العدد 3

العدد 3

رئيس التحرير :

د. هاشم الميلاني

مدير التحرير :

د. عمار عبد الرزاق الصغير

سكرتير التحرير :

د. فرقان الحسيني

 

فهرس المحتويات :

الافتتاحية : الاستعمار والمجتمع

الحوارات

■ العلمانية: الأساس الأعمق للاستعمار

الدكتور حميد بارسانيا

بحوث ودراسات

■ أثر المقاطعة الاقتصاديّة على الاستعمار

 أ. إبراهيم خالد لطف الجودي

■ الفلسفة الإفريقيّة ومناهضة الاستعمار الثقافيّ: رؤى ومقاربات

 د. دعاء عبد النبي حامد

■ المؤثرات الإستعماريّة على بنية المجتمع المصري

د. محمود عبد الفتاح أبو طه

■ الاستعمار الفرنسي لسورية من الجانب الاجتماعي

د. ربیع یوسف عثمان

■ دور النخب السياسيّة الجزائريّة في مقاومة الاستعمار  

د. حسين مجاود

قراءات علمية

■ خصائص المقاومة الجزائريّة للاستيطان الفرنسي   قراءةٌ في تجربة الأمير عبد القادر 1832 – 1847 م

رقيق قادة

■ قراءة في كتاب نحن وازمنة الاستعمار (الحلقة الثانية)

أ. علي رعد

ترجمات

■ (عِرْقٌ مميّز) المجتمع الأوروبي في الهند الاستعماريّة

د. ساتوشي ميزوتاني

■ استعمار المستقبل: البُعد الآخر لدراسات المستقبل

ضياء الدين سردار

نصوص مستعادة

■ نظرة إلى النجف الأشرف ودورها في مقاومة الاستعمار البريطاني في العراق

 الشيخ الدكتور يوسف محمد عمرو

ترجمة ملخصّات المحتوى بالإنكليزيّة

 

الافتتاحية

الاستعمار والمجتمع

 الاستعمار (الكولونياليّة Colonialism) ظاهرةٌ تهدف إلى سيطرة دولةٍ على دولةٍ أخرى، بهدف توسيع نفوذها، واستغلال مواردها في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة. وهذه الدول لها شهوة القوّة والهيمنة، وهدفها السياسي الأكبر  تحسين مركزها في التنافس على المركز الأوّل في سُلّم القوى الدولي؛ ليتيح لها ذلك الفرصة الأكبر للتحكّم في القرارات الدوليّة، وجعلها لصالحها؛ لذا تبحث عن أيّ شيءٍ يحقّق هدفها، ويزيد من مواردها، وهذا يحتمّ عليها الخروج خارج حدودها.

وأفضل الموارد لتحقيق التنافس الدوليّ الهيمنة الاقتصاديّة، والهيمنة الثقافيّة المتمثّلة بإعادة بناء النظام الثقافي للمجتمع المستعمَر وتقريبه من الدولة المستعمِرة، وفرض الثقافة الاستعماريّة بوصفها الثقافة الوحيدة التي يمكن أنْ تقود المستعمَر إلى مرحلة الحضارة. وقد تجلّى ذلك بوضوح في إزالة الطابع الإسلامي والعربي عن الدول الإسلاميّة والعربيّة، ومحاولة تغريبها وإضفاء الطابع الغربي عليها. وظهر ذلك بوضوحٍ أيضًا في الأثر العميق الذي تركه الاستعمار على التركيبة السكانيّة والاجتماعيّة للأمة العربيّة والإسلاميّة، من خلال محاولته تقسيم البلاد إلى دويلاتٍ صغيرة. وقد ارتبطت كثيرٌ من الحملات الاستعماريّة بوجود الإرساليّات الدينيّة والمبشّرين الذين نجح العديد منهم في تنصير أجزاءٍ من سكّان المستعمَرات. وهذه السياسات الاستعماريّة مازالت ساريةً في البلدان المستعمَرة، لكنّها اتّخذت أداوتٍ وطرقًا جديدة.

وتتمثّل النتائج الخطيرة للاستعمار في سلب ثروات البلدان، وتحطيم كرامة الشعوب، وتدمير تراثها الحضاري والثقافي؛ وهذا ما دعا الى تأسيس مجلة الاستعمار لتري العالمَ هذه الجرائم الاستعماريّة، وتوضّح ماهيّتها، وتبيّن أسبابها، وأهدافها، وآثارها، وتحاول إعطاء الحلول لعلاجها.

في هذا العدد من (مجلّة الاستعمار) مجموعةٌ من البحوث التي تتناول شؤون الاستعمار في العالم الاسلامي.

يستهلُّ العدد محاورَهُ بحوارٍ تحت عنوان (العلمانيّة: الأساس الأعمق للاستعمار)، وهو مقابلةٌ مع الأستاذ الدكتور حميد پارسانيا، تحدّث فيها بشكلٍ عميقٍ عن تأثير الاستعمار الغربيّ في المنظومة المعرفيّة والثقافيّة في العالم الإسلاميّ. ويناقش، بعمقٍ ووضوح، السمات الفريدة التي يتميّز بها الاستعمار الحديث، وكيف أنّه أحدث تغييراتٍ جسيمةً في النسيج الثقافيّ والمعرفيّ لهذه المجتمعات. ويستعرض أيضًا السُبل التي يمكن للعالم الإسلاميّ من خلالها مواجهة هذه الظاهرة، والتصدّي لتأثيراتها المتعدّدة.

وفي محور (الدراسات والبحوث) انتظمت خمسة أبحاث، كان: أولها: أثر المقاطعة الاقتصادية على الاستعمار، أوضح فيه الباحث أنّ المقاطعة الاقتصادية، بكل تداخلاتها وتعقيداتها، سلاحٌ استراتيجيٌّ يستعمله المسلمون في مواجهة أعدائهم، يتمثّل في رفض أيّ شكلٍ من أشكال التعامل التجاري معهم، وهي ليست إجراءً صوريًّا شكليًّا، بل هي تجسيدٌ لحالةٍ من الوعي  العميق، بأهميّة درأ الأخطار الكبرى. وهي منهجٌ قرآنيّ مدعومٌ بمجموعةٍ من الآيات التي تثبت مشروعيتها، ولها شواهد تاريخيّة مختلفة.

وثانيها: الفلسفة الإفريقيّة ومناهضة الاستعمار الثقافي، الذي تناول جهود الفلاسفة الأفارقة في مقاومة الاستعمار الثقافي؛ إذ سلّط الضوء على على دور الفكر الفلسفيّ في مواجهة الهيمنة الثقافيّة التي فرضها الاستعمار الغربي على الأمم الإفريقيّة، منطلقًا من تحليل السياق التاريخيّ والحضاريّ الذي تشكّلت فيه هذه المقاومة، ومستعرضًا تأثير الاستعمار العميق على هويّة الشعوب الإفريقيّة، كما بحث الأطر النظريّة التي اعتمدها الفلاسفة الأفارقة لمواجهة هذا الاستعمار الثقافي، مثل فرانز فانون، والشيخ أنتا ديوب، ونجواجي وا ثيونجو، وكواسي وريدو، وأشيل مبيمبي.

وثالثها: المؤثرات الاستعماريّة على بنية المجتمع المصري في حقبة الاحتلالين الفرنسي والبريطاني، ويتناول هذا البحث مجموعةً من الإشكاليّات المعقّدة والمثيرة للتساؤلات، مثل: كيف كان تأثير الاستعمار في المجتمع المصري؟ وهل كان هناك نوعٌ من التعايش بين المصريين والمحتلين لبلادهم؟ وما الأثر العميق الذي خلّفه الاستعمار على الحياة المصريّة بجوانبها السياسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والاجتماعيّة؟ هذه الأسئلة ليست مجرد استفسارات، بل هي مفاتيح لفهمٍ عميقٍ لما تركه الاستعمار من بصماتٍ في النسيج المصري.

ورابعها: الاستعمار الفرنسي لسورية من الجانب الاجتماعي. كتب الباحث فيه عن تأثّر المجتمع السوري بنحوٍ عميقٍ بالسياسات الاستعماريّة الفرنسيّة بعد احتلال البلاد في عام 1920م. كانت تلك السياسات محاولةً واضحةً لربط سورية بالثقافة الفرنسيّة، حيث حاول المستعمر الفرنسي التدخل في كلّ شيء، فتدخل في الإدارة، الاقتصاد، والاجتماع والثقافة، والتعليم؛ لأجل فرض السيطرة الكاملة على سوريا، واستغلال مواردها وإمكاناتها بطريقةٍ محكمة.

وخامسها: دور النخب السياسيّة الجزائريّة في مقاومة الاستعمار من القرن 19 إلى ثورة التحرير 1954، وتطرّق الباحث فيه إلى جهود النخب السياسيّة الجزائريّة في مقاومتها للاحتلال الفرنسي التي اعتمدت بدرجةٍ كبيرةٍ على الإرث التاريخي للشعب الجزائري، والتأثيرات السياسيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة والثقافيّة التي خلّفتها السلطة الفرنسيّة الاستعماريّة. ويمكن رؤية ذلك بوضوحٍ في مسار النضال  الثقافي الفكري، والنضال السياسي الذي اتبعته الجزائر في النصف الأول من القرن العشرين، والذي تحوّل بعد ذلك إلى عملٍ عسكريّ خلال الثورة التحريريّة، أدّى في النهاية إلى تحقيق الاستقلال الكامل واستعادة السيادة الوطنيّة بعد 132 عامًا من الاحتلال.

وفي هذا العدد عدّة محاور وبحوث أخرى، ففي محور القراءات العلميّة، مقالٌ تحت عنوان (قراءة علميّة في خصائص المقاومة عند الأمير عبد القادر الجزائري)، وفيه أيضًا (قراءة في الحلقة الثانية من كتاب نحن وأزمنة الاستعمار).

وفي محور الترجمة بحثٌ للكاتب الياباني ساتوشي ميزوتاني حمل عنوان (عِرقٌ مميّز: المجتمع الأوربي في الهند الاستعماريّة)، وبحثٌ آخر للكاتب ضياء الدين سردار حمل عنوان (استعمار المستقبل البعد الآخر لدراسة المستقبل). وفي محور نصوص مستعادة، جاء نصٌّ مستعاد حول النجف الأشرف ودورها في مقاومة الاستعمار البريطاني، وبه ختام محاور هذا العدد.

نأمل أنْ تقدّم المجلّة من المعرفة ما يثري معرفة القرّاء الأعزاء، وما يهمّهم معرفته في مجال تخصّصها.

وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ