تأرخة الاحاديث عند المستشرقين

تأرخة الاحاديث عند المستشرقين

تأليف :

نصرت نیل ساز؛ مرجان شیري محمدآبادی

تعريب :

حسن علي مطر

 

مقدّمة المركز

لقد أدّی ظهور الإسلام واتساع رقعته بالكنيسة والحكومات الغربيّة إلی وضع دراسة تراث وثقافة المسلمين علی سلّم أولويّات الجماعات التبشيريّة والاستعماريّة لديها. وإنّ الهيمنة والعمل علی نهب مصادر البلدان الشرقيّة واستغلالها كانت تدعو المستعمرين إلی الحصول علی معلومات واسعة ودقيقة بشأن جغرافية هذه البلدان وآدابها وتقاليدها ومعتقداتها ومصادر دينها. إن هذه الحاجة شكّلت أرضيّة لتوفير الحماية والدعم الشامل والرسميّ لهذا النوع من الدراسات، وبذلك أصبح الاستشراق بوصفه حقلًا تخصّصيًّا في الجامعات الغربيّة يُعنی بدراسة الشرق والبلدان الإسلاميّة.

وقد شهد القرنان الأخيران جهودًا متزايدة من الغربيّين للتعرّف علی الثقافة والتراث الإسلاميّ. إن الدوافع الاستعماريّة والتبشيريّة والسياسيّة، والاقتصاديّة أحيانًا، وكذلك الأبحاث والدراسات العلميّة، من بين الأهداف والغايات التي تدفع بالمستشرقين نحو التعرّف علی مختلف أبعاد الثقافة الإسلاميّة. وحاليًا شهدت دراسة الإسلام بوصفها فرعًا تخصّصيًّا في مشروع الاستشراق الواسع في المراكز العلميّة للغرب توسّعًا ملحوظًا، ويتمّ بحثه في الحقول التخصّصيّة علی نحو جادّ. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال كتابة الرسائل والأطروحات الجامعيّة، وتأسيس ونشاط العشرات من الصحف والمجلّات التخّصصيّة، والأصدار السنويّ لمئات الكتب، وإقامة المؤتمرات والمشاريع الدراسيّة المتعدّدة في مختلف الموضوعات والدراسات الإسلاميّة.

وبعد القرآن الكريم، كانت دراسة الأحاديث والروايات الإسلاميّة من بين أهمّ الأبحاث التي حظيت بالاهتمام في الدراسات الغربيّة منذ البداية، وأمّا الدراسات الأهمّ والأكثر تخصّصًا في الغرب حول الروايات الإسلاميّة، فقد بدأت بأعمال ألويس شبرنجر[1] وويليام ميور،[2] ثمّ عمل إجناتس جولدتسيهر[3] علی تدوين الأراء الحديثيّة لشبرنجر وعمل علی توسيعها، وعمل جوزيف شاخت[4] ـ بتأثير من آراء جولدتسيهر ـ علی تفصيل منهجه وأسلوبه في التشكيك في اعتبار وأصالة الأحاديث، ثمّ عمل غوتييه جوينبول[5] بدوره علی مواصلة نظريّات شاخت من خلال القيام ببعض الدراسات المورديّة في هذا الشأن، وقد بلغ الأمر بهذا النوع من الآثار والنظريّات حدًّا تمّ معه طرح فكرة اختلاق جميع الروايات الإسلاميّة في المؤسّسات الجامعيّة في الغرب رسميًّا، وتمّ القبول بهذا الطرح بوصفه فرضيّة مقبولة في دراسات الحديث. إن آراء أمثال إجناتس جولدتسيهر وجوزيف شاخت، كما حظيت بالاهتمام في صلب الدراسات الغربيّة للإسلام، فقد حظيت كذلك باهتمام العلماء المسلمين وكذلك بعض المستشرقين أيضًا، حيث تمّ تناولها بالدراسة والنقد أيضًا، ومن بين هؤلاء هارالد موتسكي،[6] حيث عمد ـ في دراسة له حول الجوامع الحديثيّة الأوليّة غير الرسميّة ـ إلی نقد أدلّة غوتييه جوينبول[7] الذي كان قد حمل لواء هذا التيّار بعد جوزيف شاخت. ذهب هارالد موتسكي إلی الاعتقاد بأنّ نظريّات شاخت في باب منشأ الحديث وانتشاره تقوم علی أساس فرضيّات قلقة، وأساليب ذات إشكاليّة وتعميمات اعتباطيّة، كما ناقش غريغور شولر[8] بدوره في آثاره منع تدوين الحديث وعدم الكتابة مطلقًا، وهو الموضوع الذي شكّل واحدًا من أسس استدلال المستشرقين السابقين علی إثبات اختلاق جميع الروايات الإسلاميّة.

وفي المجموع فإنّ دراسات الحديث في الغرب قد تعرّضت لأبحاث مختلفة، من قبيل: إسناد واعتبار الحديث، ومسألة الاختلاق، والنزعة النصّيّة، وبحث الرواة، والجوامع الروائيّة والحديثيّة، وتأريخ الأحاديث، وكتابة الروايات ونقلها، ودراسة شروح الأحاديث، وفقه الحديث ونظائر ذلك. وفي كلّ واحد من هذه الموضوعات تمّ طرح بعض النظريّات والآراء الخاطئة أو بعض الشبهات من قبل الباحثين والكتّاب الغربيّين أيضًا.

إنّ من بين المشاريع الدراسيّة لهذا المركز والتي تمّ تنظيمها من قبل مجموعة الاستشراق المعاصر، دراسة ونقد آثار الغربيّين في خصوص الأحاديث الإسلاميّة.

وفي الختام نتقدّم بالشكر الجزيل والإمتنان للدكتورة نصرت نيل ساز والدكتورة مرجان شيري، لتصدّي كتابة هذه الدراسة ونشکر جهود سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الدكتور مرتضی مداحي المشرف العلمي على المشروع وسماحة السيد محمّد رضا الطباطبائي ـ المدير المحترم لوحدة النشر ـ علی ما بذله من جهود في التدقيق والمتابعة، وكذلك نشكر الرئيس المحترم للمركز سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد هاشم الميلاني علی ما قدّمه من الإرشادات العلميّة والدعم المؤثّر. نسأل الله سبحانه وتعالی مزيدًا من التوفيق والنجاح لجميع الإخوة الباحثين والعاملين علی خدمة الفكر الإسلاميّ، بحرمة محمّد وآله الأطهار(عليهم السلام).

 

 

المقدمة

متى؟ أين؟ وكيف؟ ولماذا ظهرت الأحاديث والروايات، أو ظهر نوع خاص من الروايات أو مجموعة خاصّة من الروايات. هذه هي الأسئلة المتداولة بشأن الروايات الموجودة في مختلف المصادر الإسلامية، التي تعرّض لها أو لبعضها جميع الغربيين المهتمّين بالبحث في مختلف الحقول الخاصة بالقرنين الأولين للهجرة. والسبب في ذلك واضح جدًا؛ إذ في الاتجاه التاريخي ـ أي الاتجاه السائد في الأبحاث الإسلامية لدى الغربيين ـ يجب العمل أولًا على تحديد أصالة المصدر، ليتضح ما هي الفاصلة الزمنية أو المكانية للواقعة التي يتمّ تقريرها. إن الكثير من الغربيين بسبب تشكيكهم في وثاقة الأسانيد، لا يرتضون الادعاءات التاريخية المنبثقة عن الأسانيد التي تنسب رواية إلى النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد الصحابة أو التابعين. ومن هنا فإن تأريخ الروايات يحظى بأهمية خاصّة في دراسات المستشرقين، وإن هذه الأهمية أدت إلى ظهور وإصلاح أو تكميل الأساليب المختلفة في تأرخة الروايات. كانت الأجيال الأولى من الباحثين في الشأن الإسلامي من الغربيين يعتمدون على الروايات بشكل أكبر،[9] ولكن منذ منتصف القرن التاسع عشر للميلاد، ارتفعت نسبة التشكيك في اعتبار الأحاديث، وشهد هذا التشكيك تزايدًا ملحوظًا مع صدور كتاب إجناتس جولدتسيهر تحت عنوان (الدراسات الإسلامية) الذي مثّل منعطفًا في جهود الغربيين في بيان التاريخ الأولي للحديث.[10] ومنذ منتصف القرن العشرين للميلاد ومع انتشار آثار المستشرقين ـ من أمثال: جوزيف شاخت،[11] وجون وانسبرو،[12] وباتريسيا كرون،[13] ومايكل كوك،[14] ونورمن كالدر[15] ـ أحكم تيار التشكيك قبضته، وصار التشكيك في هذا الشأن على حدّ تعبير كيس فرستيغ[16] ـ هو الشائع والسائد في بعض المحافل.[17] ومن غير المسلمين أبدى بعض الباحثين الغربيين ـ من أمثال: يوهان فك،[18] وجوزيف فان إس،[19] وغريغور شولر،[20] وهارالد موتسكي[21] ـ بردّة فعل تجاه التشكيك. ومن بين المسلمين الذين قاموا بالدفاع عن اعتبار التراث الروائي حظيت آثار بعض المفكرين من أمثال: فؤاد سزكين[22] ومحمد مصطفى الأعظمي ـ بسبب انتشارها باللغتين الألمانية والإنجليزية ـ بالاهتمام الأكبر في المحافل العلمية للغربيين. ومن هنا فإن الغربيين عندما يرومون بيان المواقف المختلفة للباحثين المعاصرين بالنسبة إلى وثاقة الروايات الإسلامية، يبدون اهتمامًا خاصًا بآراء هذين المفكرين. وقد عمد مايكل كوك في سياق الاستفادة من المصطلحات الإسلامية إلى تسمية بعض المواقف بالمذهب «الظاهري»، وعبر عن فؤاد سزكين بوصفه «إمام» هذا المذهب، وعبّر عن الموقف المقابل بالمذهب «الباطني»، وإلى تسمية جون وانسبرو بوصفه إمام هذا المذهب.[23] وأما هربرت بيرغ فإنه على الرغم من تسميته لثلاثة اتجاهات (وهي: الاتجاه التشكيكي، والاتجاه المتفائل، والاتجاه الوسطي)، فيما يتعلق بوثاقة الروايات والأحاديث، ويسمّي لكل اتجاه عددًا من المسلمين والغربيين، إلا أنه خلص في نهاية المطاف إلى القول بعدم وجود اتجاه وسطي في البين، وكل ما هنالك هو اتجاهان متقابلان يتمثل أحدهما بإجناتس جولدتسيهر، والآخر بفؤاد سزكين.[24] وإنه بعد التعريف بآراء وانسبرو قد ذهب إلى التصريح بأن آراء وانسبرو قد طغت على آراء إجناتس جولدتسيهر، ويجب أن نعتبر التقابل الأصلي قائمًا بين آراء جون وانسبرو وفؤاد سزكين.[25] كان يتعيّن حتمًا على كل باحث غربي في حقل الحديث أن يحدد موقفه من مختلف الآراء بشأن وثاقة الأسانيد مسبقًا. وإن الباحثين الذين لم يكونوا يرون اعتبارًا لسند الروايات، كان يجب عليهم أن يتخلوا عن الروايات الإسلامية بوصفها مصدرًا تاريخيًا للحصول على المعلومات بشأن القرنين الأولين من الهجرة، أو أن يقتصروا على الاكتفاء بالشاهد الوحيد، ونعني بذلك متون الروايات فقط. وهذا هو الاتجاه الذي سلكه إجناتس جولدتسيهر. وأما جوزيف شاخت فقد استفاد من مختلف الأساليب لتأرخة الروايات، من قبيل: «العثور على الرواية في أقدم المصادر المعتبرة»، و«التحليل السندي»،[26] و«تحليل المتن». إن هذه الأساليب التأريخية قد تمّ إصلاحها وتكاملت بالتدريج. لقد اقترنت الدراسات الحديثية في الغرب خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين للميلاد بتحوّلات على مستوى المعرفة المنهجية؛ من ذلك أولًا: تكامل منهج التحليل السندي لجوزيف شاخت من قبل غوتييه جوينبول[27] في أبحاث ودراسات متعددة، والآخر: توظيف منهج تحليل «الإسناد ـ المتن» من قبل مستشرقين، من أمثال: هارالد موتسكي، وجوزيف فان إس، وغريغور شولر، وآخرين.[28] إن جميع هذا الأساليب تقوم على مبان وآراء، وتتمّ الاستفادة في كل أسلوب من معايير خاصة.

ومن الجدير ذكره أنه لم يكن هناك في الدراسات الحديثية قي القرون الأولى مسألة مطروحة بين العلماء المسلمين باسم التأرخة؛ إذ أن المسألة الأهم لديهم كانت عبارة عن إثبات حجية الحديث بوصفه مصدرًا لأخذ أحكام الشريعة والتعاليم الدينية. ومع ذلك فإنه حيث تعود شواهد تحقق ظاهرة الوضع واختلاق الحديث إلى عصر النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، وأن العلماء المسلمين قد أدركوا بشكل مبكر أن ظاهرة الاختلاق سوف تأخذ بالاتساع، عمدوا إلى مواجهة هذه الظاهرة بمختلف الأساليب. ولا شك في أن من بين أهم هذه الأساليب والتدابير كان عبارة عن تقييم اعتبار الروايات. وإن الملاكات الأولى لتقييم الروايات موجودة في الآيات القرآنية والروايات النبوية أيضًا. وإن آية تبيّن خبر الفاسق وروايات عرض الحديث على القرآن الكريم، تعدّ من بين جذور ملاكات التقييم السندي والمتني للأحاديث. وعلى مرّ الأيام أصبحت هذه القواعد ـ من خلال أبحاث وتأملات العلماء ـ أكثر سعة ودقّة، وأخذ المحدّثون يهتمّون بتدوين الأحاديث والروايات الصحيحة في آثارهم، وهناك منهم من عمل على جمع الأحاديث الموضوعة والمختلقة أيضًا. وعلى الرغم من أننا لا نجد في آثار علماء الحديث تعبيرًا صريحًا حول تأريخية الروايات، بيد أن مسألة تقييم اعتبار الروايات تربط بمسألة التأريخية بشكل تلويحي.[29] وذلك إذ عندما يتمّ تشخيص صحّة حديث ما، إنما يتمّ في الواقع تأييد المنشأ الزمني له، ويبقى هذا العنصر الزمني متغيّرًا بالنظر إلى انتهائه إلى النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) أو إلى سائر الأئمة المعصومين، أو الصحابة أو التابعين. وأما بالنسبة إلى المنشأ الزمني للأحاديث المختلقة، فيمكن أن تكون هناك حالتان، وهما:

1. الوضع في زمن متأخر عن الشخص الأصلي الذي تم الادعاء بصدور الحديث عنه.

2. الوضع في زمن ذلك الشخص نفسه.

وبعبارة أخرى: لو نسب حديث إلى النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم تم إثبات اختلاقه ووضعه بالنظر إلى ملاكات نقد الحديث، فإن تحقق هذا الوضع قد يعود إلى عصر النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، أو أن يكون قد حدث الوضع بعد رحيله.

وفيما يلي يجب التعرّض إلى هذا السؤال القائل: بالنظر إلى أساليب ومناهج العلماء المسلمين في تقييم اعتبار الأحاديث، فما هي الحاجة والضرورة إلى التعرّف على أساليب تأرخة الروايات، التي هي في الأصل ذات منشأ غربي؟ في البداية لا بدّ من الإشارة إلى هذه النقطة، وهي أن الأصل من وجهة نظر كافة المحققين المسلمين ـ خلافًا للرأي الشائع في الغرب ـ لا يقوم على اختلاق الرواية. وبطبيعة الحال فإن هذا الكلام لا يعني القبول بجميع الروايات، فلو ثبت اختلاق رواية بمختلف المعايير، فإنه لا يمكن الاستناد إليها في الأحكام وفي تعاليم الشريعة. وأما إذا كان المحقق المسلم بصدد الحصول على معلومات تاريخية عن القرون الهجرية الأولى، فإنه لا يتخلى عن الروايات المختلقة ببساطة، ويمكنه الاستفادة من تعيين المنشأ التاريخي والجغرافي للرواية في معرفة الأبعاد المتنوّعة للمجتمع والمكان والزمان الذي تمّ فيه اختلاق تلك الرواية. كما أن تأرخة الروايات التي ثبت اعتبارها بالنظر إلى معايير وملاكات المحدّثين المسلمين، من شأنه أن يقدّم للباحثين معلومات مهمّة حول كيفية نشر الرواية، والأبعاد الجغرافية لنشرها، ومسار تحوّل متن وسند الرواية. وبطبيعة الحال فإن جميع هذه الموارد رهن بالتقييم والنقد الدقيق لمباني وأساليب تأرخة الروايات عند الغربيين والعمل على إصلاحها وتحسينها.

وقد تمّ تنظيم هذا الكتاب لهذه الغاية ضمن أربعة فصول. وقد تمّ في الفصل الأول بيان آراء المستشرقين حول وثاقة الأحاديث، وتمّ تبيين ونقد آراء إجناتس جولدتسيهر وجوزيف شاخت. وقد اشتمل الفصل الثاني والثالث على مختلف أساليب تأرخة الروايات وقواعد كل واحد منها مع ذكر نماذج من أبحاث المختصين الغربيين البارزين في الدراسات الروائية والحديثية. ويختص الفصل الثاني بتعريف ونقد أسلوب «التأرخة على أساس المتن»، وأسلوب «التأرخة على أساس العثور على رواية في أقدم المصادر» مع ذكر الأمثلة والنماذج على ذلك. وفي الفصل الثالث تمّ العمل على بيان أسلوبين آخرين، وهما: «التأرخة على أساس تحليل الأسانيد»، و«التأرخة على أساس تحليل الإسناد - المتن»، مع بيان الأمثلة والنماذج على ذلك. وأما الفصل الرابع والأخير فهو عبارة عن نموذج عملي لتطبيق القواعد المعتبرة لمختلف أساليب التأرخة لتعيين المنشأ الزماني والمكاني للرواية النبوية القائلة: «من كذب عليَّ ...». كما يتمّ العمل في هذا الفصل على تقديم معلومات مهمّة حول كيفية نشر هذه الرواية، والمساحات الجغرافية لنشرها، ومسار تحوّل متنها وسندها أيضًا. وقد وقع الاختيار على هذه الرواية لعدّة أسباب، وهي أولًا: إنها من الروايات المهمّة جدًا والتي يقول المسلمون بتواترها. وثانيًا: إن إجناتس جولدتسهر يرى أنها رواية مختلقة، وأنها من وضع المسلمين الصادقين في مواجهة تفشي ظاهرة اختلاق الأحاديث. وثالثًا: إن جوينبول يرى ـ من خلال تأريخ الصورة التركيبية لهذه الرواية مع رواية «النهي عن النياحة على الميّت» ـ أن نسبة كلا الروايتين إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مختلقة.[30]

وفي الختام يجدر بنا أن نتقدّم بالشكر الجزيل إلى المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية (العتبة العباسية المقدسة)، على توفير الإمكانات اللازمة لإنجاز هذه الدراسة وطبعها ونشرها، وأن نخصّ بالشكر فضيلة الدكتور مداحي على ما قدّمه من آراء وتسهيلات في هذا الشأن. ونرفع أسمى آيات الثناء إلى علماء الاسلام وجميع الشهداء في سبيل إعلاء كلمة الحق، على أمل أن نكون في هذا المسعى قد تقدمنا خطوة إلى الأمام في مسار خدمة التراث القيّم الذي حافظ عليه العلماء المسلمون بجهودهم المضنية والمتواصلة عبر القرون المتوالية.

 

----------------------------------

[1]. Aloys Sprenger

[2]. William Muir

[3]. Ignaz Goldziher

[4]. Josef Schacht

[5]. Gautier Juynboll

[6]. Harald Motzki

[7]. Gautier Juynboll

[8]. Gregor Schoeler

[9]. Motzki, “The Question of the Authenticity of Muslim Traditions Reconsidered: A Review Article”, p. 211.

[10]. Juynboll, Muslim Tradition, p. 2.

[11]. Josef Schacht

[12]. John Wansbrough

[13]. Patricia Crone

[14]. Michael Cook

[15]. Norman Calder

[16]. Kees Versteegh

[17]. Versteegh, Arabic Grammar and Qurʾānīc Exegesis in Early Islam, p. x.

[18]. Johann Fück

[19]. Josef van Ess

[20]. Gregor Schoeler

[21]. Harald Motzki

[22]. Fuat Sezgin

[23]. Cook, “Eschatology and the Dating of Traditions”, pp. 217 - 218.

[24]. Berg, The Development of Exegesis in Early Islām, pp. 49 - 50.

[25]. Ibid, p. 83.

[26]. وقد عمد جوزيف شاخت ـ من خلال تقسيم السند إلى قسمين، وهما: الأصيل والمجعول ـ إلى الاستفادة من ذلك في تأريخ الروايات. انظر: الفصل الثالث من هذا الكتاب.

[27]. Gautier Juynboll

[28]. Motzki, “The Collection of the Qurān”, p. 16.

[29]. هل يمكن العثور ـ من خلال البحث في تراث علماء الحديث من المسلمين في مختلف القرون ـ على شواهد من هنا وهناك على الاهتمام بمسألة تأريخ الروايات؟ للحصول على جواب هذا السؤال، انظر: شيري، مرجان؛ نيل ساز، نصرت، «واكاوي قواعد مشترك در شيوه هاي نقد حديث مسلمانان و روش هاي تاريخ گذاري روايات خاورشناسان» (دراسة القواعد المشتركة في أساليب نقد الحديث عند المسلمين وأساليب المستشرقين في تأريخ الروايات)، مطالعات تاريخي قرآن و حديث، العدد: 67، 1399 هـ ش.

[30]. للوقوف على رأي إجناتس جولدتسيهر ويونبول بشأن هذا الحديث، انظر: الفصل الثاني من هذا الكتاب.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف