ملحق الرصد 13 - الشرق الأوسط الكبير ، وآليات تنفيذه

ملحق الرصد 13 - الشرق الأوسط الكبير ، وآليات تنفيذه

عنوان الملحق

الشرق الأوسط الكبير ، وآليات تنفيذه

المحتويات

الفهرست

مقدمة المركز   6

التمهيد:   8

مفهوم الشرق الاوسط   8

التعريف   9

الشرق الاوسط بين المصطلحات المختلفة:   10

المراحل الزمنية التي مر بها الشرق الاوسط (جيوبوليتيكية المكان)   12

اولا : نظرة تاريخية للمفهوم    13

ثانيا : التكامل التاريخي التوسعي وظهور مشروع الشرق الاوسط الكبير   15

المبحث الأول :مشروع الشرق الاوسط الكبير   16

نص المشروع :   16

مبادرة الانتخابات الحرة    18

مبادرة وسائل الإعلام المستقلة    19

مبادرة التعليم الأساسي    21

مبادرة التعليم في الإنترنت    22

ماذا بعد العراق الجديد   22

مبادرة تدريس إدارة الأعمال    22

مبادرة تمويل النمو   23

مبادرة التجارة    24

التصريحات الامريكية المتناقضة   26

شراكة الولايات المتحدة الامريكية و اوربا لتنفيذ هذا المشروع    27

الانظمة العربية والمصالح الامريكية   28

الخطوات التنفيدية لهذا المشروع    29

الاهداف المعلنة للمشروع    30

الأدوات الاستراتيجية لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير:   33

المعوقات الداخلية والخارجية لمشروع الشرق الأوسط الكبير:   34

المبحث الثاني : تجزئة المجزأ      37

المبحث الثالث : الدولة الفاشلة    41

خصائص الدولة الفاشلة    44

الدولة الضعيفة والدولة الفاشلة     47

الدولة الفاشلة .. ما هي مؤشراتها ؟    49

مواصفات الدولة الفاشلة ؟   51

ماهو مقياس الفشل أو النجاح بالنسبة للدولة ؟   52

المبحث الرابع : الفوضى الخلاقة    56

الجذور التاريخية للنظرية     57

المفهوم الامريكي لنظرية الفوضى الخلاقة   61

مراحل تنفيذ نظرية الفوضى الخلاقة   64

الدعائم الاساسية التي تقوم عليها سياسة الفوضى الخلاقة   64

أهداف الولايات المتحدة من خلال سياسة الفوضى الخلاقة   65

دوافع تطبيق الفوضى الخلّاقة:   69

تطبيقات سياسة الفوضى الخلاقة في المنطقة   73

أبرز منظمات المجتمع المدني التي لعبت دوراً في الربيع العربي    76

نتائج الربيع العربي .. الفوضى الخلاقة في مصر   77

نتائج وخسائر الفوضى الخلاقة في مصر   82

ما هو السبب لاطلاق هذه النظرية ؟   84

الابعاد السياسية للفوضى الخلاقة على الشرق الاوسط   87

اسباب اعتماد السياسة الامريكية على الفوضي الخلاقة في الشرق الاوسط :   89

سياسة الولايات المتحدة بالحرب ضد الارهاب تمهد الطريق للفوضى الخلاقة:   92

الاليات التي اعتمدتها الولايات المتحدة الامريكية في حربها ضد الارهاب :   93

نتائج الفوضى الخلاقة على الواقع الاقليمي والعالمي :   96

المتغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط بعد ظهور الفوضى الخلاقة   97

اثار الفوضى الخلاقة على مستقبل الشرق الاوسط:   99

الخـلاصة:-   100

الخــاتمــة:-   103

التوصيات :-   103

كتب و بحوث عن الشرق الاوسط الكبير:-   105

كاريكاتير    108

مقدمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم

شاءت الأقدار أن يمتاز الشرق الأوسط بثرواته الطبيعيّة وموارده البشرية والمالية الكبيرة التي تشكّل رصيداً هاماً في المحاسبات الاستراتيجية والمناسبات السياسية. كما أنّه اقترن بحضارة عريقة، ودين قويم يكتسح العالم بشكل هادئ.

قد أحسّ الغرب إبّان ثورته الصناعيّة والسياسيّة والاجتماعيّة بأهميّة الشرق الأوسط الاستراتيجيّة من جهة، وخطورته من جهةٍ ثانية. إذ إنّ الغرب كان يبحث عن موارد طبيعيّة وعن أسواق تجاريّة استهلاكيّة لتصنيع وتسويق بضاعته، فوجد ضالّته في هذه المنطقة، كما أنّه كان يتوجّس من هذه المنطقة خيفةً، إذ إنّها لو أفاقت من رقدتها لأصبحت القوّة العظمى في العالم بفضل مواردها الماليّة والبشريّة والثقافيّة العريقة، وهذا ما لا يستسيغه الغرب.

فمذ ذلك الحين بدأت المخطّطات المختلفة تترى للسيطرة على هذه المنطقة بأساليب وخطط متنوّعة، تعتمد على التدخّل المباشر أو من خلال أنظمة تابعة أو خلق فتن وصراعات داخليّة تستنزف القوى والأموال كي لا يبقى مجالٌ للتفكير والتخطيط خارج السرب الذي رسمه الآخر لنا وبما يناهض مصالحه طالما كان هو المركز ونحن الأطراف الذين يتمّ تعريفنا على هامش المركز. هكذا أصبح الشرق الأوسط فريسة الأهواء ومَطيّة مصالح الآخر.

منذ عام 2003م ظهر مفهوم جديد في الساحة السياسية روّج له أصحاب القرار السياسي ومراكز الفكر والماكنة الإعلاميّة المهولة، يدعو إلى إحداث تغييرات جذريّة سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وحتّى جغرافيّة في المنطقة، واتّسم بعنوان (الشرق الأوسط الكبير) يهدف إلى السيطرة الغربيّة التامّة وقلب الطاولة وإعادة بنائها من جديد بدعوى تحسين الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي من خلال غربنة دول المنطقة.

يمكن تلخيص أهمّ أدوات تنفيذ هذا المشروع ضمن النقاط التالية:

1ــ تجزئة المتجزئ:

حيث يهدف إلى إعادة تقسيم الحدود الجغرافيّة وفقاً للمذاهب والطوائف والأعراق المختلفة، والإطاحة بالأنظمة الديكتاتوريّة واستبدالها بقوى مدنيّة تابعة ومنقادة.

2ــ الدولة الفاشلة:

وهو مصطلح شاع استخدامه في الفترة الأخيرة سيّما بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث يعني عدم قدرة الدول على توفير النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي السليم والعادل لكافة أفراد المجتمع وفشلها في ذلك، ممّا يفسح المجال أمام التدخّل الأجنبي لإنقاذ الناس والمنطقة من خطر هذه الدول الفاشلة.

3ــ الفوضى الخلّاقة:

وهو مصطلح قديم أنتجته أندية الماسونيّة القديمة، وقد تمّ استخدامه من جديد على ألسن الساسة ومراكز الفكر، يهدف إلى ركوب الموجة وقيادة الفوضى الموجودة في دول الشرق الأوسط نحو ما تريده القوى الكبرى وباستخدام القوّة الصلبة والناعمة معاً.

في هذا العدد من ملحق الرصد نلتقي معكم مرّةً أخرى لتسليط الضوء على هذا المخطّط الجديد، لتبيين أهدافه وأسسه الفكريّة ومقوّماته السياسيّة ضمن مقدّمة تمهيديّة تتطرّق إلى مفهوم الشرق الأوسط القديم، يتلوها أربعة مباحث حول مشروع الشرق الأوسط الكبير وأهم أسس ومباني هذا المشروع وآليات تنفيذه، وخاتمة تلخّص أهم مفردات هذا المشروع مع إعطاء توصيات للخروج من هذه الأزمة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله الطاهرين.

التمهيد

مفهوم الشرق الاوسط

الشرق الاوسط مصطلح جغرافي وسياسي شاع استخدامه في اجزاء العالم المختلفة , فالتسمية كان يقصد بها تقسيم الشرق الى اقسام حسب البعد والقرب من اوربا , ولكن الحقيقة الساطعة هو ان الاقليم واقع في اقليم اوسط بالنسبة لخريطة العالم بصفة عامة والعالم القديم بصفة خاصة .

 لذا فان اقليم الشرق الشرق الاوسط صعب التحديد بصورة واضحة او قاطعة بسبب انه اقليم هلامي القوام بمعنى انه يتسع او يضيق على خارطة العالم حسب التصنيف او الهدف الذي يسعى اليه الباحث في مجالات العلوم الطبيعية او الانسانية او التصنيف الذي تتخذه هيئة خاصة او دولية او وزارة من وزارات الخارجية لدول العالم وحسب مصالحها[1]

التعريف

أولا : هناك تعاريف كثيرة للشرق الاوسط ولعل ابرزها ما يلي[2] :

تعريف الامم المتحدة في دراسة نشرت عام 1975 م بانها ( المنطقة الممتدة من ليبيا غربا حتى ايران شرقا ومن سوريا شمالا حتى اليمن جنوبا ) ثم عدل هذا التعريف من قبل المنظمة عام 1996م فشمل التعريف الدول العربية كلها وتضم ( 22) دولة.

تعريف وكالة الطاقة الذرية IAEA عام 1989م ( المنطقة الممتدة من ليبيا غربا الى ايران شرقا ومن سوريا شمالا الى اليمن جنوبا وهذه الدول هي : مصر وليبيا والكويت وايران والعراق وسوريا والامارات والبحرين وقطر وعمان والاردن واليمن الجنوبية قبل الوحدة ولبنان والمملكة العربية السعودية فضلا عن اسرائيل )

تعريف البنك الدولي ( المنطقة التي تضم الدول الواقعة بين المغرب غربا وحتى ايران شرقا وهي دول تتصف بتنوع كبير في اقتصادياتها )

تعريف الجامعة العربية حسب قرارها رقم (103) عام 1995م في الديباجة من المادة  الاولى بانه ( الاقاليم الخاضعة لسيادة الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية فضلا عن ايران واسرائيل )

التعريف الحديث الذي قدمه – بيتر دويجمان , وال اتش غان – لصانع القرار الامريكي منذ الثمانينات والتي عملت به وزارة الخارجية الامريكية والمؤسسات الدولية ووسائل الاعلام بانها (مصر والجزيرة العربية ومنطقة الخليج العربي وتركيا وايران)

• وعرف اخرون هذا المفهوم (من ليبيا غربا الى ايران عبر بلاد الشام ودول الخليج شرقا ومن اليونان شمالا الى اثيوبيا جنوبا ويشمل هذا – مدا وجزرا – دولا ذات وضع خاص من المنظور الاستراتيجي الامني والاقتصادي مثل اليمن والسودان والمغرب وايران )[3].

ومن خلال استقراء هذه التعاريف وغيرها بخصوص تحديد وتعريف اقليم الشرق الاوسط يتبين ان غالبية الباحثين يتفقون على ان الدول التي تدخل في هذا النطاق هي (الدول العربية + ايران + تركيا + اسرائيل)[4] .

قلب الشرق الاوسط:

 لكل منطقة قلب او مركز ففي داخل منطقة الشرق الاوسط مثلث صغير يكون قلب الشرق الاوسط بصفاته المكانية وسماته الطبيعية والحضارية , وقاعدة المثلث القلب تمتد من شمال البحر العربي الى جزيرة سقطرة (بحذاء الساحل الجنوبي للجزيرة العربية مشتملا على خليجي عمان والعربي والبحر الاحمر) ويمتد ضلعه الايمن مع جبال زاجروس موازيا للساحل الايراني على خليجي عمان والعربي ومكملا سيره مع جبال كردستان وبموازاة الحدود العراقية – الايرانية ثم يخترق هضبة الاناضول باتجاه الشمال الى ان نجد رأس المثلث في منطقة المضايق التركية (البسفور والدردنيل) اما الضلع الايسر للمثلث فيمتد من خليج عدن مشتملا على شمال الصومال وبحر ايجه ليلتقي برأس المثلث في تركيا الاوربية وبذلك فأن الشرق الاوسط القلب يضم كل دول الجزيرة العربية والعالم العربي الاسيوي وقبرص وأجزاء من ايران في الشرق ومعظم تركيا في الشمال ومعظم المعمورة من مصر في الغرب وأجزاء من السودان وأثيوبيا والصومال المطلة على البحر الاحمر وخليج عدن[5] (3) .

الشرق الاوسط بين المصطلحات المختلفة:

لعل الغموض الذي يكتنف تحديد اقليم الشرق الاوسط عند الكثير يرجع الى الالتباس بين ثلاث مصطلحات هي:[6]

1- الشرق الاوسط

2- العالم العربي – ويشمل الجزء العربي من الشرق الاوسط ويمتد الى شمال افريقيا الى السودان.

3- العالم الاسلامي – يشمل كل الشرق الاوسط ويمتد فيما وراءه في شتى الاتجاهات الجغرافية .

بالاضافة الى هذا هناك عدد من الاسماء والمصطلحات التي استخدمت في الماضي وتستخدم في الحاضر للاشارة الى اقاليم ومناطق معينة تتداولها الالسن والكتابات المختلفة وهي كالاتي[7]:

الليفانت  (levant) –وهو اصطلاح اغريقي روماني يعني المكان الذي تشرق منه الشمس وكان يشير الى سكان البحر المتوسط الشرقي سوريا ولبنان وفلسطين.

الشرق القديم أو ألاقدم (ancient east ,mostancient east) –وهو مصطلح حضاري يشير الى المنطقة الممتدة من مصر الى الاناضول وغرب ايران بالاضافة الى مصر والعراق وفينيقيا ووسط الاناضول وغربي ايران.

الصحارى الكلاسيكية (claassical deserts) –وتعني منطقة الصحراء العربية وهوامش الاراضي الزراعية فيما بين النيل والفرات .

•جنوب غرب اسيا (south-west asia) مصطلح جغرافي بحت يشمل المثلث الارضي الممتد من افغانستان في الشرق الى الاناضول في الغرب واليمن في الجنوب.

•الشرق القريب (hither east) –وقد شاع في فترة زمنية بديلا للشرق الاوسط أو الادنى ولم يعد مستخدما.

•الشرق الادنى (near east ,naherosten,nahost) –كان يستخدم في الانجليزية ويطلق على الامبراطورية العثمانية بامتدادها في البلقان من البانيا وشمال اليونان الى الجزيرة العربية ومصر والسودان والمغرب .

• الشرق الاوسط (middle east, moyen orient) –وهوالاقليم الذي يشمل الدول الممتدة من ايران الى مصر ومن تركيا الى اليمن وقد يضيف كاتبا او هيئة ليبيا والسودان.

•الشرق الاقصى (the far east) ويشمل الصين واليابان والهند الصينية وكوريا وما جاورها.

العوامل التي ادت الى اطلاق هذا الاصطلاح

بعد ظهور الوعي القومي العربي اثر تقهقر الدولة العثمانية لاسيما بعد رفض سياسة التتريك على المجتمعات العربية بدأ تسويق مشاريع مناطق النفوذ البريطانية والفرنسية الاستعمارية باتفاقات ومعاهدات لتقسيم تركة تركيا في الوطن العربي بين بريطانيا وفرنسا , فجرى ترتيب المنطقة وفق صيغ جديدة وترتيب متفق لايجاد صيغة للتعاون الاقليمي يهدف الى طمس وتذويب الهوية العربية عبر استيعاب المنطقة العربية في اطار اقليمي يضم دولة يهودية داخل الجسم العربي[8] , لذا لم يكن مفهوم الشرق الاوسط يشير في حقيقته الى حيز جغرافي محدد بذاته ولا الى تاريخ محدد لشعوب المنطقة بل ارتكز في أساسه الى نظرة أوربا التوسعية وأعتبار المنطقة اقليم استعماري يقوده الاستعمار العالمي فشاعت كلمة (المشرق) في أدبيات السياسة الفرنسية وفكرة ( الشرق الاوسط) في السياسة البريطانية وكلاهما مفاهيم جيو سياسية واستراتيجية دلت على طبيعة القوى الاوربية التوسعية الاستعمارية لاسيما بعد اكتشاف البترول في هذه المناطق[9] .

المراحل الزمنية التي مر بها الشرق الاوسط (جيوبوليتيكية المكان)

ان طبيعة ووظيفة الشرق الاوسط كمنطقة مركزية اختلفت على مر العصور , ويمكن اجمال القول ان هناك ثلاث مراحل في تاريخ الشرق الاوسط انعكست عليها صفات مختلفة من مركزية المكان الجغرافي للاقليم وهي كالاتي :[10]

المرحلة الاولى

تبدأ منذ نشأة الحضارات العليا القديمة بين النيل والفرات وتمتد الى حالة الركود التي اصابته في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي , فقد كان الشرق الاوسط القديم المركز الذي يجتذب التجارة العالمية لاحتكاره الطرق البرية والبحرية التجارية ولنشأة سلطات سياسية مركزية قومية , فكانت مصر الفرعونية تحتكر الطرق البرية داخل افريقيا والطريق الملاحي في البحر الاحمر وجزء من المحيط الهندي , اما بابل واشور فقد احتكرت التجارة الاسيوية من الخليج حتى ساحل البحر المتوسط الشرقي, ثم جاءت بعدها الامبراطورية الفارسية فاتسعت حتى أصبحت تغطي تقريبا أغلب الشرق الاوسط , وبعد بروز القوة الرومانية تقاسمتا مناطق النفوذ فسيطرت فارس على الجانب الاسيوي لطرق التجارة البرية بينما سيطرت روما على التجارة البحرية في مصر وساحل شرق البحر المتوسط الى شمال افريقيا وغرب اوربا .

 ومنذ نشأة روما وامتدادها في غرب العالم لم تعد التجارة العالمية منصبة على المراكز الحضارية والسياسية في الشرق الاوسط فقط بل أخذت اتجاهات عالمية الى اوربا الغربية فبدأت اوربا تشارك الشرق الاوسط بالأهمية بالنسبة لطرق التجارة العالمية فظهر القول المأثور كل الطرق تؤدي الى روما ,ولكن بعد اتساع رقعة الدولة الاسلامية في العصور الوسطى والقديمة عاد الشرق الاوسط يستقطب طرق العالم القديم وتجارته .

المرحلة الثانية

وتبدأ هذه المرحلة من الركود في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي الى بداية القرن التاسع عشر الميلادي , حيث تجمعت عدة أحداث متقاربة أدت الى تدهور أوضاع الشرق الاوسط كان اهمها :

1- اكتشاف الطريق البحري حول افريقيا من اوربا الى الهند حيث تساقطت القلاع العربية على طول الشوطئ البحرية ومضيق هرمز في أيدي البرتغاليين دون رادع من قبل العثمانيين او الصفويين .

2- بعد سيطرة العثمانيين على معظم أجزاء الشرق الاوسط لم يهتموا بالتجارة بسبب

النزاعات مع الصفويين والحروب المستمرة لفتح البلدان في اسيا واوربا فركدت منطقة الشرق الاوسط لاسيما بعد انقطاع التجارة البحرية من الهند الى اوربا عبر مصر والخليج.

3- توغل الروس الى شرق ووسط اسيا والقوقاز قاطعين بذلك الطريق امام التجارة البرية من الصين عبر الشرق الاوسط الى اوربا وبهذا غط الشرق الاوسط في ركود طويل نتيجة لفقدانه اهميته المركزية في طرق التجارة العالمية , فالطرق البرية قطعت بواسطة القوى الروسية والصينية والطرق البحرية احتكرها الاوربيون .

المرحلة الثالثة

وتبدأ من القرن التاسع عشر الميلادي الى اليوم , فبدأت منذ الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م والتي من خلالها كان يطمح الفرنسيون لمنافسة بريطانيا باحتلال طريق بري يؤدي الى الهند ومن ثم ارسال الخبراء والبعثات لانشاء وشق قناة السويس وبهذا ارخت هذه الحادثة الى ظهور الاهمية الاهمية الجيوبوليتيكية للشرق الاوسط على مسرح الصراع الدولي المعاصر.

اولا : نظرة تاريخية للمفهوم

ان الشرق بمضمونه الحضاري الاقتصادي لاسيما في اسيا وافريقيا الشمالية والشرقية قد جعلته قبلة انظار المتوسعين الاوربيين ومحط منافسة بين القوى الامبريالية من خلال ثلاث محددات تاريخية رئيسية لتكوين هذا المفهوم او المصطلح وهي :

1- بما عرفت به المسألة الشرقية منذ القرن السابع عشر - حيث ان الشرق الاوسط فرع منها - من انها دخلت في نزاع شديد بين السلطة العثمانية المستأثرة بالسلطة رغم تخلفها وبين الامة العربية التي كانت تطلب المساواة.

2- انتقال المسألة الشرقية تدريجيا الى قلب استراتيجيات الامم الاوربية الرأسمالية الصاعدة واهتمام اوربا الاستعمارية بالنزاع العربي - التركي ودخولها فيه في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين حدا لاطماعها الاستعمارية.

3- بدأ مع حملة نابليون على مصر في العام 1798م واكتمل مع التقسيم الامبريالي بين الفرنسيين والانكليز للشرق العربي ومن ثم الى مناطق الانتداب .

وبدأ الاهتمام بهذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية , ومصطلح الشرق الاوسط في ذاته مصطلحا اوربيا اساسا حيث تم استخدامه اول مرة في سنة 1902م[11] في اشارة الى الاستراتيجية البحرية البريطانية في منطقة الخليج في الوقت الذي تزايد فيه النفوذ الروسي حول بحر قزوين والخطط الالمانية لانشاء خط سكة حديد برلين - بغداد وكان هذا المصطلح يشير الى منطقة لها اهميتها الاستراتيجية بالنسبة الى بريطانيا وهي المنطقة الواقعة بين الشرق الادنى (وهو مصطلح اوربي يشير الى المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية ) وبين الامبراطورية الروسية في اسيا الوسطى ومناطق الحكم الهندية وقد استخدم هذا المصطلح (الفرد ماهانa.t.mahan) ضابط البحرية الامريكية ثم اعقبه (فالنتاين شيرول) مراسل الشؤون الخارجية لصحيفة التايمز بسلسلة مقالات حول مسألة الشرق اوسطية ثم جاء كتاب (هاملتون) الذي حمل عنوان (مشاكل الشرق الاوسط) والذي صدر في لندن عام 1909م , واثناء الحرب العالمية الاولى كان يشار بوجه عام الى قوة الحملة البريطانية الى بلاد ما بين النهرين باعتبارها قوات الشرق الاوسط تميزا لهاعن قوات الشرق الادنى البريطانية التي كان انطلاقها من مصر, وبعد الحرب العالمية الاولى اكتسب هذا المصطلح ذيوعا حيث انشأ (تشرشل) وزيرالمستعمرات البريطاني ما عرف بادارة الشرق الاوسط سنة 1921م حيث انيطت الادارة شؤون فلسطين وشرق الاردن والعراق , وفي الحرب العالمية الثانية أنشأ البريطانيون مركز تموين الشرق الاوسط وقيادة الشرق الاوسط[12]

ثانيا : التكامل التاريخي التوسعي وظهور مشروع الشرق الاوسط الكبير

من اجل ربط حلقات الماضي بالحاضر بدأ الحديث والتمهيد لمشروع الشرق الاوسط الكبيرالذي يشمل الشرق الادنى ودول الشرق الاوسط بالاضافة الى دول شمال افريقيا واسرائيل , وبالتالي فأن لهذا المشروع خلفية ومرامي لها مقاصد وأغراض معينة منها[13] (1) :

1- الرغبة في طمس معالم العروبة وسلخ الصفات القومية والعربية عن المجتمع العربي من قبل دول الاستكبار العالمي اكمالا لمشاريعهم السابقة ومفاهيمهم الخاطئة واطلاق اسم منطقة الشرق الاوسط او بلاد الشرق الاوسط او قضية الشرق الاوسط بدلا عن المنطقة العربية او الوطن العربي اوالقضية الفلسطينية ومفهوم دول شمال افريقيا بدلامن استعمال المغرب العربي.

2- ضم اسرائيل الى مجموعة الشرق الاوسط وادخالها في النسيج العربي لفض العزلة الاقليمية عنها وانتزاع الاعتراف العربي الجماعي واقناع دول المنطقة بانه الحل الوحيد والطريق للبقاء على دفة الحكم ونيل رضا أمريكا[14] (2).

---------------------------------------

[1] يحيى احمد الكعكي, الشرق الاوسط والصراع الدولي , دار النهضة العربية –بيروت , 1986م.

[2] صلاح مهدي الشمري, الانتشار النووي واثره في التوازن الاستراتيجي في الشرق الاوسط بعد عام 2003م,رسالة ماجستير, كلية العلوم السياسية , جامعة النهرين 2009م , ص4و5

[3] حازم حمد الجنابي , العلاقات العربية الامريكية – دراسة في الابعادالاستراتيجية لمشروع الشرق الاسط الكبير ,كلية العلوم السياسية , جامعة النهرين ,2006م

[4] المصدر نفسه.   

[5] د. محمد رياض ,الاصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتكيا مع دراسة تطبيقية على الشرق الاوسط, دار النهضة العربية , الطبعة الثانية- بيروت , 1979م

[6] د. محمد رياض ,الاصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتكيا مع دراسة تطبيقية على الشرق الاوسط, دار النهضة العربية , الطبعة الثانية- بيروت , 1979م

[7] يحيى احمد الكعكي, الشرق الاوسط والصراع الدولي , دار النهضة العربية –بيروت , 1986م ,ص144

[8] توفيق المديني , العرب وتحديات الشرق الاوسط الكبير , اتحاد الكتاب العرب ,سلسلة الدراسات (13)-2010م المطبوعات الجامعية, ص41و42

[9] عبد القادر رزيق المخادمي , مشروع الشرق الاوسط الكبير الحقائق والاهداف والتداعيات , الدار العربية للعلوم -,الطبعة الاولى 2005م , ص 43و44.

[10] د. محمد رياض ,الاصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتكيا مع دراسة تطبيقية على الشرق الاوسط, دار النهضة العربية , الطبعة الثانية- بيروت , 1979م.

[11] حازم محمد الجنابي , العلاقات العربية الامريكية – دراسة في الابعاد الاستراتيجية لمشروع الشرق الاوسط الكبير ,كلية العلوم السياسية , جامعة النهرين ,2006م.

[12] د. محمد رياض ,الاصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتكيا مع دراسة تطبيقية على الشرق الاوسط , دار النهضة العربية , الطبعة الثانية- بيروت , 1979م.

[13] عبد القادر رزيق المخادمي , مشروع الشرق الاوسط الكبير الحقائق والاهداف والتداعيات , الدار العربية للعلوم - المطبوعات الجامعية ,الطبعة الاولى 2005م , ص 41.

[14] محمد صادق الهاشمي ,الاحتلال الامريكي للعراق ومشروع الشرق الاوسط الكبير , مركز العراق للدراسات -2005م ,ص 35 - 40.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف