البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

May / 16 / 2020  |  1527صورة الآخر الغربي في فكر محمد إقبال، الوصل الوطيد بين الحداثة والهيمنة الكولونيالية

أحمد محمد سالم المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية خريف 2019 م / 1441 هـ
صورة الآخر الغربي في فكر محمد إقبال، الوصل الوطيد بين الحداثة والهيمنة الكولونيالية

مرَّت صورة الغرب في منظار المفكر محمد إقبال بمراحل عدة قبل أن تتظهَّر وتأخذ شكل النقد الحاد للآخر الغربي. في البدء، تأثر إقبال بالحضارة السائدة في أوروبا حيث عاش ردحاً من سني عمره ونال شهادتَيْ دكتوراه، وخَبِر نُظم الحياة الغربية وتطوُّر العلوم والآداب والفلسفة فيها، حتى أنه لشدة إعجابه بما رأى راح يدعو المسلمين إلى النهل من معينها. بيد أنه، من معايشته المديدة للمجتمع الغربي، توصل إلى اقتناع بأن هذا الآخر إن هو إلا مستعمِر، وأن تطوُّر الغرب العلمي والمعرفي قد انتقل من كونه نموذجاً للعلم والمعرفة يُحتذى به إلى كونه تاجراً استعمارياً”.

في هذا البحث دخول إلى عالم محمد إقبال في نظرته إلى الآخر الغربي، ومتاخمة لآرائه النقدية حول المباني الأساسية لحضارة الحداثة والعيوب البنيوية التي تعتريها. 

المحرِّر


حملت أعمال محمد إقبال نقداً واضحاً للآثار السلبية للموروث اليوناني والتراث الفارسي القديمين على روح الفكر الإسلامي، وهذا ما دعاه إلى نقد تلك الآثار السلبية، بدءاً من تأسيساتها الأولى.

الواقع أن نقد الفلسفة اليونانية وأثرها كان حاضراً وبقوة في تجديد إقبال للفكر الديني، فمع  بيانه للطاقة الإيجابية لهذه الفلسفة وأثرها في توسيع النظر العقلي في المدارس الفكرية والفقهية الإسلامية، يقول: “على الرغم من أنها وسَّعت آفاق النظر العقلي عند مفكِّري الإسلام، فقد غشت على أبصارهم في فهم القرآن”[1]. من وجهة نظره، إن أثرها السلبي في الحضارة الإسلامية يعود إلى مغايرة روح الحضارة الإسلامية لروحها، ورغم تأثر المسلمين بها في قراءتهم للقرآن، “فقد مضى أكثر من قرنين بعد نقل هذه الفلسفة قبل أن يتبيَّن المسلمون أن روح القرآن تتعارض في جوهرها مع النظرات الفلسفية القديمة”[2].

وفي سياق إيضاح مقصده يرى إقبال أن الفلسفة اليونانية تميل إلى التجرُّد والتأمل النظري في حين تميل روح القرآن إلى الانطلاق من العيني ومن المحسوس للوصول إلى الله. ولما كانت آراؤها  تتعارض مع الروح الإسلامية وروح القرآن، نجده يحذِّر من آراء أفلاطون، فيقول:” لما كان هذا المسلك يتعارض مع تعاليم الإسلام لذا وجب الاحتراز من أفكاره”[3].

يتبيَّن لنا مما سلف أن ثمة إلحاحاً شديداً من جانب إقبال على بيان مغايرة روح الإسلام الواقعية مقابل روح الفلسفة اليونانية النظرية، مؤكداً أن إخفاق المسلمين في قراءة القرآن في ضوء هذه الفلسفة جاء نتيجة “أن روح القرآن تتجلى فيها النظرة الواقعية على حين امتازت الفلسفة اليونانية بالتفكير النظري المجرد، وإغفال الواقع المحسوس”[4]. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كان من الممكن ألا تتأثر قراءة الوحي الإسلامي بعيداً عن موروثات الأمم السابقة؟ ألا تتأثر صور الاعتقاد بالبيئات والثقافات التي انتشر فيها الإسلام؟

حين فتحت الحضارة الاسلامية بلداناً، وسيطرت على أمم وممالك، لم يكن من الممكن أن تفرض نفسها عليها بصورة واحدة، ولم يكن من الممكن أن تتخلص تلك الأمم والشعوب من مواريثها السابقة حين اعتقدت بالإسلام. ورغم التأثير الكبير للمنطق اليوناني في صياغة آليات علم أصول الفقه، وخصوصاً لدى أبي حامد الغزالي (توفي 505هـ) في كتابيه (المستصفى) و(معيار العلم) وغيرهما من أعماله، وتأثيره في اجتهادات الإمام ابن حزم الظاهري (توفي456هـ) في اصطناعه القياس البرهاني بديلاً من القياس الأصولي، ومدى قدرة الحضارة الإسلامية على تمثُّل المنطق الأرسطي كآلة للتفكير، رغم ذلك نجد إقبال ينتقد قبول هذا المنطق والتأثُّر به، ويعلي من شأن التيار الفكري الذي برز في الحضارة الإسلامية، وينتقد سيادة المنطق اليوناني في بعض العلوم الإسلامية. فهو يرى أن رفض المنطق اليوناني هو امتداد لنقض الفلسفة اليونانية، وذلك ظهر بوضوح عند ابن تيمية وشهاب الدين السهروردي (توفي632هـ)، وغيرهما من الذين يرتكزون في نقدهم على مغايرة روح الإسلام والقرآن لطبيعة الفلسفة اليونانية.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: ماذا كان يبغي إقبال من نقده للفلسفة اليونانية ؟

يجيب إقبال بنفسه: “أود أن أستأصل تلك الفكرة الخاطئة التي تزعم أن الفكر اليوناني شكَّل طبيعة ثقافة الإسلام”[5]. ولا شك في أن هذه الفكرة التي يسعى إلى استئصالها هي جوهر الفكرة الاستشراقية التي تبحث عن جذور يونانية وفارسية وهندية للثقافة الإسلامية حتى تمحو عنها خصوصيتها وابتكاريتها.

وإذا تساءلنا عن حدود رؤية إقبال للفلسفة اليونانية في ضوء موقف المدرسة الإصلاحية، نرى أن هناك أعلاماً لهذه المدرسة يقفون على الأرضية نفسها. في هذا السياق، يقول محمد فريد وجدي (1878-1954):”اشتغلت الفلسفة اليونانية قبل كل شيء كأساس لبنائها بمسألة الوجود المحسوس، وعلة نشوئه، وبمسألة الكائنات وحدوثها، وبمسألة الروح ومصادرها، وبمسألة الإنسانية وآدابها، وكان اعتمادها في كل هذا على الفكر والتأمل، ناهيك بقصورها في عهد الطفولة البشرية، ودائرة المجاهل الكونية، فجاءت الفلسفة مناسبة لهذه الحالة من القصور، ولهذا يكون الاشتغال بها من ناحيتها النظرية، وخصوصاً في دور طفولتها إضاعة للوقت، وصرف الجهود في ما لا يفيد” [6]. وكان الإمام النورسي (1877-1960) يقول: “الفلسفة اليونانية خيرها قليل، وذلك لأنها كانت ملتصقة بالأساطير والخرافات والنزعات الوثنية” [7].

وعلى الرغم من نظرة بعض أعلام الفكر الإصلاحي في تأثير الفلسفة اليونانية في الثقافة الإسلامية يشكل حالة من الانفتاح تحسب لروح الإسلام، فإن أعلاماً آخرين من مدرسة الإصلاح يرون ضرورة بيان الأثر السلبي لهذه الفلسفة على تجميد العقيدة الإسلامية في قوالب عقلية جافة، وافتقاد الدين للروح الحيوية والفاعلية الشعورية بسبب فلسفة العقيدة الإسلامية.

* نقد حداثة الغرب

1- الغرب / المعلِّم:

تمثَّل حضور الغرب في خطاب الإصلاح الديني بصور متعددة ومتباينة، ولعل أهمها النظر إليه على أنه المعلِّم الذي ينبغي النقل عنه، والتعلُّم منه لأنه في صدارة المشهد الحضاري. وكان رواد حركة الإصلاح الديني ينادون بضرورة نقل العلوم والمعاني على الغرب، فيرى أحمد خان (1817-1898) أنه “يجب علينا أن نشارك الأمم الغربية في معارفهم، وأن نزاحمهم في مساعيهم بالمناكب والأقدام في كل خطوة يخطونها لكسب العلم أو اختراع عمل، ولا منفذ لنا من براثن الفقر، ومخالب الجهل إلا اقتطاف علومهم، وإدخال مدنيَّتهم، ليكون هناك شيء من التكافؤ بيننا وبينهم”[8].  يضيف:”الذين يريدون إصلاح الهند الحقيقي يجب أن يجعلوا نصب أعينهم نقل العلوم والفنون والآداب الأوروبية إلى لغة البلاد الأصلية “.[9]

بدوره طالب رفاعة الطهطاوي (1801-1873) بنقل العلوم والمعارف الحديثة عن الغرب، فقال:” فالبلاد الإسلامية قد برعت في العلوم الشرعية والعمل بها، وفي العلوم العقلية، وأهملت العلوم الحكمية بجملتها، فلذلك احتاجت إلى البلاد الغربية في كسب ما لا تعرفه” [10].  وكان خير الدين التونسي (1822-1890) يقول:”إن التمدُّن الأورباوي تدفَّق سيله في الأرض فلا يعارضه شيء إلا استأصله قوة تياره المتتابع، فيخشى على الممالك المجاورة لأوروبا من ذلك التيار إلا إذا حذوا حذوَه، وجروا مجراه في التنظيمات الدنيوية فيكن نجاتهم من الغرب”[11].

بالمقابل، نجد من بين أعلام الحركة الإصلاحية الدينية في جانبها المتشدِّد من يرى استحالة التقاء الإسلام مع الحضارة الغربية، فيقول أبو الأعلى المودودي (1903-1979) عن الحضارات الغربية أنها “ حضارة لا دينية بحتة، لا مجال فيها لمخافة إله من السماء عليم قدير، فكأن الإسلام والحضارة الغربية سفينتان تجريان في جهتين متعاكستين، فمن ركب إحداها هجر الأخرى، ولابد، ومن أبى إلا أن يركبهما في الوقت الواحد فاتتاه معاً، وانشقَّ بينهما نصفين” [12].

 في ضوء ذلك نتساءل: ما موقف محمد إقبال من الغرب المعلِّم؟ هل هو موقف واحد أم أن له مستويات متعددة؟

ذهب إقبال إلى الغرب للحصول على درجة الدكتوراه في القانون في 25 سبتمبر 1905 - بناء على مساعدة من أستاذه توماس أرنولد - وذلك من جامعة “كمبريدج” في لندن، حيث مكث حتى 27 تموز/يوليو عام 1908. وكان في تشرين الثاني/نوفمبر1907 قد تقدم أيضاً للحصول على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ميونيخ بألمانيا، وتم استثناؤه من شرط إجادة الألمانية وكتابة أطروحتة بهذه اللغة، فكتبها بالإنكليزية وكان موضوعها (الفكر الفلسفي في إيران)، وفي تلك الفترة أتيح له الاطِّلاع على الثقافة الغربية من منابعها الأصلية.

نلمح في كتب إقبال وشعره بُعداً تبريرياً لمسألة مشروعية التعلُّم من الآخر الغربي من منطلق أن النهضة الأوروبية لم تبن إلا من خلال استيعابها للعلوم والمعارف الإسلامية، وبالتالي”فإن المبادئ السامية التي تضمها المدنية الغربية ينبوعها الإسلام، وقد بدأت النهضة الأوروبية الحديثة في القرن الخامس عشر الميلادي، والعلوم التي عرفتها أوروبا في حينها كان أصلها وينبوعها هي جامعات المسلمين، ذلك أن الطلاب من الدول الأوروبية المختلفة كانوا يتوافدون على هذه الجامعات الإسلامية فيتعلمون ويتثقفون، ثم يعودون إلى بلادهم فينشرون العلم والآداب في دوائرهم الخاصة”[13]. ولهذا يرفض إقبال دعوة المستشرقين بأنه لا التقاء بين الإسلام والعلوم الحديثة، مؤكداً دور العلم العربي في تطوُّر ونهضة الحضارة الغربية، ومن ثم يرى أن تقدم العلوم والفلسفة في الحضارات الغربية جاء نتيجة استثمار المدنية الإسلامية والتوسع فيها، وأن ما حققه المفكرون المسلمون كائن في مكتبات أوروبا، وهو ما يعكس الدور الحقيقي لأثر الحضارة الإسلامية في النهضة الأوروبية في المجالات كافة.

ويمكن بيان الأثر الإيجابي للغرب المعلِّم على إقبال في تأثير جمال البيئة الأوروبية البيئة على شعره   الذي دوَّنه في أوروبا في تلك الفترة. فقد نظم أربعاً وعشرين منظومة وسبع قصائد غزلية يضمها الجزء الثاني من ديوانه (صوت الجرس)، منها منظومتا (الحس والعشق) و(الغسق الغادر) اللتان تصوِّران الحب أو العشق المجازي عنده، وكان قد نظمهما بعدما تأثر بالجمال النسوي والبيئة الأوروبية [14].

وإذا كان إقبال قد تأثر بالبيئة الأوروبية في بعض أشعاره فإنه كان يدرك بعض الجوانب الإيجابية في المدينة التي أثرت في نفسه تأثيراً عميقاً، كما تأثر بالتقويم الجديد للفلسفة الأوروبية والنهضة العلمية الحديثة والتكنولوجيا، والعمل الجاد المستمر في مجالات البحث والتحقيق والتجربة، فكان إقبال يرى “أن الغرب الناهض يقظان، ويمضي في ميدان العمل، أما الشرق الغافل فنائم في المجال نفسه”[15].

كان إقبال يدعو إلى ضرورة تعلُّم العلم من الغرب، “لأن المسلمين أُمروا أن يطلبوا العلم ولو في الصين، وأن يخرجوا في طلب العلم والحكمة، وعلينا أن ننقل عنهم ما ينفعنا، وأن الإعراض عن ذلك هو ضيق في الأفق الذهني، وضيق في الصدر والنظر”، ويقول: “إن العلم المعاصر ليس من أعداء الإسلام كما يعتقد البعض من أصدقائنا الذين لا يعرفون الحقيقة، لأن الإسلام يتخذ موقفاً صائباً من العلم” [16]. ويرى “أن العلم من وسائل حفظ الحياة ومتاعها، ومن وسائل تقويم الذات ومحك لها” [17]. فالواقع التاريخي كان يفرض عليه التركيز على ضرورة تعلُّم العلوم الحديثة الناهضة في الغرب لأن الأمة المسلمة مُستعمَرة، وبالتالي”فإن الظروف التي تواجهها اليوم تحتم علينا أن نتحرر اقتصادياً قبل أن نستقل سياسياً، وأرى أن المسلمين لا يزالون متخلّفين في المجالات التجارية والاقتصادية بالنسبة إلى أهل الديانات الأخرى، والواقع أنهم ليسوا في حاجة إلى دراسة الأدب والفلسفة، وإنما ينقصهم تعليم التكنولوجيا والعلوم الحديثة. إن السادة الزعماء الذين أنشأوا الجامعة الملّية يجب أن يهتموا بالعلوم الحديثة على أوجه أخص بالإضافة إلى اهتمامهم بالعلوم الدينية “[18].

لقد درس إقبال علم الاقتصاد، ورأى ضرورة تعلُّم أصوله هذا العلم لأنه دواء شاف لخير الشعب وصلاحه “وعليه إن أراد الهنود أن يحيا ذكرهم في سجل الشعوب فيجب عليهم أن يعرفوا مبادئ هذا العلم المهمة، وأن يعرفوا الأسباب التي تمنعهم وتقف في سبيل التقدم الوطني”[19]. ولهذا كان أول كتاب ألفه في الاقتصاد باللغة الأردية.

لم يقف الأثر الإيجابي للغرب المعلِّم في فكر إقبال عند هذا الحد، ولكنه تأثر كثيراً بالفلسفات والآداب الغربية، وخصوصاً في المرحلة المبكرة التي عاشها في أوروبا. وركَّز كثيراً على الآداب الألمانية التي رأى أنها تأثرت كثيراً بروح الشرق فرأى “أن غوته منذ شبابه يميل إلى الشرق، والتقى هردر في ستراسبورغ حيث كان يتعلم القانون، فتأثر بسعدي وحافظ الشيرازي، وبعد نشر الترجمة الكاملة لديوان حافظ في عام 1812 بدأ الأثر الشرقي بوضوح عند غوته بعدما سئم من انحطاط الغرب عامة، وألمانيا خاصة، كما تأثر بالعطار (فريد الدين) والفردوسي “[20]. ومن ثم يمكن القول أن ميل إقبال إلى الآداب الألمانية  وقراءته لها خلال إقامته في (هايدلبرغ)، وهو تأثر بالشعراء الألمان جميعاً إلا أن تأثير (غوته) كان أكثر عمقاً “ [21]. كذلك تأثر بالشاعر الانكليزي (وردزورث) ووجد فيه تشابهاً مع تعاليم ابن عربي حول وحدة الوجود، وعنه يقول: “لا بد من أن أعترف بأنني قد استفدت كثيراً من هيغل وغوته والميرزا غالب وعبد القادر بيدل ووليام ورد زورث. هيغل وغوته ساعداني في الوصول إلى باطن الأشياء، أما بيدل وغالب فعلَّماني أن يبقى عندي روح الشرق في أساليب التعبير رغم اكتساب الكثير من الأساليب والقيم للشعر الغربي، وأما ورد زورث فهو الذي أنقذني من الإلحاد حين كنت طالباً “[22].

حين كتب إقبال عن فكرة الإنسان الكامل في رسالته للدكتوراه في ألمانيا، قال المستشرق الانكليزي نيلكسون إنه تأثر بآراء نيتشه، وإنه نقل مفهوم التطور عن الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون. في هذا السياق يقول حسن حنفي:” في الخطاب الشهير من إقبال إلى نيكلسون ينفي إقبال تأثره بنيتشه فهناك فرق بين (الإنسان الكامل) عنده، والسوبرمان عند نيتشه، وقد كتب بحثاً عن  (الإنسان الكامل) قبل أن يتعرف إليه، وضمَّنه رسالته للدكتوراه “تطور الفكر الفلسفى في إيران”. من أوجه التشابه أن نيتشه ينكر الفناء الذاتي، وإقبال يثبت رأيه حول ضرورة ظهور الأمة المثالية، ولكن دهريَّته وإعجابه بالسلطان أضاعا فلسفته. ويعجب إقبال بنيتشه في فلسفة الحياة والقوة والإنسان الأعلى التي تعادل فلسفة الذات عنده، ومع ذلك عرف نيتشه العقل من دون القلب، وتصور العلم ولم يعش العشق، ولم يعرف التوحيد والبراءة الأصلية، ولكن عرف الإثم والخطيئة كما هو الحال في المسيحية “[23].

بعدما قرأ إقبال نيتشه قال عنه: “إنه موهوب بنوع من الاستعداد الطبيعي، وأن الناحية الإلهية في الإنسان قد تجلت عليه في صورة رؤيا آمره، أقول “ أن رؤياه “ آمرة “ لأنه سيبدو أنها أمدَّته بنوع من عقلية التنبُّؤ تهدف عن طريق منهج خاص إلى تحويل رؤاه إلى قوى حيوية دائمة، ولكن نيتشه باء بالفشل، ويرجع فشله في الأصل إلى تأثره بأداء أسلافه من المفكرين أمثال “شوبنهور” و “داروين”  و”لانغ” تأثراً أعماه عن فهم المعنى الحقيقي لرؤياه، فانساق إلى محاولة تحقيقها في نظم مثل التظرف الأرستقراطي بدلاً من البحث عن قاعدة روحية تكتمل بها الناحية الإلهية التي في النفس“[24].

وعلى الرغم من مغايرة الفكر الأوروبي للروح العامة للثقافة الإسلامية، فإن إقبال لم يجد غضاضة في النقل عن الغرب في الفكر والفلسفة، بل رأى أننا يجب أن نأخذ من الفكر الأوروبى ما يمكن أن يعيننا على تجديد التفكير الديني في الإسلام، فيقول: “لابد من أن يصاحب يقظة الإسلام تمحيص بروح مستقلة لنتائج الفكر الأوروبي، وكشف عن المدى الذي تستطيع به النتائج التي وصلت إليها أوروبا أن تعيننا على إعادة النظر في التفكير الديني في الإسلام، وعلى بنائه من جديد إذا لزم الأمر” [25].

كان يرى “أن المؤلفات الجديدة للفلاسفة الأوروبيين جديرة باهتمام قبول الشرقيين وعقولهم، ويجب بعد الاستفادة من هذا الفكر الأوروبي الجديد أن يعيد الشرقيون النظر في تقاليدهم الفلسفية القديمة”[26].

ومع تأثر إقبال بالفكر والفلسفات الأوروبية ظل موقفه منها متوتراً، ويرى البعض أنه حين رأى أوروبا عن قرب أثناء إقامته فيها حدثت له ثورة عليها، فيقول ابنه جاويد:” أما الثورة الكبرى التي حدثت في ذهن إقبال وفكره خلال إقامته في أوروبا فهي تبرُّمه من الفلسفة والتصوف وكراهيته للقومية وعودته إلى التعاليم الإسلامية قلباً وروحاً وفكراً. أما كيف ومتى نشأت وتطورت هذه الثورة الفكرية عند (إقبال) فإن الرد على هذا السؤال بتحديد المراحل المختلفة تاريخياً أمر غير ممكن لأن (إقبالاً) عندما أتيح له أن يرى عيوب المجتمع الغربي من قريب فإنه أخذ يبغضه ويكره حب المال، وضيق الصدر الذى تمتاز به المدنية الغربية”[27]. وهو يبرز حالة تبرُّمه هذه فيقول في رسالة إلى شقيقته (كريم بى) في 8 ديسمبر 1919: “إني لأتأسف دائماً عندما ألقى نظرة عابرة على ما مضى من حياتي حيث ضيَّعت الكثير من عمري في دراسة الفلسفة الأوروبية والاطلاع عليها “ [28]. وكان يرى أن تعلمه في الغرب لم يستطع أن يبهر لبه، ويغشى على بصيرته إزاء هذا الآخر، وهنا ينتقل موقفه من التأثر بالآخر إلى نقده، بل وامتد الأمر إلى رفضه.

ونجد في أشعار إقبال وأعماله نقداً حاداً لمسألة تقليد الغرب في كل شيء، ويشنُّ حملة شعواء على المتفرنجين فيقول:”إن هذا الجيل حي قائم بنفسه يفكر بعقله، إنه يعتقد أنه ظِل لأوروبا وأن حياته عارية من دون الغرب، فيقول في بيت يتراءى لك أن الشاب المتعلم حي يرزق، ولكنه في الحقيقة ميت استعار حياته من الغرب”، ويخاطب المتفرنج ويقول: ليس وجودك إلا تجلياً للإفرنج، لأنك بناء قد بنوه، هذا الجسم العنصري فارغ من معرفة النفس، فأنت غمد محلي بغير سيف، وجود الله غير ثابت في نظرك، ووجودك أنت غير ثابت في نظري”[29].

 ويقول أبو الحسن الندوي “إن إقبال يرى أن الغرب لم يعلِّم هؤلاء الشباب إلا صنع الزجاج، إن عبوديته قرنين متواليين قد كسرت خاطرهم، وأوهنت قلوبهم، فانظر كيف تعيد الثقة إلى نفوسهم، وتحارب الفوضى الفكرية، وكان لا يغتفر هذه الجريمة”. ويضيف في موضع آخر: “أنا لا أقيم لذلك العلم وتلك الحكمة وزناً، التي تجرد المجاهد من سلاحه وتجعله أعزل ضعيفاً “ [30].

وانتقد إقبال تبعية نظم التعليم في العالم الإسلامي للغرب حيث رأى” قيام نظم التعليم على تقليد الغرب والهيام به، ونفي الذات، وانتظار المعرفة منه في الغذاء، أضاع التقليد الأمة ومحا شخصيتها، وتحوَّل المسلم الذي يحطَّم الأصنام إلى مشيِّد لأصنام جديدة “ [31] وهذه الأصنام هي تقديس وتأليه أفكار الغرب وعلومه ومعارفه، ومن ثم فقد نسي الشرق تاريخه، وسحر الغرب لبَّه”، ويرى إقبال أن لذلك التقليد  آثاراً وخيمة على المسلمين “ فتقليد الغرب يسلب الذات ذاتها، ويجعلها تغترب في الآخر، ويفنى المقلِّد في جملة الآخرين، وينظر إلى نفسه في مرآه غيره، ويسكن في عشهم، ويطير بأجنحتهم، ويٌقتل بالشرب في كأسهم، والحق أن هجرهم أحلى من وصالهم “[32]. ويرى أن دعوة التجديد في الشرق هي مجرد تقليد للغرب فيقول: “ خشيتي أن دعي التجديد في الشرق على التقليد للغرب دهان “ [33]. ونتيجة لرفضه التماهي مع الغرب فإنه حاول أن يؤسس لفلسفة الذاتية التي يدعم من خلالها بناء الذات الإسلامية بمقوماتها الروحية والفكرية لمواجهة المسخ الناتج من تقليد الغرب، ولذا كان يقرر في فلسفته تلك أن على المسلمين أن يكونوا مؤمنين بذاتيتهم، فيقول:” كن مؤمناً بذاتيتك واكفر بالغرب “[34].

ينتقل إقبال من نقد تقليد المسلمين للغرب إلى نقد بنية الحضارة الغربية علمياً ومعرفياً، فيرى أن تطور الغرب العلمي والمعرفي قد انتقل من كونه نموذجاً للعلم والمعرفة يحتذى به إلى كونه تاجراً استعمارياً ويرى “أن تطور العلوم الفلسفية والعلوم الحديثة والتكنولوجيا كان من الأسباب التي أحدثت المنافسة والعداء بين الشعوب، فأخذت تنافس بعضها البعض للفوائد المادية، وجمع الأموال، واستغلال الضعيف من أجل السيطرة والتغلب (...) وعلمياً فإن المشاعر الوطنية والتقدم العلمي كانا سبباً في تنشيط هذه الشعوب الأوروبية، وتقويتها مما جعلها تنهب الضعفاء وتسلب أموالهم، وتسيطر عليهم وتستبعدهم” [35]. ومن ثم ذهب  إلى “ أن علم الغرب سيف بتار قد صنع لإهلاك النوع الإنساني، علم الحق عندهم سحر، ليس سحراً بل كفراً “[36].

وإذا كان إقبال قد أقر التأثر بالعلم والفكر الغربي فإنه حين تعمق في باطن الأمور بعقل واع رأى العلوم العقلية الحديثة والتكنولوجيا، وتأثيرها المعجز في البيئة الأوروبية، ولكنه مع ذلك شاهد أيضاً أن العلم والفن عند الأوروبيين ليس وراءه ذلك غرض إلا المادية، ومعنى ذلك أن العقل البشري يتدرب ويتطور في (أوروبا)، أما القلب فيبقي عطشاً محروماً “إن العقلية الأوروبية تقوم على المادية، وهدفها الوحيد هو الانتفاع والتمتع، إلا أن هذه العقلية قد حرمت مشاعر العشق والحب الحقيقي التي تربى وتقوى فكرة الكرامة البشرية والصداقة الإنسانية”[37]. وعلى الرغم من تأثر إقبال بالفلسفات المثالية الأوروبية وخاصة الألمانية منها فإنه يرى “أن مثالية أوروبا لم تكن أبداً من العوامل الحية المؤثرة في وجودها ولهذا أنتجت ذاتاً ضالة أخذت تبحث عن نفسها بين ديمقراطيات لا تعرف التسامح، وكل همها استغلال الفقير لصالح الغني، وصدقوني أن أوروبا اليوم هي أكبر عائق في سبيل الرقي الأخلاقي للإنسان “ [38].

ويكشف إقبال عن مدى محنة الروح الإنسانية داخل الحضارة الغربية بسبب انكباب الإنسان الغربي على الحياة المادية فيقول: “إن الإنسان العصري، وقد أغشاه نشاطه العقلي، كف عن توجيه روحه إلى الحياة الروحانية الكاملة، أي إلى حياة روحية تتغلغل في أعماق النفس فهو في حلبة الفكر في صراع صريح مع نفسه، وهو في مضمار الحياة الاقتصادية والسياسية في كفاح صريح مع غيره، وهو يجد نفسه غير قادر على كبح أثرته الجارفة، وحبه للمال حباً طاغياً يقبل كل ما فيه من نضال سام شيئاً فشيئاً، ولا يعود عليه منه إلا تعب الحياة، وقد استغرق في هذا الوضع أي في مصدر الحس الظاهر للعيان فأصبح مقطوع الصلات بأعماق وجوده، تلك الأعماق التي لم يسبر غورها بعد “[39].

ويرى أن الغرب أبعد العلم عن الدين والإيمان فيقول: “علم الغرب الذى يبعد عن التقوى والإيمان فغاب المعيار، وعم الشك، وانتهى إلى الصوفية، العلم سبب الرقي في الحياة حوله الغرب إلى آلة للهدم والتدمير، حول جنات عدن إلى سقر، أصبح العلم خداعاً وسحراً فتبدلت نعمه الله كفراً، وأصبح الورد شوكاً “ [40]. وانتقد بضراوة انتشار الإلحاد في النزعات الفكرية الأوربية قائلاً: “ لقد هوت أوروبا بحد سيفها منذ رسمت طريق الإلحاد تحت القبة السماوية “ [41]. وإذا كان ينتقد النزوع المادي في الغرب فإنه ينتقد عنصرية الحضارة الغربية فيقول: “إن الإنكليز لو أسلموا عاقبهم المجتمع البريطاني، فالغرب يقوم على العنصرية عنصرية دفينة، وطائفية لم تمحها العقلانية والتنوير أو الرومانسية أو التصوف أو الفن أو العلم أو الفكر، فالثقافة الإفرنجية تقوم على فساد القلب والنظر، حضارتها خالية من العفة “.[42]

وينتهي في موقفه من الغرب وحضارته من إمكانية التعلم منه إلى إقامة تمايز كامل بين حضارة الغرب وحضارة الشرق فيقول: “فالإسكندر رمز الحضارة الغربية، والخضر رمز الحضارة الإسلامية، الأول رمز القوة والفتح والغزو، والثاني رمز الروح والباطن والتأويل، العقل من الغرب، والعشق من الشرق، هناك تمايز بين حضارتين وتقليد أحدهما للآخر انحراف، حتى ولو أن كلاً منهما أكمل الآخر، الإكمال ليس بالتقليد بل بالتحديث والتجديد والتطوير”[43].

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا انتهى إقبال إلى ما ذهب إليه أبو الأعلى المودودي من استحالة التقاء الحضارة الإسلامية بالحضارة الغربية؟ هل كان ذلك بناءً على إدراك تمايز الروح العامة لكل حضارة في بنيتها عن الحضارة الأخرى بما يمنع إمكانية الالتقاء؟! وهل كان ذلك ناتجاً من كفره بكل مايأتي من الحضارة الغربية ؟

2 - الغرب / المستعمِر:

أذكت حركة التقدم الصناعي في أوروبا فى رغبة الدول الأوروبية في استعمار أجزاء كبرى من العالم لتوفير المواد الخام للثورة الصناعية، وكان من ضمن هذه الأجزاء العالمان العربي والإسلامي، ولم يسع الاستعمار إلا لنهب ثروات هذه الشعوب، وإفقار هذه المناطق في العالم، والغريب أن يأتي هذا الاستعمار لبلادنا تحت شعار نشر التَمدُّن والتحديث، وقد وظف المسُتعمر صورته كمعلم وصاحب حضارة للسيطرة على مقدرات الشعوب المسُتعمَرة، ولكن دعوته تلك لم يقبلها أبناء هذه الشعوب.

وقد اتخذ أقطاب الحركة الإصلاحية موقفاً حاداً في مواجهة المستعمِر الغربي، والكشف عن نواياه الخبيثة، ومساعيه لنهب ثروات هذه الشعوب، فنجد الأفغاني (1838-1897) ينتقد الاستعمار،” وذلك لأن انكلترا تستحل ثروات الشعوب المستعمرة، وكل ذلك يتم تحت راية العدالة والإصلاح أو حفظ الراحة، وتقرير النظام أو ليسوقه إليك بباعث المحبة والإخلاص “.[44]

ومن ثم فإن المسُتعمِر يأتي إلينا ليقول إنني أريد أن أحُدِثكم وأمُدِّنكم، ويروِّج ذلك باسم القيم الليبرالية، فأي قيم تلك التي في جوهرها الحفاظ على حريات الأفراد في حين أن المٌسُتعمِر يسلب الشعوب حريتها، وثرواتها ويفقرها لصالح رفاهية وحرية الرجل الأبيض الغربي؟ ويرى الأفغاني أنه” قد برز الأوروبيون بضروب السياسة لتوسيع ممالكهم، وتفننوا بإيجاد الوسائل المؤدية لذلك، وكان أسبقهم في الدهاء، وأكثرهم في الاستيلاء الانكليز، وهم في مقدمة من رأى من دول الغرب أن فتح البلاد، وتملكها بالجيوش والكفاح والقتال من مزعجات الأمور، وأن الدخول إليها يكون من باب اللين والمكر والخديعة. إن هذا الاستعمار لغة واصطلاحاً ومصدراً واشتقاقاً لا أراه إلا من قبيل أسماء الأضداد، وهو أقرب إلى الخراب والتخريب، وإلى الاسترقاق والاستعباد منه إلى العمار والعمران والاسِتعمار” [45].

وعلى درب الأفغاني سار الإمام محمد عبده (1849-1905) في تعرية الغرب المسُتعمِر فقال :” إن الإنكليز يمتصون من ثروة مصر، ويستخدمون الرجال المقتدرين على العمل فيها، ويحافظون على الشيء أو الشخص ما وجدوا فيه فائدة لهم حتى إذا رأوا أنه لم يبق فيه فائد ألقوه “.[46]

وكشف عبد الله النديم (1842-1896) عن مبررات أوروبا المزعومة في استعمار العالم العربي والإسلامي بدعوى الإصلاح والتطوير والتحديث فقال:”قالت أوروبا إن الشرق في حاجة لتدخل أوروبا لإصلاح إدارته وماليته وتجارته وتهذيب أممه بالتعاليم الأوروبية، وأجمع رجال أوروبا على جعله قسماً مقابلاً لها، وربطوا عزمهم على ضمه إليهم الجزء بعد الجزء، والقطعة بعد القطعة على اتفاق معقود بين الدول” [47]. ولكن أوروبا لا تُعمر ولا تحُدث في المستعمرات إلا بالقدر الذى يرفع من الكفاءة الانتاجية.

ورغم الدعوى بعدم التعرض للدين والعوائد فإن النديم يرى أن ما يحدث بخلاف ذلك فيقول: “إن دول أوروبا لم تدخل بلداً شرقياً باسم الاستيلاء وإنما تدخل باسم الإصلاح، وبث المدنية، وتنادي أول دخولها أنها لا تتعرض للدين، ولا للعوائد، ثم تأخذ في تغيير الاثنين شيئاً فشيئاً فلا تقدم على العمل، بل تفعل الشيء على قبول التجربة فإن نفذ فقد مضى، وإن عورض فيه التزمت التأويل كما تفعل فرنسا في الجزائر وتونس” [48].

وسعت حركة الإصلاح الديني في الجزائر إلى مواجهة المسُتعمِر الفرنسي بكل طاقاتها لأنه يرغب في تغيير مقومات الهوية الإسلامية والعربية للجزائر، فكانت الحركة تسعى لترسيخ تعاليم الإسلام واللغة العربية في إطار سعى فرنسا لفرنسة الجزائر، فيقول البشير الإبراهيمي (1889-1956) بأن الاستعمار هو الخراب والتخريب، ويرى أن “من أخص الخصائص التي يبنى عليها الاستعمار الفرنسي أمره تضافره على المقومات الحيوية للأمة التي يلتهمها فيبتلعها بالضعف والوهن وأسباب الموت البطيء” [49].

والسؤال الذى يتبادر إلى الذهن إذا كان لحركة الإصلاح الديني موقف حاد من المسُتعمر الغربي فما هي حدود موقف محمد إقبال من الغرب المسُتعمر؟ وكيف تناول إقبال صورة الغرب المسُتعمر في كتبه وأشعاره؟ ويمكن القول أن موقف إقبال من الآخر الغربي كمسُتعمر جاء بعد أن عاين إقبال الحضارة الغربية عن قرب أثناء البعثة، فيقول جاويد إقبال:” إن إقبال مر بمرحلة التغيير الثوري الفكري، وهو في كمبريدج، وذلك بعد قليل من إرسال أطروحة الدكتوراه في النصف من عام 1907، وهذا التغيير الثوري الذى حدث في نفس إقبال جعله يرفض الملكية والاستعمار والوطنية والقومية رفضاً تماماً، كما أنه أعرض عن التصوف الوجودي” [50].

لقد اتضح مدى حدة موقف محمد إقبال من الغرب المسُتعمِر في مدوَّناته الشعرية، فقد كان يقول:”إن ثرواتنا متاع للمسُتعمرين”[51]، ليكشف عن أن الغرب يمتص ثروات الهند، فالمسُتعمِر يستعبدنا ويعد ذلك حرية لنا، “فيحكم المسُتعمِر القيد على العبيد، ويعد ذلك حرية لهم “ [52]. ويرى أن الإنسانية عانت من جور الغرب، وذبلت الحياة بسببه، ويبرز قدراً من المظالم والخداع الذى تسيطر بها أوروبا على العالم، ويكشف مساوىء الغرب المسُتعمِر، فيقول: “يامن صرت جاهلاً بسحر الغرب، أنظر إلى الفتن كامنة تحت ثوبه، فإذا أراد الخلاص من خداعه، عليك أن تذر إبله عن حياضك، لقد جعل الشعوب بِنَى مسكنه، ومزق الوطن العربي مائة دويلة منذ وقع العرب في قبضته، لم تتمتع سماؤهم بلحظة واحدة من الأمان”.[53]

في الإطار عينه، يكشف إقبال عن طبيعة الازدواجية القائمة في تصور الغرب الاستعماري، ولذا يطالب الشعوب المسلمة بضرورة التحرر منه، والاعتماد على النفس، وذلك “ لأن الغرب يدعي الخير على لسانه، ويبطن الشر في قلبه، فإذا كنت تعرف الحساب جيداً فقطنك أنعم من حريره، فاترك مصنعه، ولاتشتر ملابسه الجلدية للشتاء، من قوانينه الموت من غير حرب، وضرب المنايا في إطار سيارته. لا تعطه حصيرتك مقابل بساطه، ولا تعطه العسكري مقابل الوزير”.[54]

كان إقبال ينظر إلى حضارة الغرب على أنها حضارة التاجر المسُتعمِر الذى لا ضمير له، فضمير التاجر لا ثبات فيه ولا استقرار، فيقول: “ ضمير الغرب ضمير التجار، ضمير الشرق ضمير الرهبان، هنالك التغيير المستمر في كل لحظة، وهنا لا يتغير الزمان “ [55]. ومن ثم فإن حضارة الغرب المسُتعمر امتدت خارج أرضها لتعيش على الغارات الاستعمارية خارج أراضيها، ولتستعبد الشعوب باسم تمدينها. وهو يبرز دعوى الغرب بأنه جاء للتمدُّن والتحديث حيث “استعبد الإفرنج الناس ووضعوهم في قيود من حرير وحديد، وتتنوع أشكاله من استعمار مباشر كالهند، إلى استيطان كفلسطين، إلى انتداب مثل مصر، وحجة الاستعمار أن الشعوب المستعمَرة غير قادرة بمفردها على التمدُّن بالرغم من أنها صاحبة تاريخ عريق، ولها من التمدُّن الخاص بها، وليس بالضرورة التمدُّن الغربي من خمر ونساء وخمور، هو تمدٌّن يقوم على التواصل والأصالة والبداوة والتربية “.[56]

والواقع أن إقبال كان يرى أن النزوع الغربي الاستعماري هو نتاج المفاهيم القومية والوطنية بالمعنى العلماني الغربي، لأن الصراع بين المسُتعمرين جاء نتيجة للصراع على الثروة من ناحية، والتقادح القومي بين الشعوب الأوروبية من ناحية أخرى، ولهذا حاول إقبال أن يحارب فكرة الوطنية والقومية بالمعنى العلماني، فكان يقول إن مفاهيم القومية الغربية هي خطر على الإسلام:” فكرة القومية الجنسية التي يبدو أنها تعمل في الإسلام العصري أقوى مما عرف عنها من قبل قد ينتهي أمرها إلى القضاء على النظرة الإنسانية العامة الشاملة التي تشربها نفوس المسلمين من دين الاسلام” [57]. ويبرز دور وأهمية تصوره عن مفهوم الأمة الإسلامية الواحدة كمحاولة لإعادة إحياء الطاقة الروحية في المسلمين، ويرى”أن بعض المسلمين من المدرسة الحديثة سيعرفون بأن القومية أو الوطنية التي تفتخر بها أوروبا ليست إلا قطعة عتيقة من الأسمال البالية ذات الخيوط الواهية الضعيفة، وأن المبادئ السليمة للقومية هي التي جاء بها الإسلام، وليس بإمكان مر الأيام وكر الأعصر أن يؤثر في قوة هذه المبادئ السليمة وحيويتها “[58].

كان إقبال يريد أن يدين الحضارة الغربية ممثلة في الجوانب الحسية والمادية،” فالغرب حَكم الآلات، لا مكان فيه لمعاني القلوب، محا الحنان من بين الشعوب، وتبدو الدلائل أنه صائر إلى فناء، يقع الغربيون في شباك حاناتهم، ويفني شيوخ السكر مما يشربون بلاحراك” [59]، فالإنسان المعاصر الذي صنعته حضارة الغرب يصرف كل جهوده على المتعة والسرور المادي، والإنسان الغربي المعاصر إنما هو انتاج التقدم المادي الذي حققته الشعوب الغربية، إن هذا التطور المتواصل استطاع به الغرب أن يحول العالم كله إلى سوق تجارية، ومن هنا نشأ المجتمع التاجر في الغرب، وهذا المجتمع  استطاع أن يضيف ثروة غناه باستغلال الشعوب المغلوبة على أمرها، وهكذا أصبح المجتمع الغربي مجتمعاً متقدماً[60].

ولا شك في أن مواقف إقبال الحادة من المسُتعمِر الغربي، ومن صورة الحضارة الغربية كتاجر مصاص لدماء الشعوب، قد جعلت المستعمِر الانكليزي يترقب حركته ومقابلاته، ولهذا” فإن الحكام الانكليز رغم أنهم كانوا قد اعترفوا بخدمات إقبال الأدبية، وخلعوا عليه لقب (السير)، كما أنهم قد اعترفوا به كقائد بارز من القادة المسلمين الذين كانوا يريدون الضمانات الدستورية لحقوق المسلمين في الهند، فوجهوا إليه الدعوة مرتين ليشارك في مؤتمر المائدة المستديرة بلندن، إلا أنهم كانوا يشكون في وفائه للحكم الانكليزي، ومن ثم كانت المخابرات الانكليزية وراء كل من يزوره أو يلتقى به، كما أن المحادثات بينه وبين أصدقائه وزواره كانت تصل إلى دوائر الحكومة الانكليزية عن طريق التقارير”[61].

ويرى محمد إقبال أنه من الضروري أن يتحرر الشرق من استعمار الغرب “ فقد اسِتعمر الغرب الشرق، وآن الأوان كي يتحرر الشرق، فالثورة في النفوس تدفع الحياة إلى المجد من جديد، ومازال الغرب في غروره يكيد للعالمين، ينشر الإلحاد في الكون، ويقيم الدنيا على غير دين، ويلبس الذئب لبس الشاة، ويخفى أنيابه، وينتظر في الكمين، ويستغل الغرب البرايا، ويرى بني آدم مثل القطيع حلالاً للذئب، والمسُتعمرون كضواري الشوارع يلتقون في العواصم الأوروبية لالتهام العباد، وطمس الهدى، اقتسموا الكرة الأرضية نهباً، ووجدوا أنفسهم لذلك يدعون امتلاك كل البلاد، يستولون على الثروات، ويشعلون الفتن “[62].

ولهذا يدعو إقبال إلى بناء إرادة المقاومة داخل الشرق في مواجهة الغرب المسُتعمِر، ويقول:”كيف يستعمِر الغرب الشرق، وحضارة الغرب وافدة من الشرق؟ من الشرق فاض العشق والحسن على الكون، ومنه امتدت الفطرة في العالم كله، منه تعلمت نهضة الأمم، وعرفت العلوم والفنون، رفع الشرق الحجاب عن الكائنات، ومنه أشرقت شمس الحضارة، أصداف البحر من قطراته، وهدر الموج من بحره، حرارة الشدو من ميزانه، وما يقتنيه من ادخاراته، ومنه يأخذ الغذاء والكساء ويعيش في نعيم”[63].

وإذا كان الاستعمار الغربي في نظر إقبال هو أصل كل بلاء، فيرى أنه “ ليس هناك طريق لمواجهة الاستعمار إلا القوة والنضال من أجل التحرر من الظلم والعدوان، والطريق إلى ذلك يقظة الروح حتى يُهد البناء على رؤوس الظالمين، ليس العدل بعيد المنال”[64].

3 - نقد الغرب / المستشرِق:

كان للحركة الإصلاحية مواقف متباينة من الغرب المسُتشرق، وذلك إما بالتعاون معه والكشف عن إيجابياته، حيث نجد رفاعة الطهطاوي يعرض مسودة كتابة (تلخيص الإبريز في تلخيص باريز) على المسُتشرقين الفرنسيين سلفستر دي ساسي ودي برسفال، وذلك للتعليق عليه، وعلى صعيد آخر كانت هناك مواجهة بين أعلام حركة الإصلاح الديني والمسُتشرقين في حوارات متسعة، ومواجهات فكرية، وظهر هذا في محاورة (الأفغاني/ رينان) حيث تصدى الأفغاني للرد على رينان في اتهامه للإسلام باضطهاد الفكر والعلم، وأن الإسلام دين يقف حائلاً ضد التطور والرقي، وأن لدى المسلمين احتقاراً للعلوم. كما نجد الإمام محمد عبده يواجه هانوتو في اتهامه للإسلام بأنه يحط بالإنسان إلى أسفل درك، وفي هذه المحاورات ما يكشف عن قدرة الخطاب الإصلاحي على مواجهة رغبة المسُتشرقين في ترسيخ العجز والتخلف داخل نفوس المسلمين للسيطرة عليهم.

من جانب آخر، كشف محمد البشير الإبراهيمي عن كون المسُتشرقين “مجموعة من الموظفين الحكوميين، وما هم إلا تراجمه للحكومات الاستعمارية، يترجمون لها معاني الشرق، ويدلونها على المداخل إلى نفوس أبنائه، وإلى استغلال أوطانه، وما هم إلا آلات في أيدى وزارات الخارجية تستعملها لإبطال حق الشرق، وإحقاق باطلها، ولبقاء الأمم الضعيفة في الاستعباد “[65]. ونظر الإبراهيمي إلى هؤلاء الطائفة من المسُتشرقين على أنهم مبشرون بالاستعمار، ولكن بالمقابل لم يغفل عن تقدير مجموعة من المسُتشرقين قدَّسوا الروح العلمية، وقاموا بتحقيق العديد من النصوص والكتب الإسلامية، كما أن منهم من أنصف حضارة الإسلام وثقافته.

وبالتالي فإن ثمة رؤية للاستشراق بأنه آلة المعرفة الجبارة التي وظَّفها الاستعمار للسيطرة على العالم الإسلامي، فهم جماعة من الشبان تربوا تربية استعمارية ليعملوا في المستعمرات، ولتكون المعرفة في خدمة المستعمر، وإذا كان زكي مبارك (1892-1952) يرى أن للمسُتشرقين أخطاء في شرح قواعد الإسلام، وخصزصاً حين يتحدثون عن الرسول، فهو مع ذلك يقر بأنهم قدموا خدمات جليلة للإسلام، ويقول: “أنا لا أهوِّن من أغلاط المسُتشرقين، ولا أدعو إلى متابعتهم من غير بصيرة، ولا روية، ولكني أجزم بأن أعمالهم أدخلت كثيراً من عناصر الحيوية في الدراسات اللغوية والإسلامية، وليس في الدنيا شر خالص، وإنما النفع في أعمال هؤلاء الباحثين أقوى وأغلب”[66].

 في ضوء ما سبق نتساءل: ما هي حدود موقف محمد إقبال من الاستشراق؟ هل تأثر بالمنهج الاستشراقي في الدراسات الإسلامية؟ وهل تعاون مع المسُتشرقين أم كان موقفه رافضاً لهم؟

بداية يمكن القول أنه قد تعاون مع المستشرقين واحتك بهم بشكل مباشر، حيث أشار عليه السير (توماس أرنولد) المسُتشرق الانكليزي الذى كان يقوم بتدريس الدراسات الإسلامية في جامعة “عليكرة “بضرورة الذهاب إلى إنكلترا للحصول على الدكتوراه، فساعده على الذهاب إلى هناك ليدرس الاقتصاد والقانون، كما حصل على الدكتوراه في الفلسفة من ألمانيا. ونجده يهدي هذه الرسالة إلى توماس أرنولد، فيقول: “هذا الكتيب هو الثمرة الأولى لما تلقيته منكم خلال السنين العشر من ثقافة أدبية وفلسفية، وإني ألتمس إهداءه إلى اسمكم  عرفاناً بالجميل، لقد كانت أحكامك عليّ تتسم دوماً بروح السماحة، وإني لآمل أن يكون حكمك على هذه الصفحات نابعاً من الروح ذاتها “[67].

من جانب آخر، ترجم المسُتشرق الانكليزي نيكلسون لإقبال ديوانه (أسرار الذاتية) إلى اللغة الانكليزية، ونشرت هذه الترجمة في لندن عام 1920، وكان إقبال قد بعث إليه بتعليق موجز شرح فيه فكرة الذاتية، فاستفاد  من هذا التعليق الموجز، وهو يعد مقدمة للترجمة ثم علق البعض من أدباء الغرب على هذه المثنويات، وأبرزوا بعض محاسنها ومزاياها [68]. والواقع أن نيكلسون كان معجباً بمحمد إقبال وتجربته الوجدانية، وكان ينظر إليه كأحد رسُل العصر الحديث، ومن ناحية أخرى فقد نشرت أنا ماري شميل ترجمة لرسالة (جاويد نامة) رسالة الخلود، و(رسالة المشرق)، و(جناح حبريل) إلى الألمانية، وكانت ترى أن السير محمد إقبال ينتمي إلى ثلاثة أحياز روحية تعتبر منابع آثاره العظيمة، هي: حيز القارة الهندية، وحيز العالم الإسلامي، وحيز الفكر الغربي.

كذلك ترجم المسُتشرق الإنكليزي أرثر أربري العديد من أعمال إقبال إلى اللغة الانكليزية، وعلى رأسها ديوان (نفي الذاتية)، ومما لا شك فيه أن ثمة تعاوناً بين إقبال والمسُتشرقين على مستوى الدرس التعليمي، فقد تعلم منهم وتأثر بهم، كما أسهموا هم في نقل معظم تراثه الشعري إلى اللغات العالمية كالفرنسية والانكليزية والألمانية.

ولا شك في أن أثر الاستشراق واضح على أعمال إقبال الفكرية، وخصوصاً الأعمال المبكرة من حياته، ففي رسالته عن (الفكر الفلسفي في إيران) كان حريصاً على عرض تطور الفكر الفلسفي الإيراني منذ فترة ما قبل الإسلام حتى العصر الحديث، ويكشف بوضوح عن طبيعة التطور التاريخي فيه، ويعترف بأن تتبع سلسلة المؤثرات أصبح منهجاً وتقليداً لدى المسُتشرقين، وهو ما ينطوي على قيمة تاريخية من دون التقليل من أهمية العقل الإنساني، وإمكانية اكتشاف الحقيقة نفسها في عصور، ولدى شعوب مختلفة [69].

ويكشف حسن حنفي عن مدى استقاء إقبال لمادة بحثه السالف من المسُتشرقين فيقول: “ويستقى محمد إقبال في عمله معلوماته عن ماني من إردمان، وعن الإسماعيلية من ماكدونالد، وعن الأشعري عن سبيتا، وعن الجيلي من ماثيو أرنولد، وعن ملا صدرا من دي جوبينو. وعن علماء التاريخ والحضارة والدين يعتمد إقبال على (قصة الخلق) لكلود، ويحيل إلى بعض المستشرقين المنصفين مثل توماس أرنولد، واعترافه بانتشار الإسلام سلماً في جنوب شرق آسيا وأفريقيا “[70].

ويظهر منهج التأثير والتأثر في كتابه عن (تجديد التفكير الديني في الإسلام)، “ فنظرية الجوهر الفرد أو الجزء الذي لا يتجزأ قد تأثرت بالبوذية، وعقيدة المهدي عند ابن خلدون مستمَدّة من المجوسية الأصلية، فالمجوس هم الأصل مع أنها في صلب الفكر الإسلامي السنِّي والشيعي، واستلهم فلاسفة الاسلام آراءهم في النفس من الفكر اليوناني وأدخل في حظيرته أقواماً ومللاً متعددة كالنساطرة واليهود وأتباع زرادشت”.[71]

ويبدو أثر الاستشراق واضحاً في طيات كتابه عند التجديد، “فيعتمد على تلخيص ماكدونالد لمضمون كتاب دلائل الحائرين لموسى بن ميمون في مجله إيزيس، كما يعتمد على نشر ماسنيون نصوص الحلاج، كما يذكر آراء المسُتشرقين مثل ماكدونالد الذي وصف (نجد) بأنها أطهر بقعة في عالم الإسلام الذى دب إليه الانحلال، ويرد على تساؤل هورتن: هل شريعة الإسلام قابلة للتطور ؟ ويستشهد برأي فون كريمر على أن الرومان أصحاب تشريع لذلك جاءت المسيحية بعقيدة روحية، في حين أن العرب أصحاب عادات وتقاليد، وجاء القرآن بالمبادئ العامة للتشريع تاركاً للمسلمين حق الاجتهاد” [72]. وخلاصة القول أن هناك تأثراً كبيراً من إقبال بآراء بأعمال المسُتشرقين في مؤلفاته، وقلما تجد روحاً نقديه عند إقبال تجاه الجوانب السلبية في أعمال المسُتشرقين.

إن الاستثناء الوحيد في نقاش إقبال للآراء الاستشراقية هو نقاش لكلام المسُتشرق المجرى اليهودي غولدزيهر عن السنَّة، وقال عن جهده: “إنه قد أخضعها للفحص الدقيق على ضوء القوانين المستحدثة في النقد التاريخي، وانتهى في بحثه هذا إلى أن الأحاديث في جملتها لا يوثق بصحتها، وتعرض للحديث نفسه كاتب أوروبي آخر، فبعدما فحص مناهج المسلمين في تحقيق صحة الحديث أشار إلى إمكانية وقوع خطأ من الناحية النظرية، وقال: إن الجانب الأكبر من السنة التي يعتبرها المسلمون صحيحة هي سجل صادق يصور ظهور الإسلام ونموُّه في أول عهده “ [73]. ويرد إقبال مؤكداً على قيمة الرأي الثاني الذى عرضه فيقول إن قيمة السنة في شرح القرآن، وفي فهم الحياة في مبادئ التشريع التي صرح بها القرآن، وهذا الفهم وحده هو الذي يعيننا عندما نحاول تأويل أصول للتشريع تأويلاً جديداً.

----------------------------

[1]- محمد إقبال: تجديد التفكير الديني في الإسلام، ترجمة عباس محمود، لجنة التأليف الترجمة والنشر، القاهرة، ط2،  1968، ص 8.

[2]- المرجع نفسه، ص 146-147، وِأيضاً ص 9.

[3]- محمد إقبال: الأسرار والرموز، ترجمة: سمير عبد الحميد- المركز القومي للترجمة، القاهرة، عدد(744)، 2010،  ص 76.

[4]- محمد إقبال: تجديد التفكير الديني في الإسلام، ص 146-147.

[5]- المرجع نفسه: ص 151.

[6]- محمد فريد وجدي: فصول في سيرة الرسول، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة،ط1، 1997، ص 101-102.

[7]- سعيد النورسي: صيقل الإسلام، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، دارسوزلر،  القاهرة، ط2، 1995، ص 41.

[8]- خالد زيادة: تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا، مركز الإنماء العربي، بيروت ط1 1983، ص 113.

[9]- المرجع نفسه: ص 112.

[10]- رفاعة الطهطاوى: تخليص الإبريز تلخيص باريز، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1998، ص 68.

[11]- خير الدين التونسي: أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق معن زيادة، المؤسسة الجامعية، بيروت، 1978، ص 149-150.

[12]- خالد زيادة: المرجع السابق، ص 179.

[13]- جاويد إقبال: النهر الخالد، ج 2، ص 34.

[14]- المرجع نفسه: ج 1، ص 226.

[15]- المرجع نفسه: ج 2، ص 153.

[16]- المرجع نفسه: ج 2، ص 199.

[17]- محمد إقبال: الأسرار والرموز، ص 46.

[18]- جاويد إقبال: النهر الخالد ج 2، ص 229.

[19]- المرجع نفسه: ج1، ص 171.

[20]- حسن حنفي: محمد إقبال... فيلسوف الذاتية، دار المدار الإسلامي، بيروت، 2009، ص 380.

[21]- جاويد إقبال: النهر الخالد، ج 1، ص 227.

[22]- المرجع نفسه: ج 1، ص 164.

[23]- حسن حنفي: المرجع السابق ص 417.

[24]- محمد إقبال: تجديد التفكير الديني، ص 223.

[25]- المرجع نفسه، ص 14.

[26]- جاويد إقبال. النهر الخالد، ج 2، ص 155.

[27]- المرجع نفسه ج1، ص 229.

[28]- المرجع نفسه ج 2، ص 253.

[29]- أبو الحسن الندوى: شاعر الإسلام محمد اقبال، ص 79.

[30]- المرجع نفسه : ص 79.

[31]- حسن حنفي: محمد إقبال فيلسوف الذاتية، ص 403.

[32]- المرجع نفسه: ص 407.

[33]- محمد إقبال: ضرب الكليم، ص 118.

[34]- محمد إقبال: من مثنويات محمد إقبال، ترجمة يوسف عبد الفتاح، مراجعة محمد علاء الدين منصور، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة رقم (278) 2002، ص 65.

[35]- جاويد إقبال: النهر الخالد جـ1، ص 231.

[36]- محمد إقبال: من مثنويات، ص 64.

[37]- جاويد إقبال: النهر الخالد، جـ1، ص 230.

[38]- محمد إقبال: تجديد التفكير الديني، ص 207.

[39]- المرجع نفسه: ص 215 - 216.

[40]- حسن حنفي: محمد إقبال، ص 447.

[41]- محمد إقبال: من مثنويات محمد إقبال، ص 63.

[42]- حسن حنفي: محمد إقبال، ص 425.

[43]- المرجع نفسه: ص 427.

[44]- جمال الدين الأفغاني: الانكليز والتهتك في الحيلة، الخاطرات، الأعمال الكاملة دار الشروق، القاهرة، ط1 2002، ج 6، ص 344.

[45]- خالد زيادة: تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا، ص 121.

[46]- محمد رشيد رضا: رأى الأستاذ الإمام في الاحتلال، تاريخ الأستاذ الإمام، دار الفضيلة، القاهرة 2000، ج 2، ص 922.

[47]- عبد الله النديم: لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا، الشرق والغرب، جمع محمد كامل الخطيب، وزرارة الثقافة السورية، دمشق 1991، ج1، ص 71.

[48]- المرجع نفسه: ج 1، ص 72.

[49]- محمد البشير الإبراهيمي: إلى مؤتمر التغريب بالرباط، الأعمال الكاملة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1 1997، ج5، ص 216.

[50]- جاويد إقبال: النهر الخالد ج 2، ص 152.

[51]- محمد إقبال: من مثنويات محمد إقبال، ص 51.

[52]- المرجع نفسه: ص 55.

[53]- المرجع نفسه: ص 61.

[54]- المرجع نفسه: ص 67.

[55]- محمد إقبال: الرباعيات، الأعمال الشعرية الكاملة، إعداد سيد عبد الماجد الغورى، دار ابن كثير، دمشق،  ط3،2007، جـ 1، ص 533.

[56]- حسن حنفى: محمد إقبال ص 434 – 435.

[57]- محمد إقبال: تجديد التفكير الديني، ص 188.

[58]- جاويد إقبال: النهر الخالد جـ1، ص 148.

[59]- حسن حنفي: محمد إقبال، ص 395.

[60]- جاويد إقبال: النهر الخالد جـ 2، ص 209.

[61]- المرجع نفسه: جـ 2، ص 68.

[62]- حسن حنفي: محمد إقبال، ص 395.

[63]- المرجع نفسه: ص 441.

[64]- المرجع نفسه: ص 392.

[65]- محمد البشير الابراهيمي: لجنة فرانس – إسلام – الأعمال الكاملة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1 1997 جـ 3، ص 351.

[66]- زكي مبارك: نفعهم أكثر من ضررهم، الشرق والغرب، جمع محمد كامل الخطيب، وزارة الثقافة السورية، دمشق 1991، جـ 2، ص 577.

[67]- محمد إقبال: تطور الفكر الفلسفي في إيران، ص 11.

[68]- جاويد إقبال: النهر الخالد ج2، ص 204.

[69]- حسن حنفى: محمد إقبال، ص 463.

[70]- المرجع نفسه: ص 465.

[71]- المرجع نفسه: ص 485.

[72]- المرجع نفسه: ص 486.

[73]- محمد إقبال: تجديد التفكير الديني، ص 197.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف