البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

December / 7 / 2023  |  1086قاعدة اللطف في كتابات العلّامة الحِلّي دراسةٌ تحليليّةٌ نقديّةٌ

الشيخ علاء عبد علي السِّعيدي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية صيف 2023 م / 1444 هـ
قاعدة اللطف في كتابات العلّامة الحِلّي دراسةٌ تحليليّةٌ نقديّةٌ

مُلخَّص:

تؤدّي قاعدة اللطف دورًا كبيرًا لدى أكثر علماء الكلام الإماميّة في إثبات عددٍ من المسائل العقائديّة، مثل: بعث النبيّ، ونصب الإمام، وعصمتهما، كما اعتمد عليها علماء الأصول في البرهنة على حُجّيّة الإجماع، وإثبات شمول الأحكام الشرعيّة لجميع وقائع الحياة.

ويُعدّ العلّامة الحِلّي (ت ٧٢٦ هـ) من أبرز علمائنا المتأخّرين الذين تناولوا هذه القاعدة في مؤلّفاتهم؛ إذ اعتمدها في البرهنة على كثيرٍ من المسائل الكلاميّة والأصوليّة. ولهذا بحثتُ في كيفيّة تعاطيه مع هذه القاعدة، وقسّمتُ البحث على تمهيدٍ بيَّنت فيه تعريف اللطف لغةً واصطلاحًا. ومطلبٍ أوّلٍ تناولت فيه مفاد قاعدة اللطف والاعتراضات عليها. ومطلبٍ ثانٍ ذكرت فيه الأدلّة التي ساقها العلّامة الحِلّي لإثبات وجوب اللطف عقلًا، وأقسام اللطف، والمناقشة فيها. ومطلبٍ ثالثٍ عرضت فيه مصاديق قاعدة اللطف، وما يرد عليها من ملاحظات. وخاتمةٍ بأهمّ نتائج البحث.

 

الكلمات المفتاحية

{بعث الأنبياء،  علم الكلام، العلّامة الحِلّي، قاعدة اللطف}

 

Abstract ‎

 

The rule of kindness plays a major role for most Imams theologians in proving a number of doctrinal issues, such as: the resurrection of the Prophet, the monument of the Imam, and their infallibility, as relied upon by the scholars of the fundamentals to prove the authenticity of consensus, and to prove the inclusion of legal rulings for all facts of life. Allama al-Hilli (d. 726 AH) is one of our most prominent late scholars who dealt with this rule in their writings, as he relied on it to prove many theological and fundamental issues. Therefore, I researched how he dealt with this rule, and divided the research into a preamble in which I showed the definition of kindness in language and terminology.

The first requirement dealt with the meaning of the rule of kindness and objections to it. And a second demand in which I mentioned the evidence presented by the scholar Al-Hilli to prove the necessity of kindness in mind, and the sections of kindness, and discussion therein. A third requirement was presented in which the principles of kindness and the observations contained thereto were presented. And a conclusion with the most important results of the research.

Keywords: Allama al-Hilli, theology, the rule of kindness, the resurrection of prophets.

 

مقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على المبعوث رحمةً للعالمين رسوله محمٍّد، وآله الطيبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين.

تؤدّي قاعدة اللطف المتفرِّعة عن قاعدة الحسن والقبح العقليينِ ـ التي يقول بها متكلّمو العَدْليّة (الإماميّة والمعتزلة) ـ دورًا كبير الأهميّة في تقرير مباحث أصل العدل عندهم، بناءً على كون اللطف عندهم من الصفات الفعليّة التي ترجع إلى حكمة الله سبحانه وتعالى، إذ يترتّب عليها إثبات جملةٍ من أمّهات المسائل الكلاميّة والأصوليّة لدى أكثر علماء الإماميّة، فقد بنى علماء الكلام منهم استدلالهم في مسائل مثل: بعث النبي، ونصب الإمام، وعصمتهما على هذه القاعدة، كما اعتمد عليها علماء الأصول في البرهنة على مسائل من قبيل: حُجّيّة الإجماع، وإثبات شمول الأحكام الشرعيّة لجميع الوقائع الحادثة في حياة الإنسان.

وخالفهم في ذلك متكلّمو الأشاعرة، وبعض محقّقي الإماميّة الذين ذهبوا إلى كون اللطف من الصفات السمعيّة التي تقتصر على خصوص الموارد التي ثبت بدليل النقل صدور اللطف فيها من الله تعالى.

ويُعد العلّامة الحسن بن يوسف الأسدي الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) أحد أبرز علمائنا المتأخّرين الذين تناولوا هذه القاعدة في كتبهم؛ إذ أصَّل لهذه القاعدة في أكثر مصنّفاته الكلاميّة، سواء منها المفصّلات أم المختصرات، وشاد براهين كثيرٍ من المسائل الكلاميّة والأصوليّة على أساسها؛ ولهذا فقد بحثت في كيفيّة تعاطيه مع هذه القاعدة، سواء في مؤلّفاته الكلاميّة، أم الأصوليّة، عرضًا وتحليلًا ومناقشةً، معتمدًا المنهج التحليليّ النقديّ.

وقد اقتضت ضرورة البحث تقسيمه على تمهيدٍ وثلاثة مطالب وخاتمة، فوضّحت في التمهيد تعريف اللطف في اللغة والاصطلاح، وتناولت في المطلب الأوّل مفاد قاعدة اللطف وأقسامه، وذكرت الاعتراضات التي أوردها بعض علمائنا عليها، وبحثت في المطلب الثاني الأدلّة التي ساقها العلّامة الحِلّي لإثبات وجوب اللطف عقلًا، وبيّنت أقسامه، والمناقشات الواردة عليها، وعرضت في المطلب الثالث أهمّ مصاديق قاعدة اللطف، وما يرد عليها من ملاحظات، وأوجزت في الخاتمة أهمّ النتائج التي توصل إليها في البحث.

والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

التمهيد: اللطف في اللغة والاصطلاح

أولًا: اللطف في اللغة

للطف في اللغة ثلاثة معانٍ يُستعمل فيها بنحو الحقيقة؛ أوّلها: التوفيق، فإنَّ «اللُّطفُ من اللّه تعالى: التوفيق والعِصمة» [1]. وثانيها: الرفق، «يقال: لَطف به وله بالفتح يَلْطُف لُطْفًا، إذا رَفَقَ به» [2]. وثالثها: البرُّ والإكرام، فـ «اللُّطْف واللَّطَف: البِرّ والتَّكْرمة والتحَفِّي» [3].

واللطف ـ كما تقدّم ـ يُفيد في بعض دلالاته معنى التوفيق، ولكنهما يفترقان عن بعضهما في أمرين، هما:

الأوّل: إنَّ اللطف هو فعلٌ تَسهل به الطاعة على العبد، ولا يكون لطفًا إلّا مع قصد فاعله وقوع ما هو لطفٌ فيه من الخير خاصة... والتوفيق فعل ما تتّفق معه الطاعة [4].

الثاني: قد يتقدّم اللطفُ الفعلَ بأوقاتٍ يسيرةٍ يكون له معها تأثيرٌ في نفس الملطوف له، ولا يجوز أنْ يتقدّمه بأوقاتٍ كثيرةٍ بنحوٍ لا يكون له معها تأثيرٌ في نفسه. وأمّا التوفيق فهو لطفٌ يحدث قبل الطاعة بوقتٍ، فهو كالمصاحب لها في وقته... ولا يجوز أنْ يكون وقتهما واحدًا، ومن ثَمَّ فإنَّ كلّ توفيقٍ لطفٌ [5].

ثانيًا: اللطف في الاصطلاح

ذكر علماء الكلام قسمين للطف هما:

الأول: اللطف المُقرِّب، وقد عُرِّف بتعريفاتٍ عدّةٍ متقاربة المعنى، منها ما ذكره العلّامة الحِلّي في (مناهج اليقين) من أنَّه: «ما أفاد المكلَّف هبةً مقرِّبةً إلى الطاعة، ومبعِّدةً عن المعصية، ولم يكن له حظٌّ في التمكين، ولم تبلغ به الهبة حدَّ الإلجاء»[6].

وهو قريبٌ ممّا أورده في (كشف المراد) بقوله: «هو ما يكون المكلَّف معه أقرب إلى فعل الطاعة، وأبعد من فعل المعصية، ولم يكن له حظٌّ في التمكين، ولم يبلغ حدَّ الإلجاء»[7]. وقيل في توضيحه: «إنَّ قوله: (ما يكون ... فعل المعصية) جنسٌ شاملٌ للطف وغيره من القدرة والآلات، فإنَّها بأجمعها تُقرِّب إلى فعل الطاعة، وتُبعِّد عن المعصية» [8]. و»قوله: (ولم يكن له حظٌّ في التمكين) فصلٌ، خَرَّج القدرة والآلات[9] التي يتمكّن بها المكلَّف من إيقاع الفعل، فإنَّ هذه كلّها لها حظٌّ في التمكين، فبدونها لا يمكن إيقاع الفعل، في حين أنَّ وقوع الفعل بدون اللطف ممكن، ومعه يكون وقوعه أقرب»[10]، أي إنَّه قيدٌ احترازيٌّ عن دخول الآلة في التعريف؛ لأنَّ لها دخلًا في توفّر القدرة لدى المكلَّف على الامتثال، ومن ثَمَّ فإنَّ توفّرها ليس لطفًا[11]، فالمكلَّف قادرٌ على الامتثال بوجودها، وفاقدٌ للقدرة مع عدمها.

وبذلك يكون التعريف المذكور حدًّا تامًّا للطف؛ لأنَّه تعريفٌ بالجنس والفصل القريبين.

وأمّا قوله: (لم يبلغ حدّ الإلجاء) فذهب بعض الأعلام إلى أنَّه فصلٌ آخر، يخرج به ما يكون مُلجِئًا للمكلَّف إلى إيجاد الفعل [12]، ولكنه مردودٌ بأنَّ الإلجاء ينافي التكليف، فيتنافى مع اللطف [13]، فيكون زيادةً توضيحيّةً؛ لأنَّ ما يفعله الله تعالى بالمكلَّف من لطفٍ يجب ألّا يصل إلى حدِّ الإكراه أو الإجبار على امتثال التكليف؛ لما فيه من سلب حريّة الاختيار عن المكلَّف التي هي مناط التكليف، واللطف لا ينافيه [14].

ويمكن أنْ يُعترض على التعريف بأمرين، هما:

١- إنَّ قوله: (لم يكن له حظٌ في التمكين) ليس قيدًا احترازيًّا، بل قيدٌ توضيحيّ؛ لأنَّ عدم دخول التمكين في اللطف شرطٌ لمقربيّته ومبعديّته، ذلك أنَّ التكليف يتوقف على التمكين [15]، إذ من دون التمكين لا وجود للتكليف ليكون هناك موردٌ للتقريب أو التبعيد، ومن ثَمَّ يثبت أنَّه ليس فصلًا، فلا يكون التعريف بالحدّ التامّ.

٢- إنَّ التعريف غير مانعٍ من دخول الأغيار؛ فإنَّ كون اللطف يُقرَّب المكلَّف من الطاعة، أو يُبعدِّه عن المعصية، يشمل: كمال العقل، وتمام الصحة، وزيادة القوّة البدنيّة، وجمال المنظر، ووفرة المال، وكثيرًا من الأمور غيرها، مع أنَّ هذه الأمور غير مرادةٍ لهم بالتعريف.

ومهما يكن من أمرٍ، فحاصل معنى اللطف الُمقرِّب: أنَّه ترغيبٌ من المولى للعبد بفعل الطاعة، وترهيبٌ له عن ارتكاب المعصية، وذلك بعد تماميّة الحجّة عليه، ووصول الأحكام إليه، واستكماله جميع شرائط التكليف [16] العامة المتعلقة بالمكلَّف، من: البلوغ والعقل والقدرة، فهو يشمل كل أمرٍ من شأنه أنْ يُقرِّب المكلَّف من امتثال التكليف، أو يُبعِّده عن ارتكاب المعصية، سواء كان مؤمنًا أم كافرًا.

ومن ذلك يظهر مغايرة اللطف للتكليف؛ فإنَّ «اللطف أمرٌ زائد على التكليف، فهو [أي المكلَّف] من دون اللطف يتمكّن بالتكليف من أنْ يطيع أو لا يطيع، وليس كذلك التكليف؛ لأنَّ عنده يتمكّن من أنْ يطيع، وبدونه لا يتمكّن من أنْ يطيع أو لا يطيع»[17]، إذ لا موضوع للطاعة أو المعصية مع عدم التكليف، فكون أمرٍ ما لطفًا من حيث إنَّه يُقرِّب الملطوف فيه، ويرجّح وجوده على عدمه، وامتناع ترجّحه إنَّما يكون لوجود معارضٍ أقوى، وهو سوء اختيار المكلَّف، فيكون اللطف في حقّه مرجوحًا [18].

الثاني: اللطف المحصّل، ويُعرَّف بأنَّه «ما يحصل عنده الطاعة من المكلَّف على سبيل الاختيار، ولولاه لم يُطعْ، مع تمكّنه في الحالين»[19]، أي أنَّه يُعبِّر عمّا يوجِد داعيًا إضافيًّا في نفس المكلَّف لامتثال التكليف باختياره، فبوجود هذا الداعي تحصل الطاعة من المكلَّف، وتُعدم مع عدمه، فهو يتوفّر على داعي الإطاعة وإنْ لم يُطع. ويمكن التمثيل له بالمعجزة التي يُصدِّق الإنسان معها بدعوى النبوّة، والتي بوجودها يحصل منه امتثال التكاليف الشرعيّة، مع أنَّ داعي الطاعة موجودٌ عنده إذا فُرِضَ عدم وقوع المعجزة.

وظاهر تقسيم اللطف على قسمين (مقرِّبٍ ومحصِّلٍ) هو مغايرة أحدهما للآخر وإلّا لم تصحّ القسمة، ولكن بالتدقيق يثبت أنَّ النسبة بينهما هي التساوي، فكلِّ لطفٍ مقرِّب محصِّلٍ، وكذا العكس، فإنَّ الأمر الذي بوجوده تحصل الطاعة من المكلَّف، ولولاه لا تقع يكون المكلَّف معه أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد عن المعصية، وهذا ما يثبت مقرِّبيّة اللطف المحصِّل، أي إنَّ كِلا القسمين يعبران عن أمرٍ واحدٍ، غاية ما هناك أنَّ المقربيّة والمحصليّة وصفان له بلحاظين مختلفين، فبلحاظ أنَّه فعلٌ من الله يُسمّى مقرِّبًا، وبلحاظ ترتّب الطاعة عليه من المكلَّف يُسمّى محصِّلًا[20].

ولعلّ هذا ما يفسِّر اضطراب كلمات المتكلّمين في تحديد أنَّ اللطف الواجب هل هو المقرِّب أو المحصِّل؟ فقد ذكر العلّامة في شرح التجريد أنّه القسم الأول؛ إذ فسّر اللطف المقرِّب بما ذُكر في تعريف اللطف [21]، وأيضًا فقد بيَّن في شرح الياقوت أنَّ دليل وجوب الإمامة عقلًا يتمثّل في أنّها لطف؛ لأنَّها تُقرّب من الطاعة، وتُبعّد من المعصية، ويختلّ حال العبد مع عدمها [22]. ولكنّه في مناهج اليقين استدلّ على وجوب النبوّة بكونها لطفًا مقرِّبًا ذا خصوصيّةٍ تحصيليّةٍ؛ إذ قال: «إنَّها قد اشتملت على لطفٍ في التكليف العقلي والسمعي، واللطف واجبٌ لما تقدّم، فالنبوّةٌ واجبةٌ. وأمّا اشتمالها على اللطف في التكليف العقلي، فلأنّا نعلم أنَّ السّمعيّات ألطافٌ في العقليّات، فإنَّ التجربة قاضيةٌ بأنَّ الإنسان إذا كان مواظبًا على فعل الواجبات السمعيّة فإنَّه يقرِّب إلى الواجبات العقليّة، بخلاف ما إذا لم يواظب. وأمّا اشتمالها على اللطف في السمعي، فلأنَّ العلم بدوام الثواب والعقاب لطفٌ فيه، وهو لا يحصل إلّا مع البعثة»[23]، فإنَّ العبارة ظاهرةٌ في كون النبوة لطفًا مقرّبًا بالنسبة إلى الواجبات السمعيّة، أي الأحكام الشرعيّة؛ لأنَّ المكلَّف يكون مع وجودها أقرب إلى الطاعة، وأبعد من المعصية، من غير أنْ يكون لها دخلٌ في القدرة على الامتثال. كما أنَّها ظاهرةٌ في كونها لطفًا محصّلًا بالنسبة إلى الواجبات العقليّة، كما في حكم العقل بقبح قتل الأولاد، ووأد البنات، فقد لا يؤثّر هذا الحكم العقلي في ردع بعضهم إلّا إذا تزامن مع حكم الشرع، وتوعده بالعذاب الدائم على ذلك، فحكمُ الشارع – هنا – لطفٌ يقرِّب العبد من الطاعة، وهكذا الأمر في أكثر المحرّمات التي يستقلّ العقل بقبحها، فالأحكام الشرعيّة ألطاف في الأحكام العقليّة، إذ إنَّها توجب تقرُّب العبد من الطاعة، وانزجاره عن المعصية[24]، مع ملاحظة أنَّ طاعة المكلّف للتكاليف العقليّة بوجود الأحكام الشرعيّة تحصل عنده اختيارًا، ولا تحصل منه بدونه.

وهذا يؤكّد ما ذكرناه من أنَّ القسمين يُعبّران عن أمرٍ واحدٍ، وخاصّة أنَّ المعتزلة الذين حازوا قصب السبق في وضع هذه القاعدة لم يتعرّضوا إلى انقسام اللطف على هذين القسمين [25]. وأنَّ صاحب الياقوت ذكر في تعريف اللطف أنَّه «أمرٌ يفعله الله تعالى بالمكلَّف لا ضرر فيه يعلم عنده وقوع الطاعة، ولولاه لم يُطعْ»[26]، فإنَّ ذيل كلامه يُفيد أنَّ مراده من اللطف هو المحصِّل، واستدلّ على وجوب الإمامة بأنَّها «لطفٌ يُقرِّب من الطاعة، ويُبعِّد عن المعصية»[27]، وهو اللطف المقرِّب. وهذا يكشف عن أنَّه لا فرق عنده بين القسمين.

المطلب الأوّل: مفاد قاعدة اللطف

وفي ضوء ما نقلناه عن العلّامة الحِلّي يمكن تقرير مفاد قاعدة اللطف في: أنَّ العقل يحكم بوجوب أنْ يفعل الله تعالى بالمكلَّف ما يكون معه أقرب إلى فعل الطاعة، وأبعد عن ارتكاب المعصية، من غير أنْ يكون له دخلٌ في قدرة المكلَّف على فعل الطاعة، أو الامتناع عن المعصية، أو يبلغ حدَّ الإجبار على ذلك. ومعنى أنَّ اللطف واجبٌ على الله سبحانه هو: أنَّ حكمته تعالى تقتضي فعله لما يُعدُّ لطفًا، لا أنَّ أحدًا غيره أوجبه عليه [28].

وقد اُعترض على ذلك بأمور:

١- هل أنَّ المراد بوجوب اللطف عليه سبحانه: ما هو لطفٌ في الواقع؟ أو أنَّ المراد: ما هو كذلك بحسب علمنا، سواء طابق الواقع، أم لا؟ فإنْ كان الأول فنُسلِّم وجوبه، ولكن نقول: من أين يُعلم أنَّ ما يُراد إثباته بهذه القاعدة هو اللطف الواقعي المطابق لعلمه سبحانه؟ وكيف السبيل إلى علمنا به؟ والحال أنَّ كلَّ ما يُذكر لبيانه راجع إلى علمنا بكونه لطفًا. وإنْ كان الثاني ـ أي وجوب ما هو لطفٌ بحسب علمناـ فنقول: ما هو الدليل على وجوب ذلك على الله سبحانه؟ [29] وإذ لا دليل عليه، فلا يثبت وجوبه عليه تعالى.

٢- إنّنا نرى في بعض الأفعال ما نقطع بكونه لطفًا، ومع ذلك لم يقع، كظهور الإمام (عليه السلام)، فإنا نقطع بكونه لطفًا، ولا نرى فرقًا بين ظهوره في هذه الأيام وبين ظهوره بعد ذلك، بل لا نرى فرقًا بين ظهوره وظهور الإمام الحادي عشر (عليه السلام) في زمانه، وكذا بعث النبي، بل حصول بعض الأمور الرادعة عن المعاصي المُرغِّبة إلى الطاعات لكُمَّل المكلَّفين، كبعض المنامات، أو استجابة بعض الدعوات، ونحو ذلك، ومع ذلك لم تقع، مع أنَّها قد تقع لبعضهم، فأيِّ فرقٍ بينهم؟! إذ كيف نستطيع أنْ نُدرك أنَّ إراءة البرهان ـ بأيِّ معنى فُسِّر ـ لطفٌ بالنسبة إلى النبي يوسف (عليه السلام)، وليست لطفًا لأمثالنا؟ فإنْ استند عدم وقوع ما لم يقع إلى المانع غير المعلوم بالنسبة إلينا، فلِمَ لا يكون الأمر في سائر الموارد كذلك أيضًا؟ [30].

٣- إنْ كان المراد من اللطف هو وجوب إيجاد شرائط التكليف في المكلَّف التي تتم بها الحُجّة عليه، ولا يصح تكليفه بدونها، فيكفي في تحقّق وجوبه أدلّة ثبوت التكليف. وإنْ كان المراد غيره، فوجوب ذلك عليه تعالى غير مسلَّمٍ، بعد هدايته جميع البشر بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وجوب طاعة المولى، وهو المسمى بإراءة الطريق الذي تكفَّل به الله تعالى بقوله سبحانه: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ﴾ [31]، وهو فضلٌ زائدٌ منه (جلَّ وعلا) خصَّ به بعض عباده من غير وجوبٍ عليه، فضلًا عن اللطف الزائد على ذلك [32].

٤- إنَّ معنى اللطف المُدّعى وجوبه إنْ كان إيجاد كلّ ما يوجب رغبة العباد في الطاعة، لزم القول بوجوب تخصيص المطيع بكلّ ما يستجلب رغبة الناس في الطاعة، ويقرّبهم منها، من محسنات الخلقة، كصباحة المنظر، والسعة، والدعة، والعافية، وطول العمر. وهذا واضح الفساد، لاستلزامه نسبة القبيح - وهو الإخلال بالواجب - إليه تعالى، وذلك لما يشاهد من اشتراك المطيع والعاصي في النعم والنقم [33].

٥- إنَّ جملة من الآيات الشريفة تدلّ على اختصاص ألطافه تعالى بطائفةٍ خاصّةٍ، وخذلان طائفةٍ أخرى، ومنع توفيقاته عنهم، والتخلية بينهم وبين ما يشتهون، فقوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾[34] يدلّ على نفي اللطف في حقّ الكفار والمعاندين، كما أنَّ قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾[35] يدلّ على اختصاص الهداية الزائدة بالمؤمنين والمهتدين[36].

ومن مجموع ما تقدّم آنفًا يثبت عدم كلِّيّة مفاد قاعدة وجوب اللطف على الله تعالى، وإنَّ غاية ما يمكن أنْ يقال: إنَّ قاعدة اللطف لا تفيد أكثر من كونه إغراءً زائدًا من المولى سبحانه للمكلَّف يدعوه إلى الإتيان بالواجبات، وتحذيرًا إضافيًّا له يُبعده عن ارتكاب المحرَّمات، بعد إراءة الطريق، وثبوت التكليف، وهذا المقدار لا دليل على وجوبه، بل هو فضلٌ زائدٌ منه سبحانه تعالى، يختصّ به مَنْ يشاء من عباده، ويمنعه عمَّنْ يشاء.

المطلب الثاني: أدلّة وجوب اللطف وأقسامه

أوّلًا: أدلّة وجوب اللطف

استدلّ العلّامة الحِلّي على وجوب اللطف بوجوهٍ عدّة:

الأوّل: لو لم يكن اللطف واجبًا لكان الله تعالى ناقضًا لغرضه. والتالي باطلٌ، فالمُقدَّم مثله. بيان الشرطيّة: إنَّ الله تعالى إذا علم أنَّ المكلَّف لا يختار الطاعة، ولا يكون أقرب إليها إلّا عند فعلٍ يفعله، فإنّه يجب عليه فعله، إذ لو لم يفعله لكان ناقضًا لغرضه، ونقض الغرض نقصٌ، تعالى الله عنه [37].

ومَثَّلَ لذلك بمَنْ دعا غيره إلى طعامٍ وأراد منه تناوله، وعُلِم أنَّه لا يستجيب لذلك إلّا بفعلٍ يفعله الداعي من سياسةٍ أو تأدّب. فإنَّه متى لم يفعل ذلك كان ناقضًا لغرضه، مبطلًا لمراده، وجاريًا مجرى منعه من التناول. وكذلك التكليف، فإذا علم الله تعالى أنَّه مع فعل اللطف يكون العبد أدعى إلى ما كُلِّف به، ومع تركه يكون أقرب من الامتناع، فإذا لم يفعله كان ناقضًا لغرضه، وهو محالٌ [38].

ويُلحظ على المقدَّم ـ وهو أنَّ اللطف يوجب تحصيل غرض المولى ـ الأمور الآتية:

١- إنَّ الدليل ظاهرٌ في ثبوت الملازمة بين فعل المولى للطف وبين حصول الطاعة من المكلَّف، والحال أنَّه لا ملازمة بينهما، فقد يُطيع المكلَّف من غير لطفٍ، وقد يفعل الله اللطف ولكن المكلَّف لا يُطيع؛ لأنَّه يُشترط في اللطف عدم حصول الإلجاء.

٢- إنَّ الملازمة بين منع اللطف وبين نقض الغرض غير مسلَّمة؛ لأنَّ الغرض متحقّقٌ حتى من دون اللطف، وذلك بإتمام الحُجّة على العبد بعد تحقّق جميع شرائط التكليف فيه [39].

٣- إنَّ المقدَّم لو كان تامًّا «لتمَّ في خصوص مَنْ يعلم الله امتثاله للتكليف المتوجّه إليه بعد فعل اللطف، وأمّا في حقّ مَنْ يمتثل التكليف ويطيع الله ولو من غير اللطف المذكور، أو في حقّ من لا يمتثل أمره ونهيه تعالى وإنْ فُعِلَ به ألطافٌ ... فلا يتم أصلًا» [40].

٤- «إنَّ الغرض من التكليف لا يحصل إلّا إذا كان المكلَّف مختارًا، فالذي تحتاج إليه حُجّيّة التكليف، وبه يحصل غرض المكلِّف هو تمكين المكلَّف وإعلامه ليتمكّن من الامتثال، ولا يعتبر أزيد من ذلك شيء أصلًا. وعليه فلو لم يفعل المكلِّف لطفًا بالمكلَّف، وترك الامتثال لكان عاصيًا مستحقًّا للعقاب، ولا يكون المكلِّف ناقضًا لغرضه؛ فإنَّ غرضه لم يتعلّق بفعل الطاعة من المكلَّف كيفما اتفق، وإلّا لوقع الفعل جبرًا، بل الغرض هو إتيان المأمور به اختيارًا، وهذا النحو من الغرض لا يتوقف على فعل اللطف لتحقّقه بمجرد تمكّن العبد» [41].

٥- إذا غضضنا النظر عمّا تقدم، وسلَّمنا صحة المقدَّم فهو يُثبت الملازمة بين اللطف وحصول الطاعة، واللطف الذي لولاه لا تقع الطاعة هو المحصِّل بحسب التقسيم المشهور عند المتكلّمين، والمفروض إثبات وجوب اللطف المقرِّب؛ لأنَّه المراد بقاعدة وجوب اللطف عند القائلين بها من متكلِّمي الإماميّة.

الثاني: «إنَّ ترك اللطف مفسدةٌ، فيكون فعله واجبًا. أمّا أنَّه مفسدةٌ فلأنَّ ترك اللطف لطفٌ في ترك الطاعة، واللطف في المفسدة مفسدةٌ» [42]، فبترك اللطف يكون المكلَّف أقرب إلى ترك الطاعة، وتركها مفسدةٌ، وإثبات المفسدة لله تعالى محالٌ عقلًا؛ لأنَّ فعل المفسدة قبيحٌ، والله تعالى لا يفعل القبيح [43].

وهذا الدليل يتركّب من مقدّمتين: صغرى وكبرى، أمّا الصغرى فهي: إنَّ ترك اللطف مفسدةٌ قبيحةٌ، وأمّا الكبرى فهي: استحالة صدور القبيح من الله تعالى، فينتج: استحالة ترك الله للطف، وهذا يساوق وجوبه.

ويُلحظ على تماميّة الصغرى الأمور الثلاثة الآتية:

١- إنّ ترك اللطف أمرٌ عدميٌ، وإرادة الله تعالى لا تتعلّق بالأعدام [44].

ويجاب عنه بأنَّ الأعدام على نحوين، أحدهما: ممتنع الوجود، والآخر: ممكن الوجود، وما لا تتعلّق به إرادة البارئ تعالى هو الأوّل دون الثاني؛ لأنّ حقيقة الإرادة هي الإيجاد والفعل، وممتنع الوجود لا يقبل بذاته الخروج من العدم إلى الوجود. في حين أنَّ المعدوم الممكن الوجود يقبل ذلك.

٢- «عدم تماميّة القاعدة في نفسها، إذ لا يجب اللطف عليه تعالى، بحيث يكون تركه قبيحًا يستحيل صدوره منه سبحانه، بل كلّ ما يصدر منه تعالى مجرد فضلٍ ورحمةٍ على عباده» [45].

٣- إمكان افتراق المحمول (مفسدة) عن الموضوع (ترك اللطف) في بعض الموارد، إذ قد يترك الله فعل اللطف من دون أنْ يترتّب على ذلك وقوع المفسدة من المكلَّف؛ وذلك لأنَّ سلب اللطف لا يقتضي سلب الاختيار، والمكلَّف بعد تماميّة الحُجّة عليه، ووصول الأحكام إليه قد يختار الانقياد للشريعة، وفعل الطاعة، وإنْ لم يكن هناك لطفٌ زائدٌ عنهما.

الثالث: إنَّ «القدرة على اللطف ثابتةٌ والداعي موجودٌ؛ لأنَّ الداعي إلى الفعل يكون داعيًا إلى ما لا يتمّ الفعل إلّا به، ومتى اجتمعت القدرة والداعي وجب الفعل» [46].

وهذا الدليل يُعبر عن قياسٍ اقترانيّ حمليّ، صغراه: إنَّ القدرة على إيجاد اللطف والداعي إليه موجودان، وكبراه: كلَّما وجدت القدرة والداعي وجِد اللطف، فينتج: وجوب وجود اللطف [47].

ويَرد عليه أمران:

١- إنَّ مجرد وجود الداعي إلى اللطف لا يستلزم حصوله، وإلّا لكان الله تعالى فاعلًا موجبًا لا مختارًا، إذ يكون تعالى مجبرًا على فعل اللطف، وهو باطلٌ.

٢- وبغض النظر عمّا تقدم، فإنَّ هذا الدليل يُثبت وجوب اللطف المحصِّل؛ لأنَّ ما لا يتمّ الفعل (الطاعة) إلّا به هو المحصِّل، والمفترض أنَّ الدليل يُثبت وجوب اللطف المقرِّب؛ لأنَّه الواجب عند القائلين بالقاعدة من الإماميّة.

ثانيًا: أقسام اللطف

قسَّم العلّامة الحِلّي اللطف من حيث فاعله على ثلاثة أقسام تبعًا لأكثر متكلّمي الإماميّة، وهي:

١- أنْ يكون من فعل الله تعالى، فهذا يجب على الله تعالى فعله، لما تقدّم في أدلّة وجوب اللطف [48]، كنصب الأدلّة، وإرسال الرسل، وخلق المعجزات [49].

٢- أنْ يكون من فعل المكلَّف نفسه، فيجب على الله تعالى أن يعرَّفه إيّاه، ويوجبه عليه [50]، وإلّا كان ناقضًا لغرضه، فإنْ فعله المكلَّف فقد حصَّل الغرض، وإلّا كان هو ـــ أي المكلَّف ــــ السبب في اختلال تحقّقه، وذلك كمتابعة الرسل والأئمّة %، والنظر في أدلّتهم [51].

٣- أنْ يكون من فعل شخصٍ آخر غيرهما، فلا يجوز أنْ يكلِّف الله هذا المكلَّف بفعلٍ يتوقّف على ذلك اللطف إلّا إذا عَلِمَ أنّ ذلك الغير يفعله قطعًا [52]، ولو عَلِمَ الله أنّ الغير لا يفعل اللطف، ثم كلَّف المكلَّف بالفعل لكان مناقضًا لغرضه [53].

ويجب في هذا القسم من اللطف توفّر أمرين، هما:

أولّهما: إيجاب ذلك اللطف على الغير، وإلّا جاز للمكلَّف تركه، فلا يحصل الغرض، كتبليغ الرسالة، وأداء الشريعة.

ثانيهما: يجب أنْ يحصل الغير على فائدةٍ مقابل قيامه باللطف، إذ تكليف شخصٍ بما فيه مصلحة غيره قبيحٌ، تعالى الله عنه [54].

ويَرد على القسم الأول ما تقدّم من ملاحظ على أدلّة وجوب اللطف على الله تعالى، والتي تَبيَّن منها عدم وجوب شيء عليه تعالى غير الهداية العامّة للمكلَّفين التي تعبِّر عن الفطرة المركوزة في نفوسهم، وإراءة الطريق بإرسال الرسل %، وإنزال الشرائع، ونصب الأئمّة %.

ويَرد على القسم الثاني أنَّه لم يظهر وجهُ عدِّ هذا القسم من فعل المكلَّف نفسه، والحال أنَّ اللطف ــــ على تقدير وجوبه ــــ يصدر عن الله تعالى، فهو الذي يعرّفه للمكلَّف، ويوجبه عليه، غاية ما هناك أنَّ المكلَّف هو محلّ تحقّقه، مع أنَّ هذا جارٍ في جميع الأقسام، فقد نسب الله تعالى هداية الإنسان إلى طريق الحقّ إلى نفسه في قوله تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [55].

ويَرد على القسم الثالث ـ مضافًا إلى ما تقدم في القسم الثاني ـ بأنَّه إنْ كان المراد من هذا الغير هو فردٌ من عامّة المكلَّفين، فلم يثبت وجوب أمرٍ على المكلَّف زائدٍ عن التكاليف الثابتة بحقّه في أصل الشريعة. وإنْ كان المراد منه أحد الرسل أو الأئمّة %، فلا دليل على وجوب ما هو أزيد من الإنذار بالنسبة إلى الرسل %، أو الهداية بالنسبة إلى الأئمّة %، وهذا تكليفهم نفسه الذي فرض الله تعالى عليهم القيام به تجاه عامّة المكلَّفين، بحيث إنَّهم لو أرادوا الهدى لاهتدوا، ولا يجب عليهم أنْ يقوموا بإعلام كلِّ فردٍ فردٍ من المكلَّفين بما أنيط بهم تبليغه، ليحقّقوا بذلك اللطف المختصّ بذلك الفرد بما يقرِّبه من الطاعة ويبعِّده عن المعصية.

ويلحظ على خصوص الأمر الثاني منه بأنَّ تكليف شخصٍ بما فيه مصلحة غيره من دون وجود مصلحةٍ له ليس قبيحًا لا عقلًا ولا عقلائيًّا، ومن ثَمَّ حَسُنَ في الشريعة الندب إلى الإيثار، ومدح فاعله، كما في قوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [56].

المطلب الثالث: تطبيقات قاعدة اللطف

اعتمد متكلمو الإماميّة - ومنهم العلّامة الحِلّي - قاعدة اللطف في الاستدلال على جملةٍ من القضايا العقائديّة، والمسائل الأصوليّة، سيعترض البحث لأهمّها فيما يأتي:

أولًا: بعث الأنبياء

ذكر العلّامة الحلّي تقريبين للاستدلال على الوجوب العقلي لبعث الأنبياء، هما:

أ- التقريب الأوّل: وله صياغتان:

الصياغة الأولى: صياغة قياس اقتراني حملي، ذلك «أنَّ التكاليف السمعيّة ألطافٌ في التكاليف العقليّة، واللطف واجبٌ، فالتكليف السمعيّ واجبٌ. ولا يمكن معرفته إلّا من جهة النبيّ، فيكون وجود النبيّ واجبًا؛ لأنَّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجبٌ» [57]. وأما اشتمال النبوّة على اللطف في التكاليف السمعيّة؛ فلأن العلم بدوام الثواب والعقاب لطفٌ فيه، وهو لا يحصل إلّا مع البعثة [58].

ويتألّف هذا الاستدلال من قياسين؛ الأوّل: مبنيٌّ على قاعدة اللطف، وهو ظاهرٌ صغرى وكبرى ونتيجة. وأمّا الثاني: فصغراه: بعث النبي مقدّمةٌ لمعرفة التكليف السمعي الواجب، وكبراه: وجوب مقدّمة الواجب، فينتج: وجوب بعث النبي. ويتمثّل دليل صغرى القياس الأوّل ــــ وهي: إنَّ التكليف السمعي لطفٌ في التكليف العقلي ــــ في «أنَّ الإنسان إذا كان مواظبًا على فعل الواجبات السمعيّة وترك المناهي الشرعيّة كان من فعل الواجبات العقليّة والانتهاء عن المناهي العقليّة أقرب [59]، ذلك أنَّنا «نعلم ضرورةً أنَّ الإنسان إذا واظب على فعل الصلاة والصوم ــــ مثلًا ــــ دعاه ذلك إلى العلم بالله تعالى وصفاته، ليعلم أنَّ العبادة هل هي لائقةٌ به، أم لا؟» [60].

ولكنها لا تخلو من إشكالٍ من جهة عدم الملازمة بين المواظبة على امتثال التكاليف الشرعيّة وبين المقرِّبيّة من امتثال الأحكام العقليّة؛ إذ قد يوجد الطرف الأول للملازمة دون أنْ يستتبع الطرف الثاني، فقد يواظب المكلَّف على الصلاة والصوم والحج وسائر أحكام الشرع، وهو بعيد عن أبسط الحقائق العقليّة المتعلّقة بذات الباري وصفاته سبحانه، كما في حشويّة أهل الحديث الذين لم تزدهم كثرة عبادتهم معرفةً بالله تعالى، وأنَّه منزّهٌ عن الجسم والمكان والانتقال ولوازمها، فتراهم يثبتون كلَّ ذلك له تعالى.

الصياغة الثانية: صياغة قياسٍ استثنائيّ شرطيّ متّصلٍ، وهي: «إنْ وجبت التكاليف السمعيّة وجبت البعثة، لكن المقدَّم حقّ، فالتالي مثله. أمّا حقيّة المقدَّم: فلأنَّ التكاليف السمعيّة ألطافٌ في التكاليف العقليّة، أي مقرِّبةٌ إليها) [61]، والوجه في «أنَّه كلما كانت التكاليف السمعيّة واجبةٌ كانت البعثة واجبةٌ؛ فلأنَّ العلم بها ــــ أي بالتكاليف السمعية ــــ إنَّما هو من جهة الرسول المسبوق ببعثه، فإذن تتوقّف على البعثة، وما يتوقّف عليه الواجب أولى بأنَّ يكون واجبًا، فإنَّه لو لم يكن واجبًا لجاز زواله، فيزول المتوقَّف عليه البتة، وحينئذٍ لا يكون واجبًا، وقد كان كذلك، هذا خُلفٌ، فيجب وجوب البعثة، وهو المطلوب»[62].

وتُناقش تماميّة المقدَّم بأمرين، هما:

١- إنَّ وجوب التكاليف السمعيّة على المكلَّف حكمٌ عقليٌّ متأخّرٌ عنها، فلابدّ أوّلًا من ثبوت هذه التكاليف، ثم في رتبةٍ لاحقةٍ يُحكم العقل بوجوب امتثالها. والطريق إلى معرفة التكاليف السمعيّة منحصرٌ بتعريف النبيّ. وعليه فيجب في الرتبة السابقة بعث النبي الذي يقوم بتبليغ التكاليف السمعيّة، ثم يأتي حكم العقل بوجوب امتثالها.

 ٢- إنَّه بعد بعث النبيّ المبلِّغ للتكاليف السمعيّة يمكن أنْ تتحقّق الطاعة من المكلَّف أو لا تتحقّق، وإذا كان كذلك كان لبعث النبي حظٌّ في تمكين المكلَّف من الطاعة، وما له حظٌّ في التمكين ليس لطفًا بحسب التعريف.

لا يقال: إنَّ العقل يُدرك هذه التكاليف، والشرع مرشدٌ إليها، ومؤيدٌ لحكم العقل؛ لأنَّه يُجاب عنه: بعدم إمكان استقلال العقل بإدراك هذه التكاليف؛ لأنَّها من الأمور الاعتباريّة التي تتوقَّف على اعتبار المعتبِر بناءً على ما يُدركه من المصالح والمفاسد.

ب- التقريب الثاني: ويكون بصيغة قياسٍ استثنائيّ شَرطيّ متّصل، وهو (إنْ تحقّقت القدرة والداعي وجبت البعثة، لكن المقدَّم حقٌ، فالتالي مثله. أمّا الشرطيّة فظاهرة. وأمّا صدق المقدَّم، أمّا القدرة فظاهرٌ، وأمّا الداعي؛ فلأنَّها قد اشتملت على وجه مصلحةٍ، وانتفت عنها المفاسد. أمّا أوّلًا فبالفرض، وأمّا ثانيًا فلأنَّ وجوه المفاسد محصورةٌ عندنا، وليس شيءٌ منها ثابتًا هاهنا» [63].

ويُردّ عليه بما تقدّم في ردِّ الدليل الثالث من أدلّة وجوب اللطف، وحاصله هنا: إنَّ وجود الداعي إلى بعث النبي لا يستلزم تحقّق البعثة، وإلّا كان الله تعالى فاعلًا موجبًا لا مختارًا، وهو باطلٌ. هذا مضافًا إلى ما تقدَّم من مناقشةٍ في كبرى قاعدة وجوب اللطف على الله تعالى، إذ تبرهن عدم تماميّة جميع أدلّتها.

فثبت من مجموع ما ذكرناه أنَّ الاستدلال على وجوب بعث النبي بقاعدة وجوب اللطف غير تامّ.

ثانيًا: نصب الأئمّة

استدلّ العلّامة الحِلّي على وجوب نصب الأئمّة عقلًا بقاعدة اللطف، بتقريب: إنَّ الإمام لطفٌ، واللطف واجبٌ. أمّا الصغرى فمعلومة للعقلاء؛ إذ العلم الضروري حاصلٌ بأنَّه إذا كان للناس رئيسٌ مرشدٌ مطاعٌ، ينتقم من الظالم، وينتصف للمظلوم منه، وكان حاملًا لهم على القواعد العقليّة والوظائف الدنيويّة، مدبّرًا لهم أمر المعاش، ويمنعهم عن التغالب والتهاوش، ويصدّهم عن المعاصي، ويعدهم ويحثّهم على فعل الطاعات، ويبعثهم على التناصف والتعادل، كانوا إلى الصلاح أقرب، ومن الفساد أبعد، وهذا أمرٌ ضروريٌّ لا يشكّ فيه أحدٌ من العقلاء [64]، وأمّا عند خلوِّهم من مثل هذا الرئيس فيكونون أبعد من الصلاح، وأقرب إلى الفساد. وأمّا كبرى وجوب اللطف فقد تقدَّم الاستدلال عليها [65]. وليس معنى وجوب نصب الإمام على الله تعالى أنَّ أحدًا أوجب عليه ذلك، بل إنَّها مقتضى حكمته [66].

ويُجاب عن صغرى هذا الدليل بأنَّ حاجة الأمّة إلى الإمام تظهر في جانبين، هما:

الجانب السياسيّ: إذ يُعبّر الإمام عن حاجةٍ ضروريّةٍ للعقلاء في المجتمع الإنساني إلى وجود رئيسٍ يتولّى سياستهم وتدبير أمورهم بما يعود عليهم بالمصلحة، ويدفع عنهم المفسدة. وبهذا المقدار لا يرى العقلاء ضرورة أنْ يبلغ الرئيس غاية الكمال في ذلك، إذ يكفي في نظرهم أن يترأّس من يتحقّق به الحدّ الأدنى من هذا الغرض، وإلى هذا المعنى أشار الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: »لابدّ للناس من أميرٍ برٍّ أو فاجرٍ، يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ فيها الأجل، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي« [67].

وهذا الجانب هو ما ذكره العلّامة وسائر متكلِّمي الإماميّة في سياق استدلالهم على وجوب نصب الإمام بقاعدة اللطف، ولا دليل على كونه لطفًا؛ لعدم توقّف تحقّق الغرض في هذا الجانب على نصب الله تعالى إمامًا، إذ يمكن أنْ يتحقّق الغرض باختيار العقلاء إمامًا بأنفسهم.

الجانب الدينيّ: إنّ الإمام هو رأس السلطة الدينيّة في الأمّة، إذ تقع عليه مسؤوليّة تبليغ الأحكام الشرعيّة وتبيينها للمكلَّفين، ومن ثَمَّ لا يكون نصب الإمام لطفًا؛ لإنَّ الإمام هو المبلِّغ للتكاليف التي بوجودها يمكن أنْ تتحقّق الطاعة من المكلَّف أو لا تتحقّق، وبعدمها لا يمكن أنْ تتحقّق، وبذلك يكون لنصب الإمام حظٌّ في تمكين المكلَّف من الطاعة، وما له حظٌّ في التمكين ليس لطفًا بحسب التعريف.

وأما كبرى قاعدة وجوب اللطف على الله تعالى فقد تقدَّمت البرهنة على عدم تماميّة أدلّتها.

ثالثًا: عصمة الأنبياء

عدَّ العلّامة العصمة من مصاديق اللطف في أكثر كتبه الكلاميّة، فقال: «العصمة: لطفٌ يفعله الله تعالى بالمكلَّف لا يكون له معه داعٍ إلى ترك الطاعة وفعل المعصية، مع إمكان وجوده»[68]، أي وجود ذلك الداعي عنده، وهو رغم ذلك لم يستدلّ على تحقّقها في النبيّ أو الإمام بكبرى وجوب اللطف على الله تعالى كما فعل في مسألة بعث النبي، أو نصب الإمام، مع أنَّ المفترض ذلك، وإنَّما عمد إلى إقامة عدَّة أدلّة عقليّة على وجوبها، ولا يبعد أنّ سبب ذلك يرجع إلى تردّده في كونها لطفًا، ولعلّه لذلك لم يذكر في (كشف المراد) أنَّها لطفٌ[69].

ويلحظ على ذلك بأنَّه لم يوضّح وجه كون العصمة لطفًا، ولا كيفيّة تأثير العصمة في انعدام الداعي إلى ترك الطاعة وفعل المعصية؟ فإنْ كان مراده أنَّ العصمة مستفادة من الأدلة الشرعيّة التي تفيد أنَّ الله تعالى عصمهم عن الذنوب، كما في قوله تعالى: ﴿إِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾[70]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[71]، فهذا لا كلام فيه، إذ لا إشكال في إمكان أنْ يتلّطف تعالى بخاصّة خلقه ببرٍ وتكرمةٍ زائدين على ما يفيضه على عامّة الخلق. وإنْ كان مراده أنَّها مصداقٌ لقاعدة اللطف التي استدلّ على وجوبها بدليل العقل، فقد تقدّم عدم تماميّة كبرى وجوب اللطف.

رابعًا: الإجماع

استدلّ العلّامة على حُجّيّة الإجماع بقاعدة اللطف، فإنَّه بعد أنْ عرَّفه بقوله: «اتّفاق الأمّة والمؤمنين والعلماء، فيما يراعى فيه إجماعهم»[72]، ذكر أنَّه يشترط في حجّيّته دخول قول الإمام المعصوم (عليه السلام) في الاتّفاق؛ لأنَّه سيّد المؤمنين والأمّة والعلماء، فعنوان الإجماع يشمله، ولا ينعقد من دونه، إذ كلّ ما يقوله المعصوم (عليه السلام) حجةٌ وصوابٌ وحقٌّ [73]، وعليه فلا اعتبار للإجماع بما هو إجماعٌ إذا لم يكن مشتملًا على قول المعصوم (عليه السلام).

والدليل على ذلك «أنَّ زمان التكليف لا يخلو عن إمامٍ معصومٍ، فيكون الإجماع حُجّةً. أمّا الأولى فلأنَّ كلَّ زمانٍ لا يخلو من إمامٍ، لأنَّه لطفٌ ... واللطف واجبٌ ... وأيضًا لو لم يجب فعل اللطف من المكلِّف لم يقبح منه فعل المفسدة؛ لعدم الفرق بين فعلٍ يختار المكلَّف عنده القبيح وبين ترك ما يخلُّ المكلَّف عنده بالواجب، فثبت أنَّ اللطف واجبٌ، وأنَّه لابد في كلِّ زمان تكليفٍ من إمامٍ»[74].

وهذا النحو من تصوير الإجماع يُصطلح عليه بـ (الإجماع الدخولي)؛ لأنّ المناط فيه دخول المعصوم (عليه السلام) في زمرة المُجْمعينَ، فإذا كان قوله موجودًا ضمن أقوالهم كان الإجماع حُجّةً، وإلّا فلا، بغض النظر عن تحقّق الكثرة في هذا الجانب أو ذاك.

ويمكن أنْ يناقش فيه بأمورٍ، هي:

١- «عدم تماميّة القاعدة في نفسها، إذ لا يجب اللطف عليه تعالى بحيث يكون تركه قبيحًا يستحيل صدوره منه سبحانه، بل كلّ ما يصدر منه تعالى مجرد فضلٍ ورحمةٍ على عباده»[75].

٢- «إنَّ قاعدة اللطف على تقدير تسليمها لا تقتضي إلّا تبليغ الأحكام على النحو المتعارف، وقد بلّغها الأئمة % للرواة المعاصرين لهم، فلو لم تصل إلى الطبقة اللاحقة لمانعٍ من قبل المكلَّفين أنفسهم ليس على الإمام (عليه السلام) إيصالها إليهم بطريقٍ غير عادي، إذ قاعدة اللطف لا تقتضي ذلك، وإلّا كان قول فقيهٍ واحدٍ كاشفًا عن قول المعصوم (عليه السلام) إذا فُرض انحصار العالم به في زمانٍ، وهذا واضح الفساد»[76].

٣- ما تقدّم من أنَّ للإمامة دخلًا في تمكّن المكلَّف من الامتثال؛ لأنّ الإمام (عليه السلام) إذا بَلَّغ التكليف الشرعي فدخل قوله في أقوال المُجمعينَ وتحقّق الإجماع يكون المكلَّف قادرًا على امتثال التكليف، وإذا فُرض عدم تبليغه لها فلا يتحقّق الإجماع، ولا يكون المكلَّف قادرًا على الامتثال، وما له دخلٌ في التمكين ليس لطفًا.

 

الخاتمة:

توصّل البحث إلى جملةٍ من النتائج، يمكن إجمال أهمّها في الآتي:

١- إنَّ التعريف الذي اعتمده العلّامة الحِلّي للطف ليس تعريفًا بالحدّ التام؛ لأنَّ الفصل المأخوذ فيه ليس فصلًا قريبًا. مضافًا إلى أنَّ التعريف غير مانعٍ من دخول الأغيار.

٢- لم يظهر وجهٌ لتقسيم العلّامة الحِلّي اللطفَ إلى مُقرِّبٍ ومُحصِّل؛ لعدم المغايرة بينهما، إذ كِلا القسمين يعبّران عن أمرٍ واحدٍ، ولكن بلحاظين مختلفين، فبلحاظ أنَّه فعلٌ من الله يسمّى مُقرِّبًا، وبلحاظ ترتّب الطاعة عليه يسمّى محصِّلًا.

٣- عدم كلِّية مفاد قاعدة وجوب اللطف على الله تعالى؛ إذ هي ليست سوى إغراءٍ زائدٍ للمكلَّف يدعوه إلى الإتيان بالواجبات، وتحذيرٍ إضافيٍ له يُبعده عن ارتكاب المحرّمات، بعد إراءة الطريق، وثبوت التكليف، فهو فضلٌ زائدٌ من الله سبحانه، يختصّ به مَنْ يشاء، ويمنعه عمَّنْ يشاء.

٤- إنَّ جميع أدلّة وجوب اللطف على الله تعالى التي أوردها العلّامة لا تصلح لإثبات وجوب اللطف عليه عقلًا، إذ لا يجب شيءٌ عليه تعالى غير الهداية العامّة للمكلَّفين. مضافًا إلى كون بعضها يثبت وجوب اللطف المُقرِّب، وبعضها يثبت وجوب اللطف المُحصِّل.

٥- إنَّ تقسيم اللطف من حيث فاعله على ثلاثة أقسامٍ؛ من الله، ومن المكلَّف، ومن غيرهما، غير صحيحٍ، فإنَّ اللطف ــــ على تقدير وجوبه ــــ قسمٌ واحدٌ فقط، يصدر عن الله تعالى.

٦- إنَّ الأدلة التي ساقها العلّامة لإثبات وجوب جملةٍ من القضايا العقائديّة، كبعث الأنبياء، ونصب الأئمّة، والعصمة، والمسائل الأصوليّة، كالإجماع، بناءً على قاعدة اللطف غير تامّة.

قائمة المصادر والمراجع:

• القرآن الكريم.

ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، د. ت.

ابن نوبخت، أبو إسحاق إبراهيم، الياقوت في علم الكلام، تحقيق: علي أكبر ضيائي، ط٢، قم، مكتبة آية الله المرعشي العامة، ٢٠٠٧.

الإحسائي، محمد بن أبي جمهور، كشف البراهين في شرح رسالة زاد المسافرين، تحقيق: وجيه بن محمد المُسج، ط١، بيروت، مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر، ١٤٢٢هـ.

الأسد آبادي، القاضي عبد الجبّار، المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق: د. أبو العلاء عفيفي، د. م، د. ت.

الخوئي، أبو القاسم الموسوي، مصباح الأصول، تقرير: محمد سرور الواعظي، ط٦، قم، مكتبة الداوري، ١٤٢٠هـ.

الرضي، الشريف، نهج البلاغة، تحقيق: قيس بهجت العطار، ط١، قم، مؤسسة الرافد للمطبوعات، ٢٠١٠.

السبحاني، جعفر، رسالة في التحسين والتقبيح العقليين، ط١، قم، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)، ١٤٢٠هـ.

السيوري، المقداد بن عبد الله الحِلّي - الحسيني، أبو الفتح بن مخدوم، الباب الحادي عشر للعلّامة الحِلّي مع شرحيه، النافع يوم الحشر ومفتاح الباب، تحقيق: د. مهدي محقّق، مشهد، مؤسسة الطبع والنشر - الآستانة الرضويّة المقدّسة، ١٣٤٨هـ ش.

السيوري، المقداد بن عبد الله الحِلّي، إرشاد الطالبين إلى شرح نهج المسترشدين، تحقيق: مهدي الرجائي، قم، مكتبة آية الله المرعشي العامة، ١٤٠٥هـ.

العسكري، أبو هلال الجزائري، نور الدين، معجم الفروق اللغويّة، ط٦، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ١٤٣٣هـ.

العلّامة الحِلّي، الحسن بن يوسف، أنوار الملكوت في شرح الياقوت، تحقيق: محمد نجمي الزنجاني، ط٢، قم، انتشارات الرضي - انتشارات بيدار، ١٣٦٣هـ ش.

العلّامة الحِلّي، الحسن بن يوسف، تسليك النفس إلى حظيرة القدس، تحقيق: فاطمة رمضاني، ط١، قم، مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)، ١٤٢٦هـ.

العلّامة الحِلّي، الحسن بن يوسف، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، مع حواشي وتعليقات: إبراهيم الزنجاني، ط٣، قم، انتشارات شكوري، ١٣٧٢هـ ش.

العلّامة الحِلّي، الحسن بن يوسف، معارج الفهم في شرح النظم، ط١، مشهد، مؤسسة الطبع والنشر - الآستانة الرضويّة المقدّسة، ١٤٣٠هـ.

العلّامة الحِلّي، الحسن بن يوسف، مناهج اليقين في أصول الدين، تحقيق: محمد رضا الأنصاري القمّي، ط١، قم، الناشر: المحقّق، ١٤١٦هـ.

العلّامة الحِلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الوصول إلى علم الأصول، تحقيق: إبراهيم البهادري، ط١، قم، مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)، ١٤٢٥هـ.

غنوي، أمير – بلشتي، محمود زارعي، نقد برهان اللطف وتطبيقاته في إثبات ضرورة الإمامة، بيروت، مجلة نصوص معاصرة، العدد (٥١)، ٢٠١٨.

القطيفي، عبد الله بن سليمان آل عبد الجبار، إرشاد البشر في شرح الباب الحادي عشر، تحقيق: ضياء بدر آل سنبل، ط١، قم، مؤسسة طيبة للتراث، ١٤٣٠هـ.

اللواساني، حسن الحسيني، نور الأفهام في علم الكلام، تحقيق: إبراهيم اللواساني، ط١، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ١٤٢٥هـ.

محسني، محمد آصف، صراط الحقّ في المعارف والأصول الاعتقاديّة، ط١، قم، منشورات ذوي القربى، ١٤٢٨هـ.

النراقي، أحمد بن مهدي، عوائد الأيام في بيان قواعد استنباط الأحكام، ط١، بيروت، دار الهادي، ٢٠٠٠.

 

[1] لسان العرب: ١٣/ ٢٠٢.

[2] المصدر نفسه.

[3] المصدر نفسه.

[4] معجم الفروق اللغويّة: ٤٦٤.

[5] المصدر نفسه.

[6] مناهج اليقين: ٢٥٢.

[7] كشف المراد: ٣٥٠.

[8] إرشاد الطالبين: ٢٧٦.

[9] المراد بالآلة: كلُّ ما يدخل في تمكِّن المكلَّف من فعل الطاعة، وترك المعصية. انظر: حاشية الزنجاني على شرح التجريد: ٣٥١.

[10] إرشاد الطالبين: ٢٧٧.

[11] يُنظر: مناهج اليقين: ٢٥٢-٢٥٣. كشف المراد: ٣٥١.

[12] كشف البراهين: ٢٧٢.

[13] إرشاد الطالبين: ٢٧٧.

[14] مناهج اليقين: ٢٥٢-٢٥٣. كشف المراد: ٣٥١.

[15] نقد برهان اللطف: ٩٦.

[16] نور الأفهام: ١/ ٢٩٢، ٢٩٣.

[17] كشف المراد: ٣٥١.

[18] المصدر نفسه: ٣٥٢-٣٥٣.

[19] المصدر نفسه: ٣٥١.

[20] رسالة في التحسين والتقبيح العقليين: ٩١.

[21] كشف المراد: ٣٥١.

[22] أنوار الملكوت: ٢٠٢.

[23] مناهج اليقين: ٢٦٦.

[24] رسالة في التحسين والتقبيح العقليين: ٩٢.

[25] المغني في أبواب التوحيد والعدل: ١٣/ ٩.

[26] الياقوت: ٥٥.

[27] المصدر نفسه: ٧٥.

[28] إرشاد البشر: ١٣٥.

[29] عوائد الأيام: ٢/ ٢٥٧-٢٥٨.

[30] عوائد الأيام: ٢/ ٢٦١.

[31] سورة الليل: الآية ١٢.

[32] نور الأفهام: ١/ ٢٩٤-٢٩٥.

[33] نور الأفهام: ١/ ٢٩٥-٢٩٦.

[34] سورة آل عمران: الآية ١٧٨.

[35] سورة محمد: الآية ١٧.

[36] صراط الحق: ٢/ ٢٦٦-٢٦٧.

[37] تسليك النفس: ١٧٤. معارج الفهم: ٣٦٢.

[38] أنوار الملكوت: ١٥٤. مناهج اليقين: ٢٥٣.

[39] نور الأفهام: ١/ ٢٩٦.

[40] صراط الحق: ٢/ ٢٦٤.

[41]٣٨ المصدر نفسه: ٢/ ٢٦٤-٢٦٥.

[42] أنوار الملكوت: ١٥٤.

[43] إرشاد البشر: ١٣٦، ١٢٧-١٢٨.

[44] نقد برهان اللطف: ١٢٠.

[45] مصباح الأصول: ٢/ ١٣٨.

[46] أنوار الملكوت: ١٥٥.

[47] إرشاد البشر: ١٣٦.

[48] كشف المراد: ٣٥٢.

[49] إرشاد الطالبين: ٢٧٨.

[50] تسليك النفس: ١٧٥.

[51] إرشاد الطالبين: ٢٧٨.

[52] تسليك النفس: ١٧٥.

[53] إرشاد الطالبين: ٢٧٨.

[54] المصدر نفسه: ١٧٨-١٧٩.

[55] سورة الإنسان: الآية ٣.

[56] سورة الحشر: الآية ٩.

[57] كشف المراد: ٣٧٥.

[58]٥٣ مناهج اليقين: ٢٦٦.

[59] كشف المراد: ٣٧٥.

[60] إرشاد الطالبين: ٢٩٨.

[61] المصدر نفسه: ٢٩٨.

[62] إرشاد البشر: ١٥٠-١٥١.

[63] مناهج اليقين: ٢٦٧.

[64] كشف المراد: ٣٨٨. إرشاد البشر: ١٧٨.

[65] معارج الفهم: ٤٠٤.

[66] إرشاد البشر: ١٧٨.

[67] نهج البلاغة، خطبة ٤٠: ١٠٢.

[68] معارج الفهم: ٣٩٥. وقريب منه في: مناهج اليقين: ٢٧٨. تسليك النفس: ١٩١. الباب الحادي عشر: ٣٧.

[69] كشف المراد: ٣٧٦.

[70] سورة البقرة: الآية ١٢٤.

[71] سورة الأحزاب: الآية ٣٣.

[72] نهاية المأمول: ٣/ ١٣١.

[73] المصدر نفسه.

[74] المصدر نفسه: ٣/ ١٣٢.

[75] مصباح الأصول: ٢/ ١٣٨.

[76] المصدر نفسه.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف