البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الإماميَّة والسلفيَّة من القطيعة إلى الحوار قراءة في كتاب: «حوار في الإمامة» بين الشَّيخ محسن الأراكي والدكتور محمَّد المصري‏

الباحث :  الأستاذ محمَّد دكير
اسم المجلة :  مجلة المنهاج
العدد :  15
السنة :  السنة الرابعة خريف 1420 هجـ 1999 م
تاريخ إضافة البحث :  December / 14 / 2015
عدد زيارات البحث :  1504
الإماميَّة والسلفيَّة من القطيعة إلى الحوار
قراءة في كتاب: «حوار في الإمامة»
بين الشَّيخ محسن الأراكي والدكتور محمَّد المصري‏

الأستاذ محمَّد دكير (*)

«لنفتح الطريق على بعضنا، ليقرأ كلٌّ منَّا فكر الآخر عن كثب، وليطَّلع على ما يستند إليه في وجهته المذهبيَّة..» الشيخ محسن الأراكي.
الصِّراع المذهبي: لمحة تاريخيَّة
ليس من السَّهل الكشف عن الملابسات المتعدِّدة والمتشابكة، السِّياسيَّة والفكريَّة والاجتماعية، التي كانت وراء ظهور المذاهب والفرق (الفقهية والكلامية والسياسية) في تاريخ الإسلام. لكن يمكن تحديد أهم المنطلقات التي تأسَّس عليها هذا التَّعدُّد المذهبي، وهي: 1 - الاختلاف حول موضوع الإمامة أو الخلافة، 2 - إضفاء المشروعيَّة على مبدأ الاجتهاد والعمل بمقتضى ذلك.
يعدُّ موضوع الإمامة، أو الخلافة، أوَّل موضوع انفجر حوله الخلاف بين المسلمين بعد وفاة رسول اللَّه (صلي الله عليه و آله و سلم)؛ إذ انقسم هؤلاء إلى فريقين: فريق يقول بالنَّص والتَّعيين الإلهي للإمام علي (عليه السلام)، وفريق يقول بالشّورى، وأن الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم) لم يعيِّن أحداً لخلافته، وإنَّما ترك لأمَّته حرّية اختيار من تراه مناسباً للخلافة. وبعد مقتل الخليفة الثالث، وظهور بني أميَّة على السَّاحة الإسلامية واستلامهم السلطة (الخلافة)، بدأ الفريقان في التميُّز والبعد عن بعضهما بشكل نهائي، بحيث أصبح الكلام عن مدرستين، دينيَّتين/ سياسيتين، منفصلتين، تختلفان في المنطلقات والأهداف. ثم تفرَّعت، في ما بعد، عن هاتين المدرستين مدارس متعدِّدة ومختلفة. إن الاختلاف السياسي سيتعمق وسيؤصَّل له ليتداخل فيه السِّياسي بالدِّيني، وذلك لتجريم المعارضة، واتخاذ المواقف الصَّارمة تجاهها، بحجة أنها مخالفة للإسلام، كما تقدمه السلطة (الخلافة) الأموية والعباسية بعد ذلك ومدارسها الفقهيَّة والكلاميَّة.
هذا الصِّراع السِّياسي الذي انفجر مبكِّراً، مهَّد الطَّريق لفتح باب الاجتهاد على مصراعيه، وذلك للحاجة الملحَّة التي كشف عنها تطوّر المجتمع
________________________________________
(*)باحث وکاتب من المغرب.

[الصفحة - 288]


الإسلامي، وكثرة النوازل والحوادث والمستجدَّات والأسئلة التي لم يجد لهاالمسلمون أجوبة صريحة ومباشرة في نصوص القرآن وما حفظوه من سنة الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم). بالإضافة إلى الصراع السياسي الذي دفع بأتباع الفريقين (المناصرون للخلافة والقائلون بالنصر والتعيين الإلهي)، إلى الاستنجاد بنصوص الوحي تفسيراً وتأويلاً، لدعم هذا الاختبار السياسي رالديني وتأصيله. هذا الاستنجاد أسهم في إضفاء المشروعية على مبدأ الاجتهاد الذي توسَّع ليشمل جميع المواضيع الفقهية والعقيديَّة. وبالتالي أصبح الاختلاف والتعدُّد، في الرأي والفتوى، من أهم النتائج التي أسفر عنها العمل بمقتضى هذا الاجتهاد المشروع!
طبعاً أسفر الاختلاف والصِّراع السياسي عن مآسٍ مؤلمة، وترك بصمات سوداء قاتمة طبعت جبين التاريخ الإسلامي، لأن الفرق المختلفة لم تحتكم في واقع الحال إلا للسيف والقوة، ولم تستنجد بالمبدأ (النص) العقيدي إلا لدعم مشروعية سل السيف ونتائجه الدمويَّة المؤلمة. لكن هذا الاستنجاد مكَّن المعارضة من تأصيل معارضتها عقائدياً وفكرياً بشكل أفضل، ما جعلها قويَّة وضمن لها الاستمرارية. لأن فئات مختلفة من المجتمع كانت تلتحق بصفوفها بشكل دائم.
هذا على المستوى السِّياسي، أمَّا على مستوى الفقه أو الشَّريعة، فقد أسفر العمل بمبدأ الاجتهاد، عن قيام المذاهب الفقهية المختلفة، وظهورها، من دون نسيان العامل السياسي الذي وقف وراء انتشارها والتمكين لها، بتوجيه السواد الأعظم لتقليد علمائها والأخذ بفتاويهم والتعبُّد بها، وبناء المدارس لأتباعها وتسليمهم مناصب القضاء والسَّماح لهم بالتدريس ونشر مذاهبهم في المساجد.
هذه الملابسات السِّياسية والدِّينية والاجتماعية مجتمعة، وغيرها، أعطت واقعاً إسلامياً مختلفاً ومتعدِّداً، يحتضن عشرات، بل مئات الفرق والمذاهب الفقهية والكلامية والفلسفية والسياسية، حيث احتدم الصراع بين الأتباع وتعمَّق، وتعدَّدت مظاهره، على شكل مناظرات وحوارات علمية رصينة وهادئة في المساجد، حيث الدليل والبرهان يقارع مثيله، أو مهاترات وتراشق بتهم الضَّلال والكفر، وصولاً استصدار الفتوى بالقتل، وتجويز الاعتداء على المحرمات.
________________________________________

[الصفحة - 289]


لا يمكن تتبُّع وقائع الاختلاف المذهبي، الفقهي والعقائدي والسياسي، بالتفصيل، في هذا التمهيد المختصر، فكتب التاريخ مليئة بهذه الوقائع في جانبيها الإيجابي والسلبي. لكنَّ ما علق بالذهن الإسلامي، وحفظته الأجيال المتعاقبة، اقتصر في مجمله على الوقائع السلبية لهذا الاختلاف والتعدُّد، ففي المسجد الأموي مثلاً، وكذا في مسجد الأزهر الشريف، كانت تقام صلوات للجماعة، كانت صلاة الظهر تقام أربع مرات، يتقدم الإمام الحنفي فيصلي وراءه الأحناف، ثم يتبعه المالكي ليؤمَّ أتباع مالك وهكذا بقيَّة المذاهب. وفي الوسط الفكري والعلمي، كان التعصب المذهبي سائداً، لأن الحقيقة الإسلامية ليست لبوس المذهب، فكل رأي أو اختيار فقهي أو عقيدي لم يقل به علماء المذهب هو ضلال وكفر. لذلك ساد التكفير المتبادل بين أتباع هذه المذاهب، وانتشر الجهل المتبادل كذلك بينهم. وقد أثَّر هذا الصِّراع والتكفير والجهل على اللحمة الاجتماعية داخل المجتمع الإسلامي الواحد، وكانت له آثاره السلبية المدمِّرة؛ إذ انفرط عقد الأمَّة الإسلاميَّة التي حثَّ القرآن على وحدتها في غير آية، قال تعالى: { إن هذه أمَّتكم أمَّةٌ واحدةٌ وأنا ربُّكُم فاعبدون } .
مميِّزات الصِّراع المذهبي بين الشِّيعة الإماميَّة والحنابلة (السَّلفيَّة)
لن نتحدَّث عن ملابسات ظهور المذهب الحنبلي للوجود، وانتشار تقليده في الأوساط الإسلامية، لكنَّ أهمَّ ما ميَّز هذا المذهب هو تاريخه الصِّراعي الطَّويل مع المذاهب الأخرى، فحيث يتواجد أتباع المذهب الحنبلي ـ وقد كانوا قلة في بغداد ودمشق ونجد في الجزيرة العربية ـ تتفجَّر الصِّراعات المذهبيَّة والطَّائفية بشكل يومي، متميِّزة بالعنف والخشونة وإراقة الدماء، أما التَّكفير والتَّضليل والحكم على المخالفين بركوب البدع، فحدِّث ولا حرج. ومن يتأمَّل أحداث القرن الرابع الهجري في بغداد، مثلاً، كما ذكرها ابن كثير وغيره من المؤرخين، يلاحظ حجم الفتن التي أثارها الحنابلة أثناء قيامهم بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، كما يعتقدون. أو هجومهم على المخالفين من العلماء ومحاصرتهم
________________________________________

[الصفحة - 290]


في بيوتهم والتَّظاهر عليهم بالعوام، لأنَّهم فسَّروا آية من القرآن بخلاف الفهم الظَّاهري الحنبلي، أو ممارسة شعائر دينية يعتقد الحنابلة بأنها بدعة وضلالة.
وقد كانت ردود الفعل، من طرف المذاهب الفقهيَّة والكلاميَّة السنية، قاسية في كثير من الأحيان، حيث ساد في أوساط علمائهم تكفير الحنابلة ورميهم بالتجسيم والتَّشبيه، لأنَّهم كانوا لا يؤمنون بالتأويل، ويفهمون آيات الصِّفات، فهما ظاهرياً، يدفع بهم إلى الاعتقاد بالتجسيم الصريح، لذلك نجد كتب علم الكلام السنِّية (الأشعرية والماتريدية) لا تخلو من الرد عليهم والتشنيع بهم ورميهم بمخالفة التوحيد الإسلامي الصحيح. ومع ظهور ابن تيميَّة، زعيم الحنابلة المتميِّز والمشهور، ازدادت الهوَّة بين المذاهب السنية الثلاثة والمذهب الحنبلي. لأن هذا الأخير سيعالج مواضيع جديدة من منطلقات تختلف جذرياً عمَّا عليه باقي المسلمين، وليس فقط مذاهب أهل السنة، مثل النهي عن زيارة قبر الرَّسول (صلي الله عليه و آله و سلم) واعتبارها بدعة مؤدِّية إلى الشّرك، واعتبار زيارة قبور الأولياء والصلحاء من مظاهر الوثنية ومخلَّفات الجاهلية. وكذلك رأيه في عدد من المسائل الفقهية، ناهيك عن دفاعه عن التجسيم الصَّريح عندما قال بالفوقية وجلوس الرحمن على العرش حقيقة. الأمر الذي دفع عدداً من العلماء، من أهل السنَّة، إلى تكفيره واتّهامه بالشَّطط والهرطقة. ولم يقف الرجل مكتوف اليدين بل كان سبَّاقاً لاتهام خصومه جميعاً بالكفر والضلال والسُّقوط في البدع. ومن يراجع الكتابات التي عالجت موضوع الاختلافات المذهبية بين المذاهب والفرق الإسلامية يجد الأمثلة الكثيرة على ما ذكرنا.
أمَّا بخصوص الصِّراع الذي خاضه الحنابلة (السَّلفيَّة) مع مذهب الشِّيعة الإمامية، فقد جاء متميِّزاً بخصائص تجعله ينفرد، من حيث الحجم والموضوع، عن الصراع الذي خاضوه مع مذاهب أهل السنَّة، لأن مواضيع الاختلاف مع الشِّيعة الإمامية كانت كثيرة، في الفقه والعقيدة. أما في الجانب السياسي، فقد حمل الشيعة راية المعارضة لنظام الخلافة، وقادوا الثَّورات المتتالية على جميع الأنظمة السياسية، في الوقت الذي كان الحنابلة يعتقدون فيه بصحَّة البيعة لجميع
________________________________________

[الصفحة - 291]


الخلفاء والملوك من بني أميَّة وبني العباس.
وقد تحوَّل هذا الاختلاف السِّياسي إلى اختلاف عقيدي وديني بشكل عام. طبعاً هذا الاختلاف لم يكن محصوراً بالشِّيعة الإماميَّة والحنابلة، أو ثنائيّاً بينهما، لأن المذاهب الفقهية والكلامية المنضوية تحت شعار أهل السنة، جميعها، كانت على خلاف مع الشيعة في موضوع الإمامة. لكن الحنابلة حوَّلوا هذا الاختلاف السياسي المعروف إلى صراع طائفي يحشر فيه العوام، ويتم فيه الهجوم على أماكن سكن الشيعة الإمامية ومساجدهم، فيحرقون ويقتلون وينهبون. ولا تتوقَّف هذه الفتن عادة إلا بعد حدوث مجازر حقيقيَّة يذهب ضحيتها العشرات بل المئات من الأبرياء. ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره ابن كثير في حوادث سنة 362هـ فقد قتل 20 ألف في إحدى الهجومات الحنبليَّة على منطقة الكرخ ببغداد، حيث يسكن الشيعة الإمامية. هذه الوحشيَّة فالدمويَّة هي التي طبعت العلاقة بين الحنابلة (السلفية) والشيعة الإمامية طوال التاريخ... إلى الآن...
ومن خلال الوقائع التَّاريخية، حيث يتواجد الشِّيعة إلى جانب الحنابلة، نجد أن الحنابلة يراقبون الإمامية ويتتبَّعون حركاتهم وأعمالهم وشعائرهم الدينية، فأي فعل أو قول يخالف المذهب الحنبلي (السلفي) يعني الابتداع والكفر، ومن ثم يتحيَّنون الفرصة للهجوم عليهم لقتلهم وحرق بيوتهم ومساجدهم ونهب أموالهم.
إن العلاقة بين الإماميَّة والحنابلة، كانت من أسوء العلاقات التي عرفها تاريخ الصِّراع بين الفرق والمذاهب الإسلامية. فقد انعدم الحوار، وسادت لغة العنف والسَّيف، وعاش أتباع المذهبين على وتيرة التكفير المتبادل والقطيعة التامة طوال قرون. لذلك كان ولا يزال من الصَّعب الحديث عن لقاء، أو التفكير في فتح باب للحوار بين فريقين ومذهبين، بينهما من التارات الدموية والمآسي الطائفية ما يندى له جبين التاريخ الإسلامي. لكن أفق الحوار لم يكن مسدوداً لأن الجهل بالآخر المذهبي كان ولا يزال المحرِّك للصِّراع المذهبي في أوجهه السلبية، ليس فقط بين الحنابلة والإمامية، ولكن بين جميع المذاهب والفرق الإسلامية، لذلك عندما كانت تتاح لأي متعصب،
________________________________________

[الصفحة - 292]


أو مقلِّد لمذهب ما، فرصة الاطلاع على تراث خصمه ومعرفة أدلَّته وبراهينه على معتقداته واجتهاداته واختياراته الفقهية والكلامية والسياسية، كانت تحدث مفاجآت عديدة وردود فعل متباينة، تصل إلى حد الانقلاب على المذهب المقلَّد والالتحاق بالمذهب الجديد، أو التحوُّل إلى موقف معتدل تحكمه الموضوعيَّة العلميَّة إلى حد ما، بحيث ينظر إلى الاختلافات بين المذاهب في إطار ملابساتها العلميَّة والسِّياسية، ويتحوّل التعصُّب إلى موقف علمي يعالج أسباب الاختلاف ليصل إلى الحقيقة الإسلامية، بعيداً عن المهاترات المذهبية ودعوات التكفير والقتل.
من القطيعة إلى الحوار
هذا التَّمهيد كان لا بدَّ منه لوضع القارى في صورة العلاقة بين المذهبين: الشيعي الإمامي والحنبلي السلفي، لأنَّ الكتاب الذي بين أيدينا نموذج فريد، وقد يكون غير مسبوق في عدد من جوانبه، لأنه يتضمَّن حواراً حول موضوع الإمامة بين عالم شيعي إمامي هو الشيخ محسن الأراكي، الممثل الديني (في بريطانيا) للإمام السيد علي خامنئي قائد الثورة والدولة الإسلامية في إيران، والدكتور محمَّد بن عبداللَّه المصري، وهو مفكر إسلامي نشأ وترعرع داخل الأوساط الدينية والفكرية الحنبلية (السلفية) وتغذى من منابعها الفكرية، وتربَّى على الاعتقاد والإيمان بصحة اختياراتها الفقهية والعقيدية، ومن بينها الموقف العقيدي والسياسي تجاه الشيعة الإمامية. بالإضافة إلى اهتماماته السياسية والإصلاحية التي جعلته يتخذ موقفاً منتقداً لبعض التوجُّهات السياسية الداخلية والخارجية لبلده (السعودية)، ما جعله يقف في صف المعارضة السِّياسية والدِّينية لنظام بلده، ويلجأ اللجوء إلى بريطانيا لمتابعة معارضته بعيداً عن الضغوط والمضايقات التي بدأت تعترض توجهاته ودعوته للإصلاح والتغيير.
في لندن كان اللقاء الذي جمع الدكتور المصري بالشيخ الأراكي، بعيداً عن المؤثِّرات السِّياسية والاجتماعية والجغرافيَّة التي تتحكَّم فيها الطائفية البغيضة، ويسود فيها الخوف من أي حوار أو لقاء، خصوصاً من الجانب الحنبلي (السلفي) الذي حسم موضوع الحوار مع الشِّيعة منذ قرون خلت،
________________________________________

[الصفحة - 293]


معتبراً إيَّاهم من الفرق الغالية التي يجب محاربتها واستئصالها، وليس فتح الحوار مع علمائها والاستماع إلى وجهات نظرهم. لذلك فأهمّية هذا الحوار الذي طُبع نصّه في هذا الكتاب، ليست في نتائجه، أو في ما سيقرره المتحاوران في نهاية المطاف، لأن فتح باب الحوار بين أتباع مذهبين يتقاسمان الأمة الإسلامية الآن، هو بحد ذاته، من أهم ما قام به وتوصَّل إليه المتحاوران: الإمامي والسلفي.
ولا بدَّ من الإشارة هنا إلى أن علماء الشيعة، وطوال هذا القرن بالذات، كانوا سبَّاقين لتوجيه الدعوات لجميع المذاهب الإسلامية لفتح باب الحوار والتعارف، بغية نزع فتيل الصراع المذهبي والطائفي، الذي استفاد منه أعداء الأمة الإسلامية كثيراً، واستغلوه أبشع استغلال، خصوصاً أثناء الاستعمار الغربي. أما الدعوة للحوار مع الحنابلة (السلفية) فقد تكررت كثيراً من طرف علماء الإمامية في كل من النجف الأشرف وقم ولبنان. وقد تتبَّع الدكتور جودت القزويني، في تقديمه للكتاب، مسيرة الحوار الشيعي الوهَّابي (الحنبلي)، وسجَّل ملاحظات جديرة بالاهتمام والمعالجة، فالمذهب الحنبلي، وبحكم منطقه الحدِّي، لم يشجِّع أي مبادرة للحوار. لذلك جاءت المبادرات من طرف علماء الشيعة، فقد رد «زعيم الإمامية في عصره الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفَّى سنة 1813 على تساؤلات وانتقادات الأمير عبد العزيز بن سعود»، وتحوَّل هذا الرَّد إلى رسالة نشرت سنة 1795م. وفي سنة 1964م، وأثناء تأديته لفريضة الحج، قام الشَّيخ العلاَّمة محمد جواد مغنية بجولة على بعض علماء الوهَّابية (الحنابلة)، وحاورهم في مكاتبهم ومجالسهم، ومنهم رئيس القضاة وإمام الحرم المكي، ودعاهم للحوار والتعرُّف على عقائد الشِّيعة الإماميَّة مباشرة، ومن دون وسيط يحرِّف الحقائق ويشوِّهها. وقد سجل حواراته وما دار بينه وبين من التقاهم من علماء المذهب الوهابي (السلفي) في كتاب طبع تحت عنوان: «هذه هي الوهَّابية».
كانت هناك، أيضاً، وطوال سنوات الحج، حوارات فرديّة متعدِّدة بين علماء الشيعة الإمامية وبعض الدعاة والعلماء الوهَّابية، أثناء موسم الحج، لكن الكثير من هذه الحوارات كانت في
________________________________________

[الصفحة - 294]


واقع الحال، حوارات طرشان، لأن علماء الوهَّابية ينطلقون ـ كما قلنا سابقاً ـ من قناعة عقيديَّة راسخة في أذهانهم، وهي أنهم أمام طائفة منحرفة كلِّيةً عن الإسلام، تعبد الإمام علي (عليه السلام) والأئمة؟! وتكيد للإسلام وأهله؟! وغيرها من القناعات والتصوُّرات الخرافية التي تنتشر داخل الأوساط العلمائية والعامية الوهابية (السلفية) على السواء. وقد جاءت الثورة الإسلامية (الشيعية الإمامية) في إيران، لتثير مخاوف حكومات الدُّول المجاورة، ومن بينها السعودية، من تصدير الثورة الإسلامية (الشيعية)، ففتح المجال للأقلام المأجورة التي هرعت مسرعة إلى كتب الخلاف القديمة، التاريخية والفقهية والكلامية، لتنشر الغسيل الخلافي المذهبي على نطاق واسع، وتعمِّقه، بحشوه بالأكاذيب والافتراءات والأساطير، جميع هذه الوقائع جعلت اللقاء على طاولة الحوار في حكم المستحيل ـ كما قلنا سابقاً ـ وضاعت دعوات علماء الشيعة للحوار والتَّعارف، لأنَّها لم تجد الأذن الصاغية، أو العقل السليم لفهمها والإجابة عنها.
الكتاب/ الحوار
نعود للكتاب، أو لنصِّ الحوار المكتوب بين الشيخ محسن الأراكي والدكتور المصري، فنجد أنَّه تضمَّن ثلاث رسائل: الرسالة الأولى من الشيخ الأراكي إلى د. المصري، تحدَّث في بدايتها عن أهمية الحوار بين المسلمين، هذا الحوار أو اللقاء الذي من شأنه أن يؤدِّي مبدئياً إلى الصداقة والإخاء الإسلامي بين المتحاورين. والاقتناع الشخصي المباشر بإسلام وإيمان المحاور المخالف. وعليه فالقاعدة الأساسية المتفق عليها والتي سينطلق منها الحوار بعد التعارف، هي الإيمان باللَّه والرسول (صلي الله عليه و آله و سلم)، هذا الإيمان المشترك بين جميع الفرق والمذاهب الإسلامية، هو أساس مشروعية الحوار، والعامل الرئيس الذي يجعل الحوار من الواجبات الشَّرعيَّة.
وبعد الحديث عن المقدمات العامة حول صلاحيَّة الشَّريعة الإسلامية للتطبيق، يشرع الشيخ محسن الأراكي في عرض مفهوم الإمامة، وشرحه، ويبيِّن ضرورة التَّعيين الإلهي للإمام الذي يخلف الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم)، كما يعتقد الشيعة الإمامية، مستعرضاً الأدلة العقلية
________________________________________

[الصفحة - 295]


والنقلية على صحة هذا المعتقد. ومن الأدلة النَّقلية (أي نصوص القرآن والسنة) التي قدَّمها الشيخ الأراكي، استشهاده بمجموعة من الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: { وإذِ ابْتَلَى إبراهيمَ رَبُّه بكلماتٍ فأتمَّهُنَّ. قال: إنِّي جاعلك للنَّاس إماماً، قال: ومن ذريتي؟ قال: لا ينالُ عهدي الظَّالِمين } [البقرة/124] . فمن خلال الشُّروحات والتَّفسيرات يظهر أن مفهوم الإمامة يعني «القيادة الاجتماعية والحكم»، وأن منصب الولاية والقيادة في المجتمع عهد إلهي يضعه اللَّه سبحانه وتعالى حيث يشاء، وليس اختياراً بشرياً» (ص 38). الآية الثانية، قوله تعالى: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ على ما آتاهُم اللَّه من فَضْلِه، فقد آتينا آلَ إبراهيمَ الكِتابَ والحِكْمَةَ وآتَيْناهُم ملكاً عظيماً } [النساء/54] . ومحل الاستشهاد هنا: «وآتيناهم ملكاً عظيماً»، أي منصب الإمامة الذي أعطاه اللَّه لآل إبراهيم، وآل محمد(صلي الله عليه و آله) منهم. وغيرها من الآيات القرآنية التي دلَّت ـ كما يقول الشيخ الأراكي ـ عند تفسيرها وشرحها على «كبرى» أن الإمامة عهد إلهي يضعه اللَّه حيث يشاء، وليس للنَّاس فيه اختيار أو نصيب. أما الأحاديث والرِّوايات من السنّة النبوية، فهي كثيرة ومفصَّلة، لأنها عيَّنت الأئمة بأسمائهم وأشخاصهم، وحصرت الإمامة والخلافة في أهل بيت الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم)، أي الإمام علي وأبناءه المعيَّنين.
وجاءت رسالة الدكتور المصري التي ردّ فيها على رسالة الشيخ الأراكي طويلةً إلى حدٍّ ما، وتضمَّنت مجموعة من القضايا والمحاور والاعتراضات والاستشكالات. في البداية عبَّر د. المصري عن أسفه وتألُّمه لعدم توافر فرصة الحوار إلا في بلاد المهجر (لندن ـ بريطانيا)، فقال: «ولكن ماذا عسانا ـ يقول المصري ـ أن نقول ونحن نواجه ظلم الطواغيت وجور الحكام، إلا التضرع للَّه سبحانه وتعالى على أن يعيننا على حمل دعوته وإبلاغ رسالته السمحة، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يتقبل هجرتنا..».
قدَّم المصري، في بداية رسالته، مجموعة من الضَّوابط المنهجية، بوصفها منطلقات لا بدَّ منها للوصول إلى نتائج يمكن الاتفاق عليها، مثل: ضرورة «الرجوع إلى القرآن وتفسير ألفاظه وكلماته وآياته الأخرى على وفق
________________________________________

[الصفحة - 296]


سياقها..»، توضيح المصطلحات والدقة في التَّعريف وبلورة المفاهيم، باعتبار ذلك مقدّمة ضرورية للوصول إلى أحكام صحيحة. ثم بعد ذلك انطلق لمعالجة الأدلَّة والحجج التي قدَّمها الشيخ الأراكي، معتبراً إياها «لم تصل المرتبة البرهانية». أمَّا أهم الاستشكالات التي قدمها الدكتور المصري والتي سيجيب عنها الشيخ الأراكي بعد ذلك فهي: 1 - الاعتراض على الأدلة العقلية، ورفضها باعتبار أن «العقل ليس شرعاً ولا حاكماً في مجال الأحكام الشرعية، والإمامة قضيَّة شرعيَّة وليست قضيَّة حسِّية أو عقليَّة، ليصول العقل فيها ويجول، إن قضيَّة الإمامة ـ يقول المصري ـ قضيَّة الطَّاعة فقط وليس الاتّباع، فإن الاتّباع يكون اختيارياً يحصل بقناعة التابع بالمتبوع، سواء عن دليل قطعي أو ظني أو بمجرد التقليد. أما الطَّاعة للإمام فهي طاعة جبرية تعاقب السلطة من يخرج عليها..».
أما بخصوص الاستدلال بآية العهد (124 من سورة البقرة) فيقول الدكتور المصري: «لم يظهر لي أن الإمامة المذكورة في الآية هي بمعنى رئاسة الدولة، بل الأرجح أنها قيادة روحية ومعنوية وفكرية للناس جميعاً إلى يوم القيامة». ثم استشكل على «مدى انضباط النَّقل عند الشيعة واتّباعه القواعد العقليَّة والموضوعية التي تجعله مرجعاً يطمئن إليه من الناحية التاريخية؟!» وكذا «حجية أقوال الأئمة من آل البيت؟!».
هذه الاستشكالات ردَّ عليها وبالتَّفصيل الشَّيخ الأراكي، في رسالته الجوابية، وفي خلال ثلاثة فصول، أوضح فيها الأدلَّة التي وردت في رسالته الأولى على كون الإمامة بالنص من اللَّه سبحانه وتعالى. مضيفاً عدداً آخر من الأدلة القرآنية التي تؤيد القول بالتعيين الإلهي بدل الاختيار.
أمَّا بالنِّسبة لدور العقل في فهم القضيَّة الدِّينية، فالعقل الذي تحدَّث عنه الشيخ الأراكي واعتمده في الأدلَّة على التعيين الإلهي للإمام، يقصد به «البرهان اليقيني المنضبط بضوابط المنطق السليم، لا الحدسيات الظنية والتخرُّصات الوهمية التي لا تقوم على أساس.. والدليل الشرعي ـ يقول الشيخ الأراكي ـ سواء أكان نصاً لفظياً أم فعلاً أم تقريراً، إنَّما يدل على مقاصد الشارع وفقاً لقوانين التذكر العامة
________________________________________

[الصفحة - 297]


القائمة على أساس من البديهيات العقلية، ومنهج الاستدلال المنطقي الفطري.. فالعقل يتدخَّل في فهم مقاصد الشارع من الأدلة الشرعية. أمَّا إذا كان المقصود أن تفهم النصوص الشرعية «من غير ملاحظة أي حكم عقلي سابق حتى بديهيات العقل وأصول المنطق السليم، فهذا واضح البطلان». فلا محيص ـ يقول الشيخ الأراكي ـ من الاستناد إلى العقل لإثبات أصول الدين، أي القضايا السابقة للتشريع، وكذا إثبات طاعة اللَّه ورسوله، أو القضايا اللاحقة للتشريع..».
أمَّا بخصوص الاستدلال بالآيات، فلم يكن اعتراض د. المصري كافياً لتأييد ادّعائه بأن الآيات القرآنية المستدلّ بها لا تدلُّ على إرادة معنى الحكم والملك والإمامة. لأن الشيخ الأراكي قدَّم تفصيلاً وشرحاً مسهباً حول هذه الآيات، لا يترك مجالاً للشك بأن القرآن أكد في غير موقع وآية على «إعطاء اللَّه لإبراهيم وذريته الصالحين منصب الحكم، إضافة إلى النبوة والكتاب».
أما بخصوص حجّية أقوال الأئمة وإشكالية الضَّبط في النَّقل لدى المدرسة الإمامية، فقد ردّ الشيخ الأراكي على هذا الاستشكال بعدة أدلة وقرائن تاريخية من المؤكَّد أن الدكتور المصري لم يطَّلع عليها من قبل، بحكم انتمائه للمذهب الحنبلي، ونحن نعرف موقف هذا المذهب من المذهب الإمامي. ومن الأدلَّة التي تثبت بأن النقل عند الشيعة أكثر ضبطاً ـ كما يقول الشيخ الأراكي ـ وأوثق منه عند أهل السنة كافة، سبقهم ـ أي الشيعة ـ التاريخي في تدوين الحديث وحفظه، لأنهم لم يلتزموا بالنهي الذي صدر من طرف الخليفة الثاني، عن كتابة السنَّة، بل كتبوا ودوَّنوا ورووا ما حفظوه من سنَّة الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم) وأقوال الإمام علي (عليه السلام) الذي كان أوَّل من صنَّف وكتب في الإسلام عندما جمع القرآن. يقول الإمام شرف الدين الموسوي: «ومن تتبع أقوال السَّلف من شيعة آل محمد(صلي الله عليه و آله) واستقصى أصحاب كلٍّ من الأئمة التسعة من ذرية الحسين، وأحصى مؤلفاتهم المدوَّنة على عهد أئمتهم، واستقرأ الذين رووا عنهم تلك المؤلفات.. يحصل له القطع الثابت بتواتر مذهب الأئمة، ولا يرتاب في أن جميع ما ندين به من فروع وأصول، إنما هو مأخوذ من آل الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم)».
________________________________________

[الصفحة - 298]


ولم يكتف الشيخ الأراكي بشرح الأدلَّة القرآنية التي اعتمدها في رسالته الأولى، بل أضاف لها مجموعة جديدة أخرى كلها تدعم عند تفسيرها وشرح ألفاظها القول بالتعيين الإلهي للإمام. أما الأحاديث والروايات الدالَّة على التعيين بالاسم والصفة فهي من الكثرة بحيث جعلت بعض العلماء الإمامية يفردون لها مصنفات وموسوعات، من المتيسِّر الاطلاع عليها، لأنها مطبوعة ومتداولة في أسواق الكتاب.
طبعاً لم يقتصر مضمون الحوار على موضوع الإمامة فقط، لأن الشيخ الأراكي، وأثناء حديثه عن مقدمات الإمامة، استعرض باختصار جانباً من عقائد الشيعة الإمامية في التوحيد والنبوة، لإعطاء المحاور فرصة للاطلاع المتكامل على عقائد المذهب، ما يساعد على فهم موضوع الإمامة بشكل أعمق وأشمل. وفي الأخير يقرر الشيخ الأراكي حقيقة موضوعية، وهي أن «الذي يحسم الموقف الشرعي في قضية الإمامة هو ما تضمَّنته النصوص الكثيرة من الكتاب والسنَّة القطعية، من النص على الإمام بعد رسول اللَّه (صلي الله عليه و آله و سلم). وقد قال اللَّه سبحانه وتعالى: { وما كَانَ لمؤمنٍ ولمؤمنةٍ إذا قضَى اللَّه ورسولُه أمراً أن يكونَ لهم الخيرةُ من أمرهم } [الأحزاب/36] . وإذا كان اللَّه ورسوله قد قضيا في الإمامة قضاء، فليس أمام المسلم إلا الرضا بقضائهما والتسليم لأمرهما..».
وأخيراً نقول: إن أهمِّية هذا الحوار لا تقف عند حدود ما تقرَّر أو عرض من أدلَّة تنتصر لمفهوم الإمامة عند الشيعة، لأن فتح باب الحوار بين المذاهب الإسلامية المختلفة، بحد ذاته، قيمة دينيَّة حثَّ الإسلام عليها، ليس فقط بين المسلمين بل بين الناس جميعاً، ليتعارفوا رغم اختلافاتهم الدينية والعقائدية.
وإذا رجعنا إلى التاريخ الخلافي والدموي الذي طبع العلاقة بين الحنابلة (السلفيين) وبين الشيعة، كما ذكرنا في البداية، نعرف قدر هذا الحوار ونثمِّنه، ونكتشف في الوقت نفسه أن الحوار ممكن، إذا خفَّت المؤثِّرات الضَّاغطة بين جميع الفرق والمذاهب الإسلامية. ومع الحوار، يتحوَّل، تلقائياً وبحكم المباشرة والاطلاع عن كثب، يتحول تكفير الخصم المذهبي إلى اعتراف مبدئي بإسلامه وإيمانه، وتحدد بعد
________________________________________

[الصفحة - 299]


ذلك نقاط الخلاف وتفرد لتتم معالجتها بأسلوب علمي موضوعي، لا عبرة فيه إلا للدليل والبرهان، بعيداً عن المؤثرات الاجتماعية والسياسية السلبية التي لا تخدم الحقيقة الإسلامية، وإنما يركبها بعضهم لتحقيق مآرب دنيويَّة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية. هناك عشرات الدعوات بل المئات، وجهها علماء الشيعة للحوار والمناظرة العلنية، وتوجهوا بها خصيصاً لأتباع المذهب الحنبلي (في صيغته الجديدة أي الوهابية) الذين أكثروا في الوقت الراهن من التشنيع على الشيعة الإمامية وتكفيرهم واتهامهم بالأباطيل، لكن هذه الدعوات ذهبت مع الريح، فالحنابلة الجدد يرفضون الحوار والمناظرة مع الشيعة جملة وتفصيلاً، ويأمرون الأتباع بالابتعاد عن الشِّيعة الإمامية وعدم محاورتهم، لأنهم فرقة غالية ومنحرفة، ولها معتقدات شاذة.
ولو فُتح باب الحوار، وتكرَّر مثل هذا الحوار الذي تمَّ بين الدكتور السلفي المصري والشيخ الشيعي الإمامي محسن الأراكي، وتعرَّف الحنابلة الجدد على التشيع الإمامي كما هو من حقيقة من مصادره وأقوال علمائه، أقول: لو تيسَّر ذلك، فإن المجتمع الإسلامي برمَّته سيكون على موعد مع الحقيقة، بحيث سينفتح المجال أمام شرائح واسعة من المجتمع الإسلامي، لكي تتعرَّف على الحقائق المذهبية والإسلامية، ومن ثم تحدد اختيارها المذهبي عن بصيرة وعلم، بعيداً عن سدود الجهل وترويج الأساطير والخرافات، والإدعاء بأنها من معتقدات الخصم والمخالف المذهبي أو السياسي.
لقد كان علماء الشيعة دائماً السبَّاقين للدعوة لمثل هذه الحوارات بين المذاهب الإسلامية، وهم من أسَّس أوّل دار للتقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة خلال النصف الأوَّل من هذا القرن، كما أشار إلى ذلك الدكتور جودت القزويني في مقدمة هذا الكتاب، ليس لخدمة مذهب على حساب المذاهب الأخرى، كما اعتقد المناهضون لهذه الدار التقريبية، وإنما لخدمة الحقيقة الإسلامية أولاً وأخيراً.
________________________________________

[الصفحة - 300]
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف