البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

November / 21 / 2015  |  3050الأهداف الاستراتيجية للتدخل الروسي في سوريا

هاشم محمد الباججي المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية تشرين الأول 2015
الأهداف الاستراتيجية للتدخل الروسي في سوريا

تضاربت الاراء وتعددت حول حقيقة التدخل الروسي في سوريا ، وماهي الاهداف الحقيقية التي يسعى اليها الدب الروسي للوصول اليها ، فبالتأكيد ان هذا القرار الذي اتخذه الروس هو ليس ردة فعل تجاه حادثة او تصرف معين بل جاء نتيجة استقراء وتمحيص للواقع السياسي والعسكري في سوريا من جهة والموقف الدولي من هذه الاحداث من جهة اخرى ، والا لماذا قررت روسيا الدخول عسكريا في الازمة السورية بعد مرور خمس سنوات من بدايتها فلقد كانت روسيا تدعم سوريا خلال هذه السنوات الخمس بالسلاح والاستشارات العسكرية والوقوف بجانب الحكومة السورية في مختلف المحافل الدولية فلماذا الدخول في هذا الوقت ؟ وهل هذا التدخل موجه ضد داعش بالذات ام جميع الفصائل المسلحة في سوريا ؟ ام هو استغلال فرصة ذهبية من قبل روسيا ضد التلكؤ الامريكي ؟ ام هو شرك امريكي لاسقاط روسيا بالوحل السوري كما فعلت بها في افغانستان ، ولكن هل روسيا لم تستوعب الدرس جيدا ... وهناك الكثير من الاراء والاحتمالات الاخرى ، وقد استطلع موقع الجزيرة . نت في 6/10 اراء بعض الباحثين نوجزها كالاتي : 

التدخل الروسي نتيجة خطأ تكتيك أميركا التي منعت تقدم الثورة

رأى الاستاذ سلامة كيلة وهو كاتب ومفكر فلسطيني ، ان سبب التدخل الروسي في سوريا هو لدعم النظام بالاضافة الى أن : التدخل الروسي في سورية جاء لدعم نظام بات واضحاً أنه يضعف ويخسر، بعد التقدم العسكري في الجنوب والشمال الغربي خصوصاً في سهل الغاب. ولهذا تمركزت الغارات الروسية على الجيش الحر الذي تقدم في هذه المناطق، وكما يبدو هي مقدمة لتقدم قوات إيرانية ومن حزب الله لإعادة السيطرة على مناطق خسرها النظام خلال السنة الحالية.

لم يأت هذا التدخل نتيجة ضعف أميركا، بل نتيجة ربما خطأ تكتيك أميركا التي منعت تقدم الثورة بعد أن منعت امدادها بسلاح متطور خصوصاً ضد الطائرات، لأنها كانت تعمل على تحقيق حل روسي أميركي لمصلحة دور روسي أساسي في سورية. ولهذا وجدنا أنها تفاجأ بهذا الدور الروسي، الذي يبدو أنه لم يكن محسوباً انطلاقاً من شغل أميركا على مساعدة روسيا للسيطرة على سورية. بالتالي لم يكن استدراجاً أميركا لروسيا كما حدث في أفغانستان، رغم أن تشدد روسيا واستمرار غطرستها، والتشدد في حماية النظام، بالتالي رفض تحقيق الحل السياسي، يمكن أن يقود إلى جرّ روسيا إلى حرب كما حدث في أفغانستان، لأن الدور الروسي سوف يقود إلى ردود فعل من قوى أخرى مثل تركيا والسعودية وحتى أميركا، تدفع لتعزيز دور الكتائب المسلحة، وربما حتى تعزيز دور داعش رغم أنه الغارات الروسية لم تستهدفها، وربما لن تستهدفها، حيث تريد مواجهة تقدم قوى الثورة وليس داعش

استعادة الدور الروسي في المنطقة

اما المحلل السياسي علي بدران ، فقد اكد (دَخلت الأزمة السورية منعطفا جديداً ونوعياً مع التكتيكات الأخيرة التي طرأت في مواقف العديد من الأطراف الدولية المؤثرة في مسار المعالجات والمقترحات التي تَمَ ويَتِمُ تقديمها من قبل مُختلف الأطراف الفاعلة على مسرح الأحداث، حيث تتسارع الأحداث المتصلة بالأزمة السورية وعنوانها الآن هو تعزيز روسيا تواجدها العسكري في سوريا. فقد بات واضحاً بروز الدور الروسي المؤثر بشكلٍ ملحوظ قياساً لحجمه وفاعليته عن الفترة السابقة. فالطرف الروسي أصبح موجوداً على الأرض بالقوة العسكرية والتقنية وحاضراً في المشهد السياسي، لتُصبح سوريا ساحة تصارع وعراك دولي قبل أن تكون ساحة عراك سياسي من أجل ارساء حلول سياسية للأزمة السورية، حلول تأخذ بعين الإعتبار مصالح وطموحات ومطالب الشعب السوري.

إذاً الدور الروسي يأتي في سياق التداخلات والتَدخُلات الدولية التي عنوانها العريض هو المصالح الاستراتيجية الكبرى لمختلف الأطراف المُتدخلة والمُتداخلة في مسارات الأزمة السورية وتعقيداتها. فالتدخل الروسي في سوريا، هو تَدخُل استراتيجي أولاً وأخيراً، حيث تُريد روسيا استعادة دورها في المنطقة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي فى أوائل تسعينات القرن الماضي، وتريد استعادة أمجادها.

ويُرَجَّحُ بأن واشنطن تسعى من خلال موقفها الفضفاض من التدخل العسكري الروسي في سوريا لخلط الأوراق مُجدداً بانتظار مُتغييرات جديدة قد تقع على الأرض السورية أولاً. ولترتيب فخ أفغاني لروسيا في سوريا ثانياً، لإيقاعها فى أكثر المناطق المُلتهبة سياسياً وإستراتيجياً. بينما ترى روسيا بأن الحالة الأفغانية مُختلفة عن الحالة السورية، وإن حقبة اواخر سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي مُختلفة كلياً عن الحقبة الزمنية الراهنة.

اتفاق الغرب والشرق على “سوريا علمانية”

اما الكاتب والباحث ألاكاديمي عبد الفتاح ماضي، فقد ذهب ان هذا التدخل هو تكريس لتجزئة البلاد وحكم الأقليات: المسألة السورية جزء من مسألة أكبر بالمنطقة تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى وهي تجزئة المنطقة ودعم نظم حكم الأقلية (الطائفية، القبلية، العسكرية..) والاستخفاف بمطالب الشعوب. ووصل الأمر  في سوريا لصراع نفوذ متعدد الأطراف واتفاق الغرب والشرق على “سوريا علمانية” كما عبّر وزيرا خارجية روسيا وأمريكا. وهذا يعني بالنسبة لشعوب المنطقة محاربة كل من يعبر سياسيا عن الإسلام السني المعتدل وغير المعتدل، أي غالبية الشعوب بالمنطقة. هذه الأطراف لا تريد لا فهم حقيقة الصراع بسوريا ولا تداعيات حكم الأقليات وإشعال الحروب الأهلية بالمنطقة.

ولا بد من التواصل مع القوى الحية بالغرب للعمل على المستوى الشعبي للضغط على الحكومات لتعترف بعدالة مطالب الثورات العربية وبمسؤولية الغرب عن مآسي المنطقة بدءا من تقسيمها ودعم حكم الأقليات المستبدة وحتى دعم الثورات المضادة مرورا بمشكلة فلسطين وتدمير العراق وسوريا، ومطالبتها بالكف عن معاييرها المزدوجة تجاه فلسطين ورفع الدعم عن الأنظمة المستبدة. وفي سوريا، يكون الضغط باتجاه إحالة ملف جرائم الحرب هناك من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع  إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو اللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة استنادا لقرار الإتحاد من أجل السلام، ورعاية مؤتمر دولي لإقامة مجلس حكم انتقالي حسب مبادئ بيان جنيف .

تحقيق أهداف أميركية بعضلات روسية

فيما ذهب الباحث والمحلل السياسي الموريتاني محمد المختار الشنقيطي، الى ان الولايات المتحدة مسرورة بالتدخل الروسي بما لديها من خبرة استراتيجية كبيرة فيقول : كتب أحد منظري مؤسسة (راند) الأميركية منذ أكثر من نصف قرن: "إن أهدافنا ليست مناقضة لأهداف عدوِّنا." وما نراه اليوم من تدخل روسي في سوريا هو تحقيق لأهداف أميركية بعضلات روسية. فالأميركيون بما ورِثوه من خبرات الاستعمار الأوربي للمنطقة، وباطِّلاعهم على دواخلها، أوعى من الروس باللعبة الاستراتيجية في سوريا. وليس سرا أن الأميركيين مسرورون بالتدخل الروسي، ويرونه فرصة للكفكفة من عنجهية بوتين.

وقد عبر توماس فريدمان في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز أمس (30/09/2015) عن الانتهازية الأميركية في التعامل مع مغامرة بوتين في سوريا فقال: "إن  بوتين سيواجه غضب العالم الإسلامي بأسره، بما فيه المسلمين الروس". وسيجد نفسه في وضْع "مَن تسلق شجرة لا يستطيع النزول منها." وأضاف: "إن تسُّرع بوتين للتورط في سوريا ربما هو الذي سيرغمه في النهاية إلى البحث عن حل سياسي هناك."

فالجديد في التدخل الروسي في سوريا هو أن روسيا انضموا إلى الأطراف المستنزَفة في سوريا. لكن العرب والأتراك هم الذين يدفعون الثمن الأفدح لهذه المصهرة الأميركية-الروسية-الإيرانية. فإما أن يواجهوا العنجهية الروسية بحزم، بعيدا عن المظلة الأميركية المخادِعة، من خلال تزويد الثوار السوريين بالسلاح النوعي والمال والخبرة التخطيطية، وإما أن يخضعوا للمنطق الروسي الإيراني، وهو ما يعني أن الحريق سيتوسع ليلْتهم دول الخليج وتركيا. إنها لحظة حرجة وضعت القضية السورية على مسار جديد سيَغرق فيه العرب والأتراك، أو ينقذوا أنفسهم بأنفسهم.

موسكو توجه صفعة قوية للولايات المتحدة الأميركية

 بينما اكد الكاتب الفلسطيني عامر راشد، بأن روسيا تسعى لوضع ميزان قوى جديد في العالم من خلال : أن التدخل الروسي المباشر في سورية من شأنه أن ينقل الصراع الدائر هناك إلى مرحلة أشد تعقيداً بعملية خلط للأوراق، تريد من خلالها موسكو فرض ميزان قوى جديد على الأرض يقود إلى تسوية سياسية تنسجم مع القراءة الروسية لبيان "جنيف1". وفي الوقت عينه قد يشكِّل التدخل تحولاً مفصلياً في السياسات الخارجية الروسية خارج نطاق حزام دول الاتحاد السوفييتي السابق، إلا أنه من المبكر القطع بالنتائج التي يمكن أن تترتب على هذا التدخل، لجهة تحقيق الأهداف المرجوة من قبل الكريملين، وتأثير الغارات الجوية الروسية على الميزان العسكري بين المعارضة المسلحة والجيش النظامي.

في النقطة الأولى؛ لم يعد الدعم الروسي لنظام الرئيس الأسد بالأسلحة والعتاد والتأييد السياسي، بل انتقل إلى دائرة المشاركة الفعلية، وتم التمهيد لذلك في الخطاب السياسي والإعلامي الروسي بالتركيز مؤخراً على نقص الطاقة البشرية لدى النظام، والتحذير من احتمال انهيار بنية الدولة السورية، وفي الترجمة العملية للنقطتين السابقتين يبدو أن موسكو وصلت إلى قناعة بأن تزويد النظام بالمزيد من الأسلحة الحديثة سيكون دون جدوى، وأن على روسيا أن تقدَّم إسناداً عسكرياً مباشراً للنظام، لتمكينه من الدفاع عن المناطق التي مازالت تحت سيطرته، بل ومحاولة استرجاع بعض المناطق التي فقدها في الأشهر الأخيرة.

وفي النقطة الثانية؛ وجَّهت موسكو صفعة قوية للولايات المتحدة الأميركية، لكنها على ما يبدو جاءت ضمن حسابات تستند إلى تقديرات تفيد أن رد الفعل الأميركي سيكون ضعيفاً، وأن الإدارة الأميركية ستعمل على تفاهمات جديدة مع روسيا، تقول أوساط سياسية روسية إنها موجودة فعلاً، لكن روسيا تريد أن لا تبقى تلك التفاهمات حبيسة الغرف المغلقة بل معلنة، حتى لو تسبب ذلك بإحراج واشنطن، وكما هو واضح خلال الأشهر الماضية ثبت أن التقديرات الروسية حول المواقف الأميركية كانت دقيقة، وتعليقات وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، على الغارات الروسية الأولى تصب في هذا الاتجاه.

أما في النقطة الثالثة؛ من المفروغ منه أن تأثير الضربات الجوية يظل محدوداً نسبياً في الميزان العسكري العام على الأرض، غير أنه إذا ما تأكدت الأنباء عن وجود تعزيزات برية إيرانية ومن مقاتلي "حزب الله"، إلى جانب الجيش النظامي، استعداداً لعمليات برية في ريف حمص وحماة وإدلب وحلب، فهذا يفرض تقييماً مختلفاً للغارات الجوية الروسية، من حيث نطاق الأهداف وما يمكن أن تحققه.

الأسباب المباشرة وغير المباشرة الكامنة وراء التدخل الروسي

اما الخبير العسكري وإلاستراتيجي فايز الدويري، فقد اوضح ان هناك عدة اسباب مباشرة وغير مباشرة للتدخل الروسي يمكن تلخيصها كالاتي :

- النجاحات العسكرية الميدانية لجيش الفتح والتي تمثلت في السيطرة على محافظة إدلب بإستثناء بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين والسيطرة على سهل الغاب والتوقف أمام بلدة جورين مما يفتح الطريق أمام جيش الفتح لبدء معركة الساحل والتي توجد بها المنشاءات الحيوية الروسية علماً أنها آخر النقاط  في المياه الدافئة ، بعد أن خسر الإتحاد السوفييتي نفوذه في سبعة دول عربية خلال العقود الماضية.

- التردد الأمريكي في إتخاذ قرارات إستراتيجية حاسمة لنصرة المعارضة السورية المعتدلة ، مما نشأ عنه حالة من الإستعصاء السياسي والإنكفاء الأمريكي  والذي خلف حالة من الفراغ إقتنصها الدب الروسي فحاول إملائها.

- حالة العزلة التي تعاني منها روسيا بعد إحتلالها جزيرة القُرم ومحاولة الهيمنة على الإجزاء الشرقية من أوكرانيا ، حيث وجدت في الأزمة السورية الجسر الذي تعبر منه لإعادة تواجدها على الساحتين الإقليمية والدولية ، وتحقيق حُلم القيصر بوتين.

- حرص روسيا على عدم إنتصار المعارضة السورية وهي في معظمها فصائل إسلامية تتراوح بين الإعتدال والتطرف ، مما يعني إنتصار المحور السني الذي يبداء من الحجاز وينتهي في غروزني ،على حساب الهلال الشيعي الذي يبداء من قُم وينتهي في مارون الرأس .

- وجود ما يقارب 2400 مقاتل إسلامي من الجمهوريات الإسلامية داخل الإتحاد الروسي وفي حال إنتصرت الثورة السورية سيعودون الى بلدانهم مما يفتح المجال لقيام ثورات إسلامية مماثلة.

- ظهور داعش وتمددها على الجغرافيا السورية وإعتبارها حصان طروادة الذي من خلال الإدعاء بقتالها تحقق أهدافها تحت شرعية مكافحة الإرهاب.

الغارات الروسية التي نفذت حتى هذه اللحظة لم توجه ضد تنظيم الدولة الإسلامية ، ولكنها وجهت ضد مواقع الجيش الحر وبعض الفصائل الإسلامية الأخرى وفي مناطق لا تتواجد بها قوات تنظيم الدولة في ريف إدلب وحماة وحمص ، وهذا يؤكد زيف وكذب إدعاءات المسؤولين الروس حول غايات وأهداف تلك الغارات خاصة وان المسؤولين الروس أكدوا أنه تم إنتقاء الأهداف بالتنسيق مع الحكومة السورية.

لن تستطيع الغارات الروسية هزيمة المعارضة السورية  أو تنظيم الدولة إذا ما تم إستهدافه على المديين القريب والمتوسط  ولكنها تزيد الأزمة السورية تعقيداً وتطيل أمد الصراع مما سيضاعف أعداد القتلى والجرحى والنازحين والمهجرين ، كما أنها ستساعد النظام في السيطرة على الكتلة الإستراتيجية / الأرض المفيدة وهذا يدعم المشروع الإنفصالي الذي يسعى له النظام السوري كخيار أخير ، كما أن التدخل الروسي سيعزز التواجد والهيمنة الروسية على كل من العراق وسوريا على حساب النفوذ الأمريكي .

روسيا ترى في تنظيم الدولة خطر لانه يحتضن حوالي ٤٠٠٠ من الشيشان

اما ألاكاديمي والكاتب ألاردني محجوب الزويري، فيرى ان روسيا تسعى جاهدة للحصول على موطئ قدم في المياه الدافئة  : لان روسيا لم تتغير في سياساتها الخارجية منذ اكثر من ثلاثة قرون حيث بقيت لديها اولوية الوصول للمياه الدافئة اي البحر المتوسط. الامر الجديد ان روسيا عانت منذ الاتحاد السوفياتي بحالة من الاحتقار السياسي من فبل واشنطن. تجلى ذلك في الحرب على العراق في العام ٢٠٠٣، وكذلك الدرع الصاروخي في بولندا وأخيرا الحرب في أوكرانيا. واشنطن تعاملت مع موسكو كدولة عادية وليست كعضو في مجلس الأمن حيث الكبار في السياسة في عالم اليوم. سوريا كانت الورقة التي تحرص روسيا من خلالها بالعودة الى نادي الكبار في السياسة الدولية. سوريا فرصة ذهبية للعودة الى عصر التحالفات التي يمكن ان تديم حالة الفوضى ولا تستطيع خلق أي حالة من الاستقرار

بالاضافة الى ذلك ان روسيا ترى في تنظيم الدولة خطر لانه يحتضن حوالي ٤٠٠٠ من الشيشان. لكن لا يبدو ان الحملة العسكرية ستنهي هذا الخطر بالنسبة لروسيا. موسكو  وكذلك الامر بالنسبة لإيران ترغبان بحضور قوي في تشكيل الوضع السياسي في سوريا ما بعد الأسد. تأمين هذا بالنسبة لهم يتحقق بتدخلات عسكرية والتركيز على حماية الأقليات.فكرة  سبق و استخدمتها روسيا في القرن التاسع عشر حيث تدخلت في شؤون الدولة العثمانية لحماية المسيحيين الأرثودكس في المشرق العربي.

اخيراً روسيا لا يمكنها صنع استقرار بل تعميق حالة الفوضى وهو امر يحقق لها ولإيران مصالح مؤقتة

الاستراتيجية الأمريكية تسعى للتخلص من العقبة الروسية

فيما اعتبر الكاتب القطري عبد الله إسماعيل العمادي،ان الولايات المتحدة تعتبر روسيا حجر عثرة في تطبيق التطلعات الاسترتيجية لها عالميا من خلال سعي :  روسيا بوتين ، المنهكة اقتصادياً من بعد أزمات أوكرانيا والقرم وانخفاض أسعار النفط ، تحاول اليوم إعادة أمجاد ستالين ولينين وبريجينف بصورة وأخرى ، وأهمية أن يكون لها حضورها الفاعل القوي على الملعب الدولي ، ومنافسة اللاعب الأوحد الذي لم يظهر من يتصدى له بصورة وأخرى ، والمتمثل في اللاعب الأمريكي .. وقد يبدو للمتابع من الوهلة الأولى أن هناك اتفاقاً بين الروس والأمريكان على عموميات المشهد السوري مع بعض الاختلاف في تفاصيله ، لكن من واقع الأحداث يمكن القول بأن أن الأمريكان ما زالوا يعتبرون الروس عنصراً مزعجاً ومعيقاً لتطلعات التوسع الاقتصادي الاستراتيجي نحو آسيا الوسطى ، وثبت ذلك في مواجهة أحداث أوكرانيا وجزر القرم ، التي انتصر فيها الروس على الغرب بعض الشيء ، وكان لهم الصوت الأعلى في توجيه الأحداث ، وهذا ما يبدو أثار الأمريكان وربما دفعهم  لاستدراج جديد للروس

، وستخرج روسيا بسبب تلك المغامرة بخفي حنين، وقد يسقط الأسد كما سقط نجيب وكارمل وتكون النهاية شبيهة أيضاً،  فيما تستمر الهيمنة الأمريكية على زمام الأمور بالعالم لعقود أخرى قادمة

   الاستراتيجية الأمريكية بعيدة المدى تعتبر التخلص من العقبة الروسية شرطاً للاستمرار في تنفيذ أهدافها للعقود الخمسة القادمة دون عقبات ، وربما إعادة السيناريو الأفغاني مع الروس في المشهد السوري ، هي واحدة من تكتيكات تلك الاستراتيجية ، ليتفرغ الأمريكان في تعزيز وتجميع غنائمهم بعد استنزاف الروس.

الموقف السعودي من التدخل الروسي

يمثل الموقف السعودي وجهة النظر الخليجية التي ترى ضرورة ازالة نظام بشار الاسد من سوريا وهذا ما لاتريده روسيا فهي متمسكة بنظام الاسد لقيادة الدولة السورية لانها ترى ان سوريا بدون الاسد ستبقى غارقة في الصراع العسكري وستؤثر على زعزعة دول المنطقة من جهة ، ومن جهة اخرى ستؤدي الى وصول العناصر الاسلامية المتطرفة والمتشددة الى السلطة ، اضافة الى ذلك فأن السعودية بدأت تبدي نوعا من المرونة بعد التدخل الروسي لانها تدرك تماما أن التعنت سيؤدي بالتأكيد الى تضرر مصالحها أو الى قيام ردة فعل روسية لاتتحمل السعودية عواقبها ، ففي تحليل لموقع العربي الجديد بعنوان (التدخل الروسي في سورية ضربة للسعودية)في 30/9/2015 جاء فيه :

فالمملكة التي كانت، ولا تزال، تعتبر نفسها صديقة للولايات المتحدة، تلقت ضربة استراتيجية كبيرة، عندما تم التفاهم الأميركي مع إيران على ترتيب بعض ملفات المنطقة، بمعزل عنها، فقد شعرت أنها ليست حليفاً للأميركان، وإن كانت صديقة لهم، بينما وقفت إيران حليفة لأميركا من دون أن تكون صديقة. لعبت هذه الثنائية التي حكمت العلاقة متعددة الأطراف بين الولايات المتحدة وإيران والسعودية دوراً كبيراً في ملفات المنطقة، ولا سيما في الملفين اليمني والعراقي اللذيْن شهدا تبايناً أميركياً سعودياً في سبل الحل وشكله.

حاولت المملكة أن تقول للأميركيين، إنها قادرة على إيجاد أصدقاء آخرين، يمكن الاعتماد عليهم، فتمت دعوة الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إلى حضور أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي في مايو/أيار من هذا العام، وتوقيع اتفاقيات عسكرية مع فرنسا، كذلك حاولت السعودية التوجه باتجاه روسيا، لتعميق العلاقات معها، في شتى المجالات، ومنها المجال العسكري، لكن نقطة الخلاف الرئيسية بين المملكة وروسيا كانت بشأن الدور الإيراني في المنطقة، ففي الوقت الحالي، ليست روسيا مستعدة لبيع إيران، وبالتالي بشار الأسد، خصوصاً في ظل التقارب الأميركي الإيراني الذي تجد روسيا نفسها فيه مضطرةً للحفاظ على علاقات قوية مع إيران، لموازنة العلاقات الأميركية الإيرانية.

وتدرك المملكة جيداً أن نفوذ إيران في سورية سيشكل خطراً كبيراً عليها، إذا ما استمر في

"هل ستستطيع دول المنطقة، ولا سيما السعودية، استيعاب التدخل الروسي، وتحويله إلى قوة ضغط على الأسد؟" المستقبل. ولهذا السبب، كانت تصريحات مسؤوليها واضحةً لجهة ضرورة رحيل بشار الأسد، بحل سياسي أو عسكري. هذا الموقف، وإن تم التعبير عنه بشكل أكثر حسماً في الآونة الأخيرة، قيل سابقاً بطرق أخرى، فقمة مجلس التعاون الخليجي، في الرياض في مايو/أيار الماضي، كانت واضحة جداً في ما يتعلق بمصير بشار الأسد، فقد دعت إلى عقد مؤتمر للمعارضة، لبحث ترتيبات ما بعد الأسد. لم يعقد المؤتمر لأسباب كثيرة، لكن من الواضح أن الولايات المتحدة لم تكن راضية عن عقده، وفي الوقت نفسه، أحالت النقاش السعودي معها حول مصير بشار الأسد إلى روسيا، حتى لا تظهر أنها تمنع أي آلية تفضي إلى رحيله.

وجاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الحاسمة لتربك السياسة الأميركية التي اعتمدت في الأعوام الماضية على عدم اتخاذ أي إجراء جدي يجبر بشار الأسد على الرحيل. ولهذا السبب، سمحت الولايات المتحدة لروسيا بالتدخل، لأنه سيحقق لها فوائد كثيرة، منها قطع الطريق على أي تقارب روسي سعودي في المستقبل، من خلال الاصطدام السياسي بينهما في سورية، فالمملكة تجد نفسها، الآن، في وضع سيئ، فالروس أعلنوا، بصراحة، أن تدخلهم سيؤدي إلى حل يبقي بشار الأسد فترة كافية، للقضاء على تنظيم داعش، ومن ثم يتم بحث خيارات الانتقال السياسي في سورية. وهذا يعني، بالضرورة، الضغط على السعودية التي أعلنت أن بشار يجب أن يرحل، بغض النظر عن الطريقة، ما سيجعل السعودية تقف أمام خيارين، التراجع عن موقفها والقبول ببقاء بشار فترة تكفي لاعتباره شريكاً في محاربة داعش، وهذا سيظهرها بمظهر الدولة الإقليمية العاجزة والضعيفة، أو المضي في خيارها الذي تحدثت عنه، وهذا سيؤدي إلى الاصطدام المباشر بروسيا. بالتالي، يأتي التدخل الروسي المباشر في هذا السياق، بعد القمة الأميركية السعودية، والتي صرّح مسؤولون سعوديون إنها لم تكن ناجحة بالشكل الذي كانوا يريدونه.

أدركت الولايات المتحدة أنها أمام فرصة سانحة لتوريط الروس في المنطقة، باستغلال "المراهقة القيصرية" التي تعيشها روسيا بوتين، في هذه الأيام، وكذلك وجدت موسكو في السماح الأميركي، أو عدم الممانعة الجدية في تدخلها، الفرصة لإيجاد وسائل قوة على الأرض في الملف السوري، فطوال الفترة الماضية، كانت روسيا تدرك أنها لا تملك وسائل ضغط حقيقية على نظام بشار الأسد، وكثيراً ما كان المسؤولون الروس في الغرف المغلقة يقولون لوفود المعارضة التي تزور موسكو: "لا نملك أن نقول لبشار تنحّ، لأنه لن يسمع كلامنا". وبنزول الروس على الأرض، سيصبح لديهم عامل جديد من عوامل الإمساك ببعض تفاصيل الملف السوري، وربما تكون هذه الاعتبارات هي التي دفعت الروس إلى اتخاذ القرار بالتدخل في هذا الوقت.

يبقى السؤال الرئيسي: هل ستستطيع دول المنطقة، ولا سيما السعودية، استيعاب التدخل الروسي، وتحويله إلى قوة ضغط على الأسد؟ هذا ممكن، إذا تم تفعيل قرارات جامعة الدول العربية الخاصة بالمسألة السورية، وهذا يتطلب من السعودية حركةً دبلوماسيةً نشطة، ضمن جامعة الدول العربية، لعزل المحور الموجود ضمن الجامعة، والداعي إلى التفاهم مع بشار الأسد، هذا المحور الذي يمثله، الآن بكل وضوح، مصر عبد الفتاح السيسي، بتفاهم ضمني مع الجزائر، وموقف ملتبس من الإمارات.

بعد عزل هذا المحور، والحد من تأثيره على قرار جامعة الدول العربية، لا بد من إعادة الحياة إلى دور الجامعة، وفق قرارات المجلس الوزاري العربي وقرارات القمة العربية، ولا سيما قمتي الدوحة في 2013 والكويت في 2014. لقد توجس المرحوم سعود الفيصل من التعنت الروسي في القمة التي عقدت في القاهرة في 2015، ومداخلته في الجلسة الختامية عن الموقف الروسي لا بد من استذكارها من المسؤولين السعوديين اليوم، فما تزال الفرصة سانحةً لتشكيل حلف عربي قوي، قادر على تحويل التدخل الروسي إلى أداةٍ يمكن استثمارها في الضغط على الأسد، لا أن يبقى هذا التدخل أداة ضغط على السياسات العربية الداعية إلى رحيله.

كيف سترد السعودية على التدخل الروسي في سوريا؟

بينما تساءلت جريدة لوموند الفرنسية عن كيفية الرد السعودي على التدخل الروسي وما هي الوسائل المتاحة لها للرد على هذا التدخل لاسيما وان القوات الروسية بدأت بأستهداف جميع الفصائل المسلحة التي تقاتل على الاراضي السورية وان الكثير من هذه الفصائل مدعومة من السعودية ، فما هي الخيارات البديلة المطروحة امام السعودية للوقوف بوجه التحالف الرباعي بين روسيا وايران والعراق وسوريا ،والى أي مدى ستكون السعودية قادرة للتوصل الى حلول سياسية للازمة السورية سيما وانها تحاول للوقوف بوجه النفوذ الايراني ، وقد اصدر موقع  عربي 21 الخيارات المتاحة للسعودية بعنوان ( كيف سترد السعودية على التدخل الروسي في سوريا) جاء فيه :

إن وزير خارجية السعودي، عادل الجبير، عرض في أواخر أيلول/ سبتمبر في اجتماع الأمم المتحدة؛ الخيار العسكري للإطاحة ببشار الأسد، لكن بعد يوم واحد فقط من تصريحاته أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طائراته المقاتلة "سوخوي" لإنقاذ هذا الديكتاتور السوري.

وأشارت الصحيفة إلى أن أغلب الضربات الروسية استهدفت الجيش السوري الحر، الجناح الأكثر اعتدالا في المعارضة، وجبهة النصرة، التي تمثل فرع تنظيم القاعدة بسوريا، وتنظيم أحرار الشام، أحد أقوى الجماعات الإسلامية المسلحة، وتمثل هذه الفصائل مجتمعة العمود الفقري لجيش الفتح.

وقالت الصحيفة إن الرياض زادت من تصميمها على الإطاحة بالأسد، خاصة بعد أن بدت على هذا النظام علامات الضعف والتراجع أمام مقاتلي المعارضة، وهي تهدف من خلال ذلك إلى كسر المحور الشيعي (طهران - دمشق - حزب الله)، وذلك بهدف مواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة.

وقالت الصحيفة إن التدخل الروسي قلب الموازين ووضع السعودية في مأزق، ونقلت عن جان مارك ركلي، المتختصص في شؤون دول الخليج، أن "السعودية أمامها خياران، إما زيادة دعمها لفصائل المعارضة، أو تركهم ينضمون لتنظيم الدولة وجبهة النصرة".

ونقلت الصحيفة عن جمال خاشقجي، الصحفي المقرب من العائلة الحاكمة بالمملكة، قوله: "بعد أن أرسلت إيران قواتها لسوريا، دخلنا في حرب حقيقية، ينبغي أن نزيد من دعمنا للمعارضة، لكن الوقوف ضد روسيا ليس بالأمر السهل، فذلك يتطلب موافقة الولايات المتحدة الأمريكية، كما حصل من قبل مع أفغانستان، لكن المشكلة الآن تكمن في البيت الأبيض، حيث أن القرار لم يتخذ بعد".

واعتبرت الصحيفة أن قيادات السعودية لم تتفق على موقف واحد، بين من يدعو إلى مواصلة دعم المعارضة المسلحة، على غرار عادل الجبير، والأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، في حين يدعو آخرون إلى التفاهم والحوار مع روسيا. ويدعم هذا التوجه محمد بن سلمان، نجل الملك ووزير الدفاع.

ونقلت الصحيفة عن تيودور كاراسيك، وهو محلل أمني يتخذ من دبي مقرا له، أن "الرئيس فلاديمير بوتين ومحمد بن سلمان قد انسجما مع بعضهما في أول لقاء لهما في سان بطرسبرغ في حزيران/ يونيو الماضي".

واعتبرت الصحيفة أن السعودية وجدت نفسها في وضع إستراتيجي صعب، بعد أن فشلت مع حلفائها في إنهاء الحرب في اليمن بنصر حاسم يكفي لإجبار خصومها على الخضوع، مع انخفاض سعر النفط الذي أثقل كاهل ميزانية المملكة، وهما أمران جعلا القيادة السعودية تستنجد بمبلغ 70 مليار دولار من صندوق الاستثمارات في الخارج لتغطية العجز في الميزانية.

وذكرت لوموند أن القضية السورية شهدت انسحاب عدد من حلفاء الرياض في المنطقة، فبعد انسحاب مصر التي أشادت بالضربات الجوية، فضل الأردن والإمارات التراجع أيضا عن دعمهما للسعودية. إذ إن كل طرف له حساباته المعقدة، فالقاهرة تشيد بالضربات الروسية لرغبتها في القيام بضربات مماثلة بليبيا، بحسب الصحيفة.

أما موقف الإمارات المعادي للإخوان المسلمين والمجموعات المسلحة المتشددة فلم يتغير، وبالنسبة الأردن فإنه يرفع شعار الحياد، نظرا لحدوده الممتدة مع سوريا، وخوفا من انتقال الصراع لأراضيه.

وأشارت الصحيفة إلى أن منطقة الخليج العربي أصبحت في مرمى الحركات الإرهابية، وخير دليل على ذلك الهجمات الأخيرة على السعودية والكويت.

ونقلت عن رجل أعمال فرنسي قريب من القيادات الخليجية قوله: "إن الكثير من العرب أصبحوا يراهنون على القوة الروسية لمواجهة الإرهاب، خاصة بعد فشل الولايات المتحدة في هذه المهمة".

وذكرت الصحيفة أن بعض العرب يعتقدون أن التدخل الروسي سيقلص من النفوذ الإيراني في المنطقة. ولكن بحسب بيتر هارلينغ، العضو في مجموعة الأزمات الدولية، "فإن روسيا أظهرت دعمها المباشر لبشار الأسد ولإيران في المنطقة، ما جعل صورة روسيا الوسيط في الأزمة تتلاشى أمام عيون كل من السعودية وقطر وتركيا".

وقالت الصحيفة إن شيوخا ودعاة إسلاميين سعوديين رفعوا راية الجهاد ضد روسيا في سوريا، وهو شبيه لما حصل إبان التدخل السوفييتي في أفغانستان في العام 1979.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي، رفض الإفصاح عن هويته، قوله على إحدى القنوات الإخبارية: "إن الدعم العسكري للمعارضة سيتضاعف"، ما ينذر بتواصل الحرب في سوريا.

المصالح الروسية التي حتمت للتدخل في سوريا

تتسم السياسة الدولية في علاقاتها بين الدول على اساس توازن القوى والتي بدورها تساعد على حفظ السلم والامن الدوليين فاختلال التوازن في العلاقات الدولية لاسيما بين القوى العظمى يؤدي الى هيمنة طرف على حساب الطرف الاخر وهذا ما فعلته الولايات المتحدة الامريكية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1990 م ، ويحاول بوتين بما تمتلكه روسيا من قوة عسكرية عظمى من اعادة الدور الروسي العالمي وهذا ما فعلته في اوكرانيا والان في سوريا و الوصول الى المياه الدافئة والحصول على موطئ قدم فيها ، فلابد لروسيا من اسبابها الخاصة التي دفعتها للدخول بثقلها العسكري في الازمة السورية وهذا ما طرحه موقع اسلام اونلاين بتحليل سياسي بعنوان (التدخل الروسي في سوريا .. ماذا ولماذا ؟) في 22/9 جاء فيه :

والحقيقة أنه منذ اندلاع الثورة السورية كانت روسيا داعما أساسيا لنظام الأسد سواء من الناحية العسكرية أو المادية أو السياسية وذلك بتوفير الغطاء في مجلس الأمن لجرائم الأسد أما الآن فيبدو أن روسيا سوف تدخل أجواء الحرب السورية وبشكل مباشر.

ما هي أسباب هذا التدخل وماهي مصلحة روسيا من التواجد هناك؟

هناك عدة اعتبارات ومصالح روسية حتمت عليها الدخول المباشر في الصراع السوري :

1- اعتبار تاريخي : فسوريا كانت الحليف الاستراتيجي لروسيا منذ الحرب الباردة – أو ما كانت تسمى في ذلك الوقت بالاتحاد السوفييتي- فخلال الحرب الباردة كان هناك انتقال لعشرات الآلاف من الروس لسوريا وفي المقابل كانت سوريا ترسل بعثاتها التدريبية والدراسية للاتحاد السوفييتي ، وعندما اندلعت الثورة السورية في 2011 كان هناك ما يقارب من100,000 روسي مقيم في سوريا !

2- تريد روسيا أن تتخذ من سوريا موطئ قدم ثابت لها في الشرق الأوسط وبذلك تضمن إطلالة بحرية على البحر المتوسط وحدود برية مشتركة مع كل من تركيا وإسرائيل ولبنان والعراق والأردن.

3- دعم نظام الأسد يتوافق مع تطلعات بوتين لأن تصبح روسيا قوة عظمى في المنطقة في مواجهة الغرب وسقوظ نظام الأسد يعني فقدان روسيا للقاعدة العسكرية الوحيدة خارج روسيا منذ فترة مابعد الاتحاد السوفييتي.

4- تطلعات بوتين لكسب مزيد من الشعبية وبالتالي ضمان فترة رئاسية ثالثة على غرار الشعبية التي اكتسبها إثر تدخله في أوكرانيا حيث بلغت نسبة شعبيته  80% وهي نسبة لم يصل إليها رئيس قبله، وهو يأمل تكرار هذا المكسب من خلال سوريا تحت مظلة محاربة مخاطر الدولة الإسلامية.

ويمكننا هنا الاستشهاد بما قاله المحلل الروسي ديمتري أدامسكي في مقال له عبر مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية (foreign affairs) ” أهداف موسكو التقليدية واضحة: بناء منطقة عازلة ضد الجهاديين المتطرفين على حدودها الجنوبية،تصدير الأسلحة والطاقة النووية ،تقوية نفوذها وترسيخ مشروعها في الشرق الأوسط حيث المياه الدافئة ،التنافس مع الغرب – خصوصا في الآونة الأخيرة – لتوسيع نفوذها بين الطوائف المسيحية الإقليمية”.

هل سيكون الأمر سهلا بالنسبة لروسيا؟

 قطعا الدخول العسكري الروسي في سوريا مغامرة كبيرة وخطر ليس بالهين ، فكثير من المحللين الروس يشبهون هذا التدخل بالتدخل السوفييتي في أفغانسان والذي انتهى بفشل ذريع وهو ما كان من الأسباب الرئيسية لسقوط الاتحاد السوفييتي ، فهناك عوامل كثيرة تصعب مهمة الروس في سوريا منها النفوذ الواسع لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وحسب تقرير للبي بي سي فهناك 2400 مقاتل في التنظيم من روسيا فقط بالإضافة إلى مقاتلين من الشيشان وأوزبكستان إذ أن تأثير التنظيم في اتساع مستمر خاصة في دول شمال القوقاز وعموما بين شعوب تلك الدول المعادية لروسيا، أضف إلى ذلك التنظيمات الجهادية والمعارضة السورية المسلحة.

ومن ناحية أخرى ستكون تكلفة التدخل مرهقة للإقتصاد الروسي المتردي أساسا خصوصا إذا طال أمد الصراع وإذا استمر دعم الدول العربية ودول الخليج تحديدا للمعارضة السورية المسلحة ، هذا إذا لم تتخذ الولايات المتحدة قرارا بالدعم اللوجستي والعسكري المباشر للمعارضة فحينها سينتهي المطاف حتما بروسيا كما انتهى بها في أفغانستان.

الاهداف الاستراتيجية للتدخل الروسي

تعمل الدول العظمى من وضع اهداف استراتيجية بعيدة المدى للحفاظ على امنها القومي ، ومن هذا المنطلق كان التدخل الروسي في سوريا فمن جهة يحاول الروس اعادة الهيبة الروسية والوقوف بالند مع الولايات المتحدة في القضايا الدولية ومن جهة اخرى عدم ترك الجارة ايران بالانفراد بالقضية السورية والقضايا الاخرى في المنطقة كالعراق ولبنان واليمن ، وجعل اوراق اللعبة بيد روسيا لاسيما وانها صاحبة القرار في الوضع الدولي في مجلس الامن للضغط على الاطراف الدولية الاخرى للتوصل الى حلول في مسائل دولية اخرى ، وهذا ماحاولت جريدة القدس العربي في عددها الصادر في 10/9 من تبيانه في تحليلها بعنوان (أهداف بعيدة للتدخل العسكري الروسي في سوريا؟) حيث اكدت على :

تتواتر الأنباء منذ قرابة الشهر عن استراتيجية عسكرية روسية جديدة في سوريا بدأ تبيّن ملامحها شيئاً فشيئاً.

الأخبار تتحدث عن جسر جوي عبر إيران واليونان، كما تتحدث عن خطط جارية لبناء قاعدة بحرية جديدة وعن تجهيز موسكو لمطار حميميم العسكري قرب اللاذقية بمبان جاهزة تتسع للمئات وعن طائرات شحن تحمل عتادا عسكريا وسفن إنزال دبابات وحشود بشرية من قوات مشاة البحرية، وإذا كان كل هذا يدلّ على آفاق واسعة للتدخل، فإن العجلة فيه تدعو للاستفهام فهي لا تدلّ على قرار سياسي محسوب فحسب بل تعني أيضاً أن هناك مبررات لدى الكرملين للتموضع في سوريا بسرعة.

والحقيقة أن التراجعات العسكرية والهزائم التي مُني بها النظام السوري في الشهور الماضية لا تفسر وحدها هذه العجلة، لكنّ الأنباء التي تتحدث عن مساهمة القوات الروسية في قصف مطار أبو الضهور الذي سقط قبل أيام تكشف، من ناحية، اهتماماً من الكرملين بعكس كفة التراجع الميداني للنظام، أو على الأقل، إبراز عضلاتها العسكرية وإعلانها، على رأس الشهود، أنها صارت معنيّة مباشرة بما يجري عسكرياً في سوريا.

غير أن هذه التفاصيل العسكرية لا تفعل غير تأكيد الطبيعة الاستراتيجية الخطيرة للقرار الروسي الذي سنحاول تلخيص أهدافه بالنقاط التالية:

يعلن القرار، بداية، عن قناعة روسية بأن باب المفاوضات قد انفتح جديا حول مصير سوريا.

وهو يعلن، أيضاً، أن روسيا لا تريد أن تقتصر وسائل تفاوضها حول سوريا على دورها في مجلس الأمن الدولي، وعلى تسليحها للجيش السوري، ونفوذ خبرائها ومستشاريها ورجال استخباراتها فحسب، بل تريد أن تكون موجودة على الطاولة بصفتها طرفاً عسكرياً فاعلاً على الأرض وليس بصفتها دولة عظمى حامية للنظام.

بعد هذه الرسالة الأولى الى العالم، يحمل القرار بوضع سوريا تحت المظلة العسكرية الروسية المباشرة رسالة ثانية إلى الأطراف الإقليمية، بدءاً من تركيا التي بدأت العمل العسكري المباشر في سوريا والعراق، وليس انتهاء بإيران، التي كانت، إلى فترة قريبة، هي الطرف الأول المؤهل للتفاوض معه بشأن النظام، بسبب وجود الميليشيات الشيعية المحسوبة عليها، كحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية.

بحسب الروس، فإن انتشارهم هذا جاء نتيجة طلب من الرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما يعكس تذمّراً مكتوماً من النظام وحاضنته الشعبية من استفراد إيران بالقرار السوري (وبمصير الطائفة العلوية التي تجد نخبتها روابط لها مع روسيا والغرب عموما أكثر من روابطها مع إيران والشيعة)، وهو الأمر الذي تلاقى، على الأغلب، مع رغبة موسكو في وضع يدها الضخمة على الملف السوري، ولذلك فإن هذا التدخل يمكن قراءته بطرق متعاكسة، فهو، في الظاهر، يبدو دعماً للنظام السوري وتعزيزاً للتحالف مع إيران (التي أرسلت بحسب مصادر إسرائيلية مئات الجنود خلال الأيام القليلة الماضية)، غير أنه أيضاً يحمل مخاطر تسليم الأسد رأسه لموسكو للتفاوض عليه، كما أنه سحب لجزء كبير من أوراق اللعبة السورية من أيدي إيران.

تدلّ ردود الفعل الأمريكية والغربية، التي تتعامل مع التدخل العسكري الضخم لروسيا بمكالمات لا نعرف فحواها من وزير الخارجية الأمريكية جون كيري إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف، وبإبداء «القلق البالغ»، وبالطلب من بلغاريا واليونان عدم فتح مجاليهما الجوي، عن برود أمريكي وغربي أقرب للتواطؤ، وهو ما أكدته إسرائيل أيضا بالقول إن لديها قنوات حوار مع روسيا وبكونها غير قلقة من نشاط موسكو العسكري كونه غير موجه ضدها، وما لم تحصل خطوات عسكرية حقيقية معاكسة للتدخل الروسي على الأرض، فإن هذه التصريحات والإجراءات لن تفعل غير تأكيد إحساس بأن المزاد العالمي قد رسا على روسيا لإعادة اختراع سوريا الجديدة، ومن تجربتنا التاريخية مع موسكو فإن النتيجة ستشبه صنع مخلوق مشوه مثل «دراكولا» من أشلاء سوريا أكثر منه تأسيس وطن حقيقي للسوريين.

الموقف الايراني من التدخل الروسي

لكل فعل ردة فعل هذا قانون فيزيائي ولكنه يطبق في السياسة بشكل كبير لاسيما في العلاقات الدولية فأن أي عمل من قبل أي دولة سيكون له رد فعل سواء كان داخلي او خارجي ، لذا اعتبرت ايران ان التدخل الروسي جاء كرد فعل نتيجة البرود الامريكي تجاه القضية السورية والتي تركها معلقة لمدة خمس سنوات وما زالت مستمرة فلابد من تدخل لاعب اساسي قادر على حسم الصراع الدائر في سوريا والوقوف بجانب شرعية الحكومة ضد الفصائل المسلحة المعارضة ، فقد اكد موقع ميدل ايست اونلاين في 16/10 بمقال تحت عنوان (ايران تبرر التدخل الروسي في سوريا بـ'التخاذل الأميركي') جاء فيه :

تحاول ايران التي هي حليف رئيسي للنظام السوري بالمال والسلاح والجنود، التدخل العسكري الروسي في سوريا بما اعتبرته "تخاذلا أميركيا في مكافحة الارهاب" حيث قال رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي إن "التدخل العسكري الروسي في سوريا أتى ليسد الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة في عدم جديتها بمحاربة الإرهاب".

وفي مؤتمر صحفي عقب لقائه بوزير الخارجية اللبناني "جبران باسيل" في بيروت أوضح بروجردي، أن "مسألة مكافحة الإرهاب والتطرف من الأولويات الثابتة والراسخة في سياسة البلدين الشقيقين".

ورأى المسؤول الإيراني أن "التحالف الدولي الذي شكّلته وتتزعّمه الولايات المتحدة الأميركية منذ عدة أشهر وادّعت أنّها تريد من خلاله مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، ليس سوى حركة سياسية استعراضية إعلانية"، معربا عن اعتقاده بأن "ظاهرة الإرهاب والتطرّف تستهدف كلّ دول المنطقة والعالم بأسره".

واعتبر بروجردي الذي فقدت بلاده 3 جنرالات من الحرس الثوري قتلوا في سوريا ودفعت بلاده بنحو ألف جندي من قواتها لانقاذ حليفها الاسد من السقوط، أن "الفراغ الذي خلّفته واشنطن في عدم جديتها في مكافحة الإرهاب عوّضته روسيا من خلال هذا التدخّل المباشر لمكافحته والقضاء عليه".

وأكد أن إيران "ستستمر في دعم سوريا لأنّها تقف في الصفّ الأمامي من جبهة الممانعة والمقاومة، كما نُدافع بشدّة عن وحدة الأراضي العراقية ونعارض بكلّ ما أوتي من قوة مؤامرة تفكيك وتفتيت هذا البلد".

ووصل بروجوردي إلى العاصمة اللبنانية مساء الخميس قادما إليها من دمشق، حيث التقى رئيس النظام السوري بشار الأسد.

والتقى المسؤول الايراني أيضا في لبنان بالأمين العام لميليشيا حزب الله الشيعية حسن نصرالله في اجتماع يبدو أنه لتنسيق جهود الطرفين في سوريا حيث يقاتل المئات من حزب الله إلى جانب القوات السورية النظامية وقوات من الحرس الثوري الايراني.

كما التقى رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام قبل الجمعة في السراي الكبير.

وقال في مؤتمر صحفي عقب لقاء سلام "أكدنا لدولته خلال هذا اللقاء دعم إيران الكامل للحوار السياسي الوطني البناء الذي يجري حاليا بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين، ونأمل أن يحقق هذا الحوار في المستقبل القريب كل الأهداف التي يتفق عليها الجميع لتحقيق المصلحة الوطنية اللبنانية العليا".

لكن مراقبين قالوا، إن حديث بروجوردي عن تصدي بلاده لـ'مؤامرة تفكيك سوريا" ودعمها للحوار السياسي اللبناني، كلام مردود عليه على اعتبار أنه تبرير للتدخل في الأزمة السورية لنصرة حليفه الأسد وحليفه نصرالله في لبنان.

ونفى أن تكون بلاده أرسلت اسلحة لليمن. وقال إن السفن كانت محملة بالمساعدات الانسانية، وهي ادعاءات يقول متابعون للشأن اليمني إنه ثبت بطلانها حيث تؤكد تقارير استخباراتية أن طهران تقدم دعما ماليا وعسكريا سخيا لذراعها ميليشيا أنصارالله الانقلابية في اليمن. وقد ضبطت احدى سفنها محملة بالسلاح لكنها اعتادت أن تنكر ذلك.

وتحاول ايران بحديثها عن وتبرير ايران للتدخل الروسي في سوريا، هو أيضا تبرير لتدخلها ومحاولة للالتفاف على الانتقادات التي وجّهت لهما في هذا الشأن، ولفتا للأنظار عن اتهام المعارضة السورية ودول غربية لموسكو بأنها لا تستهدف تنظيم الدولة الاسلامية كما تدعي وإنما فصائل المعارضة المعتدلة.

وقال ستيفن اوبريان مسؤول المساعدات الانسانية في الامم المتحدة من جهته الجمعة، ان النزاع الدامي في سوريا يزيد من تعقيد مهمة توزيع المساعدات لملايين المحتاجين في البلاد.

وتصاعد النزاع في سوريا بعد ان بدأت روسيا اواخر سبتمبر/ايلول حملة قصف جوي في البلد المضطرب اضافة الى الحملة الجوية التي يشنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة منذ اكثر من عام.

وصرح اوبريان بأن "تصاعد حملة القصف الجوي من اي جهة كانت، يعرض طرق الامدادات الى مزيد من الخطر".

واضاف ان ذلك "يعني اننا غير قادرين على ارسال عدد كاف من قوافل الشاحنات لتوصيل الامدادات الى المحتاجين".

وقتل في النزاع السوري قرابة 250 الف شخص منذ مارس/اذار 2011، كما شرد اكثر من نصف سكان البلاد من منازلهم، ولجأ اكثر من اربعة ملايين الى دول مجاورة.

وهناك اكثر من 12 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة الى المساعدات الانسانية، بحسب اوبريان الذي قال، ان الامم المتحدة تبذل كل جهدها لتحديد طرق امنة لتوصيل المساعدات للمحتاجين.

واضاف "نحن دائما حاضرون ومستعدون لتحريك القوافل في اي وقت نحصل فيه على ممرات امنة او على مؤشرات بان القوافل يمكن ان تمر".

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف