاستشراق لاختراق أفق الشرق الفكري (2) . وليس هذا من المستغرب إذا علمنا أنه يوجد في أمريكا وحدها حوالي (50 مركز) متخصص بالعالم الإسلامي، وأن المستشرقين يصدرون (300 مجلة) متنوعة بمختلف اللغات، وعقدوا (30 مؤتمر دولي) فضلاً عن عشرات المؤتمرات والندوات الإقليمية خلال قرن واحد، ومنذ (150 سنة) وحتى الوقت الحاضر، يصدر في أوربا بلغاتها المختلفة كتاب واحد يومياً ـ على الأقل ـ عن الإسلام والمسلمين(3). وقد اتفقت هذه الكمية الهائلة من البحوث والدراسات واختلفت في مواضيع وجزئيات شتى؛ بحسب متبنيات كل مستشرق ودوافعه وتوجّهه وآرائه وتفسيراته وتوفّر مصادره. ومنهجيته وموضوعيته ومتبنّياته.
وكان ميدان المذاهب والفرق الإسلامية، من الميادين الخصبة للاستشراق؛ لما يترتب عليه من سبر لأغوار وكنه تلك المذاهب والفرق، للوقوف على جذور ما بقي منها حاضراً ومتجسداً؛ لربط الماضي بالحاضر وصياغة تاريخ متسلسل لهذا المذهب أو تلك الفرقة؛ لما قد تحتاجه مسائل تقييمية، أو رصدية، وحتى سياسية في الوقت الحاضر. أو لأن المستشرقين في الأعم الأغلب إنما كانوا يهدفون ـ من خلال تلك الدراسات ـ لتعميق وتوسيع وتكريس حدة الخلافات وتوسيعها وتكريسها بين المذاهب والفرق الإسلامية، وإبراز حالات الانقسام والتباين والتجزئة بين صفوف المسلمين سياسياً وفكرياً ودينياً. فضلاً عن أسباب أخرى من بينها حكم التخصص في التاريخ الإسلامي الذي لا مندوحة من أنه يجر للخوض في هذا الميدان، أو أن محاولة تقصي الرواية التاريخية ونقدها، وتخليصها من شوائب الأهواء والتوجهات الدينية والمذهبية، هي من تقود للتعرض لتفاصيل مشابهة. أو غير ذلك من الأسباب.
وبمقتضى ما توخاه الاستشراق من الخوض في هذا الميدان؛ كان للتشيع والشيعة وسير الأئمة : نصيبٌ وافرٌ من الجهد والاهتمام الاستشراقي (4) ، ما يكاد معه يقارن بما كتب عن السيرة النبوية، ويرجح على الاهتمام بالكتابة عن الفرق والمذاهب الأخرى، أو سير الشخصيات المنتمية لها. فحاول الاستشراق تفحص كل خيوط النسيج الفكري والعقائدي الشيعي، واندفع المستشرقون، من شتى الجنسيات الأوربية والأمريكية وغيرها، على سبر أغوار الحركة الشيعية، والنفوذ إلى عمقها الضارب والقديم قدم الإسلام نفسه(5) لدراسته والتعرف حتى على الشعائر والطقوس والممارسات العزائية، فسافروا إلى المدن الشيعية المقدسة، ومكثوا فيها شهوراً وسنين، وبطبيعة الحال بذلوا جهوداً لا تنكر، وتحملوا مخاطر وظروفاً لا يمكن التكهن بها؛ لرؤية تلك الممارسات، وتفحصها عن كثب وقرب، والكتابة عنها (6) .
ولكن مما يؤسف له أن الأعم الأغلب من تلك الدراسات كانت تحتوي على استنتاجات وتفسيرات خاطئة وغير منصفة، ولعلها حاقدة؛ لما كانوا يعملون عليه من تعميق الخلاف بين المذاهب الإسلامية، أو لأنهم استمدوا موادهم من مصادر أولية وأساسية إلا أنها كانت لمؤلفين داروا في فلك السلطة، أو انتفعوا منها مادياً ومعنوياً، فجافوا الحقيقة التاريخية وجانبوها تماماً وشوهوا صورة التشيع والشيعة لما يمثلونه من جانب معارضة دائم للسلطة السنية. أو أنها لمؤلفين حاولوا ازدراء مذهب التشيع واتهامه بما ليس فيه، بل حتى تكفير معتنقيه، لأنه يتقاطع مع مذاهبهم التي ينتمون إليها!!
وبصورة عامة كانت مؤلفات مدرسة الخلفاء، تحاول قمع رواية المدرسة الشيعية وتغييبها واتّهامها وتشويهها وتسويفها وتكذيبها وتضعيفها... إلخ، بما ركنت إليه تلك المصادر من روايات أموية وعباسية ضعيفة أو معدلة أو محرفة أو موضوعة من قبل رواتها. وهي ما كانت سلاحاً بيد مدعي الموضوعية من المستشرقين ـ فضلاً عمن لا يتصف بهذه الصفة ـ لأن يدلوا بتفسيرات خاطئة وغير موضوعية البتة (7) .
أما عن سبب هذا الاهتمام المطرد بمذهب التشيع، فقد تقدم أن قلنا: إنّهم يحاولون تهويل حدة الخلافات بين المذاهب والفرق الإسلامية سيما بين السنة والشيعة، باعتبارهما القطبين الذين يتمحور حولهما الإسلام اليوم، خصوصاً وإن المذهب السني كان ولا يزال يمسك بزمام السلطة في الدول الإسلامية ـ حتى في بلدان غالبيتها من الشيعة ـ أكثر من المذهب الشيعي، أي: إن المعارضة والتنافر الخافت لا يزال مستمراً، ومن السهل إشعال فتيله أو تأجيجه في أي وقت، من خلال بيان الفروق بينهما، وتعظيمها وتوسيعها، بل ومحاولة القذف ببعض آراء هذا المذهب أو ذاك في أحضان المسيحية كما يفعل المبشرون، أو أحضان التوراتية كما يفعل اليهود. إلا أن هذا لا يبدو سببا كافياً، لمتابعات استشراقية دقيقة للفقه الإمامي الإثني عشري، أو دراسة متقصية لعقيدة الغيبة والإمام المنتظر، أو دراسات عن واقعة كربلاء، وما أحدثته من هزة في الوجدان والشعور الإسلامي والإنساني، أو تقصّ ودراسة للحركة الفكرية والعلمية متمثلة بالإمامين الباقر والصادق 8 أو دراسة عن دور المجتهد ومرجع التقليد، .. إلى غيرها من الدراسات المرتبطة بمذهب التشيع. ولذلك تبرز للعيان أسباب أخرى منها:
التكفير عن، أو محاولة تصحيح أخطاء مكتسبة عن الماضي، أو محاولة استعمال مصادر أكثر حيادية، أو أنها تنتمي لمدرسة التشيع نفسها. فقد كان المستشرقون القدامى ـ سيما الجيل الأول منهم ـ قد أقصوا عقيدة التشيع، والحركات الشيعية، والديناميكية الفعالة لمذهب التشيع من أحداث التاريخ الإسلامي؛ اعتماداً على التوجهات التي سطرتها مرويات كتب مدرسة الخلفاء، ككتاب (مقالات الإسلاميين للأشعري ت330هـ)(8) ، وكتاب ( الفرق بين الفرق للبغدادي ت429هـ)(9) ، وكتاب (الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الظاهري ت456هـ)(10) ، وكتاب (الملل والنحل للشهرستاني ت548 هـ) (11) .
فعلى سبيل المثال نجد كتاب الفصل (لابن حزم) الذي حقق وترجم وطبع منذ العقد الأخير للقرن التاسع عشر، واعتمده كثير من المستشرقين في السنوات الأولى من القرن العشرين (12) . ولربما راج هذا الكتاب؛ لما يتصف به مؤلفه من تعسف وغلو في التحامل على مذهب التشيع، والمذاهب الأخرى ممن يخالفونه في الرأي، إذ كان «كثير الوقوع في العلماء المتقدمين لا يكاد يسلم أحد من لسانه فنفرت عنه القلوب واستهدف فقهاء وقته فتمالؤوا على بغضه وردّوا قوله وأجمعوا على تضليله وشنعوا عليه وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ عنه فأقصته الملوك وشردته عن بلاده.. كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين وإنما قال ذلك لكثرة وقوعه في الأئمة» (13) . فلم يأل (ابن حزم) (14) جهداً في تشويه صورة الشيعة والمذهب الشيعي؛ لأنه يخالفهم في المذهب من جانب، ولأن جديه (سفيان) وأبيه (يزيد) كانا موالي لـ(يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي) (15) . فنراه يلصق بالشيعة ومذهب التشيع أكاذيب وافتراءات لا تجد لها عينا ولا أثراً، كاتهامهم أنهم يقولون بتحريف القرآن، وأنهم يجيزون نكاح تسعة نساء (16) ، وإمامة المرأة والحمل في بطن أمه، وأن مذهبهم مأخوذ من عبد الله بن سبأ (17) الذي أحرق الإمام علي (عليه السلام) عدداً من أصحابه (18) . بل أكثر من ذلك كله، إذ يدعي أن الروافض (19) ليسوا من المسلمين! ويقصد بهم أتباع مدرسة أهل البيت: (20)، ولذلك تصور، بل تيقن عدد من المستشرقين القدامى أن حركة التشيع ما هي إلا حركة منعزلة، وذات تأثير ضئيل في التاريخ الإسلامي.
إلا أنه وبمرور الزمن، وعندما شرع المستشرقون بدراسة مذهب التشيع، من مصادره ومنابعه الأساسية، عرفوا مقدار الإنزلاقات التي سطروها في بحوثهم ودراساتهم، ووقفوا على كمية هائلة من المعلومات التي جافت الواقع وجانبت الصحة والدقة. فعرفوا أنها حركة مقصاة تعمداً، وأن لها ثقلها في التاريخ والحاضر الإسلاميين. وعلى الرغم من أنّهم لم يكونوا يتوخون الدقة والموضوعية في الحكم، إلا أنهم كانوا بحاجة لرصد وإحصاءات دقيقة وصحيحة؛ لما يترتب على ذلك من رسم لمشاريع سياسية، وأخرى اقتصادية وفكرية وثقافية، ولما يتطلبه عنصر المواجهة مع الخصم. فشرعوا حين ذاك يبحثون في التشيع بالاعتماد على مؤلفات علمائه ومؤرخيه، وسافر بعضهم إلى إيران والعراق وغيرها بحثاً عن المخطوطات والكتب القديمة فدرسوها وترجموها؛ للوقوف على حقيقة هذه الطائفة، كالمستشرق(D. M. Donaldson) دوايت م . دونلدسن (21) الذي يعد في مقدمة من اهتموا بهذا المجال، ومن أهم مؤلفاته كتابه (عقيدة الشيعة) (22) الذي يظهر انه جاء استجابة ملحة لرغبة استشراقية للتعرف عن التشيع إذ كتب يقول: ( كتب الأستاذ براون (23) سنة 1924م قائلا: ما زلنا نفتقر إلى مؤلف شامل معتبر عن عقيدة الشيعة بأية لغة غربية ) (24).
وكان من نتيجة هذا الاطلاع، أن تبين للمستشرقين أن العقيدة أو المذهب الشيعي، هو مذهب متحرك وتطوري فكرياً وحضارياً؛ لأنه يعتمد التجديد والعقل والاجتهاد، ولا يعاني الجمود والتكرار. بمعنى أن حرية الفكر الشيعي وانفتاحه وتطوره، وتلبيته لاحتياجات العصر، يجعل من الإسلام قادراً على استيعاب الفلسفات والأفكار الحديثة وامتصاصها، وقولبتها وصياغتها صياغة إسلامية شرعية، مما يجعله منافساً للفلسفات والأفكار والنظم الأوربية الحديثة. ولعل هذا ما ساق الغربيين للبحث في مسائل الغيبة والنيابة والاجتهاد والمرجعية الدينية. وفي هذا يقول (Bernard Lewis)(25) :«لم تلاق كل الأفكار المستوردة من الغرب، سواء من طريق الغربيين الدخلاء أو وكلائهم المتغربنين، الرفض، بل إن بعض هذه الأفكار حظيت بالقبول حتى من قبل أشد الناس تطرفاً. . إحدى هذه الأفكار: الحرية السياسية. . وعمليات التمثيل البرلمانية، والانتخابات والحكومات الدستورية، حتى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لها الآن دستور مكتوب، ومجلس نواب منتخب، بالإضافة إلى هيئة دينية حاكمة، وليس شيء من ذلك كله كان وارداً في التعاليم الإسلامية في الماضي»(26) . ويقول (Louis Massignon) (27) :«وأما فكرة الشيعة عن الإمامة، تلك الفكرة التي كانت قوية جداً في المغرب، فالظاهر أنها اختفت مورثة فكرة المهدي، التي تنطوي دائماً رغم كمونها على حركة باطنية شديدة، والتي تترقب بفارغ الصبر ظهور المهدي الذي سيسترد حقوق الإسلام بحد السيف» (28) .
لقد حاول هؤلاء ربط التشيع بالإرهاب، من خلال الوقوف على دراسة بعض حركات الغلو المنـزلقة عن مذهب التشيع، ولعل أبرز مثال على ذلك ما توخاه المستشرق البريطاني المعاصر (Tucker) في بحثه (أبومنصور العجلي وفرقة المنصورية. دراسة في إرهاب العصور الوسطى) ، وما سعى إليه المستشرق (Lewis Bernard) في دراسته للحشاشين الإسماعيلية (29) ، إذ اختار عنوان (القتلة) . من تصنيف الشيعة إلى معتدلين ومتطرفين، ومحاولة إبراز، والربط بين الأخيرين وبين عقيدة الفدائية والانتحارية في قتل الأعداء، لتلك الحركات وبعض الشيعة في الوقت الحاضر (30) . في حين نجده في كتابه ( الإسلام الأصولي) يقول:« الحركة التي تدعى هذه الأيام بالأصولية ليست هي النموذج الإسلامي الوحيد. هناك نماذج أخرى متنورة ومتسامحة يمكن أن تساعد على إلهام الانجازات العظيمة للحضارة الإسلامية في الماضي. ونحن نأمل أن هذه النماذج سوف تنتصر مع مرور الوقت. من جانبنا ينبغي علينا أن نتخذ كل الاحتياطات لتجنب خطر عهد جديد من الحروب الدينية، مترفعين عن إثارة الخلافات أو إحياء الأحقاد القديمة» (31) .
إنّ دخول الشيعة واختراقهم ووعي قطاع عريض من أوساط الرأي العام؛ على أثر انتصار الثورة الإسلامية في إيران (1979م) ، ودخولهم في نزاع مع الغرب. أدّى إلى ظهور كتب مثل (سطوع نجم الشيعة. للصحفي والمستشرق الألماني Gerhard Konzelmann جرهارد كونسلمان) و (في الإسلام الإيراني جوانب روحية) و(فلسفة الشيعة الإثنا عشرية) ، و (مشاهد روحية وفلسفية للإسلام في الإطار الإيراني) للمستشرق والفيلسوف الفرنسي Henry Corbin هنري كوربان) و (التشيع والتحول في العصر الصفوي) للمستشرق البريطاني Colin Turner كولن تيرنر) و ( الإسلام الشيعي عقائد وأيدلوجيات للمستشرق الفرنسي يان ريشار) و (يقظة أو نهوض أو انبعاث الشيعة. للأمريكي Valy Nasr فالي ناسر) وغيرها. كما كان لانخراط الشيعة في الحرب الأهلية في لبنان بصورة تدخل عسكري بعد الغزو الإسرائيلي (1982م) ، والحرب الأهلية في أفغانستان ومشاركة الشيعة فيها، والتنازع بين الأرمن والآذربيجانيين على جبل (قره باغ) ومشاركة الشيعة من الطرفين في هذا النزاع، وثورات الشيعة في جنوب العراق ووسطه بعد حرب الخليج (1991م) و(1999م) ، ومن ثم بعد سقوط صدام (2003م) اتضح فجأة ـ للغربيين طبعاً ـ أن الشيعة يشكلون أكثرية سكان العراق، وأنه من حقهم المطالبة، وأخذ زمام المبادرة في تولي السلطة. كل هذه الأحداث أثرت تأثيراً بارزاً في دفع الاستشراق للتوغل في ميدان الشيعة والتشيع، وبرَّزت الوجه الحقيقي للشيعة كقوة سياسية فاعلة (32) .
وبطبيعة الحال كان بين تلك الدراسات القديمة والكلاسيكية، وبين هذه الدراسات، التي برزت وطفت على السطح الاستشراقي، نتيجة للأسباب أعلاه تباين كبير في الرؤى والتفسيرات، حتى على مستوى المسائل التاريخية، كمسألة الثورة في كربلاء التضحية والصمود والوفاء. فبينما كان أكثر المستشرقين والمفكرين الغربيين الكلاسيكيين متأثراً بالرواية التاريخية السنية أو السلطوية غير المبرأة من الأهواء الحزبية والمذهبية والسياسية، نجد عدداً من مستشرقي الجيل اللاحق والوقت الحاضر ومفكريهم قد نأوا بأنفسهم عن المتابعة، والأخذ عن والسير في فلك تلك الروايات والنصوص، وفضلوا إما المشاهدة الحية لما يجري على أرض الواقع وربطه بالأثر أو الجذر التاريخي أي: سحب الحاضر ليلاصق الماضي، أو اعتماد ذلك الأثر ورسم خط بياني بينه وبين الممارسة والواقع الحالي. أي: سحب الماضي على الحاضر، وفي كلا الحالين فضلوا استعمال المصادر الشيعية قدر الإمكان، إلا أن هذا لا يعني غياب النظرة السلبية وانقشاعها تماماً، فما زال هناك من يكتب وهو بين قضبان الرواية الأموية والعباسية السلطوية، أو بين انغلاقات أو توجيهات وتجاذبات المصلحة السياسية أوالأيديولوجية. فالحال في الكتابة عن التشيع شبيهة أو هي ذاتها في الكتابة عن الإسلام والسيرة النبوية، إذ بدأت دائرة في فلك الكنيسة والتوجيه التبشيري المسيحي الطائفي المسيء والحاقد، ثم أخذت تدريجياً تجلو صدأ تلك الحقبة الكنسية المتعصبة وترسباتها، التي أضحت ممجوجة وغير مرحب بها من قبل المستشرقين ـ الموضوعيين والمعتدلين طبعاً ـ أنفسهم. أطلق عليها (حقبة الجهل أو حقبة جهل الخيال الظافر أو المنتصر) (33) . وسمي ما بعدها بـ(حقبة التعقل والأمل، (ومن ثم) حقبة لحظة الرؤيا (34) ، أو نمو وذبول رؤية أقل سجالية أو عدائية للإسلام، (ومن ثم) حقبة التعايش المقارب، ومن التعايش إلى الموضوعية، أو التعايش السلمي والتقارب، (ومن ثم) من التعايش السلمي إلى الموضوعية) (35). وهكذا الحال بالنسبة للكتابة عن الشيعة والتشيع، وفي كلا الحالتين بقيت رواسب كثيرة من ظلال الحقبة السابقة . وسنحاول في هذه العجالـة تتبع ورصد شريحة من الأعمال الاستشراقية المنتمية للحقبتين، بخصوص ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، وتضحيته في كربلاء الشهادة.
نبتدئ هذه المقاربة مع ( Julius Wellhausen يوليوس فلهوزن) (36) . فقد كان في كتابيه احزاب المعارضة والدولة العربية وسقوطها اعتمد فيه بشكل أساس على (تاريخ الطبري) ، فحاول استخلاص أرجح الروايات، ومقابلتها مع الروايات الواردة عند (ابن الأثير في الكامل) ، وهو في هذا الكتاب كان أول من أراد الدفاع أو إنصاف بني أمية ـ حسب اعتقاده أنهم ظلموا ـ من عصبية المؤرخين التي أملتها ـ حسب تقديره ـ العصبية الشيعية وغير الشيعية (37) . كما« انصب إعجابه على الخوارج الذين خرجوا على كل أشكال الاستبداد السياسي باسم الدين، أو باسم تأويل معين للدين. وبهذا المعنى للبيوريتانية (الطهورية) فقد عد فلهاوزن آراء الخوارج ونضالهم، مواجهة منهم لآراء الشيعة (قدسية أهل البيت) كما هي مواجهة مع الأمويين المستبدين دونما اعتبار لتوجهاتهم الدينية. فالخوارج عند فلهاوزن هم بروتستانت الإسلام، وقد أثبتوا ذلك ليس في ثوراتهم فقط، بل في الدول التي أنشؤوها بعمان والمغرب. وفي حين كان من المنتظر أن يتطور التشيع من معارضة سياسية إلى «لاهوت»؛ فإن التطور اللاهوتي الذي شهدته الإباضية (إحدى فرق المحكمة) إنما حصل بسبب هزيمة الفكر الجمهوري لديهم، لصالح مؤسسة الخلافة وإمبراطوريتها الضخمـة» (38) . وهـو في كتابه هذا يعـدّ (اليعـقوبي) ممثـلاً لـرأي المدرسـة الشيعيـة ـ وشتان بين تشيع الشيعة وتشيع اليعقوبي ـ ولذلك اعتمد رواية (أبي مخنف) الواردة عند الطبري، ورجحها على غيرها، كما اعتمدها ميزاناً لمقابلة الروايات الأخرى.
فكان ما نقله عن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) وشهادته قوله: «... رفض أن يبايع يزيداً، وحتى يخلص من سلطانه فر من المدينة.. فدعاه أهل الكوفة إليهم للخروج تحت قيادته على سلطان بني أمية.. ومالت نفس الحسين إلى تلبية هذه الدعوة الملحة التي وجهها كثيرون.. وظنّ أنّه سيستقبل في الكوفة استقبالاً حافلاً، ولم يكن يعلم شيئاً عن نهاية مسلم بن عقيل الأليمة.. وكان يود أن يعود أدراجه لولا أن إخوة القتيل طالبوا بالمضي في الأمر لينتقموا لمقتل أخيهم. . أما حفيد النبي فلم يجسر أحد على قتله، إلى أن قام شمر فقضى على هذا التردد. لقد كان قائد الهجوم، إن صح الحديث عن قيادة هنا فأفلح أولاً في أن يبعد الحسين من معسكر النسوة والأطفال، وهو معسكر لم يكن لأحد أن يمسه بأذى.. ومال الناس على نساء الحسين وثقله ومتاعه حتى أن كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه فيذهب به منها.. ولم يتوقف النهب إلا لما جاء عمر بن سعد. . ودفن شهداء كربلاء في الغاضرية، أما رؤوسهم فقد أُحتزت وأخذت. . إلى الخليفة يزيد في دمشق فسر بما حدث كل السرور، ولذ له أن يمسك بقضيب وينكت به في ثغر الحسين. أمّا السبايا والأطفال فقد عاملهم يزيد بشهامة وعطف، وأظهر الصداقة لعلي بن الحسين.. مما جعل علياً يعترف له بالجميل. وأذن لأسرة الحسين بالعودة إلى المدينة، في صحبة رجل أبدى من الرقة والاحترام نحو النسوة، ما جعلهن يقدمن له أساورهن شكراً له على صنيعه معهن. . وما كان للمرء أن يستفيد كثيراً من المعلومات المهمة ـ من شيعي متحمس مثل اليعقوبي عن حادث له عند أصحاب مذهبه أهمية قصوى. . وأبو مخنف هو الحجة الكبرى، وبوصفه كذلك اعتمد على اسمه المزيفون فيما بعد فنسبوا إليه الأسطورة المتأخرة المتعلقة بمقتل الحسين.. ولم يكن أبو مخنف أول من جمع هذه الأخبار كلها، بل هو يذكر أسلافاً له وزملاء، فعلوا ذلك قبله، فتكون عن ذلك نوع من الإجماع.. على أنه لا يفصله غير جيل واحد عن أولئك الذين عاشوا هذه الأحداث.. وشهود العيان على نوعين: فمنهم من كان في صفّ الحسين من عبيد أو هاربين، وكانوا قلّة، ومنهم ـ وهم الغالبية ـ كانوا في صف أعداء الحسين. ولكنهم بوصفهم رواة لم تكن ميولهم مع الموقف الذي وقفوه، بل كانوا نادمين على موقفهم القديم. ولذا كانوا يحاولون التقليل من أهمية اشتراكهم، أو يقلّلون من نصيبهم في الجريمة، أو يستدروا العطف عليهم بتصويرهم القتال ضد الحسين في صورة فيها تمجيد لشأن الحسين. . أما أبغض الناس إلى أبي مخنف فهو عبيد الله بن زياد. . نعم قد يؤخذ عليه أنه في أثناء غضبه صفع هانئاً على وجهه. والخساسة التي ارتكبت بشأن رأس الحسين لم يرتكبها هو، بل يزيد بن معاوية. وربما كانت الروايات قد عاملت يزيد بن معاوية برفق أكبر جداً مما يستحق. فإنه إذا كان مقتل الحسين جريمة فالمجرم الأكبر فيها يزيد، لأنه هو الذي بعث عبيد الله للقيام بإجراءات قاسية. وكانت النتيجة مرضية جداً ليزيد، واغتبط لها أيما اغتباط، فإن كان قد غضب على خادمه عبيد الله من بعيد، فما كان ذلك إلا تطبيقاً لامتياز الحاكم الأعلى، أعني أن يحول الكراهية عنه إلى الأدوات التي اصطنعها لنفسه في جريمته. حقاً أن المودة التي أبداها نحو من بقي من آل الحسين ليست مما يعيبه، وإن كانت مودة تنطوي على الدهاء ولم تصدر عن قلب مخلص. . لقد مضى الحسين كما مضى المسيح في طريق مرسوم، ليضع ملكوت الدنيا تحت الأقدام، ومد يده كالطفل ليأخذ القمر. ادعى أعرض الدعاوى ولكنه لم يبذل شيئاً في سبيل تحقيق أدناها، بل ترك للآخرين أن يعملوا من أجله كل شيء. وفي الواقع لم يكن أحد يوليه ثقة، إنما قدم القوم رؤوسهم يائسين، ولم يكن يصطدم بأول مقاومة حتى انهار، فأراد الانسحاب ولكن كان ذلك متأخراً، فاكتفى بأن راح ينظر إلى أنصاره وهم يموتون في القتال من أجله، وأبقى على نفسه حتى اللحظة الأخيرة. لقد كان مقتل عثمان مأساة (تراجيديا) أما مقتل الحسين فكان قطعة مسرحية انفعالية (ميلودراما) . ولكن عيوب الحسين الشخصية تختفي أمام هذه الواقعة، وهي أن دم النبي يجري في عروقه وأنه من أهل البيت. فلم يكن عليه أن يجهد نفسه، لأن ولاية الأمر فيه بطبعه. وافتقاره إلى الصفات المعنوية تعوض عنه ـ وتزيد ـ القداسة الكائنة في لحمه ودمه. وهذا ما أعطى لشخصه أهميته، ولتأريخه طابع التاريخ الإسلامي الانفعالي. فلقد فتح استشهاده عصراً جديداً لدى الشيعة، بل نظر إلى هذا الاستشهاد على أنه أهم من استشهاد أبيه، لأن أباه لم يكن ابن بنت النبي» (39) .
من الواضح جداً أن (فلهوزن) تحدث عن الإمام الحسين (عليه السلام)، وثورته وشهادته مجردةً عن البعد الروحي والديني، أو أنه ـ نتيجة لقصده توخي الموضوعية والحيادية أو عدم موضوعيته ـ انتزع من الحدث جوهره وأساسه؛ فتناوله على أنه حدث تاريخي له أسبابه المادية لا غير. ومن الواضح أيضاً أنه على الرغم من محاولته الهروب، أو تحاشي الوقوع تحت تأثير الرواية الموجهة أو السلطوية، نجد أنها فرضت تأثيرها عليه. لذا يمكن القول:
◙ أولاً ـ اعتمد فلهاوزن رواية (أبو مخنف) فقال: «وأبو مخنف هو الحجة الكبرى»(40) . لأنه ـ حسب اعتقاده ـ وإن كان شيعياً إلا أنه أقل حماسةً من (اليعقوبي) الذي استبعد رواياته؛ لحماسته التي قد تحيد به عن الوصف والنقل الدقيق والصحيح فقال:« وما كان للمرء أن يستفيد كثيراً من المعلومات المهمة من شيعي متحمس مثل اليعقوبي عن حادث له عند أصحاب مذهبه أهمية قصوى» (41) . وفات (فلهوزن) أن كلاً من (اليعقوبي) و (أبي مخنف) ليس شيعياً بالمعنى الخاص، أي: شيعياً إمامياً ـ يقول بإمامة الأئمة بالنص ـ إنما هما من شيعة العباسيين. فأبو مخنف «من المحدثين وممن يرى صحة الإمامة بالاختيار، وليس من الشيعة ولا معدوداً من رجالها»(42) . وقال عنه رجال التراجم الشيعة:« شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم، وكان يسكن إلى ما يرويه»(43) . أي: إنّهم لم يذكروا تشيعه الإمامي، وقد ناقش السيد (الخوئي) أقوال العلماء فيه، وانتهى إلى القول:«وكيف كان فهو ثقة مسكون إلى روايته» (44) ـ على اعتبار أنها رواية تاريخية لا تتعلق بحكم فقهي ـ . وإن مما يدل على عدم إماميته وتشيعه، أنه لم يرو أحداث كربلاء عن الإمام السجاد (عليه السلام) أو الإمام الباقر(عليه السلام)، بل إنه عاصر أربعة من الأئمة (السجاد، الباقر، الصادق، الكاظم:) ولم يرو عن أحدٍ منهم بشكل مباشر، نعم روى عن أصحابهم بعض الروايات (45) .
وقد أكّد المفيد (ت413هـ) عدم تشيعه في كتابه (الجمل) إذ أورد عنه عدداً من الروايات، وقال في نهاية كتابه:« فهذه جملة من أخبار البصرة وسبب فتنتها ومقالات أصحاب الآراء في حكم الفتنة بها قد أوردناها على سبيل الاختصار وأثبتنا ما أثبتنا من الأخبار عن رجال العامة دون الخاصة ولم نثبت في ذلك ما روته الشيعة»(46). وقال في إحدى تلك الروايات: «روى الواقدي وأبو مخنف عن أصحابهما والمدايني وابن دأب عن مشايخهما بالأسانيد التي اختصرنا القول بإسقاطها واعتمدنا فيها على ثبوتها في مصنفات القوم وكتبهم»(47) .
◙ ثانياً ـ كما أن (فلهوزن) تصرف ببعض الكلمات، وزاد بحسب تبسيطه وعرضه للحادثة، أو أنه أعطى من خلال عرضه للأحداث، إيحاءً مغايراً حتى لما قاله (أبومخنف) ومن ذلك قوله:« رفض أن يبايع يزيداً، وحتى يخلص من سلطانه فر من المدينة» (48) . ولم يرد عند الطبري ولا غير الطبري كلمة (فر من المدينة) بل يقولون (خرج من المدينة) وشتان بين المعنيين. وإذا كان يريد صياغة الحادثة حسب لغته أو فهمه وتبسيطه، فإن صفة الهروب أو الفرار تنطبق على خروج عبد الله بن الزبير لا خروج الإمام الحسين(عليه السلام)، فقد ذكر الطبري أنه بعد موت معاوية طلبت البيعة من أهل المدينة، سيما الإمام الحسين (عليه السلام) وعبدالله بن الزبير، فقال الأخير:«. . فما تريد أن تصنع قال أجمع فتياني الساعة ثم أمشي إليه فإذا بلغت الباب احتبستهم عليه ثم دخلت عليه قال فإني أخافه عليك... فقام فجمع إليه مواليه وأهل بيته ثم أقبل يمشي حتى انتهى إلى باب الوليد، وقال لأصحابه: إني داخل فان دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا عليّ بأجمعكم وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم... إن مثلي لا يعطى بيعته سرّاً ... فقال له مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه، فوثب عند ذلك الحسين فقال: يا ابن الزرقاء أنت تقتلني أم هو! كذبت والله وأثمت. . [وألح الوليد بطلب عبد الله بن الزبير فبعث له أخاه جعفراً] فقال: رحمك الله كف عن عبد الله، فإنك قد أفزعته وذعرته بكثرة رسلك وهو آتيك غدا إن شاء الله، فمر رسلك فلينصرفوا عنا، فبعث إليهم فانصرفوا وخرج ابن الزبير من تحت الليل، فأخذ طريق الفرع هو وأخوه جعفر ليس معهما ثالث، وتجنب الطريق الأعظم مخافة الطلب.. فتشاغلوا عن حسين بطلب عبد الله يومهم ذلك حتى أمسوا ثم بعث الرجال إلى حسين عند المساء، فقال: أصبحوا ثم ترون ونرى، فكفوا عنه تلك الليلة، ولم يلحوا عليه، فخرج حسين من تحت ليلته وهى ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة 60هـ ببنيه وإخوته وبني أخيه وجل أهل بيته» (49) . فهب أن الوالي غفل عن مراقبة دار الإمام (عليه السلام) والعلويين، فما بال مروان بن الحكم، وقد دخل بمشادة مع الإمام (عليه السلام)، ثم هل تحرك أكثر من (20 رجل مع النساء والأطفال) وسلوكهم الطريق العاديـة يسمى فـراراً ، أم خروج اثنين وتجنبهما الطريق العامة ، والسير في طريق فرعية؟
◙ ثالثاً ـ جعل السبب الأساسي لثورة الإمام (عليه السلام)، هو إلحاح أهل الكوفة. فقال:« فدعاه أهل الكوفة إليهم للخروج تحت قيادته على سلطان بني أمية. . ومالت نفس الحسين إلى تلبية هذه الدعوة الملحة التي وجهها الكثيرون» (50) .
في حين أن الإمام (عليه السلام)، قد أعلن عن سبب خروجه قائلاً:«وإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب النجاح والصلاح في أمة جدي. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي محمد» (51) . لكن الطبري وأبا مخنف لم يذكرا هذا!؟. في حين يروي الطبري هذا النص عن (يزيد بن الوليد) حين خروجه على ابن عمه (الوليد بن يزيد) ، ولأحد الخوارج!!.
◙ رابعاً ـ هو يدعي ـ حسب قراءته للحادثة ـ أن الإمام (عليه السلام):« ظن أنه سيستقبل في الكوفة استقبالاً حافلاً » (52) . وهذا ما يرده قول الإمام (عليه السلام) في إحدى خطبه في مكة:«. . خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى اسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع انا لاقيه كأني وأوصالي تقطعها عسلان الفلـوات بين النواويس وكـربلاء فيملأن منـى أكراشاً جـوفاً وأجربـة سغباً لا محيص عن يوم خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين..»(53) .
◙ خامساً ـ هو يدعي أن الإمام (عليه السلام) إنما قاتل لأن أخوة مسلم بن عقيل أصروا على القتال: «وكان يود أن يعود أدراجه لولا أن إخوة القتيل طالبوا بالمضي في الأمر لينتقموا لمقتل أخيهم»(54) . وهو عين ما قاله الطبري(55): «قال أبو مخنف: حدثني... عن داود بن علي بن عبدالله بن عباس أن بني عقيل قالوا: لا والله لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا». إذن الرواية منقولة عن أحد العباسيين، الذي بالتأكيد كان يتوخى إخراج العباسيين ـ خصوصاً عبد الله بن عباس وولده علي والد الراوي ـ من دائرة الحرج بمخالفتهم واجبهم التكليفي بمناصرة الإمام المفترض الطاعة، أو على الأقل الخليفة الشرعي ـ بحسب الشرط المعقود بين الإمام الحسن (عليه السلام) ومعاوية ـ. ومن ثَمّ فإن إفراغ الثورة من محتواها العقائدي والتشريعي، وعزوها لقضية ثأر وعناد من آل عقيل، أو من الإمام نفسه، إذ نصحه عبد الله بن عباس وغيره فلم يستجب لهم؛ يخلي ذمة العباسيين ـ ومن يقدسهم الطبري وأمثاله ـ ويخرجهم من دائرة المسؤولية الشرعية والدينية.
وإلا فمسلم بن عقيل وإخوته وجل صحابة الإمام الحسين (عليه السلام) ـ بل وجل المسلمين من الصحابة وغيرهم بحسب إخبارات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحاديثه ـ على علم بأن الإمام سيقتل في كربلاء، أو على الأقل أن الإمام أخبرهم مراراً وتكراراً في خطبه طيلة بقائه في مكة (شعبان ـ رمضان ـ شوال ـ ذي القعدة ـ 8 أيام من ذي الحجة) بأنه سيخرج لقتال بني أمية للدفاع عن الدين والسنة والإسلام المحمدي، وأنه سيقتل لا محالة، كما بيّن لهم واجبهم بأن ينصروه. ومن ذلك قوله مذكراً إياهم بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله وأنا أحق من غيري» (56) . وقوله: «ألا ترون الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين الا برماً» (57) .
ونقل أبو مخنف أن: «الحسين بن علي وهو بمكة وهو واقف مع عبد الله بن الزبير، فقال له ابن الزبير: إليّ يا ابن فاطمة، فأصغى إليه فسارّه [حدثه سراً]. قال: ثم التفت إلينا الحسين فقال: أتدرون ما يقول ابن الزبير؟ فقلنا: لا ندري جعلنا الله فداك. فقال: قال أقم في هذا المسجد أجمع لك الناس. ثم قال الحسين: والله لان أقتل خارجا منها بشبر أحبّ إليّ من أن أقتل داخلاً منها بشبر، وأيم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا فيّ حاجتهم ووالله ليعتدن عليَّ كما اعتدت اليهود في السبت» (58) .
ولو تنزلنا فرضاً ـ مع هكذا تفسير ـ وقلنا إنّ الحرب قامت بسبب إصرار بني عقيل عليها، فما كانت الفائدة المرجوة من القتال وهم يعلمون جيداً ـ وبحسابات الحرب الطبيعية ـ أنهم سيقتلون جميعاً إذ لم يكن هناك تكافؤ بين المعسكرين لا من حيث العدة ولا من حيث العدد، فأي ثأرٍ هذا الذي سيدركونه، ولِـمَ يدخل الأنصار ـ من غير الهاشمين ـ هذه المغامرة الثأرية، ولم لم ترجع النساء أو لم جلبت من الأساس إن كانت المسألة مسألة ثأر وملك، ولِـمَ لم يطلب قتلة مسلم مقابل إعلان البيعة ليزيد، فيكونوا أخذوا ثأرهم وحقنوا دمائهم، ولِـمَ يطلب منهم الإمام7 الانصراف ويخبرهم أنه المطلوب الوحيد بينهم، وإن قتلوه لا حاجة لهم بقتل الباقين، بل إن جواب بني عقيل كان واضحاً كل الوضوح «... فقال له إخوته وأبناؤه وأبناء إخوته وأبناء عبد الله بن جعفر: لِـمَ نفعل ذلك؟ هذا لنبقي بعدك! لا أرانا الله ذلك أبداً! فقال الحسين: يا بني عقيل! حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا، فقد أذنت لكم. قالوا: وما نقول للناس نقول تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل وإنا نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتل معك حتى نرد موردك فقبح الله العيش بعدك!» (59) .
إذن آل عقيل وكذلك باقي الأنصار من الهاشميين وغيرهم، إنما قدموا أنفسهم فداءً للإمام؛ لأنه إنما يمثل الدين والإسلام وشخص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وهوما يعترف به (فلهوزن) (60) نفسه إذ يقول:« وفي أثناء الليل ترك الحسين في هدوء، ولم يحاول أحد ممن كان معه أن يهتبل الفرصة للفرار، على الرغم من أنه حرضهم على الفرار؛ لأن القوم لا يريدون إلا الحسين».
نعم غاية ما في الأمر أن آل عقيل وكل أنصار الإمام (عليه السلام) أنهم تحمسوا، ورغبوا وأصروا على الشهادة واللحوق بمسلم. عندما أخبرهم الإمام (عليه السلام) بمقتل مسلم، عن طريق المسافر الذي جاء من الكوفة. فلما رأى منهم الإمام (عليه السلام) ذلك قال:« لا خير في العيش بعد هؤلاء» (61) . وكأن الإمام (عليه السلام) إنما أراد إحاطة أصحابه بما جرى، وعلى اعتبار أن شهيد الثورة الأول كان من آل عقيل، فلابدّ من أن يوجه لهم السؤال أو الاستفسار عن نياتهم أولاً، وهو عين ما فعله فيما بعد كما في النص أعلاه. وهو نظير لما فعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في معركة بدر خصوصاً، عندما استعلم نية أصحابه، فقال له جماعة:« إنها والله قريش وعزها، والله ما ذلت منذ عزت والله ما آمنت منذ كفرت والله لا تسلم عزها أبدا، ولتقاتلنك، فاتهب لذلك أهبته وأعد لذلك عدته»(62).
فما كان من الطبري ومن سبقه من مؤرخي السلطة، إلا أن يحاول تجميل صورتهم ـ لأنهم ممن يعتقدون بقدسيتهم أو لأنهم من السائرين في ركاب السلطة ـ فيقولون: قالا فأحسنا (63) . وقال آخرون:« يا رسول الله امض لما أمرك الله، فنحن معك، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه... قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال سيروا على بركة الله وأبشر»(64) . فهل إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قاتل المشركين بسبب قول المقداد وسعد بن معاذ السابقين وإصرارهما!!؟
◙ سادساً ـ أمّا ما نقله ـ الطبري وأخذ به فلهوزن ـ من أخبارٍ للتقليل من قباحة صورة يزيد وقتلة الإمام الحسين (عليه السلام)من قبيل أنه: «لم يتوقف النهب إلا لما جاء عمر بن سعد. . ودفن شهداء كربلاء في الغاضرية... أما السبايا والأطفال فقد عاملهم يزيد بشهامة وعطف، وأظهر الصداقة لعلي بن الحسين.. مما جعل علياً يعترف له بالجميل. وأذن لأسرة الحسين بالعودة إلى المدينة، في صحبة رجل أبدى من الرقة والاحترام نحو النسوة، ما جعلهن يقدمن له أساورهن شكراً له على صنيعه معهن»(65).
هذا تهافت واضح فقد شك (فلهوزن) في القسم الموجه منه أو المخصص ليزيد إذ يقول:« وربما كانت الروايات قد عاملت يزيد بن معاوية برفق أكبر جداً مما يستحق. فإنه إذا كان مقتل الحسين جريمة فالمجرم الأكبر فيها يزيد، لأنه هو الذي بعث عبيد الله للقيام بإجراءات قاسية. وكانت النتيجة مرضية جداً ليزيد، واغتبط لها أيما اغتباط، فإن كان قد غضب على خادمه عبيد الله من بعيد، فما كان ذلك إلا تطبيقاً لامتياز الحاكم الأعلى، أعني أن يحول الكراهية عنه إلى الأدوات التي اصطنعها لنفسه في جريمته. حقاً أن المودة التي أبداها نحو من بقي من آل الحسين[إن كانت هناك مودة] ليست مما يعيبه، وإن كانت مودة تنطوي على الدهاء ولم تصدر عن قلب مخلص» (66) . فلماذا تكون الروايات التي عاملت يزيد برفق أكثر مما يستحق مشكوك فيها، والروايات التي عاملت عمر بن سعد، والآخرين برفق أكبر مما يستحقون غير مشكوك فيها!!؟. ألم يخطر ببال (فلهوزن) أن عمر بن سعد عومل برفق أكبر لأنه ابن سعد بن أبي وقاص!!. وعومل الآخرون برفق أكبر لأنهم يعدون إما من الصحابة أو من التابعين المخلصين للإسلام الذين لا يصدر عنهم الخطأ وهم كلهم عدول، وما شئت فعلق من أوسمة على صدور أولئك!. ألم يبع عمر بن سعد دينه مقابل ملك الري؟، ألم يقتل خيرة المسلمين؟، بل وحتى الأطفال، ويسبي النساء لأجل المال؟. ألم يمثل بالأجساد ويقطع الرؤوس ويطوف بها لأجل المال؟، كم كان الفرق شاسعاً بين خسيس نذل جبان مثل عمر بن سعد، وبطل شهم شجاع مثل الحر الرياحي، فماذا كان يضير عمر لو لم يطبق أوامر الدعي ابن الدعي، وينسحب من المعركة. لم يكن أحدٌ من أولئك مجبراً على خوض المعركة، فلماذا يعتذر لهم بأنهم كانوا يطبقون أوامر سيدهم، هم قاتلوا لأجل المال والسلطة لا أكثر. ألم يقل قائلهم :
أوقـر ركابي فضة وذهبا إني قتلت السيـد المحجبا
قتلت خير الناس أما وأبا وخيرهم إذ ينسبون نسبا
قال عمر بن سعد: أشهد أنك مجنون، أدخلوه علي. فلما دخل حذفه بالقضيب وقال: يا مجنون أتتكلم بهذا الكلام؟ والله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك!» (67) . ألم يستوقف (فلهوزن) قول عمر هذا؟ لماذا تضرب عنق القائل؟ أليس لأنه بيَّن حقيقة قتال هؤلاء للإمام (عليه السلام)؟ أليس لأن قوله يعني: أن يزيد ومعسكره يمثل جدّه أباسفيان ومعسكره في الجاهلية، وأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ومعسكره يمثّل جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومجاهدي الإسلام الأوائل!!؟
ثم متى أوقف عمر بن سعد سلب الخيام، وهو من أباح لجنده ذلك!!؟ ومتى دفنت الأجساد وقد تركت ثلاثاً على رمضاء كربلاء، وهل من المعقول إن من يقطع رأس خصمه ويطوف به في البلدان ويمثل بجثته، يحترم تلك الجثة فيدفنها، أي منطق هذا؟!، ربما كان منطق من يدعون الموضوعية والقدرة على التحليل من أمثال (فلهوزن)!!؟
ثم ألم يكن عمر بن سعد من «نادى في أصحابه من ينتدب للحسين ويوطئه فرسه فانتدب عشرة.. فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضّوا ظهره وصدره»(68) بحوافر الخيول.
◙ سابعاً ـ خلص (فلهوزن) من قراءته لثورة كربلاء الى القول: «لقد مضى الحسين كما مضى المسيح في طريق مرسوم، ليضع ملكوت الدنيا تحت الأقدام، ومد يده كالطفل ليأخذ القمر. ادعى أعرض الدعاوى ولكنه لم يبذل شيئاً في سبيل تحقيق أدناها، بل ترك للآخرين أن يعملوا من أجله كل شيء. وفي الواقع لم يكن أحد يوليه ثقة، إنما قدم القوم رؤوسهم يائسين، ولم يكن يصطدم بأول مقاومة حتى انهار، فأراد الانسحاب ولكن كان ذلك متأخراً، فاكتفى بأن راح ينظر إلى أنصاره وهم يموتون في القتال من أجله، وأبقى على نفسه حتى اللحظة الأخيرة. لقد كان مقتل عثمان مأساة (تراجيديا) أما مقتل الحسين فكان قطعة مسرحية انفعالية (ميلودراما) . ولكن عيوب الحسين الشخصية تختفي أمام هذه الواقعة، وهي أن دم النبي يجري في عروقه وأنه من أهل البيت. فلم يكن عليه أن يجهد نفسه لأن ولاية الأمر فيه بطبعه. وافتقاره إلى الصفات المعنوية تعوض عنه ـ وتزيد ـ القداسة الكائنة في لحمه ودمه. وهذا ما أعطى لشخصه أهميته، ولتأريخه طابع التاريخ الإسلامي الانفعالي. فلقد فتح استشهاده عصراً جديداً لدى الشيعة، بل نظر إلى هذا الاستشهاد على أنه أهم من استشهاد أبيه، لأن أباه لم يكن ابن بنت النبي» (69) .
ابسط ما يقال عن هذه الخلاصة أنها غير منطقية، ومتهافتة، ولا تستند لأي دليل تاريخي. فمن يضع ملكوت الدنيا تحت قدميه، لا يدعي شيئاً لأجل الدنيا، ولا يبخل بنفسه عن تقديمها فداءً لما يعتقد. ثم هل بعد بذل الإمام الحسين (عليه السلام) بذل في الوجود؟. نعم مقياس (فلهوزن) هو مقدار المنفعة المادية المتحصلة، وهي لم تكن في حسابات ثوار كربلاء، وإلا كان بإمكانهم المساومة والحصول على كل ما قاتل من أجله غيرهم!!. إن حجم تضحية الإمام الحسين (عليه السلام) ووزنها لا تستوعبها موازين أو مقاييس، وعقلية (فلهوزن)!! أما كونه لم يقدم شيئاً وترك الآخرين يقدمون لأجله كل شيء وراح ينظر إليهم وهم يقتلون. فهي مقولات من لم يفهم ما جرى في كربلاء أو لم يرد أن يفهم. وإلا فالإمام قدم حتى رضيعه فداءً للدين، وقدم أخوته وبني عمومته، وأنصاره، وحتى نساءه، أمّا هم فقد فعلوا ذلك لأنهم كانوا يرون في الإمام الحسين(عليه السلام) قرآناً وديناً ونبياً وحرية وكرامة، وكل فضائل الإنسانية المتجسدة على الأرض. وكأنه يريد هنا الإلماح لما يعتقده المسيحيون من تضحية وفداء عيسى (عليه السلام). وإذا لم يكن أحد يوليه ثقة فكيف قدموا نفوسهم من أجله. نعم لم يكن يوليه ثقة من وقف مع معسكر الجاهلية، أو وقف متفرجاً، ومن الخطأ أن يقاس مقدار الثقة بشخص من خلال من يتقاطعون معه في الفكر والدين. أما أن أصحابه قدموا رؤوسهم يائسين فهو قول لا يستحق أن يرد عليه، وإلا فكل واحد منهم كان يرهب جيش الجاهلية بأكمله، ويكفي في هذا قول عمرو بن الحجاج من معسكر عمر بن سعد:« فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: يا حمقى! أتدرون من تقاتلون؟ فرسان المصر قوما مستميتين لا يبرزن لهم منكم أحد فإنهم قليل وقل ما يبقون والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم، فقال عمر بن سعد: صدقت الرأي ما رأيت! وأرسل إلى الناس يعزم عليهم ألا يبارز رجل منكم رجلا منهم»(70). أي: إنّ جند يزيد لم يجرؤوا على مقاتلة صحابة الإمام (عليه السلام) وكان قانون الحرب أن يتقاتلوا رجلاً لرجل. لكن جيش يزيد لجبنهم كانوا يهجمون على شكل جماعات على رجل واحد، ومع ذلك لم يجرؤوا على مقاتلته بالسيف فيرموه بالحجارة، فأي شجاعة هذه التي أعجب بها (فلهوزن)؟!
أما أنه (عليه السلام) أبقى على نفسه حتى اللحظة الأخيرة، فذلك لأن أنصاره كانوا يتسابقون على الموت بين يديه، فهل ولد التاريخ قائداً فداه صحابته كالإمام الحسين (عليه السلام)؟؟ أما أن الإمام انكسر وانهار بمجرد اصطدامه بأول مقاومة. فهو ما يكذبه الطبري نفسه حيث يقول: «.. فو الله ما رأيت مكسوراً [وفي لفظ غيره مكثوراً] قط، قد قُتل ولده وأهل بيته وأصحابه، أربط جأشاً، ولا أمضى جناناً منه، ولا أجرأ مقدماً، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، إن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب»(71).
ثمّ ما هي عيوب الإمام الشخصية التي يدّعيها (فلهوزن) . نعم عيبه الوحيد أنه عصيٌّ على فهم عقول بائسة، كعقله، وعيون لا تنظر أبعد من محطّ قدمي صاحبها كعينيه. نعم عيب الإمام (عليه السلام) الوحيد كما قال المستشرق (Sedillot سيديو 1808 ـ 1875م)(72) . أنه «عرف كيف يحفظ كرامته حتى في زمن الضعة، والأمر الوحيد الذي كان عاطلاً منه، هو ما اتصف به بنو أمية من روح الكيد والدسيسة»(73) . وقد عاد (فلهوزن) لتكرار فكرته عن الثورة الحسينية، في كتابه الآخر (تاريخ الدولة العربية من ظهور الإسلام إلى نهاية الدولة الأموية)(74).
ومما تقدم يتبين وقوع (فلهوزن) تحت تأثير الرواية التاريخية. وكانت قراءة وتفسير (فلهوزن) وتفسيره السابق لثورة كربلاء بمثابة قالب صبّت فيه أغلب الأعمال الاستشراقية التي تلته، متحدثة عن الموضوع. فقد تطرق إليه (Ignaz Goldziher اجنتس جولد تسيهر 1850 ـ 1921م) في كتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام) الذي صدر عام (1910م) . وهو مستشرق مجري، يهودي الديانة. ولد في (22 / يونيو/1850م) في بودابست، ودرس فيها وفي برلين وليبستك والنمسا، ورحل إلى مصر وسوريا وفلسطين. أصبح عام (1872م) مدرساً مساعداً في جامعة بودابست، ومن ثم أستاذا للغات السامية عام (1894م) وهناك قدم أكثر دراساته وكتبه وبحوثه حتى وفاته في (13/ نوفمبر/ 1921م) . من أشهر كتبه كتاب (محاضرات في الإسلام= العقيدة والشريعة في الإسلام 1910م) وكتاب (اتجاهات تفسير القرآن عند المسلمين1920م)(75) . وهو يعد من المستشرقين المتعصبين وغير المنصفين(76).
كان مما قاله (جولد تسيهر)(77) عن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) أنه: «... سنحت لشيعة علي في عهد يزيد بن معاوية، فرصة دلّ اختيارهم فيها على الطيش وقصر النظر، وأشركوا الحسين في نزاع دام مع الغاصب الأموي، وقد زودت ساحة كربلاء (سنة 680م) الشيعة بعدد كبير من الشهداء، اكتسب الحداد عليهم حتى اليوم مظهراً عاطفياً في العقائد الشيعية».
واضح أن (جولد تسيهر) تأثّر أو أنه لم يخالف آراء سابقه (فلهوزن) الذي تعرض لموضوعة كربلاء قبل (9سنوات) ولابد أنه قد اطلع على كتابه. فجاءت آراؤه مطابقة تماماً لسابقه الألماني، غير أن الفرق بين الاثنين، أن (فلهوزن) انطلق من واقع الرواية والحدث التاريخي لتقييم الواقعة وتفسيرها، في حين انطلق (جولد تسيهر) من واقعه الحاضر ـ في وقته ـ لتقييم الحدث التاريخي الماضي، أو لنقل إنه انطلق من أثر الحادثة أو نتائجها ـ وإن كانت البعيدة أو التي على المدى الطويل ـ لتقييم الحادثة نفسها وقراءتها. فنجده يقول:
«في الأدب الشيعي موضوع لا ينضب معينه، ولا يمل كتاب الشيعة من ترديده، وهو موضوع (محن آل البيت). وقد نسبوا للنبي أحاديث تنبأ فيها بالقدر السيئ الذي سوف تنكب به ذريته، كما وردت نبوءات كهذه في الروايات المأثورة عن علي. . إذ يعرف الشيعة الحقيقيون بأجسامهم الضاوية التي برحت بها صنوف المشقة والحرمان، والشفاه التي جففها الصدى، والأعين التي لا تكف عن تذارف الدموع، والشيعي الصحيح بائس شقي ألف العناء والاضطهاد كالأسرة التي يدافع عن حقها، ويعاني الآلام من أجلها.. صوّر الشيعة تاريخ آل البيت تصويراً أخاذاً نزعوا فيه نزعة مسرحية، ونجد أن تاريخهم منذ كارثة كربلاء، عبارة عن سلسلة لا تنقطع من التعذيب والاضطهاد، وروى الشيعة أخبارها شعراً ونثراً في مؤلفات كثيرة زاخرة بتراجم هؤلاء الشهداء، وكُتُب المقاتل هذه هي إحدى خصائص الشيعة. وقد جعلوا من روايتها واسطة عقد اجتماعاتهم في الثلث الأول من شهر المحرم الذي خصصوا اليوم العاشر منه ـ عاشوراء ـ للاحتفال بالذكرى السنوية لمأساة كربلاء. وجمعوا إلى الذكرى الرهيبة لحوادث هذا اليوم المفجعة أنهم يمثلونها تمثيلاً مسرحياً يسمونه (تعزية)... ولا يستطيع المناصر آل البيت الصادق في إخلاصه لهم أن يكف عن سكب العبرات، وتصعيد الزفرات، وبث الشكوى، وإظهار الحداد، على ما ينزل بالأسرة العلوية من محنة وبلاء وتعذيب واضطهاد، كما أنه لا يستطيع أن يغالب البكاء على من يسقط من أفرادها شهيداً، حتى ضرب المثل برقة هذه الدموع: «أرقّ من دمعة شيعية تبكي على علي بن أبي طالب».
ولا يقلّ شيعة العصر الحاضر، ممن نالوا حظاً من الثقافة، عن الشيعي الساذج في الشعور بالحنق والسخط على الأمويين. وقد وجدوا في هذه النزعة الحزينة التي يتميز بها مذهبهم، فضائل دينية عظيمة القدر، بل رأوا فيها مادة لعاطفة نبيلة رقيقة وروح إنسانية عالية تناقض أحكام الشريعة الجامدة. واعتبروا هذه الروح النبيلة الجانب الإنساني الرفيع في الديانة الإسلامية، بل أنفس تعاليمها وأسماها. . يقول أحد الشيعة الهنود المعاصرين:... إن في بكاء الحسين لمما يجعل لحياتنا معنى، ولأرواحنا قيمة، ولو كففنا عن هذه العبرات لغدونا أعظم الناس جحوداً، وإنكاراً للجميل، وسوف نرتدي في الجنة ثياب الحداد على الحسين، وإن هذا الحداد هو شرط الحياة الإسلامية وأساس وجودها، ويقول أيضاً: إن الحزن على الحسين لهو العلامة الصحيحة الدالة على الإسلام، ومن المحال إلّا يذرف الشيعي الدموع لأنه جعل من قلبه قبراً حياً ومثوىً حقيقياً للإمام الشهيد الذي احتزّ رأسه» (78) .
بداية يعدّ (جولد تسيهر) من أوائل المستشرقين الذين شككوا بصحة الأحاديث النبوية عموماً (79) . فمن الطبيعي أنه ينكر الأحاديث الخاصة بكربلاء، والإمام الحسين (عليه السلام). ومن الواضح أنه ركز على الممارسات والشعائر العزائية للشيعة؛ ربما لتلاؤمها ـ حسب ما يعتقد ـ مع ما توخاه من كتابه (العقيدة والشريعة)، ولكنه جانب الصواب كثيراً. إذ سوّف ما أمكنه التسويف، لتحويل العقيدة، أو الاعتقاد الشيعي في الإمام الحسين وثورته في كربلاء، إلى مجرد حادثة أو ذكرى حزينة وأليمة، يقام لذكراها المناسبات والاحتفالات، ويبالغ في الحزن والبكاء، بسذاجة لا تتفق وروح المدنية والتحضر. فعلى هذا الأساس لا يبقى للشعائر العبادية لدى الشعوب أي معنى غير كونها تقليداً أجوف، لا يمس روح العقيدة بشيء، وإذاً فإن بني جلدته اليهود هم في غاية السذاجة، عندما يقاتلون الدنيا للاحتفاظ بالقدس؛ لأنها لا تعدو كونها تضم (هيكل سليمان) المزعوم. وهم في غاية السذاجة عندما يستقبلون الحائط، ويترنحون بتأثر عاطفي كبير، ويرددون عبارات من التوراة، وهم في غاية السذاجة عندما يعتمرون القبعات والطاقيات السوداء، كما أن المسيحيين في غاية السذاجة، عندما يقدسون عيسى المسيح ويعتقدون أنه سيخلصهم من خطاياهم، وأنه ضحى بنفسه لأجلهم، وهم في غاية السذاجة عندما يحضرون القداس ويتلون الصلوات ويجتمعون في الكنائس، ويقيمون احتفالات عيد الميلاد. كما أن أحبار اليهود ورهبان المسيح، كانوا في غاية السذاجة، عندما أرادوا التأسي بأنبيائهم، وعاشوا حالات من التقشف والزهد وترويض النفس. هذا فضلاً عن ممارساتهم وعقائدهم ـ كما يقول Valy Naser في كتابه يقظة أو نهوض الشيعة ـ في يوم (التكفير عن الذنوب) أو ما يسمونه (يوم الفداء) وغفران الخطايا، وربما بنفس طريقة (الندب والتفجع وجلد الذات) وهو ما يمكن مشاهدته فعلاً في طقوس الطوائف المسيحية، في يوم صلب السيد المسيح ـ حسب اعتقادهم ـ إذ يخرجون زرافات ووحدانا وهم يحملون الصليب، ويضربون بمقامع مزروعة بدبابيس على صدورهم، حتى تنزف الدماء من أجسادهم، في مواساة عفوية للسيد المسيح. وتعزية للنفس بمصيبته، وكيف أنه بموته ـ كما يعتقدون ـ افتدى الناس، ودفع ـ بآلامه ومعاناته وصلبه من قبل اليهود ـ ضريبة الالتزام بالقيم ورسالة السماء (80) . فهل المسيحيون سذّج في كلّ هذا.
على هذا الأساس تكون عادات الشعوب والديانات الأخرى وتقاليدهم، كلّها ـ حسب مقياس (جولد تسيهر) ـ مجرد سذاجة لا أكثر!! فماذا يبقى يا ترى من تراث الإنسانية لتحتفي به وتخلده. إذا كان كل ذلك سذاجة، فلماذا يلعن اليهود ـ حتى اللحظة ـ هتلر والنازيين.
لا شكّ أنّ المستشرقين عموماً عندما يهاجمون الشخصيات الإسلامية، ويحاولون التقليل من شأنها، أنهم يهدفون إلى توسيع هوة الخلاف والفرقة بين المسلمين من جانب، وسلب المسلمين الرمز أو الشخصية المثالية والقدوة التي يفترض أنهم يقتدون ويتأسون، ويحتفلون ويتفاخرون بها، ويحيون ذكرها. وإلا فإن المستشرقين لم يهاجموا الحسين لو لم يكن الحسين. لو لم يكن ثورة ضد الظلم والطغيان، لو لم يكن صرخة بوجه الظلم والاستبداد في كل زمان ومكان، لو لم يكن رمزاً للكرامة والعزة والحرية، لو لم يكن رفضاً لتحكم الأقوى، لو لم يكن رفضاً للعبودية، لو لم يكن دعوة للسلام والمحبة.
وجاء ثالث القوم نافجاً حضنيه بين حقده وعصبيته، المستشرق البلجيكي الأصل والولادة، الفرنسي الجنسية والانتماء، اللبناني الإقامة والوفاة، القس (Henri Lammens 1862 ـ 1937م) وهو من أشد المستشرقين تعصباً، وحقداً على الإسلام وآل البيت:. قال عنه مواطنه ( Etienne Dinet1861 ـ 1929م)(81) :«إن مثل لامنس في الاستشراق كمثل بطرس الناسك في الحروب الصليبية، وإنه ليقوم من الناحية العلمية بما كان يقوم به بطرس في ناحية الدعاية الحربية. وقد ضاق ذرعاً برؤية الإسلام ينتشر ويبسط ظله على أفريقيا وآسيا، فإذا به يسخط على القدر نفسه، ويقول: لماذا جاء القرآن فجأة، ليقضي على التأثير اللطيف الذي كان الإنجيل قد أخذ يحدثه في ابن البادية» (82) .
كان هنري لامنس من أبرز مستشرقي الرهبان اليسوعيين، وخريجي وأساتذة جامعة القديس يوسف. ولد في مدينة (خنت Gent) البلجيكية في أول يوليو عام (1862م)(83) . من أب مدمن على الخمر. وبعمر الخامسة عشر غادر إلى لبنان، وتحديداً في مارس عام (1877م)(84) . وبدأ حياة الرهبنة في السنة التالية في دير لليسوعيين في قرية غزير في جبل لبنان. خلال المدة (1897 ـ 1907م) قام مثل العديد من المستشرقين المعاصرين برحلات عديدة إلى سوريا ولبنان وفلسطين، وينشر مقالات عن تلك الرحلات يبين فيها تاريخ سكان المناطق التي زارها وآثارها ودياناتها، كما يتعمق بالبحث ألآثاري عن المسيحيين الأوائل في بلاد الشام ومناطق تواجدهم، ويبحث عن مواقع التاريخ الصليبي. عرف (لامنس) كعضو مرتبط بادعاء فرنسا الطويل المدى، فيظهر كمحامي ومدافع قوي _ في الإمبراطورية العثمانية_ عن الطموحات الفرنسية الاستعمارية؛ إذ أنّه انتقد بشدّة أعمال منافسي فرنسا الأوربيون، وقد أكد على عدم نزاهته من خلال تورطه مع مدير متحف بروكسل المدعو (فرانز) وبمساعدة من الحكومة البلجيكية بتهريب مجموعة من المصنوعات اليدوية الآثارية من سوريا إلى بلجيكا (85) . وأثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى، انتقل (لامنس) من روما إلى المدرسة اليسوعية في مصر، وبقي هناك حتى عام (1919م) حيث عاد إلى لبنان للتدريس في جامعة القديس يوسف وليشارك من هناك في دعم المشروع الاستعماري الفرنسي لسوريا ولبنان (على سبيل المثال: في المقال الذي نشره في مجلة المشرق عام (1921م العدد الأول، 49 ـ 55) تحت عنوان:العلائق الأولى بين فرنسة وسورية: فقد حاول تخفيف حدة وطأة التواجد الاستعماري الفرنسي في سوريا من خلال البحث عن إشارات تاريخية متناثرة لنفوذ متبادل بين الطرفين وتضخيمها، وتقديمها بشكل مسلمات تاريخية) وكذلك في كتابه ( تاريخ سوريا)(86) وعلى العموم قدم لامنس معلومات كثيرة لفرنسا من خلال أعماله وجهوده الاستشراقية(87). وغدا المدافع عن سياستها في بلاد الشام عموماً بين الحربين العالميتين الأولى والثانية(88). وفي بدايات الثلاثينات من القرن العشرين أصيب (لامنس) بمرض الشلل وبقي يصارعه حتى وفاته في 23أبريل1937م(89) .
خص (لامنس) الإمام الحسين (عليه السلام)كما باقي الأئمة، بدراسة في أكثر من موضع من مؤلفاته، إذ كتب عنه مقالة في (دائرة المعارف الإسلامية/ الطبعة القديمة 1913 ـ 1934م في المجلد الثالث 339. وفي الطبعة المترجمة للعربية في المجلد السابع 427 ـ 429) وتحدث عنه في كتابه (دراسات عن حكم الخليفة الأموي معاوية الأول 1907م) ، وفي كتابه (فاطمة وبنات محمد 1912م) ، وخصص له مساحة كبيرة من كتابه (خلافة يزيد الأول 1921م) ، وفي كتابه (دراسات في عصر الأمويين 1930م). وكان حريصاً على ترديد آراء (فلهوزن وجولد تسيهر) وبالجملة كانت آراؤه متشابهة ومكررة، إلا أنها تختلف من حيث الإطالة والتوسع في التفاصيل، بحسب مادة الكتاب.
نعم ما يتميز به عن (فلهوزن وجولد تسيهر) أنه كان يبالغ في التمجيد بالأمويين واتباعهم، ويهاجم وبعنف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الكرام، وخيار الصحابة والمسلمين ـ كما قلنا لسلب المسلمين قدوتهم ـ . قال عنه (د. عبد الحليم محمود) أنه: «إذا تحدث عن أعداء الإسلام، كأبي جهل وأبي لهب. . عن المنافقين. . عن يزيد قاتل الحسين، أو عن بني أمية ـ على وجه العموم ـ فإنه يشيد ما شاء له هواه، ويمدح ما أمكنه المدح، ويطري كلما أتيح له الإطراء، ويلبسهم من الفضيلة ثوباً لامعاً خلاباً، ولقد بلغت به الحماسة في كتابه عن بني أمية، حداً أثار نفور المسيو (كازنوفا)(90) الأستاذ في (كليج دي فرانس ـ المعهد البابوي في فرنسا) ـ فقال: كانت نفسية الأمويين في مجموعها مركبة من الطمع في الغنى إلى حد الجشع، ومن حب الفتح من أجل النهب، ومن الحرص على السلطان من أجل التمتع بملذات الدنيا، لذلك يحق لنا أن نعجب أشد العجب من كاهن كاثوليكي مثل الأب (لامانس) يتطوع للدفاع عن أولئك الشاكين الطغاة.. ساخراً من.. علي الذي مكروا به.. وانها لغريبة حقاً هذه المباحث التي يبدي فيها هذا المؤلف ـ المطلع على تاريخ ذلك العصر اطلاعاً حرياً بالاعجاب ـ تشيعه للأمويين ضد بني هاشم..»(91). وانتقادات المستشرقين والباحثين كثيرة جداً لهذا المستشرق المبشر، لا مجال لذكرها هنا.
قال لامنس في (دائرة المعارف) (92) : «.. تصور الروايات الحسين كما تصور أخاه الحسن غارقاً في فيض من حنان جده لأمه.. ورث عن أبيه الصفتين اللتين كانتا سبباً في هلاك أبيه: التردّد وقلّة الفطنة. وظل الحسين خامل الذكر خلال خلافة علي المضطربة. . رجاه أتباعه في العراق. . غادر الحسين مكة، وكان قد التجأ إليها بعد إذ رفض مبايعة يزيد بالخلافة. . والتقى الحرس الضعيف من الأقارب والأتباع المخلصين الذين كانوا في ركاب الحسين بكتيبة. . فصاحبهم فرسان عبيد الله عن كثب، وبلغ الطرفان كربلاء، وهي التي قدّر أن يستشهد فيها الحسين بعد عشرة أيام. وفي هذه الأيام العشرة أخذ ضعف هذا المطالب بالخلافة يتجلى شيئاً فشيئاً، وعاوده تردده، وأطبقت عليه الحلقة الفولاذية التي ضربها حوله جند عبيد الله. وأراد الوالي الأموي أن يقنعه بالتسليم أو يكرهه عليه، فحال بينه وبين بلوغ الفرات راجياً أن يحمله العطش على التسليم، ولكن الحسين ظل على عناده فقد كان مقتنعاً بأن شخصه مصون، وكان يأمل أن يتبدل شعور جند الكوفة فينحازوا إليه، وبزغت شمس اليوم العاشر من المحرم. . وكان عمر بن سعد. . دعا الحسين إلى التسليم مختاراً، ولما لم يتلق ابن أبي وقاص رداً على إنذاره النهائي قام بحركة التفاف قصد بها الإطباق على الحسين، وحاول مشايعوه المقاومة، لكن الحسين لم يحرك ساكناً، ولم يقم بعمل واحد من أعمال البطولة التي أغرم الشيعة بالتغني بها. وانتهى الأمر بنشوب معركة جرح فيها الحسين في أكثر من موضع، وسلبت مضاربه. . . وحزن الخليفة لهذه النهاية، فما كان يحب أن يقتل الحسين، كما أنه لم يأمر بذلك، وإنما كانت أوامره أن يقبضوا على الحسين وان يكفوه عن الإمعان في فتنة تنذر بالخطر، وعامل الخليفة العلويين الذين بقوا بعد نكبة كربلاء معاملة كريمة، وسخا في الوفاء بحاجاتهم».
وقال في كتابه (خلافة يزيد الأول) (93) : إنّ شخصية الحسين وكربلاء نسجت حولها أساطير كبيرة.. وإن حذف الغلو والتناقضات يسهل إبداء آراء مسؤولة، ويعيد حدثاً إلى حجمه الحقيقي، بعد أن ضخمه الخيال الشيعي بإفراط.. المسؤولية الرئيسية يتحملها الحسين. إذ كان في حياته الخاصة، وفي موقفه غير اللائق من الأمويين أكثر تميزاً من شقيقه الحسن، فإنه في الأيام الأخيرة من حياته بدا طائشاً، متردداً وأحمقاً. في تلك الساعة الحرجة، لم يبد حزماً ولا شجاعةً أكبر من الحسن.. غادر كما لو كان ذاهباً إلى بادية مع جميع نسائه وأطفاله، مع أقاربه، شباب خنثتهم ملذات المدينة، ولم يسبق لهم أن استخدموا السلاح أبداً، واهناً مؤمناً بالرؤى والفأل. . بعض البدو من كبار السن كانوا قد عابوا عليه هذا الضعف الذي لا يليق بقائد، كان يسير بخطى رجل يجهل مفاجآت القدر، مستسلماً للفأل والنذر».
وهكذا راح لامنس يسطر من ترهاته ما سولت له نفسه دون أن يبرهن على ما يدعيه ولو بدليل واحد!!. وهو لا يفعل ذلك حباً بالأمويين!! فهو قس مسيحي، ويكره كل من ينتمي للإسلام مهما كان وضيعاً وحقيراً !!، إنما هو يريد تقديم الإسلام من خلال الأمويين، أي: إنّه يريد أن يذم من حيث يمدح، أي: إنّه يقدم الأمويين على أنهم هم من يمثلون الإسلام الأصيل، والإمام الحسين، وأهل البيت:، ومن ثار على الأمويين، هم العنصر المشاغب والشاذ واللاإسلامي، وهو إنما استوحى هذه الفكرة من كتب التاريخ التي طالما سايرت ركاب السلطة، وحكمت على معارضيها بأنهم شواذ ومخربين، وخارجين على أئمة زمانهم، ومخالفين لأحكام الإسلام، هذا من جانب. ومن جانب آخر، هو مجّد الأمويين لأنه يعد دولتهم الامتداد الطبيعي للدولة البيزنطية، والنظام البيزنطي في بلاد الشام؛ لأنهم تمثلوا كثيراً من أنظمة الإمبراطورية البيزنطية المسيحية وأساليبها وقوانينها، كما أنه يحاول في بحوثه مسخ الهوية العربية لسوريا ولبنان، على اعتبار كونهما مواطن مسيحية أصيلة.
فبداية الإفراط والمبالغة والتناقض عنده: هو ما ذكره المؤرخون من خساسة يزيد وعمر بن سعد الذين حاربوا الإمام الحسين (عليه السلام)، وما قام به بنو أمية وجيوشهم من جرائم يندى لها جبين كل من له ذرة من وجدان وغيرة وإنسانية.
ثم انه اعتمد في كتاباته عن التاريخ الإسلامي (منهج العكس) : وهو أن ينظر الباحث في النصوص والوثائق والروايات، فإذا قالت شيئاً لا يخدم توجهه وغايته البحثية، يحاول جعل الصواب هو عكس النص تماما. وهو غير المنهج المعكوس أو المقلوب الذي توضع فيه النتائج أولاً، ومن ثم البحث عن الأدلة والنصوص التي تؤيدها(94). قال المستشرق الفرنسي (Etienne Dinet 1861 ـ 1929م)(95) : إن منهج العكس، هـو ذلك المنهج الـذي يأتي إلى أوثـق الأخبار، وأصدق الأنباء فيقلبها متعمداً عكسها، وكلما كانت الأخبار أوثق بدت ـ قوية جامحة ـ الرغبة في البراعة من ذلك الذي ينهج هذا المنهج. ولما كان ينبغي أن يستند إلى دعامة ما، فقد تبنى أصحاب هذا المنهج الفكرة التي تقول: البشر يعملون غالباً على كتمان عيوبهم والظهور بنقيضها. ويضيف: إنّ (Lammens) أكثر المستشرقين اعتماداً عليه كمنهج أساس(96).
وبالجملة فإنّ أفكار (لامنس) وآراءه هذه مخالفة للواقع التاريخي المتفق عليه والمتواتر، فحتى أعداء الإمام الحسين (ع) لم يشكوا أو يشككوا يوماً بحب جده له، وكتب الفريقين تروي الأحاديث الصادرة في ذلك، وهو يعترف بذلك ويقول: «تصوره الروايات كما تصور أخاه الحسن، غارقاً في فيض من حنان جده لأمه». إذن هناك روايات وأحاديث تعكس هذه الصورة، فما هو المسوغ للشك بها؟ وهي لا تنتمي لمدرسة حديثية دون أخرى، أي: إنّ السنة والشيعة يروونها!! نعم هي مشكوك بها في أماني (لامنس) لا أكثر، وهو لو كان يمتلك أدنى دليل لإسناد شكه، لما توانى عن تضخيمه وتطويره، والاستشهاد به. وإلا فهذه المصادر السنية تروي: «.. خرج مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى طعام دعوا له، قال: فاستمثل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم. قال عفان، قال وهيب: فاستقبل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أمام القوم، وحسين مع غلمان يلعب، فأراد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ان يأخذه. قال: فطفق الصبي ههنا مرة وههنا مرة، فجعل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يضاحكه حتى أخذه، قال: فوضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه فقبله. وقال: حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط»(97) . وتروي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا»(98) .
وكتب التاريخ تروي أنه كان في غاية الشجاعة والإقدام: «.. فو الله ما رأيت مكسوراً [وفي لفظ غيره مكثوراً] قط، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه، أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه ولا أجرأ مقدما، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، إن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب» (99).
وأنّه ما قام بما قام به إلا لأجل الدين والعزة والكرامة، وأن صحابته كانوا غاية في الشجاعة والبسالة والإقدام، بحيث أن جيوش عمر بن سعد وهم ألوف يتحامون عن قتالهم رجلاً لرجل، بشهادة قادة عمر بن سعد أنفسهم: «... فصاح عمرو بن الحجاج بالناس، يا حمقى أتدرون من تقاتلون؟ فرسان المصر قوما مستميتين لا يبرزن لهم منكم أحد فإنهم قليل وقل ما يبقون والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم. فقال عمر بن سعد: صدقت الرأي ما رأيت، وأرسل إلى الناس يعزم عليهم ألا يبارز رجل منكم رجلا منهم» (100).
ثم ما هي المسؤولية الرئيسية التي يتحملها الإمام الحسين (عليه السلام) هل هو مذنبٌ بوصفه حراً أبياً، هل هو مذنب بوصفه يرفض العبودية للبشر، وكل أنواع الظلم والطغيان، أم لأنه قال:«. . لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ إقرار العبيد، عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب» (1) . أم لأنه قال: «ألا وان الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين: السلّة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت ونفوس أبية وأنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام»(101). أم لأنه قاتل«. . طواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، وغضبة الآثام، وبقية الشيطان، ومحرفي الكلام ومطفئي السنن وملحقي العهرة بالنسب... الذين جعلوا القرآن عضين»(102). أم لأنه قال: «أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله»(103) . أم لأنّه استجاب لصرخات المظلومين، وأنات الفقراء والمعذبين في سجون الطغيان الأموي، ألم يدعي (لامنس) وصاحباه، أنّه استجاب لدعوات العراقيين! أم أن هذه الدعوات كانت موجهة من فراغ وبطر؟! نعم التزامهم بوعودهم وبيعتهم شيء آخر.
وليت القس العبقري دلنا على مقياس (التردد وقلة الفطنة) الذين وصم بهما الإمام الحسين (عليه السلام)، وقال: إنّه ورثهما عن أبيه، بالتأكيد إن المقياس عنده هو: الغدر، الفجور، الكذب، النفاق، الخسة والنذالة، وعدم التورع عن فعل أي شيء مهما كان دنيئاً لتحقيق الأهداف المبتغى تحقيقها، هذه هي (الفطنة وعدم التردد) الذي يتغنى ويتفاخر بتوفره في الأمويين.
أمّا أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) صار ضعيفاً ومتردداً، خلال الأيام الثمانية التي أمضاها في كربلاء قبل شهادته، فهذا ما يخالفه العقل والنقل، وإلا لتراجع عن ثورته وقبل بمبايعة يزيد وانتهى الأمر، بل إن الإمام (عليه السلام) كما يروي أعداؤه، ظل عنيداً، صامداً، مكابراً على جراحه حتى الرمق الأخير: «ثم إنه دعا إلى البراز، فلم يزل يقتل كل من خرج إليه من عيون الرجال حتى قتل منهم مقتلة عظيمة... وتقدم الشمر بن ذي الجوشن فقاتلهم [دلالة على أنهم قاتلوه على شكل مجموعات لا رجلاً لرجل] الحسين بأجمعهم وقاتلوه حتى حالوا بينه وبين رحله، قال: فصاح بهم الحسين رضي الله عنه: ويحكم يا شيعة آل سفيان... أنا الذي أقاتلكم وتقاتلوني، والنساء ليس لكم عليهن جناح فامنعوا عتاتكم وطغاتكم وجهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّاً»(104) . أي إنّهم كانوا يهربون، ويجبنون عن مقاتلة الإمام، فيهاجمون النساء، وهذا ما جعل (شبث بن ربعي) يعنف (الشمر) ويوبخه:« ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك أمرعبا للنساء صرت» (105) . هذه هي بطولة الأمويين التي يتغنى بها (لامنس).
أمّا أن صحابته، كانوا ضعفاء وجبناء، ولا خبرة لهم في الحرب، وأنهم: «شباب خنثتهم ملذات المدينة، ولم يسبق لهم أن استخدموا السلاح أبداً.. ولم يقم بعمل واحد من أعمال البطولة التي أغرم الشيعة بالتغني بها». فهذا من الحماقة والسخف، فضلاً عن كونه من الكذب الصريح. بل إنّ أعدائهم من أكفوا الشيعة مئونة التغني بشجاعتهم، وفروسيتهم، وفضائلهم، وبطولاتهم، وإقدامهم. فهذا (ربيع بن تميم) أحد جنود (عمر بن سعد) يتحدث عن شجاعة وقتال (عابس بن شبيب الشاكري) :« لما رأيته مقبلا عرفته وقد شاهدته في المغازي، وكان أشجع الناس، فقلت: أيها الناس هذا الأسد الأسود هذا ابن أبي شبيب لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ ينادى ألا رجل لرجل! فقال عمر بن سعد ارضخوه بالحجارة، قال: فرمى بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ثم شد على الناس، فوالله لرأيته يكرد أكثر من مائتين من الناس ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل، قال: فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة هذا يقول أنا قتلته وهذا يقول أنا قتلته، فأتوا عمر بن سعد فقال: لا تختصموا هذا لم يقتله سنان واحد ففرق بينهم بهذا القول» (106) .
وقال (شبث بن ربعي) معلقاً على قتل (مسلم بن عوسجة): «...فتنادى أصحاب عمرو بن الحجاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم أمهاتكم! إنما تقتلون أنفسكم بأيديكم وتذللون أنفسكم لغيركم تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والذي أسلمت له، لرب موقف له قد رأيته في المسلمين كريم، لقد رأيته يوم سلق آذربيجان، قتل ستة من المشركين، قبل تتام خيول المسلمين، أفيقتل منكم مثله وتفرحون!» (107). وقال (قرة بن قيس) مخاطباً (الحر الرياحي): «... والله إن أمرك لمريب والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة رجلا ما عدوتك» (108) . وصاح (عمرو بن الحجاج) :«يا حمقى أتدرون من تقاتلون فرسان المصر قوما مستميتين لا يبرزن لهم منكم أحد» (109) .
وفي قبالة هذه البطولة الثرة، التي يتواضع لها جبين الدنيا، نجد جبن من يدّعي لهم القس الجبان البائس، الشجاعة والبطولة والإقدام ودناءتهم وخستهم: « عن حميد بن مسلم، قال: انتهيت إلى علي بن الحسين بن علي الأصغر وهو منبسط على فراش له وهو مريض وإذا شمر بن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون: ألا نقتل هذا، قال: فقلت: سبحان الله أنقتل الصبيان إنما هذا صبي، قال: فما زال ذلك دأبي أدفع عنه كل من جاء حتى جاء عمر بن سعد فقال: ألا لا يدخلن بيت هؤلاء النسوة أحد ولا يعرضن لهذا الغلام المريض ومن أخذ من متاعهم شيئا فليرده عليهم قال: فو الله ما رد أحد شيئا» (110). شجاعتهم:أن ينهبوا النساء، ويقتلوا المرضى، ويحرقوا الخيام، ويمثلوا بالأجساد، ويسوقوا النساء والأطفال سبايا. نعم إنها مقاييس الشجاعة عند الجبناء المتسافلين مثل (لامنس)، شجاعتهم أن: «... عمر بن سعد أرسل رجالاً يقوضونها [الخيام] عن أيمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم قال: فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون على الرجل وهو يقوض وينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه فأمر بها عمر بن سعد عند ذلك فقال: احرقوها بالنار ولا تدخلوا بيتا ولا تقوضوه فجاءوا بالنار فأخذوا يحرقون.. وخرجت امرأة.. تمشى إلى زوجها حتى جلست عند رأسه تمسح عنه التراب وتقول هنيئا لك الجنة، فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمى رستم: اضرب رأسها بالعمود فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها. قال وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين برمحه ونادى عليّ بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال فصاح النساء وخرجن.. قال أبو مخنف.. عن (حميد بن مسلم) قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله إن هذا لا يصلح لك أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين تعذب بعذاب الله وتقتل الولدان والنساء.. قال فجاءه رجل كان أطوع له من شبث بن ربعي، فقال: ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك أمرعبا للنساء صرت» (111) .
أمّا ما ادعاه من معاملة حسنة من (يزيد) للسبايا، وإنكاره أنه أمر بقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، وأنه حزن على ذلك، فهو مما لم يقتنع به حتى المدافع الأول عن الأمويين (فلهوزن) (112) . إذ قال:« وربما كانت الروايات قد عاملت يزيد بن معاوية برفق أكبر جداً مما يستحق. فإنه إذا كان مقتل الحسين جريمة، فالمجرم الأكبر فيها يزيد، لأنه هو الذي بعث عبيد الله للقيام بإجراءات قاسية. وكانت النتيجة مرضية جداً ليزيد، واغتبط لها أيما اغتباط، فإن كان قد غضب على خادمه عبيد الله من بعيد، فما كان ذلك إلا تطبيقاً لامتياز الحاكم الأعلى، أعني أن يحول الكراهية عنه إلى الأدوات التي اصطنعها لنفسه في جريمته. حقاً أن المودة التي أبداها نحو من بقي من آل الحسين[إن كانت هناك مودة] ليست مما يعيبه، وإن كانت مودة تنطوي على الدهاء ولم تصدر عن قلب مخلص» (113).
ونحن نقول: إنّ هذا الغضب مصطنع، وملفق من قبل المؤرخين لا من قبل (يزيد) لمداراة سمعة خليفة المسلمين ـ في نظرهم ـ وإلا فإن ركب آل البيت: بعث«بهم إلى يزيد بن معاوية فأمر بسكينة فجعلها خلف سريره لئلا ترى رأس أبيها، وذو قرابتها وعلي بن الحسين رضي الله عنهما في غل، فوضع رأسه فضرب على ثنيتي الحسين رضي الله عنه وقال:
نفلــق هامــاً من رجــال أحبة إلينا وهم كانوا أعقّ وأظلما»(114)
كما تنسب هذه الدناءة والخسة والنذالة (لعبيد الله بن زياد الدعي ابن الدعي) وليس من المستبعد أن يكون كلاهما قاما بذلك. « ولما قتل الحسين أمر عمر بن سعد نفرا فركبوا خيولهم وأوطؤها الحسين. . ولما قتل أرسل عمر رأسه ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد فجمع الناس وأحضر الرؤوس وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين»(115) .
هذه صور ثلاث لكربلاء: الصمود والفداء والتضحية، كانت سلبية في طرحها؛ بسبب وقوعها تحت تأثير الرواية الأموية والعباسية من جانب، والتوجهات الأيديولوجية لصناعها من جانب آخر. كانت الأولى منها قالباً نمطياً، صبت فيه الصورة الثانية، وشكلت الصورتان معاً، مع خليط من الشتائم والسباب، عماد الصورة الثالثة ومضمونها. وفي قبالة هذه الصور السلبية، كان هناك مستشرقون، قرأوا الثورة الكربلائية، والشخصية الحسينية من دون تشنج أو دوافع مسبقة، فكان عرضهم موضوعياً للحادثة التاريخية، وللأثر المترتب عليها من شعائر وممارسات عزائية.
فهذا الصحفي الألماني ( Gerhard Konzelman جرهارد كونسلمان) في كتابه (سطوع نجم الشيعة) يقول: «... بعد أن مات الحسن، أثبت الحسين ذكاءً. فقاوم إغراءات خصمه بسرعة تنشيط شيعة علي في بلاد الرافدين، فلقد خبر تأرجح هؤلاء، فلم يشأ الحسين التعامل معهم. وقد كشف حفيد النبي هذا عن موقف شريف متحفظ... وإلى هذه اللحظة كان الحسين واقعياً، فقد أدرك أن بني أمية يحكمون قبضتهم على الإمبراطورية الإسلامية الواسعة... كان الحسين يمارس التمنع السياسي[أي في عهد معاوية، ولكن بعد موته، وطلب بيعته ليزيد] كان الحسين من هؤلاء الذين تحفظوا تماماً ضد شخصية يزيد... ولم يمض إلا أسبوعان حتى وصل إلى بلاد وادي الرافدين خبر إعلان حفيد النبي خصومته ليزيد. وبذلك بدأت شيعة علي برفع رأسها[ بعد توالي الكتب الملحة عليه في الثورة على يزيد] فمضى الحسين في طريقه، لكنه كان حريصاً فأرسل مسلم بن عقيل آملاً من خلال تقاريره أن يحصل على المعلومات الضرورية، حتى يستطيع تحديد إن كان سيدخل المدينة.. ولمرة أخيرة حاول زعيم شيعة علي استخدام عنصر الإقناع. وكان رجلاً ذا كلام ساحر خاصة في وقت الشدة. . كلماته تعبر أقاربه وأنصاره الملتفين حوله فيسمعها أعداؤه. وقد بقيت هذه الكلمات للشهيد الحسين مقدسة عند الشيعة حتى اليوم... وفي قيظ الظهيرة أصاب الوهن صوت الحسين؛ فجف حلقه وشفتاه ولسانه بفعل العطش. وأخيراً انتهت الخطبة، وصار القرار للسيوف. . وفي النهاية كان قائد الخليفة يزيد قد ضاق بالمبارزة ففتح قتال الساحة. إلا أن مقاتلي الأمويين لم ينجحوا بسرعة في كسر الحلقة حول الحسين.. وقد أجمعت روايات المؤرخين أن الحسين قاتل ببسالة عظيمة. . وفي لحظة انتصار مس[من المس] مقاتلي الخليفة جان[جن أو شيطان] الدم؛ فقتلوا أنصاره وأهل الحسين بلا رحمة. وقام المنتصرون بفصل الرقبة عن جسد كل القتلى بما فيهم الحسين. وخلعوا الثياب عن الأجساد الدامية بلا رأس. ومثلوا بكثير من جثث القتلى. وقد بقيت الجثث الدامية المقطوعة الرأس بلا دفن... وفي المساء لم يبق على قيد الحياة إلا نساء وعدد قليل من الغلمان، فتم إرسالهم ليلاً، فتركوا كربلاء باكين ووصلوا الكوفة باكين. وكان أن أثار منظر النساء القانطات مشاعر أهل الكوفة المترددين، ودخلت النساء والفتيات من باب المدينة يترنحن من الكلل. أما أصحاب الفضول الذين كانوا ينتظرون هناك فشرعوا في النحيب وسرعان ما أصابتهم الهستيريا وقد سمعت هناك صرخات مدوية. وكانت النساء تضرب صدورها، ولم يكن النساء والرجال يبكون وزر آل الحسين بقدر ما كانوا يبكون ذنبهم وإحباطهم الذي أدى إلى مقتل حفيد النبي. أدى مصرع الحسين إلى أن تصير سلالة محمد وعلي وآل بيتهما ثانية في ضمير كثير من المسلمين، أنبل جنس عاش يوماً على أرض الدولة الإسلامية. . وصار مصرع الحسين عند كربلاء أهم حدث في مجرى التاريخ بالنسبة للشيعة، وظل هذا الشهيد رمزاً للشيعة حتى يومنا هذا... فشباب الشيعة الذين يشتركون في المعارك المشتعلة في الشرق الأوسط، يتخذون قضية الحسين قدوة لهم، والجهاد يعتبرونه واجبهم الأسمى. وتذكر الحسين يحث المحاربين على الإصرار والتضحية بالنفس. فالحسين نبع القوة لشيعة اليوم... وكان أن قام المنتصرون في كربلاء بإرسال رأس الحسين إلى دمشق حتى يسر الخليفة يزيد بذلك. إلا أن الخليفة لم يشعر بالنصر بموت زعيم شيعة علي. وقد أحس يزيد أن الحسين ميتاً لهو أخطر عليه من الحسين حياً... فقد قوى استشهاد حفيد النبي شيعة علي في رفضهم للحكام الذين لا تمتد جذورهم إلى آل بيت النبي. . وأدى انفصال شيعة علي إلى تشجيع قوى أخرى تبغي الانفصال عن دمشق، في التجرؤ على الصراع. . » (116) .
وقال المستشرق الفرنسي المعاصر ( Yanne Richardيان ريشار) في كتابه (الإسلام الشيعي): «إن الهزيمة... التي لقيها الحسن، ما لبثت أن انقلبت بسرعة إلى نصر غريب لأخيه الحسين، أمير الشهداء... أبى الحسين أن يقبل ولاية يزيد الذي تصفه المصادر التاريخية بقلة التقوى الظاهرة، وبحب الموائد والخمر. . أما الحسين. . فقد مضى ليحتمي بمكة. وهناك تلقى دعوة من أهل الكوفة، يستحثونه فيها على رئاسة التمرد المعتزم. ولما لم يكن حسن الإطلاع على الخطر الحقيقي، ولا على التدابير الوقائية التي اتخذها يزيد، فإنه أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل، للإطلاع على الوضع هناك، وسار هو إلى الكوفة. . وعندما أبدى له المقربون منه اعتراضاتهم خائفين من رؤيته يسرع إلى مغامرة غير معقولة، أجاب: إن الله يفعل ما يريد، وأنا أدعه يختار لي الأفضل. أما هو، فلا يمكن أن يكون ضد من يرى اتّباع الحق. . وعندما حيل بينه وبين الوصول إلى الكوفة؛ لوجود قوة عسكرية أموية أرسلت لملاقاته، وجد نفسه. . مضطراً للانحياز إلى ضاحية كربلاء... أما الوصول إلى ماء الفرات فقد قطع عليه من قبل عدوه. . وبعد أن رفض الإمام ما عرض عليه من استسلام، تهيأ للمعركة الأخيرة، وحذر من معه من أهله بما يحيق بهم من خطر إذا ظلوا معه... وخاطب الحسين أعداءه لكي يفكروا قبل أن يهاجموا من كان أعزه النبي... ولكن هؤلاء أصروا على أن يخضع لأوامرهم... بعض المهاجمين المترددين من قبل، عادوا فأشعلوا الخيام بالنار، وحاولوا وضع اليد على النساء. وكان بين الضحايا الأوائل الذين تلقاهم الإمام بين ذراعيه ابنه علي الأكبر... وأخبر المخبرون بعد ذلك ما حدث من أشياء مفجعة... هز الوجدان الإسلامي هزاً عنيفاً بالمصير المأساوي الذي صار إليه حفيد النبي محمد بعد أن عزم على القتال حتى النهاية، ضد السلطة التي كانت تدوس أخلاق الإسلام الأول، ومبادئه. لكن الحسين الشهيد، صار نموذجاً مثالياً لكل نضالٍ من أجل الحرية، ولكل معذبي الأرض.. وحقاً فلئن كانت هذه المذبحة، مذبحة الإمام الحسين، قد أثرت.. في الحساسية الدينية لهؤلاء المسلمين[الشيعة] الذين اعتبروا كأقلية، ثم عذبوا من قبل السنة.. فهي تبرّر كونهم مغلوبين وتتيح لهم انتقاماً معنوياً، لا يمكن أن يتم إلا في نهاية الأزمان.. ففي هذا العالم الحديث ، وفي مجتمع تقوم بشؤونه سلطة كافرة، وعندما لا يكون للدين نفسه حق الوجود، لا يعني البكاء على الحسين إلا البكاء على نصر غير مرئي، والتسامي بصور المذلة في الوقت الحاضر، كصور من العذاب الضروري، من أجل تقديم الموعد الذي طال انتظاره، بموعد الحكم الأخروي، حكم العدالة والحقيقة، أي: موعد عودة الإمام المنتظر، إمام كل زمان. ولقد أوضح أحد علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) كيف أن صورتي الإمام الحسين تتزاحمان في ظرف ثوري معيق. ولا سيما في الوقت الذي يحتفل فيه بذكرى العاشوراء التي يتم فيها أعنف التعبئة العاطفية وأحرها. . إن الصورة الأولى للحسين هي وسيط أو شفيع يجب أن نرضيه لنلفت انتباهه إلينا. ذلك أنه، بالاستشهاد وثوابه، يتمتع عند الله بحظوة خاصة: وعلى ذلك فإن شفاعته ستكون على الأرجح أكثر جدوى من شفاعة أي قديس آخر... ولكي نرضيه نشارك في آلام استشهاده.. ذكرى الحزن، فنبكي، ونقدم نذور الطعام و الشراب. وكذلك يمكن أن نطلب منه الشفاء من المرض، أو الخروج من السجن.. أما الصورة الثانية للحسين، فهي صورته كمحارب، يناضل من أجل العدالة، ضد السلطة الظالمة، سلطة الأمويين» (117) .
وقال (إسحاق نقاش) (118) : «.. ويوجد في كربلاء مرقد الحسين، نجل علي والإمام الشيعي الثالث.. ويعرف الحسين بين المؤمنين الشيعة بأنه (سيد الشهداء) لأنه قتل متحدياً وراثة يزيد بن معاوية للخلافة.. وأصبحت المعركة واستبسال الحسين، وجماعته الصغيرة استبسالاً بطولياً فيها، أهم حدث في التاريخ الشيعي.. وأخذ الشيعة يحيون ذكرى استشهاد الحسين بعاطفة لاهبة». كما أنه عقد فصلاً كاملاً لتتبع الممارسات والطقوس العزائية التي تقام في عاشوراء. مستشهداً بأقوال ومشاهدات عدد من المستشرقين والرحالة والمتابعين (119) .
وركز الأمريكي ( Valy Naser فالي ناسر) في كتابه (The Shia Rivival يقظة أو نهوض أو انبعاث الشيعة) على شعائر عاشوراء، ودورها في تعبئة مشاعر المسلمين، وحثهم على الإقتداء بإمامهم، في الدفاع عن القيم والمبادئ والأخلاق والحياة الحرة الكريمة، وعقد مقاربات كثيرة بين شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) وشخصية عيسى المسيح (عليه السلام) ودور تضحياتهما في إذكاء فضائل الأخلاق، وضرورة الإقتداء بها. فيقول عن يوم عاشوراء: يظهر الشيعة وجهاً متميزاً للإسلام والمسلمين.. إسلام تتجلى فيه الروحية العالية في العاطفة والطقوس أكثر من تجليها في العبادات والممارسات الأخرى. . بحيث يظهر للمشاهد بأن لا أحد يبقى في بيته في ذلك اليوم لاسيما وهو يرى تلك الحشود تخرج زرافات زرافات، لإظهار احترامهم لهذا اليوم العظيم، تعبيراً عن انتمائهم وهويتهم ومعتقدهم.. فلا يبقى مراقب أو مشاهد في هذا اليوم. . إلا وتأثر بهذا الاستعراض الشعبي المفعم بالولاء والإخلاص للمعتقد والمذهب، بحيث لا يمكن أن يبقى حتى شخص واحد ليس بإمكانه ملاحظة هذا التفرد الواضح للشيعي، أو للقيم الروحية التي يحملها أو يعرف بها. (120)
ويضيف قائلاً:« وبالتالي فإن الحسين لم يعد حامل لواء التشيع وحسب، ورمزاً مقدساً لمفهوم الزعامة في العالم الإسلامي، بل ورمزاً يقتدى به في الفروسية والشهامة وقيم الشجاعة، في الوقوف.. ضد الاستبداد والقهر والطغيان. . وهكذا صارت كربلاء.. تفيد ضمناً رفض المسلم الحقيقي لأية سلطة تقوم على أسس ذرائعية أو تحصر لتنفيذ إرادة الظالمين. بل إنها إرادة تحدٍ لأية سلطة غير شرعية» (121).
وقال البروفسور (هانغسون) (122) : «إن بعض التقاليد والرموز الإسلامية قريبٌ لقلوب المسيحيين، مثلاً من تلك الرموز سبط الرسول محمد، الحسين بن فاطمة تلك المتألقة، وابن ذلك المكافح الحكيم الخليفة علي، هذه مشاعرنا نحن المسيحيين تجاه الحسين والمأساة التي أدت إلى استشهاده.. نعترف نحن المسيحيين بأن في حياة الحسين الأليمة سمات عديدة نشاهدها في صور العبد المضحي لله، والذي يشبه النبي داود الذي نقرأ عنه في الزبور: احمني تحت جناحك، أظلني في ظلك من أولئك الأشرار الذين يريدون هلاكي من أعدائي الآدميين الذين يحيطونني.. هذه المأساة بين الإسلام التقليدي والنظري، وبين المسلمين الشيعة الذين يمثلون الإمام الحسين من طرف، والمسيحيين من خلال دور المعذب بالخلود وموت عيسى»(123).
* هوامش البحث *
(1) ادوارد سعيد: الاستشراق ص321 ـ 322.
(2) سمايلوفتش، أحمد: فلسفة الاستشراق ص157.
(3) العمري، أكرم ضياء: موقف الاستشراق من السنة والسيرة النبوية، مجلة مركز بحوث السنة والسيرة النبوية، 1995م. ص55، 56.
(4) لمزيد من التفاصيل ينظر: دونلدسن: عقيدة الشيعة ( الصفحات جميعها) ، أجناس جولدتسيهر: العقيدة والشريعة في الاسلام ص167–222، فيليب حتي: تاريخ العرب ص311–313، 512–523، فرنسوا تويال: الشيعة في العالم ص19–183، جرهارد كونسلمان: سطوع نجم الشيعة ص5 ـ 294، ولي نصر: الانبعاث الشيعي ص19 ـ 417، عبد الجبار ناجي: التشيع والاستشراق ص 11–478، له أيضا: الاستشراق في التاريخ ص240–248، فؤاد كاظم المقدادي: الاسلام وشبهات المستشرقين ص145–172.
(5) ينظر: هاينس هالم، الشيعة ص15.
(6) كما فعل المستشرق دونلدسن الذي بقي (16) سنة في مدينة مشهد في إيران . ينظر: عقيدة الشيعة ص5.
(7) ينظر: عبد الجبار ناجي، التشيع والاستشراق ص11 ـ 12.
(8) ينظر حديثه عن الشيعة ص12 ـ 58 .
(9) ينظر ما كتبه عن مقالات الروافض ص22 ـ 49.
(10) ينظر ما وصفه بـ شنع الشيعة 3/ 111 ـ 123.
(11) ينظر ما سطره عن الشيعة ص118 ـ 159.
(12) ينظر: عبد الجبار ناجي، التشيع والاستشراق 15، 16.
(13) ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 325 ـ 328.
(14) ينظر الفصل في الملل ص115.
(15) ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 328.
(16) ينظر الفصل في الملل ص 116.
(17) شخصية اختلفت الأقوال فيها، فهل لها واقع تاريخي؟ أم أنها شخصية مفتعلة؟ لمزيد من التفاصيل ينظر: مرتضى العسكري: عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى في جزئين، (الصفحات جميعها) . علي آل محسن: عبد الله بن سبأ دراسة وتحليل ص11 _ 364. إبراهيم بيضون: عبد الله بن سبأ ص5 – 118.
(18) ينظر الفصل في الملل ص120.
(19) الرافضة: تعني الجند المخالفين لقائدهم. فقد كتب معاوية الى عمرو بن العاص بعد معركة الجمل: انه وقع إلي مروان بن الحكم في رافضة البصرة، أي من رفض خلافة الامام علي (ع) من أهل البصرة. ابن قتيبة: الامامة والسياسة 1/ 86، المنقري. وقعة صفين ص34. ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 59/ 130، ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 2/61، وقال ابن منظور: ( والرّوافِضُ: جنود تركوا قائدهم وانصرفوا فكل طائفة منهم رافِضةٌ، والنسبة إِليهم رافِضِيٌّ) . لسان العرب 7/157. ثم اخذ خصوم أهل البيت باطلاقها على أتباع مذهب آل البيت (عليهم السلام).
(20) ينظر: الأميني، الغدير 3/ 92 وما بعدها.
(21) مستشرق له اهتمام في دراسة الدين الإسلامي عموما والتشيع على وجه الخصوص، زار البلاد الشيعية واستقر 16 سنة في مدينة مشهد في إيران حينما كان يدرس الدكتوراه حول رسالته عن الأئمة الاثني عشر، ومن آثاره:سلمان الفارسي ط1929م، عقيدة الشيعة في الإمامة 1931م، عقيدة الشيعة، ط لندن1933م، وقد ترجم إلى العربية، القانون الفارسي1934م، الزواج العربي في الإسلام 1936م، قصيدة صوفية 1939، الحكم في الإسلام 1946م، الإسلام في الهند 1948م، المحراب في حرم مشهد، مجلة الفن الإسلامي 1935، الإسطرلاب، مجلة الثقافة الإسلامية 1945م. ينظر: يحيى مراد: معجم أسماء المستشرقين ص342.
(22) ترجم إلى العربية من قبل شخص أشار إلى نفسه بالرمز ع . م ، وطبع الطبعة الأولى في القاهرة سنة 1946م ، والطبعة الثانية سنة 1990 م في بيروت.
(23) هو المستشرق الانكليزي ادوارد ج براون ( 1862 ـ 1926 ) ، ولد في أسرة اشتهرت بالطب واللاهوت والعسكرية والتجارة، حصل على بكالوريوس في الطب في 1887م، له اهتمام باللغات الشرقية منها العربية والتركية والفارسية، وقد أولى الفارسية اهتماما خاصا وأراد منها مدخلا لدراسة العقلية الفارسية، وضع فهرسا للمخطوطات الفارسية خاصة وفهرسا للمخطوطات الإسلامية عامة، واقتنى كثيراً من المخطوطات لا سيما الفارسية لذا كان نتاجه العلمي منصبا على دراسة الأدب الفارسي، واهتم بدراسة الفرق الدينية وأهمها البابية والبهائية وغيرهما. ينظر لمزيد من التفاصيل: عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين ص79 ـ 81. مراد: معجم أسماء المستشرقين ص148 ـ 149.
(24) دوايت م . دونلدسن : عقيدة الشيعة ص 5.
(25) برنارد لويس، ولد في لندن سنة 1916، وحصل على الليسانس من جامعة لندن، ودبلوم الدراسات السامية من جامعة باريس، والدكتوراة من جامعة لندن، وغدا أستاذ الدراسات الشرقيةفي جامعة برنستون، ثم عمل في جامعات عدة في تدريس الشرق الإسلامي، وله آثار عدة منها : أصول الإسماعيلية، والعرب في التاريخ، وتاريخ الإسلام، وله مقالات في دائرة المعارف الإسلامية، وقد ترجمت كثير من مؤلفاته إلى عدد من اللغات العالمية، يحيى مراد، معجم أسماء المستشرقين ص622 _624.
(26) الإسلام الأصولي في وسائل الإعلام الغربية 30.
(27) تنظر ترجمته: بدوي، موسوعة المستشرقين 529 ـ 535.
(28) جب: وجهة الإسلام: نظرة في الحركات الحديثة في العالم الإسلامي 64.
(29) أبدى لويس برنارد اهتماما بالإسماعيلية، وكتب عدة أبحاث في ذلك، لعل أولها كتاب أصول الإسماعيلية، الذي وصف بأنه كتاب نفيس يصنف الشيعة إلى شيع معتدلة وغالية، طبع في كمبردح سنة 1940، وقد ترجم إلى العربية، وله (مذكرات إسماعيلية) طبع سنة 1948، وصلاح الدين والحشاشين سنة 1953، ومصادر لتاريخ الحشاشين في سوريا، مجلة المرآة، سنة1952. ينظر: يحيى مراد: معجم اسماء المستشرقين ص 623 _624.
(30) ينظر: عبد الجبار ناجي، التشيع والاستشراق 16 ـ 19.
(31) برنارد لويس: الإسلام الأصولي 31.
(32) ينظر: هاينس هالم، الشيعة ص13.
(33) ريتشارد سوذرن: صورة الإسلام في أوربا في العصور الوسطى ص35؛ رودنسون: جاذبية الإسلام ص20؛ الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية (ضمن تراث الإسلام) ص32.
(34) ريتشارد سوذرن: صورة الإسلام ص77 ـ 115.
(35) مكسيم رودنسون: جاذبية الإسلام ص29، 35 ، 39؛ الصورة الغربية ص42، 47، 50.
(36) هو مستشرق ألماني ولد عام (1844م) درس اللغات السامية، ونقد التوراة في (جامعة جيتنجن) ، وصار أحد أبرز اساتذتها. له كتابات متعددة في تاريخ اليهود ونقد التوراة منها: (التاريخ الإسرائيلي واليهودي 1894م) ، و (تاريخ إسرائيل 1878م) ، و (تأليف الأسفار الستة 1885م) ، و (نص سفر صموئيل1871م) ، و (سفر المزامير1895م) و (الأنبياء الصغار 1898م) ، وغيرها. وله كتابات متعددة في تاريخ الإسلام منها: (المدينة قبل الإسلام وتنظيم محمد للجماعة الإسلامية في المدينة 1889م) و (الدولة العربية وسقوطها 1902م) و (أحزاب المعارضة السياسية الدينية في صدر الإسلام 1901م) وغيرها. ينظر: بدوي، موسوعة المستشرقين 408 ـ 410.
(37) عبدالرحمن بدوي، في تصديره لكتاب (فلهوزن أحزاب المعارضة..).
(38) رضوان السيد، مقال في جريدة الشرق الأوسط ( العدد 12208 في 1/5/2012) .
(39) فلهوزن: أحزاب المعارضة 160 ـ 188.
(40) فلهوزن: أحزاب المعارضة 179.
(41) فلهوزن: أحزاب المعارضة 179.
(42) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 1/ 147. العسكري: مرتضى، معالم المدرستين 1/314.
(43) النجاشي: رجال النجاشي 320، الحلي: خلاصة الأقوال 233؛ الحر العاملي: وسائل الشيعة 30/453.
(44) معجم رجال الحديث 15/ 142.
(45) البدري: سامي، الحسين في مواجهة الضلال الأموي 17 ـ 18.
(46) المفيد: الجمل 225.
(47) المفيد: الجمل 147.
(48) أحزاب المعارضة 160.
(49) تاريخ الرسل والملوك 4/251 ـ 253.
(50) فلهوزن: أحزاب المعارضة ص160.
(51) ابن أعثم: الفتوح 5/ 21.
(52) فلهوزن: أحزاب المعارضة ص169.
(53) ابن نما: مثير الأحزان ص29؛ ابن طاووس: الملهوف في قتلى الطفوف ص38؛ الزرندي الشافعي: معارج الوصول ص94.
(54) فلهوزن: أحزاب المعارضة ص169.
(55) تاريخ الرسل والملوك 4/300.
(56) الطبري: تاريخ 4/ 304.
(57) الطبري: تاريخ 4/ 305؛ الطبراني: المعجم الكبير 3/ 115؛ ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 14/ 218.
(58) الطبري: تاريخ 4/ 289.
(59) ابن الأثير: الكامل في التاريخ 4/ 58.
(60) أحزاب المعارضة 174.
(61) الطبري: تاريخ 4/ 300.
(62) المقريزي: إمتاع الأسماع 1/ 94.
(63) ابن هشام: السيرة النبوية 2/ 447؛ الطبري: تاريخ 2 / 140؛ ابن كثير: البداية والنهاية 3/ 320.
(64) الطبري: تاريخ 2 / 140، 141.
(65) فلهوزن: أحزاب المعارضة 176، 177.
(66) أحزاب المعارضة 186.
(67) الطبري: تاريخ 4/ 374؛ ابن الأثير: الكامل 4/ 79 ، 80 .
(68) الطبري: تاريخ 4/ 347.
(69) أحزاب المعارضة 187 ـ 188.
(70) الطبري: تاريخ 4/331.
(71) الطبري: تاريخ 4/ 345؛ ابن الأثير: الكامل 4/ 77؛ ابن كثير: البداية والنهاية 8/ 204.
(72) تنظر ترجمته: بدوي، موسوعة المستشرقين ص345 ـ 347.
(73) تاريخ العرب العام 66 نقلاً عن: الماجد، سعد عبدالله، موقف المستشرقين من الصحابة ص500.
(74) تنظر الصفحتان 143 ـ 144.
(75) ينظر: بدوي، موسوعة المستشرقين 197 ـ 203. مراد: معجم اسماء المستشرقين ص285 ـ 286.
(76) ينظر: البهي، محمد ، المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإسلام 24؛ شابي: عبد الجليل، الإسلام والمستشرقون 46؛ وينظر عنه: جبل، محمد حسن ، الرد على جولدتسيهر في مطاعنه على القراءات القرآنية (الصفحات جميعها) .
(77) العقيدة والشريعة في الإسلام ص258.
(78) جولدتسيهر: العقيدة والشريعة في الإسلام ص258 ـ 263.
(79) العقيدة والشريعة ص68 ـ 80؛ الماجد: سعد عبد الله: موقف المستشرقين من الصحابة ص76 ـ 78.
(80) أديب مختار: الشعائر الحسينية في كتاب أمريكي، مقال ضمن مجلة رسالة الحسين، العدد الخامس 2011) . ص171 ـ 174.
(81) ينظر ترجمته في تمهيد كتابه (محمد رسول الله) بقلم: محمود عبد العليم ص7 ـ 10؛ مراد: معجم أسماء المستشرقين ص572.
(82) المصدر نفسه، ص49.
(83) ينظر: بدوي، موسوعة المستشرقين ص503؛ فردينان توتل:الأب هنري لامنس، مقال بمناسبة وفاته نشر في مجلة المشرق، سنة 1937م. ص162.
(84) ينظر: بدوي، موسوعة المستشرقين ص503؛ العقيقي: المستشرقون 3/293؛ توتل، الأب هنري لامنس ص162.
(85) http://www. kaowarsom. be/nl/notices_Lammens_Henri.
(86) ينظر: إبراهيم علامة، مقال بعنوان: الأب لامنس مخترع لبنان ينظر:
http://adloun. org/InventeurDuLiban. aspx
(87) ينظر: الأعسم، عبد الامير، الاستشراق من منظور فلسفي عربي معاصر، مجلة الاستشراق، العدد الأول، ص21.
(88) ينظر: فوزي، فاروق عمر، الاستشراق والتاريخ الإسلامي، ص58.
(89) ينظر: ستيفن كنوتس Stijn KNUTS :Lammens,Henri,Jesuit and historian of Islam.
(90) كازانوفا. ب. ( P. Casanova) تعلم العربية وعلمها في معهد فرنسا، وقدم إلى مصر وأصبح أستاذا لفقه اللغة العربية في الجامعة المصرية، وجه عنايته نحو دراسة مصر في العصور الإسلامية، ترجم كتاب خطط المقريزي، وكتب عن عقيدة الفاطميين في مصر، توفي في 1926م. تنظر ترجمته: يحيى مراد، معجم أسماء المستشرقين ص 549 ـ 550.
(91) مقدمة ترجمة كتاب (محمد رسول الله لآتيين دينيه) 53 ـ 54.
(92) ينظر المجلد السابع ص427 ـ 429.
(93) Le califat de Yazid Ler 147 ـ 150. .
(94) ينظر: الديب، المنهج ص103.
(95) تعلم في فرنسا، وقصد الجزائر، وأشهر إسلامه، وتسمى بناصر الدين، وحج إلى بيت الله الحرام، له مؤلفات في السيرة النبوية وتاريخ العرب ، والشرق بنظر الغرب، وترجم بعضها إلى العربية، تنظر ترجمته: في تمهيد كتابه (محمد رسول الله) بقلم: محمود عبد العليم ص7 ـ 10؛ يحيى مراد: معجم أسماء المستشرقين ص374.
(96) آتيين دينيه: محمد رسول الله ص50.
(97) ابن أبي شيبة: المصنف 7/ 515؛ ابن حنبل: مسند 4/ 172؛ البخاري: الأدب المفرد 85؛ ابن ماجة: سنن 1/ 51؛ الترمذي: سنن 5/ 324؛ ابن حبان: صحيح 15/ 428؛ الطبراني: المعجم الكبير 3/ 32، 33؛22/ 274؛ مسند الشاميين 3/ 184؛ الحاكم النيسابوري: المستدرك 3/ 177؛ الهيثمي: مجمع الزوائد 9/ 181؛ موارد الظمآن 7/ 196، 197.
(98) الطيالسي: مسند ص260 ـ 261؛ البخاري: صحيح 4/217، 7/74؛ الترمذي: سنن 5/322؛ ابو يعلى الموصلي: مسند10/106 ـ 107؛ الطبراني: المعجم الكبير 3/127، 4/156؛ الهيثمي: مجمع الزوائد 9/181؛ ابن حجر: فتح الباري 7/78، 10/357؛ العيني: عمدة القارئ 16/243 ، 22/98؛ المتقي الهندي: كنز العمال 12/113، 114، 122؛ 13/673.
(99) الطبري: تاريخ 4/ 345؛ ابن الأثير: الكامل 4/77؛ ابن كثير: البداية والنهاية 8/204.
(100) الطبري: تاريخ 4/ 331.
(101) الطبري: تاريخ 4 / 323؛ ابن كثير: البداية والنهاية 8 / 194.
(102) ابن نما: مثير الأحزان ص40؛ ابن ابي الحديد: شرح نهج البلاغة 3/249، 250؛ ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 14/ 219، وفيه كلمة (بغي) بدلاً من دعي .
(103) ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 14/219.
(104) الطبري: تاريخ 4/ 304؛ ابن الأثير: الكامل 4/ 48.
(105) ابن أعثم: الفتوح 5/ 117.
(106) الطبري: تاريخ 4/ 334.
(107) الطبري: تاريخ 4/ 338، 339؛ ابن كثير: البداية والنهاية 8/ 200.
(108) الطبري: تاريخ 4/ 332.
(109) الطبري: تاريخ 4/ 325.
(110) الطبري : تاريخ 4/ 331.
(111) الطبري: تاريخ 4/ 347.
(112) الطبري: تاريخ 4/ 333، 334.
(113) ينظر: عبد الرحمن بدوي، في تصديره لكتابه ( أحزاب المعارضة) .
(114) أحزاب المعارضة ص186.
(115) الطبراني: المعجم الكبير 3/ 104؛ ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 70/ 14، 15؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء 3/ 320؛ الهيثمي: مجمع الزائد 9/ 195.
(116) ابن الأثير: الكامل 2/ 21.
(117) جرهارد كونسلمان: سطوع نجم الشيعة ص51 ـ 59.
(118) يان ريشار: الإسلام الشيعي ص51 ـ 57.
(119) شيعة العراق ص42.
(120) ينظر الفصل الخامس: إحياء ذكرى عاشوراء ص259 ـ 300.
(121) أديب مختار: الشعائر الحسينية في كتاب أمريكي ص171 ـ 174.
(122) أديب مختار: الشعائر الحسينية ص 188، 189.
(123) هو المستشرق السويدي (jan. a. henningsson ) ولد في السويد، وهو متخصص بالاديان والدراسات العربية الإسلامية، عمل أستاذاً محاضراً في قسم الدراسات العربية والإسلامـية بجامعة أوبسالا (uppsala) بمدينة أوبسالا السويدية. تولى الأمانة العامة باللجنة الفكرية في مجلس الكنائس السويدي. له عدد من المؤلفات الفكرية ، تحمل العناوين التي تم ترجمتها بالعربية وهي: الاعتـقاد يقابل الاعتـقاد، ونحو علاقة متبادلة لمعرفة الحكمة، والمسيحية والاسلام في حوار، العتبة الجديدة (بالاشتراك مع الكاتب ديوز براون). ينظر: www. alhassanain. com/arabic/articles/articles.
(124) یان . أ. هانغسون السویدی (jan . a . henningsson) ، الحسين حلقة وصل بين المسيحين والمسلمين، منشور في دائرة المعارف الحسينية، (ديوان القرن الرابع) الجزء الأول، ينظر: www. alhassanain. com/arabic/articles/articles .
وينظر: رائد علي غالب: الامام الحسين وعاشوراء من وجهة نظر المستشرقين، مجلة رسالة الحسين (العدد الخامس، السنة الثانية، 2011) . ص209.
* المصادر والمراجع *
ـ ابن الأثير:عز الدين أبى الحسن علي بن أبي الكرم. ت (630هـ/1232م) .
1ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة (المطبعة الوهبية: مصر ـ القاهرة 1280هـ/1863م) .
2ـ الكامل في التاريخ (دار صادر: بيروت ـ لبنان 1385هـ/1965م) .
_ الأشعري: أبو الحسن علي بن إسماعيل ت330 هـ.
3_ مقالات الاسلاميين، تحقيق وشرح: نواف الجراح، ط 1، دار صادر، بيروت، 2006.
ـ ابن أعثم الكوفي: أبو محمد أحمد. ت (314هــ/926م) .
4ـ كتاب الفتوح. تح: علي شيري (ط1، دار الأضواء: بيروت ـ لبنان 1411هــ/1991م).
ـ الأعسم: عبد الأمير.
5ـ الاستشراق من منظور فلسفي عربي معاصر. مقال في مجلة الاستشراق الصادرة عن: دار الشؤون الثقافية العامة: بغداد ـ العراق (العدد الأول/1408هــ/1987م) .
ـ الأميني: عبد الحسين أحمد.
6ـ الغدير في الكتاب والسنة والأدب (ط4، دار الكتاب العربي: بيروت ـ لبنان 1397هـ/1977م) .
البخاري: ابو عبد الله محمد بن اسماعيل. ت (256هـ/869م) .
7ـ الأدب المفرد (ط1، مؤسسة الكتب الثقافية: بيروت ـ لبنان 1406هـــ/1986م) .
8ـ صحيح البخاري (دار الفكر. بيروت ـ لبنان 1401هـ/1981م) .
ـ البدري: سامي.
9ـ الحسين (ع) في مواجهة الضلال الأموي، (ط1، دار طور سنين: بغداد ـ العراق 1427هــ/2006م) .
ـ بدوي: عبد الرحمن.
10ـ موسوعة المستشرقين (ط3، دار العلم للملايين: بيروت ـ لبنان 1414هــ/1993م) .
_ البغدادي:عبد القاهر بن طاهر بن محمد ت429 هـ.
11_ الفرق بين الفرق، ط3، دار الكتب العلمية، بيروت، 2005م.
ـ البهي: محمد.
12ـ المبشرون والمستشرقون (ط1، مطبعة الأزهر: القاهرة ـ مصر1384هــ/1964م) .
ـ بيضون: إبراهيم.
13ـ عبد الله بن سبأ ( إشكالية النص والدور الأسطورة) ، ط1، دار المؤرخ العربي، بيروت، 1997.
ـ الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى. ت (297هـ/909م) .
14ـ الجامع الصحيح. تحقيق وتصحيح : عبد الوهاب عبد اللطيف (ط2، دار الفكر: بيروت ـ لبنان 1403هــ/1983م) .
ـ توتل: فردينان.
15ـ الأب هنري لامنس، مجلة المشرق الكاثوليكية، بيروت، السنة35، العدد19، نيسان ـ حزيران 1937م.
ـ تويال: فرنسوا.
16ـ الشيعة في العالم، ترجمة : نسيب عون، ط1، دار الفارابي، بيروت، 2007.
ـ جب: هاملتون، وآخرون.
17ـ وجهة الإسلام: نظرة في الحركات الحديثة في العالم الإسلامي، ترجمة: محمد عبد الهادي أبو ريدة (ط1، القاهرة، 1934م) .
ـ جولدتسيهر: اغناتس.
18ـ العقيدة والشريعة في الإسلام. ترجمة: محمد يوسف موسى (ط1، دار الجمل: بيروت ـ لبنان1431هــ/2009م) .
ـ الحاكم النيسابوري: أبو عبد الله محمد بن عبد الله ت (405هـــ/1014م) .
19ـ المستدرك على الصحيحين. بلا محق، دار المعرفة، بيروت، . د. ت.
ـ ابن حبان:أبو حاتم محمد بن أحمد البستي ت (354هــ/965م) .
20ـ صحيح ابن حبان. تح: شعيب الارنؤوط (ط2، مؤسسة الرسالة: بيروت ـ لبنان 1414هـ/ 1993م) .
ـ حتي: فيليب.
21ـ تاريخ العرب، ط7، دار الكشاف، بيروت، 1986.
ـ ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني. ت (852هــ/1448م) .
22ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري (ط2، دار المعرفة: بيروت ـ لبنان د. ت) .
ـ ابن أبي الحديد، عز الدين ابو حامد بن هبة الله محمد. ت (656هـ/1258م) .
23ـ شرح نهج البلاغة، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم (ط1، دار احياء الكتب العربية: القاهرة ـ مصر 1378هـ/ 1959م) .
ـ الحر العاملي: محمد بن الحسن. ت (1104هــ/1692م) .
24ـ وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة تح: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث (ط2، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث: قم – إيران 1414هـــ/1993م) .
_ ابن حزم: أبو محمد علي بن أحمد الاندلسي ت 456 هـ .
25_ الفصل في الملل والأهواء والنحل، وضع حواشيه: أحمد شمس الدين، ط3، دار الكتب العلمية، بيروت، 2007.
ـ الحلي: أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر. ت (726هــ/1325م) .
26ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال (ط1، مؤسسة نشر الفقاهة: قم ـ إيران 1417هـــ/1996م) .
ـ ابن حنبل: أحمد بن محمد بن حنبل ت (241هـــ/855م) .
27ـ المسند. (المطبعة الميمنية، القاهرة ـ مصر1313هـــ/1895م) .
ـ ابن خلكان: أبو العباس أحمد بن محمد ت (681هـ/1282م) .
28ـ وفيات الاعيان وأنباء أبناء الزمان، تح: إحسان عباس (دار الثقافة: بيروت ـ لبنان د.ت).
ـ الخوئي: السيد أبو القاسم ت 1413 هــ.
29ـ معجم رجال الحديث، ط5، مركز نشر الثقافة الاسلامية، إيران، 1413هــ/1992م) .
ـ دونلدسن : دوايت م .
30ـ عقيدة الشيعة ، تعريب : ع . م ، ط 2 ، مؤسسة المفيد ، بيروت ، 1990 .
ـ الديب: عبد العظيم.
31ـ المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي (ط1، مركز البحوث والمعلومات برئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية: الدوحة ـ قطر 1411هــ/1990م) .
ـ دينيه: آتين. ناصر الدين دينيه.
32ـ محمد رسول الله، ترجمة: عبد الحليم محمود، (ط3، دار المعارف، القاهرة، 1965م) .
ـ الذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد ت (748هـ/1347م) .
33ـ سير أعلام النبلاء، تح: شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد (ط9، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1993م) .
ـ رودنسون: مكسيم.
34ـ جاذبية الإسلام. ترجمة: إلياس مرقص (ط2، دار التنوير، بيروت، 2005م) .
35ـ الصورة العربية والدراسات الغربية الإسلامية، ضمن كتاب (تراث الإسلام) ، تصنيف: جوزيف شاخت وكليفورد بوزورث، ترجمة: محمد زهير السمهوري وآخرون، عالم المعرفة، الكويت، 1985م.
ـ ريشار: يان.
36ـ الإسلام الشيعي: عقائد وأيديولوجيات. ترجمة: حافظ الجمالي (ط1، دار عطية، بيروت، 1996م) .
ـ الزرندي: شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن عز الدين ت (750هـ/1349م) .
37ـ معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول. تح: ماجد بن أحمد العطية (د. ت. د. م)
ـ سعيد: إدوارد .
38ـ الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق،ترجمة:محمد عناني،ط2، دار رؤية، القاهرة، 2006م.
ـ سمايلوفتش: أحمد.
39ـ فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر، ط1، دار الفكر العربي، بيروت، 1998م.
ـ سوذرن: ريتشارد.
40ـ صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى. ترجمة وتقديم: رضوان السيد (ط1، دار المدار الإسلامي: بيروت، 2006م) .
ـ شلبي: عبد الجليل.
41ـ الإسلام والمستشرقون، ط1، دار الشعب، القاهرة، د. ت.
_ الشهرستاني: أبو الفتح محمد عبد الكريم بن أبي بكر أحمد ت 548 هـ.
42_ الملل والنحل، أشراف وتقديم: صدقي جميل العطار، دار الفكر، ط2، بيروت، 2002.
ـ ابن أبي شيبة، ابو بكر عبد الله (235هـ/849م) .
43ـ المصنف في الاحاديث والاخبار، ضبط وتعليق: سعيد اللحامط1، دار الفكر، بيروت، 1989م) .
ـ ابن طاووس: علي بن موسى بن جعفر ت (664هــ/1265م) .
44ـ اللهوف في قتلى الطفوف (ط1، دار أنوار الهدى، قم، 1996م) .
ـ الطبراني: أبي القاسم سليمان بن أحمد. ت (360هــــ/970م) .
45ـ مسند الشاميين، تح:حمدي عبدالمجيد السلفي، (ط2، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1996م.
46ـ المعجم الكبير، حققه وخرج أحاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، (ط2، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1976م.
ـ الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير. ت (310هـــ/922م) .
47ـ تاريخ الرسل والملوك، تح:محمد أبوالفضل إبراهيم، (ط2، دارالمعارف،القاهرة، 1967م.
ـ الطيالسي: أبو داود سليمان بن داود البصري. ت (204هــ/819م) .
48ـ مسند أبي داود، ط1، مطبعة دائرة المعارف النظامية: حيد آباد الدكن ـ الهند1903م.
ـ ابن عساكر: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ت (571هــ/1175م) .
49ـ تاريخ مدينة دمشق، تح: علي شيري، ط1، دار الفكر، بيروت، 1995م) .
ـ العسكري: السيد مرتضى.
50ـ عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى، ط6، دار الزهراء، بيروت، 1991م.
51ـ معالم المدرستين (ط5، مكتبة مدبولي: القاهرة ـ مصر 1414هــ/1993م) .
ـ العقيقي: نجيب.
52ـ المستشرقون، ط 4، دار المعارف، القاهرة، 1964 .
ـ العمري، أكرم ضياء.
53ـ موقف الاستشراق من السنة والسيرة النبوية، مجلة مركز بحوث السنة والسيرة النبوية، 1995م.
ـ العيني:أبو محمد محمود بن أحمد. ت (855هــ/1451م) .
54ـ عمدة القاري في شرح صحيح البخاري. (دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت) .
ـ غالب: رائد علي.
55 ـالامام الحسين وعاشوراء من وجهة نظر المستشرقين، مجلة رسالة الحسين (العدد الخامس، السنة الثانية، 2011) . ص203 ـ 220.
ـ فلهوزن: يوليوس.
56ـ أحزاب المعارضة السياسية الدينية في صدر الإسلام: الخوارج والشيعة. ترجمة: عبد الرحمن بدوي، ط1، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1958م) .
ـ فوزي: فاروق عمر.
57ـ الاستشراق والتاريخ الإسلامي: القرون الإسلامية الأولى (ط1، دار الأهلية، عمان ـ بيروت، 1998م.
ـ ابن قتيبة: أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري ت 276 هـ.
58ـ الامامة والسياسة، تح: طه محمد الزيني، مؤسسة الحلبي، القاهرة، ب. ت.
ـ ابن كثير:أبو الفداء إسماعيل الدمشقي. ت (774هــ/1372م) .
59ـ البداية والنهاية، تح: علي شيري، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1988م.
60ـ السيرة النبوية. تح: مصطفى عبد الواحد (ط1، دار المعرفة، بيروت، 1971م) .
ـ كونسلمان: جر هارد.
61ـ سطوع نجم الشيعة، ترجمة: محمد أبو رحمة، (ط2، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993م) .
ـ لامنس: هنري.
62ـ الحسين، مقال في دائرة المعارف الإسلامية، ترجمة إبراهيم خورشيد وآخرون، القاهرة، 1969.
ـ لويس: برنارد ، و سعيد: إدوارد.
63ـ الإسلام الأصولي في وسائل الإعلام الغربية من وجهة نظر أمريكية (ط1، دار الجيل، بيروت، 1994م) .
ـ الماجد: سعد عبد الله.
64ـ موقف المستشرقين من الصحابة (ط1، دار الفضيلة، الرياض، 2010م) .
ـ ابن ماجه: أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني. ت 275هــــ/888م) .
65ـ سنن ابن ماجه، تحقيق وترتيب وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي (ط1، دار الفكر، بيروت، 1954م) .
ـ المتقي الهندي: علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي ت (975هــ/1567م) .
66ـ كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال. ضبطه وفسر غريبه وصححه ووضع فهارسه ومفتاحه: بكري حياني و صفوة السقا (ط1، مؤسسة الرسالة: بيروت ـ لبنان 1409هـ/1989م) .
_ آل محسن: الشيخ علي (معاصر) .
67_ عبد الله بن سبأ دراسة وتحليل، ط 1، دار الهادي، بيروت، 2002م.
ـ مختار: أديب.
68ـ الشعائر الحسينية في كتاب أمريكي، مجلة رسالة الحسين، دار القرآن الكريم في العتبة الحسينية المقدسة، العدد الخامس، السنة الثانية، 2011م.
ـ مراد: يحيى.
69ـ معجم اسماء المستشرقين (ط1، دار الكتب العلمية: بيروت ـ لبنان 1425هــ/2004م) .
ـ المفيد: محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي. ت (413هـ/1022م) .
70ـ الجمل، بلا محقق، (ط2، مكتبة الداوري: قم، د. ت) .
ـ المقدادي: فؤاد كاظم.
71ـ الاسلام وشبهات المستشرقين، مجمع الثقلين العلمي، ط 2، المعارف، بغداد، 1425 هـ.
ـ المقريزي:تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر ت (845هــ/1441م) .
72ـ إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع. تح:محمد عبد الحميد النميسي (ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1999م) .
ـ ابن منظور: أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأفريقي ت 711 هـ .
73ـ لسان العرب، ط1، دار إحياء التراث العربي ، 1405 هـ .
ـ المنقري: نصر بن مزاحم ت 212 هـ.
74ـ وقعة صفين، تحقيق وشرح: عبدالسلام محمد هارون، ط2، القاهرة، 1382 هـ.
ـ ناجي: عبد الجبار.
75ـ الاستشراق في التاريخ، ط 1، المركز الأكاديمي للأبحاث، بيروت، 2013.
76ـ التشيع والاستشراق (ط1، المركز الأكاديمي للأبحاث: بغداد ـ العراق1433هــ/2011م) .
ـ النجاشي: أبو العباس أحمد بن علي ت (450هـ/1058م) .
77ـ رجال النجاشي، تح: موسى الشبري الزنجاني (ط5، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين: قم، 1995م) .
ـ نصر: ولي.
78 ـ الانبعاث الشيعي، تعريب: مختار الأسدي، ط1، دار الكتب العراقية، بيروت، 1432هـ.
ـ نقاش: إسحاق.
79ـ شيعة العراق، ترجمة: عبد الإله النعيمي، (ط1، دار المدى، دمشق، 1996م) .
ـ ابن نما الحلي: نجم الدين محمد بن جعفر ت (645هـ/1247م) .
80ـ مثير الأحزان. (ط1، منشورات المطبعة الحيدرية: النجف ـ العراق 1369هـ/1950م) .
ـ هانغسون السویدی: يان . أ . ( jan . a . henningsson) .
81ـ الحسين حلقة وصل بين المسيحين والمسلمين، منشور في دائرة المعارف الحسينية، (ديوان القرن الرابع) الجزء الأول، ينظر:
www. alhassanain. com/arabic/articles/articles
ـ هاينس: هالم.
82ـ الشيعة. ترجمة: محمود كبيبو (ط1، دار الوراق للنشر: بغداد ـ العراق، 2011م) .
ـ ابن هشام: أبو محمد عبد الملك بن هشام الحميري. ت (218هــ/833م) .
83ـ السيرة النبوية. تحقيق وضبط: محمد محيي الدين عبد الحميد (ط1، مكتبة محمد علي صبيح: مصر ـ القاهرة 1383ه/1963م) .
ـ الهيثمي:نور الدين علي بن أبي بكر. ت (807هــ/1404م) .
84ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (ط1، دار الكتب العلمية: بيروت ـ لبنان1408ه/1988م) .
85ـ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان. تح: حسين سليم أسد الداراني (ط1، دار الثقافة العربية: دمشق ـ سوريا 1403هــ/ 1983م) .
أبو يعلى الموصلي: أحمد بن علي بن المثنى التميمي. ت (307هــ/919م) .
86ـ مسند أبي يعلى. حققه وخرج أحاديثه: حسين سليم أسد (ط1، دار المأمون للتراث: دمشق ـ سوريا د. ت).
ـ KNUTS :stijn ـ
87 ـ Lammens,Henri,Jesuit and historian of Islam.
ـ Lammens : Henri .
88 ـ Le califat de Yazid Ler in Melanges de la faculte Orientale. Universite Saint ـ Joseph , Beyrouth (Syria) 1910 ـ 1922.
89 ـ http://www. kaowarsom. be/nl/notices_Lammens_Henri