البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

July / 13 / 2016  |  1572على مذهبك، صورة التشيع في الاعلام

حيدر محمد الكعبي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية
على مذهبك، صورة التشيع في الاعلام

انتجت قناة (MBC) التلفزيونية السعودية مسلسلاً كوميديا عرضته في شهر رمضان هذا العام، بعنوان (سيلفي) من بطولة الممثل السعودي المثير للجدل (ناصر القصبي)، يتناول في كل حلقة منه قضية من القضايا التي تثير حفيظة فئات معينة من المجتمع السعودي[1].

كانت الحلقة الثانية من هذا المسلسل بعنوان (على مذهبك)، تناولت الخلاف المذهبي بين السنة والشيعة في المجتمع السعودي بطريقة ساخرة، وباعتبارها تتناول قضية دينية حساسة في الشرق الاوسط، فقد احدثت جدلا واسعا في اوساط الجماهير العربية وبخاصة في السعودية.

تروي حلقة (على مذهبك) قصة طفلين ولدا في مشفى واحد في ساعة واحدة، وبسبب خطأ غير مقصود تم تبديل المواليد بين العائلتين، فترعرع أحدهما في أسرة سنية والآخر في اسرة شيعية، وبعد مضي اكثر من 20 عاماً، راجعت المشفى سجلاتها فوجدت الخطأ، وأخبرت العائلتين بما حصل، وأثبتت تحاليل الوراثة (DNA) قضية التبديل، فيضطر كل شاب من الشابين الى العيش مع أسرة تؤمن بمذهب مخالف لما تربى عليه طوال 20 سنة.

يصطدم الشاب "يزيد" - الذي ترعرع سابقا في كنف العائلة السنية- مع أبيه الحقيقي الشيعي المعمم السيد "حسين"، الذي بات يحاول بكل اصرار اقناعه بدراسة المذهب الشيعي وممارسة شعائره ونبذ كل ما تعلمه سابقا من تعاليم سنية.

كما يصطدم الشاب "عبد الزهرة" - الذي ترعرع سابقاً في كنف الأسرة الشيعية- مع ابيه الحقيقي الشيخ "عمر" الذي بات يحرص على تعليمه ما ورد في صحيح البخاري ويحاول اقناعه بضلال المذهب الذي كان يعتنقه.

وقد لاقت الحلقة رواجاً واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أشاد كثيرون بفكرتها، ورأوا أنها تناولت الفكر الطائفي ببراعة وجرأة، وتصدّر وسم (سيلفي) قائمة اكثر الوسوم المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية[2].

كما تناول العديد من الكتّاب والمواقع الاخبارية والثقافية ردود الفعل التي خلّفتها حلقة (على مذهبك)، كان اغلبها مؤيدا ومادحاً، ولم تخلُ من الاشارة الى وجود جهات وشخصيات وقفت مواقف سلبية منها.

وبالجملة فان ظاهر الرسالة التي تبتغي حلقة (على مذهبك) ايصالها للجمهور هي: انه لا داعي لأن تتعصب لمذهبك ضد مذهب آخر، لأنه لو قدّر أن تولد في اسرة تعتنق ذلك المذهب الذي تخالفه اليوم، لكنت من أشد المدافعين عنه والمعادين لغيره.

أما ظاهر الهدف الذي تريد تحقيقه فهو الدعوة الى نبذ التطرف الديني والتأكيد على المشتركات الدينية والانسانية وأهمية التعايش بين ابناء البلد الواحد.

ولكن القضية التي ينبغي الاشارة اليها هنا هي:

أولاً: إن المسلسل قد ألبس المذهب الوهابي ثوب المذهب السني بوضوح، وهي نقطة قلّما التفت اليها المشاهدون، بل تقبلوها كقضية مسلّم بها، وذلك لإهتمامهم بفكرة المسلسل واحداثه المتتالية، وهذه النقطة فيها الكثير من المكتسبات للمشروع السلفي، إذ يحرص الوهابيون على ترسيخها في المخيّلة الاسلامية العامة من خلال خطاباتهم وكتاباتهم، ولكنها المرة الأولى التي يستغلون فيها الدراما التلفزيونية لتجسيدها بهذا الشكل[3].

وثانياً: إن المسلسل لم يراعِ الانصاف والتوازن في تصوير كلٍّ من المذهبين الشيعي والسني، وانما مال بكفة السخرية ضد المذهب الشيعي أكثر، وذلك من خلال اتباعه خطوات عدة، منها أن الذي جسّد شخصية الأب الشيعي المتعصّب هو بطل المسلسل (ناصر القصبي) الذي يستقطب اهتمام المشاهدين باعتباره شخصية كوميدية معروفة، وبذلك يكون التركيز على شخصية الشيعي المتعصّب أكبر، وليس على شخصية الأب المتعصّب السَلفي الذي لعب دوره ممثل ثانوي.

ثم إن الحلقة قد تعمّدت تضخيم بعض الظواهر التي يمارسها عوام الشيعة، فنفخت فيها وركّزت عليها وجعلتها ضمن طبيعة المذهب ككل[4]، فجعلت من الطقوس التي تنسب للشعائر الحسينية اساساً للمذهب الشيعي، ومثل هذه المغالطات لم تُلصق بالمذهب الوهابي الذي جسده الأب السَلفي اطلاقاً، وكل ما هناك انه كان يؤكد على ابنه حفظ صحيح البخاري وانكار المذهب الشيعي وقضاء العبادات التي أدّاها سابقا على الطريقة السنية. 

لذا نجد أن تجسيد الحلقة للمذهب الشيعي يتجاوز شخصية الاب المتعصّب الى أفكار وتعاليم المذهب الشيعي بطريقة مشوّهة تلصق الخرافات به.

 ففي أكثر من مشهد يظهر الأب الشيعي وهو يرتدي عمامة سوداء ويخطب على منبرٍ في حسينية فيقول بلهجة أهل القطيف: "يقول آية الله الناصر القصيباني قدس الله سره: ما في احد موالي او على طريق الحق ينكر الشعائر الحسينية او يحاربها..  وشنو هي الشعائر الحسينية؟

التطبير شعائر حسينية.. اللطم شعائر حسينية.. الزحف شعائر حسينية، ولا يشم رائحة الجنة من لا يؤدي كل الشعائر الحسينية، نعم.. والله قد افلح من طبّر".

وفي مشهد آخر يظهر مرة أخرى على المنبر قائلا: "اروي لكم رواية، كان هنالك رجل فقير مصاب بأمراض عدة، ذهب الى المستشفى وهو تعبان مرهق، فقالوا له قدمك يجب ان تبتر، فراجع العديد من المستشفيات وذهب الى مستشفيات امريكا وبريطانيا، فقال الجميع له ان قدمك يجب ان تبتر، فاستسلم لهذا الامر وقال ابتروها، فقالوا غدا صباحا سنبتر قدمك.

يقول: وفي المنام وإذا بآية الله ناصر القصيباني قادم اليه، فقال يا مولاي (وهو يبكي).. مولاي قدمي غدا صباحا ستبتر،  فقال: "لا تبكي".

 فسحب خيطا من بشته ولفّ بها قدم هذا الرجل وقال له اذهب ونم قرير العين، فلما استيقظ في الصباح واذا بالمستشفى كلها تقف عند رأسه من اطباء وممرضين واداريين، فقال: ما بكم؟ فقالوا: ان قدمك سليمة".. فصاح الحاضرون في المجلس: (اللهم صل على محمد وآل محمد).

وفي مشهد ثالث يقول الأب الشيعي نفسه لابنه الذي تربّى على المذهب السني: "اسمع.. ما بقه شي على عاشوراء، المطلوب أن تفصّل ثوب اسود وتروح الحسينية وتتعلم اللطم وتتطبّر... تتطبّر حتى تفلق هامتك فلق".

والمتابع للحلقة لا يجد أنها قد تناولت المذهب السني – السَلفي - على هذا المستوى من التجسيد المشوّه، الأمر الذي يؤكد على أن الغاية الحقيقة التي يتوخّاها المنتجون لهذا المسلسل لا تقتصر على الدعوة إلى التسامح ونبذ الاختلاف، وانما تستبطن النيل من المذهب الشيعي بشكل حاذق لتشوّه صورته أمام المسلمين، وبخاصة أن قناة (MBC) من القنوات التي تحصد أعلى مشاهدات على المستوى العربي.

وختاماً فان للحلقة بعداً آخر تؤسس له، وهو الدعوة للوجه العلماني من الحياة، إذ تُشعر المشاهد بضرورة إزاحة كل ارتباط ديني فاعل عن حياته لتحقيق حياة سوية بعيدة عن الحقد والصراع والمشاكل، وهو هدف تتبعه قناة (MBC) في برامجها بشكل عام[5].

-------------------------------------

[1] ينظر: خبر نشره موقع روسيا اليوم بعنوان (ناصر القصبي مغردا خارج السرب السعودي.. يثير الهيئة ويطرح جدلية قيادة المرأة) بتاريخ 7/6/2016

[2] ينظر: خبر نشرته صحيفة الوسط البحرينية بعنوان (القصبي يضرب عصب الانقسام الطائفي بحلقة "سيلفي".. ومغردون: هزّت بدقائق حواجز كراهية بُنيت خلال عقود) مؤرخ في 7/6/2016

[3] يذكر ان عضر مجلس الشورى السعودي "عيسى الغيث" قد اشاد بالمسلسل الرمضاني سيلفي معتبرا انه انفع من آلاف الخطب والمقالات، ووجه تحية للفنان ناصر القصبي بطل المسلسل ولقبه بالمحتسب (ينظر: خبر نشرته صحيفة اخبار 24 بتاريخ 18/6/2016) بتاريخ 18/6/2016)

[4] يذكر ان المسلسل يظهر ميل الانسان الشيعي الى البكاء والنواح كصفة ملازمة لشخصيته في كل الظروف والاحوال.

[5] في إحدى تسريبات الويكيليكس ورد ذكر إم بي سي في إحدى الوثائق التي تتحدث عن لقاء بين شخصيتين أمريكيتين في إحدى مقاهي ستاربكس بجدة ويقول أحدهما "أن الحكومة هي التي تدعم هذا الانفتاح وترى أنها مضادة للفكر المتطرف" و"أن الحرب الفكرية هي السائدة هنا والإعلام الأمريكي عبر قنوات مثل إم بي سي وروتانا تكسب فكر المواطن العادي بطريقة لم تتمكن الحرة أو وسائل البروباغندا الأمريكية الأخرى من فعلها"(ينظر: الموسوعة الحرة ويكبيديا تحت عنوان (مركز تلفزيون الشرق الأوسط).

 
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف