البحث في...
عنوان الحوار
إسم المحاور
إسم مجري الحوار
المصدر
التاريخ
ملخص الحوار
نص الحوار
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

August / 2 / 2022  |  1293فلسفة الميديا المعاصرة تقوم على خداع اللحظة

الحوار مع :د. غلام رضا آذري
فلسفة الميديا المعاصرة تقوم على خداع اللحظة

يتناول الحوار التالي مع الباحث الإيراني الدكتور غلام رضا آذري أثر الإعلام ووسائل التواصل على نظام القيم في المجتمع الإنساني المعاصر، والمجتمع الغربي بصفةٍ خاصّةٍ. البروفسور آذري حائز على شهادة الدكتوراه في علم العلاقات الاجتماعيّة من جامعة العلوم والتحقيقات. ويشغل حاليًا منصب عضو اللّجنة العلميّة في الوحدة المركزيّة في الجامعة الحرّة بطهران، ويعمل في الوقت نفسه في حقل التعليم والبحث والتحقيق. ومن مؤلفاته: (الأسس العامة للعلاقات الاجتماعية)، و(مقدمة على أصول وقواعد العلاقات)، و(الثقافة التوصيفيّة للعلاقات والدراسات الإعلاميّة)، وغيرها. ومن بين ترجماته إلى اللغة الفارسية: (سيرة وفكر طلائع علم العلاقات)، و(التاريخ التحليلي لعلم العلاقات)، و(دراسات نقدية في علم العلاقات) وغيرها. هذا بالإضافة إلى تدريس الأبحاث العامة في حقل الثقافة والعلاقات، وله مساهمات في مختلف أنواع المؤتمرات والاجتماعات والحوارات واللقاءات العلمية في هذا الشأن.

في هذا الحوار نسعى معه إلى الخوض في بعض المسائل العامة في موضوع الإعلام والثقافة.

«المحرر»


* أمام ثورة الميديا التي اجتاحت العالم في أواخر القرن العشرينن نجدنا حيال رزمةٍ هائلةٍ من الآليات، سؤالنا بداية عن تصوّركم لماهيّة الميديا ونوع الوسائط التي تعتمدها اليوم؟

- لقد ظهر حتى الآن الكثير من التعاريف للإعلام وأنواعه وأقسامه في المعاجم والقواميس التوصيفيّة والموسوعات ودوائر المعارف والمناهج والكتب الدراسيّة وما قبل الجامعيّة. بيد أنّ التعريف البسيط الذي يمكن أن نقدّمه هنا هو: الإعلام هو كلّ ما يُنقل. فحتى أن تضع يدك على حديدة باردة أو ساخنة، يكون في ذلك مساحة من الإعلام أو مصدر إيصال المعلوم إلى اللامس، تتعلّق ببرودة أو حرارة الحديدة من الناحية الفيزيقية. بيد أنّنا عندمـا نتحدّث عن الإعلام، نعني بذلك الشيء الذي يُرى ويُسمع ويُحسّ. ويوجد هنا اختلاف بين الميديا والميديوم؛ إذ الثانية عبارة عن مجموعة وسائل إعلاميّة واحدة؛ بمعنى كلّ ما يكون قابلاً للانتقال، من قبيل: المذياع، والتلفاز، والسينما، والصحف، ووسائل الإعلام الرقمية، وشبكات التواصل الاجتماعي، وما إلى ذلك من الوسائل الأخرى. وأمّا الميديا فهي المساحة التي تشكّل معتركًا لجميع هذه الوسائل الإعلامية فيما بينها. بمعنى أنّها إمّا تهتمّ بإنتاج الخطاب بشكل عام أو تهتمّ بشكل خاص وعلى نحو الوكالة والمشاركة. وعلى هذا الأساس فإنّ فقه اللّغة أو بتعبير أفضل مجمع اللغات الذي يركز عليه العلماء في تأمّلهم، يذهب إلى الفصل بين هذين المفهومين. وعليه يجب تنقيح المفهوم الذي نتحدّث عنه وتشخيصه؛ فهل نعني بذلك وسائل الإعلام الفردية أم وسائل الإعلام العامّة؟ والوسائل الإعلامية الفردية هي من قبيل هذا المكرفون الموضوع أمامي أو منصّة الخطابة على سبيل المثال. وأحيانًا نتحدّث وسط مجموعة من الأصدقاء حول موضوع بعينه، وهنا تحدث الوسيلة الإعلامية بشكل طبيعي وتقليدي. بيد أنّي في المجموع أرى الوسيلة الإعلاميّة عبارة عن حالة أو ظرف أو شيء، بل وفي بعض الأحيان حتى الموضوع الذي ينقل معلومة من قبل المتكلّم والرسول والخطيب والرابط إلى مستقبِل الخطاب والذين يمثّلون المتلقّين الدائمين لذلك الخطاب. لماذا أستخدم مفردة (الدائم) هنا؟ في الحقيقة لدينا جانب (المؤقت) في قسم الميديوم أيضًا. بمعنى الوسائل الجزئيّة التي تحظى بالزبائن على نحو غير دائم. لنفترض مثلاً أنّ الفلم السينمائي ـ على سبيل المثال ـ له تاريخ صلاحيّة؛ حيث تنتهي صلاحية الفلم بانتهائها، وأمّا قارئ القرآن فليس له تاريخ صلاحية؛ فها نحن إلى الآن نستمع إلى تلاوات المقرئ الشيخ محمد صديق المنشاوي والمقرئ عبد الباسط عبد الصمد، حتى بعد مضي عقود طويلة على وفاتهما. وهذه الظاهرة هي من الوسائل الإعلاميّة الفردية التي حازت على التأبيد والسماوية والقداسة من خلال مجرّد امتلاك الصوت لا أكثر. ومن بين هذه الوسائل الإعلامية هناك وسائل لا يحتويها العمر والزمان والمكان، من قبيل: الكتب السماوية. ونحن نمثّل هنا بالقرآن الكريم، إذ نتحدّث عن شبكة من التيارات السماوية، حيث إنّ هذه الشبكة لم تُنسج في يوم واحد أو يومين. وإنّما أخذ نسجها فترة من الزمن والارتياض، ولكن حيث سطع النداء والخطاب من موضع آخر، يتم طرح الأبحاث التواصلية والارتباطية عبر الميديا والميتا ميديا. وفي المقابل هناك بعض الموارد التي هي بمنزلة وسائل الإعلام الدنيوية، من قبيل: الوسائل الدعائية، والماركات وما إلى ذلك. وفي هذه الموارد هناك في الغالب مدّة صلاحية تقدّر بثلاثة أشهر أو خمسة أشهر إلى سنة واحدة على سبيل المثال. وبعد انقضاء هذه المدّة لا يبقى لهذه الموارد من ذكر ولا أثر. وعلى هذا الأساس فإنّ وسائل الإعلام في حقل العلاقات الاجتماعية تلعب دور الناقل والحامل بل وحتى الحامي والمدافع عن الخطاب والرسالة والمعلومة في بعض الأحيان. ومن هنا يكون للوسيلة الإعلاميّة تعريفًا معجميًّا وثقافيًّا وموسوعيًّا. إنّ الوسائل الإعلامية هي صوتية بالإضافة إلى كونها تحريريّة وكتابيّة. وهي في عين صوتيتها تكون تصويرية أيضًا. وعلى هذا الأساس بالالتفات إلى التأثير البطيء والسريع لنوع الوسيلة الإعلاميّة في كلّ مرحلة، يكون لهذا الأثر ارتباط كامل ومتواصل ودائم ومستمر، بل وحتى جذري مع نوع الوظيفة التي يؤدّيها. وهناك بطبيعة الحال ترد في الأبحاث والتحقيقات تقسيمات تقليدية أو متعارفة؛ من قبيل: وسائل الإعلام التقليدية، أو الحديثة، أو البينية، أو التقسيم الثلاثي لـ (ماك لوهان) على مدار التراث القائم على الكلام أو بحث الكلام/ الشفهي، والتراث القائم على الارتباط المطبعي، والتراث القائم على الثقافة الإلكترونيّة وما إلى ذلك. وعلى كلّ حال فقد بلغت وسائل الإعلام في اللّحظة الراهنة مرحلة تستطيع معها أن تمتلك تأثيرات بالغة العدوى ومسرية في المجتمع. ولكن الوسيلة الإعلامية ـ على كلّ حال ـ هي كلّ ما يصلح أن يكون ناقلاً وحاملاً للمعلومة والخطاب. ولكن كل (ما يصلح) يمثّل توسيعًا للبحث عن أنواع الوسائل الإعلاميّة وماهيّتها وآليّتها ووظائفها، وما إلى ذلك. وقد تصدّت بعض وسائل الإعلام لخدمة القوى المعادية للإعلام؛ وأخذت تطمس جميع معالم الحقيقة، وهذا ما نشاهده في بعض الوسائل الإعلامية التي جعلت من التخويف من الإسلام غاية لها. ويكون التلفاز في بعض الأحيان في خدمة إيصال المعلومة والخطاب. وهنا يحدث في الحقيقة نوع من المعرفة الخاصة، ونوع من (تخدير الجماهير). وبعبارة أخرى: إنّ الوسيلة الإعلاميّة تكون في بعض الأحيان في خدمة نقل المعلومة، وفي بعض الأحيان تكون حاكمة عليها وصانعة لها أيضًا. بمعنى أنّها تعمل على تغيير اتّجاه المعلومة، وتمنح الخطاب مفهومًا مغايرًا، أو تجرّد الخطاب من محتواه، أو تنقص منه أو تزيد عليه. وبذلك فإنّها تعمل على التلاعب بالمعلومة.

* هل يمكن أن تحدد لنا الأهداف والغايات المتنوّعة للوسائل الإعلامية؟

- يمكن لوسائل الإعلام أن تكون لها أهداف قصيرة الأمد، أو متوسطة الأمد، أو طويلة الأمد. وإنّ الأهداف القصيرة الأمد أعمّ من الدستوريّة والمعياريّة. ونعني بالدستورية تلك التي تتمّ المطالبة بها من قبل مقام محدّد عبر وسيلة إعلاميّة بعينها؛ حيث يصدر إعلانًا أو تيّارًا خبريًّا أو خطابًا ورسالة معيّنة، وهذا يمثّل البُعد الحكومي. وأمّا البُعد الخاص فيمكن أن يكون ماركة أو نموذجًا أو تيّارًا صاعدًا أو آخذًا في الازدهار، ويتوقّع من بعض الناس أن تعمل على دعمه ومساندته. يمكن لهذا الاتّجاه من الناحية الزمنية والمكانية أن يكون له تأثير قصير الأمد. وفي الأهداف متوسّطة الأمد، هناك جماعتان متصارعتان. إحداهما جماعة النُّخَب، والأخرى جماعة المستنيرين. وفي هذا الشأن كنت أصل إلى مثلّث؛ حيث تقع الوسائل الإعلامية في رأس الهرم. ففي الجانب الأيمن من الضلع الأسفل يقف النُّخَب، وإلى اليسار يقف المستنيرون. إنّ وسائل الإعلام تحتاج إلى النُّخَب، بيد أنّ المستنيرين يسلكون هذا المسار بشكل معاكس، بمعنى أنّ وسائل الإعلام تحتاج إلى النُّخَب، أمّا المستنيرون فإنّهم هم الذين يحتاجون إلى وسائل الإعلام.

* يذهب مارشال ماك لوهان إلى الاعتقاد بأنّ الإعلام ليس بمنزلة الوسيلة على طول الخط، بل هو نموذج ومثال يفوق الأداة والوسيلة، ويرقى إلى مستوى الخطاب والرسالة. فما الذي يعنيه هذا الاعتقاد؟ وما هي الحساسية التي يستدعيها؟

- أجل، هذه هي العبارة الأشهر المأثورة عن ماك لوهان. وبطبيعة الحال فإنّ ماك لوهان قد قرأ الأدب، واهتمّ ببحث أدبيات إليزابيث، ولديه تعابير عن الوسيلة الإعلامية، لا نراها ـ بوصفنا من المختصّين في العلوم الاجتماعية ـ تعابير دقيقة وجديرة بالتأمّل؛ لأنّها مغرقة في التعميم وإطلاق الكليات. من ذلك على سبيل المثال أنّه في الحضارة القائمة على الارتباط الشفهي، يتم التركيز بالكامل على الكلام، حيث كان كلام الوسيلة الإعلامية يمثل غاية للناس البدائيين. في حين أنّ الكلام لم يكن وحده الذي يمثّل غاية مطمح بالنسبة إليهم، وإنّما كانت لديهم إشارات أخرى يتم إرسالها بواسطة العيون، أو الأشياء الأخرى، من قبيل: النار، والدخان، والطيور، والخيل وما إلى ذلك، حيث يعملون على إيصال رسائلهم وخطاباتهم إلى الآخرين من خلالها. إنّ الروح الكامنة في الرؤية العامة لماك لوهان، تستدعي التأمّل من هذه الناحية، وأرى أنّها تحتاج إلى حلقة حوارية مستقلة. لديّ بحث مشترك في هذا الشأن مع الدكتور عبد المجيد طاهري، وقد أشرنا فيه إلى انتقادات ابنة ماك لوهان لنظرياته. وهذا البحث يرتبط ارتباطًا مباشرًا بسؤالكم. ولكن ما هو مقدار إمكانية اعتبار هذا الشعار ـ الذي يطلقه ماك لوهان ـ منطقيًّا؟ من وجهة نظري لا أرى هذا الشعار بالغًا درجة القطعية. كأن أقول لك ـ على سبيل المثال ـ إنّ فنجان الشاي هذا يمثّل وسيلة إعلاميّة، وإنّ الشاي الذي في داخله يمثّل الرسالة التي يريد إيصالها. يمكن للشاي أن يخضع للبحث والدراسة خارج المعيار والظرف الواقع فيه. وعلى هذا الأساس يمكن للوسيلة الإعلاميّة أن لا تشتمل في ذاتها على رسالة أو خطاب، في حين يمكن أن تحتوي على خطاب الغير. وبعبارة أخرى: إنّ الوسيلة الإعلامية تكون في بعض الأحيان كذبة؛ وعليه لا تكون رسالة أو خطابًا. كما يمكن للوسيلة الإعلامية في بعض الموارد أن تعمل على الإطاحة بجيل الإنسانية؛ وعليه يمكن أن لا تشتمل في هذا المورد على خطاب أيضًا. وعليه نجد في بعض الموارد خلطًا في الأبحاث؛ إذ يتبلور نوع من الرؤية الكلية والعمومية.

* كيف يمكن لتقبّل الثقافة ـ بوصفه واحدًا من أهمّ مؤثّرات الإعلام ـ أن يُمثّل (تهديدًا للهويّة أو تحدّيًا راهناً على الصعيدين الفردي والحضاري؟).

- التأثّر الثقافي من بين المفردات المفتاحية التي ظهرت بعد مرحلة فيبر ودوركهايم وأصحاب علم الاجتماع، وخاصّة أصحاب الموسوعات ودوائر المعارف الكبرى في فرنسا، ولاحقًا في الولايات المتحدة الأميركيّة، وبعدها في ألمانيا، لتليها بعد ذلك سائر البلدان الأخرى. والبحث المحتدم في التأثر الثقافي يكمن في استيراد الثقافة بوصفها من الأركان الأصلية في الإعلام. بمعنى الثقافة التي تزدهر وتنمو في صلب الإعلام، ثم يتمّ إملاؤها على المجتمع. وجوابي عن ذلك هو الإثبات. فغالبًا ما يمكن إقامة ارتباط مباشر وفوري ومن دون واسطة مع أركان الهوية؛ لأنّ الثقافة من العناصر والأجزاء التي لا تقبل الانفصال والانفكاك عن الإعلام. لن يمكنكم العثور على وسيلة إعلامية في العالم لا تعمل على الترويج لثقافتها. وبالنظر إلى مقالة ماك لوهان من الأفضل القول: ليست كلّ وسيلة إعلامية تمثّل خطابًا، بل إنّ كلّ وسيلة إعلامية تحمل ثقافة خطابها ورسالتها على أكتافها. إنّ الذي يعيش في زامبيا، قد لا تطربه أخبار قناة الـ (CNN)، إلا أنّ قناة الـ (BBC) تؤثّر عليه جدًا. لماذا؟ لأنّ قناة الـ (BBC) تعمل منذ ما يقرب من الثمانية عقود على ثقافة الإعلام والخطاب. وبالتالي فإنّ حجم الضخّ الإعلامي ومستوى التأثير البالغ والمقدار الطويل الأمد لهذا التأثير، ولا سيما عندما تريد تمويه خطابها وإظهاره بشكل خادع، أو تروم إضفاء مسحة من الواقعية على خطابها، يكون أداؤها بالغ التأثير. حيث أضحت قناة الـ (BBC) ذات ثقافة في هذا الشأن. وعلى هذا الأساس يجب تعريف الثقافة في صلب الإعلام. إنّ التأثر الثقافي حاكم ونافذ في الإعلام بالكامل، وإن التأثّر الثقافي ذاته مرتبط بأركان الهوية على نحو مباشر وبلا واسطة، والأهم من ذلك كلّه أنّ الثقافة يمكن أن تشتمل على طبقات مختلفة، وتبعًا لنوع هذه الطبقات، يتم تحديد المخاطبين بتلك الثقافة. وعلى هذا الأساس تعرّض التأثر بالثقافة والمجتمع في عصر المعلومات إلى التغيير بواسطة الإعلام. وهناك ثلاث دوائر في هذا الشأن، وهي: (Condition)، و(Situation)، و(Position). ومن بين الدوائر الأخرى هي الشرائط والشروط أيضًا. في أيّ عصر أعيش؟ ربما كان بحث المهدوية مثالاً جيّدًا. بمعنى أنّنا إذا أردنا تحويل هذا الاعتقاد إلى ثقافة، ثم نعمل بعد ذلك على إدخالها في مجال التأثّر الثقافي، يجب أن تتظافر الكثير من العناصر والأركان والعوامل فيما بينها. من الطبيعي أن لا يكون حجم المعارف الإسلامية في جميع الحدود والمستويات قليلاً، وإن عدد الذين كانوا يمتلكون ما يُقال حول الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) طوال تاريخ الإسلام، لم يكن نادرًا. ولكنّنا بغض النظر عن ذلك نحتاج إلى موارد أخرى أيضًا. وإنّ الموقف والشروط والموقعية تحظى بأهميّة بالغة في إطار تحقق هذا المسار.

* ما المستقبل الذي تتوقّعونه للتقدّم التكنولوجي في حقل الإعلام؟ وما هي الفرَص والمخاطر التي سيأتي بها هذا المستقبل؟

- نحن نقترب من مستقبل تتعدّد فيه الوسائل الإعلامية. إنّ القوى المتعدّدة الإعلام أو المولتي ميديا تشمل وسائل إعلام عملاقة وجبارة بلحاظ الأجهزة الصلبة والمرنة. إنّ أساليب تخطيطهم ونظامهم الهندسي بالغ التقدّم والتعقيد. بحيث عندما تشاهدون محركات البحث والمواقع المختلفة، سوف ترون اختلالها في النظام التقليدي للتواصل. إنّ هذه الوسائل الإعلامية تعيق الروابط والعلاقات الإنسانية، وأضحت مصدر إزعاج وبلاء بالنسبة إلى الأسر. إنّ لمثل هذه الوسائل الإعلامية طاقةً قويّةً في تحويل العلاقات الإنسانية السليمة إلى علاقات مؤلمة وبغيضة. إنّ المجتمعات البشرية تتّجه حاليًا نحو الرقمنة بخطوات حثيثة. وإنّ هذا المناخ الجديد يحمل في طيّاته الكثير من الفرص والمخاطر. لقد أصبحت فرص نقل المعلومات كبيرة للغاية، الأمر الذي استتبع نوعًا من الحيرة لدى الأفراد. إنّ وسائل الإعلام ـ ولا سيما الحديثة منها ـ تخضع لخداع اللحظة. ولكنّنا لو تمكنّا من إدارتها، فسوف ندرك الفرَص، وسوف نتمكّن من استثمار هذه الفرَص في الحدود القصوى. ولكن لو أسلمت نفسك لها بالمرّة، فسوف تغدو عبدًا لها. وعلى هذا الأساس فإنّني الآن لست شديد الرضا عن ذلك الاعتقاد القديم الذي كان دائرًا مدار الإعلام الصلب والإعلام المرن. لقد اكتسبت الوسائل الإعلامية حاليًا ماهيّة متعدّدة، وأضحت في الوقت نفسه متنوّعة وذات أشكال مختلفة وممتعة وشديدة الجاذبية وأنيقة ومطواعة. إنّ هذا الفضاء يستلزم تأميم الإعلام من أجل الحدّ من عيوبه ونواقصه. إنّ لباولو فيريليو مطالب نافعة بشأن سرعة انتقال المعلومات. علينا في مواجهة الفرَص والمخاطر الموجودة في هذا الشأن، أن نعمل بشكل منضبط.


تعريب: حسن علي مطر الهاشمي.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف