البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

March / 16 / 2016  |  1228أطراف النزاع في سوريا.. هل ستفتح أبواب جهنم.. أم تنفذ الخطة باء

فائق الشمري المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية شباط 2016
أطراف النزاع في سوريا.. هل ستفتح أبواب جهنم.. أم تنفذ الخطة باء

بعد آخر إحصائية أممية لضحايا الصراع في سوريا، تشير التقديرات ان أكثر من 220 ألف شخص لاقوا حتفهم منذ بداية الأزمة، وتوقفت الأمم المتحدة بعد ذلك عن العدّ نظراً لندرة المعلومات الموثقة وضراوة القتال، ووفق هذه المعطيات الدامية يدخل الصراع في سوريا مراحله الحاسمة، فمنذ ان ظهرت روسيا كلاعب رئيس في المواجهة، ومن ثم إسقاط أنقرة لإحدى طائراتها في الأجواء السورية، بدأت الأحداث تتسارع وبشكل دراماتيكي غير مسبوق، وتنذر بحرب كونية لا تعرف عواقبها على الرغم من محاولة الحكماء للملمة الأزمة، ومحاولة جادة من قبل الأطراف التي استثمرت في الأزمة السورية المتمادية الفصول منذ خمس سنوات، الكثير من الأموال والسلاح والأوراق, لتحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب قبل ان تنتهي اللعبة، إلا أنها تدرك او تتناسى خطورة اللعب بالنار خصوصا إن كانت تلك النار نار جهنم.

تلك القصة

اجتاحت موجة الاحتجاجات سوريا بالتزامن مع ما يعرف بـ (الربيع العربي) الذي أطاح بأنظمة عربية عديدة؛ كتونس ومصر وليبيا.. وفي محاولة لاستنساخ تلك التجربة، ظهرت الدعوات في آذار من العام 2011م للاحتجاج والتظاهر في مدن سورية عديدة؛ كدرعا وحمص وغيرها في تحد غير مسبوق للنظام في سوريا، الذي سرعان ما تحول إلى صدام مسلح وسط مطالبات بالإطاحة بنظام الحكم هناك، واجهته الأجهزة الأمنية السورية بشدة بعدما أعلنت أن هذه الحوادث من تنفيذ متشددين وإرهابيين من شأنهم زعزعة الأمن القومي وإقامة إمارة إسلامية في بعض أجزاء البلاد.

وفي 31 آذار ألقى بشار الأسد خطاباً في أول ظهور علنيٍ له منذ بدء الاحتجاجات، أعقبته مجموعة من الإصلاحات السياسية في البلاد.. وبعد خمسة أشهر من انطلاق الاحتجاجات في سورية، حدث تصعيد غير مسبوق في مواقف الدول العربية والغربية تظهر الداعمين الأساسيين لموجة الاحتجاجات المسلحة، فقد أعلنت السعودية والكويت والبحرين سحب سفرائها من سوريا، وفي اليوم ذاته أصدرت الجامعة العربية أول بيان لها فيما يخصّ الأحداث، وبعدها بفترة قليلة أعلنت دول فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة الأمريكية في وقت واحد تدعو الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي على الفور بعد أن (فقد شرعيته بالكامل).

استمرت المعارك سجالا بين الأطراف المتصارعة لسنين طويلة وقد قدرت الخسائر فيه منذ اندلاع الأزمة ولحد نهاية عام 2015 بـ : ( 340 الف قتيل حسب تقدير المرصد السوري في نيسان 2015)، (220 ألف قتيل حسب تقدير الأمم المتحدة كانون الثاني 2015) ، (130 ألف أسير أو مفقود..) ، (3.420.000 لاجيء حتى شباط 2015)، فضلا عن سيطرة شاملة لمعظم الأراضي السورية من قبل الفصائل المسلحة.   

ومثّل أعلان البرلمان الروسي في 30 سبتمبر 2015 موافقته على الطلب الذي وجهه الرئيس فلاديمير بوتين، للسماح باستخدام القوات المسلحة الروسية في سوريا.. نقطة تحول كبيرة في موازين القوى وميل كفة الصراع لصالح النظام السوري من خلال ضربات دقيقة ومركزة لمفاصل الإرهاب وخطوط إمداده..

وفي ردة فعل تجاه الموقف الروسي أعلنت السلطات السعودية والتركية وهما من أبرز الداعمين للمسلحين في سوريا عن خطتهما للتدخل براً في الأزمة السورية وبينتا أن خطتهما هي لدعم الجيش السوري الحر والقوات المعارضة الأخرى، وقالت السعودية أن الجيش السعودي و الجيش التركي سيدعم الجيش الحر في معركته ضد داعش, ولن تدعمه في حربها ضد قوات النظام السوري.

ويمكن حصر أهم اللاعبين الدوليين في المعادلة السورية على النحو التالي:

1- روسيا: تحتل المرتبة الثانية بعد إيران، وهي الداعم الرئيس والقوي لسوريا، والقوة الموازية للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط.. وتشكل سوريا اليوم بالنسبة إليها وقاعدتها البحرية الأخيرة في طرطوس رمزاً مهما للامتداد الروسي العالمي أمام غرمائها في المنطقة، بل ومستعدة للدفاع عنه بكل ما أوتيت من قوة .

2- الولايات المتحدة الأمريكية: مثل سقوط الاسد حلما إستراتيجيا مهما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، لأن نهاية الأسد قد تساهم في تدهور قدرة إيران على دعم حزب الله ضد أحد حلفاء الولايات المتحدة الأساسيين أي إسرائيل.. إلا إنها لم تستطع الدخول ومهاجمة النظام السوري بشكل مباشر بسبب الاعتراضات الروسية من جانب، وخوفها من الرأي العام الأميركي من جانب آخر الذي لا يريد خوض حربٍ أخرى في الشرق الأوسط.

3- تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية: وتُعد أكبر خصومٍ الأسد على الصعيد الإقليمي، وتعمل منذ اندلاع الاحتجاجات على الإطاحة بنظامه، وتعمل السعودية على دعم الشخصية القبلية السورية أحمد الجربا داخل الائتلاف الوطني السوري، وثوار الجبهة السورية الخاضعين لقيادة غير إسلامية في شمال غرب سوريا، والجيش السوري الحرّ.. أما تركيا وقطر فقد فضلتا الفصائل التي ترتبط أيدلوجيا بـ (الإخوان المسلمين).. وعملتا معاً لتعزيز نفوذهما في سوريا وفي ساحة المعركة على وجه الخصوص.. وتدعم الجهات الثلاثة ما يعرف بتنظيم (جيش الفتح) وهو اتحاد عسكري بين مجموعة من الفصائل المسلحة وأبرزها جبهة النصرة، تم تشكيله في 24 مارس 2015.. كما تم تشكيل تحالف سني اسلامي بقيادة السعودية تشترك فيه قرابة 35 دولة أبرزها تركيا والباكستان وقطر و....

4- الائتلاف الوطني السوري: ويعتبر هذا الإئتلاف الذي تشكل برعاية قطرية وتمويل سعودي ومباركة أمريكية؛ الهيئة الرئيسة التي تمثل مختلف فصائل المعارضة السورية في الخارج من بينهم: (المجلس الوطني السوري، الهيئة العامة للثورة السورية، لجان التنسيق المحلية، المجلس الثوري لعشائر سوريا، رابطة العلماء السوريين.. وآخرين).. ويمثل هذا الائتلاف على الصعيد الهيكلي تركيبة متناقضة ومتشعبة الرؤى والرغبات الى درجة الاقتتال الداخلي فيما بينها.

5- الجيش السوري الحر: مجلس القيادة العسكرية العليا للجيش الحر:  هو قوة عسكرية أعلن تأسيسه ضباط مُنشقون عن الجيش العربي السوري بتاريخ 29 تموز 2011 بدعوى حماية المتظاهرين السوريين ،الجيش السوري الحر المدعوم عسكريا من قبل المملكة العربية السعودية ظهر بقوة خلال بدايات الثورة السورية، لكن قوته بدأت بالتراجع أمام الجماعات الإسلامية، مثل جبهة النصرة المنضوية تحت راية القاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية" داعش.

6- الجبهة الإسلامية: هو تحالف أو اتحاد يتشكل من عدد من الجماعات المقاتلة هي: (حركة أحرار الشام الإسلامية، كتائب أنصار الشام ، صقور الشام، لواء الحق ، لواء التوحيد ، جيش الإسلام ، الجبهة الإسلامية الكردية)، ويتخذ هذا التحالف من السلفية منهجا لها في أقامة دولة أسلامية في سوريا تحكمها الشريعة، و يقدر مقاتلوه بنحو 50 ألف – 60 ألف مقاتل يرأسهم زهران علوش - قائد تنظيم جيش الإسلام - بمنصب القائد العسكري العام قبل مقتله في غارة روسية على الغوطة الشرقية.. وتنشَط الجبهة في مناطق منها دمشق وريف دمشق ومحافظات حمص واللاذقية وحماة وإدلب وحلب ودير الزور.

7- جبهة النصرة: هي المجموعة الرسمية التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، وتعمل وفق الفكر السلفي الجهادي.. جل عناصر الجبهة من السوريين الذي قاتلوا سابقاً في العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها, وهي مطعمة كذلك بمقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين، وقد وسعت جبهة النصرة كذلك عملياتها في لبنان من خلال جناحٍ خاص يُعرّف أفراده عن أنفسهم بأنهم جبهة النصرة في لبنان التي تتعاون تعاوناً وثيقاً مع كتائب عبد الله عزام المرتبطة بتنظيم القاعدة.

8- الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش): تنظيم مسلَّح يتبع الأفكار السلفية الجهادية بالإضافة لأفكار ورُؤى الخوارج، ويهدف أعضاؤه - حسب اعتقادهم- إلى إعادة "الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة"، ويتواجد أفراده وينتشر نفوذه بشكل رئيسي في العراق وسوريا مع أنباء بوجوده في مناطق دول أخرى هي جنوب اليمن وليبيا وسيناء وأزواد والصومال وشمال شرق نيجيريا وباكستان. وقد ركزت داعش على السيطرة على المناطق في شرق وشمال سوريا وعلى المحافظة على هذه السيطرة لا سيما في المناطق المجاورة للعراق وتركيا.

روسيا تغير المعادلة..                            

في خطوة غير مسبوقة رفعت روسيا من دعمها لنظام بشار الأسد من المستوى السياسي والدبلوماسي إلى المستوى العسكري والأمني الواسع، وهو ما مثل نقلة نوعية لدورها في إدارة الصراع السوري؛ حيث أعلنت روسيا أن وجودها العسكري في سوريا جاء استجابة لطلب الرئيس بشار الأسد بهدف مواجهة خطر الارهاب وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على وجه الخصوص.

في هذا السياق أقدمت روسيا على تزويد القوات الحكومية بطائرات مقاتلة، ودبابات " تي 90 "، ومدافع هاوتزر، ومعدات وأسلحة عسكرية نوعية، ومجموعة من الخبراء العسكريين، بالإضافة للتواجد العسكري الفعلي على الأرض بقوة عسكرية من جنود البحرية الروسية .

وتأتي سرعة الحضور الروسي كمفاجأة مدوية لأمريكا والغرب عموما مما اخل بالتوازن العسكري في سوريا ووضع أمريكا وحلفائها في موقف عسكري صعب، تحولت فيها المجموعات المسلحة المدعومة من قبل تركيا والسعودية وقطر بفعل دقة الضربات العسكرية المنفذة من قبلها من موقع الهجوم إلى موقع المنهزم.

وقد أقرت القيادة العسكرية الأمريكية بفعالية تلك الضربات لـ"داعش"..  وقال العقيد ستيف وورن، المتحدث باسم القوات الأمريكية التي تشارك في مكافحة الإرهاب في العراق وسوريا، للصحفيين إن الضربات الجوية الروسية تغيِّر الوضع في سوريا لصالح حكومة بشار الأسد.

وكثفت المقاتلات الروسية لطلعاتها منذ بدء العملية في سوريا حتى بلغت 5200 طلعة قتالية، وما زاد من الضغط تزامن تلك العمليات مع عمليات واسعة النطاق يشنها الجيش العراقي ومتطوعو الحشد الشعبي على معاقل تنظيم داعش في العراق، فضلا عن إغلاق الجيش اللبناني لعدد من المنافذ الحدودية.

على ان القراءة الجديدة للمعادلة السورية تؤشر الى كسب أوراق تفاوضية لصالح النظام بقيادة الرئيس بشار الأسد، في مراحل أضحى فيها لاعبا لا يمكن تجاوزه في مرحلة يراد لها أن تكون انتقالية في سوريا، وتنم جملة العمليات عن قدرة أكبر للنظام السياسي السوري على المناورة.

ولتخفيف الضغط على الجماعات المسلحة اعلنت الولايات المتحدة دعوتها بضرورة التمييز بين المعارضة المعتدلة والتنظيمات الإرهابية، وفي هذا الصدد تم تكليف الأردن رسميا لتبني هذه المهمة والتي وافقت بدورها على مضض، لأنها تدرك الخلافات الدولية حول تصنيف الفصائل المعارضة المسلحة في سوريا.

من جهة أخرى نشرت مؤسسة توني بلير للدراسات الجيوسياسية تقريرا قالت فيه إن محاولات لتقسيم المقاتلين السوريين إلى معتدلين ومتطرفين "محكوم عليها بالفشل".

واقترح التقرير الصادر بأن يتم النظر إلى تلك المجموعات من باب الواقعية وليس الآيديولوجيا.. وذكر التقرير الذي أصدره مركز الدين والجغرافيا السياسية أن تلك الجماعات تشكل تحالفات عندما تشترك معا في الأهداف بغض النظر عن الآيديولوجية، معللة ذلك بمثال الجماعات المسلحة من الإسلاميين وغير الإسلاميين التي تقاتل ضد السلطات السورية وتنظيم "الدولة الإسلامية" في الآن نفسه.

وبين التقرير أن القوميين السوريين والانفصاليين الأكراد يقاتلون معا ضد تنظيم "داعش" في تحالف القوى الديمقراطية السورية شرقي البلاد، مشيرا إلى أن الجماعات تميل إلى الانتشار في جميع أنحاء سوريا، مستطردا بالقول إن بعضهم يقاتل  البعض الاخر في جزء من البلاد, علما ان اماكن مختلفة من البلاد تنتشر فيها اعضاء من الائتلاف.

وشدد التقرير على أن مثل هذه التداخلات "لا نهاية لها" ولا جدوى من محاولات القوى الدولية للتمييز بين المعتدلين والمتطرفين .

وتناول التقرير 48 فصيلا من الجماعات المعارضة في سوريا، وكشف أن نحو 33% أو ما يقارب 100 ألف مقاتل، يتبنون فكر تنظيم "داعش"، مبينا أن نسبة 60% من الجماعات تسعى لتشكيل حكومة تتبنى تلك الآيديولوجيا.

ويقول التقرير إن تلك الجماعات التي لا تتبع "داعش" غالبا ما تتبع آيديولوجية الجيش السوري الحر، مبرزا أن العديد منهم على استعداد للقتال مع المتطرفين، وربما يقبل تسوية سياسية إسلامية.

بالإضافة إلى ذلك، نصت الوثيقة على أن التطرف لا يزال ينمو بسبب التقاعس في العالم، حيث أكدت المؤسسة الناشرة أن 6 ائتلافات لا تزال نشطة في الصراع اليوم وأنشئت خلال عام واحد فقط.

إلى ذلك أشار المركز إلى أن الحرب الأهلية لا يمكنها أن تنتهي إذا ما تنحى الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، مؤكدا أن 90% ممن يحاربون في سوريا الآن لديهم هدف موحد وهو عدم الاتفاق على بقاء الأسد في السلطة.

هذا وأشار التقرير إلى أن الغرب يركز حاليا أكثر على تنظيم "داعش" بدلا من معالجة ما دفع إلى الانتفاضة في المقام الأول، معرجا بالقول: طالما استمر الوضع على نفس الوتيرة فإن المتطرفين سيستمرون في استخدام محاربة السلطات السورية كملعب للتجنيد".

ولعل اللافت للانتباه، وحسب استطلاع رأي أنجزه المركز، يبرز أن 38 في المائة من الذين خضعوا للدراسة يهتمون بمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية".

في غضون ذلك حذر تقرير من أن عددا من الجماعات الإرهابية يمكن أن تملأ الفراغ، في حال القضاء على تنظيم "داعش"، وأن ما يسمى بـ"الجهاد الإرهابي" لن ينتهي في جميع أنحاء العالم.

وأشار التقرير، إلى أن حوالي 15 فصيلا إرهابيا ينتشرون في سوريا، قادرون على الحلول مكان "داعش"، مضيفا أن ما يقرب من 100 ألف مقاتل من هذه الجماعات المعارضة في سوريا يتبنون ذات الآيديولوجيا الدينية والسياسية للتنظيم الإرهابي.

وبحسب الدراسة فإن نحو 60% من الجماعات المعارضة في سوريا جماعات "متطرفة"، وإذا تمكن التحالف الدولي من هزيمة "داعش" فإن الميليشيات الأخرى ستعكف على توسيع آفاقها وشن هجمات خارج سوريا.

ويشير معدو التقرير إلى أن أكبر خطر على المجتمع الدولي هو المجموعات التي تشترك في فكر "داعش"، ولكن تتجاهل في المعركة ضد الإرهاب.

ويحذر التقرير من أن سوريا أصبحت معقلا لأكبر تجمع للجماعات الإرهابية في العصر الحديث.

جدير بالذكر أن التقرير نشر بعد أن تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا بالإجماع يهدف إلى نزع فتيل الأزمة في سوريا ورسم خريطة طريق لعودة الهدوء والاستقرار في البلاد التي مزقتها الحرب مدة 5 سنوات.

التحالف السني السعودي                       

بعد بروز مؤشرات تغيّر نسبي لمواقف العديد من الدول الغربية، يرتبط بواقع ميداني متحرك فرضت بعض فصوله سياسات الكرملين، وتحوّل بوصلة العلاقات الغربية الإيرانية على خلفية تسوية الملف النووي الإيراني، وإعادة “تأهيل” طهران إقليميا ودوليا، وهو التغير الذي دفع دولا مثل المملكة السعودية إلى تدارك الوضع بإعلان تشكيل ائتلاف جديد "إسلامي" تحت يافطة "مواجهة الإرهاب"، على رغم انخراط الرياض ودول الخليج في الائتلاف الدولي الذي تشرف عليه الولايات المتحدة..

وقد أعلنت السعودية على لسان وزير دفاعها محمد بن سلمان إنشاء تحالف "إسلامي عسكري" هدفه محاربة الإرهاب.. على حد قوله يضم أكثر من 35 دولة، وكانت أبرز الأهداف التي رسمها هذا التحالف الجديد التصدي للآيديولوجية المتشددة عسكريا وفكريا متمثلة بتنظيم داعش الإرهابي، ولكن اللافت في التشكيل الجديد أن الدول المنضوية تحته هي دول سنية فقط، مشيرة الى أن مهامه لن تقتصر فقط على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بل سيسعى لمحاربة الإرهاب بشكل عام..!

من جانبه يحذر عبد الباري عطوان في حوار له مع قناة الميادين الى أن هذا التحالف بتركيبته السنية، سيؤدي الى تعميق الشرخ الطائفي في المنطقة وبالتالي تقسيمها على أسس طائفية شيعية وسنية، وهذه هي الخطورة التي يجب ان يعيها الجميع بالمسألة، لأنه سيؤدي بالتأكيد إلى حرب طائفية بين طرفي المعادلة، والى هذا ذهب جون بولتن في مقالة في نيويورك تايمز يتحدث عن دولة سنية تكون بديلا لدولة الخلافة الإسلامية التي يقودها داعش..

مؤكدا ان هذا التحالف يكرس التقسيم الطائفي في المنطقة ويؤسس لحرب طائفية ربما تمتد لعقود أو ربما لقرون لا يعرف أين سينتهي مثل هذا السيناريو.

ويتساءل عطوان بالقول: (أن لدينا منظمة التعاون الإسلامي التي كانت منظمة المؤتمر الإسلامي ومقرها جدة، أذن لماذا اذا كان هذا التحالف إسلاميا لم لا تشرف هذه المنظمة عليه أو تستضيف أعضائها البالغين 56 دولة او أكثر كي يقرروا الحرب على الإرهاب.. لماذا جرى استبعاد هذه المنظمة والمملكة هي من أسستها بعد حرق المسجد الأقصى ومن اجل الدفاع عنه وعن فلسطين في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي.. لكن يبدو ان الإرهاب الإسرائيلي غير مطروح نهائيا، هناك تحالف عربي في اليمن، وتحالف أسلامي لمحاربة الإرهاب في العراق وسوريا.. والسؤال أين الإرهاب الذي يمارس ضد خمس ملايين فلسطيني من قبل إسرائيل، وأنا استمعت للمؤتمر الصحفي الذي أقامه الأمير محمد بن سلمان، فانا لم أسمع منه كلمة إسرائيل، أو يذكر الإرهاب الإسرائيلي) .

ويشير عبد الباري عطوان: (أن كل هذا الازدحام العسكري والطائرات التي تملا أجواءه لأنها رفضت أن تفك الحلف الذي بينها وبين إيران، فإيران هي المستهدفة بالدرجة الأولى وليست سوريا، سوريا هي درجة أو سلم للوصول الى إيران بطريقة أو بأخرى) . 

وفي خطوة عملية لهذا التحالف أعلنت السعودية استعدادها للتدخل بريا في سوريا، ونقلت شبكة "السي ان ان" عن «مصدرين سعوديين مطلعين على خطط المملكة» للتدريبات العسكرية كجزء من إعدادها لمكافحة تنظيم داعش في سورية، أن عدد المتدربين قد يصل إلى 150 ألف جندي، وأن معظم الأفراد سعوديون مع قوات مصرية وسودانية وأردنية داخل المملكة حاليا.

والتزمت المغرب بإرسال قوات إلى جانب تركيا والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر، ومنذ أسبوعين عيّن السعوديون والأتراك قيادة للقوات المشتركة التي ستدخل سوريا من الشمال عبر تركيا.

وتشمل قائمة الدول الآسيوية المشاركة ماليزيا وإندونيسيا وبروناي والتي أسست قيادة مشتركة لم تعلن عنها حتى الآن، ومن المتوقع أن تكون ماليزيا أول من ترسل قواتها من هذا الثلاثي إلى السعودية.

أسرائيل تتفرج

في حديث لمصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة «واشنطن بوست»، في سياق رده على سؤال يتعلق بالسياسة الإسرائيلية المتبعة تجاه تنظيم «داعش»، يكشف الكثير من الأوراق بخصوص طبيعة العلاقة بين أسرائيل وهذا التنظيم الإرهابي، ويركن جانبا كل التصريحات الصادرة عن تل أبيب عن إرهابه وتهديده.

وبيّن هذا المصدر أن وجود داعش مفيد لإسرائيل، لانه يشغل الجناح الراديكالي حسب وصفهم المتمثل بـ (إيران وسوريا الأسد وحزب الله)، وأي شيء خلاف ذلك نتيجة غير جيدة لإسرائيل، وبحسب ضباط إسرائيليين: « هي تفرض عليها أن تتدخل كي تحرف الأمور عن مقاصدها، وتدفع إلى تغيير النتيجة».

وتشير صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى منبع الخشية الإسرائيلية ودوافعها: «القضاء على داعش في سوريا من شأنه أن يُبقي محور حزب الله وإيران وسوريا أقوى مع الوجهة نحو إسرائيل. أما العالم، الذي سينهي مهماته ضد داعش، فسيختفي مرة أخرى من المنطقة، وتحالف الشر سيبقى مشكلة إسرائيلية صرفة». ما يعني، بكلمات أخرى، أن غياب «داعش» عن الميدان السوري يُعَدّ من ناحية تل أبيب تهديداً بذاته، كما أنه تهديد نتيجة غيابه كوظيفة في وجه أعداء إسرائيل.

لهذا تكثف إسرائيل حسب هذا المصدرمن «أتصالاتها الهادئة» مع(داعش) وتمارس معه سياسة «الاحتواء» مؤكدا أنّ بإمكان إسرائيل أن «تمسح» هذا التنظيم عن الخريطة لو أرادت خلال ساعات معدودة، سواء في الجنوب السوري أو في شبه جزيرة سيناء، إلا أنّه يسأل في المقابل: «ماذا عن اليوم الذي يلي؟». وأضاف شارحاً الموقف إسرائيلي الراهن، أن تهديدات ما بعد، ستكون أكبر من تهديدات ما قبل.

في هذا السياق، ورد في تقرير عسكري إسرائيلي، أن إسرائيل معنية ببقاء «داعش» ومنع الحاق الهزيمة به، وتحديداً في سوريا، باعتبارها مصلحة إسرائيلية.. لكن كيف يمكنها فعل ذلك؟ سؤال يفتح الباب أمام الخيارات المطروحة في الساحة السورية المعقدة وتداخل مصالح أكثر من طرف فيها، من شأنه أن يحول دون تحرك إسرائيلي فعلي.. وهذا بدوره يعيد طرح الإشكالية التي توصل إليها مؤتمر الأمن القومي الذي اقيم في تل أبيب، والتي وصفها بـ«المعضلة الاستراتيجية» أمام إسرائيل، إذ أشار إلى وجوب العمل على بلورة خيارات بديلة (تجاه الساحة السورية) من أجل تصميم واقع مغاير وعدم الاكتفاء بالوقوف بلا حراك، مع تحذير المؤتمر من أن نتيجة الخيارات البديلة ستكون مترافقة أيضاً مع كثير من الشك وعدم اليقين، تجاه الإمكانات والنتائج.

من جانبه وضح نائب رئيس الأركان الإسرائيلية (مائير غولان) أربعة تهديدات رئيسية بالنسبة لـ "إسرائيل"  في سوريا، والتي هي: الوجود العسكري الروسي، حزب الله، تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، والجيش والمسلحون في سوريا.

وأشار غولان إلى أنّ العلاقة مع الجيش الروسي في سوريا، تحكمها علاقة «ابتعد عني وابتعد عنك»، وتسعى إلى الحؤول دون احتكاك في السماء السورية بين سلاح الجو الإسرائيلي ونظيره الروسي، وهو ما يبعد الجانبين عن معارك جوية.

وأضاف أنّ هذه العلاقة ليست «بناء جديداً» في العلاقات بين الدول، بل هي فقط تسعى إلى «تنسيق تقني وتكتيكي»، وهي تنصّ على أنّه اذا تجاوزت طائرة حربية روسية الأجواء الإسرائيلية، فنقول لها «حبيبتي ابتعدي، فنحن لا نريد ان نضايقكم، افعلوا ما تريدون دون ان تضايقونا».

وبحسب غولان، فإن الروس «يدركون انه لا يوجد بيننا وبينهم تناقض في المصالح، واننا نعمل فقط عندما تهدد مصالح "إسرائيل"، وقال «ثمة تفاهم في هذا الشأن، وهو تفاهم متبادل».

وتطرق غولان الى «الحرب الباردة» بين إسرائيل وحزب الله، مشيراً الى أنّ القتال الدائر في الساحة السورية، وإنشغال الحزب في هذا القتال، يؤثران في ابعاده عن المواجهة مع إسرائيل، إلا أنه أضاف: «هذا لا يعني أن عدم قتاله (حزب الله) هناك، يؤدي إلى فتح النار ضد اسرائيل».

وعن المعركة ضد «داعش»، شدد غولان على وجود قدرة فعلية على هزم «الدولة الاسلامية»، واضاف: «صحيح ان بالإمكان التغلب عليه، ليس فوراً بل يتطلب ذلك سنة او سنتين، الا ان فكرة داعش وايديولوجيته ستبقيان قائمتين». وبحسب غولان، فإن الجهد المنصبّ ضد هذا التنظيم منذ استهداف الطائرة الروسية في سيناء، ينفذ بصورة مركزة وصحيحة ويستهدف منابعه الاقتصادية. وقال: «المسألة ان داعش سيبقى معنا لفترة طويلة، وسننهي صورة منه، بينما سنواجه في اعقاب ذلك صورة اخرى منه».

وحول التنظيمات المسلحة في سوريا، أشاد غولان بالسياسة الاسرائيلية المتبعة تجاه المسلحين، وقال ان «الاستراتيجية صحيحة، وهي تجنب التدخل في سوريا مع تقديم المساعدة الانسانية». وأشار إلى أنّه «يوجد بالقرب من حدودنا في الجولان عشرات التنظيمات، وعلينا الا ندخل في المعمعة. لقد قدّمنا الوقود والالبسة الشتوية والطعام وعالجنا ما يقرب من 2000 جريح سوري ومن بينها حالات حرجة، الامر الذي تسبب في الهدوء على طول الجبهة».

واضاف ان «التنظيمات المعادية تفضل معالجة الجرحى لدينا على ان تطلق النار باتجاهنا... هذه هي السياسة الصحيحة التي تثبت نفسها وصحتها، وانا آمل الا ندخل في نزاع عنيف، وعلينا ان نبعد انفسنا عن سوريا وألا تطأ اقدامنا اراضيها».

أبواب جهنم.. والخطة ب ؟

في تساؤل محير وفق المعطيات التي تدور في الساحة، يتساءل الجميع عن امكانية إندلاع حرب إقليمية تفتح أبواب جهنم على مصراعيها، خصوصا بعد إزدياد حدة التراشق الإعلامي بين الأطراف المتصارعة، ابتدأت بتحذير روسيا من ان أنقرة  تحشد قواتها العسكرية على الحدود المشتركة مع سوريا إستعدادا لغزو الشمال السوري، بالمقابل تركيا.. المُتهَمة الرئيسية بإشعال الأزمة السورية، وتدفق الإرهابيين الى بلاد الشام, بدت مُحْرَجة, وحاولت نفي الخبر الذي أكدت موسكو صِحَته ومعطياته، ما لبثت (أنقرة) ان اعترفت, وإن بنحو خجول ومنافق، أنها إن «فكّرَت» في خطوة كهذه، فلن تُقْدِم عليها إلاّ بالتنسيق مع «الحلفاء».

من جهة أخرى أعلنت السعودية على لسان المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، العميد الركن أحمد عسيري، أن السعودية على استعداد للمشاركة في أي عملية برية ضمن التحالف الدولي في سوريا، الأمر الذي قوبل بترحيب أميركي، أعقبه الاعلان عن أقامة مناورات عسكرية واسعة في شمال المملكة السعودية تحت أسم (رعد الشمال) شاركت فيه دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين)، إضافة الى مصر وباكستان والمغرب وماليزيا والاردن، ودول اخرى منها السنغال وتشاد وتونس.

واستبعد وليد المعلم، وزير الخارجية السوري تدخل الدول الداعمة للمعارضة المسلحة في بلاده بريا.. وقال إن أي توغل لقوات غير سورية داخل سوريا يعد عدوانا وتتوجب مواجهته.. لكنه حذر من أن "من سيعتدي على سوريا سيعود في صناديق خشبيه إلى بلده"، حسب وصفه.

بالمقابل وفي رد فعل أيراني شديد اللهجة على لسان نائب قائد الحرس، حسين سلامي؛ "حذرنا السعودية من مغبة التدخل في سوريا، وأنهم يعلمون أن المنطقة ستشهد أحداثا مفجعة ومؤلمة إذا ما تدخلوا في سوريا".

وكان القائد السابق للحرس الثوري وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، قال ، إن "دخول السعودية الحرب في سوريا سيؤدي إلى إشعال المنطقة كلها، ومنها السعودية نفسها ".

وكتب رضائي في صفحته الشخصية على "إنستغرام" إنه" من المحتمل حدوث مواجهة بين روسيا وتركيا والسعودية، ومن ثم دخول أميركا على الخط ووقوع حرب إقليمية كبرى".

وخاتمة هذه المعادلة كان خطاب السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله، في خطابه في ذكرى قادته الشهداء، المتعلق بقدرات حزب الله الصاروخية التي بات بإمكانها ان تطال كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة حاويات غاز الامونيا في مدينة حيفا، في حال فكرت أسرائيل المغامرة بأي عدوان على لبنان ضمن الاوضاع الراهنة في المنطقة، والذي مثل حالة قلق عام اجتاحت الشارع الاسرائيلي، ودفع بقيادات المؤسسة الأمنية والاستخباراتية الصهيونية باتخاذ سلسلة من الإجراءات، تسهم في تهدئة الناس في حيفا، ويسعون الى إقناعهم بأهمية التحصينات التي اتخذت حول الحاويات، وهي تحصيات زعموا أنها تحميها من الاصابة، مع إمكانية إفراغ الحاويات من الغاز اذا استدعى الوضع الأمني، الا ان نتائج هذه الإجراءات لم تهدىء من روع المستوطنين الذين يشعرون ان الأرض تحترق من تحتهم.

من ناحية أخرى كان التراشق الإعلامي العنيف الذي تصاعد بعد انهيار محادثات جنيف 3 (رغم تجميلها بالقول انه تم تأجيلها) يشي بأن ثمة ما يمور تحت «سطح» الدبلوماسية والتحركات السياسية وتلك المُتسِمَة بالسرية, التي نشطت لتلافي حدوث ما لا يُحمد عقباه، بعد ان لفتت النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في ميادين المعركة, وارتفاع اصوات مشبوهة في توقيتها واجندتها، تُحذِر من تدفق اللاجئين من مناطق مدينة حلب واريافها، ثم بروز معلومات مدعومة بالصور والمعطيات، تتحدث عن حشود عسكرية تركية على الحدود المشتركة مع سوريا تستعد لغزو الشمال السوري، ما أثار المخاوف باندلاع مواجهة عسكرية قد تبدأ بمناوشات خفيفة لن تلبث ان تتحول الى حرب مفتوحة، تُدرك اطرافها انها لن تكون سورِيّة تُرْكِية, لا عند بدء دوِيّ المدافع وبالتأكيد ليس في فصولها الأشد، حيث ستكون نهاياتها (ان نجح احد في وقفها) حاسمة، ولن تكون وفق صيغة لا غالب ولا مغلوب، بل سيكون هناك من يرفع راية النصر ويقابله في الخندق الآخر, مَنْ يرفع الراية البيضاء ويعترف بالهزيمة.. إلا اللهم ان استخدمت الخطة (باء) وتم تفادي الأزمة وإخماد النار التي أذا اريد لها ان تشتعل ستحرق الأخضر واليابس.

وفي ذلك كتب"جورج حدادين" في مقال له على موقع ميسلون الإخباري موسومة بعنوان (انتهت اللعبة) والتي يتحدث فيها عن الخطة "باء" الأمريكية، التي أطلقها بوش الصغير من على ظهر باخرة حربية أمريكية للجنود المصطفين أمامه، وذلك أثر غزو العراق من قبل قوات الناتو عام 2003.. بعد أن قال عبارته الشهيرة (أنتهت اللعبة..)، بعد فشل مخطط الاحتواء المزدوج، إيران والعراق، في الحرب التي دارت على مدى السنوات الثمانية ( حرب الخليج الأولى 80 – 1988) فكان لا بد من الانتقال إلى “مخطط ب ” التالي وهو احتلال العراق بشكل مباشر، العدوان الثلاثيني على العراق بداية تسعينات القرن الماضي، ثم فرض الحصار لمدة تقارب ثلاثة عشر عاماَ عليه، وأخيراَ الغزو المباشر عام 2003، وفي الوقت ذاته فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ومالية على إيران من أجل إخضاعها للهيمنة، وبعد غزو العراق مباشرة فرض شروط على الحكومة السورية من أجل ” تغيير سلوك النظام السوري” وحيث رفض النظام السوري هذه الإملاءات تم شن الحرب الإرهابية المستمرة على سوريا.

كما تبدو الأمور اليوم، فأن بوادر تكرار الخطة باء مؤاتية جدا في المشهد السوري ، خصوصا بعد هزيمة مشروع إسقاط سوريا ومعه هزيمة مشروع الشرق الأوسط الجديد.

وبالفعل صرح وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري بأن الإدارة الأمريكية تتجه لتطبيق الخطة( ب) والتي تتضمن خيارين: الاول؛ التدخل العسكري في سوريا، والثاني؛ فتح جبهة ليبيا، أي نقل كافة قوات التبعية الإرهابية المهزومة إلى ليبيا خاصرة الجزائر ومصر، وفي الوقت ذاته العودة إلى مشروع الاحتواء المزدوج لسوريا وإيران؟

ويقول جورج حدادين في ذلك: أن التدقيق في الافتراض الأول بتدخل عسكري بري مشترك " سعودي تركي بحماية طيران الأطلسي"، بعيد المنال وفق التغيرات الدولية والوقائع على الأرض، وذلك للأسباب التالية:

1. بعد دخول الطيران الروسي على خط المعارك، والانعطافة الكبرى في الواقع الميداني على الأرض، لا يسمح بحدوث تدخل عسكري بري أو بحري أو جوي، إلاَ بكلف باهظة جداً لا يتحمل الواقع العالمي الراهن تداعياته، خاصة وأن الدول التي تلمح إلى التدخل مأزومة على كافة الصعد: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمالية.

2. لم تجرؤ الإدارة الأمريكية أثناء أزمة الأسلحة الكيماوية مع النظام السوري، من التدخل العسكري، بالرغم من حجم حشود أساطيلها في البحر المتوسط، لا بل تلقفت المبادرة الروسية بنزعها كمبادرة إنقاذ لماء الوجه.

4. بالرغم من الوضع العسكري الصعب للجيش السوري، قبل تدخل الدعم الروسي، لم تجرؤ تركيا على التدخل ولا فرض منطقة آمنه لإرهابيها، على الحدود الشمالية، والذي كانت تتبجح به ليل نهار.

5. استيعاب المركز الرأسمالي العالمي، رغبة وحاجة روسيا إلى العودة للعب دور وازن في السياسة العالمية، بسبب مصالحها المتنامية، وسوريا من الأهمية بمكان لروسيا، بحيث لن تسمح لأي قوة كانت من احتلالها أو تفككيها، حيث ظهر ذلك جلياً مع تدخلها العسكري المباشر.

من كل تلك المعطيات يبدو ان الخطة (باء) في الخيار الثاني أقرب للإدارة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، ويبدو هذا واضحا من خلال الحملة الإعلامية المكثفة عن الوضع في ليبيا من أجل استهداف الجزائر ومصر عبر تلك الخاصرة الطرية، كما هو معروف في العلم العسكري، يناور في جهة ويوجه الضربة في جهة أخرى.. على ان الخطة ب تتكون من عنصرين، نقل قوات التبعية الإرهابية المحمولة إلى ليبيا، والعودة إلى مشروع الاحتواء المزدوج، وفي هذه المرة سوريا وإيران من خلال الشركات المتعددة الجنسيات في حملة البناء التي من المنتظر ان تنطلق بعد إيقاف العمليات العسكرية.

هل هي الحرب الإقليمية إذاً.. التي لا يمكن تفاديها، وتفتح أبواب جهنم على مصراعيها ليست على سوريا فحسب بل والعالم, إلاّ إذا تراجعت حدة التوتر وانحسر التراشق الإعلامي والتهديدات المُتبادلة بين عواصم الإقليم .. أم سيمضي مشروع (الخطة باء) ليرى النور؟.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف