البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

July / 4 / 2021  |  2247مصادر دراسة الإسلام المبكّر بين الاستشراق الكلاسيكي والاستشراق الجديد

أ.م.د شهيد كريم محمد المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية ربيع 2021 م / 1442 هـ
مصادر دراسة الإسلام المبكّر بين الاستشراق الكلاسيكي والاستشراق الجديد

الملخّص

لم يختلف الخطاب الاستشراقي الحادّ، والمشكّك، والإلغائيّون المستشرقون الكلاسيكيّون والمستشرقون الجدد حول مصادر دراسة الإسلام المبكّر، ففي الوقت الذي كان فيه الاستشراق الكلاسيكي قد اهتمّ بتطوير الدرس النقدي والفيلولوجي لمصادر الإسلام المبكّر، وتناولها بالتحليل والتفكيك، وأعلن شكوكه حول بنية الرواية التاريخيّة الإسلاميّة وفواعل إنتاجها ومقاصدها..، إلّا أنّه ظلّ مع ذلك يعوّل إجمالًا وبنسب متفاوتة في إنتاج قراءاته وتحليلاته ومعارفه الاستشراقيّة، فإنَّ الاتجاه المعاصر والجديد للاستشراق أعلن القطيعة والرفض الإجمالي لها، أو أنّه أبعدها  من الحضور في ساحة البحث، وفضّل استخدام مصادر بديلة خارجة عن الإطار الإسلامي ومعاصرة لبدايات تكوّنه المبكّر، كالمصادر اليهوديّة والسريانيّة والأرمنيّة والقبطيّة والإغريقيّة والأدلّة الماديّة كالنقوش والعملات..، وكانت أعمال مستشرقين جُدد من مثّل هذا الاتجاه الاستشراقي الجديد. 

ولذا يحاول الباحث في هذا البحث لفت الانتباه لمتباينة غاية في الأهميّة بين الدراسات الاستشراقيّة الكلاسيكيّة والمعاصرة، وهي مسألة المصادر المعتمدة في دراسة مادة الإسلام المبكّر.

المحرِّر


الكلمات المفتاحيّة:

الاستشراق (Orientalism)

الاستشراق الكلاسيكي (Classical Orientalism)

الاستشراق الجديد (The New Orientalism)

مصادر دراسة الإسلام المبكّر (Sources for the study of early Islam)

المقدّمة:

شهدت الكتابة عن تاريخ الإسلام المبكّر وتاريخ تدوين القرآن نقاشات موسّعة في الدوائر الاستشراقيّة في العقود القليلة الأخيرة، لا سيّما مع تبلور ما بات يعرف بين الباحثين بالاتجاه التنقيحي أو التجذيري، وبروزه على ساحة الدرس الاستشراقي المعاصر، وما طرحه هذا الاتّجاه من إشكالات منهجيّة واسعة على المصادر التاريخيّة الإسلاميّة، إذ ينزع في بناء معرفته عن تاريخ الإسلام المبكّر وتاريخ القرآن إلى إقصاء المصادر التاريخيّة الإسلاميّة المؤسّسة لنشأة الإسلام والقرآن بِعَّدِها مصادر غير موثوقة، ولا تحمل الحقيقة أو الموضوعيّة، التي تمكّننا من تكوين المعرفة التاريخيّة عن تلك الفترة المبكّرة لتاريخ الإسلام، وعليه يجب استبدالها بمصادر غير عربيّة أو بمصادر ماديّة كالنقوش والعملات وما شابه[1]. وبذلك تحوّلت قيمة وأهميّة المصادر الإسلاميّة لتحلّ في المرتبة الثانية في الدرس الاستشراقي الجديد، وصار يعبّر عنها بالمصادر الثانويّة، بعد أن كانت في المرتبة الأولى، وظلّ يُعتمد عليها طيلة قرن كامل من الكتابة عن تاريخ الإسلام وتاريخ القرآن، بل إنّها أقصيت تمامًا وقطع بعدم صلاحيّتها في دراسة المستشرقين (Patricia Crone and Michael Cook =باتريشا كرونه ومايكل كوك) في كتابهما (Hagarism: The Making of the Islamic World=الهاجريّة/ الهاجريّون: دراسة في المرحلة التكوينيّة للإسلام).  

وحقيقة الحال إنّ التشكيك الجذري والرفض العنيف الذي يعلنه الاستشراق الجديد للمصادر الإسلاميّة المؤسّسة لمراحله المبكّرة، بقدر ما يوحي من التقاطع مع النقد الذي أبداه الاستشراق الكلاسيكي للمصادر الإسلاميّة -مع التزامه البحثي بها- كما نراه في أعمال مستشرقين مثل (فلهاوزن، جولدتسيهر، لامنس، نولدكه..إلخ) فإنّه في الوقت ذاته يشي بمؤدّى الاقتراب والالتقاء الضمني، ولكن بصورة غير مباشرة أو لنقل مخادعة نوعًا ما. ففي كلا الحالتين تُنتج معرفة مشوّهة عن الإسلام ونظرة سلبيّة قاتمة لمصادره، ولكن مرّة يتم ذلك من خلال المصادر الإسلاميّة ذاتها؛ عبر إبراز عناصر الأيديولوجيا الدينيّة والسياسيّة التي صاغت الموروث والتاريخ المبكّر للإسلام، واستخدام آليّات الاجتزاء والانتقاء والحذف والتأويل والعكس، واعتماد الضعيف والشاذ..، ومرّة عبر الاستغناء عن كل هذا الموروث وإهماله دفعة واحدة، واعتماد مصادر تنتمي لأيديولوجيّات دينيّة وسياسيّة مغايرة (المصادر اليهوديّة والمسيحيّة والسريانيّة.. إلخ) وهي بحكم المعطى التاريخي لا يمكن أن تتخلّى عن حمولاتها الدينيّة والسياسيّة المضادّة بسبب نموّ العقيدة الإسلاميّة وامتداد جغرافيا الإسلام السياسيّة على حساب عقائد ومناطق مؤلّفيها!، فمؤلّفوها بالضرورة منخرطون بحمّى الصراعات الدينيّة والعسكريّة والسياسيّة مع الحضارة الإسلاميّة.   

وعليه وبالمنطق المادي والنقد التاريخي ذاته، فإننا نستطيع أن نسجّل حقيقة أنّه رغم السجالات والهجمات التي يكيلها أصحاب الاتجاه الاستشراقي الجديد لأسلافهم الكلاسيكيّين، فهم في حقيقة الأمر يقفون في الجبهة ذاتها؛ لإعادة تمثيل الأدوار وتقرير النتائج ذاتها، وكأنّنا أمام إعادة صياغة لمقولات الاستشراق الكلاسيكي من الجانب المعاكس، فما جرى هو فقط تغيير الخطط والاستراتيجيّات ليس إلّا!. فضلًا عن ذلك فإنَّ البدائل التي طرحها هذا الاتجاه أمام الباحثين، أي المصادر غير العربيّة أو الأدلّة الماديّة المعاصرة لبدايات الإسلام المبكّر قليلة جدًّا بما لا يسمح ببناء سرديّة متماسكة حول تاريخ هذه المرحلة المتشعّب أو حتّى ما يقرب منه. وعليه فنحن أمام صيغة أخرى من الإكراهات المنهجيّة والبحثيّة المتعنّتة، وهو ما سيحاول البحث تقصّيه وفق المحاور الآتية:

المحور الأوّل

مصادر الإسلام المبكّر في مباحث الاستشراق الكلاسيكي

بغضّ النظر عن الجدل الدائر بين مؤرّخي الاستشراق والباحثين والمستشرقين أنفسهم حول البدايات الأولى للاستشراق[2]،كان المستشرقون ومنذ النصف الأوّل من القرن التاسع عشر بعد إنشاء الجمعيّات الاستشراقيّة لمتابعة الدراسات وتنظيمها[3]وما أنتجوه خلال قرن كامل إزاء حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبواكير الإسلام كانوا يعتمدون بالدرجة الأولى على المصادر الإسلاميّة، سواء كان أولئك المستشرقون ينطلقون من خلفيّات دينيّة أو سياسيّة أو حتّى علمانيّة. وهذا ما يمكن أن يلحظ في الدراسات التي قدّموها على الرغم ممّا حوته من طابع سجالي، وما انتهجوه من معايير نقديّة للإسلام ومصادره التاريخيّة المؤسّسة. يمكن أن نشير هنا لأعمال: نولدكه (تاريخ القرآن 1861م) وشبرنغر (حياة محمّد 1869م) وهوبرت غريمه (حياة محمّد 1895م) وتور أندريه (محمّد: حياته وعقيدته 1930م) ومونتغمري وات (محمّد في مكّة ومحمّد في المدينة 1958م) ومكسيم رودنسون (محمّد 1956م) وغودفروا ديمونبين في (محمّد 1969م).   

بل إنّ حتّى أبرز المستشرقين الذين اهتمّوا بمرحلة الإسلام المبكّر ومصادر تاريخ السيرة، وأشدّهم تطرّفًا وتشكيكًا بالموروث الإسلامي لتلك المرحلة وهو القسّ والأب اليسوعي (Henri Lammens = هنري لامنس 1862-1937م) وفي أشدّ دراساته نقدًا لمصادر السيرة ومرحلة التأسيس مثل:(Fatima et les Filles de Mahomet, notes critiques pour l`etude de la Sira = فاطمة وبنات محمّد: آراء نقديّة حول السيرة 1912م) و (Qoran et Tradition Comment Fut compose La vie de Mahomet= القرآن والسيرة: كيف كوّنت حياة محمّد 1910م) و (L’age de Mahomet et la Chronologie de la Sira = عمر محمّد والتسلسل التاريخي للسيرة 1911م). لم يعلن رفضه لتلك المصادر، إنّما عمل على تفكيكها وإعادة صياغتها أو استنطاقها عبر الآليّات التي سلّطها على ذلك الموروث، والتي اتّسمت بالانفعال والطيش والتحيّز والمغالطة والتهوّر في أكثر من جانب. وسنركّز فيما يلي على دراسات لامنس لسببين رئيسين هما:  

1. لأنّه أبرز من مثّل الاتجاه النقدي اللاذع لمصادر السيرة النبويّة والإسلام المبكّر في الاستشراق الكلاسيكي بحسب مؤرّخ حركة الاستشراق (Johann Fuck = يوهان فوك) متأثّرًا بالتحريض النقدي الذي أبداه قبله المستشرق اليهودي المجري (Goldziher = جولدتسيهر) لمنظومة الأحاديث الإسلاميّة. فحاول (Lammens) بدوره أن يقوم بالعمل نفسه على حقل الرواية التاريخيّة، فأبرز شكّه في مجمل أحداث السيرة النبويّة ومرحلة بداية الإسلام[4]. وحقيقة الحال إنّ شكوكه في كثير من المواضع غير مبرّرة، بل ومتعسّفة ومتحاملة إلى حدّ بعيد، إذ عدّ النبوّة والقرآن تلفيقًا معرفيًّا وتأليفًا قام به النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّه على خلاف ما تدّعي المصادر الإسلاميّة ليس بصادق ولا أمين، وأنّ هذه المصادر مشكوك بصحّتها، وتبدو عليها سمة الافتعال والتحيّز. على أنّه في دراسته هذه قد مارس أسلوب الانتقاء غير العلمي وغير الأمين، فقدّم الروايات السلبيّة المختلقة والضعيفة والشاذّة، فضلًا عن أساليب العكس والتحريف والالتواء والتأويل المتعسّف وليّ عنق النصّ...، فكانت الصورة المرسومة جانبيّة بالضرورة، ولم تتمكّن، سواء غزارة المصادر التي استخدمها ولا الحنكة الاستعراضيّة التي تميّز بها، من سدّ الثغرات وضعف الحجج التي قدّمها[5]

2. لأنّ المستشرقين الآخرين من الطور الكلاسيكي -وإن كانوا يشاطرونه الرأي بنسب متفاوتة- رفضوا طريقته النقديّة الحادّة في التعامل مع المصادر وانتقدوه على ذلك. بمعنى أنّنا من خلال التركيز على آرائه وطروحاته في هذا المجال، سنتطرّق ضمنًا لآراء وطروحات شريحة واسعة من مستشرقي المرحلة الكلاسيكيّة.

وللوقوف أكثر على مقاربة البحث حول متباينة (قبول/ رفض) المصادر الإسلاميّة لمرحلة الإسلام المبكّر بين جيلي الاستشراق، سنعمد لتقسيم هذا المحور لنقطتين رئيستين:

أوّلًا. مصادر الإسلام المبكّر في دراسات المستشرق هنري لامنس:

أعلن (Lammens) في كتابه: (فاطمة وبنات محمّد) وبحثه (القرآن والسيرة:كيف كُوِّنت حياة محمّد؟) عن نظريّته الأساس حيال المصادر المؤسّسة لمرحلة الإسلام المبكّر (مجال السيرة تحديدًا) فقال: تحت عنوان سيرة، أي حياة، جمعت كتابات تهتمّ بأعمال محمّد، تستمدّ مادّتها بالدرجة الأولى من الحديث أو السيرة الإسلاميّة. لم يعد هناك من يشكّ بالطابع المغرض جدًّا لهذه السيرة، مع ذلك ما يزال المختصّون الغربيّون بالشؤون الإسلاميّة يولونها أهميّة كبرى في تتبّع السيرة الذاتيّة لمحمّد يفصح أنّها تنبع من الحديث شأنها شأن السير القديمة. وقد انتهى (Lammens) لتقرير النتائج الآتية:

القاعدة التاريخيّة للسيرة تنبع من القرآن.

السيرة تقدّم شروحًا مشبوهة لمزاعم الكتاب المقدّس لدى المسلمين. أي إنّها نسجت على واقع النصّ القرآني. وعليه تقاس قيمتها التاريخيّة بمدى استقلالها عن القرآن.

في مرحلة المدينة كانت هناك سيرة شفوية غامضة، ولكنّها شوّهت لاحقًا لتنسجم مع مؤدّى النصّ القرآني.

إذًا فالسيرة ومادّتها التاريخيّة لم تكن مصدر معلومات مستقلّ، ولم تكن نتيجة استقصاء واسع النطاق قام به المعاصرون حول حياة النبي العربي كما يُدعى. إنما كانت مجموعة من الأحاديث الساذجة، والاختلافات، والخدع والتلفيقات[6].

أخضع (Lammens) لهذه الرؤية شريحة واسعة من العيّنات النصيّة والموضوعيّة في السيرة النبويّة، وانتهى إلى أنّه يجب أن تحذف وتسقط كثير من أحداث السيرة التاريخيّة؛ لأنّها تدرج ضمن إطار الأسطورة كطفولة وشباب محمّد، باستثناء سمة واحدة، وهي صفته كيتيم فقير. وبالنسبة لمؤرّخي محمّد المستقبليّين، يلغي هذا التأكيد آلاف الصفحات من هذه الوثائق الخياليّة، فهو يختصر بسطر واحد الثلاثين سنة الأولى من حياته[7]. وعلى هذا الأساس صرّح (Lammens) بضرورة شطب أحداث متعدّدة من سجلّات السيرة النبويّة ومرحلة الإسلام المبكّر، ومنها على سبيل المثال:  

أنّ عمر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ووقت بعثته غير معلوم على وجه الدّقة، وهو لم يبعث في سن الأربعين. وهي مسألة ناقشها بشكل مفصّل ومستفيض في بحثه السابق الذكر (L’age de Mahomet et La Chronologie de La Sira = عمر محمّد والتسلسل التاريخي للسيرة).

تحنّث النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في غار حراء هو الآخر من تلفيقات وافتعالات حقل السيرة، فليس هناك ثمّة ما يثبت صحة وحقيقة هذه العزلة، وهي لا تنسجم مع هلع محمّد من الوحدة، ومع نفوره المشهور من حياة الزهد والتقشّف. ويبدو أنّها تقليد حرفي لعزلة موسى في سيناء، وعزلة المسيح قبل حياته العامّة[8].

إنّ الدعوة الإسلاميّة لم تواجه اضطهادًا حقيقيًّا في مكّة، ولم تكن هذه الفترة هي عصر الموت الإسلامي كما يحلو للسيرة أن تظهر ذلك، ففي كلّ القرآن لم يذكر من أعداء محمّد سوى اسم أبو لهب[9].

حذف محاولة نشر الدعوة في الطائف، فهي مجرّد محاكاة[10] للنصّ القرآني[11].

المعارك الإسلاميّة المعروضة في السيرة لا تتّسم بالواقعيّة التاريخيّة، فكيف استطاع المسلمون هزيمة المشركين في بدر، وهم أكثر عددًا وأحسن عدّة؟، عليه ينبغي استرجاع كلّ القصّة التقليديّة ليوم بدر[12]. كذلك الحال بالنسبة لمعركة حنين، فلماذا تحوّلت النتيجة لهزيمة المسلمين الذين كانوا (12 ألفًا) هذه المرّة في بداية المعركة، ثم ما لبثت أن تغيّرت لصالحهم، ولماذا فرّ بدو هوازن بدلًا من مواصلة القتال بعد النجاح الباهر لهجومهم الأوّل.. طبقًا للسيرة ونقلًا عن الشهود (رُئيت الرؤوس وهي تقطع والأسرى مكبّلين بالقيود دون معرفة من الذي سطّر هذه المآثر). أحداث مصطنعة غاب فيها المعنى التاريخي الذي يجب أن يميّز السيرة[13].

الصفات الشخصيّة للنبي هي في غالبها مستمدّة من القرآن، وليس كما يُدعى من مشاهدات وتفاعل المعاصرين مع النبيّ، وكتاب الشمائل يعزّز هذا الاستنتاج[14].

وفي تقويم إجمالي لآرائه وطروحاته حول تاريخانيّة السيرة النبويّة والإسلام المبكّر قال (Lammens): إنّ السيرة تتميّز بالطابع المصطنع وغياب الحسّ النقدي. هل يمكن لهذه النتيجة أن تزعزع الثقة، وتدفع الباحثين للتفتيش عن حلٍّ باتّجاه آخر؟. لا يمكن رفض كلّ شيء دفعة واحدة، لأنَّ ذلك ربّما يجعلنا نضحّي بأجزاء صغيرة مهمّة من الحقيقة التاريخيّة المبعثرة فيها. بدلًا من هدم البناء الهائل الذي شيّدته السيرة، سنكتفي بتفكيكه حجرًا تلو آخر لكي نتفحّص قيمة المواد التي استخدمت في بنائه[15].

ثانيًا. آراء المستشرقين الكلاسيكيّين بطروحات هنري لامنس:

لم تكن الآراء التي طرحها (Lammens) حول مصادر الإسلام المبكّر مرفوضة فقط في دوائر الاستشراق، إنّما سبّبت حالة من النفور العلمي لدى أقرانه المستشرقين، ولعلّ هذا ما نلمسه في عبارة المستشرق الفرنسي (Massignon = ماسينيون) إذ قال: «ما كان سيبقي (Lammens) من الأناجيل لو طبّق عليها منهجه النقدي الذي مارسه على القرآن»[16].كما رفض المستشرق (Emil Dermenghem = إيميل درمنغم) هذه المنهجيّة الشكّية المفرطة واستهزأ بها، فقال: «عند هذا العالم اليسوعي، الذي أفرط في النقد، فوجّه آخرون مثله إلى النصرانيّة، أنّ الحديث إذا وافق القرآن كان منقولًا عن القرآن، فلا أدري كيف يمكن تأليف التاريخ، إذا اقتضى تطابق الدليلين تهادمهما بحكم الضرورة بدلًا من أن يؤيّد أحدهما الآخر!. نعم قد يكون الحديث موضوعًا لتفسير آية من القرآن، أو لجعلها محمولة على معنى معين أو لتأكيد ظاهر حكمها، ولكن هناك أحاديث صحيحة على ما يحتمل، فليس على المؤرّخ، الذي لا يفكّر في قواعد النقد إلّا أن  يركن إليها»[17].   

بصورة عامّة تسارعت الانتقادات الاستشراقيّة لأعمال (Lammens) بمجرّد ظهورها في ميدان الاستشراق، ورؤية الكمّ الكبير من التحيّز والتعصّب وعدم الإنصاف والبعد عن العلميّة والموضوعيّة في التعامل مع المصادر، فكان من أوائل منتقديه المستشرق الألماني الشهير (= Karl Heinrich Bekker كارل هاينرش بيكر 1876-1933)[18] في مقالته المطوّلة (Prinzipielles zu Lammens Sirastudien = مبادئ دراسة لامنس للسيرة) التي نشرها في مجلّة الاستشراق الألمانيّة Kultur des Islamischen Orients)Der Islam Zeitschrift und = تاريخ الشرق الإسلامي وحضارته) = (Der Islam = الإسلام) وقد استغرقت الصفحات (263-269) من عدد المجلّة الصادر عام (1913م) أي بعد مدّة يسيرة جدًا من صدور دراسة (Lammens): (فاطمة وبنات محمّد: آراء نقديّة حول السيرة). كما انتقده المستشرق الألماني (Theodor Noldeke= تيودور نولدكه1836-1930م)[19] في مقالتيه (Die Tradition Uber das Leben Muhammeds = الحديث وصلته بحياة محمّد) في الصفحات (160-170) و (Kleine Mitteilungen und Anzeigen = أخبار وانتقادات) في الصفحات (205-212) وقد خصّصها لنقد كتابه ( Le Berceau de Islam = مهد الإسلام) الذي صدر في (روما/ 1914م). وكان (Noldeke = نولدكه) نشر هاتين المقالتين في عدد مجلّة (Der Islam = الإسلام) الصادر عام (1914م) أي فـي السيرة نفسها التي صدر بها كتاب (Lammens) المذكور. وقد انصبّت انتقاداتهم حول طروحاته المبالغة والمتطرّفة حول الصور التاريخيّة لشخوص الدراسة، وحول نظريّته المتطرّفة في بنائيّة السيرة، والتي تمّ عرضها فيما تقدّم.  

وقد نصّ (Bekker = بِكر) في مقالته على أنّ (Lammens)كان متطرّفًا في عرض نظريّته حول السيرة ومرحلة الإسلام المبكّر ومصادره التاريخيّة، فلا يمكن وسم كلّ شيء بالافتعاليّة[20]. وحتّى لو كانت العناية بالتاريخ قد ظهرت في وقت متأخّر، فالتفسير والحديث ذاتهما يحويان على الكثير من السرد التاريخي. فلو وجدت مثلًا إشارات تاريخيّة لمعارك كبدر أو أحد أو غيرهما؛ فإنّ هذا دليل على أنّه كانت هناك رواية تاريخيّة توازي القرآن وتبيّنه. وعليه فقد كانت هناك رواية بعيدة عن أيّ توجّه مغرض، لكنّها كانت رواية نابعة من الشرق فجمعت بين الحقيقة والمجاز، كما هو حال كلّ الموروث التاريخي القديم[21]. وكذلك الحال بالنسبة للحديث، فهو في كثير من جوانبه مرتبط بأحداث تاريخيّة آنيّة أو مستقبليّة أسهمت في ولادته، وعليه فاستنتاجات (Lammens) وشكوكه غير موضوعيّة وغير منطقيّة البتّة[22]. وساق العديد من الأمثلة للأحداث التاريخيّة وتفسيراتها المبالغ فيها والمتعسّفة من قبل (Lammens)[23]. وأشار إلى أنّه لم يكن مدفوعًا بوازع التحرّي العلمي بقدر ما كان يستجيب لكرهه الشديد للإسلام والنبي وأهل بيته[24]. فانقلب من مؤرّخ إلى مهاجم ذي نزعة عقديّة وشعور مسيحي معارض للإسلام؛ وحجر الأساس الذي بنى عليه طروحاته يبدأ حين يجد ما هو مغرض من الحديث[25]

أمّا المستشرق الألماني الشهيرNoldeke) = نولدكه) فهو الآخر قد أبدى نقده السريع لطروحات وآراء (Lammens) وبيّن رفضه لشكوكه المبالغ فيها ونقده المتحيّز والمتحامل. وأشار إلى أنّه، وعلى الرّغم من أنّنا لا نعرف معلومات كافية عن فترة نبوّة محمّد المكيّة، ولكن لا بدّ أن نحذر من أن نخلط الحابل بالنابل، فالسيرة النبويّة فيها بعض الأخبار والمعلومات التاريخيّة الصحيحة عن تلك الحقبة[26].

ومن أبرز أمثلة ذلك هو صعوبة الظروف التي مرّت بها الدعوة الإسلاميّة في مكّة، ومحاولة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بداية نقلها إلى الطائف، وما تعرّض له المسلمون من شدّة الحصار الذي فرض عليهم في شعب أبي طالب، وهي التفصيلات التي رفضها (Lammens) وأنكر وقوعها من الأساس، فلا بدّ من حقيقة تاريخيّة ما أسّست لهذه المعلومة. وعليه فهو يرفض القول بأنّ السيرة ما هي إلّا ذيل من ذيول تفسير القرآن. فهي على الرغم من أنّها لصيقة بالتفسير، لكنّها مجال قائم بذاته. وأكرّر هنا أنّ حياة محمّد واضحة لنا تمامًا بصغيرها وكبيرها بدءًا من بعد الهجرة، فلا تحتوي السيرة في سنيها الأولى على الكثير من الأساطير، وحتّى لو وجدت فإنّه يمكن طرحها بسهولة، لكنّ الأمر مختلف تمامًا في الإنجيل، فما وصلنا من سيرة محمّد تاريخي جدًّا، على عكس ما وصلنا عن عيسى[27].

 كما عرّج لانتقاد نظريّته حول تشكّل السيرة وأحداث الإسلام المبكّر في مقالته الثانية (Kleine Mitteilungen und Anzeigen = أخبار وانتقادات) فقال: إنّ (Lammens) لا ينظر إلى محمّد ومقرّبيه والإسلام بنـزاهة ودون تحيّز، وهو ما يصعب على رجل مثله، لكن لا بدّ للمؤرّخ من أن يتحلّى بالنزاهة وعدم التحيّز؛ فهو يعطي انطباعًا وكأنّه مشتكٍ وليس كقاض نزيه، وهو متعاطف كثيرًا مع الأمويين»[28].

كما انتقده المستشرق الألماني (Friedrich Schwally = فريدرش شفالي 1863-1919م)[29] في إعداده للطبعة الثانية من كتاب (Geschichte des Qorans = تاريخ القرآن) فقال: «من المغالاة أن يجعل (Lammens) نشوء كامل الحديث المتعلّق بحياة محمّد وظهوره، قائمًا على أساس التنبيهات القرآنيّة، ويبعد عن الاحتمال: أن ينبت من جذر واحد مصدر متنوّع مضمونًا وشكلًا واتّجاهًا»[30]. وتحدّث عن تأليفه السيري ونقده المصادر وشكّه المفرط وعدم ثقته بها فقال: يسلك الباحث الناشئ (Lammens) أكثر المسالك تطرّفًا في هذا الميدان. وهو يتبع (Caetane = كايتاني و Goldziher= جولدتسيهر). ثمّ إنّه عرض باختصار نظريّة لامنس حول السيرة ومصادر مرحلة الإسلام المبكّر، وعلّق عليها بالقول: هذه الفرضيّات أحاديّة الجانب ومبالغ فيها؛ لأنّ دائرة الروايات الصحيحة يمكن أن تمدّ على نحو أوسع، ولأنّ هناك أيضًا روايات مصاحبة حول الوحي القرآني، ولأنّ الروايات المختلقة ذات طبيعة متنوّعة، بحيث يبعد عن الاحتمال، كما يبدو، أن يكون أصلها من الجذر الوحيد للقرآن، لم يُفد اختبار الحجج التي قدّمها (Lammens) إلّا للتأكيد؛ إذ لا توجد من بين المجموعات المختلفة التي وزّع فيها مواد الرواية إلا رواية واحدة -أوّل الآيات التي نزلت على محمّد- تُردّ إلى إشارات قرآنيّة حصرًا، أمّا في المجموعات الأخرى: تاريخ الطفولة، مراحل الحياة، عدد الأبناء، الغزوات؛ فتدخل في الاعتبار جميع المصادر غير القرآنيّة الممكنة، أو تكاد لا تلاحظ أيّة علاقة بالقرآن كما هو الحال عند الحديث عن أسماء النبي ونسائه وشمائله. يكمن خطأ المؤلف الرئيس في أنّه يعمّم ملاحظات فرديّة صحيحة، وضع بعضها آخرون من دون سبب وجيه ويبتذلها[31]. وقال عن أعمال أو دراسات (Lammens) بالجملة إنّها: «ليست خالية من سوء الظنّ المبالغ فيه من ناحية، ومن التناقض والتحيّز الديني من ناحية أخرى»[32]. فهو غالبًا ما كان انتقائيًّا لكلّ الأخبار والروايات السلبيّة التي تخدم طروحاته ونظريّته حول السيرة، وعليه يجب التعامل مع دراساته بحذر[33].

وقال المستشرق البريطاني (Montgomery Watt = مونتغمري وات 1909-2006م)[34]: انتهى (Lammens) في دراساته إلى أن كاد يرفض تمامًا أحداث الفترة المكّية. ولكنّ العلماء الذين جاؤوا بعده يعتقدون بشكل عامّ أنّه قد بالغ كثيرًا في تشكّكه، وآراءه شديدة التطرّف؛ فهو لم يستطع أن يدلّل على صحّة نظريّته إلّا عن طريق ليّ الحقائق والشواهد، وبالمغالاة في فرضيّاته واستنتاجاته، وكانت معالجته للمصادر معالجة غير سليمة؛ فقد رفضها، ورضي أن ينساق وراء أفكاره وأحكامه المسبقة، ولم يخضع للمبادئ الموضوعيّة، وحاول افتراض صدق النظريّة التي حاول إثباتها، وكانت افتراضاته ضارّة وغير صحيحة[35].

كما تطرّق لشكوكه اللاذعة مواطنه المستشرق الفرنسي (Gaston Wiet=جاستون فييت1887-1971م)[36] في جلسة نعي (Lammens) في (10/ 5/ 1937م) فقال: إنّه من الصعب أن نقبل كتاب فاطمة وبنات محمّد بثقة ودون تحفّظ؛ فإنّ التعصب والاتجاه العدواني يسودانه إلى حدّ كبير[37].

وأكّد المستشرق الفرنسي (Gaudefroy Demombyns= جيودفري ديمومبين 1862-1957م)[38] على أنّ هناك بعض التحفّظات على النتائج التي استخلصها (Lammens) من بعض الوثائق؛ وذلك لأنّه يطلق العنان لانتقاداته الحادّة، ولأنّه يتجاوز الحقيقة بعض الأحيان بسبب انفعالاته[39].

 وقال الكاتب (Stijn Knuts = ستيفن كنوتس): «إنّه حاول استبدال التصوّر الإيجابي التقليدي عن حياة النبي بالصور السلبيّة، وبيّن نفسه كمستشرق كاثوليكي متعصّب ينتقد الإسلام وأبطاله بشدّة مقابل مدحه للمسيحيّة والتأثيرات الغربيّة على العالم الإسلامي، فكان ينتقد الإسلام نقدًا لاذعًا، وكان حادّ الطباع بانتقاداته وجدالاته الانفعاليّة، وعمله غير متّفق مع قواعد النقد النـزيه. وبالجملة كان ذا نظرة سلبيّة للإسلام، وقد تمّ إيقاف كتابته سيرة ذاتيّة للنبي محمّد من قبل البابويّة بسبب سمعته الثابتة ضدّ الإسلام»[40].

وكتب المستشرق الفرنسي (Maxim Rodinson = مكسيم رودنسون) بحثًا استعرض فيه أهمّ الدراسات التي  خصّصت لدراسة السيرة النبويّة في الغرب والشرق وعلّق عليها، فكان ممّا علّق به على كتابات (Lammens) قوله: بينما لم يخصّص مستشرق عملًا بأكمله لسيرة محمّد في تلك الفترة، ظهر رجل هيمن على الدراسات الأوروبيّة المتعلّقة بمحمّد خلال الثلث الأوّل من القرن العشرين ذلك هو (Lammens) الذي رشحت حرفته الكهنوتيّة على اتّجاهه الاستشراقي. البحوث المقبولة لديه هي فقط تلك التي تظهر عدم الرضا بمحمّد وأهل بيته. تحيّزه العميق وانتهاكه لحرمة النصوص لم تكن بالأمر الهيّن، كما أنّ أخطاءه قد أدّته للإدلاء بأحكام فاسدة، كان ممتلئًا بالاحتقار الرهيب للإسلام ولمجده الزائف ولرسوله ولعرب الصحراء الذين كانوا في تقديره جبناء متبجّحين نهبة مخرّبين[41].

وقال المستشرق (Francesco Gabrieli = فرانشيسكو گبرييلي 1904-1996م)[42]: إنّ (Lammens) صوت معزول عن الإجماع المعاصر للحكم التاريخي على محمّد، وينطوي على مفارقة تاريخيّة إزاء تلك الآراء التي ترى النبي دون تحامل مذهبي؛ ففي الوقت الذي دحض فيه بل هدم الثقة بالحديث الإسلامي من جهة، فإنّه من جهة أخرى يقبل الكثير من الأحاديث التي تلائم وتناسب طروحاته، فقدّم أصول الإسلام على أنّها أصول مركّبة من خدع وحيل وألغاز ظالمة واستبداديّة، وكان محمّد بالنسبة إليه نبيّ كذاب، كالوصف الذي كان سائدًا في أوروبا في العصور الوسطى باستثناء مسألة وهي أنّ تحامل كتّاب العصور الوسطى وتحيّزهم كان مدعومًا بجانب من الخرافات والتلفيقات الصبيانيّة، في حين أنّ مؤرّخ القرن العشرين قد أسّس وغذّى وأشبع موقفه التحاملي بمعرفة تامّة وشاملة بالمصادر الإسلاميّة الأصيلة المباشرة، إلّا أنّها جميعًا قد فُسّرت وأُوّلت بالميل والنيّة المعادية نفسها؛ فكان استنتاجه المحتوم الذي لا يمكن تجنّبه، هو أنّ الإسلام كان خطأً وغلطةً في التاريخ، وأنّه انحراف عن أمر العناية الإلهيّة للعقيدة المسيحيّة المغروسة والمثبتة حديثًا[43]. كما انتقدته أيضًا المستشرقة الإيطاليّة (L.Vaccia Vageliier = لورا فيشيا فاغليري 1893-1989م)[44]، وبيّنت أنّ موقفه من السيرة وتاريخ الإسلام المبكّر ومصادره التاريخيّة ينمّ عن حقد وخبث تامّ[45].

وعليه فصفوة القول: إنّ دراسات وآراء لامنس حيال السيرة ومصادرها قد شوّهت صورة الاستشراق؛ فهو يبدو شتّامًا لعّانًا أكثر منه مؤرّخًا وباحثًا، وتتّسم كتاباته بقدر كبير من التعصّب والحقد والكراهية وانعدام الموضوعيّة، كما كتابات رهبان القرون الوسطى، وهكذا أضعف تعصّبه الديني وتزمّته من أهميّة دراساته حول السيرة، حتّى عدّ بعض المستشرقين كتاباته انتكاسة، أو ردّة في ميدان الدراسات الاستشراقيّة، التي بدأت تتّجه بصورة تدريجيّة وبطيئة نحو الموضوعيّة[46].

اتّضح فيما تقدم أنّ الاستشراق الكلاسيكي كان رافضًا للتخلّي عن المصادر المؤسّسة لمرحلة الإسلام المبكّر، بل إنّه وقف بالضدّ من طروحات وآراء (Lammens) التي، وإن كانت لاذعة ومزعجة إلى حدٍّ بعيد، إلا أنّها بحثت تشكّل ذلك الموروث ضمن إطاره التاريخي المفترض. بمعنى أنّ (Lammens) على تطرّفه ومخالفته لمقولات الاستشراق الكلاسيكي لم ينفِ وجود تاريخ معاصر لمرحلة الإسلام المبكّر، إنّما شكّك بموثوقيّته التاريخانيّة من حيث صياغته للأحداث، أي أنّه شكّك بتاريخيّة ما تضمّنته المصادر من أحداث وصياغات، لا بتاريخيّة المصادر ذاتها وانتمائها لذلك العصر. وهي نقطة المفارقة الواسعة بين ما يتبنّاه جانبا الاستشراق (الكلاسيكي-الجديد)، ولكنّها في الوقت ذاته ستؤدّي لتقارب حتمي من حيث تقرير النتائج.   

المحور الثاني:

مصادر الإسلام المبكّر في مباحث الاستشراق الجديد

أوّلًا. في دراسة باتريشيا كرونه ومايكل كوك

في مستهلّ كتابها (Meccan Trade and the Rise of Islam = تجارة مكّة وظهور الإسلام. أكسفورد/ 1987م)، نعت المستشرقة الدنماركيّة-الأميركيّة المعاصرة (Patricia Crone  = باتريشيا كرونه 1945-2015)[47] على غيرها من المستشرقين لا سيّما (Lammens = لامنس) و Montgomery Watt) = مونتغمري وات) ثقتهما بالمصادر الإسلاميّة المؤسّسة لمرحلة الإسلام المبكّر، وأنّهما تقبّلا الروايات المؤسّسة لدور مكّة التجاري على علّاتها!. فقالت: اشتهرت تجارة مكّة واكتسبت أهميّتها العالميّة ليس بين الطلبة الذين يدرسون التاريخ في السنة الأولى من مراحل التعليم الجامعي فقط، بل بين المختصّين في الدراسات الإسلاميّة الذين أكّدوها بفيض من التوثيق. لقد ركّز (Montgomery Watt) في ترجمته لحياة محمّد على أثر الثروة التجاريّة على الوضع الاجتماعي والأدبي لمكّة، وخصّص أكثر من صفحة في مجلّديه؛ ليناقش الروافد التي استمدّت منها التجارة ثروتها. ويبدو أنّه قد استمدّ معلوماته حيال الوضع التجاري المزدهر لمكّة من دراسات (Lammens=لامنس) الذي أكّد على قناعته بتفاصيل العمليّات التجاريّة والماليّة في مكّة، ولكنّ نتائجه لا يمكن الثقة بها. وأشارت ( Crone=كرونه) إلى أنّ مبعث عدم الثقة بالنتائج التي قدّمها (Lammens=لامنس) متأتٍّ من أنّ الأخير اعتمد في استقاء معلوماته على المصادر الإسلاميّة، وهي مصادر ثانويّة لا يمكن الاعتماد عليها أو الثقة بها[48].   

أمّا في كتابها المثير للجدل والمشترك مع (Michael Cook = مايكل كوك) (Hagarism: The Making of the Islamic World = الهاجريّون: دراسة في المرحلة التكوينيّة للإسلام). فقد ذهبت ( Patricia Crone = باتريشيا كرونه) لأبعد من ذلك بكثير، إذ أعلنت رفضها الكامل والمطلق للمصادر التاريخيّة المؤسّسة لمرحلة الإسلام المبكّر، بدعوى عدم انتمائها للعصر الذي تتحدّث عنه!. وقرّرت استبدالها بمصادر خارجة عن الإطار الإسلامي، تمثّلت ببعض النصوص والمصادر غير العربيّة التي عاصرت تلك المرحلة الأوليّة من تاريخ الإسلام، كالمصادر السريانيّة والعبريّة واليونانيّة واللاتينيّة والأرمنيّة والنقوش والعملات ..إلخ. وتقوم وجهة نظر المؤلّفين ببساطة على أفكار أساسيّة هي:

1. إنّ المصادر الإسلاميّة مغرضة ومشبعة بالأيديولوجيا والحماسة الدينيّة، لا سيّما لمرحلة السيرة النبويّة والإسلام المبكّر. 

2. إنّ تاريخ تدوينها بالشكل الذي نعرفه حاليًا حدث بعد أجيال من الأحداث التي تصفها. أي إنّها لا تنتمي لعصر الحدث الذي تعرضه.

3. تسمية المسلمين متأخّرة عن مرحلة الإسلام المبكّر، فقد كان المسلمون يُعرفون بالهاجريين، ومن هنا جاءت تسمية الكتاب.

قال المؤلّفان في افتتاحيّة كتابهما: عندما قمنا بمحاولتنا هذه،تبنّينا مقاربة تختلف بشكل ملموس عن مقاربات الكتابات الأكثر تقليديّة التي تناولت هذا الحقل منذ القرن السابع الميلادي، إنّها تعتمد على الاستخدام المكثّف لمجموعة صغيرة من المصادر غير الإسلاميّة المعاصرة لتلك الحقبة، والتي تمّ تجاهل شواهدها حتّى الآن[49]. وأشار المؤلّفان في الفقرة الأولى من الكتاب (الهاجريّة-اليهوديّة) إلى: أنّ الروايات عن ظهور الإسلام المبكّر تقدّم الأمر باعتباره بدهيًّا، بحيث يبدو ممكنًا استخراج خطوطه العريضة من المصادر الإسلاميّة، ولكن لا يمكن إثبات قِدَم هذه المصادر، فليس ثمّة دليل قويّ حول وجود القرآن بأيّ شكل قبل العقد الأخير من القرن السابع، والتقليد الذي يقدّم هذا النصّ المنزَّل -المبهم إلى حدّ ما- في سياقه التاريخي، لم يُشْهَد على صحّته قبل منتصف القرن الثامن. أمّا الحديث وغيره من الروايات التي تتعلّق بعمليّة كتابة الوحي وبدايات الإسلام، فلا أثر يقرّها قبل بداية النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي[50].

 وهما هنا يعتمدان على بدء مرحلة التدوين وبواكير كتابة السيرة النبويّة على يدي (ابن إسحاق ت151هـ) في العصر العباسي الأوّل. وعليه استنتجا أنّ الطريقة الوحيدة للخروج من هذه المعضلة لا تكون إلا بالخروج من التقليد الإسلامي بالكامل والبدء من جديد. ولذا حاولا بناء الأحداث بالاعتماد على مصدر يوناني يتحدّث عن نقد العقيدة اليهوديّة يحمل عنوان (عقيدة يعقوب = Doctrina Jacobi) وهو عبارة عن حوار جرى بين يهوديّين في قرطاجة عام (634م) والأرجح أنّه كتب في فلسطين بعد سنوات من ذلك التاريخ: إذا اخترنا أن نبدأ من جديد فسوف نبدأ بنصّ (عقيدة يعقوب = Doctrina Jacobi). وهو عبارة عن رسالة يونانيّة معادية لليهود سببها الاضطهاد الهراقلي. إنّها موجودة على شكل حوار بين اليهود الموجودين في قرطاجة عام (634م) لكن من المحتمل أيضًا أنّها كُتِبت في فلسطين قُبَيْل ذلك التاريخ أو بُعَيْدَه بسنوات قليلة. وفي إحدى نقاط الجدل يُشَار إلى حوادث تجري آنئذ في فلسطين، وذلك على شكل رسالة من يهودي فلسطيني، اسمه إبراهيم: لقد ظهر نبي كاذب بين السَرَسنيين...، إنّهم يقولون إنّ النبي الذي ظهر مقبل مع السرسنيين، وهو يعلن عن قدوم الممسوح الذي سيأتي، فذهبت أنا إبراهيم إلى رجل عجوز مطّلع للغاية على الأسفار المقدّسة وأحلت إليه المسألة، وسألته: ما رأيك أيّها السيّد والمعلّم بالنبي الذي ظهر بين السرسنيين؟. أجاب، وهو يتأوّه للغاية: إنّه دجّال. وهل يأتي الأنبياء بسيف ومركبة حربيّة؟. إنّ هذه الأحداث اليوم هي حقًا أعمال فوضى... لكن اذهب، يا سيد إبراهيم، واستعلم عن النبي الذي ظهر. وهكذا قمت أنا إبراهيم بتحرّياتي، وأخبرني أولئك الذين التقَوْه: ليس ثمّة من حقيقة يمكن أن توجد عند النبي المزعوم سوى إراقة الدماء. أمّا ما تقوله حول امتلاكه لمفاتيح الجنّة، فهو أمر غير قابل للتصديق[51].

 المفارقة الكبيرة التي يتضمّنها هذا الحوار -بحسب كرونه وكوك- أنّه يقدّم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) على أنّه كان ما يزال حيًّا زمن الغزو العربي لفلسطين، وهي معلومة على قدر كبير من الأهميّة، فهي شهادة تناقض جميع روايات سيرة النبي والمصادر الإسلاميّة التي تقول إنّه توفّي قبل بداية الفتوحات داخل الجزيرة العربيّة، وإنّ آخر معاركه هي تبوك وحنين[52].   

 وقد نصّ (كرونه وكوك) في الهامش على أنّ هذه الشهادة والحقيقة الغائبة في المصادر الإسلاميّة لها ما يدعمها ويعزّزها في المصادر التاريخيّة عند اليعاقبة والنساطرة والسامريّين، فهناك مصادر سريانيّة تشير إلى أنّ السراسنة[53](53) غزوا أقاليم سورية وشبه الجزيرة العربيّة وبلاد ما بين النهرين تحت قيادة مهمّت/ محمّد[54](54). كما نصّا على أنّ ممّا يدعم هذه الحقيقة هو سفر رؤيويّ يهودي يرجع إلى منتصف القرن الثامن الميلادي، وهو المعروف بـ (أسرار الحبر شمعون بن يوحاي) وقد كتب حوالي منتصف القرن الثامن الميلادي، وهو يشير إلى تفسير ميساني = خلاصي/ إنقاذي للغزو العربي لفلسطين.

 بمعنى أنّ النبي المخلّص كان مصاحبًا للجيوش التي توغّلت في الأراضي التي كانت خاضعة للسلطة البيزنطيّة وخلّصت اليهود من سيطرتها: حين رأى أنّ مملكة إسمعيل كانت آتيةً شَرَع يقول: ألم يكف ما فعلته بنا مملكة أدوم الشرّيرة حتى تأتينا مملكة إسمعيل أيضًا؟. وللفور أجابه مِتَاتْرُون مشجّعًا: لا تخف يا بن الإنسان، فالقدّوس المبارك لا يأتي بمملكة إسمعيل إلا لتخلّصكم من هذا الشرّ، إنّه بحسب إرادته يقيم عليهم نبيًّا وسوف يفتح لهم الأرض، وسوف يأتون ويحيّونها بعظمة، وسيكون هنالك خوف مريع بينهم وبين أبناء عيسى. أجاب الحبر شمعون: وكيف نعرف أنّهم خلاصنا؟. فقال: ألم يقل النبي أشعيا عندما يخرج راكب الجمل من المملكة سيظهر وراءه راكب الحمار، وإنّ نجاة إسرائيل مثل نجاة صاحب الحمار؟[55].كما أشار (كرونه وكوك) إلى أنّ من ضمن الأدلّة التي تعضد هذه الفكرة (أي بقاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حيًّا حتى دخول العرب لفلسطين) هو مخطوط لقصيدة يهوديّة لم تنشر من قبل، كان زوّدهما بها المستشرق اليهودي برنارد لويس[56].   

ومن الأفكار الغريبة-الجديدة التي يطرحها (كرونه وكوك) في هذا الكتاب هي فكرة العلاقة الحميمة بين العرب واليهود، وتكوين جبهة ضد المسيحيين. فاليهودي الذي اعتنق المسيحيّة في نصّ (عقيدة يعقوب) يشدّد بأنّه لن ينكر المسيح ابن الله حتّى لو أمسكه اليهود والسرسنيّون وقطّعوه إربًا!. وكانت حامية غزّة المسيحيّة قد استشهدت نتيجة المقاومة. وتتحدّث إحدى التراتيل من ذلك الزمن عن آثام السرسنيين وإحراقهم للكنائس وتهديم الأديرة، وتكسير الصلبان وتدنيسها.. وانتهى الباحثان إلى أنّه ليس هناك ثمّة شيء يثبت صحّة الصورة الإسلاميّة كحركة تخاصمت مع اليهود قبل الغزو، أو نظرت إلى المسيحيّة بذات التساهل الذي نظرت به إلى اليهود[57].

وهما يعتمدان في ذلك على نصّ للمطران الأرمني (Sebeos = سيبيوس) مكتوب في العقد السادس من القرن السابع الميلادي، يتحدّث عن قصة خروج اللاجئين اليهود من الرها بعدما استردّها هرقل من أيدي الفرس عام (628م) تقريبًا، وهي تشير إلى توحّد العرب واليهود (بسبب انتمائهم لإبراهيم) تحت زعامة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وتوجّههم لفتح فلسطين، الأرض التي وعد بها أبوهم إبراهيم، لإنهاء الوجود البيزنطي-المسيحي فيها[58]. ومن خلال نصّ سيبيوس هذا وغيره من النصوص المسيحيّة، يمضي المؤلّفان بالعثور على مفارقات غريبة أخرى لم تظهر بحسبهم في المصادر الإسلاميّة المؤسّسة لمراحل الإسلام الأولى ومنها:

اتجاه الدعوة الإسلاميّة نحو فلسطين كمدينة فتح ديني لا نحو مكّة[59].

لم يكن يُعرف المسلمون بهذا الاسم، فأوّل ظهور لهذا المصطلح على نحو ممكن الوثوق به كان على نقش في قبّة الصخرة عام (691م) وما بعد، وهو لا يوجد خارج المصادر الإسلاميّة حتّى القرن الثامن. وتكشف المصادر -غير العربيّة طبعًا بحسب منهج الدراسة- أنّهم كانوا يسمّون (Magaritai  = ماغاريتاي)كما في برديّة يونانيّة تعود للعام (642م) و ( Mahgre = ماهغري) و(Mahgraye = ماهغراية)كما في نصوص سريانيّة تنتمي لأربعينيّات القرن السابع الميلادي، والمصطلح العربي المقابل هو مهاجرون. وأشارا إلى أنّ علم الأنساب (المهغراية) بحسب مرجع سرياني قديم يشير إلى المنحدرين من إبراهيم عبر هاجر. وأنّ التفسير الإسلامي حاول أن يعزو هذه التسمية إلى القيام بفعل الهجرة (الهجرة من مكّة إلى المدينة). وفي المصادر الإسلاميّة كانت الهجرة من مكّة إلى المدينة، وهي الهجرة التي يتطابق موعدها مع بداية التقويم العربي (622م). لكن ليس هناك ثمّة مصدر قديم يمكن التعويل عليه يشهد على صحّة ذلك، والمصادر التي تمّ التعويل عليها في هذه الدراسة تقدّم بديلًا آخر، وهو هجرة الإسماعيليين من الجزيرة العربيّة إلى الأرض الموعودة، أي فلسطين[60].

قام الباحثان بنقد الجغرافيا المقدّسة للإسلام، إذ شكّكا بصحّة نسبة بناء الكعبة لإبراهيم وإسماعيل، بدعوى أنّه لا يوجد ذكر لمكّة خارج المصادر الإسلاميّة، باستثناء مصدر سرياني يعود إلى أواخر القرن السابع. بينما كان هناك مصدر مسيحي يعود إلى بداية حكم هشام بن عبد الملك (105-125هـ) يحدّد موقع بيت إبراهيم بين أور وحرّان. كما أنّ القرآن لا يحدّد موقعها الجغرافي. ويرى الباحثان أنّ هناك صعوبة في التفاسير الإسلاميّة في ربط(بكّة) بـ (مكّة). ويشيران لمصدر سامري آرامي ينصّ على أنّ بكّة هي موضع وفاة إسماعيل، وهي مع ذلك محاولة سامريّة لإعطاء شرعيّة توراتيّة للحرم الهاجري. وهكذا يمضيان بنقد الجغرافيا المقدّسة الإسلاميّة، فيشكّكان بموضع الحجاز ويثرب، ويعتقدان أنّ الطائف تتلاقى في أكثر من صفة مع مدينة (سخيم الواقعة عند جبل الجاريزيم/جبل الطور أو البركة) وعليه يموضعانها في فلسطين، ويشيران إلى رواية أرمنيّة حدّدت قاعدة الرسول العربي في مدين، كما جعلا مدينة مكّة واقعة في مدينة البتراء الأردنيّة، وهي الاتجاه النهائي لهجرة الهاجريين، وتحدّثا عن وجود بناية تشبه الكعبة بالمدينة، قام بها عمر بن عبد العزيز ببعض التحويرات حتّى لا تكون قبلة ثالثة، وقد اعتبرت قبرًا للرسول في المدوّنة الإسلاميّة. وقد انتهى الباحثان نتيجة هذا التحريك لجغرافيا الأماكن المقدّسة إلى أنّ المسلمين كانوا يتوجّهون في صلاتهم إلى الشمال الغربي لشبه الجزيرة العربيّة (البتراء = مكّة) لا إلى الجنوب الغربي منها، مستدلَّين ببعض النصوص التي تتحدّث عن تغيير لاحق باتّجاه القبلة لعدد من المساجد في العراق ومصر وغيرهما[61].

القرآن جُمع وشُكّل من عدد وافر من الأعمال الدينيّة الهاجريّة الأقدم منه. وتظهر أقدم إشارة خارج المصادر الإسلاميّة إلى كتاب يُدعى القرآن في حوار يرجع إلى نهاية الحقبة الأمويّة بين عربي وراهب مسيحي. وعليه لا توجد أيّ إشارة تدلّ على وجود القرآن قبل نهاية القرن السابع الميلادي. لكنّ المصادر المسيحيّة والإسلاميّة على حدٍّ سواء تعزو للحجاج دورًا ما في تاريخ الكتاب المقدّس الإسلامي، وأنّه جمع الكتابات الهاجريّة القديمة وأتلفها، وأحلّ محلّها كتابات ألّفت وفق مزاجه ومذاقه الشخصي[62].

تسمية الإسلام ابتدأت بعد أن بنى عبد الملك بن مروان (65-86هـ) مسجد قبّة الصخرة، وأعلن فيه رسالة محمّد النبويّة، وتصدّع أسس العلاقة والترابط الديني مع اليهود. إذ كان اليهود يرفضون بناء هذا المسجد ويفضّلون الاحتفاظ بالقدسيّة لمدينة (سخيم عند جبل الجاريزيم، جبل الطور أو البركة في قصّة موسى) من سلسلة جبال نابلس = السامرة عاصمة مملكة إسرائيل التوراتيّة القديمة)، ونتيجة لذلك تحلّل الهاجريّون من الارتباط بالقدس، فاحتفظ اليهود بنظرتهم المقدّسة لـ (سخيم وجبل الجاريزيم) في حين تحوّل المسلمون نحو مكّة[63].

بعد أن تصدّعت العلاقة اليهوديّة الإسلاميّة كان من المهمّ جدًّا إيجاد مخرج لارتباط النبي السابق معهم، وأعماله الدينيّة المماثلة لليهوديّة، وقد تمّ ذلك عبر خطوتين الأولى: اختيار موقع جديد للخروج الهاجري، فتمّ التوجّه نحو مكّة. والثانية: إخلاء سبيل النبي من المغامرة الفلسطينيّة عن طريق تنقيح تاريخي جعله يموت قبل سنتين من بدء الغزو العربي لفلسطين[64].

ورغم أنّ مشاغل البحث لا تهتمّ بالردّ على الآراء المطروحة، فقد تكفّل عمل آمنة الجبلاوي (الإسلام المبكّر في الاستشراق الأنجلوسكسوني الجديد:باتريشيا كرونه ومايكل كوك أنموذجًا) بذلك سلفًا، لا بدّ أن نشير هنا إلى مسألة منهجيّة علميّة بحتة وهي:

إن كان الباحثان رفضا الثقة بالمصادر الإسلاميّة، لأنّها كانت مدفوعة ومشبعة بانتماء مؤلّفيها الديني، الذي نزع لبناء صورة مثاليّة متماسكة عن الإسلام لا سيّما في مراحله المبكّرة، فكيف للمصادر غير العربيّة خاصة اليهوديّة والمسيحيّة منها أن تحوز الثقة والاطمئنان، وهي نصوص أنتجت في سياقات تاريخيّة وأنساق فكريّة وثقافيّة ودينيّة، تركّز على إمكانيّة التحريف وتبادل الاتهامات بين الأطراف المتصارعة، ثم إنّها -بحسب انتماءاتها الجغرافيّة- أنتجت في بيئات بعيدة عن منطقة مهد الإسلام. والأهمّ من هذا كلّه ما الدليل على أنّها تنتمي للمرحلة التاريخيّة المدعاة لها؟!. هذا من جانب. 

ومن جانب آخر هذه النصوص، خاصّة اليهوديّة والمسيحيّة منها، هي نصوص ثانويّة بالقياس مع نصوص الأسفار التوراتيّة والأناجيل المعتمدة، وقد كانت الأخيرة قد مرّت بمرحلة ما عرف بالنقد الكتابي (The Science of Biblical Criticism = علم نقد الكتاب المقدّس) الذي تفرّع بدوره لعلمين (Criticism Old Testament= علم نقد العهد القديم وCriticism New Testament= علم نقد العهد الجديد) واشتهر داخل علم نقد العهد القديم ما عرف (بعلم نقد التوراة = Torah Criticism أو علم نقد الأسفار الخمسة Pentateuch AL Criticism وعلم النقد العالي = Higher Criticism)[65].

وقد انتهت هذه العلوم النقديّة لحقائق متعدّدة حول زيف العديد من النصوص التوراتيّة والإنجيليّة، أو أنّها منتحلة عن ثقافات سابقة. ولقد قام الباحث زالمان شازار بسياحة واسعة النطاق في هذا المجال عبر كتابه المخصّص لرصد علم النقد الكتابي للعهد القديم (تاريخ نقد العهد القديم من أقدم العصور حتّى العصر الحديث)، فأشار للانتحالات المتعدّدة وللخلاف حول تاريخ كتابة النصوص التوراتيّة، والمصادر التي استقيت منها أسفار العهد القديم، وآراء المدارس الفكريّة حولها، وما أثبتته المكتشفات الآثاريّة في هذا الباب. أمّا بالنسبة للعهد الجديد فقد أشار الباحث المختصّ بنقد الكتاب المقدس فرانز غريس إلى: أنّ البحوث والاستقصاءات العلميّة أثبتت أنّ (80 إصحاحًا)من (89 إصحاحًا) للأناجيل الأربعة، هي نسخة عن حياة وتعاليم كرشنا[66] وبوذا[67] وأنّ عيد ميلاد (Agni = أغني) الابن الوحيد لـ (Sawistri = ساويستري/ الأب السماوي) احتفل به منذ أربعة آلاف عام قبل ميلاد يسوع المسيح[68].

وقال الأستاذ رودلف سيدل، وهو عالم لاهوتي بروتستانتي وأستاذ في جامعة ليبزيج الألمانيّة، في كتابه أسطورة بوذا إنّ من بين (28 إصحاحًا) التي يتألّف منها إنجيل متّى، إصحاحان فقط هما (22 و 24) خاليان من النصوص الهندوسيّة. ومن إنجيل مرقس الذي يتكوّن من (16) إصحاحًا، فإنّ إصحاحين أيضًا هما (7 و 12)غير منقولين. وفي إنجيل لوقا، الإصحاح (16 و 17 و 20) فقط من مجموع (24 إصحاحًا) التي تشكّل الإنجيل المذكور ليست منتحلة، وكذا إنجيل يوحنّا المتضمّن (21إصحاحًا)، فإنّ الإصحاحين (10 و 17) فقط خاليان من النقل. وذكر العالم البروتستانتي هابل إنّ (36 نصًّا) في الكتاب المقدّس مقتبسة عن العقائد الوثنيّة. وقال العالم برنهارد سبيس الضليع بالسنسكريتيّة والخطّ المسماري إنّ الأمثال التي في الأناجيل بأجمعها -تقريبًا- هي نسخ عن أمثال الهندوسيّين والسومريّين والآشوريّين وخصوصًا سلسلة الأمثال التي تتعاقب في الإصحاح (13) من إنجيل متّى. وخلص الأستاذ والعالم اللاهوتي البروتستانتي الألماني هيلشر بعد دراسة امتدت لعشرين عامًا حول شخصيّة بولس إلى: أنّ أعمال الرسل التي تحتوي تاريخهم إنّما هي تزوير وتزييف وتلفيق وتمويه، اختلقته وصاغته الكنيسة النصرانيّة بعد العام (145م)[69]. فإذا كانت هذه حال التوراة والأناجيل الرسميّة التي تحتوي أصل العقيدة اليهوديّة والمسيحيّة، فما بالك بما حوته عن العقيدة الإسلاميّة المخالفة؟!.

ثانيًا. مصادر الإسلام المبكّر في دراسة المستشرق ألفريد لويس دي بريمار

هو أحد أهمّ الأسماء على ساحة الدرس الاستشراقي الفرنسي المعاصر، تهتمّ بحوثه بتاريخ الإسلام المبكّر وتاريخ القرآن، وأهمّ كتبه في هذا المجال هو كتاب (Les Fondations de l’Islam: Entre ’ecriture et histoire  = تأسيس الإسلام بين الكتابة والتاريخ 2002م) وهو في هذا الكتاب لا يحاول رسم ملامح عامّة لتاريخ الإسلام فحسب، بل يتخطّى هذا إلى محاولة اكتشاف كيفيّة بناء هذا التاريخ، سواء في المصادر الإسلاميّة أو في المصادر غير العربيّة. ويناقش بريمار طيلة كتابه طريقة الاستناد إلى هذه المصادر، ومدى قدرتها على كتابة هذا التاريخ[70]. وقد عرض في القسم الأوّل أو تمهيد الكتاب الذي عنونه بـ (بين الكتابة والتاريخ) نظريّته حول مصادر دراسة الإسلام المبكّر التي، وإن كانت تنتقد الصبيانيّة أو التهوّر الذي بدت عليه رؤية باتريشيا كرونه ومايكل كوك، إلا أنّها تنحى منحى مماثلًا بعض الشيء.

وبريمار هو أيضًا من أنصار الاتجاه التنقيحي = الجذري، ولذا نجده يفتتح الكتاب بقوله: «مضى الزمن الذي كان فيه باحثون من أمثال إرنست رينان يعتقدون بأنّ حياة نبي الإسلام معروفة جيّدًا بالنسبة لنا، مثله مثل حياة أيّ مصلح ديني من مصلحي القرن السادس عشر. الآن اكتشفنا أنّ الأمور ليست بمثل هذه البساطة، ولا هي واضحة إلى مثل تلك الدرجة. ولا نقول ذلك لكي ننكر أنّ النبي كان له وجوده في وضح التاريخ، وأنّه طبع بطابعه القوي الحركة التي دشَّنها وترك بصماته الواضحة عليها. ولكنّ موثوقيّة المعرفة التي يمكن أن نمتلكها عن محمّد تتوقّف على الطريقة التي رويت بها سيرة حياته في كتب التاريخ القديمة»[71].

ومنبع هذا التحرّز الذي ينطلق منه بريمار مشدود إلى الحقيقة القائلة إنّ الكتابة عن الإسلام المبكّر اختلطت في بداياتها بأدب المغازي، ثمّ امتدّت لتشمل جوانب السيرة الأخرى، وهي عمومًا لم تكتب إلا بعد موت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بأكثر من قرن ونصف القرن. ففي مجرى القرن التاسع للميلاد وضعت المؤلفات التي ما تزال تشكّل الأساس المعتمد في كتابة السيرة النبويّة، فأولى المخطوطات الواصلة إلينا عن مرحلة الإسلام المبكّر هي بقايا كتاب (المبتدأ والمبعث والمغازي) لابن إسحاق (ت151هـ).

وفي حقيقة الحال يمكن أن نستمع في طرح بريمار لصدى آراء الأب هنري لامنس، فهو يستعيد ما كان قراره في بدربي عن الإسلام، آيات القرن العشرين، إذ يقول: منذ بدايات البحث حتّى الآن، كان القرآن قد اعتُبر بمثابة المصدر الوحيد الموثوق به كليًّا تقريبًا فيما يخصّ حياة محمّد، ولكنّ هذا الرأي مستمدّ من المصادر الإسلاميّة القديمة، فكتب السيرة لم توضع إجمالًا إلّا من أجل تفسير مقاطع مختلفة من القرآن، وبالتّالي من الصعب علينا أن نأخذ هذا الرأي بعين الاعتبار اليوم كما فعل بعض المستشرقين سابقًا، فالقرآن يعبّر عن الأمور بطريقة تلميحيّة ورمزيّة، ولا يتميّز بالوضوح التاريخي، وقد استغرق تدوينه فترة طويلة امتدّت حتّى نهاية القرن السابع الميلادي وربّما أكثر. أمّا الكتابات التاريخيّة التي وصلتنا عن التراث الإسلامي، فمسألة موثوقيّتها -وخصوصًا الفترة الأولى للإسلام- فمطروحة في كلّ لحظة. ولهذا فإنّ البحث العلمي المعاصر أصبح يركّز اهتمامه من جديد على إعادة التمحيص النقدي للمصادر[72].

وقد تبنّى دي بريمار فرضيّة الباحث الأميركي (John Wansbrough = جون وانسبرو) حول (التاريخ الخلاصي = Salvation History) التي تنطلق من فكرة أنّ المصادر الإسلاميّة لمرحلة الإسلام المبكّر كانت محكومة بنمط المقاصد الدينيّة للمؤلّفين، فقدّمت تاريخًا مقدّسًا للنبي (أسطورة بطوليّة-دينيّة) أكثر ممّا هي سيرة تاريخيّة حقيقيّة، وأنّه كان يتعيّن عليهم تقديم صورة رسول الله والقدر الفريد من نوعه للأمّة التي أسّسها. وكان عليهم لاحقًا أن يزوّدوا السمات الخاصّة بالأمّة بإطار تاريخي، وأن يبلوروها في مواجهة الجماعات والفرق الدينيّة المنافسة، لا سيّما اليهوديّة والمسيحيّة المعاصرة، ولذا سادتها لهجة التبجيل أو المماحكة الجداليّة من دفاع أو هجوم[73]. وحقيقة الحال مرّة أخرى، نقع هنا مع بريمار ووانسبرو على صدى أفكار وطروحات لامنس سابقة الذكر. 

ويخالف بريمار كرونه وكوك حول كفاية المصادر غير العربيّة (السريانيّة، الأرمنيّة، القبطيّة، الإغريقيّة..) برسم لوحة الإسلام المبكّر، فهي قليلة جدًّا بالقياس مع الأحداث التي شهدتها تلك المرحلة[74]، وعليه فهي لا تمثّل طوق نجاة للباحث بعد أن تخلّى عن المصادر العربيّة كما يصوّر البعض، لا بسبب قلّتها وعدم كفايتها لإطلاق أحكام موثوقة متماسكة ذات اتّساع وشمول معقول حول بدايات الإسلام المبكّر وتاريخ القرآن فحسب، بل وأيضًا بسبب أنّها ليست خالية من الأيديولوجيا، وذات غرض وحيد هو كتابة التاريخ، فثمّة سياقات أخرى دينيّة وسياسيّة تحكم نشأتها وتشكّل فضاءً لحركة كاتبيها[75].

 ويضيف بريمار رغم أنّ الأخبار التي تقدّمها المصادر غير العربيّة مقتضبة وعادة ما تتعلّق بالغارات العربيّة، إلّا أنّ تلك المصادر تتميّز بمعاصرة الحدث أو القرب منه، كما في نصّي الإخباري السرياني (توما القسيس = Tomas Le Presbytre) الذي كان يكتب حوالي عام (640هـ) أي بعد ثماني سنوات من موت النبي، وهو يروي خبرين يعود الأوّل لتاريخ (634هـ) والثاني لعام (636هـ) أي مع انطلاق الفتوحات التي حصلت في مرحلة الخلافة في مصر وبلاد الشام وغيرها بدءًا من السنة الثانية عشرة للهجرة (634م). وكما في النصوص المنسوبة لـ (Sebeos = سيبيوس) الأرمني عن غزوات العرب في أرمينيا إذ تعود لعام (640م) وهي تنقل وفقًا لرواية شهود عيان من الأرمن الذي حضروا أحداث التوغّل العربي في بلادهم، أمّا ناسخ المعلومات فقد كتبها عام (660م).كذلك كتب يعقوب الرهّاوي بعد عقدين أو ثلاثة عقود من ذلك التاريخ، وبالتالي لا يمكن لأي مصدر عربي إسلامي عن الفتوحات أن يحوز هذه الصفة ويحقّق هذا القرب الزمني من الأحداث[76].

وحقيقة الحال تتميّز المدرسة الإخباريّة السريانيّة -كتابات الرهبان على وجه الخصوص- برسوخ قدم التدوين التاريخي فيها، فهي عبارة عن سلسلة متّصلة ومتابعة لعمليّات تدوين سابقة. فالتدوين التاريخي السرياني أكثر عمقًا وقِدمًا من التدوين العربي، وعليه فكتاباتهم عن الإسلام المبكّر كانت تمثّل شهادات حيّة ومعاصرة من قبل المؤلّفين الذين عايشوا الأحداث، وهي -على خلاف العرب- لم تكن باكورة أعمالهم التدوينيّة، إنّما تواصل لما ورثوه عن الآباء والأجداد[77]. وقد بلغ الأدب السرياني درجة عالية من التميّز والرقي في القرن السادس الميلادي. وكانت كتب التاريخ العامّ السريانيّة قد تطرّقت للعديد من الأحداث التاريخيّة الإسلاميّة، لا سيّما أخبار الفتوح والعلاقات مع أهالي البلاد المفتوحة أو المعارك بين الجانبين[78].

وقد شكّلت الرواية السريانيّة مصدرًا مهمًّا للكثير من المؤرّخين المسلمين كالطبري والمسعودي وغيرهما[79]. ولعلّ هذا ما تشي به عبارة للبلاذري في كتاب فتوح البلدان: وجد في قراطيس هدم قصور الحيرة[80]. ومن أبرز الأصول التاريخيّة للسريان هو كتاب تاريخ زكريا الفصيح الذي ولد قبل عام (485م)[81] وتاريخ قورا البطناني (ت582م)[82] الذي أكمل تاريخ زكريا وتاريخ يوحنّا الآمدي الآسيوي أو الأفسسي(ت587م)[83]، وتاريخ ديونيسيوس التلمحري (ت845)[84] وغيرها الكثير. وهي تواريخ اعتمدها ولخّصها مار ميخائيل السرياني الكبير (ت1199م) في كتابه الشهير تاريخ ميخائيل السرياني الكبير[85].

   ومع الإقرار بهذه الحقيقة المهمّة، إلّا أنّ بريمار يخالف (باتريشيا كرونه ومايكل كوك) حول فكرة الثقة المطلقة بهذه التواريخ، فهي توصف بأنّها خارجيّة قياسًا بالمصادر العربيّة من داخل الجماعة الإسلاميّة، ولكنّها في حقيقة الحال لم تصدر عن مراقبين خارجيين، بالقياس للأحداث التي يرون أنّ من واجبهم تدوينها، فهم ينتمون إلى السكان المحليين الذين تعرّضوا للفتوحات، والذين كانوا غالبًا من ضحاياها، بمعنى أنّ كتاباتهم لا شكّ كانت خاضعة لتأثير الانتماء السياسي والديني والفكري والقومي[86].

ويشير بريمار تحت عنوان فرعي (أهي سيرة مستحيلة؟) إلى الشكوك التي أطلقها مكسيم رودنسون حول مصادر معلوماتنا عن مرحلة الإسلام المبكّر وحياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ قدّم الأخير في كتابه (محمّد) الصادر عام (1961م) ملاحظة تمهيديّة تقول: إنّ كتابة سيرة محمّد إذا لم تتقيّد ببعض الوقائع المؤكّدة المماثلة في يقينها ليقين المعادلات الرياضيّة، فلن تتجاوز في هذه الحال بضع صفحات، وسوف تكون جافّة إلى حدٍّ فظيع. ينبغي لنا أن نستخدم معطيات مستمدّة من مصادر لا نمتلك عنها إلّا القليل من الضمانات المثبتة لصحّتها[87].

كما أشار بريمار إلى الملاحظة الأخرى التي قدّمها الباحث الأميركي (Harald Motzki = هارالد موتزكي) التي تقول: من جهة، نجد أنّه من المستحيل أن نكتب سيرة تاريخيّة للنبي من دون أن نُتَّهم بأنّنا نستخدم المصادر القديمة بشكل غير نقدي. ومن جهة أخرى، عندما نستخدمها بشكل نقدي، فإنّنا نجد بكلّ بساطة أنّه من المستحيل أن نكتب مثل هذه السيرة[88].

ومضافًا لتعليقاته على كتاب (باتريشيا كرونه ومايكل كوك) فإنّ بريمار نصّ على أنّه سيقدّم حلًّا وسطًا بين هذه الطروحات المتناقضة والمتباينة، وعلى الرغم من ظهور المادة السيريّة في كتابه بشكل ملحوظ، إلّا أنّه أعرب عن عدم نيّته تقديم سيرة للنبي بقدر رغبته بتقديم صورة عن الإسلام المبكّر[89]

 وفي مضمار استخدامه للمصادر غير العربيّة التي تؤرّخ لأحداث الإسلام الأولى، والتي ابتدأها مع الإخباري السرياني (توما القسيس = Tomas Le Presbytre) مشيرًا إلى أنّ أولى المعلومات التي نمتلكها عن بدايات الحركة التي أسّسها محمّد موجودة في كتب الإخباريّات المسيحيّة، وهي معلومات قريبة جدًّا من الأحداث إن لم تكن معاصرة لها. وفي أخبار توما القسيس يظهر المسلمون باسم عرب محمّد وبالسريانيّة (طياي د مهمّت =  Tayaye d-Mhmt) في المعركة التي خاضوها مع البيزنطيين بالقرب من غزّة عام (634م/ 13هـ) فلم يكونوا يستخدمون لفظة مسلم العربيّة للدلالة على الفاتحين، ورجّح أنّ العرب أنفسهم لم يكونوا يستخدمونها آنذاك![90]. أمّا لفظة (Arabaya = عربايا) في المصادر السريانيّة فكانت تدلّ على السكان العرب المستقرّين في منطقة وادي الرافدين العليا قبل مرحلة الفتح الإسلامي. فاستخدم السريان لفظة (طياي =Tayaye) للدلالة على العرب بشكل عام. وطي هي قبيلة عربيّة تعيش في المنطقة الوسطى من الجزيرة العربيّة، وكانت لهم علاقات قديمة مع شمال الجزيرة العربيّة. ثم أضاف المؤلّفون السريان كلمة جديدة لمعجمهم اللفظي وهي كلمة (Mahgraye) للدلالة على العرب المسلمين الفاتحين الجدد، وربّما هي مشتقّة من كلمة مهاجرين، وقد جرى تحويرها إلى اليونانيّة في أوراق البردي الإداريّة المصريّة الثنائيّة اللغة فصارت (Moagaritai = موغاريتاي) كمقابل للكلمة العربيّة «مهاجرون»، أي المهاجرون في سبيل الله بحسب المعجم اللفظي الإسلامي. أمّا مؤلف الإخباريّات الأرمنيّة (Sebeos = سيبيوس) الذي كان معاصرًا لمرحلة الفتوح العربيّة، فقد استخدم لفظ (Hagarachs = هاجاراش) أو إسماعيليّين أو أولاد إسماعيل، ثم حوّرت الكلمة لاحقًا في الأدبيّات المسيحيّة المكتوبة باللغة الإغريقيّة إلى (Agarenoi) وهي مشتقّة من كلمة (Hagar= هاجر) أم إسماعيل، وهو جدّ العرب. وقد انتهى الأمر إلى حصول ترابط في العقليّة الجماعيّة، كما في الكتابة، بين معنى الهجرة ومعنى هاجر أم إسماعيل، انطلاقًا من جذر سامي واحد (هـ. ج. ر)[91].

وهكذا نجد بريمار يختلف مع طرح (باتريشيا كرونه ومايكل كوك) حول المنحى التاريخي لاستخدام لفظة هاجريين وفرضيّة أنّهم كانوا يسمّون (Magaritai  = ماغاريتاي) في برديّة يونانيّة تعود للعام (642م) و ( Mahgre= ماهغري) و(Mahgraye = ماهغراية) في نصوص سريانيّة تنتمي لأربعينيّات القرن السابع الميلادي علاقة ذلك  بما أسمياه علم الأنساب (المهغراية). فيبدو أنّ ما يثبت تهافت طرحهما هو التبدّلات التي تطرأ على اللفظ بحسب الظرف واللغة المستخدمة، فهذا التنوّع يدخل في سياقات أخرى، مثل: طياي، إسماعيليين، أبناء إسماعيل، سراسنة أو ساراسيين. وهي تسميات تدخل ضمن سياق (الاستدخال التأويلي) للحدث وفق الرؤية الدينيّة المجادلة أو المقابلة، لا سيّما وأنّ كتبة تلك النصوص كانوا عادة من رجال الدين، ولذا تمّ مَوضعة هؤلاء الفاتحين العرب باعتبارهم أبناء إسماعيل ابن هاجر وفق رؤية الكِتاب المقدّس[92] التي يمكن أن يقال عنها إنّها مغرضة لإسماعيل إذ وصف بأنّه: حمارًا وحشيًّا بشريًّا يده على الجميع ويد الجميع عليه وفي وجه جميع إخوته يسكن[93].

 ولعلّ هذه الحقيقة تتأكّد بمتابعة بعض النصوص السريانيّة واليونانيّة..، التي نقلها بريمار من تلك المصادر، ومنها نصّ توما القسيس: «بسنة تسعمائة وخمس وأربعين..، دار القتال بين الروم وطيايا مهمّت بفلسطين، على بعد اثني عشر ميلًا من غزّة، فهرب الرومان وتركوا البطريق بار يردان فقتله طيايا، وقتل هناك نحو أربعة آلاف من مساكين القرويين من مسيحيين ويهود وسامريين.فخرَّب طيايا القطر كله»[94]. ومنها أيضًا وبالتزامن مع نصّ توما القسيس جرت الإشارة إلى الأحداث نفسها في النصّ الذي استخدمه سابقًا (باتريشيا كرونه ومايكل كوك) وهو نصّ (عقيدة يعقوب = Doctrina Jacobi) الذي عرف باليونانيّة بـ (La Didaskalia Iakobouo) اللغة الأم التي كتب بها لأوّل مرة خلال المدّة (634-640م)، وتمّت الإشارة فيه إلى العرب على أنّهم (ساراسيّون = saracenes) وهي منقولة عن الكلمة اليونانيّة (sarakenos). والنصّ عبارة عن حوار جرى بين يهوديّين تحوّلا لاعتناق المسيحيّة فيما بعد، يتحدّثان عن معركة بين العرب والروم، كان من ضمن قتلى الروم فيها أحد ضبّاط النخبة أو الحرس الإمبراطوري في الجيش الروماني، يقول النصّ: «قال إيوستوس ليعقوب: كتب إليّ أخي أبراعامس [إبراهيم في كتاب كرونه وكوك] بأنّ نبيًّا كذّابًا قد ظهر. وعندما قُتل المرشّح (الضابط) من قبل الساراسين..، كنّا نحن اليهود في فرح كبير.كانوا يقولون بأنّ النبي قد ظهر، وإنّه آت مع الساراسيين، وإنّه يعلن عن ظهور المسيح الممشوح الذي سيجيء. وأنا أبراعامس بعد أن وصلت إلى سيكامينا توقّفت عند رجل مسن مضطلع جدًّا بالكتابات المقدّسة وقلت له: ما الذي تقوله عن النبي الذي ظهر عند الساراسيين؟. فردّ عليّ..، إنّه نبي كذّاب..، بعد أن قمت ببحث واسع عن الموضوع، فهمت من أولئك الذين التقوه أنّه لا يوجد شيء صحيح عند هذا النبي المزعوم: فليس عنده إلا المجازر..»[95].

وإذا ما ضممنا لذلك استمرار هذا النعت في كتابات رجال الدين النصارى لأوقات متأخّرة، إذ كتب (القسّ بيد) قبل وفاته عام (735م) في تاريخه الكنسي: «في ذلك الوقت قام الوباء الموجع المتمثّل بالسراسنة بتخريب مملكة بلاد الغال، بعد مجازر أليمة وبائسة، لكنّهم سرعان ما لقوا عقابهم الذي يستحقّونه على غدرهم»[96](96).ويعني بذلك هزيمة المسلمين في معركة (بلاط الشهداء/ بواتييه 114هـ/ 732م)[97](97). يتّضح أنّ هذه التعبيرات والأسماء لم تكن تعبّر عن الحقيقة التاريخيّة والواقع، بقدر تعبيرها عن واقع المماحكة والمنافحة الجدليّة بين المسيحيّة والإسلام، وانطلاقها من منظار ورؤية الكتاب المقدّس لدى الكتبة السريان وغيرهم. وبالتالي فالنعوت المشينة هي جزء من التفريغ الانفعالي لأولئك المؤرّخين أو الرواة، فضلًا عن عدم معرفتهم الموسّعة بالمسلمين، الذين تحوّلوا لقوى منظّمة للفتح والتوسّع في وقت سريع، وحقّقوا نجاحات ملحوظة بأوقات قياسيّة.

ولعلّ من المناسب هنا أن نختم بتقييم الباحث التونسي هشام جعيط لطروحات كرونه وكوك إذ أشار إلى: أنّ ما انتهى إليه مايكل كوك في كتابه محمّد من أنّ مكّة موجودة في فلسطين ليس سوى خرافة وخيال لا يتماشى مع مجرى التاريخ، وهو يعتمد على تفسير خاطئ لآية قرآنيّة، ممّا ينمّ عن عدم فهم للمعجم القرآني. وهو قد استقى هذه الفكرة من باتريشيا كرونه، وهي لا تمثّل سوى عدم الشعور بالمسؤوليّة العلميّة. وهؤلاء قد اعتبروا أنّ الدراسات الإسلاميّة في الغرب لا تمسّ إلّا قليلًا جدًّا من ناس يعدّون على الأصابع، واعتبروا أنّ كبار العلماء في الميدان قد خبا ذكرهم ودرجوا، فيمكن عندئذ البوح بأيّة فكرة من دون رقابة الرابطة العلميّة، وهذا ما كان واضحاً في كتابهما هاغاريسم = الهاجريّون. إنّ ما نعيبه على الاستشراق انفلاته من عقاله وابتعاده عن الصرامة المنهجيّة التاريخيّة بتعلَّة الصرامة ذاتها أو حبًّا للجديد[98].

خاتمة

على ما يبدو من الخلاف بين المستشرقين الكلاسيكيين والمستشرقين الجدد حول مصادر دراسة الإسلام المبكّر، إلّا أنّ النتائج تجمع شطري الاستشراق، من حيث النبرة الشكّية الحادّة والمتطرّفة كما دعمها هنري لامنس والرؤية الإلغائيّة كما تبنّتها باتريشيا كرونه ومايكل كوك وجون وانسبرو. 

بروز الاتجاه التنقيحي أو الجذري كسمة مُميّزة للاستشراق الجديد، الذي ينزع في بناء سرديّته عن تاريخ الإسلام المبكّر وتاريخ القرآن إلى إقصاء كلّ المصادر الإسلاميّة، باعتبارها مصادر غير موثوقة من ناحية أُطر إنتاجها، وتأخّر ظهورها، والاعتماد بالمقابل على المصادر غير العربيّة والمكتشفات الآثاريّة.

كانت النتائج التي قدّمها الاتجاه التنقيحي أو الجذري في كتاب (الهاجريّون لكرونه وكوك) قد غضّت الطرف تمامًا عمّا يمكن أن ينسفها من الجذور، وهو مدى الموثوقيّة التاريخيّة للمصادر البديلة من حيث أطر إنتاجها على الأقل. وهو ما تنّبه له بريمار في كتابه (أسس الإسلام) فلم يمنحها الثقة المطلقة والكاملة، كما لم يغال في استنباط النتائج من تلك النصوص كما فعل كرونه وكوك.

لقد بدا واضحًا من خلال ما اقتبسناه من كلمات وشواهد عن مقولات المستشرقين الكلاسيكيين والمستشرقين الجدد حول مصادر دراسة الإسلام المبكّر، ونظرتهم إلى نبي الإسلام محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، والقرآن...، وجود تعارضات كثيرة بين آراء المستشرقين أنفسهم، فضلًا عن التهافت في العديد من الموارد، وهذا يعبّر بوضوح عن الأزمة البحثيّة والعلميّة التي عاشها ويعيشها المستشرقون في نظرتهم إلى الآخر، ولا سيّما الإسلام.

المصادر والمراجع

1- القرآن الكريم.

2- الكتاب المقدس: العهد القديم والجديد (ط3، دار المشرق الكاثوليكيّة: بيروت- لبنان 1415هـ/ 1994م).

3- البلاذري: أبو جعفر أحمد بن جابر. ت (279هـ/ 892م)، 1/ فتوح البلدان، وضع ملاحقه وفهارسه: صلاح الدين المنجد (ط1، مكتبة النهضة المصريّة: القاهرة- مصر 1376هـ/ 1956م).  

4- بدوي: عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين (ط3، دار العلم للملايين: بيروت-لبنان 1414هـ/ 1993م).

5- بلال: محمد محي، الإسلام المبكّر في التواريخ السريانيّة (ط1، دار الرافدين: بيروت- لبنان 2015م).

6- البيروتي: محمد طاهر التنير، العقائد الوثنيّة في الديانة النصرانيّة. تح: محمد عبد الله الشرقاوي (ط1، دار الصحوة: القاهرة- مصر 1408هـ/ 1988م).

7- الجبلاوي: آمنة، الإسلام المبكّر- الاستشراق الأنجلوسكسوني الجديد: باتريشيا كرونه ومايكل كوك أنموذجًا. (ط1، دار الجمل: كولونيا- ألمانيا - بغداد 2008م).

8- جعيط: هشام، تاريخيّة الدعوة المحمّدية في مكّة (ط1، دار الطليعة: بيروت- لبنان 2007م).

9- أبو خليل: شوقي، الإسقاط في مناهج المستشرقين (ط2، دار الفكر: دمشق- سورية 1419هـ/ 1998م).

10- عبد الجبار ناجي، التشيّع والاستشراق (ط1، المركز الأكاديمي للأبحاث: بغداد- العراق 1433هـ/ 2011م).

11- : حسن إدريس، آليّات المنهج الاستشراقي في الدراسات الإسلاميّة (ط1، المجلس العلمي المحلي: فاس- المغرب 1428هـ/ 2007م).

12- العفاني: سيّد حسين، أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (ط1، دار ماجد عيري للطباعة والنشر: جدّة- السعوديّة 1424هـ/ 2004م).

13- العقيقي: نجيب، المستشرقون (ط4، دار المعارف: القاهرة- مصر 1384هـ/ 1964م).

14- الكعبي: شهيد كريم، صورة أصحاب الكساء بين تجنّي النصّ واستباحة الخطاب الاستشراقي (ط1، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجيّة التابع للعتبة العباسيّة، 1437هـ/ 2015م).

15- الماجد: سعد عبد الله، موقف المستشرقين من الصحابة (ط1، دار الفضيلة: الرياض- السعوديّة 1431هـ/ 2010م).

16- المقداد: محمود، تاريخ الدراسات العربيّة في فرنسا (ط1، عالم المعرفة: الكويت 1412هـ/ 1992م).

17- المنجد: صلاح الدين، المستشرقون الألمان تراجمهم وما أسهموا به في الدراسات العربيّة. وهو مجموعة دراسات جمعها وأسهم بها المنجد (ط1، دار الكتاب الجديد: بيروت-لبنان 1399هـ/ 1978م).

18- يحيى مراد، معجم أسماء المستشرقين (ط1، دار الكتب العلمية: بيروت-لبنان 1425هـ/ 2004م).

الكتب المعرّبة.

1- أغناطيوس أفرام الأول برصوم، اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانيّة. تقديم ونشر: غريغوريوس يوحنّا إبراهيم. (ط6، دار ماردين: حلب-سورية 1996م).

2- باتريشا كرونه، تجارة مكّة وظهور الإسلام. ترجمة: آمال محمد الروبي (ط1، المجلس الأعلى للثقافة: القاهرة-مصر 2005م).

3- باتريشيا كرونه ومايكل كوك، الهاجريّون- دراسة في المرحلة التكوينيّة للإسلام. ترجمة نبيل فيّاض (ط1، المركز الأكاديمي للأبحاث: بيروت-لبنان 2015م). 

4- بريمار: ألفريد دي لويس، تأسيس الإسلام بين الكتابة والتاريخ. ترجمة: عيسى محاسبي. (ط1، دار الساقي: بيروت-لبنان 2009م).

5- درمنغم: إيميل، حياة محمّد. ترجمة: عادل زعيتر (ط2، المؤسسة العربية للدراسات والنشر: بيروت- لبنان 1409هـ/ 1988م).

6- رودنسون: مكسيم، جاذبيّة الإسلام. ترجمة: إلياس مرقص (ط2، دار التنوير: بيروت-لبنان 1426هـ/ 2005م).

7- الصورة العربيّة والدراسات الغربيّة الإسلاميّة ضمن كتاب (تراث الإسلام. تصنيف: جوزيف شاخت وكليفورد بوزورث. ترجمة: محمد زهير السمهوري وآخرون، عالم المعرفة: الكويت1406هـ/ 1985م).

8- سوذرن: ريتشارد، صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى. ترجمة وتقديم: رضوان السيّد (ط1، دار المدار الإسلامي: بيروت-لبنان 1427هـ/ 2006م).

9- كبرييلي: فرانشيسكو، محمّد والفتوحات الإسلاميّة. ترجمة وتعليق: عبد الجبّار ناجي (ط1، دار الجمل: بيروت- لبنان1433هـ/ 2011م).

10- لوكمان: زكاري، تاريخ الاستشراق وسياساته: الصراع على تفسير الشرق الأوسط. ترجمة: شريف يونس (ط1،دار الشروق: القاهرة-مصر 1428هـ/ 2007م).

11- نولدكه: تيودور، تاريخ القرآن. ترجمة: جورج تامر وآخرون (ط1، مؤسسة كونراد: أدناور-ألمانيا 1425هـ/ 2004م).

12- وات: مونتغمري، الإسلام والمسيحيّة في العالم المعاصر. ترجمة: عبد الرحمن الشيخ (ط1، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب: القاهرة-مصر 1419هـ/ 1998م).

13- القضاء والقدر في فجر الإسلام وضحاه: القرون الثلاثة الأولى. ترجمة: عبد الرحمن عبد الله الشيخ (ط1، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب: القاهرة-مصر 1419هـ/ 1998م).

14- يوهان فوك، تاريخ حركة الاستشراق: الدراسات العربيّة والإسلاميّة في أوروبا حتّى بدايات القرن العشرين. ترجمة: عمر لطفي العالم (ط2، دار المدار الإسلامي: بيروت-لبنان 1422هـ/ 2001م).

الذكتب الأجنبيّة: 

1- Lammens: Henri.

2- Fatima  et less  Filles de  Mahomet: Notes critiques pour  L’etude dela  Sira . Romae 1912. 

الدوريّات الأجنبيّة:

3- Bekker: Karl Heinrich

4- Prinzipielles zu Lammens Sirastudien.in Der Islam Zeitschrift fur Geschichte  und Kultur des Islamischen Orients .Strassburg, 1913. 

5-Demombyns: Gaudefroy

6- Nouvelles archeologiques in Syria. Tome 19.

7- -Lammens: Henri.

8- 3- Le.P.H.Lammens (1862-1937) inFascicule 1, 1938.

9- 4-  L’age de Mahomet et La Chronologie de La SiraJournal Asiatique. Paris. 1911

10- 5- Qoran et Tradition Comment Fut compose La vie de Mahomet, Extrait des:Recherches de Science religieuse, Paris. 1910.

11- 6- Mahomet fut-il sincere?., Extrait des: Recherches de Science religieuse, Paris.1911.

12- Noldeke: Theodor.

13- 7 Die Tradition Uber das Leben Muhammeds. in Der Islam Zeitschrift fur Geschichte und Kultur des Islamischen Orients. Strassburg. 1914.

14- 8-Kleine Mitteilungen und Anzeigen. in Der Islam Zeitschrift fur Geschichte  und  Kultur des Islamischen Orients .Strassburg, 1914. 

شبكة الإنترنت: 

1-Stijn Knuts :

2-Lammens, Henri, Jesuit and historian of Islam. http://www.kaowarsom.be/nl/notices_Lammens_Henri.

3-الاتجاه التنقيحي وأثره على الدرس الاستشراقي المعاصر للقرآن الكريم وعلومه: https://tafsir.net/collection

4-القرآن ومصادر التأريخ لبدايات الإسلام في الدرس الاستشراقي قراءة في كتاب (تأسيس الإسلام) لـ (بريمار): . https://tafsir.net/article

-------------------------------

[1]- ينظر. الاتجاه التنقيحي وأثره على الدرس الاستشراقي المعاصر للقرآن الكريم وعلومه:

https://tafsir.net/collection.

[2]- ينظر تباين الآراء الغربيّة والشرقيّة على حد سواء حول هذه الموضوعة في كتابنا: صورة أصحاب الكساء بين تجنّي النص واستباحة الخطاب الاستشراقي (هنري لامنس أنموذجًا)، 87-93.

[3]- كالجمعيّة الآسيويّة في باريس عام (1822م) والجمعيّة الملكيّة الآسيويّة في بريطانيا وإيرلندا عام (1823م) والجمعيّة الشرقيّة الأمريكيّة عام (1842م) والجمعيّة الشرقيّة الألمانيّة عام (1845م). ينظر: العقيقي: المستشرقون 3/ 22، 39، 59-64، 129، 227، 363، 377-389، 394-426 . 

[4]- تاريخ حركة الاستشراق، 306-307.

[5]- ينظر بصدد دراساته هذه وغيرها كتابنا سابق الذكر.

[6]- Qoran et Tradition. pp, 5- 7., Fatima et les Filles de Mahomet, pp. 26- 27, 133.

[7]- Qoran et Tradition. Pp, 25- 26.

[8]- Mahomet fut-il sincere?. p,1.

[9]- Qoran et Tradition. Pp, 11- 12.

[10]- Qoran et Tradition. p, 12. 

[11]- يعني قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}. (الشورى، الآية7).

[12]- Qoran et Tradition. Pp, 16- 17.

[13]- Qoran et Tradition. Pp,17- 18.

وهو يشير هنا إلى قوله تعالى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ.. ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (التوبة، 25-26).

[14]- Qoran et Tradition. Pp, 19- 21.

[15]- Journal Asiatique, XVII. 1911. pp, 209- 250.

[16]- عزوزي: آليّات المنهج الاستشراقي في الدراسات الإسلاميّة، 62. 

[17]- حياة محمّد، 11- 12.

[18]- نال الدكتوراه عام (1899م) وسافر إلى باريس وإسبانيا، وهناك بدأت دراساته الشخصيّة في المشرقيّات، ثم سافر إلى القاهرة وتمكّن من إجادة اللغة العربيّة، ورجع إلى ألمانيا عام (1901) مارًا بإيطاليا واليونان واسطنبول. ورجع إلى مصر في العام نفسه وبقي فيها حتّى عام (1907). أنشأ (مجلّة تاريخ الشرق الإسلامي وحضارته، واختصارها (Der Islam = الإسلام عام 1910م) وبقي مهتمًا بالدراسات الاستشراقيّة حتّى وفاته في (10/ فبراير/1933م). يوهان فوك: تاريخ حركة الاستشراق،337؛ بدوي، موسوعة المستشرقين، 113-116.

[19]- تخصّص في دراسة اللغات الشرقيّة القديمة في جامعة جوتنجن، وكان أبوه يريد منه أن يصبح مستشرقًا، فتخصّص بالاستشراق وفي عام (1856م) حصل على شهادة الدكتوراه بمؤلفه حول (نشوء وتركيب السور القرآنيّة) الذي كان ألّفه للمشاركة في مسابقة الجامعة العلميّة ففاز بها وبدرجة الدكتوراه. سافر إلى فرنسا وهولندا للاطّلاع على المخطوطات والمصادر في مكتباتها، وفي عام (1858م) قطع سفرته لهولندا، ورجع إلى برلين للمشاركة بمسابقة أكاديميّة المخطوطات الباريسيّة عن موضوعة تاريخ القرآن فألّف كتابه (تاريخ القرآن) وهو بعمر الثانية والعشرين، واستطاع الفوز بالمسابقة. عام (1861م) أصبح أستاذاً محاضرًا في جامعة جوتنجن، ثمّ أخذ يتنقّل بين الجامعات، ويدرّس العهد القديم واللغة الآراميّة، حتّى وفاته في صبيحة يوم عيد الميلاد عام (1930م). المنجد: المستشرقون الألمان، 1/ 115-118. 

[20]- Der Islam. p, 263. Prinzipielles zu Lammens Sirastudien. In:

[21]- .pp, 263 -264. Prinzipielles zu

[22]- Prinzipielles zu. pp, 264- 265.

[23]- Prinzipielles zu. p, 266.

[24]- Prinzipielles zu. pp, 267- 268.

[25]- Prinzipielles zu .pp, 268- 269. 

[26]- Die Tradition ـber das Leben Muhammeds. pp, 160- 163.

[27]- Die Tradition. pp,163- 170.

[28]- P,205. Kleine Mitteilungen und Anzeigen.

[29]- أحد أبرز تلامذة وأصدقاء نولدكه، وقد كلّفه بإعادة تحضير الطبعة الثانية من كتابه؛ فأعاد طبعها بعد تحقيقها والتعليق عليها بمجلّدين خلال المدّة (1909- 1919م).كما نشر كتاب المحاسن والمساوئ  للبيهقي بثلاثة مجلّدات عام (1902م) واشترك في نشر كتاب (الطبقات.لابن سعد) عام (1912م). العقيقي: المستشرقون، 3/ 416؛ مقدّمة كتاب تاريخ القرآن، 31 (المترجم).

[30]- تاريخ القرآن، 380.

[31]- تاريخ القرآن، 413- 414.

[32]- تاريخ القرآن، 428.

[33]- تاريخ القرآن، 429.

[34]- مستشرق اسكتلندي بريطاني شهير، درس اللغة العربيّة في جامعة (أدنبره في اسكتلندا)، وبدأ اهتمامه بالإسلام عام (1937م) بسبب علاقة شخصيّة بينه وبين طالب مسلم من (لاهور) كان قدم إلى (جامعة أدنبره) لدراسة الطب البيطري؛ فتشارك هو و (وات) السكن في شقّة واحدة لمدة (6-8 أشهر). وكان هذا الطالب يجري نقاشات مع (وات) عن الإسلام والمسلمين، مما دفع الأخير للبحث عن الإسلام والتعرّف عليه بصورة أكبر؛ فذهب إلى القدس التي كانت حينها تحت الانتداب البريطاني كاختصاصي في الشؤون العربيّة والإسلاميّة في الأسقفيّة الأنجليكانيّة هناك، وأمضى هناك ثلاث سنوات في البحث والدراسة. نال درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلاميّة عن دراسته الموسومة (القضاء والقدر في فجر الإسلام وضحاه: القرون الثلاثة الأولى. أدنبره/ 1944م).،ودرس اللغة العربيّة وآدابها منذ عام (1947م).أصدر العديد من المؤلّفات التي حاول فيها -حسب قوله- أن يكون موضوعيًّا وعلميًّا، وأن يبيّن للمسلمين أن ليس كل الدارسين الغربيّين معادين للإسلام. من أشهرها: (محمّد في مكّة. أدنبره/ 1952م) و (محمّد في المدينة. أكسفورد/ 1956م) و (الإسلام والمسيحيّة في العالم المعاصر. أدنبره/ 1969م) و (تأثير الإسلام في أوروبا في العصر الوسيط. أدنبره/ 1972م). وات: الإسلام والمسيحيّة، 12- 24؛ القضاء والقدر، 40 (المترجمان).

[35]- محمّد في مكّة، 44؛ 62، 299-300، 305.

[36]- مستشرق فرنسي، درس العربيّة والفارسيّة والتركيّة في مدرسة اللغات الشرقيّة الحيّة في باريس. سافر إلى مصر، وانضم إلى المعهد الفرنسي للآثار الشرقيّة خلال المدّة (1909- 1911م)، وذهب إلى الصعيد والدلتا في بعثة (1911-1912م). دَرس العربيّة والتركيّة في كلّية الآداب في جامعة (ليون) الفرنسيّة، وكلّية الآداب في الجامعة المصريّة. وأثناء الحرب العالمية الأولى عمل ضابطًا مترجمًا، وبعد الحرب عمل في المفوضيّة الفرنسيّة في سورية، وشغل منصب مدير دار الآثار العربيّة في القاهرة (1926- 1952م). أهم نتاجاته: نشر وترجم أربعة أجزاء من كتاب (المواعظ والآثار للمقريزي. القاهرة/ 1911- 1926م)، كتاب (مواد لجغرافية مصر. بجزأين 1914، 1919م) وكتاب (فتح مصر والمغرب والأندلس1920م). يحيى مراد: معجم، 538-540.

[37]- العفاني: أعلام وأقزام، 2/ 458.

[38]- ولد في فرنسا، وسافر إلى الجزائر وأقام بها؛ للدراسة في كلّية الآداب. ثم سافر إلى باريس؛ ليلتحق بمدرسة اللغات الشرقيّة الحيّة؛ فتضلّع بالعربيّة، ثمّ عاد إلى الجزائر عام (1895م). ليعمل مديرًا لمدرسة تلمسان؛ فأقام هناك لمدّة (3 سنوات)، ثم عاد إلى باريس ليتولّى منصب أمين مكتبة مدرسة اللغات الشرقيّة، وليدرّس العربيّة في المدرسة الاستعماريّة التي أنشئت منذ عام (1889م). شغل منصب كرسي اللغة العربيّة في مدرسة اللغات الشرقيّة. والعديد من المناصب الأخرى في فرنسا وغيرها. اهتم باللهجات والعادات المغربيّة، والدراسات الإسلاميّة والأدبيّة العربيّة. من أهم مؤلفاته: (مراسم الزواج عند أهل الجزائر1900م) و (الحج إلى مكّة 1923م). المقداد: تاريخ الدراسات العربيّة في فرنسا، 202-208.

[39]- archeologiques. Vol.19. pp, 103- 104. Nouvelles 

[40]- http://www.kaowarsom.be/nl/notices Lammens, Henri, Jesuit and historian of Islam.

[41]- الشرقاوي: الاستشراق في الفكر الإسلامي، 145، 146.

[42]- مستشرق إيطالي، اهتمّ بالدراسات الإسلاميّة واللغة العربيّة وآدابها لا سيّما الشعر الجاهلي؛ حتّى أصبح من أبرز أساتذة هاتين المادّتين في جامعة روما. انتخب عام (1948م) كعضو مراسل في المجمع العلمي العربي بدمشق. كتب العديد من الدراسات عن التاريخ والحضارة الإسلاميّة وتاريخ الحروب الصليبيّة. من أهمّ مؤلّفاته: دراسته عن شخصيّة الرسول بعنوان: محمّد والإسلام. وهي دراسة ضمن كتاب (تأريخ العالم)؛ إذ أوكلت إليه مهمّة كتابة هذا الجزء من الكتاب. وكتب العديد من المواد في دائرة المعارف الإسلاميّة بطبعتيها القديمة والجديدة. ومن مؤلّفاته المهمّة الأخرى كتاب (محمّد والفتوحات الإسلاميّة). وقد ترجم من الإيطالية إلى الإنجليزية على يد (فرجينيا لولنغ وروزامند لينل) وعنها ترجمه الدكتور (عبد الجبار ناجي) إلى العربيّة. گبرييلي: محمّد والفتوحات الإسلاميّة، 13-14 (المترجم).

[43]- محمّد والفتوحات الإسلاميّة، 74-75.

[44]- ولدت في إيطاليا، ودرست في جامعة روما، وحصلت منها على شهادة الدكتوراه في آداب اللغة العربيّة عام (1915م)، وقامت بتدريس اللغة العربيّة ولهجاتها بالمعهد الشرقي في نابلي بإيطاليا ابتداءً من عام (1935م)، وتسلّمت إدارة المعهد منذ عام (1940م) حتّى وفاتها. أهمّ مؤلفاتها: كتاب (الإسلام. نابلي/ 1946م) وكتاب (مطالعات عربيّة. نابلي/ 1951م) وكتاب عن (المسلمين في سردينيا 1965م) وغيرها. الماجد: سعد عبد الله، موقف المستشرقين من الصحابة، 130.

[45]- عبد الجبار ناجي: التشيّع والاستشراق، 408- 409.

[46]- عزوزي: آليّات المنهج، 62-63.

[47]- ولدت في الدانمارك، وفيها أكملت تعليمها الأوّلي، ثم انتقلت إلى بريطانيا وأكملت دراستها الجامعيّة والعليا في جامعة لندن فحصلت منها على الدكتوراه عام (1974م) من كلّية الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة. وعملت في هذه الجامعة حتى عام (1977م)، ثم انتقلت إلى العمل في جامعة كامبردج البريطانيّة حتى عام (1997م) وفي أواخر هذا العام انتقلت إلى العمل في معهد الدراسات العليا التابع لجامعة برينستون الأميركيّة. أبرز مؤلّفاتها (تجارة مكّة وظهور الإسلام أكسفورد 1978م)، و (الهاجريّون: دراسة في المرحلة التكوينيّة للإسلام. كامبردج 1977م). ينظر كتابها (تجارة مكّة وظهور الإسلام) مقدّمة المترجمة (آمال الروبي)، 9.

[48]- كرونة: تجارة مكّة وظهور الإسلام، 37-38، 45 هامش رقم (1).

[49]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 1.

[50]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 1.

[51]- كرونة وكوك: الهاجريون، 3-4.

[52]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 5.

[53]- كلمة متأتيّة من اللفظ اللاتيني (saracenus) وهي منقولة عن الكلمة اليونانيّة (sarakenos) وتعني ساكني الخيام، ظهرت للمرّة الأولى في مؤلّفات القرن الأوّل الميلادي، وقصد بها البدو الذين كانوا يعيشون منذ أزمان طويلة على أطراف المناطق المزروعة ما بين النهرين ويهدّدون طرق التجارة أو يحمونها بتكليف من الروم أو الفرس، ويدخل في التسمية الأنباط وأهل الحيرة وتدمر. وقيل إنّ الكلمة متأتيّة من لفظة (sharqi = شرقي) .لأنّ هؤلاء البدو كانوا يعيشون في شرق الإمبراطوريّة الرومانيّة. وهناك من يعيد الكلمة إلى سارة زوجة إبراهيم (ع). وهو رأي مرفوض لأنّ العرب أولاد لهاجر أم إسماعيل (ع). والكتّاب المسيحيّون في أوروبا العصور الوسطى كانوا يسمّون العرب بالإسماعيليين، ومن عبروا للأندلس والموجودين في جنوب فرنسا وصقلية بــ (saracenus = السراسنة) على اعتبار أنّهم مخرّبين ونهّابين وسلبة. مكسيم رودنسون: الصورة العربيّة والدراسات الغربيّة الإسلاميّة، 80؛ ريتشارد سوذرن: صورة الإسلام في أوروبا في القرون الوسطى، 53-55؛ لوكمان: تاريخ الاستشراق وسياساته، 68-70.

[54]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 5.

[55]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 5.

[56]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 1.

[57]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 9-11.

[58]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 11-13. وينظر: آمنة الجبلاوي: الإسلام المبكّر الاستشراق الأنجلوسكسوني الجديد، 29.

[59]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 11-14.

[60]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 15-16.

[61]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 35-43؛ آمنة الجبلاوي: الإسلام المبكّر، 31-34.

[62]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 30-31.

[63]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 32-34.

[64]- كرونة وكوك: الهاجريّون، 40.

[65]- محمّد خليفة حسن: دراسة القرآن الكريم عند المستشرقين في ضوء علم نقد الكتاب المقدّس، 6..

[66]- آلهة وثنيّة هنديّة، يعتقد أنّه ابن الآلهة العذراء ديفاكي. وهو عندهم خالق كلّ شيء، وأصل الوجود!.البيروتي: العقائد الوثنيّة في الديانة النصرانيّة، 172. وقد عقد المؤلّف مقارنة بين عقائد الهنود بكرشنا وعقائد النصارى في المسيح، فخرج بتطابقات غطّت (15صفحة)!، 185-200.   

[67]- آلهة وثنيّة هنديّة، اعتقد أنّه ابن الآلهة العذراء مايا، وأنّها حملت به بغير مضاجعة بحلول روح القدس على العذراء مايا. فصار رحمها كالبلّور الشفّاف وظهر بوذا فيه كزهرة جميلة. البيروتي: العقائد الوثنيّة، 203. وعقد بين عقيدة الهنود به، وعقيدة النصارى في المسيح، مقاربة وتطابقات غطّت (17صفحة)، 203-220. 

[68]- شوقي أبو خليل: الإسقاط في مناهج المستشرقين، 22.

[69]- شوقي أبو خليل: الإسقاط، 22- 24.

[70]- ألفريد لويس دي بريمار (1930م- 2006م) مؤرّخ فرنسي، متخصّص في اللغة والثقافة العربيّة وتاريخ الإسلام، وأستاذ فخري بجامعة إكس أون بروفانس- مارسيليا، وباحث ومعلّم في معهد الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والإسلامي (IREMAM)، وقد قضى بريمار طفولته في المغرب، وتعلّم اللغة العربيّة ودرس آدابها في معهد الدراسات العليا المغربيّة وفي جامعة محمّد الخامس، ومنذ عام (1963م وإلى عام 1965م) تمّ الترحيب به في معهد الآباء الدومنيكان بالقاهرة. اهتمامه الأساس بالتاريخ العربي الإسلامي، وقد درس في جامعات عربيّة مثل جامعة قسنطينة (الجزائر)، والرباط (المغرب)، يهتمّ ببدايات الإسلام والسيرة النبويّة وتاريخ القرآن. أهمّ كتبه (تأسيس الإسلام بين الكتابة والتاريخ) صدر في أصله الفرنسي عام (2002م) وقد ترجم للعربيّة من قبل (عيسى محاسبي) وصدر عن دار الساقي عام (2009م). ينظر:القرآن، ومصادر التأريخ لبدايات الإسلام في الدرس الاستشراقي قراءة في كتاب (تأسيس الإسلام) لـ (بريمار) .https://tafsir.net/article

[71]- تأسيس الإسلام، 13.

[72]- تأسيس الإسلام، 14-15.

[73]- تأسيس الإسلام، 23-25.

[74]- بالإمكان تلمّس هذه الحقيقة من خلال النتف التي عوّل عليها كرونة وكوك في كتابهما، مما ألجأهما للإعلاء من قيمة الهامش على حساب المتن!.

[75]- القرآن ومصادر التأريخ لبدايات الإسلام..، https://tafsir.net/article

[76]- تأسيس الإسلام، 32-33؛39.

[77]- بريمار: تأسيس الإسلام، 33. ويمكن أن نستشفّ هذه الحقيقة من خلال الرصد التاريخي للآداب وفنون التدوين السريانيّة الذي قدّمه مار أفرام الأوّل برصوم في كتابه (اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانيّة).

[78]- مار أفرام: اللؤلؤ المنثور، 126- 132؛ 190-397.

[79]- محمّد مجيد بلال: الإسلام المبكّر في التواريخ السريانيّة،21، 26؛ جاسم صكبان العلي: التاريخ العربي والإسلامي من خلال المصادر السريانيّة والعراقيّة، 61.. وللاستزادة عن الموضوع ينظر مار أفرام الأوّل برصوم: اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانيّة، 126-132؛ 190-397؛ وكتاب الباحث  تيسير خلف: الرواية السريانيّة للفتوحات الإسلاميّة. وكتاب الباحث حسام عيتاني (الفتوحات العربيّة برواية المغلوبين). وكتاب الباحث والتر كيغي (بيزنطة والفتوحات الإسلاميّة) وكتاب الباحث محمّد مجيد بلال (الإسلام المبكّر في التواريخ السريانيّة).

[80]- فتوح البلدان، 2/ 350.

[81]- ينظر مار أفرام الأوّل برصوم: اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانيّة، 254-255.

[82]- تنظر ترجمته عند: مار أفرام: اللؤلؤ المنثور، 263-264.

[83]- تنظر ترجمته عند: مار أفرام: اللؤلؤ المنثور، 264-268.

[84]- تنظر ترجمته عند: مار أفرام: اللؤلؤ المنثور، 338-340.

[85]- مار أفرام: اللؤلؤ المنثور 394-397. وينظر: يسير خلف: الرواية السريانيّة، 16-17. وقد ترجم بعض أجزاء كتاب ميخائيل إلى العربيّة من قبل (مار غريغورس صليبيا شمعون رئيس أساقفة الموصل وتوابعها) ونشر بـ (3أجزاء) عام (1996م).

[86]- بريمار: تأسيس الإسلام، 33-34.

[87]- بريمار: تأسيس الإسلام، 37.

[88]- بريمار: تأسيس الإسلام، 37-38.

[89]- بريمار: تأسيس الإسلام، 38.

[90]- بريمار: تأسيس الإسلام، 38.

[91]- بريمار: تأسيس الإسلام، 38-41.

[92]- ينظر. الاتجاه التنقيحي وأثره على الدرس الاستشراقي المعاصر للقرآن الكريم وعلومه

https://tafsir.net/collection.

[93]- التكوين، 16/12.

[94]- بريمار: تأسيس الإسلام، 160-161.

[95]- بريمار: تأسيس الإسلام، 162-163.

[96]- رودنسون: الصورة العربيّة، 29، 30؛ جاذبيّة الإسلام، 15-16.

[97]- رودنسون: جاذبيّة الإسلام، 16. وعن المعركة ينظر: المزروع: وفاء عبد الله: جهاد المسلمين خلف جبال البرتات، 108-136.

[98]- تاريخيّة الدعوة المحمّديّة، 14.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف