البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الإسلام في أميركا

الباحث :  أ.د. محمود أيوب
اسم المجلة :  مجلة المنهاج
العدد :  21
السنة :  السنة السادسة ربيع 1422 هجـ 2001 م
تاريخ إضافة البحث :  December / 15 / 2015
عدد زيارات البحث :  1559
الإسلام في أميركا

إعداد: محمد رضا وصفي خلاصة حوار أجراه مع

أ.د. محمود أيوب (*)

توطئة
يعيش عالمنا اليوم في عصر الولمة، حيث يطرح سؤال بديهي: هل العولمة تحترم التعدُّدية الثقافية؟ وهل العولمة تشكل تهديداً للدين؟ وللثقافة الدينية؟
بإمكاننا الإجابة عن هذه الأسئلة، من خلال دراسة إنتروبولوجية لمجتمع الولايات المتحدة الأميركية، بوصفه الأنموذج الأهم لمجتمع تعددي، من حيث الدين واللغة والحضارة والعرق والأيديولوجيات وبوصفه، أيضاً، ذا نزعة منفتحة على الإنسان، علاوة على أنّه الراعي للعولمة، بالرغم من أن سياساته الخارجية غير الديمقراطية تلقى اشمئزازاً.
دراسة هذا المجتمع وقراءة كيفية تطور تعامله مع الديانات وخصوصاً الديانة الإسلامية من منظور أنتروبولوجي يعتمد على مبدأ الجغرافيا والأخذ والعطاء في الثقافة، إضافة إلى البيولوجيا والتاريخ، سيساعدان الباحث على كشف مسير العولمة والعوائق الموجودة أمام الثقافات الدينية.
قد تكون أميركا أهم أرضٍ التقت فيها الفلسفة الكونية الشمولية الإسلامية مع الفلسفة الليبرالية التعددية في القرن العشرين حيث زاد فيها عدد المسلمين وخصوصاً في العقدين الأخيرين، بسرعة كبيرة خارج معاقلها التاريخية، شأنها شأن الأديان الأخرى. هذا يعني، تبدّل أهمّية الوحدة المكانية للأديان إلى
________________________________________
(*)هذه الدِّراسة ،في الأصل،حوار أجراه الأستاذ محمًّد رضا وصفي،و هو باحث إيراني مقيم بيروت،خلال خمس جلسات مع الأستاذ الدکتور محمود أيُّوب،الإسلاميات في بعض جامعات أميرکا وکندا،وقد أعدّ الأستاذ وصفي هذا الحوار،وقدًّمه ل((المنهاج)) ،لينشر في صيغته المعدًّة

[الصفحة - 145]


شبكة العلاقات والاتصالات. فالأهم لأصحاب الديانات في عصر العولمة، وصولهم إلى شبكة تصلهم بعضهم ببعضهم الآخر بدل الحاجة إلى تجمع مكاني. وحصيلة هذه الظاهرة كانت إزدهار الصحوة الدينية في الولايات المتحدة. لذلك نستطيع القول، أن أيّ ديانة لها خصوصية متحركة (La religion dynamique) وأي متدنين يستحسن عملية التثاقف، (accuturation) أي التحرك القائم بين الانفتاح على الآخر والعودة إلى الذات وفق منطق التلفيق والتوفيق بين الدين والكون والواقع. والواقع يدل على أنّ المسلمين في أميريكا، بإمكانهم، إستشراق الشمس من مغربها.
طبيعة المجتمع الأميركي
سكَّان أميركا الأصليُّون هم الذين سمَّاهم «كريستوفر كولومبس» (1451؟ ـ 1506م)، لدى اكتشافه القارة الأميركيَّة (وصل إلى شواطى سان سلفادور في تشرين الأوَّل سنة 1492م)، خطأ، الهنود الحمر، فكولومبس كان يعتقد، عندما وصل إلى العالم الجديد (القارَّة الأميركيَّة)، أنَّه وصل إلى الهند. وكان لهؤلاء «الأميركيين الأصليين» حضارات غنيّة، غير أنّها أبيدت بفعل الزحف الأوروبي، وبخاصّة الأسباني في جنوب أميركا ووسطها؛ حيث أباد الأوروبيون حضارات بكاملها من أجل استعمار هذه البلاد والاستيلاء على الذَّهب والفضة والثروات الأخرى. ولم يكن فاتحو العالم الجديد مثل العرب والمسلمين الذين كانوا، عندما يقيمون في بلد ما، يتعايشون مع أهله تعايشاً يفضي إلى أن يكوِّنوا معاً مجتمعاً واحداً. الأسبان لم يفعلوا ما فعله المسلمون، بل قمعوا السكّان الأصليين وأبادوهم، وكذلك فعل البرتغاليّون، غير أن هؤلاء كانوا أفضل معاملة للسكَّان الأصليين في البرازيل؛ حيث قامت الامبراطورية البرتغالية الكبرى.
وحدث الأمر نفسه في شمال أميركا؛ حيث كانت تعيش أيضاً الشعوب الأصلية لهذه البلاد عندما بدأت الهجرة الإنكليزية، في القرن السابع عشر، إلى أميركا، ثم الفرنسية إلى أميركا وكندا. لم يختلط الإنكليز والفرنسيون بسكان البلاد الأصليين، بل همّشوهم وحشروهم في مستوطنات صغيرة تُسَمَّى RESERVATIONS. وهذه المستوطنات لا تزال قائمة في أميركا وكندا، ويعيش أهلها، إجمالًا، في فقر وفاقة مقارنة مع السكَّان البيض.
________________________________________

[الصفحة - 146]


وجاء إلى أميركا السُّود، أو الزنوج، من أفريقيا، ولا سيما من غربها، فهؤلاء وصلوا إلى الولايات المتحدة الأميركية وبعض جزر البحر الكاريبي وجنوب أمريكا أرقَّاءً، أي عبيداً يباعون. وكانت نسبة المسلمين بين هؤلاء تتراوح بين عشرين وثلاثين بالمئة، وقد حاول المسلمون الذين كان لهم أئمَّة، أن يحافظوا على هويتهم الإسلاميَّة، غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك فطمست هذه الهوية، ومنذ وقت مبكِّر.
وفي زمن الهجرة إلى أمريكا، وقعت أحداث أوروبية مهمَّة، منها: طرد المسلمين واليهود من غرناطة، أو ما يسمّونها غرانادا GRANADA في الأندلس بعد أن وحّد فرديناند وإيزابيلا عام 1492م أسبانيا. وفي ذلك العام أبحر كريستوفر كولومبس إلى أميركا. وفي أوائل القرن السادس عشر قامت حركات الإصلاح البروتستانتية في أوروبا: مارتن لوثر (MARTIN LUTHER) في ألمانيا وأولريش زفينغلي Zwingli 1484 ـ 1531م)، وقد حاول إقامة دولة مسيحيَّة في سويسرا، وسيطر على زوريخ وبرن، لكنّه قتل في صدام بين الكاثوليك والبروتستانت في سويسرا ويوحنا كلفين (calvin /1509 ـ 1564م) فقد نشر هذا المصلح الفرنسي، في فرنسا وسويسرا مذهباً حمل اسمه، وأنشأ أوَّل دولة مسيحية في أوروبا في مدينة جنيف السويسرية. وما لبثت هذه الحركات أن انتشرت، فامتدت إلى بريطانيا وفرنسا وهولندا، وهذه الأخيرة سرعان ما أصبحت دولةً مستَعْمِرة، فقد استعمر الهولنديون أندونيسيا (وهي الآن أكبر دولة إسلامية في العالم)، واستعمر البريطانيون ما يُعرف الآن بالولايات المتحدة الأميركيَّة، واستعمر الفرنسيون بعض مناطق كندا (كيبك) وجزءاً من الولايات المتحدة الأميركية، أطلقوا عليه، في ما بعد، اسم ولاية لويزيانا (LOUISIANA) وهذه الولاية اشتراها الأميركيون في ما بعد.
نتيجةً لهذه الأحداث، هاجر إلى أميركا العديد من الأوروبيين الذين اضطُهدوا دينياً في بلادهم. فتعدّدت الأديان؛ فهناك، على سبيل المثال، ولايتان إحداهما في شمال شرق أميركا اسمها «رود أيلاند» هاجر إليها وسكنها الكاثوليك والأخرى اسمها بنسلفانيا هاجرت إليها واستوطنتها بعض الطّوائف البروتستانتية المتطرفة. وهكذا فإنّ المجتمع الأميركي مجتمع متعدّد الأجناس والأديان منذ البدء.
________________________________________

[الصفحة - 147]


وتعدَّدت، في هذا المجتمع، وفي البدء، أيضاً، اللغات، ثم صوَّت «الكونغرس» لصالح اللغة الإنكليزية، وكان يمكن أن تكون اللغة الألمانية هي اللغة الرسمية، ولكن جرى تصويت على اختيار اللغة الإنكليزية. وحديثاً، بدأت هجرة واسعة من أميركا اللاتينية إلى أميركا الشمالية، ففي العديد من الولايات اليوم توجد لغتان: اللغة الإنكليزية، وهي اللغة الرسمية للبلاد واللغة الأسبانية، وهي اللغة الثانية في البلاد.
وهكذا نرى أن المجتمع الأميركي، من حيث الدين واللغة والحضارة والعرق، مجتمع تعدُّدي، غير أن الحضارة واللغة اللتين سيطرتا ولا تزالان تسيطران عليه هما: الحضارة البروتستانتية واللغة الإنكليزية.
يربط ماكس فيبر (MAX WEBER)، وهو عالم ألماني من أصل يهودي، عاش في أوائل هذا القرن، بين ما يسمِّيه «الأخلاقيات والعقيدة البروتستانتية» وبين الاستعمار الأوروبي؛ وذلك لأن البلاد التي صارت مستعمرةً كانت في مجملها بروتستانتية. أمَّا فرنسا والبرتغال وغيرهما من الدول فأمر الاستعمار فيها مختلف، يقول فيبر: إن هذه الدول تتبنى أفكار كلفن القائلة: إن الإنسان ممثّل الله في الأرض، وإنه يقوم بإدارة هذه الأرض لله، وليس له، ومن ثمّ يجب عليه أن لا يضيع وقته في اللَّعب واللهو، وإنما عليه أن يعمل جادَّاً حتى يكون عبداً أميناً على ما استأمنه الله عليه.
ومن هنا نشأت، في بريطانيا، ولمدة قرن أو أكثر، ومن ثم في أميركا، حركة PURITAS، أي حركة الأنقياء الذين حاولوا تطبيق المسيحية النقيَّة. فقد منع هؤلاء الموسيقى ومختلف أنواع اللّهو، وأصبح عملهم جادّاً ودائباً بهدف الإعمار والسيطرة. وساعد اتحاد هذه الأخلاقيات بالعمل على أن تغدو هذه الدول دولًا مُسْتَعْمِرة.
أمَّا الفرنسيون وسواهم، من غير البروتستانت، فإنهم كانوا كالمستعمرين الآخرين بعامَّة يهدفون إلى تحقيق أمرين:
الأمر الأوَّل نشر الدِّين المسيحي من طريق المؤسسات والإرساليات التبشيرية،
________________________________________

[الصفحة - 148]


والأمر الثاني إرساء مبدأ الحكومات العلمانية المستعمرة، ومفاده أن العرق الأوروبي الأبيض هو المتحضِّر والمتطوّر وأن حضارته ينبغي أن تسود، فعندما يستعمر الإنسان الأبيض، باسم دولة معينة، مناطق واسعة من العالم، فهو ينقل إلى هذه المناطق الحضارة الأوروبية المتفوِّقة. كان الفرنسيون يقولون إن لديهم رسالة حضارية، وهكذا اعتقد البريطانيون، ومن ثم الأميركان. وقد اخترع هؤلاء ديناً علمانياً هو «الديمقراطية»، وعملوا على تسويقه إلى باقي أقطار العالم، وراحوا يحاربون الشعوب ويقتلون الناس بحجَّة نشر «الديمقراطية التي يؤمنون بها، وكما يرونها من منظور مصلحتهم.
المجتمع الأميركي، إذاً، ومنذ بدايته وحتى الآن، مجتمع تعدّدي: دينيَّاً وحضاريَّاً ولغويَّاً وعرقيَّاً وأيديولوجيَّاً.
ويلاحظ من يعيش في المجتمع الأميركي أن الأميركيين المسيحيين، وإن كانوا غير متديِّنين، فإنَّهم لا بدَّ من أن يذهبوا إلى الكنيسة إذا أرادوا أن ينجحوا سياسياً واجتماعياً، فالرجل الأميركي المثالي هو الذي يتأنّق في لباسه، ويكوِّن أسرة: فتكون له زوجة وأطفال، ويكون له عمل ويذهب إلى الكنيسة يوم الأحد. وإن كان مؤمناً، أو غير مؤمن، فلا شأن للدولة بذلك. ويرى المراقب أن كل رئيس أميركي لا بد من أن يباركه أحد رجال الدين عند ابتداء عمله في سدَّة الرئاسة، فمن هذا المنطلق أقول: إن المجتمع الأميركي مجتمع تعدُّدي، وكثيراً ما يمزج، بطريقة أو بأخرى، بين الدِّين والعلمنة. النظام الأميركي، القائم إدارياً على الديمقراطية، هو نظام علماني وليس دينياً، ولكن تركيبة المجتمع الأميركي وتشديد الأميركيين على الأخلاقيات الظاهرة، يجعلان هذا المجتمع مجتمعاً متديناً.
يجد الإسلام، في أميركا، مكاناً له في هذه التعدُّدية الدينية والأيديولوجية. والأرضيَّة الأميركية صالحة لانتشار الإسلام إذا كان المسلمون ملتزمين بالدعوة القرآنيَّة المتمثِّلة بقول الله تبارك وتعالى: {ادْعُ إلى سبيلِ ربِّكَ بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَة الحَسَنَةِ وجَادِلْهم بالتي هي أَحْسَنُ} )النحل، 16/124(.
وقد يكون من الصَّعب أن نعيِّن على وجه التحديد خصوصيَّة الحضارة الأميركية التي تميّزها من الحضارة الأوروبيَّة، ولكن يمكن القول:
________________________________________

[الصفحة - 149]


إنَّ النزعة العاطفية الأفرو ـ أميركية، في الموسيقى والدين والحضارة، إجمالًا، هي التي كوَّنت الأساس للحضارة الأميركية، فعندما هاجر السود إلى أميركا كوّنوا نوعاً من مشاعر الحنين القائمة على أساس العقائد والنصوص التوراتية التي تتحدث، مثلًا، عن استعباد بني إسرائيل في مصر لدى فرعون، فبعض الأناشيد الدينية التي تُسمَّى أغاني الإنجيل تقول: «يا موسى انزل من الجبل، ويا فرعون دع شعبي يذهب...». هذا الحنين أعطى التديُّن الأميركي، إلى حد ما، خصوصيات أميركية مختلفة عن أوروبا. وقد عبرت عن هذا الحنين الموسيقى الأكثر شيوعاً في أميركا، وهي موسيقى الجاز. هذه الموسيقى الصاخبة والعاطفية جداً في أميركا أساسها، حسب اعتقادي، يتمثل في هذه الحضارة السوداء الأميركية التي تقوم على المفاهيم الدينية.
أما الحضارة الإسلامية، فكما قلت من قبل، فقد انطمست معالمها في وقت مبكر، ولكنها عادت تنشط في زماننا هذا. ولكن التديُّن الإسلامي الأسود في أميركا قريب، في كثير من جوانبه ومعالمه، من ذلك التدين العاطفي المسيحي ولم يؤثر حتى الآن على الجاليات الإسلامية التي هاجرت من بلاد الإسلام الأخرى. وأعتقد أن الجالية الأميركية الإسلامية السوداء أو الأفرو ـ أميركية هي من أهم الجاليات الإسلامية في أميركا، لأنها جالية متجانسة. السود فقط سود، ولكن الباقون عرب وأفغانيون وباكستانيون وهنود وإيرانيون، أي متعدِّدو اللغات والجنسيات. الإسلام ينمو بسرعة رهيبة بين هؤلاء السود المسلمين، ولكني أعتقد أن عادات هؤلاء المسلمين السود وتقاليدهم لم تؤثر كثيراً على عادات المسلمين الآخرين وتقاليدهم في أميركا.
الأديان في المجتمع الأميركي
استعمرت البرتغال وأسبانيا ما يمكن أن نسمِّيه، الآن، جنوب أميركا ووسطها، واستعمرت الدُّول الغربية: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا أميركا الشمالية وكانت هجرتهم إليها. وأميركا كلها، سواء أكانت جنوبية أم شمالية، أراضٍ خصبة غنية بالثروات.
________________________________________

[الصفحة - 150]


ونحن على ثقة، الآن، بأن الكثير من المسلمين (المورس)، من بلاد الأندلس، هاجروا إلى المكسيك، في موجات استيطانية لاحقة. ويرى مؤرخون أن بعض المسلمين كان بين بحارة كولومبس. وما يجعلنا نرجِّح هجرة الكثير من المسلمين، في تلك الموجات الاستيطانية، معالم البناء الإسلامي التي ما زلنا نراها حتى الآن في المكسيك، علاوةً على بعض الأسماء والدلائل التي لا يمكن أن تُنْكَر أبداً والتي تدل على أنه كان هناك وجود إسلامي مهم في المكسيك في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر الميلاديين.
ولكن أميركا اللاتينية تختلف عن أميركا الشمالية بخصوصية مهمَّة جداً، وهي أن الهجرة إلى أميركا اللاتينية كانت في معظم الحالات هجرة كاثوليكية، والكاثوليك لا يقبلون بالتعدُّدية الدينية، فكانوا يكثلكون الناس عنوة، أي بالحديد والنار. هكذا فعلوا في الأندلس ثم في أميركا اللاتينية، وهكذا فعلوا في جنوب شرق آسيا، فالفليبين مثلًا كانت، مثل ماليزيا وأندونيسيا، بلاداً إسلامية، لكن عندما استعمرها الأسبان فرضوا الكَثْلَكة بالحديد والنار، والآن الإسلام في الفليبين يقتصر على منطقة «مندناو» في أقصى الجنوب، وحتى الآن لا يزال المسلمون يقتلون ويُضطهدون من قبل السلطات الفلبينية الكاثوليكية، وإن كان لا بدَّ من القول: إن الأمور قد تغيَّرت بعد مجمع الفاتيكان الثاني، فإنه حتى وقت قريب جدَّاً ما زلنا نرى أن البلاد الكاثوليكية أقل مراعاة للحرية الدينية من البلاد البروتستانتية.
الكثيرون من الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة الأميركية وكندا فعلوا ذلك بحثاً عن الحرِّية الدينية، وهذا مهم جداً خصوصاً في الولايات المتحدة.
وهناك سبب آخر للهجرة يمكن إيضاحه كما يأتي: كانت أوروبا تواجه، آنذاك مشكلة سكَّانيَّة، إذ إنها لم تعد تستوعب سكانها، فكان كثير منهم يهاجرون إلى أميركا بحثاً عن فرص للعمل وتحصيل الثروة. وهذا ما فعله كثير من أبناء القارَّتين الأخريين: آسيا وأفريقيا.
هناك، إذاً، سببان للهجرة: السَّبب الديني والسَّبب الاجتماعي. قلنا، في ما يتعلَّق بالسَّبب الدِّيني: إن كثيراً من الأوروبيين هاجروا إلى أميركا بحثاً عن الحرية
________________________________________

[الصفحة - 151]


الدِّينيَّة، وقد كفل الدستور الأميركي القائم على حرية العقيدة هذه الحرية، لكن تطوّر المجتمع أدَّى، في ما أدَّى إليه، إلى أن يقوم صراع ليس بين الدّين والعلمنة، وإنما بين الدين والإلحاد.
والإلحاد، في أميركا، أخذ أشكالًا كثيرة، في أوَّل الأمر كان الأميركيون يعارضون الإلحاد الأوروبي الذي نشأ في عصر الاستنارة، وكانوا يعارضون، أيضاً، الفكرة القائلة بالإله الصَّانع فقط وليس بالإله الصانع الحكيم الرحيم؛ ويعدون هذا الاعتقاد إلحاداً، ثم لما جاءت الماركسية أضحى الإلحاد ماركسياً.
وقد أدت هذه الحرية الدينية، في نهاية الأمر، إلى قيام طوائف ومؤسَّسات دينية مهمَّة ينتمي إليها الأفراد ويكون لها طابع أميركي خاص، وهذا ما جعل الأقلّيات، في غير بلدٍ من بلدان العالم، والتي هاجر قسم من أبنائها إلى أميركا، تحصل على شيء من القوَّة والنفوذ، فالمؤسسة البهائية، مثلًا ، مقرُّها الأول والأهم في حيفا في فلسطين المحتلّة، والثاني الذي يليه في الأهميَّة في أمريكا. فخارج مدينة شيكاغو، في ويلمت، هناك معبد بهائي مهم. والبهائيون نشيطون جداً في أمريكا. أمَّا اليهود فأكثر قوَّة ونفوذاً، فقد تمكَّنوا، بعد أن طُردوا من أسبانيا، وفي زمن غير طويل، من السيطرة على مراكز القوة والتأثير في أوروبا وأميركا.
أوَّل الأمر قال لوثر: إن اليهود أقرباء الرب، أي أقرباء المسيح، ويجب أن نحترمهم، ولكن اليهود لم يتجاوبوا مع دعوته المسيحية فنقم عليهم، وبدأ يقول: إنهم قتلة الرب، وهم الذين صلبوا المسيح. بدأ وضع اليهود يتحسن، في أوروبا، بعد الثورة الفرنسية. في نهاية القرن التاسع عشر، أثيرت قضيَّة تُسَمَّى «قضية دلايفوس»، وهو ضابط يهودي فرنسي اتهم بالخيانة، ثم تبين أن هذا الاتهام كان باطلًا. وعلى أساس هذه القضية دعا الصحفي المجري تيودور هرتزل (Herzel/ 1860 ـ 1904)، مؤسس الحركة الصهيونيَّة إلى قيام دولة يهودية على أساس أن اليهود ليس لهم مستقبل في أي دولة في العالم إلَّا في دولتهم الخاصَّة بهم. وقد تبنَّى الاستعمار الغربي (أوروبا ثم أميركا) هذه الدّعوة، وعمل على تحقيق أهدافها، فقام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين. فالحركة الصهيونية حركة سياسيَّة تؤدي دوراً
________________________________________

[الصفحة - 152]


في خدمة المشروع الاستعماري الغربي. وفي أميركا حركات يهودية أخرى نتحدث عنها في ما يأتي:
جاء اليهود، أوَّلًا، إلى ولاية ميريلاند، ثم إلى نيويورك، ثم إلى الولايات الأخرى. واستقرَّ بهم المقام بعد شيء من المعاناة، لأن الكثير من الأوروبيين الذين هاجروا إلى أميركا لم يكونوا يتقبلون اليهود بسهولة. ثم تغيّرت الأمور، وأدى ذلك إلى أن تنشأ في أميركا حركات نسميها «الحركات البروتستانتية الألفية». وهذه تقوم على عقيدة مفادها أنه قبل نهاية العالم سيرجع المسيح، ويملك في الأرض مدة ألف سنة مع المسيحيين المؤمنين. وبعد ذلك تنتهي الدنيا وتأتي الدينونة الكبرى.
ولكن المسيح، كما ترى هذه العقيدة، لا يرجع إلى الأرض قبل أن يرجع جميع اليهود إلى فلسطين. وقد أخذ أتباع هذه العقيدة بعض نبوءات العهد القديم وطبَّقوها على العصر الحاضر. فهناك، مثلًا، نبوءة في أحد الأسفار تقول: إن الله سيعيد اليهود إلى أرض الميعاد، أي إلى فلسطين، على أجنحة النسور. وهذا تعبير مجازي يعني أن العودة ستتم بسرعة وقوَّة، ولكن هم يقولون: إن النسور تعني اليوم الطائرات. تشجِّع هذه الحركات الكيان الصهيوني وتدعمه سياسياً ومالياً، وذلك ليس حبَّاً به، ولكن حتى يساعد على مجيء المسيح الثاني ورجوع اليهود إلى فلسطين. في هذه الحركات، الآن، اتجاه عقلاني ومعتدل، ويدافع عن حقوق الفلسطينيِّين، وفيها اتجاه يمكن أن نسميه الاتجاه المتطرف، وهو يأخذ التوراة بحرفيتها، فإذا ما جاء في التوراة، مثلًا، أن الله يعيد اليهود إلى فلسطين، فأتباع هذا الاتجاه يرون أن ذلك لا بدَّ من أن يحدث، وهذا الجناح المتطرف موجود في جميع هذه الطوائف البروتستانتية تقريباً، في المعمدانية وفي ما نسمّيه كنيسة الله. وهناك طوائف شبه يهودية بروتستانتية، مثل السبتيين المعمدانيين، وهؤلاء لا يعمّدون الأطفال وإنما يعمّدون الذكور والإناث عندما يبلغون الحلم حتى يعرفوا معنى المعمودية. الكنيسة المعترف بها، في معظم الدول الغربية، هي هذه الكنيسة المسيحية الإنجيلية، والكنائس لا بد من أن تسجل نفسها تحت اسم هذه الكنيسة. و «الكنائس الإنجيلية» تسمية عامة للكنائس البروتستانتية.
وتوجد في أميركا طوائف قوية جداً يمكن أن نسمِّيها «الطوائف الألفية» أو
________________________________________

[الصفحة - 153]


«الاستنالوجية»، وهي تقوم على نوع من «المهديَّة المسيحية» التي تقول: لا بدَّ من أن يتغيَّر العالم على يد المسيح العائد. هذه الكنائس، في مجملها، شجعت على قيام «إسرائيل» وتشجع على بقائها، ومن ثم على إعادة بناء الهيكل اليهودي في فلسطين. والهيكل إذا قام، كما يقول أتباع هذه الطائفة، لا بدَّ من أن يقوم فوق قبة الصخرة في المسجد الأقصى، لأن هذا هو موضع الهيكل فعلًا، وهم يسمُّون هذا المكان «جبل الهيكل». لماذا؟ لأنهم يعتقدون أن المسيح لن يعود إلا إذا عاد اليهود جميعهم إلى أرض الميعاد، ويستشهدون على ذلك بالنصوص التوراتية التي يأخذونها بحرفيتها ويطبقونها، ليس على التاريخ اليهودي قبل المسيح كما كان يتكلم حزقيل وأشايا وغيرهما من أنبياء العهد القديم الذين تكلموا عن رجوع اليهود، من السبي، من بابل وفارس، وإنما على آخر الزمان. هؤلاء لهم «لوبي» في أميركا يدعم الكيان الصهيوني وسياساته المتطرفة، وهم أقرب «الآن» إلى اليمين الصهيوني المتطرِّف، لأنّهم يعتقدون أن هذا التيار سيأتي باليهود إلى فلسطين، ويهيِّى الأرض ويسرّع عودة المسيح.
وقد انتشرت هذه الفكرة بين المثقفين الذين لا يؤمنون بحرفيّة التوراة، وظهر ما يمكن أن نسميه «لاهوت ملكوت الله». ويوجد بعض المفكرين المهمين من الأساتذة والكهنة وسواهم، وهم أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم، فهم يعتقدون أن ملكوت الله لا تتحقق في العالم كما أرادها الله في الإنجيل. إلّا إذا قامت دولة إسرائيل وقام لليهود كيان في العالم.
وهكذا نرى أنّ المجتمع الأميركي، إجمالًا، مجتمع ديني، والأميركيون يفضِّلون التعامل مع المجتمعات الدينية. ولكن توجد الآن في أميركا وخارجها مشكلة تتمثل في ما يسمونه «الإرهاب». وهذا «الإرهاب» يأخذ شكلًا أيديولوجياً في الحركات «النيونازية» في أميركا وهي كثيرة، وربما يأخذ شكلًا دينياً متطرفاً يقوم على فكرة مفادها أن الدين المسيحي هو الدين الوحيد الذي يجب أن يسود في أميركا، وأتباع هذا الاتجاه هم الذين فجّروا مقر الحكومة في «أوكلاهوما»؛ وذلك لأنهم يعتقدون أن هذه الحكومة هي المسيطرة على المجتمع الأميركي في حين ينبغي، أن يكون هذا المجتمع فرديَّاً إلى أقصى حد، ويعمل كل فرد فيه ما يحلو له.
________________________________________

[الصفحة - 154]


الدِّين، بمعناه الجوهري، يعني الإيمان بالله الخالق. هذه فطرة جوهرية في الإنسان، وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولكن الدين المؤسسة والتشريع يختلف. وأنا أعتقد أن المجتمعات الشرقية، بمجملها، لا تقوم على حرّية الفرد وإنما على مؤسسة الأمَّة، وأنا بوصفي مسلماً، أعتقد على المستوى الشخصي، أن حريتي الشَّخصيَّة تنتهي عند مصلحة الأمة.
فحريتي الفردية تتمثل في ما أعتقده بيني وبين نفسي وبيني وبين الله، وهذا مهم. وأنا يحق لي أن أفعل ما أريد، أن آكل وأشرب وغير ذلك، ولكن أنا لست حرَّاً في أن أكتب كتاباً مثل كتاب سلمان رشدي، لأن هذا في نهاية الأمر يضرّ بالأمة إجمالًا. في الجانب المقابل، إذا كان لكل واحد الحق في أن يقول ويفعل ما يريد لا بد من أن تحدث الفوضى، لا بد، إذاً، من أن يكون هناك أمر بين الأمرين كما قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام). ومن ناحيةٍ أخرى، يمكن أن تقوم دولة وتصادر الحريات جميعها، وتسيطر على كل شيء.
دخول الإسلام إلى أمريكا الشمالية
كيف ومتى دخل الإسلام إلى أميركا؟ ولا نعني بأميركا الولايات المتحدة وكندا فقط بل القارة الأمريكية بشكل عام.
اختلف العلماء في الإجابة عن هذين السُّؤالين. فبعض الأبحاث الأثرية والتاريخية تشير ـ وإن لم يثبت ذلك نهائياً ـ إلى أن الإسلام دخل إلى أميركا قبل وصول كريستوفر كولومبس إلى هذه البلاد بقرون عديدة، وربما كان الذين سافروا إلى أميركا من التجار الأفارقة، وربما من العرب، وهذا ما زال موضع تكهُّن.
وهناك من يقول: إن الإسلام دخل إلى العالم الجديد، أو إلى القارة الأميركية الكبرى، مع كولومبس عام 1492م، ففي باخرته التي أبحرت من أسبانيا، أيام فرديناند وإيزابيلا، ملكا أسبانيا، كان بعض المسلمين الذين كانوا يؤدون شعائرهم الدينية. ربما كان هذا القول صحيحاً، لأنه في السنة التي أبحر فيها كولومبس إلى أميركا، معتقداً أنه يكتشف طريقاً جديداً إلى الهند، وحّد فرديناند وإيزابيلا أسبانيا،
________________________________________

[الصفحة - 155]


وبدأت محاكم التفتيش تعذّب المسلمين وتحرقهم لتجبرهم على التَّنصُّر. ومن المحتمل أن بعض هؤلاء المسلمين حاولوا التخلُّص من هذا الاضطهاد بالسفر إلى العالم الجديد.
ولكن، في ما يتعلَّق بالولايات المتحدة الأميركيَّة بالذات، فقد بدأت هجرة المسلمين إليها في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وهذه الهجرة لم تكن هجرة أناس أرادوا أن يهاجروا بإرادتهم إلى مكان آخر، ولكن كانت هجرة أفارقة أرغموا على الهجرة، وغدوا في ما بعد عبيداً. وكان قسم كبير من هؤلاء مسلمين. ذلك أن الإسلام كان متأصِّلًا في غرب أفريقيا.
حُمِل الكثير من هؤلاء الأفارقة الذين أسروا في مراكب إلى أميركا. كانت الحياة في تلك المراكب قاسية جداً، وكان المهجَّرون يعاملون معاملة الحيوانات. وقد حُملوا إلى أميركا ليعملوا في مزارع القطن والتبغ. وتفيد المعلومات أن نسبة المسلمين بين هؤلاء كانت بين 20 و 30%.
وقد اكتشفت، الآن، السير الذاتية لبعض هؤلاء المسلمين، الذين كان بينهم أئمة يقرأون القرآن. وقد حاول بعضهم التخلّص من نير الرق في أميركا، ومنهم من أفلح في ذلك، وذهب إلى بعض الجزر، مثل هاييتي وغيرها من جزر البحر الكاريبي؛ حيث لم يكن الأفارقة مستعبدين مثلما كانوا في أميركا. لم يكترث أسياد هؤلاء المساكين العبيد: المسلمين وغير المسلمين، بالأمور الإنسانيَّة، فلم يعنوا بأن تبقى أسر هؤلاء الناس في مكان واحد، فكثيراً ما كانت تباع زوجة العبد في مدينة، ويباع هو في مدينة أخرى، ويباع أولاده في مدينة ثالثة. وهؤلاء المباعون كانوا يعاملون معاملة الحيوانات. ومع مرور الزمن، لم يعد للإسلام أثر يذكر عندهم. وقد اعتنق بعضهم المسيحية، واتخذوا أسماء أسيادهم، مثل جونسون وأندرسون، وأصبحوا في نهاية الأمر مسيحيين.
والحق يقال: إن التراث الأميركي المسيحي الرُّوحي الغني هو من صنع هؤلاء العبيد الذين كانت عواطفهم الدينية تعبّر عن مآسي استعبادهم واضطهادهم، لأن أسيادهم البيض الأميركان كانوا يعاملونهم معاملة أقل من معاملة الحيوانات.
________________________________________

[الصفحة - 156]


ثم قامت، في أميركا، الحرب الأهلية، في سنة 1860م، وكان من أهدافها تحرير الرق. وانقسمت أميركا، آنذاك، إلى قسمين: الولايات الجنوبية الكونفدرالية والولايات الشماليَّة الشرقية، وكانت هذه الولايات الملاذ والملجأ للعبيد الذين استطاعوا الهرب من الولايات الجنوبية. ولما انتصر «إبراهام لينكلن» أعاد توحيد الولايات جميعها، وحُرِّر العبيد رسمياً، ولم يعد هناك، بصفة رسمية، رق في أميركا، ولكن لا بد من أن نقول: إن عقلية الرق ونفسية الرقيق بقيتا في هؤلاء الناس، ولا تزالان، حتى الآن، تشكِّلان المرارة والأسى في نفوس هؤلاء الناس الذين لا يزالون من المحرومين والمستضعفين.
أخذ الإسلام موقعاً خاصاً لدى العبيد المحرَّرين، لأنهم وجدوا فيه المساواة بين الناس بغض النظر عن اللون والعرق.. فهؤلاء ظلّوا، حتى بعد تحررهم، يعانون من العنصريَّة ومشكلاتها. عرف هؤلاء، في بداية الأمر، بالـ «نيغروز ـ Negros»، أي الأسود، صاحب البشرة السوداء والملامح الإفريقية المعينة. وقد رفض المحرّرون هذه الكلمة في التعريف عن أنفسهم، لأنها صارت تستعمل للتعبير عن الازدراء والإهانة، فإذا أشار الإنسان الأبيض إلى الإنسان الأسود بقوله: «نيغرو Negro» فهذا يعني إهانة له، واختاروا اسم السود (Blacks). وأخيراً صاروا يعرفون، مسلمين وغير مسلمين، بـ «American People African: الشعب الأفريقي الأميركي».
في منتصف القرن التاسع عشر، وخصوصاً بعد الحرب الأهلية الأميركيّة التي دامت سنين عديدة وقضت على حياة الكثيرين من الأميركان البيض، عرفت البلاد حاجة إلى الأيدي العاملة، ففتحت أبواب الهجرة أمام الشعوب الأوروبية وشعوب الشرق الأوسط، فهاجر إلى أميركا وكندا الفرنسيون والبريطانيون والألمان والإيطاليون والأسبان وغيرهم من شعوب أوروبا التي أنهكتها الحروب. وهاجر، أيضاً، بعض المسلمين ممَّا يُعرف اليوم بسوريا ولبنان، ومن تركيا وألبانيا، ومن شبه القارة الهندية، أو ما يعرف الآن بالهند وباكستان.
وهكذا نرى، أنَّ الأمَّة المسلمة في أميركا متعدِّدة الجنسيَّات واللغات
________________________________________

[الصفحة - 157]


والأعراق، وهذا شيء مهم جداً، وهؤلاء المهاجرون الأوائل، الذين هاجروا إلى المناطق الزِّراعية والصناعية أتوا إلى أميركا بغية الحصول على المال، وكان أملهم أن يعودوا إلى بلادهم ويتزوَّجوا ويقيموا فيها، وبعضهم لم ينجح، فعاد إلى بلاده بشيء من الإحباط، وبعضهم الآخر نجح وبقي في أميركا وكندا وأرسل كثير منهم في طلب عائلاتهم وأقربائهم... ولكن السَّواد الأعظم، من هؤلاء المهاجرين، غيّروا أسماءهم، في نهاية الأمر، فصار محمد يأخذ اسم مايكل وعلي يأخذ اسم جايمس وحسين اسم هنري وهكذا... وتزاوجوا مع السكان الآخرين في أميركا وكندا، وذابوا ونسوا اللغة والدين، وصاروا أميركيين.
وهكذا نرى أن هؤلاء الذين هاجروا، في منتصف القرن التاسع عشر، لم يشكلوا، بالفعل، جالية إسلامية في أميركا وكندا أو في أميركا الشمالية. ولكن الهجرة هذه لم تتوقف، ففي السنين التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وفي سنوات الحرب من 1914 إلى 1918، عرفت البلاد العربيّة ضائقة مالية كبيرة ومجاعات، فاضطر الكثير من المسلمين وغير المسلمين، من العرب، من لبنان وسوريا وفلسطين، إلى الهجرة إلى أميركا.
هاجر هؤلاء إلى أميركا، وهم أكثر وعياً بأمور دينهم وحضارتهم، فبدأوا يبنون المساجد في أماكن هجرتهم. وربما كان أول مسجد بني في أمريكا هو ذلك المسجد الذي بني في ولاية «أيوا» الزراعية في وسط الولايات المتحدة، وعلى وجه التحديد في مدينة «سيدر رابدز CIDERS RAPIDS». وهذا المسجد بني في العشرينات على يد المسلمين الذين هاجروا من منطقة البقاع اللبنانيَّة. ثم بنى أقرباء هؤلاء مسجداً آخر في الوقت نفسه تقريباً في مدينة «أدمتن EDMTON»، في كندا.
ولا بد من الإشارة، هنا، إلى أن ظهور الإسلام بين الزنوج، أو السود، في أميركا، في نهاية القرن الماضي، ساعد على نشر الوعي الإسلامي بين المهاجرين، وذلك على الرغم من أنه لم تكن هناك بالفعل جالية إسلامية لا عرقية، فالمهاجرون العرب والآسيويون لم يكونوا يتعاملون كثيراً مع السود.
وأوّل أوروبي اعتنق الإسلام، في أميركا، في نهاية القرن التاسع عشر، هو
________________________________________

[الصفحة - 158]


«راسل ويب»، وهو صحفي وديبلوماسي وتاجر مجوهرات، وقد سمَّى نفسه «محمد راسل ويب». وقد تعرف إلى الإسلام في أثناء وجوده في الهند بين المسلمين، وكان هؤلاء يساعدونه في الكثير من نشاطاته الكثيرة في أميركا. أسس «محمد راسل ويب» حلقات دراسية إسلامية في مدن كثيرة، مثل شيكاغو ونيويورك وغيرها، في أوائل القرن العشرين. ثم أسس مجلة كانت تعرف بـ «مسلم وورد» سنة 1908م، وتوفي بعد الحرب العالمية الأولى بقليل، ولم تستمر المجلة ولا الحلقات الدراسية التي أسسها.
استمرت الهجرة من العالم الإسلامي إلى أميركا وكندا بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وأخذ عدد المساجد يزداد. وبعد الحرب العالمية الثانية، وخصوصاً في أواخر الأربعينات والخمسينات والستينات، ارتفع عدد المهاجرين المسلمين إلى أميركا ارتفاعاً ملحوظاً، وتغيرت صورة الهجرة الإسلامية إلى أميركا.
في بادى الأمر، كان معظم الذين هاجروا إلى أميركا غير مثقَّفين وقد تنصَّر بعضهم، وتخلَّى بعضٌ آخر عن دينه وهويته الحضارية تماماً إن لم يتنصر، وبعض حافظ على حضارته ودينه ما أمكن، فكان يعتمد لاسمه اسمين: محمد جيمس مثلًا. وكثيراً ما كان هؤلاء ولا يزالون، يحرفون أسماءهم الإسلامية حتى تتناسب واللهجات الأنغلو أميركية. وكانوا يفعلون ذلك خوفاً من سخرية الآخرين من أسمائهم المسلمة، ولا سيما أنهم كانوا يجهلون الكثير عن حضارتهم ودينهم فما كان بإمكانهم أن يدافعوا عن أنفسهم وعن دينهم.
ولكن، بعد الحرب العالمية الثانية، كان الكثير ممَّن هاجر إلى أميركا من الطلاب الذين جاؤوا للدراسة، أي حضروا إلى الجامعات للدراسة، ثم بقوا في أميركا ولم يعودوا إلى بلادهم. وهذا ساعد في تنظيم الجالية الإسلامية في أميركا، حيث أصبح الناس مثقفين، وأصبح لديهم علم وشعور أعمق بالدين الإسلامي وبالمحافظة عليه.
وممَّن هاجر إلى أميركا، بعد الحرب العالمية الثانية، المضطهدون في بلادهم سياسياً أو دينياً. ونذكر، على سبيل المثال، بعض أعضاء جمعية «الأخوان
________________________________________

[الصفحة - 159]


المسلمون»، وهؤلاء لهم مواقف أيديولوجيا معينة وجَّهت نشاطاتهم في أميركا، ما أدَّى، في نهاية الأمر، إلى نوع من الفوضى، أو البلبلة، في حياة الجالية المسلمة في أميركا.
أمَّا هجرة المسلمين الشِّيعة إلى أميركا، فتحتاج إلى شيءٍ من التفصيل. كان الشيعة في منطقة سوريا ولبنان والعراق مضطهدين أيام الدّولة العثمانية. وفي تلك الحقبة، لم تكن الدَّولة الإيرانية، وهي الدولة الإسلاميَّة الشيعية الكبرى في العالم، قوية جداً، إذ إنها كانت تعاني من الاستعمار، فلم تستطع القيام بمساعدة الشيعة في سوريا ولبنان والعراق، الذين كانوا يعانون من اضطهاد الحكم العثماني المتشدِّد، ثم من ظلم الاستعمار: البريطاني والفرنسي واستغلاله.
هاجر الكثير من شيعة لبنان، بعد الحرب العالمية الأولى، إلى أميركا، وبخاصَّة إلى مدينة ديترويت وضواحيها. فآنذاك كان هنري فورد قد اكتشف السيارة والمحرك الذي يعمل بالحرارة النفطية، وبدأ يبني مصانع للسيارات في هذه المنطقة، إذ إنه كان من ولاية ميتشغن. كان هنري فورد لا يحب اليهود، وكانت أميركا تشهد آنذاك هجرة يهودية كبيرة، وخصوصاً من دول أوروبا الشرقيَّة، ولم يكن معظم هؤلاء المهاجرين اليهود مثقفين، فبدأوا يبحثون عن عمل، ولم يرد فورد أن يستأجرهم ليعملوا في مصانع السيارات، وفضل استخدام مهاجرين آخرين، منهم المسلمون الشيعة القادمون في معظمهم من جنوب لبنان وبخاصة من بلدتي بنت جبيل وتبنين وغيرهما من البلدان والقرى الشيعية.
بدأ هؤلاء المهاجرون، ومنذ قدومهم، يقيمون أسس مجتمعهم في ضواحي مدينة «ديترويت»، وخصوصاً في مدينة «ديربور»، فبنوا المساجد، وربما بني أول مسجد هناك في الثلاثينات، وهو مسجد «ديربور». ثم هاجر إلى هناك الشيخ محمد جواد شري وبنى المركز الإسلامي، وكان نشيطاً جداً على مسارين: أولهما مسار العلاقات التقريبية بين المسلمين، فكان يسافر إلى مصر وغيرها، وثانيهما: مسار العلاقات مع المسيحيين في منطقة ديترويت وفي أميركا كلها. والحق يقال: إن الشيخ شري، رحمه الله، أعطى الجالية الإسلاميَّة الشيعية مكانة مهمة، لأنه كان إنساناً عالماً وطموحاً ونشطاً، وكثير السفر والمحاضرات.
________________________________________

[الصفحة - 160]


أخذت هذه الجالية تكبر، وأخذت مناطق انتشارها تتسع وتزداد من طريق الهجرة. ثم التحق بها، في ديترويت أيضاً، جاليتان مهمتان، فبعد قيام الثورة الإسلامية في إيران حدثت هجرة إيرانية إلى أميركا، وبخاصة إلى كاليفورنيا. وهناك، الآن، جالية مهمّة في «ديترويت»، والشيخ محمد علي إلهي هو إمام مسجد إيراني، وهو نشيط، فقد بنى مسجداً ومركزاً إسلامياً أسماه «بيت الحكمة» وهو يعمل بجد. وهناك جالية أخرى جاءت أيام الحرب العراقية الإيرانية وبعدها، أي بعد حرب الخليج، عندما بدأ صدام حسين بالتضييق على الناس، فهرب قسم من المسلمين الشيعة إلى السعودية، ثم هاجروا إلى أميركا وكندا وأوروبا، وهؤلاء أيضاً نشيطون جداً في صفوف الجالية الإسلاميَّة. ويمكن القول: إن الجالية اللبنانية هي التي تقدم الأموال، فاللبنانيون نجحوا في مجال التجارة والاقتصاد، والعراقيون هم الذين يهتمون بالأمور الدينية ومجالس العزاء والمحاضرات. أمَّا اشتراك الجالية الإيرانية في منطقة ديترويت فلا يزال ضئيلًا، فعددها بضعة آلاف فقط، وأكثرهم يقيم في جنوب كاليفورنيا، في منطقة في لوس أنجلوس يسمونها «طهران الصغيرة».
وأعتقد أن الجالية الإيرانية، في أميركا، لم تستطع، حتى الآن، أن تكوّن لنفسها إطاراً حضارياً دينياً معيناً. يوجد للإيرانيِّين مركز إسلامي إيراني يقع قرب مدينة «سان فرانسيسكو». وهذا المركز من أكثر المراكز تنظيماً ونشاطاً، لكنه لا يكفي نظراً لعدد الإيرانيين في أميركا. وإني لعلى يقين بأن للإسلام إمكانات للانتشار في أميركا أكثر من أي بلد غربي، وبعض المثقفين المسلمين، في أميركا، يعملون لإبقاء الهوية الإسلامية في أميركا وتطويرها. ونسأل الله التوفيق سبحانه وتعالى، وهو القائل وأعز القائلين: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} .
انتشار الإسلام في أميركا الشمالية
قلنا، في ما سبق: إن أوّل من هاجر، من العالم الإسلامي، إلى أميركا، كانوا من مناطق الشرق الأوسط التي كانت تخضع للحكم العثماني، وبعضهم كان من أوروبا، وخصوصاً من مناطق البلقان التي كانت تخضع للحكم العثماني أيضاً. وقلنا: إن الكثير من هؤلاء الناس ذهبوا إلى أميركا وكندا إمَّا فراراً من الخدمة
________________________________________

[الصفحة - 161]


العسكرية أو من الظروف القاسية في بلادهم قبل الحرب العالمية الأولى وإبَّانها، أو أنهم ذهبوا بدعوة من أقاربهم. وكان جلُّ هؤلاء الناس يعتقدون أنهم سوف يبقون في أميركا لمدة بسيطة يحصلون فيها على بعض المال ثم يعودون إلى بلادهم، وبعضهم عاد بالفعل بعد عدة سنوات وإن لم يحقِّق نجاحاً كبيراً، ولكن السواد الأعظم منهم بقي واندمج في المجتمع الأميركي، ولم يحتفظ من هويته الإسلامية إلا ببعض الذكريات الغامضة التي كانت تخطر في البال، كأن يذكر أن هذا الإنسان جاء من قرية كذا وكانت أسرته تُسمَّى كذا...
بقيت الحال هكذا حتى انتهاء الحرب العالميَّة الثانية، ففي هذا الوقت بدأ وجه الجاليات الإسلامية يتغيَّر:
أوّلًا: بدأ عدد المهاجرين يزداد، وتضاعف أضعافاً عن طريق هجرة الطلبة القادمين لمتابعة دراستهم في جامعات أمريكا وكندا. وكثير من هؤلاء ـ لأسباب اقتصادية أو سياسية أو اجتماعيَّة... بقوا في بلاد الهجرة.
ثانياً: قامت مؤسَّسات تهدف إلى الدَّعوة أو التبليغ. بعض هذه المؤسسات كان امتداداً لمؤسسات إسلامية في مصر كجمعية الإخوان المسلمين التي أسسها المرحوم حسن البنا في أواخر العشرينات. فقد انتشرت هذه الجمعية في أوروبا وأميركا، وأدَّت دوراً مهماً في الأربعينات والخمسينات في أميركا، ولا تزال موجودة بطريقة أو بأخرى حتى اليوم. وفي الهند جمعية للتبليغ تسمَّى «جمعيَّة التَّبليغ الإسلامي»، وأعضاؤها من المثقَّفين والأطباء والمهندسين، الذين يسافرون إلى أميركا ليعملوا في مجال الدعوة للإسلام ويقوم رجال الدَّعوة بنشاطات عديدة:
أوّلها الدَّعوة بين المسلمين أنفسهم، ويعني هذا أن جماعة التبليغ كانوا ينشطون في المساجد وهدفهم كان إرجاع المسلمين إلى الله وإلى عيش حياة إسلامية، شبه سلفية في بعض الأحيان. وحسب اعتقادي فإنَّ هؤلاء الأخوة، ومعظمهم من الهند وباكستان، كانوا مخلصين في إيمانهم ودعوتهم إلى الله والإسلام، غير أنهم لم يكونوا ممتلكين ثقافة إسلامية اجتماعية عامة، فمجال عملهم كان ضئيلًا، وكثير من الأشخاص الذين ذهبوا إلى أميركا وكندا إما للزيارة أو
________________________________________

[الصفحة - 162]


للعمل التبليغي كانوا مثقَّفين ويقومون بأعمال جليلة، ومنهم من بقي في أميركا أو أنه رجع إلى أوروبا.
وثانيها الدعوة إلى الإسلام في الجامعات والكليات والأمكنة التي يدور فيها الحوار إجمالًا، فالعديد من المفكِّرين المسلمين اهتموا بتأليف الكتب ونشرها وإقامة الحوار بين المؤمنين بالدِّيانات السماوية، أو بما يمكن أن نسميه الحوار بين الإسلام واليهودية والمسيحية، ومن أنشط هؤلاء كان أستاذ فلسطيني مسلم توفي شهيداً هو إسماعيل راجي الفاروقي، قتل سنة 1986م. قتله أحد المعتوهين المسلمين من أصل أفريقي (الأميركي الأفريقي). والفاروقي عمل منذ الستينات وحتى الثمانينات، فكانت له نشاطات إسلامية عديدة في مجال المعرفة، فقد أسس مؤسسة مهمة جداً لدراسات الفكر الإسلامي سماها INTERNATIONAL INSTITUTE OF ISLAMIC THOUGHT IIIT. ومع أن أعمال هذه المؤسَّسة قد تقلَّصت إلى حد كبير فإنها لا تزال تعمل، ولا سيما في المجالات الثقافية، وبخاصَّة في مجال الحوار الإسلامي المسيحي. و «أسلمة المعرفة» لا تزال من أهداف هذه المؤسسة، ويعني ذلك تطوير المسلمين ليصبحوا قادرين على إنتاج المعرفة بواقعهم وتاريخهم في مختلف المجالات.
وفي أواخر الخمسينات، أقيمت مؤسّسة مهمَّة أخرى هي مؤسسة الطلَّاب المسلمين (MUSLEM STUDENT ASSOCIATION)، وقد أصبح لها فروع في أميركا وكندا ولدى الجاليات الإسلاميَّة بمختلف أعراقها ولغاتها. فمثلًا، كان لهذه المؤسسة فرع للطلاب الإيرانيين، وكانوا يسمونه (M S A P E G)، أي جمعية الطلاب المسلمين للناطقين باللغة الفارسية (THE PERSIN SPEAKING GROUP). وعندما كبرت هذه الجمعية لم تعد تقتصر على الطلاب، ودخل فيها العديد من الناس، وتغيّر نظام عملها وتأسَّست مكانها جمعية على مستوى الدولة الاتحاديَّة في أميركا. وللمؤسَّسة فرع في كندا يعرف بـ (ISMA) وهي الأحرف الأولى لـ (ISLAMIC SI OF AMERICA). وهذه الجمعية لها الآن في أميركا مقر للتدريس ونشر الكتب باللغتين الإنكليزية والعربية وغيرهما من اللغات.
المشكلة، في معظم هذه الجمعيات الإسلامية، أنها تحتاج إلى دعم
________________________________________

[الصفحة - 163]


خارجي، وهذا الدعم يكبر أو يتقلَّص حسب الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم الإسلامي.
فقد أنشأت المملكة العربية السعودية مؤسسة مهمَّة، وإن كانت، الآن، لم تعد نشيطة مثلما كانت من قبل، وتسمَّى «مؤسسة رابطة العالم الإسلامي». وهي مؤسسة سعودية مكان رئاستها في مكة، وكان يشرف على نشاطها في أميركا، لمدة طويلة، عبدالله عمر ناصيف.
وهناك، أيضاً، جمعيات أخرى تعمل خارج نطاق المؤسسات العلمية من جامعات وكليات، ففي كندا قامت جمعية تدعى المؤسسة الإسلامية في كندا (CMCC)، وكان لها نشاطات كبيرة على مستوى الحوار، وكان لها أيضاً تأثير لدى الحكومة الكندية، لكن للأسف بدأت تضعف. وتبذل الآن محاولات لإقناع الأخوة والأخوات المسلمين في كندا كي يعيدوا إحياء هذه المؤسسة المهمة لأنها كانت تمثل حلقة الوصل بين الدولة والمسلمين.
والدَّعوة، الآن، تأخذ أشكالًا كثيرة:
الدَّعوة، في أساسها، هي الدعوة إلى الله تعالى، وليست الدعوة إلى دين معين، ولكنها وبمجرَّد أن يلبي أيّ إنسان هذه الدعوة يصبح معتنقاً للإسلام بمعناه الجوهري العام. أمر طبيعي أن يستسلم لإرادة الله وأوامره كلّ من يقبل الدعوة ويتوجه إلى الله سبحانه وتعالى، هذا مجال مهم للدعوة بمعناها العام.
وهناك مجال آخر جميعنا نقوم به، وهو نشر المعلومات الإسلامية إما عن طريق التدريس أو الكتابة وغير ذلك. وهدف هذه الدَّعوة التَّعريف بالإسلام وتقديم المعلومات الصحيحة عنه، ما يفضي إلى تأليف القلوب، فالمعروف أن الصحافة الغربية، والأميركيّة بشكل خاص، كانت، ولا تزال، تقدّم صورة مشوَّهة عن الإسلام بتصويره دين عنف وإرهاب، ونحن نريد أن نظهر للعالم أجمع أن الإسلام دين محبة وسلام وتعاون واهتمام بحاجات الآخرين، وأنَّ المسلمين يعبدون الإله الواحد وأن لا إله إلا هو. وهذا يؤدِّي إلى خلق جو غير معادٍ للإسلام وغير متوتر بين المسلمين وغير المسلمين في أميركا.
________________________________________

[الصفحة - 164]
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف