الباحث : علي موسى الكعبي
اسم المجلة : تراثنا
العدد : 19
السنة : السنة الخامسة / ربيع الثاني ـ جمادى الاولى ـ جمادى الثانية سنة 1410 هـ
تاريخ إضافة البحث : December / 23 / 2014
عدد زيارات البحث : 1804
المقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، بارئ السماوات والأرضين ، باعث الأنبياء والمرسلين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على خير الخلق محمد الأمين ، وعلى آله الهداة الميامين ، وصحبهم المتقين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عزيزي القارئ :
الرسالة التي بين يديك تعد واحدة من كنوز التراث النفيسة والقيمة ، ونظرة واحدة ـ ولو سريعة ـ كافية للدلالة على سعة اطلاع مصنفها الفقيه الجليل أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي رضوان الله تعالى عليه ، وبلوغه الغاية القصوى في التدقيق والتحقيق ، مع دقة متناهية في انتقاء اللفظ العذب ، وحسن أداء ، ورشاقة اسلوب ، تنم عن براعة في الأدب واللغة والكلام ، ولا شك أن كثرة مؤلفاته في العلوم والآداب والفنون المختلفة خير شاهد ودليل على ما قلناه.
ورسالة « القول المبين عن وجوب مسح الرجلين » مقتطعة من كتاب « كنز الفوائد » الذي عمله المصنف رحمه الله لابن عمه ، وقد أدرج فيه جملة من مؤلفاته ،
(الصفحة 185)
عدها بعض المترجمين له كتبا مستقلة (1) ، وهذا الكتاب هو من أحسن مصنفاته الباقية إلى هذا الزمان (2) ، ويحتوي على نفائس من العلوم والفنون ، وتفاسير لآيات كثيرة ، ومختصرات متنوعة (3) .
ترجمة المؤلف :
هو القاضي أبوالفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ، وصفه بعض من ترجم له من العامة بأنه رأس الشيعة وصاحب التصانيف الجليلة ، أو بانه كان باحثا من كبار أصحاب الشريف المرتضى رضوان الله تعالى عليه ، وتارة مشفوعا بالقول : « إنه كان فقيها محدثا متكلما نحويا لغويا طبيبا عالما بالنجوم » (4) .
قال السيد بحر العلوم قدس سره : « الشيخ الفقيه القاضي أبوالفتح » (5) .
وفي فهرست منتجب الدين رحمه الله : « الشيخ العالم الثقة أبوالفتح محمد بن علي الكراجكي فقيه الاصحاب » (6) .
وفي الكنى والالقاب . « الشيخ الفقيه الجليل الذي يعبر عنه الشهيد كثيرا في كتبه بالعلامة مع تعبيره عن العلامة الحلي بالفاضل » (7) .
وفي أمل الآمل : « الشيخ أبوالفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي عالم فاضل ، متكلم فقيه ، محدث ثقة ، جليل القدر » (8) .
--------------------------------
(1) كالبغدادي في هدية العارفين 2 : 70 .
(2) روضات الجنات 6 : 209|579 .
(3) لمزيد من الاطلاع ، انظر : مستدرك الوسائل 3 : 497 ، أعيان الشيعة 9 : 400 ، الذريعة 18 : 161|1195 .
(4) انظر . سير أعلام النبلاء 18|121 : 61 ، مرآة الجنان 3 : 70 . لسان الميزان 5 : 300|1016 ، شذرات الذهب 3 : 283 ، العبر 2 : 492 ، الاعلام ـ للزركلي ـ 6 : 286 .
(5) رجال السند بحر العلرم 3 : 302 .
(6) فهرست منتجب الدين : 154|355 .
(7) الكنى والالقاب 3 : 88 .
(8) أمل الآمل 2 : 287|857 .
(الصفحة 186)
ولعل هذا وغيره مما لا يبلغه الحصر خير شهادة ودليل على فضله وجلالة قدره وعلمه ، فقد أسند إليه جل أرباب الاجازات ، وجعله خاتمة المحذثين رحمه الله على رأس جملة من المشايخ الذين تنتهي السلسلة في الاجازات إليهم (9) .
وهو من تلامذة الشيخ المفيد والشريف المرتضى علم الهدى رضوان الله عليهما ، روى عنهما وعن آخرين من أعلام الشيعة والسنة في مكة والرملة وبغداد وحلب والقاهرة .
نسبه :
قال السيد محسن الامين العاملي رحمه الله : والكراجكي ـ بفتح الكاف وإهمال الراء وكسر الجيم ـ نسبة إلى (الكراجك) عمل الخيم ، ولهذا وصفه بعض مترجميه بالخيمي ، وظبطه بعضهم بضم الجيم نسبة إلى (الكراجك) قرية على باب واسط . . . ولكن هذا ليس بصحيح (10) .
وقال ابن حجر : محمد بن علي الكراجك ـ بفتح الكاف وتخفيف الراء وكسر الجيم ثم كاف ـ نسبة إلى عمل الجسم ، وهي (الكراجك) (11) .
والظاهر أن قوله : عمل الجسم ، تصحيف : عمل الخيم .
ولا نستبعد نسبته إلى (كراجك) بضم الجيم من عدة وجوه :
1 ـ اشتهر الكراجك بكثرة تجواله ، وسياحته في طلب العلم ، وكان من بين الذين روى عنهم العالم الفقيه المعروف أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله بن علي الواسطي ، مما يدل على أنه سكن واسط أو أحد قراها .
2 ـ قرية (كراجك) هي من بين القرى الواقعة في باب واسط ، ذكرها
--------------------------------------
(9) مستدرك الوسائل 3 : 497 .
(10) أعيان الشية 9 : 400 .
(11) لسان الميزان 5 : 300|1016 .
(الصفحة 187)
ياقوت (12) والسمعاني (13) ونسب إليها أحمد بن عيسى الكراجكي ، وأخاه علي بن عيسى الكراجكي . 3 ـ نسبه إلى (كراجك) بضم الجيم بعض من ترجم له من أجلة العلماء (14) .
4 ـ لا يؤيد كونه منسوب إلى (الكراجك) بكسر الجيم ، إلا دليل واحد ، هو أن البعض عنونه بالخيمي (15) ، ولعل هذه النسبة لحقته من بعض الديار التي وطنها خلال تجواله .
دليلنا على ذلك قول صاحب الروضات : « ويظهر من طرق رواياته المذكورة في كنز الفوائد وغيره أنه كان سائحا في البلاد ، وغالبا في طلب الفقه والحديث والآدب وغيرها ، إلا أن معظم نزوله وتوطنه كان بالديار المصرية . ـ إلى أن قال : ـ وكان الخيم أو ذو الخيم أو ذات الخيم الواقع إليها النسبة من المواضع الواقعة في تلك الديار » ... (16) والله أعلم ، وهو المسدد للصواب .
وفاته :
تكاد المصادر التي ترجمت له تجمع على أن وفاته كانت بصور في ثاني ربيع الآخر ـ سنة (449) هـ . ق ـ (17) رضوان الله تعالى عليه .
-------------------------------------
(12) معجم البلدان 4 : 443 .
(13) الانساب 10 : 372 ، إلا أنه ضبطها بفتح الجيم .
(14) انظر : الكنى والالقاب 3 : 88 ، طبقات أعلام الشيعة ـ القرن الخامس ـ : 177 .
(15) العبر 2 : 294 ، مرآة الجنان 3 : 70 ، معجم المؤلفين 11 : 27 و8 : 49 .
(16) روضات الجنات 6 : 209|579 .
(17) سير أعلام النبلاء 18 : 121|61 ، شذرات الذهب 3 : 283 ، العبر 2 : 294 . لسان المزان 5 : 300|1016 ، هدية العارفين 2 : 70 ، الاعلام ـ للزركلي ـ 6 : 276 ، أعيان الشيعة 9 : 400 .
(الصفحة 188)
مشايخه :
كان يروي عن جملة من المشايخ الاجلة ، كما يظهر من مؤلفاته ، نذكر منهم :
1 ـ استاذه الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه .
2 ـ السيد المرتضى علم الهدى قدس الله روحه .
3 ـ أبا يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي .
4 ـ أبا عبد الله الحسين بن عبيد الله بن علي الواسطي .
5 ـ أبا الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي .
6 ـ أبا المرجا محمد بن علي بن طالب البلدي .
7 ـ أبا عبد الله محمد بن عبيد الله بن الحسين بن طاهر الحسيني .
8 ـ أبا الحسن طاهر بن موسى بن جعفر الحسيني .
9 ـ أبا الحسن أسد بن إبراهيم بن كلب السلمي الحراني .
10 ـ أبا منصور أحمد بن حمزة العريضي .
11 ـ أبا العباس إسماعيل بن غسان .
كما روى عن جملة من علماء العامة (18) .
مصنفاته :
صنف في علوم وفنون مختلفة ، كالفقه والامامة والانساب والادب والنجوم والفلك والحكمة وغيرها ، ويدل على كثرة ما صنف وألف واختصر قول المحدث النوري قدس سره في خاتمة المستدرك : « ولم أر من المترجمين من استوفى مؤلفاته » (19) وقال السيد
------------------------------
(18) انظر : مستدرك الوسائل 3 : 497 ، روضات الجنات 6 : 209|579 ، رجال السيد بحر العلوم 3 : 302 ، طبقات أعلام الشيعة ـ القرن الخامس ـ : 177 .
(19) مستدرك الوسائل 3 : 497 .
(الصفحة 189)
محسن الامين العاملي رحمه الله . « له مؤلفات كثيرة بلغت السبعين حسب بعض معاصريه » (20).
ومن جملة مؤلفاته :
1 ـ الابانة عن المماثلة ـ في الاستدلال بين طريق النبوة والامامة .
2 ـ الاستطراف في ذكر ما ورد من الفقه في الانصاف .
3 ـ الاستبصار في النص على الائمة الاطهار عليهم السلام .
4 ـ التلقين لاولاد المؤمنين .
5 ـ تهذيب المسترشدين .
6 ـ روضة العابدين ونزهة الزاهدين ، في الصلاة : الفرائض ، والسنن ، والتطوع ، عمله لولده موسى.
7 ـ النوادر .
8 ـ كنز الفوائد .
9 ـ البستان في الفقه ، وهو معنى لم يطرق ، وسبيل لم يسلك ، قسم فيه أبوابا من الفقه ، وفرع كل فن منه ، حتى حصل من كل باب شجرة كاملة ، ويكون نيفا وثلاثين شجرة .
10 ـ التعجب من أغلاط العامة ـ في الامامة .
11 ـ معارضة الاضداد باتفاق الاعداد ـ في الامامة .
12 ـ معدن الجواهر ورياضة الخواطر .
13 ـ معونة الفارض في استخراج سهام الفرائض .
14 ـ المنهاج إلى معرفة مناسك الحاج .
15 ـ مختصر كتاب الدعائم للنعمان .
16 ـ الاختيار من الاخبار ـ مختصر كتاب الاخبار للنعمان .
-----------------------------------------
(20) أعيان الشيعة 9 : 400 .
(الصفحة 190)