البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

June / 29 / 2020  |  1245عالم ما بعد أميركا" لـ "فريد زكريا" نقد الأطروحة الأميركية من باب الحرص عليها

حسين پور أحمدى ميبدي ، أمير عباسي خوشكار المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية خريف 2019 م / 1441 هـ
عالم ما بعد أميركا" لـ "فريد زكريا" نقد الأطروحة الأميركية من باب الحرص عليها

يتعرّض كتاب “عالم ما بعد أميركا” لمؤلِّفه فريد زكريا إلى خصائص التحوُّلات في الساحة العالمية على المستويات السياسية والاقتصادية بشكل رئيس. يرى المؤلف أن ظهور القوى الاقتصادية متمثِّلة بالصين والهند والبرازيل هو من المتغيِّرات الهامة في بنية النظام الدولي، ويضيّق الخناق على الولايات المتحدة الأميركية. فهذه القوى الصاعدة تسعى ـ بالاستفادة من مصادرها وثرواتها الداخلية في التعاطي مع المحيط الخارجي ضمن تحقيق القوة الاقتصادية ـ إلى تحقيق الامتيازات السياسية، ولا تنوي التغاضي عن حصتها من كعكة السلطة العالمية. ويطلق زكريا على هذه الظاهرة الجديدة مصطلح “نهوض الآخرين”. أما طريق الحل، كما يراه، فيكمن في إقبال الولايات المتحدة على التعددية القطبية، والقبول بالمحدوديات البنيوية المفروضة عليها.

المحرر


فريد زكريا كاتب ومحقق وصحفي ومقدم برامج هندي / أميركي يعمل في قناة الـ (CNN) الأميركية. كتب في حقل العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، وصدر له حتى عام 2016 م خمسة كتب، هي: “الكفاح الأميركي”[1]، و”من الثروة إلى السلطة”[2]، و”مستقبل الحرية”[3]، و”عالم ما بعد أميركا”[4]، و”دفاع عن المفاهيم الليبرالية”[5]. كما صدرت ترجمة كتاب “عالم ما بعد أميركا”، من قبل بسام شيحا، سنة 2009 م، في 248 صفحة ضمن سبعة فصول[6].

بعد الحرب الباردة ـ وبشكل خاص بعد هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر عام 2001 م ـ ظهر اتجاهان غالبان في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية: الاتجاه الأول يقوم على رؤية القطب الواحد والهيمنة، وذهب إليه الجمهوريون بشكل رئيس، واستمرّ حتى آخر فترة رئاسة جورج دبليو بوش الابن، أما الاتجاه الثاني فيقوم على التعددية القطبية، وقد ظهر في فترة رئاسة باراك أوباما. يندرج كتاب “عالم ما بعد أميركا” ضمن أدبيات الاتجاه الثاني، ومن هذه الناحية يعدُّ مصدراً زاخراً بالمعلومات والمشاهد القوية والواقعية عن العلاقات الدولية، والسياسة الخارجية للقوى العظمى والقوى الصاعدة، وبيان النماذج التي تحكم السياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية.

هذا الكتاب، كان في المصادر الإنكليزية عرضة للكثير من التعاريف والخلاصات والانتقادات، في مختلف المجلات والصحف، وفي ما يلي نشير إلى مصدرين اثنين. المصدر الأول مقالتان قصيرتان عن كاتبين، هما: جفري بارلو[7]، وإمتياز باهاتي[8]. حيث عمد بارلو في مقالته المقتضبة بعنوان “إطلالة على كتاب عالم ما بعد أميركا” إلى اختصار المحاور الهامة لموضوعات الكتاب في إطار التحولات التقنية والاقتصادية والسياسية العالمية. أما باهاتي فاكتفى بذكر نقطتين: النقطة الأولى: أن فريد زكريا قد أخفق في عرض صورة دقيقة عن مسائل السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما في خصوص أزمة العراق بعد عام 2003 م، حيث لا نجد لديه ما يقوله في هذا الشأن. النقطة الثانية: أنه لم يقدِّم بحثاً جاداً بشأن الأخطاء الأميركية السابقة. وهذا الضعف يتجلى للعيان في الحرب الفييتنامية، وفي الإخفاقات الأميركية في فترة الحرب الباردة بشكل أكبر، وبالتالي لا يوجد في هذا الكتاب حتى معلومة واحدة عن التعقيدات التي تحكم الاقتصاد العالمي.

إنطلاقاً مما سلف، تسعى هذه المقالة لعرض خلاصة المحاور النظرية الهامة الحاكمة على كتاب “عالم ما بعد أميركا”، بالإضافة إلى نقده وتقييمه. في القسم الأول سنقوم بتقديم خلاصة بالنقاط والادعاءات النظرية المذكورة فيه. وفي القسم الثاني سنرصد بحث الاتجاه الأصلي للكاتب ضمن سائر الاتجاهات الأخرى. وفي القسم الثالث سنستعرض بيان بعض النقاط ضمن إطار النقد الشكلي والمضموني للكتاب. مع الإشارة إلى أن الأسلوب المتبع في هذه المقالة هو أسلوب بياني وانتقادي، وفي ما يتعلق بجمع المعطيات والمصادر، تمّت الاستفادة من الأسلوب الإسنادي والمكتبي.

القسم الأول: خلاصة الكتاب

يتألف كتاب “عالم ما بعد أميركا”من سبعة فصول.

- الفصل الأول تحت عنوان “نهوض البقية”، وقد استهله فريد زكريا بالحديث عن ثلاثة متغيِّرات في بنية السلطة العالمية على مدى القرون الخمسة المنصرمة[9].

- في الفصل الثاني تحت عنوان “الكأس التطوُّف”، تناول بعض الأبحاث والمسائل بشأن التحوّل والانتقال من النظام القديم إلى النظام الجديد من خلال بروز المشاكل الاقتصادية والبيئية، وظهور القوى الاقتصادية الأخرى على المستويات الإقليمية والعالمية. والبحث الأول من هذا الفصل يخص التحول في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعد ظهور الأصولية الإسلامية من أهم التحوّلات. بيد أن هذا التحوّل في بنية السلطة العالمية لم يؤدّ إلى انتقال السلطة[10].

لقد تعرّضت بنية الاقتصاد العالمي نتيجة للتحولات والمتغيّرات في حقل تقنية المعلومات والاتصالات والسلطوية المتحيّنة للفرص من قبل بعض القوى السياسية، لتحوّل وتغيير جوهري. وقد استعرض المؤلف هذه التحولات في الصفحة 25 و26 على النحو الآتي:

“إن الحركة الحرة لثروة القوة المالية المحركة في هذه المرحلة الجديدة، تمثل ظاهرة حديثة نسبياً. وإلى جوار النقود التي تحظى بجريان حر، حدثت ثورة أخرى في حقل السياسات أيضاً: اتساع البنوك المركزية المستقلة والسيطرة على التضخّم. إن التضخم المنفلت من أسوأ الآفات الاقتصادية التي يمكن أن تحيق بشعب ما. هذه الآفة تقضي على قيمة النقد، وعلى التوفير، وعلى رؤوس الأموال، وبالتالي تستأصل حتى فرص العمل، ولهذا تداعيات أسوأ حتى من الركود الاقتصادي”[11].

إن المناخ الاقتصادي لعالم ما بعد الولايات الأميركية المتحدة، يقوم على محور انبعاث سائر القوى الصاعدة وخروج الولايات المتحدة من محورية النظام والسلطة الاقتصادية والسياسية في العالم. وقد شرح زكريا تبلوُر هياكل السلطة السياسية الاقتصادية الأميركية على النحو الآتي:

“لقد أكد المتخصصون في العلوم السياسية على أن العالم الذي يشعر فيه الجميع بالقدرة، يمكن للدول أن تعمل فيه ـ من خلال التجاوز الكامل للمحور الغربي ـ على توثيق العلاقات في ما بينها. ومن الممكن في عالم ما بعد أميركي ألا يبقى هناك محور في الأساس يمكن التماهي والتناغم معه... ربما كان توصيف القرن الحادي والعشرين للميلاد بالطرق المنقوطة وخارطة تحليق جديدة يتم تحديدها بشكل يومي هو الأنسب. لقد تغيرت مراكز الاهتمام. وأخذت البلدان تهتم أكثر من ذي قبل بالتقارب من بعضها، والتعويل على نهضتها، والتقليل من الاعتماد على الغرب والولايات المتحدة الأميركية”[12].

الفصل الثالث”عالم غير غربي”، يرجع اعتبار تفوّق الغرب إلى بداية استعمار الشرق والحفاظ على الإمكانات الثقافية والاقتصادية والسياسية الملهمة والبناءةلأسس قوة الحضارة الغربية. إن القوى الصاعدة تسعى ـ من خلال الانضمام إلى ساحة القوة العالمية ـ إلى تسجيل بصمتها في الحداثة المصنّعة غربياً. إن الحضور الثقافي والاقتصادي لقوى أميركا اللاتينية وآسيا يشكل تحدّيا للتلاحم الغربي الحديث.

الفصل الرابع بعنوان “المتحدِّي”، ظهور الصين والتعاطي الاقتصادي المسالم لهذا البلد بعد عام 1980 م مع الغرب. لقد تم تقييم تحوّل الاقتصاد السياسي والسياسة الخارجية للصين على أساس التحولات الثقافية والنخبوية الحاكمة على هذا البلد. الصين بدورها ـ مثل أيّ بلد غير غربي آخر ـ قد أعدت من أجل ازدهارها في القرن الحادي والعشرين للميلاد مزيجها الثقافي الذي يشكل جزء منه جانباً شرقياً، والجزء الآخر جانباً غربياً[13].

الفصل الخامس بعنوان”الحليف”، يختص بالسياسة الخارجية للهند، والعناصر المؤثرة على ازدهارها الاقتصادي في العقود الأخيرة. وقد رصد زكريا اختلاف التنمية الاقتصادية بين الهند والصين في العناصر الآتية:

"هناك في الصين دولة مقتدرة تشرف على هذا الازدهار. لقد قامت بالنظر إلى حاجة البلاد البحتة ببناء مطارات جديدة، وطرق مواصلات عملاقة، ومحطات صناعية بديعة خلال بضعة أشهر.. وأما ازدهار الهند فلم يكن بتدخل من الدولة، وإنما رغماً عنها. فلم يكن هذا الازدهار من الأعلى إلى الأسفل، وإنما من الأسفل إلى الأعلى، ولذلك كان هذا الازدهار فوضوياً، وغير مدروس أو مبرمج إلى حد كبير. ويعد القطاع الخاص الواقعي، وحقوق الملكية، والعقود المنطقية، والمحاكم المستقلة، وحكم القانون، من المزايا الرئيسة لهذا البلد. إن القطاع الخاص في الهند يمثل العمود الفقري لازدهار وتنمية هذا البلد"[14].

في الفصل السادس الذي يحمل عنوان “نفوذ أميرکي”، تم تشبيه أفول الولايات المتحدة الأميركية بالإمبراطورية البريطانية في مبالغتها في التدخلات العسكرية، والاندحار في الحروب من طرف واحد مع الدول الضعيفة. كما تمّت محاكمة قدراتها الصناعية والمالية في مختلف الحقول الاقتصادية.

“إن تقدم منطقة اليورو وانتعاشها بنسبة 5 / 6 في طريقه إلى تجاوز الولايات المتحدة الأميركية، وقد بلغ مجموع الأرباح المصرفية والتجارية لأوربا في عام 2005م، ما مقداره 98 مليار دولار تقريباً، ليوازي أرباح الولايات المتحدة الأميركية البالغة 109 مليار دولار[15].

في الفصل السابع والأخير وهو بعنوان “الغاية الأميركية”، تمّت الإشارة ـ ضمن تبويب التحولات المتقدمة في الفصول السابقة ـ إلى نقاط قوة الولايات المتحدة الأميركية وضعفها في التعاطي مع الواقع القائم[16].

وفي الصفحة رقم 241 من الكتاب اقترح المؤلف على واضعي السياسة الخارجية في الولايات المتحدة أن يضطلعوا بدورهم في لعب دور جديد في السياسة الدولية. وذكَّر بأحداث القرن التاسع عشر في أوروبا قائلاً:

“إن بإمكان هذا البلد [الولايات المتحدة الأميركية] أن يكون كما كانت عليه ألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر للميلاد بمساعدة بسمارك[17]، الواسطة الأمينة[18] الأوروبية ذات العلاقات القريبة مع كل واحد من البلدان الرئيسة، والأقرب من الارتباط القائم بين تلك البلدان في ما بينها. لقد كان هذا البلد يمثل مركز الثقل في النظام الأوروبي. إن لازم الواسطة العالمية لا يكمن في انخراط الدولة الأميركية فقط، بل وفي انخراط المجتمع الأميركي في هذا الشأن أيضاً... إن الدور الجديد يختلف عن الدور التقليدي للقوة العظمى بالكامل، فهو يستلزم الاستشارة والتعاون وحتى الوفاق. إن قوة هذه الدولة تكمن في تعيين خطة العمل وبيان المسائل وبناء التحالفات. إن هذا ليس دوراً صادراً من الأعلى إلى الأسفل حيث تكون الولايات المتحدة هي من تقرر، وتعمل على مجرد إبلاغ قرارها إلى العالم المذعن (أو الصامت). والدليل على ذلك أن تعيين خطة العمل وتنظيم التحالفات في عالم يكثر فيه اللاعبون، يعدّ من أهم أشكال السلطة. إن رئيس الهيئة الإدارية من خلال قدرته على توجيه وهداية مجموعة من المدراء المستقلين، يبقى محافظاً على إدارته المقتدرة”[19].

وفي الختام، قدم زكريا ستة مقترحات لتستفيد منها الولايات المتحدة من الفرص المتوفرة، والإدارة الأكثر تدبيراً للسياسة العالمية، والتقليل من أفولها، خلاصة هذه المقترحات هي وضع القواعد واتِّباع الأسس الجاهزة والقائمة على التعددية بين الدول، فضلاً عن السلوك القائم على كسب المشروعية الجماعية، وعدم الخروج من الهياكل الحقوقية والمنطقية[20].

القسم الثاني: موقع فريد زكريا في النظريات الواقعية والإجابات النظرية لما بعد الحرب الباردة

في هذا القسم سنستعرض وندرس الموقع النظري لفريد زكريا في البعدين؛ موقعه بين الواقعيين، وجوابه عن ضرورات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وعلى الرغم من أوجه الشبه بين الواقعيين، يمكن مشاهدة بعض نقاط الاختلاف أيضاً. فزكريا يُعدّ واحداً من الواقعيين الذين يسعون إلى الجمع بين البنى الداخلية للسياسة الخارجية وبنية النظام الدولي من جهة، وإلى الجمع بين الليبرالية والواقعية من جهة أخرى. وقد عمد في نقد الواقعية الجديدة إلى اتهام المفكرين في هذا التيار بتجاهل السياسات الداخلية وتأثير العناصر الداخلية[21] على السياسة الخارجية، ومن ناحية أخرى اتهم الواقعيين الدفاعيين بتضخيم المصادر الداخلية بشكل متطرّف ومبالغ به[22].

ويعدُّ التركيز على العناصر النفسية والاتجاهات الإدراكية للزعماء السياسيين، من الخصائص الأخرى لزكريا التي تميّزه من سائر المفكرين الماديين الواقعيين، الأمر الذي أدّى إلى تصنيفه ضمن المفكرين العقلانيين الواقعيين. وهناك أمثلة مشابهة لاقترابه من الأبحاث المعرفية وإدراك الزعماء والقادة في تراث الواقعية. فقد تعرّض شولر[23] ـ في تحليل سلوك السياسة الخارجية للبلدان التي تدعو إلى التغيير ـ إلى ظاهرة السلام الديمقراطي والاتجاهات العنيفة لبعض القادة الدكتاتوريين. وتوصل ستيفن وولت[24] في بحث تبلور التحالفات إلى مفهوم توازن التهديد من أجل فهم صناعة التحالفات بشكل أفضل[25]. وعمد إلى تقييم إدراك الزعماء والقادة لتهديد الآخرين في اعتبار قدرات الدول الأخرى تهديداً أو عدم اعتبارها كذلك، بوصفه أمراً بالغ الأهمية. كما ذهب وولفورث[26] ـ في رؤية مشابهة لفريد زكريا ـ إلى اعتبار فهم القادة والزعماء للسلطة[27] أهم من وجود السلطة الخام[28] نفسها في اتجاه السياسة الخارجية للقوى العظمى.

إن الاهتمام بالبنى والمصادر الداخلية أمر لم يتمّ الخوض فيه عند تحليل بعض الواقعيين. من هنا، عمد فريد زكريا ـ ضمن تقييمه الدقيق لمصادر وإمكانات الدول والحكومات في استثمار الفرص الداخلية ـ إلى التدقيق العلمي في هذا النوع من التحليل على نحو بارز في وضع السياسات الخارجية للقوى العظمى[29]. لقد اهتم في تحليلاته للسياسة الخارجية للقوى العظمى بالهياكل الداخلية. أما الاهتمام بالتحولات والمتغيّرات التكنولوجية الجديدة في حقل الاقتصاد ومصادر الطاقة، من قبيل شركة شيل للغاز[30]، والتركيز على مفهوم السلام الديمقراطي والمطالبة بالجمهوريات الليبرالية، فقد أضفت محتوى ليبرالياً على تنظيراته[31]. وهو قدّم في مقال له بعض المقترحات الاقتصادية من أجل إحياء الأحلام والطموحات الأميركية، هي:

1 ـ الاتجاه من الاستهلاك إلى الاستثمار.

2 ـ أهمية التعلّم.

3 ـ الاهتمام بحقل السلامة.

4 ـ رفع الإنتاج والمستوى الكيفي للأعمال[32].

يعدُّ الافتقار إلى نظرية لبيان كيفية أداء الدولة في استخراج المصادر من صلب المجتمع، من أهم الانتقادات الواردة على الأعمال النظرية لفريد زكريا. أما في ما يتعلق بحقل أبحاث دورة السلطة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والتأمل في السياسة الخارجية للولايات الأميركية المتحدة في هذه المرحلة، فهناك طائفتان من الآراء.

قبل الخوض في هذين الرأيين يجب القول أن لدراسة وبيان دورة السلطة بين القوى العظمى وتبلور القوى الصاعدة في هذه الدورة، سابقة تمتد لعقود عدة. فوليام ماكنيل[33]، وإدوارد جيبون[34]، وأوسفالد شبينغلر[35]، وبول كينيدي[36]، وصاموئيل هنتنغتون[37] بالإضافة إلى أبرامو أورجانسكي[38] هم من بين المفكرين الذين عمدوا إلى إنتاج الآثار العلمية في حقل انتقال السلطة من الشرق إلى الغرب، وتبويب أقطاب القوة والسلطة بينهما. من ذلك على سبيل المثال أن بول كينيدي في كتابه الشهير “نشوء وسقوط القوى العظمى” يكرّس اهتمامه بالعوامل الداخلية[39]، ولا سيّما تكاليف بسط السلطة العسكرية، وخفض السلطة الاقتصادية في انتقال السلطة على مدى القرون الخمسة المنصرمة[40]. وقد قالت السيدة أليس آمسدن[41] في بحثها الذي تركّز فيه على الدول الشرقية الصاعدة، بأن التعاطي التقني، والبنية المالية الداخلية، ومن بينها المصارف والبورصة، مع الدولة، يؤثر في انتقال السلطة. وذهبت إلى الاعتقاد بأن هذا التعاطي قائم في البلدان الشرقية الصاعدة على نحو جيّد[42].

بعد انتهاء الحرب الباردة وبداية أفول الولايات المتحدة الأميركية، نكون أمام سؤالين: إلى متى ستبقى الأحادية القطبية في العالم؟ وهل يمكن لاستمرار الهيمنة الأميركية أن يكون مربحاً؟[43] وفي عرض الجواب عن هذين السؤالين العامين، هناك طائفتان من الآراء. في الرأي القائل بالأفول يذهب كل من كينيث والتز[44][45]، وكريستوفر لاين[46][47]، إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة الأميركية ستجنح ـ بعد الحرب الباردة ـ إلى التوازن، وسوف تزول هيمنة القطب الواحد. وقد كان شعار هذين المفكرين هو أفول مصير الهيمنة، وكلاهما يمثلان في أعمالهما باتحاد هابسبورغ والحروب العالمية من أجل الحيلولة دون ظهور الهيمنات الإقليمية والعالمية[48]. لقد ذكر كريستوفر لاين ـ في مقالاته التي نشرها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للميلاد، في ضوء التحولات السياسية والاقتصادية الراهنة ـ لقد حدث منذ الأزمة المالية في عام 2008 م أمران هما: أولاً: انتقال الثروة العالمية والسلطة من الغرب إلى الشرق، وثانياً: تراجع التفوق الأميركي على المستوى الاقتصادي[49].

وقد قال ريتشارد ماهر[50] في استدلال مشابه لما ذهب إليه كريستوفر والتز، بأن انخفاض وتراجع القوة الأميركية يعود إلى زيادة المسؤولية[51] والتآكل[52]. وذهب إلى الاعتقاد بأن القوّة الفجّة[53] للولايات المتحدة الأميركية لا تتحول من تلقائها إلى تفوّق[54]. إن صعود القوى الأخرى يتجه بالأوضاع إلى ما بعد القطبية الواحدة[55].[56]، وهنا يقترح على ساسة البيت الأبيض في مرحلة ما بعد الأحادية القطبية: أن يعملوا على إقامة النظم السياسي المستقر[57] من خلال التعاطي مع القوى الكبيرة الأخرى، وأن يضعوا قوّة الردع وتوازن القوى[58] على جدول أعمالهم. ويمكن للمؤسسات الدولية أن تساهم في تفوقها، وبالتالي الحدّ من تفوّق القوى الإقليمية من خلال الاستعانة بوسائل التوازن[59]. وفي الاتجاه الأول الذي تقدم البحث عنه نجد أن أفول القوّة الأميركية والتحرّك نحو العالم المتعدد الأقطاب ـ بوصفات مختلفة طبعاً ـ يمثل المحاور البارزة في هذا الاتجاه.

في الرؤية الثانية هناك تفاؤل باستمرارية الهيمنة الأميركية في النظام العالمي. فالمحققون من أمثال وليام وولفورث[60] ـ من الذين لا يزالون متفائلين ببقاء حالة القطبية الواحدة ـ يقولون: إن الولايات الأميركية المتحدة من القوة والعظمة بحيث أن سائر القوى الأخرى لن تجد بُداً على المدى البعيد من التخلي عن سعيها إلى تحقيق التوازن معها[61]. وقد صرح في عمل مشترك له مع بوكس[62] بأن الهيمنة الأميركية عبارة عن أمر حميد[63]، وليس هناك مؤشر على توازن القوى. إن للهيمنة الأميركية مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة بالنسبة إلى حلفاء الولايات المتحدة [64].  إذا لم تسع الولايات المتحدة إلى تهديد الآخرين، فلن يكون هناك احتمال لسعي الآخرين نحو تحقيق التوازن[65].

وقد ذهب جوزيف صموئيل ناي[66]ـ في تحليل مختلف، وبيان مؤيد ـ إلى القول بأن بقاء الهيمنة الأميركية رهن بتعزيز قوتها المرنة (Soft Power)[67]. وقد ذهب إلى عدم انتفاء استمرارية واقع الهيمنة.

يُعدّ فريد زكريا من بين المحققين القائلين بالأفول. وهو ـ ضمن التفاته إلى المصادر الداخلية ـ يدعو ساسة البيت الأبيض على الدوام إلى التعاون الاقتصادي والسياسي أحياناً من أجل كبح سائر القوى الموجودة في أميركا اللاتينية، والشرق الأقصى، وآسيا الوسطى بقيادة روسيا.

القسم الثالث: نقد الكتاب

أ  ـ النقد الشكلي

في ما يتعلق بالجامعية الصورية للكتاب هناك العديد من النقاط الإيجابية والسلبية. فهو يفتقر إلى توطئة ومقدمة، ويدخل مباشرة في الفصل الأول من دون التقديم له بمقدمة تمهيدية. كذلك لم يتم تبويب أقسامه على شكل فصول، وإنما يتم ذكر رقم فوق عنوان كل قسم، وهذا يعدّ من النقاط السلبية في عرض الكيفية الفنية لهذا الأثر العلمي. أيضاً لم يتم دعم الكتاب بجداول وصور ونماذج وأشكال توضيحية من أجل البيان الأكمل والتفهيم الأسهل، وتم وضع عناوين طويلة ومملة. لا نرى في الكتاب خلاصة لفصول أو أسئلة اختبارية أو تعليمية. ولا يشتمل على فصل بالمراجع والمصادر، الأمر الذي يحرم القارئ من فرصة توسيع قراءاته ودراساته حول الموضوع المرتبط بالكتاب.

في المقابل، تعد كتابة الهوامش في امتداد كل قسم من النقاط الإيجابية في الفهرست. لقد تم ذكر الأهداف من وراء تأليف الكتاب في الفصل الأول على شكل أسئلة جوهرية وأساسية. وفي الحقيقة فإن الهدف والغاية من التأليف هو الإجابة عن هذه الأسئلة[68]. يعدّ تقديم المقترحات لواضعي السياسة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية في إطار الموارد الستة، من بين النقاط الإيجابية في قسم تقييم الجامعية الصورية. كما يفتقر الكتاب إلى فصل يرصد الاستنتاجات واستخلاص العِبر. وقد أدى ذلك بدوره إلى الإضرار بالفصول المتقدمة منه.

وفي ما يتعلق بنقد وتحليل الكيفية الطباعية والفنية يتم البحث في سبعة موارد. في نقد شكل الغلاف وتصميمه يمكن القول أنه إنه أجنبي عن موضوع الكتاب الخاص بتعامل الولايات المتحدة الأميركية مع سائر القوى الصاعدة. كما أن الصورة المبهمة لعدد من الأبنية على ظهر الغلاف والخلفية ذات اللون الأسود بالكامل لا تتناسبان أبداً مع العنوان أيضاً. وتعد كتابة فقرة من نص الكتاب على الغلاف الخلفي من الكتاب من النقاط الإيجابية التي تسجل لتصميم الغلاف. يُعد تنضيد الحروف بالالتفات إلى حجم الصفحات أمراً متناسباً، ويحظى بجودة عالية في تنضيد الحروف. إن عرض صفحات الكتاب يحظى ببساطة الكتب الصادرة عن دار نشر هرمس[69]، وقد تمّت مراعاة كتابة الهوامش في كل صفحة. وأما نوع ورق الكتاب وعطفه فهو في غاية الضعف ويفتقر إلى الكيفية اللازمة التي يجب أن يتمتع بها كتاب على مستوى النص العلمي المترجم من الطراز العالمي. وفي المجموع فإن الثقل الكمي والكيفي لشكل الكتاب ورعاية النقاط الفنية وتدوين قواعد التأليف يتمتع بكيفية متوسطة، وهو متناسب مع عرضه في أسواق الكتب، والأروقة العلمية، والعلاقات الدولية، والعلوم السياسية.

ب ـ النقد المضموني

يتم النقد المضموني في إطار عشرة شواخص. النقد البنيوي في ما يتعلق بارتباط الفصول بعضها ببعض بغية تحقيق الغاية من التأليف. لقد تم تدوين الكتاب في سبعة أقسام مستقلة، ويحتوي كل قسم على فصول تتراوح ما بين الخمسة والسبعة. ويعكس ترتيب العناوين من القسم الأول إلى القسم السابع، الخطة والخريطة الذهنية للمؤلف في ما يتعلق بالإجابة عن الأسئلة، وعرض البحث في ما يتعلق بالتحولات والمتغيرات الخاصة بعد نهاية مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والإجابة عن التحديات الماثلة أمام السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية في هذه المرحلة. إن العناوين المرصودة في كل قسم هي عناوين مقتضبة وتتناسب مع مضمون ومحتوى ذلك القسم. أما سلسلة مراتب وضع العناوين فتبدأ من تبلور التحوّل على الساحة الدولية، وتستمر مع الإشارة إلى ظهور القوى غير الغربية، لتختتم في نهاية المطاف بعزم الولايات المتحدة الأميركية على التعامل والتعاطي المؤثر والبناء مع الوضع القائم.

- القسم الأول من الكتاب بعنوان “نهوض البقية”، ويتعرّض فريد زكريا فيه إلى الخوض في الطرح الأصلي للكتاب في إطار تقديم أسئلة نهائية. وقد اهتم في ختام هذا القسم بذكر ثلاثة أسئلة رئيسة من أجل توجيه دفة الكتاب بشكل عام. وهذه الأسئلة الثلاثة هي:

1 ـ ما هي الفرص والتحديات التي تشتمل عليها التحولات [الاقتصادية والسياسية]، وما هي الرسائل التي تحملها للولايات المتحدة الأميركية ومكانتها العظمى؟

2 ـ ما هو شكل المرحلة الجديدة بلحاظ الحرب والسلام الاقتصادي والتجاري والفكري والثقافي؟

3 ـ ما هو معنى ومفهوم الحياة في عالم خال من الولايات المتحدة الأميركية؟[70]

وقد تم تنظيم سائر الأقسام والفصول الأخرى في إطار الإجابة عن الأسئلة المعروضة في هذا القسم.

- القسم الثاني بعنوان “الكأس المترعة”، وهو للإجابة عن التحوّلات والمتغيّرات الراهنة، وتصوير الوضع القائم. تأتي الكأس هنا بوصفها استعارة لفضاء وساحة السياسة العالمية التي تتبلور بشكل رئيس في ضوء تعامل القوى العالمية والإقليمية الكبرى. لقد تمّ في هذا القسم رصد القوى المؤثرة في إتراع كأس السياسة العالمية. ومن بين هذه القوى: “الخطر الإسلامي”، و”التنمية الكبرى”، و”القوى الثلاث: السياسة والاقتصاد والتقنية”، و”المسائل الاجتماعية والبيئة”، و”الانبعاث القومي”[71]. ومن بين هذه القوى ـ بسبب الرؤية الواقعية لفريد زكريا إلى السياسة الدولية ـ نجد تنمية القوى الشرقية في البعد الاقتصادي أكثر جذباً للانتباه من سائر القوى الأخرى، بحيث تم التركيز على انبعاثة هذه القوى الصاعدة، مع تخصيص الحجم الأصلي لسائر فصول الكتاب بهذه القوى.

- القسم الثالث كتب في امتداد القسم السابق بتفصيل أكبر. وهو يعمل على توضيح الأصول العامة والحديثة للنظام اللاغربي، ليكون مشتملاً على جانب من الإجابة عن أسئلة القسم الأول. إن العالم غير الغربي يحتوي على أصول وأسس حديثة الظهور، تعكس موت وزوال نظام شبه الهيمنة السابق، حيث تكون هناك إمكانية لتحقيق التنمية بالنسبة إلى قوة عظمى وأصل ثابت. ويذهب زكريا إلى الاعتقاد بأن كل واحدة من القوى الصاعدة تسعى حالياً ـ ضمن الاستفادة من تجارب التنمية الغربية ـ إلى الاهتمام اللازم في الوقت نفسه بالنماذج الوطنية والقومية الخاصة بها أيضاً[72].

إن تحديات الدول الاقتصادية والسياسية الصاعدة من أجل الحصول على حصتها من كعكة السلطة العالمية، وأسواق الاستهلاك، والتنافس الجيوسياسي، يمثل جانباً آخر من إجابة المؤلف عن خصائص التحوّلات السياسية / الاقتصادية الراهنة. لقد دخلت الصين والولايات المتحدة الأميركية ـ أو “التنين والنسر” على حد تعبيره ـ مناخاً جديداً من التنافس الاقتصادي والأمني. إن التناقضات الماثلة أمام هذين اللاعبين العالميين، تتبلور على شكل التبويبات الاقتصادية والأمنية الموجودة. وفي القسم اللاحق يتمّ رصد النصف الآخر من الكأس، أي حقل المصالح المشتركة والتعاون بين هاتين القوتين العظميين. إن تعزيز نظام المناعة يحول دون انتشار الإرهاب وكبح جماحه، بالإضافة إلى أن التعاون الاقتصادي يمثل قسماً آخر من بناء أجواء السلام بين الصين والولايات الأميركية المتحدة. ويرى فريد زكريا في هذا التصوير أن الهند هي اللاعب الأقرب إلى الولايات المتحدة الأميركية المتحدة من الصين، ويعتبرها نافعة في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي، ليواصل دراسته التفصيلية في هذا الشأن[73].

لا ريب في أن أن التفوق الأميركي في القرن الحادي عشر للميلاد، سيواجه تحدياً أكبر من قبل الخصوم غير الغربيين بالمقارنة مع القرن السابق. وفي حقل السياسة والاقتصاد ـ على الرغم من تفوّق الولايات المتحدة الأميركية على سائر الخصوم والمنافسين ـ تمكن خصومها من تقليص المسافة بينهم وبينها، وفي الفصل الأخير، يكتفي فريد زكريا ـ من أجل تكميل مشروعه التحقيقي والإجابة عن السؤال القائل: ما الذي يجب فعله؟ ـ بالاتجاه التعددي والحركة في مسار التعارض والتعاون  مع سائر القوى[74].

إن ترابط الفصول والاتجاه العام لمجمل الكتاب من أجل تقديم صورة عن العالم ما بعد الحرب الباردة، عمل على تظهير عناصر الاقتصاد الرأسمالي، بالإضافة إلى تقديم بعض المقترحات من أجل الحيلولة دون المزيد من الأفول الأميركي في مضمار الاقتصاد والسياسة العالمية، أضفى على الكتاب نظماً وتسلسلاً منطقياً. هناك تناقض في محتوى المنظومة الفكرية لفريد زكريا في بحث تصوير الوضع القائم تناقض جوهري، وقد تسلل هذا التناقض إلى مقترحاته التي يقدمها إلى السياسة الخارجية في الولايات الأميركية المتحدة، حيث لا يتحقق التعاون بين الاقتصاد والسياسة على نحو ما كان يصوره دائماً على شكل تعارض وتعاون بين قطبين. وفي الحقيقة، فإن الصورة التي يقدمها عن تعاطي الاقتصاد السياسي للقوى العظمى، والتصوير الثنائي في العلاقات بين القوى الكبرى، مع أصل التضاد الدائم بين مصالح القوى العظمى في ما بينها في النظام الرأسمالي، حيث نشهد أبعاده الأكثر تعقيداً في حروب العملة الصعبة والتوازن التجاري، وتجاهله وغفلته عن سائر اللاعبين العالميين مثل روسيا في التعامل بين الغرب والشرق، كل ذلك أدى إلى نقاط ضعف وتناقضات قائمة على الإفراط في تبسيط تعقيدات النظام الرأسمالي، والتنافسات الاستراتيجية. إن منطق التصوير والاقتراحات التي يقدمها زكريا لا تنسجم مع المناخ والفضاء المضطرب في السياسة والاقتصاد العالمي، والصور والمقترحات التي يقدمها شديدة التعميم ومبهمة وكاريكاتورية. ومع ذلك فإن منطق تسلسله في مواصلة ومتابعة ذلك الخط الاستدلالي الذي بدأه في مستهل الكتاب، قد تواصل حتى النهاية من دون أن يواجه أدنى نقص محتمل. وفي معيار تقييم المصادر المعتمدة في الكتاب نجد الواقع العلمي ضعيفاً من هذه الناحية. وفي الفصول السابقة لم يعمد فريد زكريا إلى الاستفادة الكافية والمقنعة من المؤلفين والكتَّاب ـ من أمثال: كينيث نيل والتز، ولاين ـ من الذين تناولوا بحث أفول وتوازن القوة الأميركية بالنسبة إلى سائر الخصوم. وفي الحقيقة فإن هذا الكتاب يفتقر إلى الإحالات الكافية إلى المصادر النظرية الهامة في حقل العلاقات الدولية في دائرة النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. إن الكاتب بسبب ما يتحلى به من الأسلوب الصحفي والتقريري، يغفل عن أهمية الإحالات النظرية، وقد صبّ في قدر الأبحاث النظرية للكتاب مزيداً من الآراء الشخصية.

في قسم الكتب، استفاد فريد زكريا من مصادر كبار المؤلفين في العلاقات الدولية، من أمثال هنتنغتون وفيرغوسن، إلا أن عدد هذه الإحالات بالنظر إلى حجم الكتاب قليل جداً. وفي قسم المقالات استفاد كثيراً من أعمال كبار المفكرين من أمثال: منزس وليندز، إلا أن هذا القسم بدوره مثل فصول الاستفادة من الكتب، يعاني من نقص وضعف في الاستفادة الكافية من المصادر المعتبرة أيضاً. وفي قسم الإحصاءات نجد الكثير من مدعياته  مفتقرة إلى المصادر المناسبة. من ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنه عمد في الصفحة رقم 121 إلى تقديم بعض الاحصاءات الاقتصادية من دون ذكر مصادرها[75]. إن بعض مدعيات زكريا تفتقر إلى المصدر وتعوزها الأمانة العلمية في تصنيف النصوص العلمية والجامعية. ففي بعض مدعياته التي قدمها على شكل إحصائيات تجاهل ذكر مصادره ومستنداته في هذا الشأن. من ذلك ـ مثلاً ـ أن المدعيات الإحصائية المذكورة في الصفحة رقم 100 و113 تفتقر إلى المصادر والإحالات. وعند طبع الكتاب تم إدراج المصادر في نهايته على شكل كل فصل على حدة، ومن هذه الناحية يمكن توجيه نقد آخر في خصوص الإحالات؛ حيث كان من الأفضل أن يؤتى على ذكر مصادر كل فصل في نهايته، أو على شكل هوامش في أسفل كل صفحة تسهيلاً على القارئ في الوصول السريع إلى مصدر المعلومة. وبسبب الضعف في الإحالة إلى المصادر والافتقار إلى المقترحات المناسبة إلى القارئ في إطار المزيد من البحث، فإن هذا الأثر العلمي قبل أن يحتوي على صبغة علمية وتحقيقية من الطراز العالمي الرفيع، يمكن اعتباره بوصفه مصدراً مناسباً للمزيد من التعرف على آراء المفكرين الأميركيين بشأن تحولات ما بعد الحرب الباردة، والاستفادة منه بوصفه نصاً إعلامياً / دعائياً.

إن نقطة الاستدلال الأساسية في هذا الكتاب تكمن في تقدّم سائر القوى غير الغربية في البُعد الاقتصادي على الولايات المتحدة الأميركية[76]. وقد تمّ إثبات هذا الأمر الهام بواسطة البحث حول المصادر ودوافع هذه القوى والإحصاءات الاقتصادية في العقد الأخير. إن كيفية التحليل بسبب ضعف الاستفادة من المصادر العلمية والتكرار المفرط للأبحاث على شكل إحصائي يشتمل على بعض النواقص ونقاط الضعف. كان من الممكن أن يتم بيان وبحث توجهات السياسة الخارجية الصينية والهندية بتفصيل أكبر بالالتفات إلى التحولات التاريخية لهذين البلدين في مرحلة ما بعد الحرب الباردة التي أدت إلى نهضتهما. والواقع أن مؤلف الكتاب لم يعمل على نقد آراء الآخرين، وإنما اكتفى بمجرد إثبات مدعياته. وفي ما يتعلق بمسألة التحقيق، فإنه بسبب إحاطته بالمسائل السياسة العالمية بوصفه صحفياً وكاتب عمود في المجلات والصحف، يمتلك قدرات علمية ملحوظة تخوّله بيان الفضاء المتبلور حديثاً بشكل دقيق. ولكنه يعاني من نقاط ضعف واضحة وخفية في تقييماته النظرية وبيانه النظري الدقيق لتصوراته في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. فزكريا مؤلف يذهب إلى الادعاء بأنه إنما يخوض في مسألة الانبعاثة الاقتصادية لسائر القوى في مواجهة الولايات الأميركية المتحدة فقط، ولكنه في إطار هذا البحث، وبسبب تمسكه وتعلقه بالثقافة والتقاليد الغربية والأميركية، يعمل على نقد وتقييم مواطن ضعف القوى الصاعدة ضمن الأبعاد السياسية والثقافية بالنسبة إلى الحضارة الغربية وبواسطة المعايير الغربية والأميركية. ففي الصفحة رقم 15 من الكتاب تم التعريف بالحركات الإسلامية المخالفة للغرب بأنها حصيلة الآراء الفارغة والمتفرّقة، ويتم تحليلها خطأ باشتمالها على القوة والانسجام[77]. إن هذه المجموعات ـ من وجهة نظر فريد زكريا ـ لا تمتلك هدفاً واحداً. وفي الصفحة رقم 104 يذهب إلى الاعتقاد بأن حكام الصين يخشون من الانتفاضات الداخلية، وهذا التحليل يقوم على المعايير الغربية في فهم الحرية والتفرّد في اتخاذ القرار[78]. هذا في حين أن الصينيين في ثقافتهم الكونفوشيوسية، لا يعرّفون الحرية والتعاون الجمعي بشكل مماثل للتعريف الغربي تماماً. إن الاتجاه الدائر مدار الغرب والقائم على قيَم الليبرالية الديمقراطية والرأسمالية الغربية في البحث عن تقييم الدول في الاقتدار، وما يطلق عليه فريد زكريا عنوان “الانبعاثة”، أمر ملحوظ في جميع استدلالاته. أما القوّة الاقتصادية والتنافس السياسي فيمثلان جوهر استقطاب القوّة في الغرب ومعايير حُسن أو قبح السياسية الخارجية في إطار حضارة الغرب ومعتقدات التموضع عند فريد زكريا.

إلى ذلك، تعدُّ الإبداعية والمعاصرة من الخصائص التي تحظى بمكانة عالية في تقييم نصوص العلوم السياسية والعلاقات الدولية. فعرض انبعاثة سائر القدرات غير الغربية وتوازن القوّة الأميركية لا يُعدّان إبداعاً نظرياً وتحليلياً. في الفصول السابقة تحدثنا عن اتجاهين نظرين في ما يتعلق بالنزعة الواقعية بالنسبة إلى ظهور وسقوط القوى الكبرى، ولذلك لا نرى حاجة إلى تكرارها. وينبغي القل أن زكريا لم يقدم نظرية جديدة في ما يرتبط بالعلاقات الدولية. وعليه، يعود امتياز هذا الكتاب على سائر الآثار العلمية، إلى الأسلوب الممزوج بذكر المصادر والإحصائيات الاقتصادية التي يسوقها المؤلف، ورؤيته الخاصة بشأن تنوّع مصادر القوّة عند القوى العظمى. إن الصراحة المقرونة بالاستفادة المتكررة من الإحصاءات من أجل إثبات مدعياته، يمثلان نموذجين من الإبداع التأليفي الذي قلما نجده في الآثار الخاصة بالعلاقات الدولية التي يكتفي بعضها بذكر التعميمات والأمور الكلية. إن بنية البحث لا تحتوي على إبداع، وهو مثل سائر الأعمال الجامعية يشتمل على مدعيات نظرية وتحليل وتوظيف بعض المعلومات والمعطيات الانتقائية من أجل إثبات المدعيات الأولى. بالالتفات إلى استفادة الكاتب من الإحصائيات الاقتصادية في الإطار الأصلي لاستدلاله، كنا نتوقع أن تكون مصادره الإحصائية من المصادر الأولى لمراكز الإحصاء الوطني والعالمي. ولكننا نجد ـ للأسف الشديد ـ أن المؤلف قد استند إلى المصادر الإحصائية الموجودة في سائر الكتب بشكل ثانوي والإحالة إلى مؤلفي الكتب، وليس إلى مراكز الإحصاء الأصلية الوطنية والعالمية. لقد طبع الكتاب سنة 2008 م، وكانت المصادر المعتمدة قد صدرت ما بين عامي 2002 ـ 2006 للميلاد، ومن هذه الناحية يكون الكاتب قد سعى إلى الاستفادة من المصادر المعاصرة والحديثة الصدور. وهذا يعد من نقاط قوّة هذا الكتاب.

من نافل القول أن الفرضيتين اللتين يروم الكاتب تناولهما على التوالي هما: تفوّق الاقتصاد وعناصر الرأسمالية على القوّة العسكرية في انبعاثة سائر القوى الأخرى والتبادل في بنية القوة العالمية في العقود القادمة. إن كلتا هاتين الفرضيتين قد تمّ ذكرهما في بداية الكتاب بشكل غير مباشر[79]. وفي القسم الثاني عمد فريد زكريا من خلال الاستفادة من استعارة الكأس المترعة إلى بروز العناصر الاقتصادية في بلورة التحولات الموجودة لا في هذا القسم فقط، بل وفي سائر الأقسام الأخرى، من خلال ذكر أمثلة على فرضياته من القدرات البنيوية الاقتصادية للصين والهند. ونشير إلى أن جميع مواضع القسم الثاني من الكتاب زاخرة بالإحصاءات حول النمو الاقتصادي في الهند والصين[80].

لقد تمّ خفض التعاطي بين السياسة والدين في هذا الكتاب إلى الحدّ الأدنى، وتمّ رصد الدين في إطار الثقافة بوصفه أداة في خدمة الاقتصاد والقدرات المادية. والواقع أن هذا النوع من الرؤية منبثق عن الثقافة العلمية العلمانية الغربية التي ترى كل شيء بوصفه وسيلة وأداة للهيمنة والسيطرة الدنيوية. في الفرضيات النظرية للمؤلف نجد بعض العناصر التحليلية من قبيل الهيمنة والسيطرة المادية بوصفها أمراً جيّداً ومطلوباً، وأن النمو الاقتصادي والسياسي بوصفه غاية للأهداف البشرية. في حين أن هذه الموارد تتعارض مع الأصول الدينية والإسلامية التي تعتبر أن غاية الأهداف الإنسانية تكمن في السعادة الأخروية، وتعطي الدور المحوري للمفاهيم الأخلاقية.

إن الأدوات التي تمّت الاستفادة منها لإيصال وبيان الأهداف المنشودة للمؤلف، عبارة عن: الكتب والمقالات والتقارير التي قام بتوظيفها بشكل انتقائي. والانتقادات التي تمّ إيرادها على المصادر التي اعتمدها  ذكرت في قسم نقد المصادر. النقد الآخر هو أنه قد تم تجاهل وتناسي الصور والخرائط والجداول الإحصائية والتفصيلية، رغم اهتمام الكاتب بالجانب الكمي من أبحاثه. فنحن لا نجد في أيّ صفحة أثراً لجدول بياني وإبداع تصويري أو نموذج توضيحي، وهذا يعدّ واحداً من نقاط الضعف الرئيسة في توظيف الأدوات والوسائل العلمية الضرورية. لقد عمد فريد زكريا ـ من أجل البيان الأدق للمسائل مورد البحث في الكتاب ـ إلى الاستفادة من المصطلحات والإبداعات المفهومية لسائر المحققين. إن مصطلح “العالم الحديث” في إطار الفهم الدقيق لرؤية المهاجرين إلى أميركا الشمالية، وبلورته في القسم الثالث، ومصطلح “المجتمع المنسجم” لوصف الروابط الداخلية المختلفة في الصين، ودورها العالمي في النظام الدولي، من بين المفاهيم المستعارة من قبل فريد زكريا. لقد قام بإبداع مفهومي. إنه مفهوم “انبعاثة الآخرين”، الذي يعدّ متناسباً مع ما يسعى إلى بيانه من أجل تقديم صورة أدق عن التماهيات المغيّرة لبنية النظام الدولي المفهومي. أما مفهوم “الواسطه الأمينة” الوارد في الصفحة رقم 241 من الكتاب، فهو مفهوم أبدعه فريد زكريا[81]، ويمثل جواباً عن الغموض الذي تمّ اقتراحه في الدور الجديد لأميركا في عالم ما بعد الولايات المتحدة الأميركية.

في ما يتعلق بحاجة المجتمع الإيراني / الإسلامي بسبب وجود المباني المادية والليبرالية الحاكمة على الكتاب ضمن افتقاره إلى نظرية جديدة في العلاقات الدولية، تتمتع بالحدّ الأدنى من تلبية الحاجات النظرية والعلمية للمجتمع البحثي والتحقيقي الإيراني، نرى أن تقديم صورة عن النظام الدولي من زاوية مفكر جامعي أميركي ونقده لهذه الصورة، من شأنه أن يكون من أهم نقاط قوّة كتاب فريد زكريا للمحققين والجامعيين الإيرانيين. يمكن لهذا الكتاب أن يعمل على توظيف هذا الإدراك ـ من زاوية رؤية مفكر أميركي قائم على كيفية رؤيتهم للعالم ـ على المستوى النظري والتحليلي. إلا أن المباني المنشودة لزكريا تتعارض بشكل جاد مع الأهداف الثورية والإسلامية للقائمين على تأسيس النظام التعليمي في قطرنا. ومن هنا فإن الاستفادة من هذا المصدر يجب أن تكون مقرونة بالاحتياط النظري، وبالنظر إلى المباني الإسلامية.

في تقديم خلاصة عن هذا القسم، نرى أن هذا الكتاب يتمتع بمستوى كيفي جيد للعرض في مكتباتنا من أجل رفع مستوى المعرفة النظرية والمهارات التحليلية للطلاب في حقل العلاقات الدولية والعلوم السياسية. بغض النظر عن نقاط ضعف الكتاب في مختلف الأبعاد التي تمّ بيانها في السطور المتقدمة بشكل تفصيلي، إلا أنه يشتمل على قيمة كبيرة في ما يتعلق بالتعرّف على مسائل عالم ما بعد الحرب الباردة والتحولات الاقتصادية المتسارعة.

د ـ النقد والتحليل الأسلوبي

في العلوم الإنسانية ـ وفي العلوم السياسية على وجه التحديد ـ ثلاثة أنواع من العلوم، هي:

1 ـ العلم الأمبريالي والتكنولوجي الناظر إلى السيطرة الذرائعية على المحيط.

2 ـ العلم التأويلي أو التفسير التاريخي والثقافي المرتبط بالحاجة إلى الفهم والتعاون الموضوعي المتبادل.

3 ـ التحليل الديالكتيكي / الانتقادي المرتبط بالرغبة إلى التحرر والخلاص.

إن النوع الثالث من العلوم الناظر إلى الخلاص[82]، قد ذهب المؤلف إلى اعتباره من علوم النوع الأول. ويعدّ فريد زكريا من النخب الذرائعية في المجتمع الجامعي والإعلامي في الولايات المتحدة الأميركية، وهو مثل الكثير من النخب المؤثرة في السياسة الخارجية الأميركية، من أمثال: هنتنغتون، وجورج كينان[83]، وجوزيف صموئيل ناي، وكينيث نيل والتز، يحمل هاجس أفول الولايات المتحدة الأميركية، والتحديات الماثلة أمام السياسة الخارجية لهذا البلد، وأخذ ذلك بوصفه هاجساً دائماً. نقطة تركيز زكريا تتمثل في بقاء سلطة الولايات المتحدة الأميركية على مستوى العالم، والتقليل من احتمالات أفولها. ولتحقيق هذا الأمر الهام عمل في البداية ـ عبر الاستفادة من الأسلوب التحقيقي التركيبي الشامل للأسلوب الكمي والتفسيري ـ على تقديم صورة عن الوضع القائم، ثم عمد بعد ذلك إلى الاستفادة من الاتجاه القياسي والاستقرائي بشكل منفصل في مختلف أقسام الكتاب ضمن إثبات مدعياته، وتقديمها كوصفة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية للنخب من صنّاع القرار الأميركي. إن مبادرته إلى توظيف مختلف الأساليب يعتبر من بين نقاط قوّة كتابه. فالاستقراء أسلوب يعمل على توظيفه من خلال تقديم الإحصاءات الكميّة والاستنتاج منها من أجل تشكيل صور مختلفة من مراحل ما قبل الحرب الباردة في أكثر سطور الكتاب وبشكل خاص في القسم الثاني والقسم الثالث[84]. والقياس أسلوب آخر يعمل على توظيفه في إطار المقارنة بين واقع الأمبراطورية الأميركية ووضع الأمبراطورية البريطانية، وتشابههما في الحروب العسكرية مع القوى الصغيرة التي أدت إلى أفولهما[85].

حريٌّ القول أن هذه الجهود التي قام بها فريد زكريا واجهت نقداً جاداً من قبل امتياز باهاتي[86]. فهو يذهب ـ ضمن إشارته إلى اضطراب الأسلوب المعرفي والصور الناقصة والغامضة التي يقدمها عن بنية النظام العالمي ـ إلى الاعتقاد بأن زكريا قد أخفق في عرض صورة دقيقة عن مسائل السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، في ما يتعلق بالتورط الأميركي في العراق، حيث لا نجد لديه ما يقوله في هذا الشأن. ثم يواصل باهاتي نقده من خلال الإشارة إلى الأحداث التاريخية في الكتاب، ويقول: إنه لم يقدم بحثاً بشأن الأخطاء الأميركية السابقة، وإن الحلول التي يقدمها إلى السياسة الخارجية لدولة عظمى ـ على مستوى الولايات الأميركية المتحدة ـ في طريقها إلى الأفول، لا تحظى بضمانة تنفيذية[87].

ـ النتيجة

لقد كان فريد زكريا في كتابه “عالم ما بعد أميركا”، يسعى إلى تقديم صورة سياسية / اقتصادية عن تحولات ما بعد الحرب الباردة، ليعمل في ظل ذلك ـ ضمن بيان الوضع القائم ـ على تقديم مقترحات تطبيقية ومقارنة إلى النخب العاملة في حقل السياسة الخارجية للولايات الأميركية المتحدة. إن ظهور القوى الشرقية في الصين والهند على مستوى الاقتصاد العالمي، وكذلك البرازيل في أميركا اللاتينية، قد أدى إلى تغيير بنية القوى الدولية. لقد تمكنت الصين ـ من خلال هدايتها الحكومية للاقتصاد الداخلي، وسيطرة الحزب الشيوعي على التنمية الاقتصادية المتوالية على مدى العقود الأخيرة ـ من خطف قصب السبق من الكثير من الخصوم الشرقيين، وهي بالإضافة إلى ذلك تسعى إلى التنافس مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية. وإلى جانب الصين، اهتمت الهند ـ من خلال قطاعها الخاص الفعال والمقتدر ـ بالإضافة إلى توظيفها للتقليد والتراث العملاني الهندي في السياسة الخارجية ـ مثل الصين ـ بالتنمية والازدهار على مستوى النظام العالمي. في هذا السياق، يرى فريد زكريا أن طريقة الحل في مواجهة الظروف والشرائط المعقدة القائمة، تكمن في التعددية والوساطة الأميركية في الأزمات الإقليمية والدولية الهامة، في إطار الحيلولة دون المزيد من الأفول الأميركي. وهو يذهب في السطور الأخيرة من هذا المقال إلى الاعتقاد بأن الكتب والمصادر العلمية المكتوبة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية من أجل تأميم علم العلاقات الدولية نافعة وبناءة في داخل القطر. وذلك أولاً: لأن قراءة هذا النوع من الكتب إذ يرفع من مستوى المعلومات والقابليات التحليلية لدى الباحثين في الداخل، يعد تدريباً وتمريناً جيداً على مزاولة التنظير والتأليف في حقل العلاقات الدولية، في ضوء الاستفادة من مباني وأسس الثورة الإسلامية. وهو ما نجح زكريا في القيام به من خلال الاستفادة من العلم الغربي العلماني في كتابه الراهن والسابق. وثانياً: لأن نقد هذا النوع من الكتب في ظل الاستفادة من أصول التفكير الإسلامي والثوري يساعد على تدقيق وصقل المباني النظرية لعلم العلاقات الدولية الإيرانية / الإسلامية.

المصادر:

زكريا، فريد، جهان بسا ـ آمريكايي (العالم ما بعد الولايات المتحدة الأميركية)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أحمد عزيزي، ص 4، نشر هرمس، ط 2، طهران، 1393 هـ ش.»صدرت ترجمته بالعربية: بسام شيحا بعنوان «عالم ما بعد أميرکا»، نشره الدار العربية للعلوم. 

كينيدي، بول، پيدايش وفروپاشي قدرتهاي بزرگ (نشوء وسقوط القوى العظمى)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الرضا غفراني، انتشارات اطلاعات، طهران، 1370 هـ ش.

مشيرزاده، حميرا، تحول در نظريه هاي روابط بين الملل (التحول في النظريات الخاصة بالعلاقات الدولية)، ص 131، نشر سمت، الطبعة السابعة، طهران، 1391 هـ ش. (مصدر فارسي).

منوتشهري، عباس وآخرون، رهيافت وروش در علوم سياسي (المدخل والأسلوب في العلوم السياسية)، ص 27، سمت، طهران، 1387 هـ ش. (مصدر فارسي).

Amsden, Alice. 2001. The Rice of the Rest: Challenges to the West from late Industrializing Economies, Oxford University Press.

Bahatti, Imtiaz. 2009. The Post American World (Book Review), Policy Perspectives, Volume 16, Spring.

Barlow, Jeffrey. 2009. The Post American World (Review), The Journal of Education Community and Values, Vol. 8.

Books, SG and Wholforth, WC. 2002. America Primacy In Perspective, Foreign Affairs 81 (4).

Books, SG and Wholforth, WC. 2008. World Out of Balance: International Relations and The Challenge of American Primacy, Princeton, NJ: Princeton University Press.

How to Restore the American Dream, 2010, http://fareedzakaria.com/2010/10/21.

Layne, Christopher, 2010. This Time It Is Real: The End of Unipolarity and the Pax American, International Studies Quarterly, Vol. 56. P. 204.

Layne, Christopher, 2012. This Time It Is Real: The End of Unipolarity and the Pax American, International Studies Quarterly, Vol. 56. P. 203.

Legro, Jeffrey and Moravesik, Andrew 1999, Is Anybody Still A Realist?, International Security, Vol. 24, No. 2, F11. 

Maher, Richard. The Paradox of American Unipolarity: Why the United States May Be Better off In A Post – Unipolar World, Orbits. 2011.

Nye, JS. 2002. The Paradox of American Power: Why The World Only Superpower Can not Go Alone, New York: Oxford University Press.

shale gas,2012,http://www.washingtonpost.com

Waltz, KN. 1993. The Emerging Structure of International Politics, International Security, 18 (2); Layne, C. 1993. The Unipolar Illusion: Why New Great Powers Will Rise: International Security, 17 (4).

Wholforth, WC. 2002. U.S Strategy In A Unipola World, In America University. Cornell University Press;  and Wholforth, WC. 1999. The Stability of A Unipolarity World, International Security, 24 (1).

----------------------------------


[1]- The American Encounter, 1998.

[2] - From Wealth to Power, 1999.

[3] - Future of Freedom, 2003.

[4] - American World, 2008.

[5] - In Defense of a Liberal Education, 2015.

[6]. صدرت ترجمة الكتاب أيضاً، باللغة الفارسية للمرّة الأولى من قبل الأستاذ أحمد عزيزي سنة 1393 هـ ش، في 275 صفحة بالفصول نفسها.

-تعريب: حسن علي مطر الهاشمي

[7]- Barlow, Jeffrey. 2009. The Post American World (Review), The Journal of Education Community and Values, Vol. 8.

[8] - Bahatti, Imtiaz. 2009. The Post American World (Book Review), Policy Perspectives, Volume 16, Spring.

[9]- أنظر: زكريا، فريد، جهان بسا ـ آمريكايي (العالم ما بعد الولايات المتحدة الأميركية)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أحمد عزيزي، ص 4، نشر هرمس، ط 2، طهران، 1393 هـ ش.

[10]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 13 ـ 16.

[11]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 27.

[12]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 40.

[13]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 119.

[14]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 41.

[15]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 211.

[16]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 237.

[17]- أوتو إدوارد فون بسمارك (1815 ـ 1898): رجل دولة وسياسي بروسي / ألماني. شغل منصب رئيس وزراء مملكة بروسيا بين عامي 1862 ـ 1890 م، وأشرف على توحيد الولايات الألمانية وتأسيس الإمبراطورية الألمانية أو ما يسمى بـ (الرايخ الثاني). وبسبب دوره الهام خلال مستشاريته للرايخ الألماني فقد أثرت أفكاره على السياسة الداخلية والخارجية لألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر للميلاد، وعرف لذلك بلقب (المستشار الحديدي). المعرّب.

[18]- Honest Broker.

[19]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 242.

[20]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 243 ـ 259.

[21]. Domestic

[22]- Legro, Jeffrey and Moravesik, Andrew 1999, Is Anybody Still A Realist?, International Security, Vol. 24, No. 2, F11. P. 24.

[23]- Schweller.

[24]- Stephen Walt.

[25] - Balance of Threat.

[26]- Wohlforth.

[27] - Perception of Power.

[28] - Raw Power.

[29]- أنظر: مشيرزاده، حميرا، تحول در نظريه هاي روابط بين الملل (التحول في النظريات الخاصة بالعلاقات الدولية)، ص 131، نشر سمت، الطبعة السابعة، طهران، 1391 هـ ش. (مصدر فارسي).

[30]- shale gas,2012,http://www.washingtonpost.com

[31] - Legro, Jeffrey and Moravesik, Andrew 1999, Is Anybody Still A Realist?, International Security, Vol. 24, No. 2, F11. P. 29.

[32]- How to Restore the American Dream, 2010, http://fareedzakaria.com/2010/10/21.

[33]- وليام ماكنيل (1917 ـ 2016 م): كاتب ومؤرّخ عالمي أميركي / كندي من أصل إسكتلندي. درس في جامعة كورنيل متخصص بالحضارة الغربية. المعرّب.

[34]- إدوارد جيبون (1737 ـ 1794 م): مؤرّخ إنكليزي. صاحب كتاب (اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها) الذي يعدّ من أهم وأعظم المراجع في موضوعه. أثار جيبون جدلاً فلسفياً لا يزال قائماً حتى اليوم؛ إذ يرجع سقوط روما إلى هجمات البرابرة وتفشي المسيحية، ويرجع أسباب انتصار المسيحية وغلبة قيَمها إلى أسباب نفسية وفلسفية. وقد تعدّى نفوره من المسيحية إلى نفوره من الديانة اليهودية حتى اتهمه البعض بمعاداة السامية، ومن مقولاته الشهيرة عن اليهود: (البشر مخدوعون بالرواية الفظيعة بأن اليهود ملتزمون). المعرّب.

[35]- أوسفالد أرنولد غوتفريد شبينغلر (1880 ـ 1936): مؤرّخ وفيلسوف ألماني. شملت اهتماماته الرياضيات والعلم والفن أيضاً. يُعرف بكتابه (انحدار الغرب) الذي ترجم إلى العربية بعنوان: (تدهور الحضارة الغربية). وقدم نظرية جعل فيها عمر الحضارات محدوداً وأن مصيرها إلى الأفول، وربما تأثر في ذلك بنظرية ابن خلدون. المعرّب.

[36]- بول كينيدي (1945 ـ ؟ م): جيوسياسي وأستاذ جامعي ومؤرخ بريطاني. عضو في الأكاديمية البريطانية والأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم. وهو مؤلف كتاب: (نشوء وسقوط القوى العظمى)، الذي توقع فيه انحسار الإمبراطورية الأميركية بحلول عام 2010 م. المعرّب.

[37]- صاموئيل فيليبس هنتنغتون (1927 ـ 2008 م): عالم وسياسي ومفكر أميركي محافظ. تصفه جامعة هارفارد ـ التي عمل فيها على مدى 58 عاماً ـ بأنه معلم جيل من العلماء في مجالات متباينة على نطاق واسع، وأحد أكثر العلماء تأثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين للميلاد. وأكثر ما عرف به على الصعيد العالمي كتاب (صراع الحضارات)، والذي قال فيه إن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلافات أيديولوجية بين الدول القومية، بل بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم. المعرّب.

[38]- أبرامو فيمو كينيث أورجانسكي (1923 ـ 1998 م): مفكر أميركي أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميشيغان. صاحب نظرية تحوّل القوة (Power transition theory) والتي قدّم فيها تصوّراً علمياً وواقعياً شارحاً الآلية التي يتغيّر وفقها النظام الدولي، حيث قسّم الدول إلى ثلاثة أنواع: في قمّة الهرم دول قانعة بمكانتها. وفي المستوى الثاني دول قانعة موقتاً وغير قانعة بعد حين. وفي المستوى الثالث دول متوسطة وضعيفة تتأثر بالمستويين السابقين. وقد تمثلت الفكرة العميقة لهذه النظرية في أن التغيير يحصل مع وجود طفرة اقتصادية ناتجة من نمو اقتصادي كبير يسهم في زيادة قوة إحدى الدول في النسق الثاني لتصبح غير قانعة بمكانتها وتسعى إلى الوصول إلى قمة الهرم. ويتمثل التطبيق الإجرائي لنظرية أورجانسكي بتجربة الصين الاقتصادية والطفرة المحدثة رغم الأزمة الاقتصادية العالمية. المعرّب، نقلاً عن مقال: (هل أضحت الصين قانعة بموقعها في النظام الدولي)، بقلم: حمزة مصطفى المصطفى.

[39]. Internal Factors.

[40]- أنظر: كينيدي، بول، پيدايش وفروپاشي قدرتهاي بزرگ (نشوء وسقوط القوى العظمى)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الرضا غفراني، انتشارات اطلاعات، طهران، 1370 هـ ش.

[41]- Alice Amsden.

[42]-Amsden, Alice. 2001. The Rice of the Rest: Challenges to the West from late Industrializing Economies, Oxford University Press.

[43]- Layne, Christopher, 2010. This Time It Is Real: The End of Unipolarity and the Pax American, International Studies Quarterly, Vol. 56. P. 204.

[44]- Kenneth Neal Waltz

[45]- كينيث نيل والتز (1924 ـ 2013 م): مفكر أميركي أستاذ العلوم السياسية. عضو الهيئة العلمية في جامعة بريكلي وجامعة كولمبيا. وكان من أبرز المحققين في حقل العلاقات الدولية. وهو مؤسس الواقعية البنيوية في العلاقات الدولية، وقد ذكر في رسالته أن انتشار أسلحة الدمار الشامل من شأنه أن يزيد من فرص بسط السلام في العالم. المعرّب.

[46]- Layne Christopher

[47]- كريستوفر لاين (1949 ـ ؟ م): كاتب وعالم في حقل السياسة من الولايات الأميركية المتحدة. المعرّب.

[48]- Waltz, KN. 1993. The Emerging Structure of International Politics, International Security, 18 (2); Layne, C. 1993. The Unipolar Illusion: Why New Great Powers Will Rise: International Security, 17 (4).

[49]- Layne, Christopher, 2012. This Time It Is Real: The End of Unipolarity and the Pax American, International Studies Quarterly, Vol. 56. P. 203.

[50]- Richard Maher

[51]- Murdens.

[52] - Suseceptibilities.

[53]- Raw Power.

[54] - Pereferences.

[55]- Post – Unipolar.

[56]- Maher, Richard. The Paradox of American Unipolarity: Why the United States May Be Better off In A Post – Unipolar World, Orbits. 2011. P. 55.

[57]- Stable Political Order.

[58]- Deterence and Power Balancing.

[59]- Maher, Richard. The Paradox of American Unipolarity: Why the United States May Be Better off In A Post – Unipolar World, Orbits. 2011. P. 67.

[60]- وليام سي. وولفورث (1959 ـ ؟ م): مؤلف كتاب (استقرار عالم القطب الواحد)، والذي رأى فيه أن انهيار الشيوعي قد أحدث تغيّراً كبيراً في العلاقات السياسية التي استقرت بين القوى العالمية منذ الحرب العالمية الثانية؛ فقد زالت ـ بسقوط موسكو ـ القطبية الثنائية التي ظلت تشكل السياسات الأمنية للقوى العظمى على مدى نصف قرن من الزمن، وأضحت الولايات المتحدة الأميركية تتمتع بهامش تفوّق على أقوى الدول التالية لها. المعرّب.

[61]- Wholforth, WC. 2002. U.S Strategy In A Unipola World, In America University. CornellUniversity Press;  and Wholforth,WC. 1999. The Stability of A Unipolarity World, International Security, 24 (1).

[62]- Books.

[63] - Benevolent.

[64] - Books, SG and Wholforth, WC. 2002. America Primacy In Perspective, Foreign Affairs 81 (4).

[65]- Books, SG and Wholforth, WC. 2008. World Out of Balance:International Relations and The Challenge of American Primacy, Princeton, NJ: Princeton University Press.

[66]- جوزيف صموئيل ناي (الابن) (1937 ـ ؟ م): مفكر أميركي. أستاذ العلوم السياسية من الحزب الديمقراطي، وعميد سابق لمدرسة جون كينيدي الحكومية في جامعة هارفارد. أسس بالاشتراك مع روبرت كوهين مركز الدراسات الليبرالية الجديدة في العلاقات الدولية. وتولى مناصب رسمية عدة منها: مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة بيل كلنتون، ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني. اشتهر بابتكاره مصطلحي: (القوة الناعمة)، و(القوّة الذكية)، وشكلت مؤلفاته مصدراً رئيساً لتطوير السياسة الخارجية الأميركية في عهد باراك أوباما. من مؤلفاته: (مستقبل القوة)، و(القوة الناعمة)، و(فهم النزاع الدولي)، و(قوة القيادة)، و(وثبة نحو القيادة: الطبيعة المتغيّرة للقوة الأميركية). المعرّب.

[67] - Nye, JS. 2002. The Paradox of American Power: Why The World Only Superpower Can not Go Alone, New York: Oxford University Press.

[68]- أنظر: زكريا، فريد، جهان بسا ـ آمريكايي (العالم ما بعد الولايات المتحدة الأميركية)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أحمد عزيزي،
ص 7، 1393 هـ ش.

[69]- باللغة الفارسية.

[70]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 7.

[71]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 10 ـ 50.

[72]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 61 ـ 78.

[73]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 96 ـ 159.

[74]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 186 ـ 250.

[75]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 121.

[76]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 18 ـ 21.

[77]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 15.

[78]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 104.

[79]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 3 ـ 7.

[80]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 12 ـ 55.

[81]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 241.

[82]- أنظر: منوتشهري، عباس وآخرون، رهيافت وروش در علوم سياسي (المدخل والأسلوب في العلوم السياسية)، ص 27، سمت، طهران، 1387 هـ ش. (مصدر فارسي).

[83]- جورج فورست كينان (1904 ـ 2005 م): سياسي ودبلوماسي أميركي. عضو في قسم الشؤون الخارجية للولايات المتحدة الأميركية على مدى سنوات طويلة؛ حيث عمل كمخطط للسياسات الخارجية في أواخر الأربعينات والخمسينات. يعتبر مهندس الحرب الباردة بدعوته إلى احتواء الاتحاد السوفياتي. من مؤلفاته: (الواقعية في سياسة أميركا الخارجية)، و(روسيا تترك الحرب)، و(صور من الحياة). المعرّب.

[84]- أنظر: زكريا، فريد، جهان بسا ـ آمريكايي (العالم ما بعد الولايات المتحدة الأميركية)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أحمد عزيزي، ص 23 ـ 75.

[85]- أنظر: المصدر أعلاه، ص 177 ـ 180.

[86]- ImtiazBahatti.

[87]- Bahatti, Imtiaz. 2009. The Post American World (Book Review), Policy Perspectives, Volume 16, Spring. P. 117 – 121.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف