البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

January / 23 / 2016  |  1708سوريا مسرح هرمجدون

صلاح الدين - Solahudin صحيفة انسياد اندونيسيا - Inside Indonesia
سوريا مسرح هرمجدون

التّحرير: من موقع المتخصص بالجماعات الجهاديّة والسلفيّة المؤسّسة للإرهاب في أندونيسيا والعالم أجمع، يحذّر الكاتب من عمليّات الإستغلال التي تمارسها هذه الجماعات والتلاعب بالنصوص والأحاديث لحشد الدعم لما يسمّونه الجهاد في سوريا. ويكشف أن هذا التحشيد ليس له سابقةٌ لا في حرب العراق ولا أفغانستان، لأنّ الجماعات الإرهابية أقنعت أنصارها بخصوصيّة المعركة في سوريا لارتباطها الوثيق بظهور الإمام المهدي ومعركة نهاية العالم بحسب تأويلهم، ثمّ بواسطة حديثٍ لا أساس له. أقنعتهم أيضًا بأنّ الروم أي الولايات المتّحدة ستكون نصيرةً للمهديّ... وهكذا أصبحت معركة السلفيّة الجهاديّة في أندونيسيا هي نفسها معركة هرمجدون التي تستخدمها الإنجيليّة الصهيونيّة بوصفها معركة نهاية التاريخ ضد الشيطان وقواه التي يمثلها «المسلمون»!...


إنّ مقتل أبو محمّد الإندونيسي في الغوطة الشرقيّة في نوفمبر 2013 أكّد التقارير القائلة بأنّ جهاديين إندونيسيين يقاتلون في سورية. لقد أُعْلِنَ عن «شهادته» في 25 نوفمبر على موقع تويتر من قبل كتيبة «صقور العزّ»، إحدى الميليشيات الإسلامية المتمرّدة  في سوريا.

ولكن من هو أبو محمّد الإندونيسي؟ بحسب وسائل إعلام جهاديّةٍ متعدّدةٍ، إسمه الحقيقيّ هو رضا فردي. أصوله من كالمنتان الغربيّة، كان قد درس في مدرسة المكمن الداخليّة الإسلاميّة (المعروفة بـ «نغروكي» تبعًا لإسم القرية التي تتواجد فيها)، وهي مدرسةٌ تابعة للجماعة الإسلامية في «سولو» في «جافا الوسطى»، وقد درس في هذه المدرسة ستة من منفّذي تفجيرات بالي. بالإضافة لهذه المعلومات، فقد أشار موقع الإنترنت voa ـislam.com المتشدّد إلى أنّ رضا قد درَّسَ في نفس المدرسة بعد تخرّجّه من نغروكي سنة 2006 لمدّة عامٍ قبل أن يذهب بصحبة خرّيجٍ آخر من نغروكي للدراسة في جامعة الإيمان في اليمن. وعندما اندلع النزاع السوريّ، ترك اليمن لينضمّ إلى كتيبة صقور العز.

من المستبعد أن يكون رضا فردي الإندونيسيّ الوحيد الذي قاتل في سوريا. إذ أعلنت السفارة الإندونيسية في باكستان في أكتوبر بأنّ أربعة تلامذة إندونيسيين مسجّلين على لوائح الطلّاب في الجامعة الإسلاميّة الدوليّة في إسلام آباد قد «اختفوا» في أغسطس. وقد تتبّعَت السفارة أثرهم حتّى تركيا، وشكّت بأنّ الأربعة، الذين هم جميعهم من خرّيجي نغروكي، قد ذهبوا لإعلان الجهاد في سوريا. وفي نوفمبر، قال رئيس دائرة حماية المواطنين في الخارج في وزارة الخارجيّة الإندونيسيّة تاتانغ بودي رزاق أوتاما (Tatang Budie Razak Utama) للإعلام بأنّه يُقدّر أعداد الإندونيسيين الذين يقاتلون في سوريا بحوالي خمسين شخصًا.

هناك جماعاتٌ إسلاميّةٌ أخرى في إندونيسيا تقدّم المساعدات الإنسانيّة للثوّار السوريين. وأكثرهم نشاطًا في هذا المجال هي جمعيّة «هاسي» أي جمعيّة الهلال الأحمر الإندونيسي (التي ليس لها أيّ علاقةٍ مع الاتحاد الدوليّ لجمعيّات الصليب الأحمر والهلال الأحمر). لقد تشكّلت هاسي من قبل نشطاء الجماعة الإسلامية، وتختار معظم قيادتها من المثقفين الجهاديين الشباب. وتجمع التبرّعات من أجل سوريا من خلال تنظيم اجتماعاتٍ شعبيّةٍ حول النزاع الدائر هناك وتجمع المال من الحاضرين. لقد نظّمت هاسي أكثر من خمسين تجمّعٍ شعبيٍّ في إندونيسيا في السنتَيْن المنصرمتَيْن وأرسلت في نفس الفترة هذه ثماني فرق على الأقلّ إلى سوريا. على الرغم من أنّ إجماليّ المبلغ الذي جمعته هاسي غير واضحٍ، ولكنّ أحد تقاريرها يذكر هبة بحوالي 20000$ من أجل بناء مشفىً في قرية سَلَمى في محافظة اللاذقّية، وهي منطقةٌ تسيطر عليها الجماعات الجهادية، من بينها أحرار الشام التي تُعَدّ صلة الوصل الأساسيّة مع الجهاديين الإندونيسيين، بالإضافة إلى صقور العزّ وجبهة النصرة المنضوية تحت تنظيم القاعدة. لقد بُنِيَ المشفى من أجل معالجة إفراد المجتمع وجرحى الجهاديين.

إنّ الانخراط الإندونيسي لا يقف عند هذا الحدّ. إذ أصدر أمير جماعة أنشاروت توحيد (Jema’ah Ansharut Tauhid) والقائد السابق في الجماعة الإسلاميّة أبو بكر بعسَيير (Abu Bakar Ba’asyir) فتوىً تقول بأنّ الجهاد في سوريا يُعَدُّ أولوية أعظم من الحجّ أو العمرة. فاتّبعت الجماعة فتوى أميرها من خلال جمع المساعدات من أجل سوريا. وقد استطاع فرع الجماعة في نوسا تينغارا (Nusa Tenggara) في يوليو 2013 جمع أكثر من 5000$ في يومَيْن. ولكن ليس واضحاً ما إذا قامت الجماعة بالتالي بإرسال فريقٍ إلى سوريا.

إنّ هذه االاجابات المتعدّدة تدعوا إلى طرح السؤال التالي: لماذا جهاديوا إندونيسيا شديدوا الحماس إلى هذه الدرجة في ما يخصّ الجهاد في سورية؟ إنّ حماسهم يتخطّى انتباههم لحربَيْ أفغانستان والعراق بمراحل. لم تحصل أبدًا أيّ حملة جمع تبّرعات على هذا المستوى الواسع لأفغانستان أو للعراق، كما لم يكن هذا الانجذاب للذهاب إلى الجهاد إلى أيّ دولةٍ أخرى منتشرًا إلى هذه الدرجة. إنّ درجة انخراط الجهاديين في النزاع السوري يُعَدُّ أمرًّا جديدًا.

سوريا مسرح هرمجدون

يعتبر الجهاديون الإندونيسيون الصراع السوريّ صراعًا استثنائيًّا لأنّهم يؤمنون بأنّه مرتبطٌ بالنسخة الإسلاميّة لمعركة هرمجدون، أي المعركة النهائيّة مع اقتراب يوم الحساب. تتوقّع عدّة أحاديث نبويّة وقوع حربٍ يفنى فيها العالم، ومن بينها حديثٌ يشير إلى أنّها سوف تبدأ في سورية. الكثير من الجهاديين مقتنعون بأنّ المهدي، أيْ النسخة الإسلاميّة للمسيح، سيأتي إلى سوريا، حيث سيقاتل ويهزم الدجّال، النسخة الإسلاميّة لعدو(المسيح الدجّال)، فيفتح بذلك الباب لانتصار المجتمع الإسلاميّ في جميع أنحاء العالم. إنّ أهميّة سوريا بالنسبة لنصر الإسلام النهائي تعني من وجهة نظر الجهاديين أنّه واجبٌ على كلّ مسلمٍ أن ينخرط في الحرب الدائرة فيها، لأنّ المشاركة في الجهاد هناك تساوي المشاركة في الدفاع عن المهديّ. لذلك، باستطاعة من لا يستطيع الذهاب إلى سوريا للمشاركة في الحرب أنْ يشارك من خلال التبرّع بموارده من أجل دعم الجهاد.

وفي الوقت نفسه، لقد حيّرت الحرب في سوريا بعض الجهاديين الإندونيسيين لأنّها تضعهم على نفس الضفّة مع الولايات المتّحدة، خصوصًا عندما كانت حكومة أوباما تُعِدُّ خططًا ـوُضِعَت بعدها على الرفّ ـ لمهاجمة نظام بشار الأسد بعد استخدامه الجليّ للأسلحة الكيميائيّة. وبالتالي، إنّ أيّ هجومٍ أميركيٍّ على النظام السوريّ كان سيكون بمثابة أنّ قوات الدجال تعمل بالشراكة مع قوات المهدي، وهذا احتمال لا يمكن تصورّه. لقد تمّ حلّ مسألة الارتباك عند المتطرّفين الإندونيسيين جزئيًّا فقط عندما وجدوا حديثاً نبويًّا يقول بأنّ الرومان سيساعدون المهديّ في المعركة النهائيّة، فقام الجهاديون بتأويل كلمة «الرومان» بأنَّها تعني الولايات المتحدة وحلفاءها.

كان الجهاديون قد بدأوا يؤمنون، حتّى قبل اندلاع الصراع السوريّ، بأنّ نهاية العالم أصبحت وشيكةً. ففي سنة 2005، شكّل بعض الناشطين من مجلس المجاهدين في إندونيسيا، الذي كان يقوده أبو بكر بعسيير حتّى سنة 2008 عندما غادره لتشكيل جماعة أنشاروت توحيد، لجنة ترحيب من أجل المهدي. نشأت معتقداتهم هذه من حديثٍ يقول بأنّ المهديّ سينزل مباشرةً بعد وقوع خسوف للقمر وكسوف للشمس في شهر رمضان واحد، وهذا ما حصل سنة 2005. وبقيت فكرة أنّ الحرب الأخيرة أصبحت قريبةً فكرةً رائجةً بين الجهاديين على الرغم من أنّ المهدي لم يظهر. كان أحد أهمّ الكتّاب في تلك الفترة رجل الدين الشاب من الجماعة الإسلاميّة أبو فتيّة العدناني، خرّيج مدرسة نغروكو الداخلية، الذي ألفّ أكثر من عشرة كتبٍ حول هذا الموضوع.

مصدرٌ للمصداقيّة

بعيداً عن العوامل المرتبطة بالمخلّص، لقد ظهر الصراع السوريّ بأنّه طريقٌ للجماعات مثل الجماعة الإسلامية وجماعة أنشاروت توحيد من أجل إعادة كسب المصداقيّة داخل المجتمع الجهاديّ. إذ إنّ مصداقية الجماعة الإسلامية في هذه الأوساط كانت قد انهارت بشكلٍ كبيرٍ عندما أعلنت فعليًّا نبذها للعنف على الأراضي الإندونيسيّة بعد وقوع هجمات لمكافحة الإرهاب في منطقة «بوسو» الواقعة في سولاويسي الوسطى عام 2007، أدّت إلى إلقاء القبض على معظم القادة الكبار. وكان الغضب على الجماعة الإسلامية قد بُثّ علنًا سنة 2010، عندما نشر التحالف الجهادي، الذي يقف خلف معسكرٍ لتدريب المقاتلين في آشه، مقطعَ فيديو يهاجم فيه جهارًا الجماعة الإسلاميّة لتخلّيهم عن الجهاد. فنصح أحد أعضاء التحالف، في هذا المقطع المصوّر، أعضاءَ الجماعة الإسلاميّة بالانخراط في الصراع وألّا يكونوا راضين بهذه الحملة اللاعنفيّة، قائلًا أنّ «الجهاد لا يمكن شنّه بالقلم أو بلباس السارونغ الشرعي أو بالقلنسوة الإسلاميّة.أنتم قادرون على جمع مئات ملايين الروبيْات، لا بل المليارات، ولكنّكم تجمعونها من أجل نشر الإسلام والمدارس الداخليّة. هذا يُعَدُّ خداعاً. إذا كان هناك جياعًا، ووُجِدَ المال، قدّموا المال للجهاد ودعوا الجياعَ يموتون». والآن بما أنّ أعضاء الجماعة الإسلاميّة منخرطون في الجهاد السوريّ  ـ من خلال المساعدات الإنسانيّة التي تنقل عبر قنوات «هاسي» ـ لم تعد الجماعة هدفًا لإطلاق النار الكلاميّ من الجهاديين الإندونيسيين الآخرين. لا بل في الواقع، إنّ مصداقية الجماعة الإسلامية قد ارتفعت بشكلٍ دراماتيكيٍ، لأنّ الجمعيّة منخرطةٌ الآن في ما يُنظر إليه من قِبَلِ الجهاديين على أنّه إحدى أهمّ الحروب في تاريخ الإسلام.

كما أنّ جماعة أنشاروت توحيد تحوّلت إلى نشر الدين في أعقاب عمليّة تفكيك معسكر تدريب آشه التي تتوّجت بإلقاء القبض على شخصيّات قياديّةٍ من بينها أبي بكر بعسيير. فكان الكثير من أعضاء جماعة أنشاروت توحيد التواقين للحروب الجهادية غير راضين بقرار القائد بالإنابة محمّد أشوان بالتركيز على الأنشطة غير العنفية. فكانت النتيجة أن هاجروا إلى المجموعات الجهادية الأخرى التي تقوم بشكلٍ فعّالٍ بهجماتٍ إرهابيّةٍ. إنّ أقرب حالات الهجرة هذه وقعت في أواخر عام 2012 وبدايات عام 2013، عندما انضمّ عدّة عناصر من جماعة أنشاروت توحيد من جافا الغربية والوسطى إلى جماعة مجاهدي إندونيسيا البرَرَة وكانوا بالتالي جزءا من عمليات سرقةٍ مختلفةٍ وتفجيرات مدبرة.

التسبب بالإنشقاقات وإصلاح ذات البين

لقد تسبّبت سورية بانقساماتٍ جديدةٍ بين الجماعات الإسلاميّة، ولكنّها في الوقت نفسه قد قلّصت التوتّرات الموجودة بين جماعاتٍ أخرى. إن التصدع الأكثر وضوحاً نتج عن رفض المشاركة في الجهاد السوريّ من قبل جماعة في سولو يقودها أحد رفاق أبي بكر بعسيير السابقين ويدعى مُزاكير. ويؤمن مزاكير وغيره من الجهاديين، من بينهم رئيس لجنة الإغاثة الطبيّة الطارئة جوزي ريزال جورناليس، بأنّ الولايات المتّحدة وحلفاءها قد خدعوا الجهاديين للقتال ضدّ نظام الأسد، بينما الأسد لطالما كان خصمًا تقليديًّا للولايات المتّحدة وإسرائيل. فقام مزاكير، عاملًا بوجهة النظر هذه، بلقاء بعسيير بهدف الطلب منه وضع حدٍّ لحملة الجهاد في سورية. فقام الجهاديون الآخرون بالتبرّؤ من مزاكير متّهمين إيّاه بأنّه مسلمٌ شيعيٌّ (إنّ الأسد والمحيطين به هم من العلويين، والعلويّة هي أحد أشكال الإسلام الشيعيّ). إنّ هذه الاتّهامات قد زادت وتيرتها لأنّ مزاكير قد رفض في عدّة مناسباتٍ أن يصف المسلمين الشيعة بالكفّار.

وبالعكس، فقد قلّلت المسألة السورية من التوتّرات بين الجهاديين والسلفيين، أي أولئك الذين يحاولون ممارسة الإسلام على طريقة الأجيال الأولى التي تلت النبي محمّد. لطالما تنازعت هاتَان المجموعتان وذلك بسبب اتّهامات السلفيين المتكرّرة للجهاديين بأنّهم «خوارِج»، أي أعضاء طائفةٍ من المسلمين تُعتبر منحرفةٍ بسبب تطرّفها. وبدورهم، اتّهم الجهاديون الجماعات السلفيّة بأنّهم من «المُرجِئة»، وهي طائفةٌ أخرى من المسلمين تُعتبر منحرفةً بسبب موقفها المتراخي تجاه الخطايا. فأمّنت المسألة السورية لهاتَيْن الجماعَتَيْن عدوّاً مشتركاً ألا وهو الشيعة. فقامت كلتا الجماعتَيْن بإطلاق حملاتٍ حول المسألة السوريّة، نابذتين بذلك انحراف المسلمين الشيعة، كما وجمعت كلتاهما التبرعات وبعثتا المساعدات الإنسانية إلى سوريا. يعود الفضل للصّراع السوريّ بأن توقّف الجهاديون والسلفيون في إندونيسيا من مهاجمة بعضهم بعضًا حاليًّا وقدّموا المساعدة إلى نفس الجماعة السوريّة، أي أحرار الشام، التي كان قد تمّ تشكيلها أساسًا من قبل سلفيين سوريين.

وبينما خفّف الصراع السوريّ من حدّة العداوة الجهاديّة ـ السلفيّة في إندونيسيا، إلّا أنّه زاد من التوتّر بين الجهاديين والمسلمين الشيعة هناك، إذ إنّ الجهاديين غالبًا ما يُدخِلون شعارات معاديةً للشيعة في حملاتهم حول الموضوع السوريّ، ممّا يثير الشكوك بأنّ الشيعة الإندونيسيين قد يُصبِحون هدفًا لهجماتٍ إرهابيّةٍ. بُعَيْدَ اندلاع الصراع السوريّ في بداية سنة 2011 بقليل، بدأ الإرهابيون الإندونيسيون بمناقشة المخطّطات المحتملة ضدّهم. فعلى سبيل المثال، خطّطت جماعةٌ إرهابيّةٌ بقيادة أبي عمر في منتصف سنة 2011 لاغتيال شخصيّات شيعّيةٍ والقيام بهجماتٍ على مؤسّسات شيعيّة، ولكن تمّ توقيف أعضائها قبل المضي بعيدًا في هذه المخطّطات.

وبعيدًا عن خطر مهاجمة الشيعة، هناك خطرٌ آخر في المستقبل وهو عودة المشاركين في الحرب السورية إلى إندونيسيا. سيعودون وهم يملكون مهاراتٍ عسكرّيةً وينضوون في شبكةٍ عالميّةٍ، ممّا يخلق إمكانية ارتكابهم للعنف الجهاديّ في إندونيسيا. هذا خطرٌ يجب أخذه على محمل الجِدّ، خصوصًا بوجود سابقة المحاربين في أفغانستان في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي الذين عادوا إلى إندونيسيا وارتكبوا أفعالًا إرهابيّةً مختلفةً.

يجب على الحكومة الإندونيسية، بناءً على هذه الأخطار المستقبليّة، أن تجابه هذا الحماس للجهاد في سورية. يجب على الحكومة أن تتّخذ بالتحديد إجراءات وقائيّةً لتحاول ولتمنع المواطنين الإندونيسيين، من ضمنهم طلّاب الجامعات أو أيّ مؤسّسةٍ تعليميةٍ أخرى في جنوب آسيا والشرق الأوسط، من السفر إلى سورية من أجل القتال. قامت عدّة دولٍ غربيةٍ بإلغاء جوازات سفر مواطنيها الذين ذهبوا إلى سورية، وهذا إجراءٌ ممكن أن تتبناه إندونيسيا. كما يجب على الحكومة أن تزيد من مراقبة الخطاب المعادي للشيعة على مواقع الإنترنت التابعة للجهاديّة الإندونيسيّة والتأكّد من عدم ترجمة دعوات العنف إلى هجماتٍ فعليّةٍ على المجتمع الشيعي.

إذا لم تستجِب الحكومة الإندونيسيّة بشكلٍ فعّالٍ، فإنّها قد تواجه إرهابًا أكبر. قد لا ينتهي العالم في سورية كما يتوقّع الجهاديّون، ولكنّ الحماس للصراع السوري قد يزرع بذور جيل العنف الجهاديّ القادم في إندونيسيا.

----------------------------------

1- نُشِرَت هذه المقالة في صحيفة إنسايد إندونيسيا (Inside Indonesia) وهي صحيفة أستراليّة مختصّة بالشأن الإندونيسي ومركزها أستراليا. تمّ تأسيس الصحيفة سنة 1983 في ملبورن. 

2- باحث في الحركات الجهاديّة في إندونيسيا. وهو مؤلّف كتاب «جذور الإرهاب في إندونيسيا» (ترجمه دايف ماكراي Dave McRae) نشره «نيو ساوث بوكس» (NewSouth Books) بالشراكة مع معهد لوي للسياسات الخارجية (Lowy Institute for International Policy)، ونشرته دوليّاً مطبعة جامعة سنغافورة الوطنية (National University of Singapore Press) ومطبعة جامعة كورنيل (Cornell University Press).

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف