البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

July / 9 / 2020  |  2528جمع القرآن الكريم وموقف المستشرقين السويديين منه

أ.د.حكمت عبيد الخفاجي، الباحث عصام هادي كاظم المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية شتاء 2020 م / 1441 هـ
جمع القرآن الكريم  وموقف المستشرقين السويديين منه

المقدمة

إنّ بحث هذا الموضوع من الأهمية بمكان، لأنّه يطرح مشكلةً تاريخيةً للنص القرآني على بساط البحث، فشغلت فكر العلماء والباحثين وتناولوها بالبحث والبيان في كتب التفسير وعلوم القرآن، ووصلوا إلى نتائج تدلّ على وقوع الجمع في زمن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) إلّا أنّ بحث هذا الموضوع عند «المستشرقين اتخذ منحًى آخرَ اتسم بالتشكيك واعتماد النصوص الشاذة، والروايات الضعيفة والواهية، ما كان نتيجته مواقفَ مريبةً حول توثيق النص القرآني بما يفتح المجال واسعًا للشك في صحة القرآن، أو في وجود عناصرَ أجنبيةٍ عنه تسربت إليه، بسبب تأخر تدوينه، أو بدائية الوسائل المستعملة، أو ضعف المنهج المعتمد، أو غير ذلك»[1]. وفي ما يأتي بيان ما هو المراد من الجمع، ومتى حصل الجمع، وهل كان في زمن النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) أو كان بعد رحيله إلى الرفيق الأعلى، وذكر آراء المستشرقين السويديين ومناقشتها.

المطلب الأول: معاني جمع القرآن

يبدو أنّ للجمع أربعة معانٍ، وهي:

أولًا: الجمع بمعنى الحفظ في الصدور

أـ حفظ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) للقرآن الكريم

لا شك في أنّ النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) كان مولعًا بالوحي في كلّ حينٍ من أجل حفظه وفهمه، فهو أول الحفّاظ وسيّدهم، فإنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) كان «إذا أتاه جبريل (عليه السلام) بالوحي لم يفرغ حتى يزمل من الوحي حتى يتكلّم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بأوله، مخافة أن يغشى عليه، فقال له جبريل: لِمَ تفعل ذلك. قال: مخافة أن أنسى. فأنزل الله (عزّ وجلّ) ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: 6]»[2].فلم يكن تكلّم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتحريك لسانه بما يوحى إليه إلّا شوقًا وشغفًا وحرصًا منه(صلى الله عليه وآله وسلم) لحفظه، ومن ثَمّ تبليغه لأمته، فكان يتلوه عن ظهر قلبٍ ليلًا ونهارًا، كما أنّ القرآن كان يُعرض عليه بالسنة مرّةً، وفي عامه الأخير عُرض عليه مرتين: « كان القرآن يُعرض على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في كلّ عام مرّةً، فلمّا كان العام الذي قُبض فيه عرض عليه مرتين»[3]، كما أنّ الصحابة كانوا يعرضون ما عندهم من القرآن عليه، فيخبرهم بحسن حفظهم، فعن ابن مسعودٍ قال: «إنّي قرأت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعين سورةً، وكان يُعرض عليه القرآن في كلّ سنةٍ، وكنت أعرض عليه، فيخبرني أنّي محسنٌ حتى كان عام قُبض فيه، فعُرض عليه مرتين، ثمّ قرأت عليه»[4].

لا ريب في حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب من قِبل النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث تكفّل الله تعالى بذلك بقوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: 6].

ب ـ حفظ الصحابة للقرآن الكريم

هناك عواملُ عدّةٌ توافرت للصحابة لحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلبٍ، وأهم تلك العوامل هي[5]:

1ـ امتازوا بقوّة الحافظة، فقد كان الواحد منهم يحفظ القصيدة الطويلة من الشعر بمجرد أن يسمعها أول مرّةٍ.

2ـ النزول التدريجي للقرآن أسهم إلى حدٍّ كبيرٍ في سهولة حفظه.

3ـ فرض قراءة شيءٍ من القرآن الكريم في الصلاة، فضلًا عن الأجر والثواب.

4ـ وجوب العمل بالقرآن الكريم، إذ إنّه دستورهم الذي يرجعون إليه في عباداتهم ومعاملاتهم.

5ـ حث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين على قراءته والترغيب بما يناله قارئ القرآن من الثواب والأجر الجزيل فـ«عن عبد الله بن مسعودٍ (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: مَن قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرفٌ، ولكن (ألف) حرفٌ، و(لام) حرف، و(ميم) حرفٌ»[6].

6ـ تعليم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه الصحابة القرآن الكريم، فكان الصحابة تلاميذ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو شيخهم ومعلمهم، وإذا أسلم أحدٌ من الناس كان يوكل به مَن يُعلّمه كتاب الله وأحكامه.

فهذه العوامل وغيرها أنتجت لنا مجموعةً كبيرةً من الصحابة حفظة للقرآن الكريم في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أرَ منازلهم حين نزلوا بالنهار»[7]. وقد اشتهر مجموعةٌ من الصحابة بإقراء القرآن الكريم وهم: «سبعةٌ: عثمان، وعليٌّ، وأُبيٌّ، وزيد بن ثابتٍ، وابن مسعودٍ، وأبو الدرداء... كذا ذكرهم الذهبي في طبقات القرّاء، قال: وقد قرأ على أُبيٍّ جماعةٌ من الصحابة، منهم: أبو هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن السائب، وأخذ ابن عباس عن زيدٍ أيضًا، وأخذ عنهم خلقٌ من التابعين»[8]. ومما يدلّ على أنّ القراءة كانت عن ظهر قلب قول الله تعالى في الحديث القدسي «... وأنزلت عليك كتابًا لا يغسله الماء تقرأه نائمًا ويقظانَ»[9]، فـمن «يفهم أنّ القرآن يقرأ عن ظهر قلبٍ في كلّ حالٍ، فلا يحتاج جامعه إلى النظر في صحيفةٍ كُتبت بالمداد الذي ينطمس ويزول إذا غسل بالماء»[10].

وقد «ثبت حفظ الصحابة للقرآن في صدورهم بما يبلغ رتبة التواتر بل يزيد عليها أضعافًا، تجعلنا نتيقن ما قاله الإمام أبو الخير بن الجزري: إنّ الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب أشرف خصيصةً من الله تعالى لهذه الأمة»[11].

فحفظ الصحابة لكتاب الله ربما لا يحتاج إلى دليلٍ لتواتر النقل بذكر حفّاظ القرآن الكريم وقد بلغ عددهم مئاتٍ.

ثانيًا: الجمع بمعنى كتابته

كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يكلّف جماعةً من الصحابة، كعليٍّ(عليه السلام)، وعبد الله بن مسعودٍ، وأُبي بن كعبٍ، وزيد بن ثابتٍ، وغيرهم بكتابة الوحي المنزل عليه، ويرشدهم إلى موضع المنزل من سورتها، فعُرفوا بكتّاب الوحي، فكان هؤلاء الكتّاب يخطّون بأناملهم ما ينزل من القرآن في العسب، واللخاف، والرقاع، والأقتاب، والأكتاف[12]*، فعن «زيد بن ثابتٍ قال: كنّا عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) نؤلف القرآن من الرقاع»[13]. وإنّما أراد زيد بن ثابتٍ بقوله (نؤلف القرآن من الرقاع) تأليف ما نزل من الآيات المتفرّقة في سورتها وجمعها فيها، بإرشاد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)[14]. و«عن يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفانٍ: ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني، فجعلتموهما في السبع الطوال، ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحِيم)؟ قال عثمان: كان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ممّا تنزل عليه الآيات فيدعو بعض مَن كان يكتب له، ويقول له: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية والآيتان، فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما أُنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهةً بقصتها، فظننت أنّها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال، ولم أكتب بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحِيم)»[15].

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعليٍّ: يا عليُّ، القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس، فخذوه واجمعوه، ولا تضيّعوه كما ضيّعت اليهود التوراة، فانطلق علي(عليه السلام) فجمعه في ثوبٍ أصفر، ثمّ ختم عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، فإنّه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداءٍ حتى جمعه»[16]، وعن عامر الشعبي أنّه قد قال: «جمع القرآن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ستةٌ من الأنصار: زيد بن ثابتٍ، وأبو زيدٍ، ومعاذ بن جبلٍ، وأبو الدرداء، وسعد بن عبادة، وأُبيّ بن كعبٍ، وفي حديث زكريا: وكان جارية بن مجمع بن جارية قد قرأه إلّا سورة أو سورتين»[17].

إنّ هذه الكتابة لم تكن في عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مجتمعةً في مصحفٍ واحدٍ، بل كان ما مكتوبٌ عند هذا ما ليس عند ذاك، وقد نقل العلماء أنّ نفرًا منهم: علي بن أبي طالب((عليه السلام)، ومعاذ بن جبل، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، قد جمعوا القرآن كلّه على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وذكر العلماء أنّ زيد بن ثابت كان متأخرًا عن الجميع[18].

ومن خلال ما تقدّم يتبيّن أنّ القرآن كان مكتوبًا عندهم بنسخٍ متعددةٍ في عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)؛ وبذلك تحقق للقرآن على عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) الحفظ التام بنوعيه: حفظ الصدور وحفظ السطور[19].

والباحث يذهب إلى أنّ المصحف لم يكن مجموعًا بكامله في كتابٍ واحدٍ عند أيّ صحابيٍّ في زمن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؛ لأنّهم كانوا يتوقعون نزول الوحي في أيّ لحظةٍ، ولم يكونوا يعلمون بنهاية الوحي إلّا بوفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

ثالثًا: الجمع بمعنى وضعه في مصحفٍ واحدٍ

بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جوار ربّه بقيَ القرآن الكريم منتشرًا في قراطيس لم يُعمد إلى جمعه في مصحفٍ واحدٍ، فبعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) انبرى علي بن أبي طالب(عليه السلام) لهذه المهمة بوصيةٍ من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؛ حيث أقسم على أن لا يرتدي رداءه إلّا لصلاةٍ حتى يجمع كتاب الله (عزّ وجلّ)، وفعلًا قام بجمعه حسب ترتيب نزوله، مقدّمًا منسوخه على ناسخه، ذاكرًا أسباب نزوله، وقدّمه لأبي بكر في ما بعدُ، وبعد أن اطّلع عليه أحد الصحابة تم رفض هذا المصحف، فرجع به عليٌّ(عليه السلام) إلى بيته ولم يُظهره، وهذه بعض النصوص الدالة على أنّ المتولي الأول لجمع القرآن كان علي بن أبي طالب(عليه السلام). يصف عكرمة مولى ابن عباس (ت:107هـ) هذا المصحف بقوله: «لو اجتمعت الأنس والجن على أن يؤلفوه ذلك التأليف ما استطاعوا»[20]. والسبب في عدم استطاعتهم الإتيان بمثل مصحف علي، لأنّه جمعه(عليه السلام) «وفق ترتيب النزول: المكي مقدّمٌ على المدني، والمنسوخ مقدّمٌ على الناسخ، مع الإشارة إلى مواقع نزولها ومناسبات النزول»[21].

 ويذكر ابن النديم (ت:438هـ): «إنّه [أي: علي بن أبي طالب(عليه السلام)] رأى من الناس طيرةً عند وفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فأقسم أن لا يضع على ظهره رداءه حتى يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة أيامٍ حتى جمع القرآن، فهو أول مصحفٍ جمع فيه القرآن من قلبه، وكان المصحف عند أهل جعفر»[22]. ثمّ يعقّب بقوله: «ورأيت أنا في زماننا عند أبي يعلى حمزة الحسنيw مصحفًا قد سقط منه أوراقٌ بخط علي بن أبي طالب يتوارثه بنو حسن على مرّ الزمان»[23].

والدليل على عدم إظهاره للناس بعد رفضه هو قول طلحة لعلي: «لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عمّا سألتك عنه من أمر القرآن، ألا تظهره للناس؟! قال: يا طلحة، عمدًا كففت عن جوابك، فأخبرني عمّا كتب عمر، وعثمان، أقرآنٌ كلّه؟! أم فيه ما ليس بقرآن؟!قال طلحة: بل قرآنٌ كلّه. قال: إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة»[24].

ولكن الذي حدث بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وفي زمن خلافة أبي بكر، هو بعد معركة اليمامة، وبعد أن استحرّ القتل بالقرّاء، وقد بلغ عددهم سبعين قتيلًا، طلب عمر بن الخطاب من أبي بكر أن يجمع القرآن الكريم؛ خوفًا من ضياعه، بسبب كثرة مَن قُتل من القرّاء في هذه المعركة، فلم يوافق أبو بكر أولًا، ثمّ بعد الأخذ والرد وإلحاح عمر بن الخطاب وافق على جمعه، واختير لهذه المهمة زيد بن ثابت لأسبابٍ عدّةٍ منها: أنّه شابٌّ، وكاتبٌ للوحي، وشهوده العرضة الأخيرة، وغيرها من الأسباب.

ينقل لنا زيد بن ثابت كيفية تكليفه بجمع القرآن قائلًا: «أرسل إليّ أبو بكر مَقتَل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إنّ عمر أتاني، فقال: إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن، وإنّي أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن، فيذهب كثيرٌ من القرآن، وإنّى أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟! قال عمر: هذا والله خيرٌ. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنّك رجلٌ شابٌّ عاقلٌ، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فتتبع القرآن فاجمعه. [قال زيد] فو الله لو كلفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليَّ ممَّا أمرني به من جمع القرآن. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبى بكر وعمرG، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب، واللخاف، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحدٍ غيره، ﴿لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثمّ عند عمر حياته، ثمّ عند حفصة بنت عمر»[25].

قال الحارث المحاسبي في كتاب فهم السنن مبيّنًا ما هو عمل الخليفة الأول ما نصّه: «كتابة القرآن ليست بمحدثةٍ، فإنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأمر بكتابته، ولكنّه كان مفرّقًا في الرقاع والأكتاف والعسب، فإنّما أمر الصدّيق بنسخها من مكانٍ إلى مكانٍ مجتمعًا، وكان ذلك بمنزلة أوراقٍ وجدت في بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيها القرآن منتشرٌ، فجمعها جامعٌ وربطها بخيطٍ، حتى لا يضيع منها شيءٌ»[26].

من رواية زيد بن ثابت وقول الحارث المحاسبي يتبيّن لنا ما هو العمل الذي قام به الخليفة الأول، ولكن يرد سؤالٌ من الباحث وهو: بحسب رواية زيد فإنّ عمر بن الخطاب خاف على القرآن من الضياع، بسبب كثرة مَن قتل في معركة اليمامة من القرّاء، وهذا الشعور من قبل عمر بن الخطاب في غاية الأهمية والحرص على كتاب الله (عزّ وجلّ)، ولكن بعد أن قام زيد بهذه المهمة الشاقة، وجمع القرآن من اللخاف والعسب وغيرها، وجعلها في مصحفٍ واحدٍ وسلّمه لأبي بكر، لِمَ بقيَ هذا المصحف عند أبي بكر ولم يُعمّم على المسلمين جميعًا؟! فإنّه لو عُمّم على المسلمين ارتفع خوف الضياع من عمر بن الخطاب وغيره ممَّن كان حرصهم على القرآن، ولما حصل الاختلاف في مصاحف الصحابة أيضًا، الذي أجبر عثمان بن عفّان على توحيد تلك المصاحف، وينقل هذا السؤال أيضًا لعمر بن الخطاب بعد وفاة أبي بكر، حيث انتقل المصحف إليه واحتفظ به، ثمّ انتقل إلى ابنته حفصة بعد وفاته.

ففي نظري القاصر ربما يكون جمع القرآن بالنسبة للخليفة الأول والثاني لمزيةٍ تخصّهما من كونهما أول مَن تصديا لجمع القرآن الكريم بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).

ولكن هذه المزية لا تثبت مع تقديم علي بن أبي طالب(صلى الله عليه وآله وسلم) لمصحفه الذي تولى جمعه قبل معركة اليمامة، حيث شرع بجمعه بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرةً، بدليل قول عكرمة: «قال لما كان بعد بيعة أبي بكر قعد علي بن أبي طالب في بيته، فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك، فأرسل إليه، فقال: أكرهت بيعتي؟ قال: لا والله. قال: ما أقعدك عنّي؟ قال: رأيت كتاب الله يزاد فيه فحدّثت نفسي أَلّا ألبس ردائي إلّا لصلاةٍ حتى أجمعه. قال له أبو بكر: فإنّك نِعمَ ما رأيت»[27].

لذلك يثبت أنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو أول مَن تصدى لجمع القرآن في مصحفٍ واحدٍ، من دون أن يسبقه سابقٌ بذلك، فلا مزية لغيره عليه في جمع القرآن الكريم، فضلًا عن تقدّمه على غيره من الصحابة بأمورٍ أخرى لا مجال لذكرها في هذا البحث.

رابعًا: الجمع بمعنى توحيد المصاحف

لا شك في أنّه قد تم في زمن عثمان بن عفّان توحيد المصاحف على قراءةٍ واحدة،ٍ وكان السبب والدافع لهذا العمل هو تعدد المصاحف وتمايزها واختلافها من حيث القراءة، ما أفزع حذيفة بن اليمان، فذهب إلى عثمان بن عفّان وطلب منه أن يدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في كتاب الله اختلاف اليهود والنصارى، وفعلًا استجاب عثمان بن عفّان لهذا الطلب، واستجلب نسخة المصحف الموجودة عند حفصة  بنت عمر بن الخطاب، وطلب من زيد بن ثابت وثلاثةٍ من قريش أن ينسخوا هذا النسخة في المصاحف، وإن اختلفوا مع زيد في شيءٍ يكتبونه بلسان قريش، لأنّ القرآن نزل بلسانهم.

ويروي لنا البخاري (ت:256هـ) في صحيحه عن «ابن شهاب أنّ أنس بن مالك حدّثه أنّ حذيفة بن اليمان قدِم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنّما نزل بلسانهم. ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كلّ أفقٍ بمصحفٍ ممَّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلّ صحيفة أو مصحف أن يُحرق»[28].

وينقل لنا السيوطي (ت:911هـ) سببًا آخرَ لقيام عثمان بن عفّان بهذا العمل، فيقول: «أخرج ابن أشته من طريق أيوب، عن أبي قلابة، قال: حدّثني رجلٌ من بني عامر يقال له أنس بن مالك، قال: اختلفوا في القراءة على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلّمون، فبلغ ذلك عثمان بن عفّان، فقال: عندي تكذبون به وتلحنون فيه، فمن نأى عنّي كان أشدّ تكذيبًا وأكثر لحنًا يا أصحاب محمدٍ، اجتمعوا فاكتبوا للناس إمامًا، فاجتمعوا فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا وتدارؤوا في آية قالوا هذه أقرأها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فلانًا، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاثٍ من المدينة، فقال له: كيف أقرأك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) آية كذا وكذا؟ فيقول: كذا وكذا. فيكتبونها، وقد تركوا لذلك مكانًا»[29].

ولكن «المشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجهٍ واحدٍ، على اختيارٍ وقع بينه وبين مَن شهده من المهاجرين والأنصار، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات، فأمّا قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوهٍ من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن»[30].

نعم، لا شك في أنّ ما قام به عثمان بن عفّان من توحيد المصاحف قد دفع به إشكال تعدد القراءات بين الصحابة واختلافهم في ما بينهم، وأيهما أصح قراءةً من الآخر.

المطلب الثاني: رأي المستشرقين السويديين في جمع القرآن ومناقشتهم

يذكر (كارل يوهان تورنبيرغ) أنّ «القرآن في حالته الحالية ليس هو نفسه الملخّص من قِبل محمدٍ نفسه»[31].

و«أنّ الذي جمعه خلال حياته بشكل منهجيٍّ نوعًا ما فسمّي (الإلهام، الوحي) هو أمرٌ محتملٌ جدًّا، وربما لم تكن جمل محمد المتروكة في كتابٍ مكتوبٍ، أو نوعٍ من الكتاب المقدّس لتعليم المؤمنين، وكان هذا الأمر سهلًا، أن يكتب خطابه خطّيًّا، ولكن من المحتمل أنّه قد كتب جزءًا منها لهم»[32]، خصوصًا مع وجود «أتباعه الذين كانوا يطلقون عليهم اسم (قُرّاء القرآن)، والذين كان لهم تأثيرٌ كبيرٌ في المجتمع... [و] قرّاء القرآن كان عددهم كبيرًا جدًّا، وقد كانوا موجودين خلال حياة محمدٍ، وقد استقروا في كلّ مكانٍ في الجزيرة العربية»[33]. إذًا من الطبيعي أنّ « قرّاء القرآن يمتلكون مجموعاتٍ كبيرةً أو صغيرةً من قطع القرآن، ثمّ إنّ الأحرف هنا تُعتبر مهمةً جدًّا، وإنّ الكلمات يجب أن تكون منقولةً تمامًا، أي: كما تم أخذها على لسان النبي»[34].

وهؤلاء القرّاء «قد سمعوا محمدًا نفسه واتبعوا خطبه و تعليماته... إلخ، ولدى كل واحدٍ سجلاته أو مذاكراته[ إلّا أنّه] لم يمضِ وقتٌ طويلٌ لاكتشاف أنّ كلّ قارئٍ للقرآن لديه نصٌّ مختلفٌ عن النصّ الآخر»[35].

وهذه الاختلافات «غالبًا ما كانت بسيطةً جدًّا، ولكن يُعتبر أصغرُ تغييرٍ في الكلمة المقدّسة، والتي يجب أن لا يشوبها أيّ خطأٍ، جريمةً يمكن أن يؤدي إلى فساد الدين واضطراباتٍ اجتماعيةٍ، لأنّ الإلهام اللفظي هو دائمًا من عقيدة الإسلام الأساسية»[36].

وبعد نقل حذيفة بن اليمان الخبر في اختلاف المصاحف الموجودة بين المسلمين رأى عثمان بن عفّان «أنّه من الجيد السماح لإنشاء هيئةٍ قرآنيةٍ جديدةٍ ويكون ما جمعه زيد بن ثابت أساسًا لها؛ لأنّه أول مَن جمع أجزاء الكتاب المتناثرة، وقد قام بإرسال النصوص إلى جميع المدن الرئيسة، والمجموعات الأخرى، كما تمّ إتلاف (حرق) قطعٍ من القرآن بأوامر من الخليفة، وهكذا، صدر القرآن كقانونٍ لا يتغيّر لجميع المسلمين»[37].

ثمّ يبيّن بعد ذلك أنّه لا يوجد اختلافٌ بين الهيئة المشكَّلة من قِبل الخليفة الأول وبين الهيئة المشكَّلة من الخليفة الثالث من حيث الجوهر، فقال: «ليس لدينا أيّ سببٍ للافتراض بأنّ هذه الهيئة الثانية لتحرير القرآن أو ما تسمّى بهذا الاسم تختلف جوهريًّا عن الأولى أو تختلف عن نسخة أبي بكر»[38]. والنتيجة «أنّ الترتيب الحالي والشكل الخارجي هو عملٌ تمّ جمعه في وقت لاحق، والذي اعتبر أمرًا ضروريًّا بعد وفاة النبي»[39].

الدافع والسبب لجمع القرآن الكريم في رأي (كارل يوهان تورنبيرغ)

يقول: «لقد تغيّرت العلاقة بشكلٍ سريعٍ بعد وفاة النبي، حيث في اليمامة ظهر شخصٌ ادّعى النبوة والذي كان يسمّى (مسيلمة) وقد حصل في بلده على حزبٍ له أهميةٌ كبيرةٌ، وخلال حكومة (خلافة) الخليفة الأول أبي بكر قاد حروبًا داميةً ضدّه، وحُسمت المعركة في عام (632م أو 633م)، حيث سقط عددٌ كبيرٌ من المسلمين ومن بينهم عدد من قرّاء القرآن»[40].

وطلب عمر بن الخطاب من «أبي بكر أن يرتّب مجموعةً منها، والتي يمكن الحصول عليها منهم... ما دام يوجد في ذلك الوقت الحفّاظ الذين يعلمون أهمية هذه المسألة»[41].

كُلّف بهذه المهمة الشاقة «زيد بن ثابت الذي كان أمين النبي (محضر النبي) والذي قد جمع من جميع الجوانب وقد وحّدها من وحي محمدٍ الحقيقي»[42].

وفعلًا قام زيد بهذا العمل «وسلّم لأبي بكر أول نسخة كاملة للقرآن، ولا تزال هذه النسخة غير منظمة»[43].

فبعد تسليم زيد نسخة القرآن الذي جمعه من الصحابة بعد عناءٍ طويلٍ ومشقّةٍ يستغرب هذا المستشرق من عمل الخليفة الأول وكذلك الثاني، بسبب احتفاظهم بهذه النسخة وعدم نشرها بين المسلمين للاستفادة منها، وبقائها ملكيةً خاصّةً قال: «هذه المخطوطة لا تختلف عن النص الكنسي. أي: إنّ الرأي لم يكن واضحًا، وبهذه الطريقة قد تم ترك كتاب قانونٍ مكتوبٍ سيُنشر في جميع أنحاء مناطق الإسلام، وكانت النسخة وبقيت ملكية خاصة للخليفة، وقد تم نقلها بعد وفاة عمر إلى ابنته حفصة أرملة النبي»[44].

ويذهب (كارل فلهلم زتّرستين) إلى أنّ هناك مشكلةً في عدم إكمال جمع القرآن الكريم في زمن النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وهذه المشكلة هي تراجع النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض الأحيان عمّا قاله سابقًا، فيقول: «بالفعل قد تم تسجيل وكتابة الوحي المُنزل في حياة محمدٍ من قِبل أتباعه، ولكن بعد ذلك تم اكتشاف أنّ الوحي المُنزل لم يكن دائمًا منطقيًّا، وإنّما تراجُع‏ محمدٍ في بعض الأحيان عمّا قاله من قبلُ»[45]، ما أدى إلى عدم تنظيمه حتى جاء الخليفة الأول فرتب مجموعةً من آياته التي كانت متفرقة عند الصحابة بعضها كان مكتوباً وبعضها أخذ من ذاكرتهم. قال: «إنّما قد وُجد القرآن عندما توفي في وضع خاص وغير منظّم، وفي ظل الخليفة أبي بكر ـ الذي تولى الخلافة من عام (632م ـ 634م) ـ رُتّبت مجموعةٌ من الآيات القرآنية المُتَفَرقة (المنتشرة)، التي كان المؤمنون يحتفظون بها كجزءٍ في ذاكرتهم، وجزءٍ مكتوبٍ خطيًّا»[46].

 خالف (كريستر هيدين) أصحابه في جمع القرآن الكريم وذهب إلى أنّ الجمع قد حصل في زمن النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)​ بإملائه «حيث كان محمدٌ يقرأ النصّ ويُمليه بعد ذلك إلى كاتبٍ يكتب النص»[47]. ويُشير إلى مواكبة نشاط المسلمين مع بدء الدعوة مع الوحي من حيث حفظه وتعلّمه، فقال: «حيث بدأ محمد نشاطه في مكة، وبعد ذلك انتقل إلى المدينة في عام (622م)؛ ولذلك بدأ المسلمون بتعلّم القرآن في وقتٍ مبكرٍ في مكة أو في المدينة»[48]. فالقرآن الكريم «نصٌّ تم كتابته باللغة العربية في القرن السابع، ثمّ تم استنساخه في المستقبل من دون أيّ تضاربٍ في صياغة النصوص الصحيحة، وإنّ النصّ الأصلي تمّ الاحتفاظ به من دون أيّ تغييراتٍ أو إضافاتٍ»[49]. وحصل هذا الاستنساخ بعد أن « نشأت الحاجة إلى النص المكتوب (الصياغة الصحيحة)، تم تدوينه من قِبل الخليفة عثمان حوالي في عام (650م)»[50].

يرى (محمد كنوت برنستروم) أنّ القرآن قد «تم تدوينه في عهد الخليفة الثالث عثمان، أي: بعد حوالي عشرين عامًا من وفاة النبي، واستمر حتى يومنا هذا»[51].

 يقول (قانيتا صديق): «على الرغم من أنّ فنّ الكتابة لم يسبق له مثيلٌ ولا كان منتشرًا في الجزيرة العربية في ذلك الوقت، إلّا أنّه قد تمّ تسجيل القرآن المقدّس (الكريم) من البداية، وقد تم توظيف كُتّاب في أوقاتٍ مختلفةٍ مُعدّين لهذا الغرض، ومن أبرز هؤلاء الكُتاب: أبو بكر، وعلي، وزيد بن ثابت، وزبير بن العوام (رضي الله عنهم جميعًا)»[52].

وعلاوةً على ذلك، فقد حفظ عددٌ كبيرٌ من الصحابة القرآن الكريم ‏عن ظهر قلبٍ، إذ إنّ حفظ الأعمال الكبيرة والأدبية ‏عن ظهر قلبٍ لم يكن شيئًا جديدًا على العرب، ومن المعروف أنّ بعضهم قد حفظ حوالي مئة ألف بيتٍ من الشعر العربي عن ظهر قلبٍ[53]، «وهكذا، تم الحفاظ على القرآن الكريم من خلال نظامٍ مزدوجٍ من البداية إلى النهاية، ما أدى إلى أنّ نصّ القرآن الكريم بقيَ من دون تغييرٍ وسليمًا»[54].

وبعد ذلك ذكر أنّه قد فشلت محاولات بعض الباحثين الغربيين لإثبات العكس، واضطر النقّاد أخيرًا، بعد استخدام قواعد الانتقاد الصارمة إلى الاعتراف بأنّ القرآن الكريم اليوم، هو بالضبط نفس الوحي من الربّ (الله) كما أعطاه الرسول الكريم محمدٌ لأتباعه[55].

ثمّ استشهد بأقوال بعض المستشرقين المؤيدة لما قاله، نختار منها اثنين:

القول الأول: هو للسير ويليام موير حيث قال: «لقد ظهرت جماعاتٌ متقاتلةٌ ومثيرةٌ للجدل منذُ قتل عثمان وبعد أقل من ربع قرنٍ من وفاة محمدٍ، ومنذُ ذلك الحين تم تقسيم العالم المحمدي، ومع ذلك لم يقبلوا من بعضهم البعض سوى القرآن، وأنّهم جميعًا وبالإجماع يستخدمون نفس الكتاب في كلّ عصرٍ وحتى اليوم، وهذا دليلٌ قاطعٌ على أنّه لدينا الآن بالضبط النصّ الذي تم إعداده بأمرٍ من الخليفة، ومن المحتمل أنّه لا يوجد أيّ عملٍ آخرَ في كلّ العالم قد تم حفظ نصّه بشكلٍ أصليٍّ وغيرِ زائفٍ لمدّة اثني عشر قرنًا»[56].

والقول الثاني: هو لـ(إلوود موريس) حيث قال: «نصّ القرآن هو الأكثرُ أصالةً وغيرُ زائفٍ من جميع الأعمال التي لها نفس الحقبة»[57].

وغيرها من الأقوال التي نقلها عن المستشرقين أعرضنا عن ذكرها لتضمّنها مفاد القولين المتقدّمين.

مناقشة آراء المستشرقين في جمع القرآن

إنّ (كارل يوهان تورنبيرغ) يحتمل أنّ القرآن الكريم قد كُتب جزءٌ منه في زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ بعد ذلك يُشير إلى أنّ قرّاء القرآن أيضًا كتبوا، ولكن حصل الاختلاف البسيط في مصاحفهم، ثمّ تولى تصحيح هذا الاختلاف الخليفة الثالث عثمان بن عفّان.

فنقول: إنّ القرآن الكريم لم يُكتب جزءٌ منه فقط في زمن النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، بل كان جميعه مكتوبًا إلّا أنّه لم يكن مجموعًا في مصحفٍ واحدٍ، وإنّما كان مفرّقًا في القراطيس والرقاع واللخاف، فكلّ كاتبٍ للوحي كان يحتفظ بنسخته من القرآن الكريم، فضلًا عن نسخة رسول الله، واختلاف المصاحف الذي أشار إليه لدليلٌ على كتابته في زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

أمّا (كارل فلهلم زتّرستين) فقد ذكر نقطتين أساسيتين في مسألة جمع القرآن الكريم  وهما:

النقطة الأولى: عدم حصول الجمع في زمن الرسول محمدٍ(صلى الله عليه وآله وسلم)؛ لوجود مشكلةٍ عند النبي محمدٍ(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذه المشكلة كانت تراجُعه عمّا يقوله للمسلمين من الوحي.

والنقطة الثانية: هي أنّ مسألة جمع القرآن حصلت في زمن الخليفة الأول حصرًا.

مناقشة النقطة الأولى

 أولًا: يعترف هذا المستشرق أنّ المسلمين الأوائل قاموا بتدوين القرآن الكريم وتسجيله.

ثانياً: لم يذكر لنا متى تنبّه المسلمون لتراجع النبي محمدٍ(صلى الله عليه وآله وسلم) عمّا قاله لهم، هل كان ذلك في بدء الدعوة في مكة أو كان بعد هجرته إلى المدينة؟

والظاهر أنّ هذا الطعن الذي وجّه إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، كان سببه قصة الغرانيق المتقدّم ذكرها، حيث لم يعهد من المستشرقين أن ذكروا تراجع النبي عمّا قاله من الوحي سوى قصة الغرانيق، وإذا كان هذا السبب أو الدافع وراء تهمة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك، فالجواب كما تقدّم نذكره باختصارٍ:

أولاً: القرآن الكريم يُثبت زيف وبطلان هذا الطعن، قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾[الحاقة:44 ـ46].

ثانيًا: في قوله تعالى:﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾ [النجم:19 ـ 23]. لا يمكن أن تقحم (تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى)، لأنّها مناقضة لقوله تعالى:﴿ إنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ..﴾.

ثالثًا: هذه القصة موضوعةٌ ولا أساس لها من الصحة، وضعها أهل الزندقة طعنًا برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).

مناقشة النقطة الثانية:

إنّ القرآن كان مجموعًا في زمن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مؤلفًا في الرقاع وغيرها من قِبل كتّاب الوحي، كما أنّ هناك نسخةً للقرآن الكريم كانت موجودةً عند النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أعطاها إلى الإمام علي(عليه السلام)، فعن أبي عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: يا علي القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس، فخذوه واجمعوه ولا تضيّعوه كما ضيّعت اليهود التوراة. فانطلق علي(عليه السلام) فجمعه في ثوبٍ أصفرَ، ثمّ ختم عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، فإنّه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداءٍ حتى جمعه»[58]، كما أنّ بعض الصحابة كانت عندهم نُسخٌ أخرى للقرآن الكريم، فروي عن عامر الشعبي أنّه قد قال: «جمع القرآن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ستةٌ من الأنصار: زيد بن ثابت، وأبو زيد، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وسعد بن عبادة، وأُبي بن كعب، وفي حديث زكريا وكان جارية بن مجمع بن جارية قد قرأه إلّا سورةً أو سورتين»[59].

أمّا الجمع في زمن الخليفة الأول، فقد قام الخليفة الأول بتكليف زيد بن ثابت بتوجيهٍ من عمر بن الخطاب بجمع القرآن الكريم في نسخةٍ واحدةٍ، تم الاحتفاظ بها في ما بعد عند الخليفة الأول، ثمّ الثاني، ثمّ بنت الثاني، حتى تسلّم عثمان بن عفّان زمام أمور المسلمين ووحد جميع المصاحف في مصحفٍ واحدٍ وأرسله إلى الأمصار.

الغريب بالأمر أنّ (محمد كنوت برنستروم) يذهب إلى أنّ التدوين حصل في وقتٍ متأخرٍ حيث قال:« تم تدوينه في عهد الخليفة الثالث عثمان، أي: بعد حوالي عشرين عامًا من وفاة النبي، واستمر حتى يومنا هذا»[60].

فنقول: إذا كان (محمد كنوت) يقصد بالتدوين جمعه في مصحفٍ وتوحيد باقي المصاحف الموجودة عند المسلمين عليه، فهذا ما أشرنا إليه في ما تقدّم من أنّ عثمان بن عفّان قام في زمنه بتوحيد المصاحف، بسبب تفشّي الاختلاف في قراءة القرآن الكريم، وأمّا إذا كان يقصد من تدوينه كتابة القرآن، فهذا غير صحيحٍ لما تقدّم من كون الجمع حصل في زمنه(صلى الله عليه وآله وسلم).

المطلب الثالث: لفظة القرآن[61] *

للقرآن الكريم أسماء كثيرةٌ وكلّ اسم من هذه الأسماء يُشير إلى خصيصةٍ من خصائص القرآن، وهذه الأسماء هي على خلاف ما سمّى به العرب كلامهم، وقد اعتنى العلماء بإحصاء هذه الأسماء وشرحها، ومن أشهرها:

1. القرآن: «القرآن في الأصل مصدرٌ، نحو: كفران ورجحان»[62].

ولفظ (القرآن) كما أنّه يصدق على الكتاب العزيز كلّه كذلك يصدق على الجزء منه، فيقال لمَن قرأ الكتاب العزيز كلّه: إنّه قرأ قرآنًا، ويقال لمَن قرأ ثلاث آياتٍ ـ وهي أقصر السور ـ: إنّه قرأ قرآنًا، بل لمَن قرأ آيةً واحدةً منه يقال له: إنّه قرأ قرآناً[63].

وخصيصة هذا الاسم هي أنّ «تسميته بالقرآن إيماءة إلى حفظه في الصدور، لأنّ القرآن مصدر القراءة، وفي القراءة استذكارٌ»[64]. وهذا الاسم هو من أشهر أسماء القرآن الكريم، بل بات عَلَمًا للكتاب العزيز[65].ويبدو أنّ للفظة القرآن معنييْن[66]:

 أحدهما: القرآن بالمعنى المصدري كما في قوله تعالى:﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ﴾ [القيامة:17]، وقوله تعالى:﴿وقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾ [الإسراء:78]

والآخر: القرآن بمعنى العلم الشخصي للكتاب العزيز كما في قوله تعالى:﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾[ الإسراء:9]. وقوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام:19].

2. الكتاب: من «كتب كَتَبهُ، يَكْتُبُ، كَتْبًا بالفَتْح المَصْدَرُ المَقِيسُ، وكِتَابًا بالكسر على خِلاف القياس. وقيل: اسْمٌ كاللِّباس، عن اللِّحْيَاِنّي. وقِيل: أَصلُهُ المصدرُ»[67]. وإنّ في تسمية القرآن بالكتاب إشارةٌ إلى أنّه مجموعٌ في السطو، لأنّه جمعٌ للحروف ورسمٌ للألفاظ، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾[ البقرة:2] [68]. ويرى نور الدين عتر أنّ مادة الكتاب مأخوذةٌ من « الكتْب، أي: الجمع، ومنه الكتيبة للجيش لاجتماعها، ثمّ أُطلقت على الكتابة، لجمعها الحروف»[69]

إذًا هذا الكتاب هو جامع للسور والآيات، كما أنّه جامعٌ للمعاني والحقائق والحلول التي يتطلع إليها البشر أيضًا[70].

3. الفرقان: « الفاء والراء والقاف أصلٌ صحيحٌ، يدلّ على تمييزٍ وتزييلٍ بين شيئين، من ذلك الفرق فرق الشعر»[71]. ووجه هذه التسمية هو أنّ «مادة هذا اللفظ تُفيد معنى التفرّقة، فكأنّ التسمية تُشير إلى أنّ القرآن هو الذي يفرّق بين الحق والباطل، باعتباره المقياس الإلهي للحقيقة في كلّ ما يتعرّض له من موضوعاتٍ»[72]. ولفظة الفرقان مصدرٌ أُطلق على القرآن فبات علمًا له كما في قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾ [الفرقان:1]، وقوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة:77][73].  هذه أشهر أسماء الكتاب العزير ومنهم مَن أوصلها إلى خمسةٍ وخمسين اسمًا، بل نيّفٍ وتسعين اسمًا[74]، والظاهر أنّها صفاتٌ للكتاب العزيز وليست أسماء.

المطلب الرابع: تسمية القرآن عند المستشرقين السويديين

لفظة القرآن

 فهي عند (كارل يوهان تورنبيرغ) «معناها: شيءٌ مقروءٌ أو مُرسلٌ، وفي معنًى آخرَ في القرآن (الوحي الخاص)، ومع ذلك، فمن المرجح أنّ اسم الكتاب المقدّس هو (معجزة) الذي أتى من الأصل نفسه، وقد تم استخدامها من قبل الحاخام، والذي يظنّ محمدٌ أنّ التسمية من إلهامه»[75].

وعند (كريستر هيدين) « تعني (القراءة أو التلاوة)»[76].

ثمّ يذكر (كريستر هيدين) أنّ «القرآن هو معجزة الإسلام وأعظم ما يحدث في تاريخ العالم»[77]، و«هو النص المقدّس للإسلام، وهو أساس الإسلام»[78]، ويُشير إلى ما يشتمل عليه القرآن من معارفَ وقوانينَ وأنظمةٍ، فيقول: «يحتوي القرآن على تعليماتٍ‏ وأنظمةٍ أخلاقيةٍ وطقسيةٍ واجتماعيةٍ، من شأنها أنّ تساعد الناس على تشكيل حياتهم)»[79].

لفظة الفرقان

إنّ لفظة الفرقان عند (كارل فلهلم زتّرستين) ليست عربيةً أصيلةً، وإنّما هي كلمةٌ أجنبيةٌ أصلها أراميٌّ، قال: «لم تكن هناك أيّ مصطلحاتٍ لاهوتيةٍ قبل محمدٍ، لذلك لا بدّ له من اللجوء في بعض الأحيان إلى مثل هذه التعبيرات التي استخدمها الناطقون المسيحيون واليهود له، وبما أنّ أستاذه بالتأكيد لم يكن دائمًا على درايةٍ كاملةٍ باللغة العربية، فإنّه لم يكن يفهمها (اللغة العربية) أحيانًا، ولهذا السبب قد استخدم الكلمات الأجنبية بطريقةٍ خاطئةٍ‏، كما هو الحال عندما بدل كلمة (purkana) والتي تعني: الخلاص في اللغة الآرامية إلى كلمة (فرقان)، وبمعنى (التمييز، الفصل)»[80]. مستشهدًا لذلك بقوله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ﴾[البقرة:50].

_ المطلب الخامس: مناقشة المستشرقين السويديين

_ مناقشة (كارل فلهلم زتّرستين) في أصل لفظة الفرقان

قوله: «وبما أنّ أستاذه بالتأكيد لم يكن دائمًا على درايةٍ كاملةٍ باللغة العربية»، إشارةً منه إلى أنّ محمدًا(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتلقى التعليم من رجلٍ غيرِ عربيٍّ، روميٍّ ـ كما قيل ـ وهذه الفرية والتهمة سبقه بها المشركون من قبلُ، حيث قالوا: إنّ (بلعام) ـ الذي كان روميًّا نصرانيًّا ـ هو الذي علّم محمدًا، فكان المشركون يرون رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يدخل عليه ويخرج من عنده فقالوا: إنّما يعلّمه بلعام[81].

فنزل قول الله تعالى داحضًا ومفنّدًا لقولهم بقوله: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾[ النحل:103]. كما أكد القرآن على عربية ما أنزل بقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾[يوسف:1].

ولو كان في القرآن الكريم كلماتٌ من غير العربية لاحتجّ المشركون على رسول الله بذلك، وكان أيسر لهم من مواجهته بالسيف، ولما صحّ من الرسول تحدّيهم بالإتيان بمثله، أو بعشر سورٍ، أو سورةٍ من مثله.

ومن جانبٍ آخرَ فإنّ لغة العرب تعدّ من أوسع اللغات وأكثرها ألفاظًا.

أمّا كون لفظة الفرقان وأعجميتها فنقول:

أولًا: من ناحية اللغة فقد ذكر ابن فارس (ت:395هـ) أصل كلمة الفرقان بقوله: «الفاء والراء والقاف أصلٌ صحيحٌ يدل على تمييزٌ وتزييلٌ بين شيئين من ذلك الفرق فرق الشعر» [82]. فدلالتها في اللغة على ما ذكره ابن فارس هو التمييز بين الشيئين والتفرّقة بينهما، وهي كلمة أصيلةٌ صحيحةٌ، وليست من الكلمات المعربة، أو الدخيلة على اللغة العربية.

ثانيًا: وردت لفظة الفرقان في القرآن الكريم في ست آيات، وهي:

1ـ قوله تعالى: ﴿وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[البقرة:53 ].

2ـ قوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [ البقرة:77].

3ـ قوله تعالى: ﴿منْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾[ آل عمران:4].

4ـ قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [ الأنفال:41 ].

5ـ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرا لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأنبياء: 48 ].

6ـ قوله تعالى:﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرا﴾[الفرقان:1]

وبعد تتبع معنى ورود لفظة الفرقان في الكتاب العزيز تبيّن أنّها لم ترد بالمعنى الذي أشار إليه هذا المستشرق إطلاقًا، وإنّما جاءت أمّا بمعنى التمييز بين الخير والشرّ كما في (الآية77 من سورة البقر) و(الآية 48 من سورة الأنبياء)، وأمّا بمعنى القرآن كما في (الآية 4 من سورة آل عمران) و(الآية1 من سورة الفرقان)، وأمّا بمعنى التمييز بين الخير والشرّ والحق والباطل كما في (الآية185 من سورة البقرة) و(الآية41 من سورة الأنفال)[83].

وأخيرًا فإنّني أكاد أرجح أنّ هذه المطالب هي أهمها وأكثرها تناولًا في كتب المستشرقين السويديين في ما يخصّ تاريخ القرآن الكريم وبعض مباحثه المهمة، وسبب قلّة ذلك يعود إلى تركيزهم على حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأثر الإسلام وانتشاره على حياة الناس بصورةٍ عامّةٍ، وحياة المسلمين بصورةٍ خاصّةٍ.

ملخص البحث

إنّ بحث هذا الموضوع من الأهمية بمكان، لأنّه يطرح مشكلة تاريخية للنص القرآني على بساط البحث، فشغلت فكر العلماء والباحثين وتناولوها بالبحث والبيان في كتب التفسير وعلوم القرآن، ووصلوا إلى نتائجَ تدلّ على وقوع الجمع في زمن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) إلّا أنّ بحث هذا الموضوع عند المستشرقين اتخذ منحًى آخرَ اتسم بالتشكيك واعتماد النصوص الشاذة، والروايات الضعيفة والواهية، ما كان نتيجته مواقفَ مريبةً حول توثيق النص القرآني بما يفتح المجال واسعًا للشك في صحة القرآن، أو في وجود عناصرَ أجنبيةٍ عنه تسربت إليه، بسبب تأخر تدوينه، أو بدائية الوسائل المستعملة، أو ضعف المنهج المعتمد، أو غير ذلك.

إنّ القرآن كان مجموعًا في زمن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مؤلفًا في الرقاع وغيرها من قِبل كتّاب الوحي، كما أنّ هناك نسخةً للقرآن الكريم كانت موجودة عند النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أعطاها إلى الإمام علي(عليه السلام).

المصادر العربية

 أول ما نبتدئ به القرآن الكريم

1- البخاري، محمد بن إسماعيل(ت: 256هـ)، صحيح البخاري، دار الفكر، طبعة بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة باستانبول، 1401 ه‍ - 1981 م.

2- بدوي، عبد الرحمن (ت:1423هـ)، دفاع عن القرآن ضدّ منتقديه، تر: كمال جاد الله، الناشر: الدار العالمية للكتب والنشر.

3- البيهقي، أحمد بن الحسين (ت: 458هـ)، شعب الإيمان، تح: محمد السعيد بن بسيوني زغلول، تقديم: دكتور عبد الغفار سليمان البنداري، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان، ط/1، 1410هـ - 1990 م.

4- الترمذي، محمد بن عيسى (ت: 279هـ)، سنن الترمذي، حققه وصححه: عبد الرحمان محمد عثمان، دار الفكر، بيروت ـ لبنان، ط/2، 1403هـ ـ 1983م: 4/248.

5- حسين، طه (ت:1393هـ)، الفتنة الكبرى، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1968م.

6- الحكيم، رياض بن سعيد، علوم القرآن دروس منهجية، دار الهلال، قم، ط/5، 1435هـ. 2014م.

7- ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: 1/363؛ ظ: البيهقي، أحمد بن الحسين (ت: 458هـ)، دلائل النبوة، وثّق أصوله وخرّج حديثه وعلّق عليه: الدكتور عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط/1، 1405 هـ ـ 1985م.

8- الخوئي، أبو القاسم (ت:1413هـ)، البيان في تفسير القرآن، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، قم ـ إيران، ط/30، 2003م.

9- الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد (ت:425هـ)، مفردات ألفاظ القرآن، تح: صفوان عدنان داوودي، مط/ أمير، ط/3، 1424هـ.ق.

10- الزبيدي، محمد مرتضى (ت: 1205هـ)، تاج العروس، تح: علي شيري، دار الفكر، بيروت ـ لبنان، 1414 هـ ـ ‍1994 م.

11- الزرقاني، محمد عبد العظيم (ت:1367هـ)، مناهل العرفان في علوم القرآن، تح: فواز أحمد زمرلي، دار الكتب العربي، بيروت، ط/1، 1995م.

12- الزركشي، محمد بن بهادر (ت:794هـ)، البرهان في علوم القرآن، تح: مصطفى عبد القادر عطا، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط/1 لونان،2007م.

13- السجستاني، سليمان بن الأشعث (ت: 216هـ)، سنن أبي داوُد، تح: سعيد محمد اللحام، دار الفكر، ط/1، 1410هـ ـ 1990م.

 14- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر (ت:911هـ)، الإتقان في علوم القران, تحقيق وضبط النص: محمد سالم هاشم, دار الكتب العلمية , بيروت، ط/1، 1425 هـ ـ 2004م،، ط2، 2007م.

15-  الصالح، صبحي، مباحث في علوم القرآن، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، ط/10، 1977م.

16- الصدر، محمد باقر (ت: 1400هـ)، المدرسة القرآنية، إعداد وتحقيق: لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر، نشر مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، ط/1، 1421ق.

17-  الصغير، محمد حسين، تاريخ القرآن، دار المؤرخ، بيروت ـ لبنان، ط/1، 1420هـ ـ 1999م.

18-  الطبراني، سليمان بن أحمد (ت: 360هـ)، المعجم الكبير، تح: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي، ط/2 مزيدة ومنقحة، 1406 هـ ـ 1985م: 12/94.

19-  الطوسي، محمد بن الحسن (ت: 460هـ)، التبيان في تفسير القرآن، تح: أحمد حبيب قصير العاملي، نشر وطبع: مكتب الإعلام الإسلامي، 1409هـ: 6/427؛ الكوراني، علي، جواهر التاريخ، دار الهدى، مط/ظهور، ط/1، 1427هـ.

20-  العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)، دفتر تبليغات اسلامي، ط/1،1430 - 1388 هـ.

21- عتر، نور الدين، علوم القرآن الكريم، مط/ الصباح، ط/1، 1414هـ ـ 1993م: 162.

22-  القطان، منّاع، مباحث في علوم القرآن، نشر مكتبة وهبة، ط/7، (د. ت).

23- ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت:395هـ)، معجم مقاييس اللغة، تح: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الإعلام الإسلامي، (د. ط)، 1404هـ.

24-  القمي، علي بن إبراهيم (المتوفى نحو:329هـ)، تفسير القمي، تح: السيد طيب الموسوي الجزائري، مط/ النجف،1387هـ.

25- ابن كثير، إسماعيل بن عمر(ت: 774هـ)، تفسير القرآن العظيم، تقديم: يوسف عبد الرحمن المرعشي، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان، 1412هـ ـ1992م.

 26- معرفة، محمد هادي (ت:1423هـ)، التمهيد في علوم القرآن، ط2/ مزيدة ومنقحة، مط: ستاره، 2009م.

27-  ابن النديم، محمد بن إسحاق (ت:438هـ)، فهرست ابن النديم، تح: رضا تجدد، (د. ط)، (د.ت).

المصادر الأجنبية

1-Tornberg, Karl Johann , Koranen, kristian fylhlm shyl ghalirub, lund 1874.

2- Hedin, Christer, Islam Enligt Koranen, Fِrlag:Alhambra,  Upplaga2 ,2010.

3- Zettersteen, Karl Vilhelm, Koranen, Stockholm, wahlstrom and widstrand.

----------------------------------------


[1]  كافي، أبو بكر، موقف المستشرقين من جمع القرآن ورسمه وترتيبه (بحث): 2.

[2] الطبراني، سليمان بن أحمد (ت: 360هـ)، المعجم الكبير، تح: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي، ط/2 مزيدة ومنقحة، 1406 هـ ـ 1985م: 12/94.

[3] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: 1/363؛ ظ: البيهقي، أحمد بن الحسين (ت: 458هـ)، دلائل النبوة، وثّق أصوله وخرّج حديثه وعلّق عليه: الدكتور عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط/1، 1405 هـ ـ 1985م: 7/146.

[4] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: 10/204.

[5] ظ: عتر، نور الدين، علوم القرآن الكريم، مط/ الصباح، ط/1، 1414هـ ـ 1993م: 162.

[6] الترمذي، محمد بن عيسى (ت: 279هـ)، سنن الترمذي، حققه وصححه: عبد الرحمان محمد عثمان، دار الفكر، بيروت ـ لبنان، ط/2، 1403هـ ـ 1983م: 4/248.

[7] البخاري، محمد بن إسماعيل(ت: 256هـ)، صحيح البخاري، دار الفكر، طبعة بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة باستانبول، 1401 ه‍ - 1981 م: 5/80؛ النيسابوري، مسلم بن الحجاج (ت: 261هـ)، صحيح مسلم، طبعة مصححة ومقابلة على عدة مخطوطاتٍ ونسخٍ معتمدةٍ، دار الفكر، بيروت ـ لبنان: 7/171.

[8] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن: 1/ 197.

[9] ابن كثير، إسماعيل بن عمر(ت: 774هـ)، تفسير القرآن العظيم، تقديم: يوسف عبد الرحمن المرعشي، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان، 1412هـ ـ1992م: 2/37.

[10] الصالح، صبحي، مباحث في علوم القرآن: 69.

[11] عتر، نور الدين، علوم القرآن الكريم: 166.

[12](*) العسب: جمع عسيب والمراد منه جريد النخل، واللخاف: جمع لخفة، وهي: صفائح الحجارة، والرقاع: جمع رقعةٍ، وهذه الرقعة قد تكون من الجلد أو الرق أو الكاغد، و الأقتاب: جمع قتب، وهو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه، والأكتاف: جمع كتف، وهو عظم البعير أو الشاة فإذا جف كتبوا عليه. ظ: السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن:1/92.

[13] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: 5/390.

[14] ظ: البيهقي، أحمد بن الحسين (ت: 458هـ)، شعب الإيمان، تح: محمد السعيد بن بسيوني زغلول، تقديم: دكتور عبد الغفار سليمان البنداري، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان، ط/1، 1410هـ - 1990 م: 1/197.

[15] السجستاني، سليمان بن الأشعث (ت: 216هـ)، سنن أبي داوُد، تح: سعيد محمد اللحام، دار الفكر، ط/1، 1410هـ ـ 1990م: 1/182.

[16] القمي، علي بن إبراهيم (المتوفى نحو:329هـ)، تفسير القمي، تح: السيد طيب الموسوي الجزائري، مط/ النجف،1387هـ: 2/451.

[17] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: 2/261.

[18] ظ: القطان، منّاع، مباحث في علوم القرآن: 119.

[19] ظ: عتر، نور الدين، علوم القرآن الكريم: 168.

[20] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن: 1/103.

[21] معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن: 1/286.

[22] ابن النديم، محمد بن إسحاق (ت: 438هـ)، فهرست ابن النديم، تح: رضا تجدد: 30.

[23] م . ن.

[24] العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)، دفتر تبليغات اسلامي، ط/1،1430 - 1388 هـ: 16/29.

[25] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: 6/98.

[26] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن: 1/102.

[27] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن: 1/162.

[28] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: 6/99.

[29] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن: 1/165.

[30] م . ن: 1/166.

[31] Tornberg, Karl Johann, Koranen, p: 1

[32]()Tornberg, Karl Johann, Koranen, p: 1

[33] I bid, p: 2

[34]()I bid, p: 2 

[35] I bid, p: 3

[36] I bid, p: 3

[37] I bid, p: 4

[38]Tornberg, Karl Johann, Koranen, p: 4

[39]I bid, p: 1 

[40]I bid, p: 2

[41] I bid, p: 2

[42] I bid, p: 2

[43]I bid, p: 3 

[44]  Tornberg, Karl Johann, Koranen, p: 3

[45]Zettersteen, Karl Vilhelm, Koranen, p :28 

[46] I bid, p: 28

[47]Hedin, Christer, Islam Enligt Koranen, p:12

[48]()p: 8   I bid,

[49] Hedin, Christer, Islam Enligt Koranen, p: 13

[50]I bid, p: 7 

[51] Bernstrِm, Mohammed Knut, Koranens, p: 14

[52] Sadiqa, qanita, Den Heliga Quranen, p: 1.

[53] I bid, p: 1

[54] I bid, p: 1

[55] ظ:, p: 1 I bid

[56] Life of Mohammed, London1921,Volume I, p:22-23  Sir William Muir, ، نقلًا عن: Sadiqa, qanita, Den Heliga Quranen, p:1

[57] the Comprehensive Commentary of the Qur›an, London1896, Volume I, p:349 , Elwood Morris نقلاً عن: Sadiqa, qanita, Den Heliga Quranen, p:2

[58] القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: 2/451.

[59] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: 2/261.

[60] Bernstrِm, Mohammed Knut, Koranens, p: 14 

[61](*) لم نتطرّق لبيان تعريف القرآن لغةً واصطلاحًا هنا؛ لأنّنا ذكرنا ذلك في التمهيد: 10 ـ11.

[62] الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: 668.

[63] الزرقاني، محمد عبد العظيم، مناهل العرفان في علوم القرآن: 1/23.

[64] الصالح، صبحي، مباحث في علوم القرآن: 17.

[65] عتر، نور الدين، علوم القرآن الكريم: 12.

[66] الحكيم، رياض، علوم القرآن دروس منهجية، دار الهلال، قم، ط/5، 1435هـ ـ 2014م: 37.

[67] الزبيدي، محمد مرتضى (ت: 1205هـ)، تاج العروس، تح: علي شيري، دار الفكر، بيروت ـ لبنان، 1414 هـ ـ ‍1994 م: 2/351.

[68] ظ: الصالح، صبحي، مباحث في علوم القرآن: 17.

[69] عتر، نور الدين، علوم القرآن الكريم: 13.

[70] ظ: الحكيم، رياض، علوم القرآن دروس منهجية: 37.

[71] ابن فارس، أحمد (ت: 395هـ)، معجم مقاييس اللغة: 4/493.

[72] الصدر، محمد باقر (ت: 1400هـ)، المدرسة القرآنية، إعداد وتحقيق: لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر، نشر مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، ط/1، 1421ق: 19/210.

[73] ظ: الحكيم، رياض، علوم القرآن دروس منهجية: 42.

[74] ظ: الزركشي، محمد بن بهادر، البرهان في علوم القرآن: 1/193.

[75] 1: Tornberg, Karl Johann , Koranen, p

[76] Hedin, Christer, Islam Enligt Koranen, p: 13

[77] I bid, p: 13

[78])bid, p: 7

[79] I bid, p: 9

[80]()Zettersteen, Karl Vilhelm, Koranen, p:28 

[81] ظ: الطوسي، محمد بن الحسن (ت: 460هـ)، التبيان في تفسير القرآن، تح: أحمد حبيب قصير العاملي، نشر وطبع: مكتب الإعلام الإسلامي، 1409هـ: 6/427؛ الكوراني، علي، جواهر التاريخ، دار الهدى، مط/ظهور، ط/1، 1427هـ: 4/122.

[82] ابن فارس، أحمد (ت: 395هـ)، معجم مقاييس اللغة: 4/493.

[83] ظ: بدوي، عبد الرحمن (ت:1423هـ)، دفاع عن القرآن ضدّ منتقديه، تر: كمال جاد الله، الناشر: الدار العالمية للكتب والنشر: 61.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف