البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

November / 4 / 2018  |  3510فضائيات الاطفال وأخطارها

حيدر محمد الكعبي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية حزيران 2018
فضائيات الاطفال وأخطارها

تعد القنوات الفضائية الموجّهة للأطفال من أكثر الوسائل الثقافية تأثيراً فيهم، وبخاصة في المجتمعات التي تعاني من مشكلات في المنظومة التربوية والتعليمية مثل المجتمع العراقي اليوم.

فعلى الرغم من الوالدين هما المصدر الاساس لغرس القيم والسلوكيات الصالحة لدى الأطفال، إلا أن القصور في ثقافة الوالدين بسبب تراكم المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تجعلهما عاجزين عن تأدية دورهما التربوي الصحيح تجاه اطفالهم.

كما ان المدرسة التي تعد ثاني ركن تربوي للطفل تعاني هي الأخرى من مشاكل كبيرة في مناهجها وأساليبها التربوية، مما يجعلها تقتصر على اسلوب تلقين المعلومات بهدف نيل الدرجة التي تؤهل الطفل للإنتقال إلى مرحلة دراسية جديدة فقط.

هذا القصور في ركني التربية والتعليم ولّد فراغاً لدى الطفل تقدر على سدّه وسائل الاعلام الحديثة وعلى رأسها القنوات الفضائية، لما تمتلكه من جاذبية وتشويق من جهة، وما توفّره من معلومات تتعلق بمعظم المجالات التي تثير فضول الطفل من جهة اخرى.

ونظراً لتوفر البث المجاني، فإن الفضائيات الموجّهة للأطفال قد دخلت في كل منزل وصارت هي المصدر الاول الذي يستقطب اهتمام الاطفال حتى تحولت الى جليستهم المفضّلة، وأضحت القنوات التلفزيونية في الأغلب هي المربّي الأكثر تأثيراً على أجيالنا الجديدة.

أثر التلفزيون في تربية الطفل

إن التلفزيون وسيلة فريدة للغرس الثقافي لدى الاطفال، فتكرار تعرض الاطفال لبرامج التلفزيون يحدث فرقا في طبيعة ادراكهم للواقع الذي يعيشونه كما يؤثر على المنظومة القيمية لديهم بصورة تراكمية بغرس قيم ومعتقدات جديد، فبحسب دراسة اجراها الباحث الامريكي (جورج جاربنر) في العام 1968 تتمحور حول التناسب الطردي بين كثرة التعرض لبرامج التلفزيون والغرس الثقافي تبين (أن التلفزيون وسيلة فريدة للغرس لدى الاشخاص خاصة الاطفال، وذلك لتمتعه بخصائص منها: قيامه بدور راوي الحكاية وامداد الطفل بالمعلومات وتكرار الصور الذهنية)[1].

ومع وفرة البرامج التلفزيونية على مدار 24 ساعة، وبخاصة مع اهمال الوالدين لمسألة تقنين ساعات مشاهدة الاطفال لتلك البرامج، فان الاطفال باتوا في ارتباط وثيق بالتلفزيون، ومن ثم أكثر تأثراً به.

 وبحسب دراسة حديثة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) حول معدلات مشاهدة الأطفال العرب للتلفزيون تبين أن الطفل قبل أن يبلغ الـ 18 من عمره يقضي أمام شاشة التلفاز 22 ألف ساعة مقابل 14 ألف ساعة يقضيها في المدرسة خلال المرحلة نفسها، ومع بدء القرن الـ21 زاد المعدل العالمي لمشاهدة الطفل للتلفزيون من ثلاث ساعات و20 دقيقة يوميا إلى خمس ساعات و50 دقيقة، نتيجة الانتشار الواسع للفضائيات التلفزيونية[2].

وإذ لا يمتلك الأطفال الاسس النقدية الكافية من عقيدة وقيم وخبرة تمكنهم من تمييز الصواب والخطأ بدقة، لذا فان الرسوم المتحركة تؤثر تأثيرا بالغا في وجدانهم الى الحد الذي يحققون معها حالة التماثل القصوى، لان الصورة المتحركة المصحوبة بالصوت في المراحل المبكرة للطفل تتجاوب مع الوعي الحسي والحركي لديه وتحدث استجابات معينة في ادراكه تسهم فيما بعد في تشكيل وعيه وتصوره للأشياء حوله لأنه يختزنها وتصبح رصيده الثقافي والوجداني والشعوري[3].

انتشار برامج الأطفال الغربية

نظرا لما تقدم؛ تبرز اهمية أن تتحمل المؤسسات الفكرية والثقافية –الحكومية والأهلية- مسؤولية توفير قنوات تلفزيونية فضائية جذابة ومؤثرة خاصة بشريحة الطفل، تكون بديلا خيّراً يسد النقص التربوي والتعليمي الذي يعانيه الأطفال في مجتمعاتنا.

وان الواقع يفصح عن وجود إهمال واضح في هذا الصدد مع شديد الاسف[4]، ونتيجة لذلك -وطبقا لدراسة اعدها اليونسكو- فان أكثر من نصف ما يشاهده ابناؤنا في التلفزيون هو برامج مستوردة من الدول الغربية، وان 75% منها يأتي من الولايات المتحدة الامريكية[5]، وهي عبارة عن مواد هابطة منتجة خصيصا للبلدان النامية، ففي الوقت الذي تستورد فيه الدول المتقدمة افضل ما لدى الدول النامية من فنون وآداب وموسيقى فإنها تصدِّر اليها أسوأ ما تنتجه من المواد والبرامج التلفزيونية، وهذا ما دفع بعضهم الى وصف هذا التبادل الثقافي غير المتكافئ «بالغزو الثقافي»[6].

ومع قطع النظر عن المحتوى الهابط لبرامج التلفزيون الغربية هذه، فإن عملية استيراد هذه البرامج وطرحها لأجيالنا يعد مشكلة بحد ذاته (لأن المضمون الذي تقدمه الرسوم المتحركة هو نتاج فكر يقوم على أسس معينة ورؤى خاصة كما انه نتاج ثقافة مجتمع له عقيدته واخلاقه وعاداته وتقاليده، وهذا الفكر وهذه الثقافة هي التي يعكسها المؤلف والرسام والمخرج للرسوم المتحركة، فلا يكفي ان ننظر فقط الى الجانب الترفيهي في هذه الرسوم وما يصاحبها من مؤثرات مشوّقة وجذابه، بل يجب ان ننظر الى المصدر الذي اتي منه هذا المضمون لان هذه الرسوم المتحركة تحمل مضمونا يتسلل الينا من دون ان نشعر، ومع تكرار المشاهدة يتراكم شيئا فشيئا حتى يؤدي الى تغيير بعض المفاهيم او القيم او العادات او ما هو اخطر من ذلك: تغيير العقيدة نفسها (...) وبحسب دراسة مصدرها المجلس العربي للطفولة والتنمية في ديسمبر 2004، فان برامج الرسوم المتحركة المستوردة في معظمها تؤثر سلبا على الاطفال لكونها لا تعكس الواقع ولا القيم العربية ولا تعاليم الدين الاسلامي، باعتبار ان هذه البرامج تأتي حاملة لقيم البلاد التي انتجتها وتعكس ثقافتها)[7].

احصاء الفضائيات الناطقة بالعربية

مع اطلالة القرن الواحد والعشرين، التفتت مؤسسات اعلامية في الدول العربية الى أهمية القنوات الفضائية المخصصة للأطفال، فاغتنمت فرصة السبق لافتتاح فضائيات مجانية للأطفال لأغراض شتى لا تخرج في الغالب عن اطار الأدلجة أو الربح التجاري أو كلاهما معاً.

وفي هذا الصدد تم رصد أسماء القنوات الفضائية المجانية المخصصة للأطفال والناطقة باللغة العربية، ونوردها مرتبة بحسب تاريخ التأسيس أو اطلاق البث:

قناة سبيستون/ بحرينية / اطلقت في 2001

قناة أم بي سي ثري/ سعودية / اطلقت في 2004

قناة الجزيرة للأطفال جيم/ قطرية / اطلقت في 2005 .

قناة سات سفن كيدز / تبث من تركيا / اطلقت في 2007

قناة طيور الجنة 1 / اردنية / اطلقت في 2008

قناة نيكولودين العربية / امريكية / افتتحت في 2008.

قناة اطفال ومواهب / سعودية / انشئت في 2008

قناة اجيال / سعودية / افتتحت في 2009

قناة براعم / قطرية / افتتحت في 2009

قناة كراميش/ اردنية / افتتحت في 2009

قناة هادي / باكستانية / اطلقت في العام 2009

قناة سنا / سورية / افتتحت في 2009

قناة طه / لبنانية / افتتحت في 2010

قناة سمسم / سعودية / افتتحت في 2010

قناة هدهد / تبث من لبنان / افتتحت في 2010

قناة سكر / مصرية / افتتحت في 2010

قناة كارتون نتوورك / امريكية / افتتحت في 2010

قناة طيور الجنة 2 / اردنية / افتتحت في 2011

قناة محبوبة / فلسطينية / افتتحت في 2012

طيور بيبي / اردنية / اطلقت في 2012

سنابل / سوادنية / اطلقت في 2012

قناة نون / اردنية / افتتحت في 2013

قناة كناري / سعودية / افتتحت في 2013

قناة ميكي/ مصرية / افتتحت في 2013

قناة جرجرة / جزائرية / افتتحت في 2013

قناة كوكي كيدز/ مصرية / افتتحت في 2013

قناة مودي كيدز / مصرية / افتتحت في 2013

قناة آي كيدز / مصرية / افتتحت في 2013

قناة نم نم / مصرية / افتتحت في 2013

قناة كيدزينيا كارتون/ مصرية / افتتحت في 2014

قناة طيور العراق / عراقية / افتتحت في 2014 [8].

قناة دار القمر / مصرية / افتتحت في 2014 

قناة حمص كيدز / مصرية / افتتحت في 2014

قناة سنافر العراق / عراقية / افتتحت في 2014

قناة السندباد / عراقية / افتتحت في2014[9].

قناة ماجد / اماراتية / افتتحت في 2015

قناة كوجي / مصرية / افتتحت في 2015

تصنيف الفضائيات الناطقة بالعربية

يمكن تصنيف القنوات المتقدمة آنفاً الى انواع بحسب طبيعة البرامج التي تبثها للجمهور وعلى النحو الآتي:

أولا: القنوات الغنائية: من بين القنوات المذكورة أعلاه توجد تسع قنوات فضائية منهاجها اليومي قائم على تقديم كليبات الأغاني التي يؤديها أطفال أو مراهقون - فتيات في الغالب - وتمثل هذه القنوات مصدراً مؤثراً يشجّع الأطفال على دخول عالم الغناء والتطلّع نحو شهرة المُغنين، وهذه القنوات هي: (طيور الجنة1 / طيور الجنة 2 / أطفال ومواهب / كراميش / سنا / سكّر / نون / كناري / محبوبة).

علماً ان هذه القنوات تحرص على تقديم وجوه معينة من الأطفال المغنّين، لكي تدخلهم عالم النجومية وتجمع لهم جمهوراً واسعاً من الاطفال والمراهقين الذين يتابعونهم ويعجبون بأصواتهم وأدائهم، وهذا الأمر له بُعد تجاري في الحقيقة، إذ تعمل ادارة هذه القنوات على توظيف نجومها لإحياء الحفلات الغنائية المفتوحة التي تقيمها في بعض الدول العربية خلال مناسبات معينة على مدار السنة.

الجدير ذكره أن قناة (محبوبة) قد توقف بثها في العام 2014 لأسباب خاصة تتعلق بعدم تفرغ الكادر لإدارة شؤونها بحسب بيان نشره مدير القناة[10].

ويلحق بهذا الصنف كل من قنوات (طيور بيبي / دار القمر / سنابل) فهي وان لم تكن تقوم على اساس منشدين اطفال، إذ تعمل اساسا على انتاج اناشيد كارتونية موجهة لفئة الاطفال ما دون سن المدرسة، ولكن طبيعة انتاجها لا يخرج عن الايقاع الغنائي الذي يمهد للطفل الطريق للتعلق بالقنوات الغنائية الستة المذكورة آنفاً عندما يدخل سن الدراسة، وبخاصة اذا أخذنا بنظر الاعتبار أن قناة (طيور بيبي) منبثقة عن قناة (طيور الجنة) وتابعة لإدارتها.

ثانيا: قنوات التغريب: هنالك ست فضائيات من القنوات المذكورة تقوم اساساً بترويج الثقافة الغربية بين اطفال العوائل العربية والاسلامية على مدار الساعة، وهذه القنوات هي: (سبيستون / أم بي سي ثري / كارتون نتوورك / ميكي / ماجد / نيكولودين)، وقد تم اغلاق قناة (نيكلوديون) الامريكية العام 2011 ليعود بثها في العام 2015 ضمن مجموعة قنوات OSN المشفرة.

وتعد هذه القنوات هي الأكثر رواجا بين اطفالنا اليوم، ففي دراسة أعدت في العام 2012 تضمنت استطلاع رأي حول أكثر الفضائيات المفضلات لدى الاطفال العرب، تصدرت ثلاث فضائيات هي على التوالي: قناة (أم بي سي ثري- (MBC3 وقناة (سبيستون) وقناة (نتوورك عربية - CN)[11]، ووفقاً لاستطلاع رأي قامت به الجمعية العربية للمسؤولية الاعلامية في شهر آيار من العام 2014 حول القنوات المفضّلة التي يتابعها الاطفال في الدول العربية[12]، تصدّرت القائمة بشكل ساحق كل من: قناة (أم بي سي ثري- (MBC3 بواقع 89%، تليها قناة (نتوورك عربية- CN) بواقع 87%.

وهذه القنوات المتصدّرة تقع في صنف الفضائيات التي تنشر التغريب بحسب التصنيف المتقدم آنفاً، ومن خلال متابعة نماذج تمثيلية للبرامج التي تعرضها هذه الفضائيات، نسجّل مجموعة من السمات الخاصة بالمحتوى الثقافي على النحو الآتي:

انها تحمل بوضوح سمات وأعراف الحياة الغربية بشكل كامل، باستثناء البرامج التي تنتجها هذه القنوات للتعريف بالتراث الاسلامي، مثل البرامج الدينية لقناة (MBC3)، علماً أن البرامج الدينية هذه تناغم الفكر السلفي، إذ تمجد بعض الشخصيات التي ثبت انحرافها تاريخيا في حين تغطّي على مناقب بعض الشخصيات أو تشوه تاريخها.

تشيع هذه القنوات ثقافة العنف وتجعله الوسيلة المثالية لحل المشاكل، وتمجّد كثيراً الشخص القوي بعضلاته والمعروف بمهارته في الضرب أو استخدام السلاح.

لا تهدف كثير من برامجها الى غرس السلوكيات الحسنة لدى الطفل بل العكس هو الصحيح، إذ تبث سلوكيات سلبية عديدة مثل القذارة والاسراف والشتم والاستخفاف بالآخرين بحجة تقديم التسلية والكوميديا المضحكة.

التشجيع على ممارسة الغناء والرقص الاستعراضي، بالإضافة الى الرقص الايحائي الجنسي، وهنالك عرض لمسلسلات وافلام كاملة تتضمن حفلات غناء لموسيقى (الروك) او (البوب) شبيهة بالحفلات الليلية الماجنة في أمريكا.

تقدم العديد من برامج القنوات الفضائية علاقات غرامية منفتحة (بين فتى وفتاة) أو علاقات شاذة، فضلا عن بث ثقافة الخلاعة والتعرّي والحركات ذات الايحاء الجنسي.

تبث الروح الاستهلاكية وتشجع الطفل على الاسراف في شراء الأطعمة الجاهزة والحلويات المصنعة والألعاب والإكسسوارات والمقتنيات الكمالية، وذلك من خلال الاعلانات المموّلة التي تناغم العديد من البرامج الكارتونية التي تبثها القناة.

ثالثا: قنوات سلفية ومسيحية: من بين مجموع القنوات العربية المجانية المذكورة هنالك قناة تبث من السعودية تحمل طابعا دينيا مستمداً من روح التعاليم السلفية بإسم قناة (سمسم)، بالاضافة الى قناتين مصريتين منوعتين تبثان تعاليم الديانة المسيحية هما (سات سفن كيدز / كوجي) احداهما تابعة لشبكة تلفزيون (SAT-7)[13] والثانية تابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية[14].

رابعا: قنوات البرامج القديمة: من بين الفضائيات المرصودة توجد ثمان قنوات تقوم بعرض المواد الكارتونية القديمة وهي: (كيدزينيا كارتون / طيور العراق / سنافر العراق / حمص كيدز / كوكي كيدز / مودي كيدز / آي كيدز / نم نم)، وهذه القنوات في العادة لا تمتلك قدرات مالية كبيرة، لذا فهي تعتمد على عرض البرامج الرخيصة لملء ساعات بثها اليومي، فتلجأ إلى شراء حقوق عرض الأفلام والمسلسلات الكارتونية التي كانت تبث منذ الثمانينات والتسعينات، ولا تمتلك هذه القنوات في العادة ستوديوهات عمل او تقدر على انتاج برامج من العيار الثقيل، وهو الامر الذي يشكل عصب النجاح في جذب اكبر عدد من الاطفال لمتابعة القناة الفضائية.

وفي الحقيقة لا تستهدف أغلب هذه القنوات الطفل من خلال بثها، وانما تهدف الى اجتذاب التجار للإعلان من خلالها، فهي تستهدف الربح اساسا من خلال الاعلانات، لذا فهي تفسح مساحة واسعة من وقتها للإعلان، وفي بعض الاحيان تكون اعلاناتها متعلقة بمنتجات تخص الكبار ولا علاقة لها بالأطفال بشكل يخالف توجه القناة المُعلن.

علماً ان بعض هذه القنوات قد اغلقت أو تكاد لضعف الجمهور والتمويل الخاص بها.

خامسا: قنوات منوعة: من بين مجموع القنوات الفضائية المرصودة سابقاً هنالك خمس قنوات تضم برامج منوعة ولا يلحظ توجه محدد في منهاج بثها وهي: (الجزيرة اطفال»جيم» / براعم / أجيال / جرجرة / السندباد).

أما بالنسبة لقناتي (الجزيرة اطفال»جيم» / براعم) اللتان تبثان من دولة قطر فقد تم حجب كليهما عن البث المجاني وانضمتا الى مجموعة قنوات beIN المشفرة، علما أن هاتين القناتين بالذات كانتا تمتلكان جمهورا واسعاً نظراً لما تبثّانه من ترفيه مناسب وامكانات فنية مدروسة، وقد سبب تحولّهما الى قناة مشفّرة خيبة أمل للعديد من العوائل التي تحرص على تقديم مادة مسلية وهادفة لأطفالهم[15].

وبالنسبة لقنوات (أجيال / جرجرة / السندباد) فهي قنوات تعتمد بشكل واضح على المنتج المحلي وتوازن في بث البرامج، فهنالك برامج دينية وهنالك اناشيد توجيهية وترفيهية وهناك برامج كارتونية للتسلية، ولكن لا يعني ذلك وجود خروقات تربوية لا تتماشى مع الثقافة العربية والاسلامية، فمثلا تظهر في بعض برامج القنوات المذكورة سفور البنات البالغات، كما ان بعض الاناشيد تحمل طابعا غنائيا واضحا، اضف الى ذلك ان بعض البرامج الكارتونية التي تبثها تحمل روح الثقافة الغربية بشكل واضح.

وقد اغلقت قناة السندباد التابعة لشبكة الاعلام العراقي مؤخرا بسبب سياسة التقشف المالي للدولة.

سادساً: القنوات الشيعية: ومن بين هذا الكم من القنوات الفضائية ذات التوجهات المختلفة، توجد ثلاث قنوات فقط تتبع لمؤسسات شيعية خاصة، وهذه القنوات هي: (طه / هادي / هدهد).

أما قناة (طه) فهي فضائية لبنانية قائمة أساسا على لون واحد من الانتاجات، وهي الاناشيد القصيرة المنوّعة التي تعيد تكرار بثها يومياً، بل تعيد تكرار بث الاناشيد ذاتها بعد مرور ساعة من عرضها خلال اليوم الواحد، كما انها لا تستثمر كثيراً من الاغراض الفنية الاخرى التي تقدم للأطفال وتجذبهم كما هو الحال في قنوات مؤثرة مثل (سبيستون) و(ام بي سي ثري).

وأما قناة (هادي) فهي قناة تتبع مجموعة قنوات هادي الباكستانية بدعم من مؤسسة الإمام الهادي لنشر معارف أهل البيت(عليهم السلام) في الباكستان، وقد انطلقت بوصفها أول قناة فضائية شيعية للاطفال باللغة الأوردية، وتبث برامجها ايضا بالانجليزية ولغة التايي والمالاوية والعربية، إلا أن المتلقين الرئيسيين لها هم الناطقين باللغة الأوردية في الهند والباكستان وبنغلادش[16]، والفرع الناطق باللغة العربية من هذه القناة يبث عن طريق لبنان، وطبيعة انتاجها يناظر انتاجات قناة (طه) اللبنانية، إذ تقوم ببث اناشيد كارتونية قصيرة بجودة فنية منخفضة، ويبدو أنها لا تملك إمكانات كافية تجعلها تتميز عن شبيهتها (طه) ليكون اداؤها افضل.

وأما قناة (هدهد) فهي تبث من لبنان بدعم من السيد جواد الشهرستاني[17]، وتبث باللغة العربية والانجليزية والفارسية، كانت لها انطلاقة مميزة في بادئ الأمر من خلال طرقها لأبواب ترفيهية وتعليمية وتربوية منوّعة واستثمارها لمساحة جيدة من الانتاج الكارتوني والبرامج الفاخرة، كما انها تناولت مجالات ثقافية عدّة لا تقتصر على الجانب الديني حسب، وأسلوبها هذا حقق لها تأثيرا قوياً بحيث دفع جهات سلفيّة للضغط على ادارة القمر الصناعي (نايل سات) من أجل منع بثها أكثر من مرة بحجة انها قناة تنشر التشيّع بين أطفال المسلمين[18].

 ولكن مما يؤسف له هو أن أداء القناة قد انخفض في الآونة الاخيرة، إذ طغت عليها مؤخراً الإنتاجات ذات التكلفة الرخيصة مما أفقد (هدهد) بريقها المعهود، ولم تعد تجذب الاطفال أو تثير حماسهم كما في السابق.

خاتمة وتوصيات:

تمثل القنوات التلفزيونية الموجهة للأطفال فرصة ذهبية تُستثمر في مجال غرس القيم والاعراف والاخلاق والعقائد الدينية السليمة، وتسد جانبا أساسياً من الفراغ التربوي الذي يفتقر اليه ابناؤنا.

ويجب أن يكون اغتنام هذه الفرصة وفقاً للقواعد الاعلامية الصحيحة التي تستدعي استنفار الخبرات والدعم المالي الكامل لهذه المشاريع الحيوية.

ولكن مما يؤسف له هو أن السبّاق لمضمار العمل التلفزيوني الموجه للأطفال كانت جهات غير مأمونة وغير راعية للأهداف النبيلة والقيم الأصيلة للمجتمع العربي الاسلامي، فافتتحت فضائيات ناطقة باللغة العربية كان لها أثر سيء على ثقافة الاطفال المسلمين وعقائدهم، فمن هذه القنوات ما يشجع على ثقافة التغريب ومنها ما يشجّع على ثقافة الرقص والغناء ومنها ما يروج لعقائد منحرفة ومنها ما يبحث عن الربح التجاري من دون مراعاة للأهداف الصالحة وهكذا، أما القنوات النافعة فعددها قليل جداً كما انها تأثير ضعيف لكونها تعاني من مشاكل مالية وفنية واضحة.

ونظرا لأهمية تأثير التلفزيون على الأجيال الناشئة، ننصح بمراعاة النقاط الآتية للحد من خطر الفضائيات الرائجة المخصصة بشريحة الأطفال:

من الضروري جداً تثقيف الوالدين حول مسألة تقنين جلوس ابناءهم أمام التلفزيون وتحديد ساعات المشاهدة، ومراقبة ما يرونه من برامج وقنوات، مع ضرورة أن ينبه الوالدان أطفالهم دائماً الى السلوكيات السيئة التي تظهر في برامج تلك القنوات، ويتطلب ذلك منهم في بعض الاحيان الجلوس مع الاطفال امام التلفزيون والتحاور معهم حول ما يرونه من صور واحداث.

ويكون تثقيف الآباء حول هذه المسألة ضرورياً من قبل الخطباء والمؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني وباستخدام جميع الوسائل المؤثرة والمتاحة لذلك، ابتداء وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وانتهاءً بالندوات والمنشورات الثقافية التي تثقف الآباء والأمهات وتوجههم.

ضرورة تشجيع الاطفال على ممارسة هوايات بديلة لاجتناب الافراط في متابعة التلفزيون، كقراءة القصص والمجلات المفيدة الموجهة لهم والاشتراك بالرحلات الكشفية والدخول في مسابقات ورياضات مناسبة لهم، وتلعب المؤسسات الثقافية والتربوية دوراً مهما في انجاح هذه المشاريع.

من المهم جداً إيجاد بدائل صحية للقنوات الفضائية المنتشرة حالياً، ويكون ذلك باهتمام مؤسساتنا الاعلامية بإنشاء قنوات فضائية خاصة بالأطفال تغطي مراحلهم العمرية وتسايرهم لحين النضج، وتقدم لهم البرامج المفيدة والمسلية معاً، وتغرس فيهم روح الثقافة التي تناغم الأخلاق الحميدة والعقيدة الصحيحة، فالتلفزيون أولا وأخيرا يعد اهم مصدر من مصادر تعلم الأطفال واكتساب الخبرات ويؤدي دورا مهما في التنشئة الاجتماعية الى جانب الاسرة والمدرسة كما ذكرنا سلفاً.

ولا بد في هذا المجال من ان تكون هذه الفضائيات قائمة على اساس علمي دقيق، وليس قائما على الذوق أو الاستحسان، فصناعة الفن الخاص بمرحلة الطفولة له روّاده ومتخصصّوه، ولابد من أجل اقامة مثل هذه المشاريع من فصل الخط التحريري والفني عن تحكم جهات التمويل بالتفاصيل[19]، لأن هذه الجهات تكون في الغالب غير خبيرة في هذا المجال.

ولا بأس في هذا الصدد الاستعانة بخبرات فنية أجنبية، فضلا عن تخصيص ميزانيات مالية كبيرة لجعلها ذات وزن وتأثير ينافس الفضائيات المضللة، وهي غاية تستحق بحد ذاتها.

 علماً أن كثير من المؤسسات اليوم تبذل أموالا طائلة لافتتاح فضائيات دينية او سياسية لا تشكل سوى رقم يضاف إلى قائمة القنوات التي سبقتها، إذ تفتقد للنوعية وتعجز عن ملء الفراغ الذي يشبع حاجة المجتمع الفعلية للمشاريع الحيوية ومنها قنوات الاطفال المتخصصة.

علماً أنه يمكن أن تكون بعض القنوات الفضائية الموجهة للأطفال متخصصّة أكثر، فمثلاً يمكن أن تلعب بعض هذه الفضائيات دور الساند للمدرسة في التعليم، إذ يتم افتتاح قنوات أطفال تحوّل المناهج التعليمية الاساسية الى برامج مسلّية، فتكون بذلك خير معين للأطفال على تطوير تحصيلهم العلمي وتسد لهم القصور التعليمي الذي تعانيه أغلب المدارس اليوم.

-------------------------------

[1] ينظر: دراسة ماجستير للباحثة تسنيم احمد مخيمر بعنوان :القيم في برامج الاطفال التلفزيونية-برامج قناة ام بي سي 3 انموذجا- جامعة الشرق الاوسط 2015/ ص 23 وص 26.

[2] ينظر: مقال نشرته الجمعية العربية للمسؤولية الاعلامية بعنوان (إعـلام الـطـفـل: واقـعـة وسـبـل الـنـهـوض فـيـه دراسة تحليلية على قناة كرتون نتويرك العربية) مؤرخ في 28/5/2014

[3] ينظر: بحث بعنوان (اعلام الطفل العربي) نشرته الجمعية العربية للمسؤولية الاعلامية - 2014/ ص 31

[4] تنتج اليابان قرابة 100 فيلم كارتوني في السنة، وتنتج كندا مثلها كذلك، وفي امريكا فان شركة (والت دزني) لانتاج الكارتون وحدها تمتلك حوالي 55 الف موظف يعملون في انتاج الرسوم المتحركة (ينظر: كتاب ادب الاطفال بين النظرية والتطبيق لهيثم الخواجة / ص 72-73).

[5] ينظر: كتاب ادب الطفل في مواجهة الغزو الثقافي لطلعت فهمي خفاجي / ص 32

[6] ينظر: كتاب دراسات تلفزيونية لأديب خضور / ص20-21

[7] ينظر: بحث بعنوان (اعلام الطفل العربي) نشرته الجمعية العربية للمسؤولية الاعلامية - 2014/ ص 31-33

[8]تابعة لمجموعة الشاهد الاعلامية بإدارة (سعد الاوسي)

[9]افتتحتها شبكة الاعلام العراقية ضمن باقة قنواتها الفضائية.

[10] نشر البيان في صفحة القناة على فيسبوك باسم(Mahbooba TV | قناة محبوبة الفضائية) بتاريخ 28/6/2014وتناقلته عدد من المنتديات على الانترنت.

[11] ينظر: القيم في برامج الاطفال التلفزيونية- مصدر سابق ص 3

[12]نشر الاستطلاع في الموقع الرسمي للجمعية العربية للمسؤولية الاعلامية بتاريخ 15/6/2014 على الرابط الآتي http://mediaresponsibility.org/?p=1299.

[13]تلفزيون (SAT-7) اكبر وأقدم منظمة فضائية مسيحية بدعم من غالبية كنائس الشرق الاوسط.

[14]انشئت برعاية الأنبا تواضروس الثاني وإشراف لفيف من الأساقفة والآباء.

[15] ينظر: مقال بعنوان («خوفاً على الجيل».. حملات متصاعدة ضد تشفير قناتي براعم وجيم) نشرته صيحفة الخليج اون لاين بتاريخ 28/3/2016.

[16] ينظر: مقال بعنوان (القناة الشيعية هادي تي في خطر يهدد فطرة اطفالنا) للكاتب الهيثم زعفان نشر في موقع البرهان بتاريخ 16/5/2010

[17] ينظر: خبر نشرته وكالة اهل البيت للأنباء (أبنا) بعنوان (“هدهد” قناة فضائية شيعيه تابعه لصهر آية الله السيد السيستاني) نشر بتاريخ 18/9/2010

[18] ينظر: خبر نشره موقع صوت الجالية العراقية تحت عنوان (ادارة قمر «نايلسات» توقف بث قناة «هدهد» الشيعية للمرة الثانية) نشر بتاريخ 26/2/2014.

[19]كما يحدث في العديد من وسائلنا الاعلامية مع شديد الأسف.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف