البحث في...
عنوان المقطع
الملقی
محتوى المقطع
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

عنوان المقطع : المحاضرة (3)

الملقی : الشيخ علي ديلان

تاريخ إضافة المقطع : January / 10 / 2022

عدد زيارات المقطع : 633

حجم الملف الصوتي : 11.992 MB

عدد مرات تحميل المقطع : 313

تحميل المقطع الصوتي

محتوى المقطع :
2- الطريق العقلي ( العقل النظري)

 وهو طريق يعتمد على القضايا العقلية البحتة وعلى المنهج العقلي من قبيل ما هو جارٍ في القضايا الرياضية واستنتاجاتها، فمثلاً إذا كان (أ) = (ب) و(ب) = (ج) فإن (ج)= (أ)، و يمكن تطبيق هذه العملية العقلية في جميع المجالات العلمية والحياتية، وهذا قانون عقلي لم نعتمد فيه على الملاحظة الحسية والاختبار التجريبي، وقد عدتّ قضية (وجود الله) من القضايا العقلية، بل قد غالى الفلاسفة التقليديون وقالوا: إنّ الطريق العقلي هو الطريق الوحيد الرسمي الذي يمكن توظيفه في إثبات وجود الله سبحانه، وأمّا باقي الطرق فإنّ منفعتها جزئية ومحدودة. مثلا ان طريق الفطرة طريق جيد لأصحاب الفطرة السليمة وقد لا يعتمد عليه في اقناع غيرهم بينما ان هذا الطريق عام يمكن توظيفه لإقناع كل انسان.

 وأيا كان، فقد أدرجوا تحت هذا الطريق عدّة براهين نذكرها على سبيل العنوان والإجمال:

أ - برهان الإمكان: ويتلخّص: إنّ العالم ممكن الوجود، وكل ممكن يحتاج إلى علّة لإيجاده، إذن: العالم يحتاج إلى عله لإيجاده، ويجب أن تكون هذه العلة ليست ممكنة الوجود بل واجبة الوجود.

ب - برهان الحدوث: ويتلخّص: العالم حادث، وكل حادث يحتاج إلى محدث يوجده، إذن: العالم يحتاج إلى محدث ويجب أن يكون قديماً.

ج- برهان النظم: العالم منظَّم، وكل منظم –بالفتح- يحتاج إلى منظّم –بالكسر- له، إذن: العالم يحتاج إلى منظّم له، ويجب أن يكون هذا المنظِّم ليس من نفس هذا العالم.

د- برهان السببي الديكارتي، ويتلخّص: إنّ في ذهن الإنسان توجد أفكار لا يمكن أن تأتي من العالم الطبيعي مثل فكرة (اللاتناهي) و(اللامحدود) فيجب أن تكون ذات مناشئ لا مادية وذلك هو الله سبحانه.

   وهناك براهين أخرى طرحت كنماذج في هذا الطريق ونكتفي بما ذكرناه.

٣- طريق العقل العملي

والمقصود من (العقل العملي) هو قوة الإدراك في الإنسان التي تدرك ما ينبغي وما لا ينبغي فعله، وهذا الطريق يؤكد أنّ الاعتقاد بوجود الله تعالى كفكرة ممّا ينبغي أن تكون، وأنّ إقصاء هذه الفكرة في ذهن الإنسان وحياته يعدّ أمراً شنيعاً وقبيحاً، ويندرج تحت هذا الطريق عدة أدلّة نذكر منها أيضاً على سبيل الإجمال والاختصار بعض النماذج:

أ- الدليل الكانطي: وهو دليل اعتمده الفيلسوف الشهير (إيمانويل كانط) يثبت وجود الله من خلال الضمير الأخلاقي ويسمى بـ(الحجة الاخلاقية) عند الإنسان، ويتلخّص دليله:

إنّ هدف الإنسان في حياته هو تحقيق الفضيلة (الأخلاق) من أجل السعادة وهما –اي الفضيلة والسعادة ينبغي أن تكونا مترابطتين بحسب ما ندركه في ضميرنا الأخلاقي، أي إنّ كلّ أخلاق ينبغي أن تحقّق معها السعادة، وبما أنّ أكثر الناس من أصحاب الفضائل لم يحصلوا على هذه السعادة في الدنيا، فلا بدّ أن يكون هناك عالم آخر يعيش فيه الإنسان ويضمن هناك سعادته، ولا يكون ذلك إلا بافتراض خلود الروح ووجود الإله.

ب- دليل (كليف ستيبلز لويس): ويتلخّص: إنّ الأخلاق لا شكّ في وجودها، ولا بدّ أنّها ليست نتاج العالم الطبيعي المادّي، لأنّ الطبيعة المادية مختلفة تماماً عن حقيقة الوجود الأخلاقي، إذن: الموجد للأخلاق هو وجود ما ورائي وليس هو الا الله سبحانه.

ج- دليل باسكال ويسمى (رهان باسكال): ويمكن تصنيفه في غير هذا الطريق[1] كأن يصف في طريق حساب الاحتمالات (الطريق العلمي) ويتلخّص بما يأتي:

 إنّ من آمن بالله سبحانه وكان الله موجوداً فعلاً فله نعيم دائم غير محدود.

     ومن آمن به سبحانه ولم يكن الله موجوداً فلم يخسر شيئاً سوى الالتزام بتعاليم الدين، وهي خسارة ضئيلة لأنّها محدودة في هذه الدنيا.

    ومن لم يؤمن به تعالى ولم يكن الله موجوداً فلا يترتّب عليه شيء سوى أنّه ربح ربحاً محدوداً يتمثّل في ملذّات الدنيا.

    ومن لم يؤمن بالله تعالى وكان الله موجوداً فسوف يستحقّ العقاب الدائم.

والنتيجة: إنّ الخيار الأفضل هو الإيمان بالله سبحانه لأنّه سوف يقينا من المخاطر باحتمالية العقاب الدائم الذي هو خسارة كبيرة، والعقل العملي يرجّح الربح غير المحدود -على تقدير الإيمان بالله- على الخسارة القليلة -على تقدير عدم وجود الله- ويرجّح دفع الخسارة اللامحدودة من اجل الربح القليل.

وقد ورد قريب هذا البرهان في بعض مروياتنا:

فقد ورد عن الإمام الكاظم (ع) مخاطباً بعض الملاحدة أنّه: (إن يكن الأمر كما تقول - وليس كما تقول - نجونا ونجوت، وإن يكن الأمر- كما نقول - نجونا وهلكت)، وبنفس مضمون هذه الرواية وردت عن الإمام الصادق(ع) والرضا (ع) ويريد الإمام أن يقول - حسب ما ينسب إليه في هذه الرواية: (إن الحق إذا كان مع الملاحدة فلم يخسر أحد شيئاً لأنّه سوف يموت الإنسان وينتهي كل شيء، وإن كان الحق معنا - نحن الإلهيين - فسوف نربح الربح العظيم ويخسرون الخسران اللانهائي).

ويفترق بعض الشيء الرهان المنسوب إلى الأئمة (ع) عن رهان باسكال.

4- الطريق الاعجازي

وهو طريق يعتمد على صدور ما لا يمكن صدوره من الإنسان إلّا بتدخل غيبي(إلهي) حيث يستنتج أنّ هذا العمل الخارق هو عمل إلهي بوضوح.

إنّ جميع المعاجز تمثّل ظواهر حسيّة حصلت في زمان وانتهى أمدها إلّا القرآن، فهو إعجاز وتحدّ للقدرة البشرية وعلى جميع مستوياتها، فإنْ أثبتنا أنّ هذا الكتاب الكريم خارج عن المقدور البشري فإنّه سوف يكشف عن التدخّل الإلهي وأنّه هو المبدع له، وهذا الطريق كما أنّه نافع في إثبات وجود الله سبحانه هو نافع أيضاً في إثبات نبوّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

5- الطريق العلمي:

ويُعبّر عنه بطريق حساب الاحتمالات وخلاصته -وسيأتي توضيحه-:

إنّ أيّ قضية من القضايا عندما لا يكون هناك شاهد عليها تكون قضية مشكوكة ولكن إذا وجد عليها شاهد واحد سوف يترجّح صدقها على كذبها، فإنْ وجد شاهدان ترجّح صدقها أكثر، وهكذا كلما كثرت الشواهد المؤيّدة لها كلما ترجّح صدقها إلى أن تصل إلى درجة اعتقادية عالية، وهذا الطريق هو ذاته المستعمل في العلوم الطبيعية والإنسانية حيث تستقرأ الشواهد المؤيدة على صحة تلك القضايا فيصل الباحث إلى درجة الاطمئنان باليقين ولذا يسمى هذا الطريق بالطريق العلمي، لأنّه هو المتداول في العلوم، ويسمّى بالطريق الاستقرائي، لأنّه يعتمد على الاستقراء واستقصاء الشواهد ويمتاز هذا الطريق عن غيره من الطرق بوضوحه وشيوع استعماله وهو الطريق الذي وظّفه القرآن الكريم في إثبات وجود الله سبحانه من خلال الأمر بالتدبّر في النظام وشؤون الخلق ودقّة القوانين وعظمة السماوات والأرض وجمال الطبيعة وما إلى ذلك من المعضّدات والمؤيّدات لتصعيد الاحتمال والوصول إلى أعلى درجات الاعتقاد.

وأيضاً فإنّ هذا الطريق هو طريق العلماء والمثقّفين وعموم الناس، ومن هنا تعرف أهمية الطريق العلمي فإنّه أكثر نجاحاً في الإقناع، وسوف نعتمد عليه في هذه المحاضرات لإثبات وجود الله سبحانه وردّ شبهات الملاحدة.

-------------------------------

[1] - حيث يصنف عادة في الطريق العلمي القائم على اساس حساب الاحتمالات وسيأتي بيانه
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف