البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

November / 12 / 2018  |  1503الطريقة السعودية الأميركية

إيريك زوسي - Eric Zuesse ستراتيجيك كلتشر - Strategic culture 21 تموز 2018 - 21 Jul 2018
الطريقة السعودية الأميركية

التحرير:  تحالف الأرستقراطيات في أميركا والسعودية هو الذي ينشئ الحروب والإرهاب ويشن الحملات بعناوين مضللة، ويقحم الشعوب في أتونها لتحقيق غاياته والحفاظ على ملكياته في الخليج وشركاته في أميركا. ومهما تكن النتائج فإن الشركات تربح في النهاية والهدف هو إزالة أي خطر من احتكار السلطة هذا الخطر الذي يتمثل الآن بالشيعة ومذهبهم المعادي للملكيات. 


لقد أصبحت «عملية إعادة الأمل» من قبل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هي خطة التحالف لقصف طريق الإمدادات الغذائية الذي يعتمد عليه سكان منطقة الحوث الشيعة في اليمن من أجل الحصول على الغذاء، وبالتالي يكسب التحالف  الأمريكي السعوديّ الإماراتي حربه ضد الحوثيين عن طريق إجبار السكان إما على الاستسلام للحكم السعودي السني المتشدد، أو تجويعهم حتى الموت. تقوم المملكة العربيّة السعودية، في بعض الأحيان، بقصف مناطق شيعية تخصها على أراضيها؛ لذا، فإن القيام بذلك في اليمن جارتهم ليس ضربًا من الخيال. ولكن الشيعة داخل المملكة العربيّة السعودية لا يتم تجويعهم حتى الموت. إن تجويع الشيعة حتى الموت أمر جديد بالنسبة لقوات المملكة العربيّة السعودية. وبالتالي، فإن القوات التي لديها هذه المهمة، يبدو أنها،  شديدة الحساسية بشأنها؛ ولكن، على أي حال، من الواضح أنهم بحاجة إلى بعض التوجيه «الأخلاقي»، من أجل القيام بذلك.

في العاشر من شهر تموز، أصدر «مالك» العربيّة السعودية، عائلة الملك سعود (عن طريق ولي العهد)، إعلانا ينص على البراءة مسبقًا من أي إراقة دماءٍ، أو تعذيب، أو اغتصاب، أو أيِّ شيء آخر ترتكبه قواتها في «عملية إعادة الأمل». الآن، كل ما تفعل قوات المملكة العربية السعودية، للاستيلاء على اليمن، قد تمت الموافقة عليه رسميا مقدما. ليس على هؤلاء الجنود الخوف من أيِّ تبعاتٍ ضدهم. فأي شيء يفعلونه، هو مقبولٌ بشكل رسمي ـ لقد تم تفويضه مسبقًا.

أصدر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ـ الذي سيرث ملكية المملكة العربيّة السعودية عند وفاة الملك سلمان آل سعود  ـ مرسوم 10 تموز، وسيتم عرض هذا المرسوم هنا بالكامل.

لسبب ما، لا ينص عليه المرسوم، كان الأمير ينظر إلى هذا المرسوم على أنه ضروري، لكي يتمكن التحالف الأمريكي ـ السعودي ـ الإماراتي من حمل «عملية إعادة الأمل» إلى إنجازٍ ناجح ـ أي النصر. («إعادة الأمل» إلى المنتصرين). وبمجرد أن يتحقق النصر، فإن عائلة الملك سعود، التي تعد أكبرَ مشترٍ للأسلحة الأمريكية الصنع في العالم ، والتي هي بالتالي الحليف الرئيسي الدولي لحكومة الولايات المتحدة، ستسيطر على ذلك البلد المجاور، أيضا، ولن تعود سيطرتها مقتصرة على المملكة العربيّة السعوديّة.

العائلات الملكية السبعة التي تملك الإمارات العربية المتحدة هي من أتباع آل سعود (أغنى عائلة في العالم) وهي أيضا من أتباع نموذج الإسلام الأصولي السني في المملكة العربيّة السعوديّة، الذي أسسه محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر، ويطلق عليه اسم «الوهابية». ولكن يطلق  عليه خارج المملكة العربية السعودية إسم «السلفية». (رجال الدين المصريون في القرن التاسع عشر الذين وافقوا على ما كتبه عبد الوهاب، بدأوا يطلقون على أنفسهم اسم «السلفيين»، بدلا من «الوهابيين»؛ وهكذا، بدأت «الحركة السلفية»). تقوم شركاتٌ عسكريةٌ مثل «لوكهيد مارتن» بتوريد منتجاتها إلى  أسواق تلك الدول الوهابية السلفية، وهو ما يعني البيع للسعوديين وللأمراء السبعة أو الملوك في الإمارات العربية المتحدة. وبالطبع، فإن شركات النفط والغاز الأمريكية، وشركات خدمات حقول النّفط مثل «هاليبرتون»، بشكلٍ مشابهٍ، يمكن أن يزيدوا من تلك الأسواق الوهابية ـ السلفية (أي الأصولية ـ السنية)، من خلال بناء خطوط أنابيب النّفط عبر البلدان المستولى عليها، إلخ.

هذا هو التحالف الأمريكي لقهر اليمن. إنهم جميعا في حرب ضد المسلمين الشيعة، وخاصة ضد الدولة الأكثر تعدادًا بالمواطنين الشيعة، وهي إيران. بالطبع، يدعم الحوثيون، كشيعة، إيران بينما يرفضهم السعوديّون. إذن، هذه حرب دينية، وليست مجرد حرب بين الدول، وليست مجرد حرب بين الاقتصادات الوطنية أو الأرستقراطيات.

علاوة على ذلك، إن النظام الديني العنصري، أي الحكومة اليهودية في إسرائيل، هي حليف الولايات المتحدة. وهكذا، في حين أن السعوديين والإماراتيين هم في حالة حرب ضد المسلمين الشيعة، فإن السعوديين والإماراتيين ليسوا في حالة حرب ضد أي من المسيحيىين أو اليهود. علاوة على ذلك، فإن إسرائيل لا تشارك في حرب التحالف للاستيلاء على اليمن. ليس لإسرائيل مصلحةٌ في اليمن لا للمشاركة في السيطرة على الأرض، ولا لبيع الأسلحة لقتل الحوثيين.

الإرهاب، بشكلٍ مشابهٍ، ليس مشكلة في هذه الحرب. يتم تمويل القاعدة، وهي منظمةٌ سنيةٌ أصوليةٌ حصرًا، بالكامل من قبل الأرستقراطيات المسلمة المتحالفة مع الولايات المتحدة، وجميعهم من السنة ـ ولا يوجد شيعة. إن تنظيم القاعدة، و داعش (مجموعة من تنظيم القاعدة) كلها في الجزء الذي يسيطر عليه السنة من اليمن، لا في الجزء الذي يسيطر عليه الحوثيون، لأن الشيعة والجماعات الأصولية ـ السنية  أعداء  إلا  في موضوع إسرائيل فهم حلفاء الواحد للآخر.

علاوة على ذلك، لا يشارك الشيعة في الإرهاب ضد الدول ذات الغالبية المسيحيىة، إلا نادرًا، في بعض الأحيان التي تكون فيها قوات تلك الدول (من أجل حماية إسرائيل أو آل سعود أو الحلفاء الآخرين) في حالة قتالٍ، أو تكون متمركزةً في دولٍ ذاتِ غالبيةٍ مسلمةٍ. كل الإرهاب الإسلامي تقريبا الذي اختبره الغرب يأتي من حلفاء أمريكا الأصوليين ـ من السنة، وهذه الملكيات وطبقاتها الأرستقراطية الخاصة بها، كلها في حربٍ طويلةٍ ضد الشيعة وخاصة ضد إيران بعد سقوط الشاه عام 1979 والذي كانت الولايات المتحدة قد نصّبته. لقد بنيت العقيدة الشيعية على رفض الملكيات. وهكذا، فإن الإطاحة بالملك المورّث الذي نصبته الولايات المتحدة،  في إيران الشيعية عام 1979، أخاف الملوك السُنة، وزاد من كراهيتهم ضد الشيعة. فالحرب ضد الحوثيين هي انعكاسٌ لخوف هؤلاء الملوك من الشيعة.

الإرهاب الإسلامي، والمعروف باسم الجهادية، يتم تنفيذه بالكامل من قبل السُنّة الأصوليين (السلفيين والوهابيين) باستثناء في إسرائيل، حيث يشارك فيه الأصوليون السنة والأصوليون الشيعة في بعض الأحيان.

ولذلك، فإن الحرب ضد الحوثيين في اليمن ليست ضد الإرهاب: فهي ليس لها صلةٌ بعلاقة التحالف الأمريكي إن كان مع تنظيم القاعدة، أو داعش، أو أيِّ مجموعةٍ مماثِلةٍ، لأن هذه الجماعات هي جزءٌ من حرب التحالف الأمريكي ضد الشيعة. فالقاعدةُ وتنظيمُ داعش كلاهما مناهضان للحوثيين بقوة. علاوة على ذلك، تنتج المملكة العربيّة السعوديّة انتحاريين أكثرَ من أيِّ دولةٍ أخرى. وقال حامل الحقيبة الذي نقل بنفسه، كل الهبات التي كانت تبلغ ملايين الدولارات وما يزيد إلى القاعدة قبل 11 أيلول: «بدون المال ـ السعوديّ، لن يكون لديك من وجودِ للقاعدة». وقام بإدراج أسماء بعض الأمراء السعوديّين، مثل بندر، سلمان (الملك الآن)، وليد، وتركي، الذين حصل منهم على تلك التبرعات النقدية الضخمة.

 لذا، فإن الحلف هو خدمةٌ وحمايةٌ للأرستقراطيات، وليس لخدمة وحماية شعوبها. والأرستقراطيات هي من يحدد التحالفات، لا الشعوب. إن الناس ينخدعون فحسب، حتى يدفعوا الضرائب، ويقاتلوا (كـ «حشوة مدفع») ، ضد الأمم التي تريد  الأرستقراطية أن تستولي عليها.

وبالتالي، فإن الضغوط من الطبقة الأرستقراطية تهدف إلى حث الشعب على دعم الإنفاق «الدفاعي» الأعلى الذي يعود بالنفع على أصحاب المليارات، وتخفيض النفقات التي تعود بالفائدة على الجمهور. ويتم حث الجمهور على دعم زيادة الإنفاق «للدفاع» عن طريق شيطنة بعض «الديكتاتوريين» بينما تتم الإشادة حتى بديكتاتوريين حقيقيين آخرين متحالفين مع الأرستقراطية الخاصة و«العالم الحر».. وهذه أيضاً إحدى طرق خداع الشعب. شكلٌ آخرُ من أشكال الخداع يتمثل بالدعوة إلى «حكومةٍ صغيرةٍ» وتقليص الإنفاق الحكومي من أجل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية حتى تتمكن الحكومة من رفع نفقات «الدفاع» (إعانات دافعي الضرائب لصناعات حرب الأرستقراطية). وإذا فشل خداع الشعب بشأن مسألةٍ معينةٍ، فإن الحكومة تتجاهل فقط ما يريده الشعب (بما أن أيًّا من هذه الدول ليس في الواقع ديمقراطيةً). إنجاز المهمة هو كل ما يهم حقًّا، إذًا، وعندما يصل الأمر إلى الدفع بالضغط، فالأرستقراطيون يعرفون كيفية إنجاز المهمة. إنه جهدٌ جماعيٌّ، أولا من جانب كلِّ تحالفٍ، ومن ثم من جانب كلِّ فريقٍ (مثل فريق العلاقات العامة وفريق الفضاء وما إلى ذلك) أن تكون كلُّ أرستقراطيةٍ تحت سيطرة التحالف؛ وفي النهاية، من جانب كلِّ موظفٍ أو وكيلٍ ما لكل منظمةٍ داخل كلِّ فريقٍ. إنهم جميعا شركاء الأعمال؛ و«عملية إعادة الأمل» إنما هي واحدةٌ من عملياتهم العديدة.

 بعد فترةٍ وجيزةٍ من تولي دونالد ترامب منصب الرئيس الأمريكي، أنهى أكبر وأول عملية بيع أسلحة بالتاريخ الدولي، والتي كانت تخص آل سعود، مقابل 350 مليار دولار من الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة. بالنسبة إلى ترامب وواشنطن الرسمية، تعتبر إيران الشيعية «الدولة الإرهابية رقم واحد»، وهذا مجردُ تأكيدٍ زائفٍ بقدر ما يمكن للمرء  تخيله. في الواقع، شارك روبرت مولر، وجيمس كومي، وآل سعود أنفسهم (وخاصة الأمير بندر)، بشكلٍ جوهريٍّ في إطلاق تلك التهمة ضد إيران من أجل تحويل اللوم بعيدًا عن السعوديّين أنفسهم، عن حادث أبراج الخبر عام 1996 داخل المملكة العربيّة السعوديّة. تمثل حكومة الولايات المتحدة الأرستقراطيةَ في الولايات المتحدة، لا الشعبَ الأمريكي.

على مستوى الدولة العميقة، لا توجد في الواقع أيُّ أحزابٍ سياسية، فقط الأرستقراطية المتحدة (ووكلاؤها)، والتي تشمل كلا الحزبين. وفي الواقع، هي تتألف من كل من الولايات المتحدة وأرستقراطيات المملكة العربيّة السعوديّة.

إذًا: الحرب في اليمن هي جزءٌ من التحالف السعوديّ الأمريكي. ومن أجل توضيح السياق لقرار الأمير سلمان في العاشر من تموز بشأن هذا الجزء منه، سنطلع في التالي على بعض الخلفية التاريخية الهامة:

في حين بدأ الإسلام كإيمان واحد في 610، بدأ الانفصال في الإسلام الشيعي والإسلام السني في عام 680، في معركة كربلاء، حيث «الحسين بن علي، حفيد محمد، إلى جانب العديد من المسلمين البارزين الآخرين، لم يوافقوا على ترشيح يزيد للخلافة وأعلنوا أيضا أنه ضد روح الإسلام (لأن الإمام أو رجل الدين، وهو عالم الإسلام، يجب أن يقود الإيمان). كان يزيد أولَ خليفةٍ وراثيٍّ. ورفض الحسين، من حيث المبدأ، السلالات الوراثية. كانت هذه المعركة بين أنصار الممالك (أي السنة) (الخلفاء الوراثيين، أو«الملوك»)، مقابل خصوم المَلِكيات (الشيعة). «كان الحسين يعتقد  أن تعيين يزيد كوريثٍ للخلافة سيؤدي إلى ملكية وراثية، والتي كانت ضد التعاليم السياسية الأصلية للإسلام. لذلك، عزم على مواجهة يزيد».

من الواضح، إذًا، أن السعوديّين، والملكيات الوراثية الأخرى في العالم الإسلامي (وجميعهم مستوردون رئيسيون لأسلحة الولايات المتحدة)، يخافون الشيعة، والشيعية نفسها ـ الاعتقاد الشيعي. هناك أيضا العديد من أتباع السنة الذين يرفضون الملكية (حكمًا وراثيًّا / حكمًا أسريًّا)، رغم أن الإسلام السني نفسه لا يرفضه. على عكس الشيعية، فإن رفض الملكيات ليس جزءا من الإيمان السني. علاوة على ذلك، فإن الطبقة الأرستقراطية في الدول الملكية السنية تمول رجال دين يقبلون الملكيات. ولذلك، فإن الانقسام الذي بدأ في عام 680، تصاعد بشكل كبير بعد الثورة الإيرانيّة عام 1979، التي أدت في الواقع إلى إقصاء الملك، لذلك فهي ترعب الملوك المسلمين اليوم. إنهم مصممون على التغلب عليها. لحماية سلالاتهم، لأنفسهم وأحفادهم، يهدفون إلى تدمير إيران والتغلب على جميع الشيعة.

إليك ما حدث في هذا الحدث الأساسي في 680:

لقد عارض الإمام الحسين بن علي، الذي ذُبحت قواته في كربلاء، الخليفة يزيد الأول. وكما لاحظ مجلس الولايات المتحدة للعلاقات الخارجية بشكل صحيح:

أصبحت كربلاء قصةً أخلاقيةً واضحةً للشيعة، وكان الخلفاء السنيون يشعرون بالقلق من أن الأئمة الشيعة ـ أحفاد الحسين الذين كانوا يعتبرون القادة الشرعيين للمسلمين (السنة يستعملون مصطلح «إمام» للرجال الذين يؤدون الصلاة في المساجد) ـ ويقلقون من استخدامهم هذه المجزرة لأسْر الخيال العام وإسقاط الملوك. نتج عن هذا الخوف المزيد من الاضطهاد للشيعة وتهميشهم.

ويخبرني كيفن باريت، وهو باحث في الإسلام، أيضا، أن مؤسس ثورة إيران عام 1979، آية الله الخمينيّ، لم يرفض فقط القبول السُنّي بالمَلِكيات، ولكن أيضا ما كان يعتبره الخمينيّ ظلم تلك المَلِكيّات السُنّية، حيث يتم التعامل مع الرعية التابعة للملكية كما لو أنها كائناتٌ أدنى من حيث الطبيعةُ. هذا الظلم هو، بالطبع، جزءٌ من المَلِكيات، والملوك، وجميع أشكال الأرستقراطية الأخرى. ونتيجة لذلك، أثار الخمينيّ، والجمهورية الإسلامية التي أنشأها في عام 1979، في الطليعة، بطريقةٍ لم يسبق لها مثيلٌ من قبل، التهديد الشيعي الذي نشأ ضد الملوك. وهذا تهديدٌ ضد الأنظمة نفسها التي هي الحليفة الرئيسية للأرستقراطية في الولايات المتحدة، والتي تشتري الآن، أكثر من أي وقتٍ مضى، الأسلحة التي تصنعها شركات الأرستقراطية في الولايات المتحدة مثل General Dynamics و Boeing. وكلما زاد الخوف عند هؤلاء الملوك، تكون أرباح شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية أفضل. لذا، يستفيد الأرستقراطيون الأميركيون من الخوف المتزايد عند الأرستقراطيين العرب من الشيعة. في حين أن إسرائيل تخاف من أن «إيرانٍ» غير حليفة للولايات المتحدة،  ولا تتبع توجيهات الولايات المتحدة ضد الفلسطينيين، يخشى الملوك السُنة المناصرون لأمريكا من إيرانِ بعد 1979 بسبب ولادتها من رفض الملكية نفسها. وبالتالي، تعتبر إيران «تهديدًا وجوديًّا» من جانب الحكام في كلٍّ من إسرائيل والسعوديّة (وفي الأنظمة الملكية العربيّة الأخرى)، وهذا ما يدفعهم جميعًا إلى شراء الكثير من الأسلحة الأمريكية الصنع.

وبالتالي فإن النزاعات في الشرق الأوسط مربحةٌ للغاية لشركات الأسلحة الأمريكية، لأنها تغذي أكبرَ سوقٍ أجنبيٍّ للأسلحة الأمريكية الصنع. وبالطبع، تستفيد شركات النّفط الأمريكية أيضا من تحالف الحكومة الأمريكية مع السنة المتدينين ضد الشيعة.

إذًا: الجذور التاريخية للحرب في اليمن عميقة. تعود الأصــول إلى تـأسيس الإسـلام الشيعي، والإسـلام السني، عـام 680، وإلى تكثيف هذا الانشقاق الكبير، عام 1979.

لذلك ، حتى الولايات المتحدة (التي تدّعي أنها ديمقراطيةٌ) تعترف بأنها تدعم الملكيات في العالم الإسلامي. وهي تفعل ذلك على الرغم من أن تلك الأنظمة الملكية (والأرستقراطيين التابعين لها بما في ذلك أشخاصٌ مثل أبناء بن لادن) هم الممولون الرئيسيون ـ الناس الذين يستأجرون ويدفعون ويدربون ويشترون الأسلحة لـ ـ إرهابيين إسلاميين مثل تنظيم القاعدة وداعش من أجل استرضاء رجال دينهم المحليين، الذين، كأصوليين من السنة، لا يعتبرون غير المؤمنين (بإيمانهم الأصولي- السني الخاص) أنهم «شعب الله». وبالتالي فإن الأرستقراطية ورجال الدين يتقاسمون السلطة في هذه الدول الملكية. على النقيض من ذلك، في البلدان الشيعية، الأرستقراطية أقل قوة، لأنه لا يوجد ملك، وبالتالي، فإن الوضع الوراثي ـ الذي هو أساس أيِّ طبقةٍ أرستقراطيةٍ ـ غير موجود في البلدان الشيعية.

وهنا، إذًا ،قرار الأمير سلمان، بالكامل:

خادم الحرمين الشريفين يعفو عن جميع العسكريين، الذين يشاركون في «عملية إعادة الأمل»، بالعقوبات العسكرية والتأديبية.

الثلاثاء 26/10/1439 هـ الموافق 10/7/2018 م 

جدة ، 26 شوال  هـ  الموافق 10 تموز2018 م 

سبا (وكالة الأنباء السعوديّة) ـ تقديرا لخدمات جميع العسكريين، في جميع القــوات المسلحــة، والمشـاركين في «عمليـة إعــادة الأمل» وبسبب الأعمال البطولية والتضحيات التي يقدمونها، ورغبته النبيلة في مجازاة أيِّ عملٍ قد يجلب المتعة والسعادة إلى العسكريين وعائلاتهم، واستنادا إلى التقارير المقدمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمرًا ملكيًّا ساميًا بالعفو عن العسكريين، الذين شاركوا في «عملية إعادة الأمل» من العقوبات العسكرية والتأديبية الخاصة بكلٍ منهما، في ما يخص بعض القواعد والأنظمة.

هذا ترخيص لا فقط من قبل الأرستقراطية (الملكية)، بطريقةٍ مباشرةٍ، ولكن أيضا من قبل رجال الدين، بطريقة غيرِ مباشرةٍ. يتم توفير السلطة للأسرة الملكية سعود، وتحديدًا للملك، من قبل رجال الدين، وهم رجال الدين للمذهب الوهابي، لأن يكون «خادم الحرمين الشريفين» للإسلام، والتي تمكن خادم الحرمين الشريفين الملك (أو وكيله) أن يصدر أيَّ مرسومٍ قد يرغب به. لذا، فإن دولة المملكة العربيّة السعوديّة هي أرستقراطيةٌ وثيوقراطيةٌ. لا يمكن لأيٍّ منهما أن يحكم دون الآخر. لا يمكن اختيار أيِّ فردٍ من أفراد العائلة المالكة من قبل بقية أفراد العائلة ليصبح الملك مقدمًا، إلا عندما يعطي رجال الدين الوهابيون مباركتهم إلى الشخص الذي يختارونه. لذلك، في حين أن عائلة سعود تملك السلطة وسلطة الحكومة، فإن رجال الدين الوهابيين يمتلكون حق النقض على أيِّ شخصٍ قد تختاره عائلة سعود؛ وبالتالي، فإن السلطة المطلقة على المملكة العربيّة السعوديّة هي في الواقع مشتركة بين عائلة سعود ورجال الدين الوهابيين العاملين معهم ـ وليست مملوكةً مئة بالمئة من قبل الملك السعوديّ. السلطة الأخلاقية في المملكة العربيّة السعوديّة هي لرجال الدين الوهابيين، والسلطة القانونية النهائية في المملكة العربيّة السعوديّة هي للملك.

وبـالتالـي، نفهـم مـن هــذا المرسوم الجديد  أن أيَّ جنديٍّ سعوديٍّ سوف لن يعاقب بالقتل فقط، لأنه يخالف أمر الملك، بل سيحوله رجال الدين الوهابيين إلى الجحيم. وهكذا، في مثل هذا النظام الأرستقراطي-الثيوقراطي، فإن إمكانية الخلاص الوحيدة للجندي السعوديّ هي طاعة الملك. يتم دعم هذا النظام من قبل حكومة الولايات المتحدة، على الرغم من أن حكومة الولايات المتحدة لا تخضع (من الناحية الفنية، على الأقل) أيضا لسيطرة عائلة سعود ورجال دينها. إنها الطريقة السعوديّة الأمريكية، ليس فقط في هذه الحرب، ولكن منذ التأسيس عام 1933 ما أصبح لاحقًا أكبرَ شركةٍ منتجةٍ للطاقة في العالم، شركة النّفط العربيّة الأمريكية أو أرامكو ـ وهي اندماج عائلة سعود، وعائلة روكفلر الأميركية، وتحديدا شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا لعائلة روكفلر (شركة شيفرون). هذا الانصهار في المصالح كان أيضا اندماجًا للأرستقراطيات. كان مثل الانصهار، في عام 1744، بين عائلة آل سعود ورجال الدين الوهابيين، إلا أن هذا كان دوليًّا، بين الأرستقراطيات، بدلًا من الوطني الداخلي، بين الأرستقراطية ورجال الدين.

تلك هي التحالفات التي تشكل جوهر الحرب لغزو اليمن. كما أنها حربٌ ضد الإسلام الشيعي، لأن التحالف الأولي، بين رجل الدين الأصولي السني محمد بن عبد الوهاب ورجل عصابات النهب الصحراوية محمد بن سعود، استلزم على وجه التحديد التحالف لتدمير الشيعة. أدى هذا التحالف في عام 1744م. إلى اشتداد الانقسام السني ـ الشيعي ومع الإطاحة بالشاه في عام 1979؛ أصبح في العالم الإسلامي،  ما يعادل حرب الثلاثين عاما البروتستانتية الكاثوليكية في أوروبا، والتي استمرت من عام 1618إلى عام 1648. الحوثيون في اليمن هم من الشيعة، وبالتالي حـرب آل سعود ضد الحوثيين، هي أيضا جزء من حرب الوهابيين المقدسة.

هذه هي الطريقة السعوديّة والأمريكية في العلاقات الدولية. يتم تقاسم القيادة بين الأرستقراطيين الرئيسيين - الطبقة الأرستقراطية في الولايات المتحدة، والطبقة الأرستقراطية في المملكة العربيّة السعوديّة. هناك أرستقراطياتٌ قوميةٌ أخرى في التحالف الأمريكي السعوديّ، مثل أرستقراطيات الإمارات العربيّة المتحدة وإسرائيل وأوروبا واليابان، وهي تابعة لذلك التحالف الأساسي، الطريقة السعوديّة والأمريكية. ينضم حلفاء مختلفون إلى حروبٍ مختلفةٍ يشنها التحالف السعوديّ الأمريكي الأساسي. وعلى سبيل المثال، عندما غزت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة العراق في عام 2003 واحتلت العراق، لم يشمل المشاركون سوى عددٍ قليلٍ من الحلفاء الأوروبيين الآخرين، ولم يشملوا أيًّا من الحكومات الدينية - اليهودية أو الإسلامية. كان غزوا بالكامل من قبل الدول المسيحيىة المشاركة، ضد العراق. (بالطبع، بعد فوزهم، لم يكن ما فازوا به واضحًا ـ فقط إنهم فازوا كان واضحًا. لكن الشركات العسكرية في البلدان المنتصرة بوضوحٍ فازت بعقودٍ ذاتِ عطاءاتٍ كبيرةٍ بدون إجراء مناقصاتٍ؛ وهكذا، فاز الأرستقراطيون ماليًّا من هذا الغزو، كما يحدث عادة نتيجة الغزوات).

وهذا ما يفسر السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط: الطريقة السعوديّة الأمريكية. مثل أيِّ تحالفٍ، لا يشارك جميع الأعضاء معًا في حرب ما. على سبيل المثال، حقيقة أن بولندا، وهي حليفٌ آخرُ للولايات المتحدة، لا تشارك في غزو اليمن، لا يعني أن بولندا ليست جزءا من التحالف الأمريكي السعوديّ. وفي حال وقوع حربٍ عالميةٍ ثالثةٍ، فعندئذ سيشارك جميع أعضاء الحلف بفعالية، على الجانب  نفسِه (ضد روسيا وأيِّ من حلفائها).

هذه التحالفات هي تمامًا بين وضد مجموعات الأرستقراطيات، وليست بين الجماهير وضدها، الذين هم مجرد خاضعين تحكمهم تلك الأرستقراطيات. وهذا هو السبب في أنّ أيَّ محاولةٍ لفهم، على سبيل المثال، الحرب في اليمن، على أساس أنها «الحرب على الإرهاب» أو غيرها من عبارات العلاقات العامة الموجهة إلى اهتمامات العامة، يتم توجيهها بشكلٍ خاطىءٍ أساسًا. لا يمكن للمرء فهم الأحداث الدولية من خلال استعمال مثل هذه المهدئات اللفظية. على الرغم من أن هذه المهدئات اللفظية هي «التفسيرات» المعيارية، إلا أنها لا تفسر أيَّ شيءٍ في الواقع ـ على الأقل أنها لا تفسره بأمانة.

-------------------------------

ستراتيجيك كلتشر : موقع إعلامي على الإنترنت يركز على التحليل في الشؤون السياسية من أوروبيةٍ وأسيوية وعالميةٍ في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وقد تأسس منذ عام 2005.

إيريك زوسي : كاتب محلل أميركي ومؤرخ استقصائي.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف