البحث في...
الإسم
الإسم اللاتيني
البلد
التاريخ
القرن
الدين
التخصص
السيرة
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة
دي - ساسي

دي - ساسي

الإسم اللاتيني :  ANTOINE ISAAC SILVESTRE DE SACY
البلد :  فرنسا
التاريخ :  1758م - 1838م
القرن :  18 - 19
الدين : 
التخصص :  التاريخ - الشريعة

شيخ المستشرقين الفرنسيين.

ولد في باريس في 21 سبتمبر 1758. وتوفي أبوه Abraham Jacques Silvestre، وكان موثق عقود (كاتب عدل) في الشاتليه، في 1765؛ فتولت أمه تربيته.

والغموض يحيط بالكيفية التي صار بها سيلفستر دي ساسي مستشرقاً، كما قال هرتفج دارنبور في ترجمته له. فنحن لا نعرف أسماء أساتذته، ولا الدور الذي كان لهم في اختيار سيلفستر التخصص في الدراسات العربية والشرقية بعامة. كان سيلفستر يسكن في شارع خنادق السيد الأمير Fossè Monsieur le Prince عند زاوية التقائه بشارع Observance، بالقرب من سان جرمان دي بريه Saint- Germain – des – Près (في الحي السادس بباريس)، وغير بعيد عن حدائق دير سان جرمان. فيقال إنه كان يلتقي مع أحد رجال الدين، ومع أحد اليهود، فكانت أحاديثه معهما فرصة جيدة لتبادل الرأي معهما في بعض المسائل التي تعنّ له. وبدأ يتعلم العبرية وهو في سن الثانية عشرة. وتعرف إلى الراهب البندكتي برترو Dom Berthereau الذي شجعه على دراسة اللغات السامية الأخرى، غير العبرية، ورأى سيلفستر أن عليه، إلى جانب ذلك، إتقان اللغات الاوروبية. فأخذ في تعلم الألمانية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت نفسه، ولتأمين عمل له في المستقبل، دخل كلية الحقوق. وصدر له أول بحث في «المرجع للآداب الكتابية والشرقية» وهو مجموع علمي كان يصدره Eichorn J. G، وكان بحث سيلفستر هو عن مخطوط سرياني محفوظ في المكتبة الوطنية.

وفي سنة 1781 عين مستشاراً في ديوان النقود.

وفي 1781 نشر في المجموع المذكور نص وترجمة رسالتين كان السامريون قد بعثوا بهما إلى جوزف اسكاليجه Scaliger قرب نهاية القرن السادس عشر.

وفي 1785 عين عضواً حراً مقيماً في أكاديمية النقوش والآداب، التي سيقضي بها بعد ذلك ثلاثة وخمسين عاماً.

ولم يكن دي ساسي حتى ذلك الوقت مهتماً باللغة العربية. لكنه ما لبث أن تبينت له أهميتها بالنسبة إلى دراسة الكتاب المقدس وتاريخ الأديان. يقول دي ساسي: «إن دراسة الآثار الأولى للدين، كانت الهدف الأول الذي دعا بعض العلماء إلى تكريس جهودهم للغة العبرية التي كتبت بها أقدم الوثائق من العصور الأولى للعالم. وبعد حين أدرك القوم أنه للنفوذ في هذا المعبد وتذليل الصعوبات التي اعترضت من كل جانب، كان لا بد من أن ينضاف إلى دراسة هذه اللغة (العبرية) دراسة سائر اللغات التي كان يتكلم بها في البلاد المجاورة لتلك التي كان يسكنها العبريّون ويتكلم بها شعوب متحدة من نفس الأصل، وقد حفظت لنا في عدد أكبر من الآثار، أو لا تزال يتكلم بها حتى اليوم في مختلف أجزاء آسيا.. ومن بين اللغات التي كانت تدرس، كلغات مساعدة للعبرية ومختلف لهجاتها الأساسية كانت اللغة العربية.. فلم تكد فرنسا تخرج من تشنّجات انقلاب رهيب (يقصد: الثورة الفرنسية)، حتى أضافت معهداً جديداً إلى المعهد الذي كان قائماً في عاصمتها (باريس) منذ عهد فرانسوا الأول (يقصد: الكوليج دي فرانس).. فلما دعيتُ إلى تدريس اللغة العربية في المدرسة الجديدة (يقصد: مدرسة اللغات الشرقية الحية)، كان عليّ أن أكرّس كل نفسي ـ بدافع الواجب ـ لعلمٍ كنت حتى ذلك الوقت أشدوه عن تذوّق» (أورده دارنبور، ص 17 ـ 18).

وكان منصبه مستشاراً في ديوان النقود قد أُلغي في 1791. فعينه الملك لويس السادس عشر قومسيراً عاماً للنقود، لكنه استقال في 1792 لأنه رأى أن الوضع الدستوري يتغير أكثر فأكثر إلى وضع ثوري.

فانسحب من الحياة العامة، واختار الإقامة في منزل صغير في قرية بإقليم البري La Brie (وسط فرنسا) تدعى أوني Ognes بالقرب من Nautueil Haudouin، وعكف على دراساته العلمية الخاصة، وكان قد تزوج في 1786، وسينجب ولداً هو صمويل استازاد، الذي سيصير صحفياً كبيراً (ولد في 17 أكتوبر 1801 في باريس وتوفي في 14 فبراير 1879 في باريس).

وكان من ثمار هذا الاعتكاف في الريف أن أنجز وطبع في 1793 كتابه «أبحاث في الآثار القديمة لفارس».

وفي 30 مارس 1795 قررت الجمعية( ) الثورية التي تدعى الوفاق الوطني Convention Nationale إنشاء مدرسة عامة لتدريس اللغات الشرقية الحية، لما لها من فائدة للسياسة وللتجارة. وتولت حكومة الإدارة Directoire تنفيذ المرسوم الذي أصدرته جمعية الوفاق الوطني، فعينت «المواطن» لانجلس Langles مدرساً للغة الفارسية، و «المواطن» سلفستر ساسي (مع حذف de الدالة على النبالة) مدرساً للغة العربية. وبدآ دروسهما في 22 يونيو 1796. لكن سيلفستر دي ساسي رفض أن يحلف القسم السياسي الذي فرضته الحكومة على كل موظف. واستقال من منصبه، لكنه وافق على الاستمرار في التدريس حتى يحل محله شخص آخر. لكنه لم يحلّ محله أحد. فواصل التدريس، ولم تفصله الحكومة من عمله.

وحمله هذا التدريس على تكريس كل جهد، لتعمق اللغة العربية وآدابها والإسلام وعقائده ومذاهبه وتاريخه.

ولما مات رفيير ـ وكان أستاذ اللغة العبرية في الكوليج دي فرانس ـ في 1799، أوصى أسلان Asselin بأن يحل محله سيلفستر دي ساسي، قائلاً في تقرير له: «من ذا الذي يستطيع أن يشغل محل الراحل المرحوم؟ ربما رجل واحد فقط، هو المواطن سلفستر دي ساسي، أستاذ اللغة العربية في المكتبة الوطنية( ) إن هذا الرجل المتواضع، إلى جانب علمه العميق بكل لغات الشرق تقريباً، يرشحه خصوصاً بساطته ووضوحه في عرض عناصر هذه اللغات الشديدة البُعد عنّا». لكن ضاعت التوصية هدراً، وعين بدلاً منه بروسپير أودران فشغل كرسي اللغة العبرية من 1799 حتى 1819، ثم عين بعده كاترمير فشغل هذا الكرسي من 1819 حتى 1857. وهكذا حرمت الكوليج دي فرانس من أحق الناس بها، وهو سيلفستر دي ساسي، طوال تسع سنوات، إلى أن عُيّن بها، في عام 1806 لكرسي الفارسية.

وكانت المادة 4 من مرسوم جمعية الوفاق الوطني الخاص بإنشاء مدرسة اللغات الشرقية الحية تقضي بأن يؤلف المدرسون كتباً في نحو اللغات التي يدرسونها، فقام دي ساسي بتأليف كتاب على نحو اللغة العربية، في مجلدين، عنوانه: «النحو العربي، لاستعمال تلاميذ المدرسة الخاصة باللغات الشرقية» Grammaire arabe a l'usage des èlèves l'Ecole Spèciale des Langues Orientales. وقد أنجز تأليفه وقدمه إلى المطبعة في 1805، وظهر الكتاب في 1810. وأما الطبعة الثانية، وقد أضاف إليها قسماً في العروض والقوافي، فظهرت 1831.

واختار مجموعة من النصوص، معظمها لم ينشر من قبل، فنشرها بعنوان: «مختارات عربية» Chrestomathie arabe مع ترجمة فرنسية وتعليقات. وتتألف من ثلاثة مجلدات. ونشرت في 1806، أي قبل كتاب «النحو العربي» بأربع سنوات. وأعاد طبعها طبعة ثانية في 1827 مع تصحيحات عديدة.

وطبع ـ على نفقته الخاصة ـ 1812 «مقامات الحريري». وصّدرها بمقدمة باللغة العربية المسجوعة.

وانتشرت طبعته هذه في أوروبا وفي البلاد العربية على السواء. ولا تزال حتى اليوم أفضل طبعة. ويقول سلفستر دي ساسي في رسالة له إلى شخص لا ندري من هو ولا تاريخ هذه الرسالة: «تريد أن تعرف مني هل تعلمتُ العربية على أحد المشايخ؟ وأنا أشهد لك أنه لم يكن لي معلم سوى الكتب. ولهذا فإني لا أستطيع أن أتناقش بالعربية ولا أن أفهم ما يقال بهذه اللغة، إذ لم تتهيأ لي في شباب الفرصة للتكلم بالعربية ولا لسماع من يتكلم بها. وأنا أعتز جداً بما تقوله مؤلفاتي، لكن عليّ أن أعترف أنني آسف على كوني لم أسافر، وأنا في شبابي، إلى مصر أو إلى سوريا، وأنا بعيد تماماً عن الظن أنّي أمتلك معرفة تامة بهذه اللغة الواسعة سعة البحر المحيط». (رسالة محفوظة في مكتبة معهد فرنسا؛ أنردها دارنبور، ص 22).

وأكمل دي ساسي أدوات تعلم العربية بأن أصدر في 1829: «مختارات نحوية عربية» Anthologie grammaticale arabe.

وفي 1803 استرد دي ساسي عضويته في أكاديمية النقوش والآداب، قسم التاريخ والآداب القديمة.

وفي 1805 غادر باريس وضواحيها إلى خارج فرنسا، للمرة الأولى والأخيرة. فقد كُلّف بمهمة رسمية هي الاطلاع على محفوظات مدينة جنوة، وفي الوقت نفسه استفاد من هذه الفرصة لزيارة ابنه الأكبر الذي كان قنصلاً لفرنسا في تلك المدينة.

وفي 4 أبريل 1806 عين أستاذاً لكرسي اللغة الفارسية في الكوليج دي فرانس، وكان منذ 24/6/1804 مساعداً لپريّ Pèrille الذي كان مكلفاً بتدريس التركية والفارسية، وقد توفي پريّ في 10 نوفمبر 1805.

وانتخب عضواً في الجمعية (أو الهيئة) التشريعية Corps legislatif عن دائرة السين La Seine في 1808.

وكان الإمبراطور نابليون، كما التقى به في قصر التويلري، يسأله دائماً نفس السؤال وهو: «كيف حال العربي؟» Comment va l'arabe، وقد منحه نابليون لقب بارون baron في مارس 1814 ضمن مجموعة من 16 شخصاً.

وكانت شهرته قد طبقت كل أوروبا حتى إنه لما غزت جيوش ألمانيا وإنجلترة فرنسا في 1814، صدر الأمر لها ـ بناء على توصية في فلهلم هومبولت رئيس وزراء پروسيا ـ بعدم التعرض لممتلكات سلفستر دي ساسي. وبفضل تدخل دي ساسي أنقذت ممتلكات الكونت دارو Daru، وكان بلوشير Blücher قائد الجيش الروسي قد فرض الحراسة عليها بسبب أعمال دارو القاسية في پروسيا والنمسا لما أن كان مديراً intendant عاماً للجيش الكبير، وهو الاسم الذي أطلق على الجيوش التي كان يقودها نابليون من 1805 إلى 1814.

ولما سقط نابليون وأعيدت الملكية إلى فرنسا، عُيّن سيلفستر دي ساسي في 24 أكتوبر 1814 مراقباً ملكياً Censeur royal، ثم عين في 17 فبراير 1815 مديراً لجمعية باريس، وفي أغسطس 1815 عين عضواً في لجنة التعليم العام.

ولما عادت جريدة العلماء Journal des savants إلى الصدور في 1816 كان في طليعة محرريها.

وباقتراح منه تأسست «المجلة الآسيوية» Journal Asiatique في 1822، وصارت ـ ولا تزال حتى اليوم ـ من أهم المجلات الاستشراقية. وأُسِّست الجمعية الآسيوية Sociètè asitique فكان أول رئيس لها، لكنه ما لبث أن تخلى عن رئاستها في 1825. كذلك استقال في 1823 من لجنة التعليم العالي.

وصار مديراً للكوليج دي فرانس في 30 ديسمبر 1823، ومديراً للمدرسة الخاصة باللغات الشرقية في 26 أغسطس 1824.

ولما قامت ثورة يوليو 1830 وتولى لوي فيليب عرش فرنسا، استمر دي ساسي يحظى بالرعاية من الدولة، ومنح لقب Pair de France في 1832، أي عضواً في مجلس الشيوخ الفرنسي (وكان لقب Pair يطلق على من هو عضو في مجلس الشيوخ الفرنسي في الفترة من 1814 إلى 1848).

وعين في الوقت نفسه مفتشاً لقسم الحروف الشرقية في المطبعة الملكية، ومحافظاً للمخطوطات الشرقية في المكتبة الملكية (= الوطنية) في 9 فبراير 1833، وأميناً عاماً لأكاديمية النقوش والآداب. وتوالت عليه ألقاب التشريف: كان قد منح وسام اللجيون دونير من طبقة فارس في 18 ديسمبر 1803، ورفع إلى طبقة ضباط في 6 نوفمبر 1814، وطبقة كوماندور في 18 ديسمبر 1822، ومنح طبقة جراند أوفسييه في 1/6/1837.

وفي يوم 19 فبراير 1838 قام بعمله اليومي: فذهب إلى الكوليج دي فرانس وألقى درس اللغة الفارسية. وبعده ذهب إلى المكتبة الملكية (= الوطنية) فاطلع على بعض المخطوطات الشرقية. وأدى في أكاديمية النقوش والآداب بعض الأعمال المتعلقة بعمله بوصفه أميناً عاماً لها، وختم يومه بأن اشترك في مناقشة تشريعية في مجلس الشيوخ. ولكنه لما عاد إلى بيته أصيب بنوبةٍ مفاجئة. وفي اليوم بعد التالي توفي، أعني في 21 فبراير 1838. لكنه كان قبل تلك النوبة سليم البدن موفور القوة العقلية، ورغم بلوغه الثمانين فقد بقي إلى آخر عمره بريئاً من آفات البدن وانحلال العقل، التي تصاحب الشيخوخة في العادة. وكانت وفاته بمنزلة رقم 9 شارع Hautefeuille المتفرع من شارع سان جرمان.

وسلفستر دي ساسي كان سليم الإيمان، ينزع منزع الجنسنية Jansènisme كما هو شأن أسرته وكما قال ابنه صمول استازاد، «فإنه كان من خصائص الأسر الجنسنية آنذاك ـ إذا كان لي أن أحكم بحسب أسرتنا على الأقل ـ أن يجمع أفرادها بين حرية عقلية واسعة وإدامة للقراءة في حياة مسيحية جادّة ـ وبين أشد أعمال التقوى صرامة وجدّة. لم يكن الواحد منهم يذهب إلى الإيمان عن طريق الجهل، بل كان يفضل، مهما تكن المخاطر، أن يغدو إلى الإيمان عن طريق الدراسة والعلم» أورده دارنبور، ص 30). وكان سلفستر كثير الإحسان، ويختم يومه بسماع القداس كل مساء.

أما عن إنتاجه العلمي:

1 ـ فلنذكر أولاً تصوره للنحو. إنه لم يكن من هواه المقارنة بين النُحُوِّ الخاصة باللغات المختلفة، ولا من هواة الاشتقاق، ولا تصنيف الوقائع النحوية تحت مقولات عامة. وإنما كان يريغ، في النحو، إلى الوصف الدقيق للظواهر النحوية واللغوية، وعرض القواعد النحوية بوضوح ودقة. وكتابه «النحو العربي» خير شاهد على ذلك.

ولم يسبقه، بين الأوروبيين، من كتب نحواً عربياً بهذا المستوى. فإن خير كتاب في النحو العربي كتبه مستشرق قبله هو كتاب «نحو اللغة العربية» (كلكتا 1814) تأليف ماثيو لمسدن Matthew Lamsden. لكن تحريره وشواهده ليست بمستوى تحرير وشواهد كتاب دي ساسي.

وما قام به فليشر Fleischer هو متابعة مع تصحيح لمواضيع في كتاب دي ساسي. ومع ذلك قام من اللغويين المستشرقين من هاجمه، وعلى رأسهم هينرش إيفلد Heinrich Ewald الأستاذ العظيم في جامعة جيتنجن وأكبر علماء العبرية بعد ـ أو مع ت جزنيوس. فقد أخذ إيفلد على دي ساسي خضوعه لسيطرة النحويين العرب. يقول إيفلد في مقدمة كتابه (باللاتينية): النحو النقدي للغة العربية Grammatica Critica linguae arabicae (1830): «إن من سبقوني من الأوروبيين قد ساروا بخوف شديد على آثار النحويين العرب؛ وإن انحرفوا عنهم أحياناً، لم يريغوا مع ذلك إلى الأسباب الحقيقية للأشياء، أعني إلى الأسباب الباطنة الأساسية. وأنا أرى أن هذا أمر لا غنى عنه أبداً. قد وصفت كتابي هذا في النحو بأنه نقدي، فليس لأني أدعي أنني قد وصلت إلى هذه الأسباب بواسطة نقد سليم، وإنما لأني طمحت إلى شق طريق يمكن بواسطته الوصول تدريجياً إلى معرفة حقيقية باللغة. أما التصحيحات والإضافات فتتم فيما بعد. وأنا بعيد عن إنكار فائدة (كتاب) النحو الذي ألّفه سلفستر دي ساسي، الرجل اللامع، والذي ندين له، وله وحده تقريباً، بالاهتمام الشديد الذي يتجلى هذه الأيام بهذا اللون من الدراسات؛ إنه رجل يدفعني علمه الواسع إلى الاحترام بمقدار ما لأخلاقه من طهارة. إن كتابه في النحو (العربي) هو ليس فقط تقدماً على كتب النحو التي سبقته، بل هو أيضاً علم رائع جدير بكل تقدير بالنسبة إلى زمانه».

وحكم إيفلد هذا كان يتعلق بالطبعة الأولى من «النحو العربي» لدي ساسي. فلما ظهرت الطبعة الثانية ـ في 1831 ـ وهي أوسع من الأولى بكثير وفيها تصحيح وتنقيح لكثير من المواضع، لم يغير إيفلد رأيه، إذا قال: «لم تتغير طبيعة الكتاب. فإن جوهره حتى اليوم هو أن الرجل (دي ساسي) الذي أسدى للآداب الشرقية خدمات جُلّى، استمر يتابع منهج أساتذته العرب (= النحويين العرب القدماء) دون أن ينحرف عنهم إلاّ في النادر وفي نقط قليلة الخطر».

وجد جاء كسباري Caspari فشق لنفسه طريقاً وسطاً بين دي ساسي وبين إيفلد، فأصدر كتاباً في النحو العربي 1848 باللغة اللاتينية، صار هو المتن المدرسي لطلاب اللغة العربية في أوروبا، وترجمه إلى الألمانية في 1859 (وطبع بالألماني مرات عديدة في 1866 و 1876 و 1887)، وإلى الإنجليزية في 1862 (وأعيد طبعه في 1874) وإلى الفرنسية في 1880. وقد اعتمد فيه على كل من دساسي وإيفلد، وحاول تصحيح أو تعديل بعض المواضع والإضافات.

وبعد كتاب «النحو العربي، لاستعمال تلاميذ المدرسة العليا للغات الشرقية» (في مجلدين، الطبعة الأولى 1810؛ والطبعة الثانية مزيدة ومنقحة في 1831)، يتلو في الأهمية كتابه: «عرض ديانة الدروز» (1838 في مجلدين). وهو عرض شامل لمذهب الدروز، وكانت رسائل الدروز قد صار من السهل الحصول عليها بعد حملة إبراهيم باشا على لبنان وسوريا (1831).

ونورد فيما يلي سائر كتبه:

1 ـ «مقامات الحريري» ـ حققها وطبعها لأول مرة دي ساسي، على حسابه الخاص في المطبعة الإمبراطورية، 1812، وزوّدها بشرح بالعربية. ولا تزال هذه النشرة هي النشرة النقدية الوحيدة لهذا الكتاب.

2 ـ «الإفادة والاعتبار بما في مصر من الآثار» تأليف موفق الدين عبد اللطيف البغدادي، النص العربي مع ترجمة فرنسية وتعليقات مستفيضة جداً في غاية الأهمية، 1810 Relation de l'Egypte, par Abd al-Latif.

3 ـ كليلة ودمنة»، تحقيق 1816.

4 ـ «بند نامه» تحقيق وترجمة فرنسية، 1819.

5 ـ ترجمة فصول من كتاب «روضة الصفاء» تأليف ميرخاوند بن برهان الدين خاوند شاه، وظهرت الترجمة في Journal des Savants 1837.

وقد تخرج على يديه أو حضر دروسه حشد ممتاز من كبار المستشرقين نذكر منهم: Fleischer, Reuss, Flügel, Reinaud, Stickel. Quatremère, Bernstein, Bresnier, Rasmusen, de Slane, Kosegaten, Sèdillot, Freytag, de Tassy, Munk, Kazimirski

المصدر: موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بديوي، 1992

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف