البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

November / 18 / 2020  |  1820جهود المستشرق الألماني يوهان فك في اللهجات العربية (دراسة ابيستيمولوجية)

أ د. سامي الماضي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية ربيع 2020 م / 1441 هـ
جهود المستشرق الألماني يوهان فك  في اللهجات العربية (دراسة ابيستيمولوجية)

الكلمات المفتاحية:

ـ اللّهجات العربيّة

ـ الاستشراق والعربيّة

ـ اللّهجات بين الاستعمال والفصحى

ـ اللّهجات بين التصريف الإعرابي والاستعمال

ـ لغة التفاهم

ـ العربيّة المولدة

ـ التواصل اللّغوي

مدخل

إذا كانت اللّهجة تمثّل طريقة من طرائق الأداء في التواصل اللّغوي، فهي تدلّ على طريقة الكلام التي نشأ عليها الإنسان وترعرع؛ لأنّ طريقة اللّسان هي من تُنْبئ عن سمات تلك القبيلة أو غيرها. عندها مثّلت بيئة لغويّة معيّنة كانت رافدًا تصبّ في عمليّة التواصل اللّغوي على اعتبار أنّ اللّغة هي أصواتٌ يعبّرُ بها كلّ قوم عن أغراضهم وحاجاتهم، وهذا الأمر جعل من اللّهجة ميدانًا واسعًا للبحث اللّغوي خاصّة والبحث بشكل عام، فهي تُنطق كما سمعت عن أهلها. ومن هنا كان التسابق بين العلماء من القدامى والمحدثين لرصد هذه اللّهجات وتصنيفها وفقًا للمستوى الذي تندرج فيه، فمنها: الصوتيّة، والصرفيّة، والنحويّة، والدلاليّة. وما يعنينا من البحث هو المنجز العربي في الدراسات الاستشراقية، ومن قبيل: (اللّهجات العربيّة القديمة للمستشرق كيم رابين)، وموضوع بحثنا (العربية دراسات في اللّغة واللّهجات والأساليب للمستشرق يوهان فك) الذي يرى أنّ اللّهجات هي ظاهرةٌ لغويّةٌ تميّزت بها اللّغة العربية، واحتفظت بها إلى يومنا هذا، وقد ميّزتها السمات اللغويّة التي فقدها قسم من اللّغات السامية، ويرى فك أيضًا أنّ هجرة القبائل العربية كانت سببًا في بقاء تلك اللّهجات وانتشارها بين ألسن اللّغويين فضلًا عن طريقة الحياة البدويّة، وبذلك فقد حافظت على سلامة لهجتها وخلوصها، وأنّها –اللهجات- قد صُقلت إلى حدّ بعيد في عهد الفتوحات ...

معنى اللهجة

من المناسب في بداية البحث أن نذكر المقصود من اللهجة في اللغة الاصطلاح؛ لنبني البحث والمناقشة على مفهوم واضح. فقد تباينت آراء اللّغويّين في حدّ اللّهجة، فهي جرس الكلام، وهي اللّسان، وقيل طرفه. واللّهجة بالفتح أعلى، ويقال: فلان فصيحُ اللّهجة... وهي لغتهُ التي جُبلَ عليها فاعتادها ونشأ عليها، وفي الحديث» وما من ذي لهجة أصدق من أبي ذر» [1]. ولم يذهب بعيدًا ابن فارس (ت 395هـ) عن هذا المعنى فعنده اللام والهاء والجيم أصلٌ صحيحٌ يدلّ على المثابرة على الشيء وملازمته، وأصل آخر يدلّ على اختلاطٍ في أمر ما... وقولهم هو فصيح اللّهجة. واللّهجة اللّسان بما ينطق من الكلام، وسمّيت لهجة؛ لأنَّ كلاًّ يلهجُ بلغتهِ وكلامهِ[2]. واللّهجة أيضًا هي طريقة من طرق الأداء في اللّغة[3]. والملاحظ أنَّها وردت لمعانٍ عدّةٍ، منها: اللّغة، واللّسان، أو طرفه، أو جرس الكلام، وما جُبل عليها الإنسان، وجُلّها معانٍ حركيّة والحركية لها دلاليّة إيحائيّة على التأثّر والتأثير تبعًا للعوامل المؤثّرة فيها.

وأما في الاصطلاح: فهي طائفة من المميّزات اللّغويّة ذات نظام صوتيّ خاصّ تنتمي إلى بيئة خاصّة ويشترك في هذه المميّزات جميع أفراد تلك البيئة، وهذه البيئة هي قسم من بيئة أعمّ وأشمل تضمّ لهجات عدّة، وهي متميّزة الواحدة عن الأخرى بظواهرَ لغويّة، ولكنّها تأتلف فيما بينها بظواهرَ لُغويّة أخرى تُيسّر اتّصال أفراد هذه البيئات بعضهم ببعض[4]. وعُبّر عنها بشكل آخر كونها مجموعة من الصّفات اللّغوية التي تنتمي إلى بيئةٍ خاصّةٍ، أو قيود صوتيّة تلحظ عند أداء الألفاظ في بيئة معيّنة أخرى[5].

ويمكن القول إنّ العلاقة بين المفهومين اللُّغوي والاصطلاحي هي وجود قرينة الأداء والحركة، فالأداء يكون على لسان مجموعة من الأفراد ينتمون إلى بيئة لُغويّة واحدة تتفق بالصفات والحاجات، ويُميّزها الأداء عن البيئات الأخرى؛ لذلك فقد تنوّعت حسب نسبة التركيب الإضافي لها، فمنها: لهجة قريش، ولهجة تميم، ولهجة ربيعة، ولهجة عقيل، ولهجة قيس، وهكذا، فإنَّها اعتمدت على الموصوف لها ليُميّزها عن اللّهجات الأخرى، وهي بذلك لا تختلف عن اللّغة بأبسط تعريفاتها بكونها أصوات يُعبّر بها كلّ قوم عن أغراضهم وحاجاتهم [6]. فالعلاقة بين اللّغة واللّهجة علاقة وطيدة يُميّزها ذلك النظام الصوتي الذي تنتمي إليه اللّغة أو اللّهجة. وإنَّ دراستها تكمن في الأهميّة لمعرفة خصائصها المنتمية إليها من تنوّع الصّفات والمخارج والظواهر التركيبيّة الأخرى نحو: الإدغام، والإمالة، والهمز، والإقلاب، وغيرها. وعليه يمكن القول إنّ: تنوع اللّهجات يكون لأمرين، هما: انعزال القبائل في بيئة معينة، والأمر الآخر هو التطوّر المستقلّ في النّظام الصوتي لكلِّ قبيلة. والتقسيم يكون لها وفقًا للأطلس الجغرافي اللّغوي على الرّغم من أنَّه لا يمثّل كلَّ القبائل العربيّة، فمثلاً لغة أهل الحجاز تضمّ قريش؛ لأنَّها تسكن مكة، ومكة المكرّمة تتبع للحجاز[7]. وبناءً على ذلك فإنَّ التوزيع من باب التوسّع فحسب. وأعتقد أنَّ التقسيم حسب القبيلة يكون أدق؛ لكونه يميّزها عن غيرها بكلِّ ظواهرها اللّهجيِّة.

روافد يوهان فك في كتابه (العربية)

إنَّ أيَّ مؤلّفٍ عندما يتصدّى لدراسة ظاهرة ما لا بدّ له من الاستسقاء من موارد علميّة جمّة تتنوّع بتنوّع المادّة التي يريد طرحها، إذ كانت روافد يوهان فك واسعة كما هو أصل الدراسة التي تناول فيها اللّغة العربية ولهجاتها وأساليبها، والتي تنوّعت بين كتب اللّغة، والأدب، والسيرة، والتاريخ، ونقل عن كبار العلماء منهم الجاحظ (ت255هـ)، وابن قتيبة (276هـ)، وقدامة بن جعفر (ت337هـ)، والأصفهاني (ت 356هـ)، والمقدسي (ت380هـ)، والخطيب التبريزي (ت 502هـ)، وغيرهم كثر. وقد ذهب أنطوان شبيتالر بالقول عن روافد يوهان فك بأنه قد استطاع الوقوف على مصادرَ مستفيضة التي لا تتوافر إلا عند قلّة من المتخصّصين، فرجع إلى شواهد كثر من المصادر العربية الأصلية فضلاً عن أسلوب التشويق الذي اتسم به منهجه[8]. والحقيقة كذلك فقد وظّف المصادر الأدبية والتاريخية في أسلوبه وكأنّك تقرأ في كتابٍ موسوعيٍّ في مجاله.

لقد أشار أنطوان شبيتالر أيضًا إلى قضيّة في غاية الأهميّة، إذ لمن المتوقّع مع كثرة الموضوعات المعالجة في الكتاب أن نجد من القرّاء من يُخالف رأيُه رأيَ المؤلّف... على الرغم من الموضوعات القيّمة التي عالجها يوهان فك [9]. فكان أوّل من خالفه أنطوان في مشكلة الإعراب واليوم أشاطره الرأي في مخالفة يوهان فك في مسائل كثيرة ممّا طرحه من آراء ومعالجات لظواهر لهجيّة ولغويّة في ضوء معايير عدّة، منها ما وضعه هو، ومنها ما حكّمته لها وفقًا لمنهج علمي ورؤية موضوعيّة كانت جهد سنوات من الدرس وقراءة متأنّية للتراث العربي.

المبحث الأوّل: (اللّهجات بين الاستعمال والفصحى)

يعدّ يوهان فك من أوائل المستشرقين الذين بحثوا في اللّهجات العربيّة عبر تتبّع تاريخ العربية، إذ ارتكز في ذلك على أعلام القرن الثاني والثالث الهجريين، الذي يعدّه عصر ازدهار اللّغة العربيّة ولا سيّما في مؤلّفات الجاحظ (ت255هـ) الذي نقل عنه مواطن كثيرة من كتابه البيان والتبيين والبخلاء، وهو يُؤسّس لظاهرةٍ لغويّةٍ برزت في ذلك العصر ألا وهي الموازنات اللّغوية بين العربية واللّهجات السائدة في البيئة العربية آنذاك؛ بسبب قضيّة التأثّر والتأثير التي أشار لها الجاحظ في مؤلّفاته ووظّفها يوهان فك في دراسته للعربية وبيان أصول اللّهجات. ولعلّ ما وثّقه عن الجاحظ في معرض حديثه عن الفروق اللهجيّة سواء أكانت على مستوى الأبنية، أم الأصوات، أم المعاني، إذ يقول:» ومن تلك الفروق -مثلاً- العنعنة أيْ: النطق المفخَّم للهمزة، والكشكشة وشبيهتها أيْ: إبدال السين أو الشين من الكاف، والتلتلة أيْ: كسر حروف المضارعة و[ العجعجة] أيْ: قلب الياء المشدّدة جيمًا في النسبة [ مثلاً] ... والأمثلة التي لا حصر لها من استعمال لفظ عند قبيلة في صيغة تخالف صيغته عن أخرى، أو بمعنى يختلف كذلك فهذه الخصائص اللهجيّة»[10]. ونلمح ممّا سبق من رصد للهجات الأمصار العربية وكيفيّة أدائها، فإذا كانت اللّهجة في المفهوم المعرفي تعني نطق أصوات معيّنة ضمن علاقات تجتمع فيما بينها لتكون لنا دلالة الاستعمال لفظة دون غيرها، أو بمعنًى آخر هي مجموعة من الصفات اللّغوية التي تنتمي إلى بيئة لغويّة خاصّة من دون قيود على تلك البيئة، ويشترك مجموعة من الأفراد من تلك البيئة فضلاً عن بيئة اللهجة نفسها التي تكون أوسع وأشمل من بيئة الأفراد أنفسهم لتضمّ عدّة لهجات لكلٍّ منهم خصائصها، ولكنّها تكون مشتركة في هذه الظواهر[11]. فالأمر يتعلّق باستعمال تلك المجموعة المشتركة في الصّفات اللهجيّة بين مجموعة الأفراد، فتكوّنت لهجة فيما بينهم لتمثّلهم في البيئة اللّغويّة، وهذا من باب الاستعمال الداخلي بين تلك القبيلة، ولكنّ معاييرَ الفصحى هو أن ينطق بالصّيغة المتّفق عليها ضمن التقعيد اللّغوي، حينئذ يكون الاستعمال أوسع على اعتبار أنَّ عامل الفصحى هو المعتمد في عملية التواصل اللّغوي.

ومن الواضح أنّ ما ذكره يوهان فيك هو عادات كلاميّة طفقت عند قبيلة من القبائل العربية[12]، فقد اكتفى بالتعليق بأنَّها خصائص لهجيّة[13]. فهو لم يذهب إلى التحليل في طبيعة تلك اللّهجة سواء أكان متعلقًا بالأصوات وطبيعة صفاتها وتجاور مخارجها، أم ببنية الكلمة وشكلها، أم بالتركيب ومعانيه، إذ تكاد تكون نظرته وصفيّةً معتمدًا على أخبار الراوّاة اللّغويين الذين وصفهم بالمعتمدين عنده كونهم وحدهم من يعرفون تلك اللّهجات. وإذا توقّفنا قليلاً عند تلك الظواهر اللهجيّة التي تمثّلت بـ(العنعنة) التي تدلّ على جعل العين بدلاً من الهمزة، ومنه قول يعقوب بن السكيت:

فلا تُلهلُ الدُّنيا عن الدين واعْتمِلْ

لآخرة لا بدَّ عن ستصيرها

والأصل: (أنّ ستصيرها) أي ستصير ومصيرك إليها، وهي لهجة تميم وقد وصفها الدكتور المطلبي بأنّها من أهم ظواهر المبالغة في تخفيف الهمز عند تميم[14].

وقد عُزي إلى تميم، وربيعة، ومضر زيادة السين بعد كاف الخطاب المؤنّث، فيقولون في: (أعطيتك، أعطيتكس)، و(منك، منكس). وقيل: إنَّها لغة هوازن غير أنّ سيبويه يرى أنَّها تلحق الكاف زيادة؛ لتبيّن كسرة التأنيث، وذلك معنى قوله:» إنّ أناسًا من العرب يلحقون الكاف السين ليبيّنوا كسرة التأنيث، وإنّما ألحقوا السين؛ لأنَّها من حروف الزيادة في(استفعل) وذلك أعطيتكس... فإذا وصلوا لم يجيئوا بها؛ لأنَّ الكسرة تبين»[15]. وهذا يعني أنّها -الزيادة- تكون في الوقف لبيان معنى الكسرة وذلك؛ لأنَّ الكسرة تدلّ على المخاطب المؤنّث. وما وصفه سيبويه لها هو الراجح عندي؛ لأنَّ كاف المخاطب المؤنّث في الوقف تفقد دلالتها على التأنيث بسبب السكون الذي يقف عليه المتكلّم بدلاً من الكسرة في حالة الوصل حينئذ لجأوا إلى زيادة السين في الوقف وابتعدوا عنها في الوصل، وهذا ليس اضطرابًا كما وصفه بعض الباحثين، بل هي عادات كلاميّة اعتادت عليها تلك القبيلة دون غيرها[16].

وأما الكشكشة، فهي تتعلّق بالمخاطبة المؤنثة أيضًا، وتعني إبدال الشين من كاف الخطاب المؤنّث فتقول في عليك وبكِ: عليشِ وبشِ ونسبها اللّغويون إلى بني أسد، وبعضهم إلى ربيعة، ومنه قول مجنون ليلى:

فَعَيناشِ عَيْناها، وجَيُدش جيدُها

سوى أنّ عظم السَّاقِ منش دقيقُ


وأما التلتلة فهي كسر تاء المضارعة (تفِعلون) إذا كان الماضي على وزن(فعِل) بكسر عينه نحو: شقِي– تشقى ونسبها سيبويه إلى جميع العرب إلا أهل الحجاز. والظاهر أنّها لغة تميم[19] . وقد وردت في القراءات القرآنية أمثلة على كسر حرف المضارعة منها(التاء) خاصّة كما في قوله عزّ وجلّ: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [هود: 113] بكسر التّاء[20]. وقد ورد الكسر في أحرف المضارعة كلّها ماعدا الياء، وإنّ ما جاء في القرآن كلّه على لغة أهل الحجاز، وما ورد بكسر الياء فإنه ينسحب إلى القراءات الشاذّة؛ لأنّ الاستعمال بالكسر غير الياء، والفتح هو القياس[21].فالأصل:( فعيناك ... وجيدك ... منك) [17]. وذهب بعض الباحثين إلى أنَّ الكشكشة لها امتداد إلى يومنا هذا في لهجة (أهل عسير) من نطق الكاف شينًا (ابوش، وأمش) فهي لا تزال حيّة مع تطوّرات في بنية الكلمة بين الإقبال والإدبار[18]. وهذا يدلّ على أنّ معايير الاستعمال لها دلالة في التواصل اللّغوي فضلاً عن البيئة اللّغوية.

وأمّا العجعجة فهي قلب الياء جيمًا عندما يكون العين قبل الياء فيقولون
 (هذا راعج خرج معج) يريدون: هذا راعي خرج معي، وقد اختصّت بها قضاعة[22] ومن ذلك ما أورده خلف الأحمر عن رجلٍ من أهل البادية أنشده قائلاً:

 خالي عُوَيْفٌ وأبو علجِّ

المطعمان اللحم بالعشجِّ

وبالغدادة كسر البَرْنجِّ

يريدُ(علياً والعشي والبرني - وهو معرب برنيك- أي الحملُ المبارك) [23]. ويلاحظ أنَّ التقييد بمجيئها بعد العين اخُتلف فيه، وذلك واضح من النصيين السابقين، وكلّ ذلك له علاقة بالبيئة اللّغوية المتّفق عليها وفقًا لمعايير اللّهجة، فالتعميم وارد، وفيه دلالة الاشتراك في معيار الفصحى، والخاصّ جائز، وفيه دلالة الخصوصيّة البيئيّة لتلك اللّهجة.

والحديث عند يوهان فك مكتفيًا بألقاب اللّهجات، أما خصائصها فلم يذهب إلى تحليلها الدقيق وبيان الأسباب الحقيقية وراء مظاهر الاستعمال فضلاً عن معايير الفصاحة، وإنمَّا يبحث في أسباب اللهجات، وهذا الأمر -كما أعتقد- هو تاريخي أكثر منه إلى المنهج التحليلي العلمي.

ويذهب يوهان فك في موضع آخر إلى بيان العوامل التي ساعدت على هجرة الألفاظ والتداخل اللهجي فيما بين العربية ومجاوراتها من اللّغات الأخرى كالفارسية وغيرها، وأنّ من أبرز تلك هو الاختلاط اللغوي من أجل لغة التفاهم، فيكون التقارض والتبادل واضحًا على لغة التفاهم التي وصفها يوهان فك، فهو يرى أنَّه لم يكن ممكنًا أن يبقى حدًّا فاصلاً بين الفاتحين العرب والمغلوبين من غير العرب قائمًا على الاستمرار، إذ لا بدّ من التواصل فيما بينهم، وهذا التواصل لا بدّ له من لغة أطلق عليها مصطلح (لغة التفاهم) [24]. فإذا كانت الفصحى هي اللّغة السائدة آنذاك قبل فتح البلدان الإسلامية الأخرى، فإنَّ عامل الاختلاط كان سببًا لظهور لغة أخرى قريبة من اللّغة الأمّ، لذلك كانت السياسة اللّغوية من ضمن الاستراتيجيات الخطابيّة التي تخطو خطى التواصل اللّغوي بين العرب -أهل العربية الفصحى- والأقاليم الجديدة التي يجب عليها تعلّم اللّغة؛ لكونها لغة القرآن أولاً، ولغة الدولة التي خضعوا لها ثانيًا.

ونتيجة لذلك، فقد عملت سياسة الدولة على الحفاظ على اللّغة الأمّ من الاضمحلال والتلاشي، ثم يذكر يوهان فك مجموعة أسباب اجتماعيّة بيئيّة عن ذلك أغلبها تدور في فلك الاختلاط الاجتماعي سواء على مستوى السكن في الأماكن البعيدة عن الاختلاط أو الاتصال مع طبقات المجتمع في الشكل الجديد.

ومن هنا برزت لغة التفاهم كونها معيارًا في حدِّ التواصل اللّغوي التي بدورها «استعانت بأبسط وسائل التعبير اللّغوي فبسطت المحصول الصوتي وصوغ القوالب اللّغوية، ونظام تركيب الجملة ومحيط المفردات، وتنازلت عن التصرّف الإعرابي، واستغنت بذلك عن مراعاة أحوال الكلمة وتصريفها...» [25]. ويذكر قصّة تاجر الدواب الذي باع جنود المسلمين دواب رديئة فاستنطقه الحجّاج فأجابه (شريكاتنا في هوازها وشريكاتنا في مداينها وكما تجي تكون، أيْ: أنَّ هذه الدواب قد وصلت على ما هي عليه من رداءة من شركائه في بلادهم بالأهواز والمدائن[26]. والحقيقة أنَّ ما ذكره يوهان فك من تأثير العربية بالفارسيّة ليس بالمستوى الذي يؤثّر في اللّغة الفصحى الأم، وإنمَّا يقتصر على مواطن الاختلاط والاحتكاك والدليل على ذلك أنّه اصطلح عليها (لغة التفاهم)، وهذا يدلّ على وجود لغة أخرى أعلى منها، وأعتقد أنّ ما ذكره لا يبتعد عن مظاهر الازدواجية اللّغويّة في العهد الإسلامي.

- عهد الفتوحات- إذ وجدت تلك الجماعات اضطرارًا إلى استعمال لسان سادتهم ولهجتهم، فهي-اللّغة العربيّة- لم تعانِ من أهلها بل على العكس فهي تعاني من غير متكلّميها، وهذا واضح في وصف يوهان فك، ونقله عن أرباب المؤلّفات ومنهم الجاحظ، وابن سلام، وابن الأثير، وابن قتيبة وغيرهم. ومن الأمثلة التي ساقها في كتابه لبيان الأثر الفارسي في لهجات الأمصار كالبصرة، والحواضر العربية الأخرى حيث أمست بعض المدن أن تأخذ طابعًا فارسيًّا عبر زيادة الألف والنون على الطريقة الفارسية، حيث أسماء الأمكنة المنسوبة إلى أسماء الأشخاص التي تختم بمقطع (آن) مثل مهلّبان، أميتان، جعفران. وكذلك أخذت أسماء بعض القنوات في البصرة صيغ مثل خالدان، وطلحتان[27]. وفي الحقيقة أنّ التواصل اللّغوي في أصله ينتج عن مجموعة مسوّغات على أثرها يكون تواصلاً لغوياً[28] فكيف لا يكون وأنَّه لغة التفاهم السائدة بين متكلمي القوم الجدد (العرب)، وبين أهل تلك المدن التي دخلت في عهد الإسلام حديثًا. ومن جهة أخرى فإنّ هذا التأثير لم يكن ذا تأثير في علية القوم، وإنَّما بين عامة الناس، ثم إن مقطع (آن) موجود في العربية وفيه دلالة واضحة على المذكّر والمؤنّث ربما يكون بالأداء مختلفًا. ومع ذلك فإن آمنّا بالتأثير فهو لا يعدو أنْ يكون محصورًا في لغة التفاهم التي حاول أن يُؤسّس لها يوهان فك.

وكذلك يذكر المؤثّرات الخارجيّة في لغة أهل الكوفة، فهو يرى أنّ قيامها على بقعة كانت تتلاقى فيها اللّغات الآرامية، والفارسية، والعربية، من قديم، ويذهب بالقول مستطردًا كما حصل في البصرة كان يرد على الكوفة سيلٌ من التجّار والصنّاع وغيرهم، وبسبب نفوذ الفرس آنذاك في الكوفة صارت لغة التفاهم السائدة هي الفارسية، وينقل عن الجاحظ بيان ذلك الأثر ما أورده من ألفاظ معرّبة في لهجة الكوفة إذ ينقل أنَّ الكوفيين
يقولون:(خيار) بدلاً من(قِثاء) وباذروج بدلاً عن الحوك ... وكذلك يذهب بالقول إلى تأثير الجاليات الفارسية، وهذا ملحوظ في لغة التفاهم[29]، وأرى أنّ هذا التأثير لا يُنكر في الوهلة الأولى، وإنمَّا أمرٌ طبيعي يكون في الأماكن العامّة والأسواق كذلك، وليس التأثير على مستوى الكتابة، وهذا أمر طبيعي يحدث في أيِّ مجتمع فيه اختلاط لغوي، ويعرف الآن في الأماكن السياحيّة والدينيّة وغيرها إلّا أنه لا يتعدّى إلى اللّغة الأمّ التي حفظها الله بكتابه
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر15 / 9] ، واللّغة الحيّة هي من تميل إلى الاقتراض اللّغوي، وهذا جلُّه من باب التقارض اللّغوي[30].

ثم استطرد يوهان فك في بيان الأثر اللهجي في الحياة البدوية، إذ يرى أنَّها لم تبقَ بعيدة عن التأثير بالمؤثّرات اللغويّة الأجنبيّة، ونقل تلك الرواية عن الحجاج بأنَّه أهدى جريرًا جارية من الري ولدت له كثيرًا من الأولاد فضلاً عن تغنّيه بأشعارهم، وهو كذلك يروي عن ابن ميّاده الذي أهداه الوليد بن يزيد جارية من طبرستان كانت كاملة الوجوه ما عدا نطقها المعيب للعربية، فقال ابن مياده فيها شعرًا:

بأهلي ما ألذكِ عند نفسي

لو أنّكِ بالكلامِ تُقربينا

كأنَّك ظبيةٌ مضغت آراكاً

بوادي الجزع حين تبغمينا[31]

أقول إنَّ منهج يوهان فك في ذكر ذلك قد أخذ طابعًا وصفيًّا يتبع آثاره عبر الزمن، وهذا من باب الوقوف على مواطن الاختلاط والاحتكاك اللّغوي؛ لكونه يُعدّ من عوامل التأثّر والتأثير في اللّغة بشكل عام واللّهجة بشكل خاصّ. ويريد أن يصل إلى ظاهرة (اللّحن) التي كما رآها بأنّها سُوغت اللّحن؛ لكونها (لغة التفاهم). والحقيقة أنّ هذا تجنٍّ على اللّغة العربية لغة القرآن، وبالمحصلة ليقف عند نقطة انطلاق مفادها المؤثّرات الخارجيّة التي سعت إلى تغيير اللّغة عن مسارها الحقيقي إلى مسارات أخرى. وأقول إنَّ أيَّ منجزٍ لغوي على مستوى لغة التفاهم لا يمكن أنْ يُقاس على لغة الكتابة الرسمية؛ لأنَّها -لغة التفاهم- لا تعدو أن تكون لغة تواصليّة لمرحلة ما، ولمّا كانت اللّغة من مميّزاتها التواصل اللغوي كونها تمثّل حلقة وصل معرفيٍّ بين الجماعات فضلاً عن الأفراد[32].

لذا فمن الطبيعي أن تتّصف كلُّ بيئةٍ بلغةٍ ما أو لهجةٍ ما قد تعارف عليها أفراد تلك البيئة، وهذا ما رصده الجاحظ ونقله يوهان فك، إذ فرّق بين اللّهجات واللّغات الخاصّة، وألسنة الحرف والمهن، فنراه يُبيِّن أنَّ كلَّ مدينة يتكلمُ أهلها على لغة من نزل بها من العرب، على اعتبار أنَّ قسمًا من المدن كالبصرة، والكوفة، وبغداد لها استعمال لغوي في عملية التواصل اللّغوي أثّر تلك المؤثّرات الخارجية، ويستطرد بذكر أمثله ليفرّق ما بين مكة والبصرة في الاستعمال اللغوي، ومن حادثة رئيس المتسوّلين بالبصرة خالد بن برير، فالكلمة (مُخطراني) تعبّر عن المحتال الذي يوهم أنّه مؤذّن من فرسان ويتظاهر بأنَّ بابك أمر بقطع لسانه[33]. وهكذا يسرد مجموعة من الاستعمالات وهي كما أزعم من باب التداولية؛ لأنَّ الاستعمال هو التداول، وهذه العادات اللغويّة ماهي إلا لغات خاصّة يستعملها أهل المهن فلكلِّ أهلِ صنعة لغتهم التواصلية فيما بينهم.

وفي مكان آخر يذكر لنا يوهان فك الألفاظ ذات الاستعمال الثقيل على اللّسان فتكون عسيرة النطق حينئذ تحتاج إلى الأوراد والدربة حتى يستطيع التلفّظ بها كقول الشاعر:

وقبرُ حربٍ بمكانِ قفرٍ

وليس قربَ قبر حرب قبرُ


وهذا البيت مشهود عند علماء البلاغة يسوقونه للاستشهاد على تنافر الحروف، لذلك فإنَّ الربط بين الأصوات لا ترد في العربية[34] والحقيقية أنّ هذا الربط قد ورد في الاستعمال القرآني كما في قوله عز وجل: ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ ( هود28/ 11) إلّا أنّ اللّسان العربي ابتعد بعض الشيء عن ذلك الاستعمال ولا سيّما في دلالة الألفاظ، وهذا مؤثّر بيئيّ وليس كما ذهب إليه يوهان فك بأنَّه بهذه الكيفية بدلالة اللّهجات العربية الحديثة التي لكنت ألسنتها باللّغات الأوربية نحو الفرنسية في تونس والجزائر، والإسبانية والفرنسية في المغرب، وهذا ما سبّبته الهجرة عن الألفاظ العربية إذا ما علمنا أنّ هذه الأمثلة هي في القرن الثاني والثالث من الهجرة، حيث حدّد اللغويّون عصر الاستشهاد بـ(إبراهيم بن هرمه) في حدود 183 من الهجرة.

 وهذه الملامح من المنهج التقابلي الذي سعى من خلاله يوهان فك إلى دراسة مواطن الـتأثّر والتأثير بين اللّغة العربيّة من جهة والفارسيّة من جهة أخرى، فضلاً عن المقاربات بين اللّهجات الخاصّة، ومهما يكن من تلك العلاقات فإنَّ عربيّتنا قد حافظت وبشكل كبير على خلوّها من الدخيل سواء أكان الصوتي، أم الصرفي، أم النحوي، أم الدلالي، ولكن بحسب التطوّر الدلالي فقد أخذت مناحي الاستعمال التداولي دلالة لهجيّة حسب تلك البيئة اللّغويّة التي شكّلت امتدادًا لها. فإنَّ كلَّ الشعوب في العالم تتقارب عبر المهن، أو الثقافات العابرة للحدود؛ لتُشكّل نسيجًا لغويًّا يمثّل تلك البيئة التي سمّاها يوهان فك بـ(لغة التفاهم)، وهذا ما نلمسه في حياتنا اليومية الآن، إذ إنّ البعض من بلادنا العربية تستعمل لغة في التفاهم ربما لا تنسجم مع عربي آخر[35]، وممّا يجدر الإشارة إليه أثر الطبقات المحليّة والاجتماعية في خصائص اللّهجات العربيّة، ومنهم أولئك الذين يولعون بالتنوق والمبالغة في مضاهاة كلام البدو باستعمال لغة متصنّعة مستكرهة... ومنها التعبير الجهير المفخم الحافل بحروف الحلق، فالتقعير مثلاً هو نوع من التعبير ويكون بخصائص معيّنة وكأنَّه يستخرج من قعر بئر، والتقعيب مرادف للتقعير، والتفخيم، والتمشدق بمعنى اتساع زاوية الفم وإليه نسب. وكلُّ هذه مُفادها التصنيع في الكلام [36]. في حين نقل يوهان فك قصتين عن الجاحظ يشير فيهما إلى دلالة التداول الذي يعتمد على فطنة وثقافة المتلقّي فضلاً عن المتكلّم، وهو يصوّر البخيل محمد بن أبي مؤمِّل بأنَّه رجلٌ صاحب تقعير وتفخيم وتشديق وهمز وحزم... على أنَّه لم يكن مجرّد اختيار كلمات الأعراب الغربية الذي كان يعطي لغة الحضر بين مسحة من النفاسة وعلوّ القيمة فحسب بل المحيط العلمي الذي يحدث فيه ذلك الحدث اللّغوي[37].

وخلاصة ما ذكر إنَّه كلُّما ندرت اللّغة الفصيحة بين الطبقات المثقّفة ازداد الاستياء من كلِّ خروجٍ لغوي على لسان أولئك، ولعلّ مُفاد الكلام أنّ المؤثّرات لم تكن خارجة فحسب، وإنمَّا ذات تأثير ضمن البيئة اللّغويّة الواحدة ونتيجة لذلك فقد ظهرت وطفقت تلك الظواهر: التشندق، والتقعّر، والهمز...، فلم يكتفِ بها بل إنّ قسمًا من الناس تهذّب إحساسهم اللّغوي وزنًا للدقائق في المسامرة والمحاورة.

ولعلّ علي بن الجهم (ت294هـ) أحد رجال حاشية المتوكّل خير دليل على اعتذاره من تبكيره في الانصراف عن جماعة كان يجالسها بالكلمات: إنّه بلغني شيء واظني مأزورًا في قعودي، فجاء الردّ من المبرد (ت285هـ) الذي كان حاضرًا بالخف في نظره إذ ذاك، لأنّ( مأزورًا) بدل موزورًا أي آثمًا. إنّما يجوز الاستعمال على سبيل المزاوجة والاتباع للفظ مأجور. ويعزّز ذلك بحديث (أرجعن مأزورات غير مأجورات)، فإذا استعمل وحده قيل موزور فقط[38].

فلنحظّ الأثر في الاستعمال اللّغوي الذي جوّز للشاعر استعمال (مأزورًا وتخريج المبرد لذلك الاستعمال بمعيار وروده بالحديث النبوي، وهذا الأمر يدلّ على تنقية اللّغة وغيرهم كثر).

ويحاول يوهان فك أن يرصد ظواهر الاستعمال من جهة والخطأ في لسان العربي من جهة أخرى، وأزعم أنَ له وجهة نظر في الأمرين؛ لأنَّ اللّغة قد تفشّي فيها اللّحن سواءً أكان في الاستعمال لكونه سببًا في كثرة التداول له أم شيوع اللّحن لأسباب داخلية قد تقمّصها يوهان فك من كتب الجاحظ وابن قتيبة وغيرهم.

وأقول إنّ اللّغة الحيّة هي التي تتأثّر وتؤثّر في استعمالها عبر مجموعة من أبنائها سيّما كونها أصوات يعبّر بها كلّ قومٍ عن أغراضهم وحاجاتهم[39] وبالمحصّلة فالمؤثّر أصلاً موجود من الداخل، ومن ثمّ يُنقل ويكون أكثر وضوحًا من الخارج؛ لأنّها لغة تواصليّة ذات كيان حيّ.

 المبحث الثاني: (اللّهجات بين التصرّف الإعرابي والاستعمال)

إنّ ما يُراد من النظام اللّغوي هو رصف الألفاظ في مواضعها من حيث الفعلية والاسميّة والمفعوليّة، فضلاً عن الأدوات والفضلات الأخرى من صفة، وبدل، وتوكيد، ونعت، وحال، وتمييز. فالنظام جعل لها رتبًا محفوظة تنسجم مع نظريّة العامل في النحو العربي وما يتطلّبه ذلك الأثر، الذي يظهر بالإعراب وتوجيهه، نحو إبراز معاني الفاعليّة، والمفعوليّة، والابتدائيّة من حيث النّصب، والرفع، والجرّ. وهذا في حدِّ ذاته يدلُّ على أنَّ اللّهجة في الأصل هي استعمال للتعبير عن دلالاتها[40]. ولعلّ وضع هذه القواعد العامّة لدلالة الإعراب من قبل النحويين كان لها الأثر في الحفاظ على دلائل اللّغة العربية، فتظهر تلك اللّغة بمظاهر عدّة، من قبيل التراكيب التي تخرج عن مجموعة من العلاقات المتباينة بين الألفاظ؛ لتكون لنا دلالة ظاهرة أو باطنة، تلك التي ينشدها المخاطب ليوصلها إلى المتلقّي.

ظاهر إعجاب يوهان فك بالنحويين العرب، الذين تكفّلوا بوضع القواعد في جهد لا يعرف الكلل وتضحية جديرة بالإعجاب، من خلال عرض اللّغة الفصحى وتصويرها في جميع مظاهرها من ناحية الصيغ، والتراكيب، والجمل، والأصوات، ومعاني المفردات... ولا تزال القواعد الأساسية المذكورة تعدّ اللّغة العربية لغةً متصرّفةً محافظةً على نهايات الإعراب والتصرفات المختلفة، كالضّمّة في حالة رفع الاسم والفعل، والكسرة في حالة خفض الاسم، والفتحة في حالة نصب الفعل... ولكنّه -يوهان فك- يطّرد بالقول إنَّها -علامات الإعراب- تلاشت منذ أجيال عديدة في العالم العربي كلِّه، سواء على لسان عامّة الشّعب في القرى والمدن... بل في لهجات البدو أنفسهم، فقد صار الإعراب هو الفارق بين الطبقات المثقّفة، إذ يفرق بين العربيّة الفصحى وجميع القوالب والأساليب واللّهجات الدراجة واللّغات العامّة...وإنّ طريقته التي ينطق بها هي في ذاتها سطحيّة، لا تكفي وحدها لتكون ميسمًا مميّزًا للّغة الفصحى، وما الإعراب إلّا مجرّد حيلة فارغة يُقصد منها إعارة نوع من التعبير في قالب مخالف للفصحى في جوهره مسحة زائفة من الفصحى[41]. والحقيقة أنَّ المتأمّل في قول يوهان فك يلمس تناقضًا في قضيّة طرحه لظاهرة الإعراب، إذ في البدء يصفه بإعجاب شديد ويجعله معيارًا للّغة الفصحى، ويثني على جهود النحويين في تكلّفهم للقواعد التي وضعها، ولكنّ الغريب سرعان ما يبدي بألسنتهم على اللّغة الفصحى بأنّها لغة سطحيّة، وما الاعراب إلا حيلة في الانتقال من تعبير إلى آخر حتى غدت الفصحى معيارًا فارقًا بين الطبقات المثقّفة، وهذا الأمر ليس غريبًا؛ إذ أراد الوصول إلى العربية المولّدة، وأنّ تخلّص العربية من ظاهرة الإعراب هو قرينة أكيدة على دخول الألفاظ واللهجات العاميّة في الاستعمال للتراكيب العربية.

أقول إنّ الإعراب هو قرينة لفظيّة تظهر على أواخر الكلمات؛ لتتضافر مع
قرائن أخرى، منها الرتبة والصيغة والمطابقة؛ لتعطي معنًى معيّنًا ينشده المخاطب؛ ليصل
 به إلى المتلقّي. وهذا مُفاد أغلب الدّراسات في أهميّة العلامات الإعرابية من حيث كونها قرينة لفظيّة لها شكل ومعنى، فضلاً عن دلالاتها المعنويّة؛ لكونها متعلّقة بالعامل النحوي الذي بدوره سوّغ لنا التوسّع في معاني التراكيب من حيث التقديم والتأخير والحذف بين الجواز والوجوب، فضلاً عن آمن اللُّبس[42]. وهذا ما أثاره يوهان فك أيضًا في حديثه عن مظاهر الإعراب والتصرّف الإعرابي، فهو بدرجة من الوضوح لا يقبل الشك –وما زال إلى يومنا هذا- في بعض البقايا الجامدة من لهجات العرب البداة، ولعلّ أقدم نصّ هو القرآن الكريم، فقد حافظ -كما يرى يوهان فك- على التصرّف الإعرابي.... فإنَّ حريّة الحركة في بناء جمل القرآن الكريم لا تترك أثرًا للشكّ في إعرابه لكلماته، ومنه على سبيل المثال لا الحصر قوله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر35/ 28] ، وقوله عزّوجل: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى﴾ [التوبة 9/ 3 ]، وقوله عزّ وجلّ: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ﴾ [البقرة: 2/ 124]، وقوله عزّوجلّ: ﴿أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [النساء: 4/ 8]. فهو يرى أنَّ هذه التراكيب لا يمكن أن تكون إلّا في لغة حيّة لا يزال الإعراب فيها حيًّا صحيحًا[43]. وهذا يشير إلى أنّ الإعراب له من الأهميّة الكبرى في لغتنا، والدليل أنَّ القرآن باقٍ إلى أن يشاء الله. وعليه فإنّ العربيّة في كلِّ زمانٍ ومكانٍ لا تخلو من الإعراب على عكس رؤيته بأنَّها لغةٌ سطحيّةٌ.

ويذهب في طرح آخر إلى أنّ الاستعمالات القرآنية الخاصّة تحتوي على مخالفات للقواعد العامّة، ثم يحاول أنْ يعزو ظهور العربية المولّدة إلى الغزوات الكبرى في العهد الإسلامي الأول إلى خارج حدوده القديمة[44].

أقول: إنَّه لا يوجد خروج في القرآن عن الاستعمالات، ولكنّ النحويين حاولوا أن يُخضعوا النصّ القرآنيّ لقواعدهم، وهذا ما وقعوا فيه من الخطأ الكبير؛ لأنَّ النصّ القرآني ليس نصًّا عاديًّا، وإنَّما نصٌّ قدسيٌّ، تخضع القواعد له لا العكس. ويظهر لنا جليًّا في الاستعمال القرآني الذي يُحكّمه بعضهم على القواعد النحويّة، لا أنّ القواعد النحويّة تحكم على الشاهد القرآني؛ لأنّه أصل السماع لا يأتيه الباطل، ومن ذلك ما منعه النحويّون وهو وارد في القرآن، ومنه (رب) لا تتعلّق بالفعل المضارع كما يزعمون، إذ ذهبت طائفة كبيرة من النحويّين إلى أنَّ (رب) لا تدخل إلّا على الفعل الماضي، ولا تتعلق بالفعل المضارع، وقد وردت في القرآن داخلة على الفعل المضارع، وهي ملحقه بـ(ما) في قوله عزّ وجلّ: ﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر 15/ 2]؛ لأنَّ الشاهد الشعري عندهم له دلالة قطعيّة في المسألة، وأنَّ الآية ليست دليلاً قاطعًا على دخولها على الفعل المضارع، ومنه ما أورده أبو البركات الأنباري (ت 577هـ) من الشعر:

ربما أوفيتَ في علم

ترقعن ثوبي شمالات

فالنحويّون يردّون الآية بالشاهد الشعري، ولهذا نجدهم ينحون بالآية إلى التأويل انحرافًا عمّا يؤدّيه ظاهرها وإجراءً لما أقرّه الشاهد الشعري[45]. ولمثل هذا ذهب يوهان فك؛ لأنَّه عدَّ النحويين الأساس في تقعيد القواعد، ولم يرَ أنّ القرآن هو أساس تلك القواعد، ولذلك وقع في وهم النحويين، بأنّ النصّ القرآني خرج عن الاستعمالات اللّغويّة.

ونذهب إلى إعمال (ما) عمل (ليس)، فهي عند الحجازيين تعمل عمل (ليس)، ومنه قوله عزّ وجلّ: ﴿مَا هَـذَا بَشَراً﴾ [يوسف:12/ 31]، وقوله عزّ وجلّ: ﴿مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ [المجادلة:58 / ٢]، وقرأ ابن مسعود بالرفع، والفارق أنّ لهجة تميم بالإهمال دون الإعمال، وأهل الحجاز بالإعمال دون الإهمال، وهذه القراءات هي امتداد لظواهر لهجيّة وردت في القرآن الكريم، وهي ليست من باب الخروج على الاستعمال، وإنَّما سوّغ لها الاستعمال اللّهجي أن تُقرأ بالنصب والرفع[46].

ولعلّ ما نقله عن ابن قتيبة في بيان جهود المعتزلة النحويّة بأنَّهم جعلوا دراسة القرآن والحديث وأحكام الشريعة في المرتبة الثانية، ومن جهة أخرى، فقد رصد ابن قتيبة نماذج من الاستعمالات الخاطئة التي اصطلح عليها يوهان فك بـ(العربية المولدة)، التي فيها إشارة إلى الاستعمالات من اللّغة الدراجة في التعبير عن تلك الاستعمالات العاديّة، التي خرجت عن معايير التصرّف الإعرابي، ويرى أنَّ الطبيعة الحقيقيّة لما أسماه بالعربية المولدة والفرق الخاصّ الذي يميّزها عن العربية الفصحى إنَّما يقوم على تفسير في تكوينها بعد ترك الإعراب من أمارته الظاهرة[47].

وكذلك ما نقله عن الجاحظ يعدّ خير دليل على أثر المعتزلة في رصد الاستعمالات اللّغوية، ومنها (لغة الاطفال) في استعمالهم (واوّ أو بمعنى (الكلب)، و(ما ما) بمعنى (شاة) أو خروف. وكذلك لهجات النبطي والاهوازي والخراساني والزّنجي والهندي، فضلاً عن الاختلاف بين اللّغة العربية والفارسيّة. وكذلك نقل عن ازدواج اللّغات فإذا التقت العربية والفارسية أدخلت الضيم على صاحبتها، وقد ذكر مثالاً على ذلك، وهو موسى بن سيار الأسواري، الذي وصفه الجاحظ بأنَّه كان من أعاجيب الدنيا؛ إذ كانت فصاحته بالفارسيّة في وزن فصاحته بالعربية، وفي مجلسه العرب عن اليمين والفرس عن اليسار، فيقرأ الآية من كتاب الله عزَّ وجلَّ ويُفسّرها للعرب بالعربية، ثمّ يحوّل وجههُ للفرس فيفسّرها لهم بالفارسية، فلا يدري بأيّ لسانٍ هو أبين. فقد وردت ألفاظ فارسية في لسان بعض الشعراء ومنهم العُماني في مدحه لهارون الرشيد:

آلي يذوق الدهر آب سَرْد: أيْ حلف لا يشرب الماء البارد أبدًا[48].

 ويمكن القول: إنَّ ما نقله يوهان فك عن المعتزلة وطبيعة علاقاتهم اللّغوية ما هو إلا مثال من أمثلة التقارض اللّغوي؛ بسبب الاستعمال وتداخل البيئة اللّغوية مع بيئة لغويّة أخرى، ما أدّى إلى انصراف إعراب الألفاظ من جهة وتقارض اللّهجات فيما بينها من جهة أخرى، ولعلّ هذا يشير إلى أسباب جغرافيّة وأدبيّة وصراع للحضارات، كلُّما وُجدت فسحة لغوية لذلك. والفسحة كانت بتقريب المأمون للمعتزلة، فضلاً عن اعتناقه فكر الاعتزال في بعض الروايات، فمن الطبيعي أنْ تجد إفرازات للّغة بسبب كونها –عقيدة الاعتزال- اللهجة السائدة، فلا ضير من استعمالاتهم اللّغوية المتداخلة لما سمحت به السياسة التي تدير سدّة الحكم في عصر هارون الرشيد وامتداداً إلى المأمون، ففي زمن الأوّل كانت السياسة اللّغويّة قويّة حتى جعلت المحافظة على اللّغة سمة بارزة؛ فقدّست العلماء من أهل اللّغة والأدب وغيرهم من الأعراب الفصحاء، ومن هؤلاء: الكسائي (ت189هـ)، والفرّاء (ت 207هـ) وغيرهم. وهذا يدلّ على استعمال اللّغة العالية، وهي لغة البدو ذات القواعد الصارمة، فهي القدوة والأنموذج الرفيع، إذ كانوا يرفضون استعمالات اللّغة الدارجة التي توصف بـ(لحن) العامّة، وكان الاستعمال اللّغوي هو الصحيح فحسب[49].

والحقيقة أنّ يوهان فك قد نهج منهج النّقد غير الموضوعي في نقده لغة العرب، فهو تارة يُمجّدها من أجل وضع معيّن، ثم لا ينفك من النقد الممنهج الذي يُقلّل من علوّ شأنها، ومن ذلك ما لاحظه في التراكيب النحويّة التي يراها ما هي إلا قواعد ثابتة ومعايير مقدرة، وهذا الأمر بدأ واضحًا عبر العلاقات اللّغويّة في المحيط الإسلامي، ويُعلّل ذلك إلى استعمال اللّغة الدارجة في أشعار القرن الرابع الهجري، ويذكر مثالاً لشعر ابن الحجّاج (ت 391هـ) الذي عدُّه أنبه ممثّلي أسلوب المجون والسّخف، فهو يُعارض الأسلوب الرفيع في الشعر ويتجنّب الثروة اللّفظيّة من ذلك الشّعر الماجن، من العبارات الجزلة التي كان يتّسم بها الشعر القديم[50]. والناظر لهذه الظاهرة يجدها ظاهرة أسلوبية ظهرت في عصر (بختيار البويهي 356-367) الذي انتشرت فيه الفارسية بشكل كبير؛ بسبب التأثّر والتأثير اللّغوي، وهذا لا يُقاس على العربية الفصحى؛ لأنَّها حافظت على نظامها وأصالتها وجزالة ألفاظها، ولا سيّما أشعار المتنبّي وأبو فراس الحمداني وغيرهم، فإنَّ اللّهجة الدارجة لا تُقاس على اللّغة الرسميّة. ثم إنّ ظهورَ شاعر بأسلوب هزليّ أو أسلوب فيه من السذاجة أو شيء من هذا القبيل لا يعني أنَّ اللّغة الأصل قد جوّزت له هذا، وإنَّما اللّغة تبقى في ذاتها تستقبل التأثّر؛ بسبب الاستعمالات المتداخلة في الحياة اليوميّة، كما هو الحال في أغلب اللّهجات الدّارجة في بلداننا العربية، وهذا مُفاد قوله باكتساب التحرّر الجديد في سلطان بغداد كما يسميه. وعن طريقه نتج انضمام اللّهجات العربية لكلِّ إقليم بعضها إلى بعض، حينئذ تآلفت تلك اللّهجات فيما بينها مع الاحتفاظ بخصوصيّة لا بأس بها، ثم كثرة المشتركات التي تشترك بها تلك اللّهجات من الأصوات، والصيغ، والقواعد التركيبية، ودلالات المعجم.

وقد أطلق عليها يوهان فك بـ(اللّهجات الإقليميّة) التي تجلّت صورها في بلاد الرافدين، وسوريا، وفلسطين، ومصر، وشمال أفريقيا، والأندلس. فكانت لغة المثقفين مع تميِّز في الاستعمالات الأخرى، وقد جسّد ذلك المقدسي تلك الخريطة اللّغويّة للّغة العربية. ثم يستدرك ليقول إنَّ مقام العربيّة الفصحى قد بقي هو الأساس من حيث كونها لغة الأدب الوحيدة في العالم الإسلامي من غير منازع؛ لأنّها ثقافة واحدة وهي الثقافة الإسلامية[51]. فلم يخرج عن معيار الفصحى، ثم الاتساع قد ساعد اللّغة العربيّة -اتساع دائرة نفوذها-، وأنَّها صارت لغة فصحى في درجة ثابتة كاملة الحلقات ما انعكس على متعلّميها ووسّع لهم بيئتها اللّغويّة.

وخلاصة القول يبقى كلام ابن جني (ت 392هـ) عن اللّغة فيصلاً في المحافظة على سلامة اللّغة العربيّة وخصائصها، وتجلّى ذلك بالباب الذي وضعه بالاتفاق مع أبي علي الفارسي (ت 377هـ) في المحافظة على العربية من اللّحن أن يضع بابًا مستقلاًّ لأغلاط الأعراب، ومُفاده أنَّ من الممكن أنْ يقعوا في اللّحن؛ لأنّهم ليس لديهم أصول يراجعونها أو قوانين نحويّة يستعصمون بها، وإنَّما نهجهُم في ذلك طباعهم على ما ينطقون به، فربّما استهواهم الشيء فزاغوا عن القصد. وهذا ما حصل في العربية المولدة واللّهجات الإقليميّة وقسم من شعراء الغزل والمجون وغيرهم من الكتّاب من غير العرب في الدولة العباسيّة وامتدادها الذي وقع فيه هؤلاء في اللحن، والتأثير اللّغوي، والتقارض، والدخيل، والمنقول، وغيره، وشيوع ذلك بين لغة العامّة.

 وأمّا ما يتعلق باللّغة الفُصحى فإنَّها لغة القرآن الكريم التي حفظها لنا الله عزَّ وجلَّ إلى ما شاء الله بدليل قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:15/9]. وأمّا الاستعمالات الأدبيّة الأخرى فهي في أحد الأقوال زيغ عن القصد.

خاتمة

اتّسم كتاب العربية بسعة مادته العلميّة، وهذه السّعة أوقعت المؤلّف في إشكاليّة رصد الظواهر الفرديّة لا الجماعيّة، ومن ثم إطلاق أحكام غير موضوعيّة اتّسمت بالعموميّة ما انعكس سلبًا على منهجه في معالجة تلك الظواهر، ومنها: ظاهرة الإعراب، وأثر الفارسية، فضلاً عن العربية المولدة.

لم يكن منهجهُ منهجًا في الوظيفة التي تؤدّيها تلك الظواهر المرصودة في البحث، وإنَّما اعتمد على وصف الظاهرة كما سجّلتها كتب السير، والتاريخ، والأدب... ولذلك أدّى إلى إصدار أحكام لا تنطبق وأحكام اللّغة العربيّة؛ لأنَّها لغة القرآن الكريم فضلاً عن كونها لغة حيّة وفيها من التطوّر الدلالي ما لا يقف عند حدٍّ ما.

وقف البحث عند المنهج التحليلي والوظيفي فضلاً عن النقد الموضوعي عبر المنهج المعياري الذي اتسم بالمنهج التكاملي للربط بين الظاهرة من جهة والاستعمال التداولي لها. وهذا ما يُوصي به البحث وهو قراءة ما كتبه المستشرقون وفقًا لذلك المنهج لا أن يتّخذ من آرائهم نصًّا لا يقبل الشكّ والنقد؛ لأنّهم مع ما بذلوا من جهدٍ في ذلك إلا أنَّه يبقى الأمر متعلقًا بلغة القرآن الكريم.

ثبت المصادر[52]:

القرآن الكريم

آل غنيم، صالحة راشد غنيم، اللّهجات في الكتاب لسيبويه أصواتاً وبنية: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الاسلامي، ط1، 1405هـ- 1985م.

 أنيس، ابراهيم وآخرون ، المعجم الوسيط: مصر، ط2، د.ت.

 جبري، عبد الله عبد الناصر، لهجات العرب في القرآن الكريم دراسة استقرائية تحليلية: دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ط1، 2007م.

 الجندي، أحمد علم الدين، اللهجات العربية في التراث: الدار العربية للكتاب، مصر، ط1، ص1983م.

 ابن جني، أبو الفتح عثمان (ت 392ه)، الخصائص: تحقيق محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت، ط2،1952م.

 الحسون، د. خليل بنيان، النحويون والقرآن: مكتبة الرسالة الحديثة، عمان- الأردن، ط1، 1423ه / 2002م.

الراجحي، د. عبده، اللّهجات العربية في القراءات القرآنية، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، ط2، 1430ه/  2009.

 الزبيدي، محمد مرتضى ( ت1205هـ)، تاج العروس، تحقيق مصطفى حجازي، المجلس الوطني للثقافة، الكويت، ط1، 2001م.

الزيدي، د. كاصد ياسر، فقه اللغة العربية، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، ط1، 1987م.

سيبويه، عمرو بن عثمان (ت180ه)، الكتاب: تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، ط1، د.ت.

السيد حسن، محمد بن السيد ( ت 866ه)، الراموز على الصحاح: تحقيق محمد علي عبد الكريم الرديني، دار أسامة، دمشق، ط2، 1986م.

 السيد كريم، محمد رياض، المقتضب في لهجات العرب، مصر، ط1، 1996م.

 عبد الكريم، د. صبحي عبد الحمدي، اللهجات العربية في معاني القرآن للفراء- دراسة نحوية وصرفية ولغوية، دار الطباعة المحمدية، القاهرة، ط1، 1986م.

 عزيز، د. كوليزار كاكل، القرينة في اللغة العربية، دار دجلة، عمان، ط1، 2009م.

 غالب، د. علي ناصر، لهجة قبيلة أسد، دار الشؤون الثقافية العامّة، بغداد، ط1، 1989م.

ابن فارس، أحمد ( ت390ه)، مقاييس اللّغة، تحقيق عبد السلام هارون، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ط1، 1369ه.

 فراج، عبد الستار أحمد، ديوان مجنون ليلى، دار مصر للطباعة، القاهرة، ط1، 1979م.

الفراهيدي، الخليل بن أحمد ( ت175ه)، العين: تحقيق د.مهدي المخزومي، د. ابرهيم السامرائي، دار الحرية للطباعة، بغداد، ط1، 1984م.

فك، يوهان، العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب: ترجمة د. رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، مصر، ط1، 1980م.

لافي، عماد يونس، اللهجات العربية القديمة وما تبقى من آثارها: بحث منشور في مجلة كلية التربية الأساسية الجامعة المستنصرية، العدد الثاني والسبعون، 2011م.

الماضي، أ.د سامي، أثر طرق الحج في التواصل اللّغوي دراسة ابيستيمولوجية، دار بغداد للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد، ط1، 2017م

الدلالة النحوية في كتاب المقتضب للمبرد محمد بن يزيد(ت285ه): مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط2، 2012م.

ابن منظور، محمد بن مكرم( ت 711م)، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط6، 1997.

--------------------------


[1] ينظر: العين مادة( لهج) 3/ 391 بتصرف، وينظر: لسان العرب مادة (لهج).

[2] ينظر: مقاييس اللغة 5/ 214-215 بتصرف.

[3] ينظر: المعجم الوسيط 2/ 841.

[4] ينظر: لهجة تميم وأثرها في العربية الموحدة 29-30 بتصرف.

[5] ينظر: الراموز على الصحاح 1/ 28.

[6] ينظر: الخصائص1/ 69.

[7] ينظر: لهجات العرب في القرآن الكريم53.

[8] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والاساليب ( المقدمة/ 5).

[9] ينظر: م .ن ( المقدمة/ 6).

[10] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 19.

[11] ينظر: اللهجات العربية القديمة وما تبقى من آثارها 35.

[12] ينظر: فقه اللغة العربية 205.

[13] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 19.

[14] ينظر: لهجة تميم وأثرها في العربية الموحدة 86، ولهجات العرب في القرآن الكريم 54.

[15] الكتاب4/ 199، وينظر: لسان العرب 6/ 196.

[16] ينظر: اللهجات في كتاب سيبويه أصواتاً وبنية52 .

[17] ينظر: لهجة قبيلة أسد 104 وينظر ديوان مجنون ليلى207.

[18] ينظر: اللهجات في الكتاب لسيبويه أصواتاً وبنية 256.

[19] ينظر: لهجة تميم وأثرها في العربية الموحدة 180، واللهجات العربية في التراث 229، ولهجات العرب في القرآن الكريم 67.

[20] ينظر: اللهجات العربية في القراءات القرآنية 120،ما أثبته هو قراءة المصحف وأشرت الى وجه القراءة.

[21] ينظر: اللهجات العربية في معاني القرآن للفراء 182-184.

[22] ينظر: الكتاب4/ 182 ، ولهجات العرب في القرآن الكريم 60.

[23] ينظر: تاج العروس9/ 396، واللهجات العربية القديمة وما تبقى من آثارها 54-55.

[24] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 19-20.

[25] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب  20.

[26] م. ن 20.

[27]  ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 25 .

[28] ينظر: اثر طرق الحج في التواصل اللغوي دراسة ابيستمولوجية 5 .

[29] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 27 ، 29.

[30] ينظر: تقارض الالفاظ في الدلالة والاعراب 13.

[31] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والاساليب 26.

[32] اثر طرق الحج في التواصل اللغوي دراسة ابيستمولوجية 20.

[33] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والاساليب 124.

[34] ينظر: م.ن 124.

[35] هذا ما لمسته في تونس والجزائر ومصر عند زيارتي العلمية لهذه البلدان إذ يتحدثون بغلبة ألفاظ الاستعمال التي هي خليط من العربية ولغة الاستعمال ولكن في اللغة الرسمية نجد الاستعمال اللغوي العربي حاضر بكل قواه.

[36] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 126.

[37] ينظر: ينظر م. ن 128.

[38] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 129 بتصرف.

[39] ينظر: الخصائص1/ 33.

[40]  ينظر: الدلالة النحوية في كتاب المقتضب 27.

[41] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 14-15 بتصرف.

[42] ينظر: القرينة في اللغة العربية 92.

[43] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 15.

[44] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 17.

[45] ينظر: النحويون والقرآن 12-13 بتصرف.

[46] ينظر: المقتضب في لهجات العرب153.

[47] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 109-110 بتصرف.

[48] ينظر: م. ن 119-120 بتصرف.

[49] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 93-94 بتصرف.

[50] ينظر: م.ن 187-192 بتصرف.

[51] ينظر: العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب 15 بتصرف.

[52] أسقطت كلمة( ابن) وأداة التعريف(أل) ورتبت المصادر وفقاً للقب المؤلف وعندما لا يوجد لقب اعتمدت الاسم الأخير ليصبح تعريفاً له، وأما إذا وجدت مؤلفاً مشتركاً اعتمدت الاسم الأول فقط وأشرت بـ( كلمة) وآخرون.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف