البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

January / 23 / 2016  |  1916الفاشية الاوربية تطل من جديد ..لا مكان للمسلمين ولا اللاجئين

الشيخ كاظم الصالحي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية كانون الأول 2015
الفاشية الاوربية تطل من جديد ..لا مكان للمسلمين ولا اللاجئين

جذور الفكر العنصري فى أوروبا[1]

منذ أن أطلق المفكر الإنجليزي “جوزيف كبلنج” (1865-1936) بيت الشعر الذي يحمل معنى أن “الشرق شرق، والغرب غرب، وهما ثقافتان ومفاهيم لن يلتقيا” أخذت حقيقة هذه العبارة تتجذر في أرض الواقع، في الشرق والغرب على حد سواء، وتترسخ أكثر مما سبق، ذلك أن هذه الفرقة بين الشرق والغرب ليست وليدة القرن التاسع عشر وحقبة الاستعمار، وإنما هي أمر يعود إلى صراعات متتالية عبر القرون.

ويقول المؤرخ البريطاني “آرنولد توينبي”: “يعتبر اللون هو الصفة البدنية التي يعول عليها الأوروبيون –أكثر من غيرها- في الدفاع عن نظريات العرف الأبيض المتفوق، وإن أكثر النظريات العنصرية شيوعًا هي تلك التي تضع في المقام الأول السلالة ذات البشرة البيضاء، والشعر الأصفر، والعيون الشهباء، ويدعوها البعض بـ”الإنسان النوردي” أي الشمالي.

ويعتبر“أرنودي جوبينو” (1816-1882)  الرائد الأكبر للنظرية العنصرية الذي وضع مؤلفًا بعنوان: “بحث في عدم التساوي بين الأجناس البشرية” في عام (1853)، وتتلخص في أن “الاختلاط بين الأجناس الراقية والأجناس السفلى هو السبب الرئيسي في تدهور حضارات أوروبا السابقة”!

وقد انتشرت هذه المدرسة العنصرية في معظم الدول الأوروبية، وكان أهم تلاميذ جوبينو البريطاني “هيوستون شامبرلين” الذي كتب تحت عنوان: “أسس القرن التاسع عشر” وكان فكره وفكر أستاذه هو الأرضية المشتركة الأساسية التي قامت عليها النظرية العنصرية للفكر النازي في ألمانيا باعتراف “هتلر”.

التنظيمات الفاشية واليمينية المتطرفة تطل من جديد:

بإلقاء نظرة فاحصة على واقع المجتمع الأوروبي يتضح أن العنصرية تطل برأسها “الأخطبوطي” في معظم البلدان الأوروبية:

ففي بريطانيا لم تكن العنصرية يومًا غريبة عن المجتمع البريطاني، فبعد انتصار “الفاشية”[2]  في إيطاليا، و”النازية”[3]  في ألمانيا، أسس البريطاني أوزوالد موسلي (اتحاد الفاشيين البريطاني) عام 1933، وقام أعضاء الاتحاد آنذاك بالهجوم على الأقليات المهاجرة في شرق لندن، وفي مايو 1976 لقي صبي من أبناء المهاجرين مصرعه على يد عصابة (الحزب القومي) من الشباب البريطاني، فصرح أحد قادة الحزب: “نعم.. واحد يسقط ضحية، لكي يغادر مليون إنسان هذا البلد“.. وقد ظهرت هذه الأفكار العنصرية كتيار رئيسي في السياسة البريطانية المعاصرة، وفي العام الماضي وقعت انفجارات في لندن، وأعلنت جماعة (الذئاب البيضاء) اليمينية المتطرفة مسئوليتها عن بعضها، وذكرت الشرطة أن الجماعة هي فرع ل(مجموعة 18 القتالية) التي اشتقت اسمها من “أدولف هتلر”، و”الذئاب” هي إحدى أربع جماعات عنصرية أعلنت مسئوليتها عن الهجمات التي وقعت بقنابل في وقت سابق ضد جاليات السود وبنجلاديش، وبعثت برسائل كراهية إلى برلمانيين سود ومجلات آسيوية، وقالت في بيان للصحف: إنه يجب على كل غير البيض واليهود مغادرة بريطانيا!

وقد أظهرت دراسة زيادة في الجماعات اليمينية المتطرفة في بريطانيا وعلى مستوى العالم, حيث تقوم بالتحريض على الكراهية والعنف ضد المسلمين. وحسب تقييم فإن هناك 24 جماعة جديدة تقدّم نفسها على أنها معادية للجهاد وتعمل على إثارة حرب ثقافية مدنية. وتذكر مصادر أن تقرير منظّمة (أمل لا كراهية) التي تحارب العنصرية يعدّ من أشمل التقارير حول التحالف بين المنظّمات الدولية المعادية للجهاد, وحذّر من أن الجماعات المعادية للإسلام في بريطانيا (إسلاموفوبيا) تقوم باستثمار القلق العام الذي أعقب هجمات باريس (13/11/2015) وأزمة اللاّجئين لصالحها. ويقول الكاتب إن الزعيم السابق لـ(مجلس الدفاع الإنجليزي) ستيفن ياكسلي لينون المعروف باسم (تومي روبنسون) سيعود من جديد إلى الساحة من خلال الإعلان عن الفرع الإنجليزي للحركة التي ولدت في ألمانيا المعروفة بـ (بيغيدا) التي أدّت خطاباتها النارية إلى هجمات على اللاّجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا. ويشير التقرير إلى أن تقرير المنظّمة يوثّق 920 حادث إسلاموفوبيا وعددا من ناشري الكراهية في 22 دولة أوروبية, ولاحظ أن هذه الجماعات أصبحت قوية ماليا خاصّة في الولايات المتّحدة التي تبرّعت فيها 8 مؤسّسات بـ 38 مليون جنيه إسترليني بعد هجمات ايلول11 / 9.

واجهت إيطاليا عقب الحرب العالمية الأولى أزمة اقتصادية واجتماعية ونفسية حادة، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن فضها وفقدت الدولة هيبتها، واستغل موسوليني هذه الأوضاع لتأسيس الحزب الفاشي، الذي تمكن من الوصول إلى الحكم وتشكيل حكومة عام 1922 م.

ويفيد التقرير، بأن لويلز يحذر من اتجاه مثير للقلق، وهو محاولة استخدام صور مستفزة للنبي محمد في محاولة لدفع المسلمين إلى الاحتجاج وبعنف. وعبر عن قلقه من أن السلطات لا تتعامل مع هذه الحركات بجدية، مشيرا إلى أن "الحركات أصبحت أكثر يمينية، وبعضها على حافة التعبير عن نواياها النازية وبشكل مفتوح. ومع ذلك يتم التعامل معها على أنها حركات تعيق النظام العام، لا حركات يمينية متطرفة.

ولفت التقرير إلى دور المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام وناشطين وجهات سياسية فاعلة في تصاعد الخوف من الإسلام والعداء للمسلمين، وأن هذه الجهات زاد نشاطها خلال شباط الفائت، مما خلق مناخاً من الخوف والكراهية والشك تجاه المسلمين.

وفي فرنسا تتنامى العنصرية ذات الجذور العميقة في النفسية الفرنسية منذ الحروب الصليبية، والحركة الفاشية فيها أنشط نسبياً, فقد ظهرت (الحركة الوطنية الاشتراكية) التي يتزعمها (كولين جوردان)وكانت (منظمة الجيش السري) عام 1961 من أهم الحركات ذات الطبيعة الفاشية في فرنسا، إضافة لكونها وقفت بقوة ضد استقلال الجزائر, واستطاعت إيجاد كتلة مؤيدة لها قوامها 90 نائباً.

في ذلك الوقت ظهر خطر انقلاب فاشي ولم يحدث لوجود "الحركة الديغولية" التي تمتعت بمواقع قوية في صفوف اليمين الفرنسي، ولمقاومة اليسار الفرنسي. وبعد انقراض المنظمة ظهرت حركات فاشية جديدة كـ (حركة الانبعاث الوطني) و(الكتائب الفرنسية). ولكنها لم تستطع كسب تأييد جماهيري. وعلى الرغم من أن هذه الحركات تنفي أية علاقة لها بالفاشية، إلا أن هذا يتم بهدف الوصول إلى مواقع قوية، وتجنب الاصطدام بالرأي العام الفرنسي المناهض للفاشية، وخاصة في أوساط المجموعات اليسارية.

ومن أبرز التطورات التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة فوز (الجبهة الوطنية)  في الانتخابات البلدية, وهي حزب يميني متطرفٌ تأسس عام 1971 بعد أن توحَّدت عدة جبهات سياسية يمينية تحت مظلة واحدة, وهي معادية للمهاجرين – خصوصًا المسلمين-،

وتُوصف في الدوائر السياسية الأوروبية بالفاشية، والعنصرية، وكراهية الآخر. وقد تزايدت شعبية الحزب حين دخل رئيسه «جان-ماري لا بين» في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية 2002مع «جاك شيراك»، وحصل في 2014 على أول مقعدين في البرلمان الفرنسي في 2014 ؛ مما يدفع الكثيرين إلى توقع أن تنافس رئيسة الحزب «مارين لا بين» بقوةٍ في انتخابات الرئاسة  2017. وقد وعدَتْ بوضع المساجد تحت المراقبة الأمنية، ومنع «الرموز الدينية المثيرة»، وشبَّهت صلاة المسلمين في الشوارع بـ «الاحتلال النازي».

وفي تحقيق نشرته مجلة “جولياس” المسيحية[4]  وصفته بـ “عودة الصليبيين” أثبتت بالبراهين أن (منظمة الإخاء المسيحي) و(منظمة إخاء القديس بطرس) المتطرفتين قد عقدتا حلفًا سياسيًا مع حزب الجبهة الوطنية العنصرية، وأطلقوا على هذا الحلف المضاد للمهاجرين اسم (الوطنيون الكاثوليك) وهو نوع من التحزب العرقي المتطرف.

وفي المانيا - بعد الحرب العالمية الثانية – طالب أصحاب رؤوس الأموال والموظفون النازيون بإعادة ممتلكاتهم ووظائفهم, فظهرت حركات نازية مثل "الحزب المحافظ" و "الحزب الألماني الامبراطوري" و"الحزب الاشتراكي الراديكالي"، و"اتحاد البناء الاقتصادي"، التي تبنت مطالب النازيين القدامى، واستطاعت فرضها على سلطات الاحتلال, وأخذ نفوذ هذه الحركات بالنمو المستمر، وزاد عدد أعضائها وعادت إلى المسرح السياسي في أواسط الستينات, وقاد نشاط هذه القوى الحزب الفاشي الجديد (الحزب الديمقراطي الوطني) الذي تأسس عام1964ويرتبط بشكل وثيق مع الاحتـكارات الصناعية في ألمانيا. ومن المعروف أن هذه الشركات تقوم بتحويل حملات الحزب الانتخابية ومصروفاته التي بلغت عام 2000، ما يزيد على 20 مليون يورو, كما أن أقطاب الصناعة الألمانية يشغلون مراكز قيادية في هذا الحزب.

وحاولت الحكومة الألمانية عام 2001 حظر الحزب لكنها فشلت وما يزال الحزب تحت رقابة «المكتب الفيدرالي الألماني لحماية الدستور»، الذي يصفه بأنه يُمثل تهديدًا للدستور بسبب فلسفته وقواعده. ويُوصف الحزب بأنه أكثر الأحزاب التي تؤمن بالنازية الجديدة خطورة, ورغم أنه لم يحصل على مقعد واحد طوال تاريخه في الانتخابات البرلمانية، إلا أنه حصل على مقعد في البرلمان الأوروبي عام 2014، وما يزال فاعلاً في قضايا المهاجرين، والإسلام في أوروبا، واليهود بشعارات «عنصرية» و«معادية للسامية».

وقد ظهرت في العام الماضي حركة (وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب) عرفت باسم (بيغيدا Pegida) العنصرية المناهضة للمسلمين, وقد تمددت في ألمانيا والنمسا ودول أوروبية أخرى. وتزايد القلق والانقسام في المجتمع الألماني، بعد حصولها على تأييد بعض المواطنين خصوصا في مدينة درسدن 74، وقد بدات الحركة مظاهراتها المناهضة للإسلام والمهاجرين الأجانب مساء كل إثنين، بنحو 350 مشاركا في 20 تشرين الأول 2013، وزاد عدد المشاركين فيها بسبب هتافاتها المعادية للإسلام والمهاجرين، حيث شارك نحو 25 ألفا في المظاهرة التي نظمتها في 12/1/2014، كما شارك نحو 17 ألفا و300 شخص في مظاهرة في ال25 من نفس الشهر, وبدأت تنمو بسرعة حتى وصل عدد أعضائها إلى 30.000 شخص. وأسست فروعا في مدن اخرى، ثم الدنمارك وسويسرا واسبانيا والنمسا.

وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير لها : إنه على الرغم من تراجع تأييد الحركة قليلا لفترة محدودة بسبب نشر صور لمؤسس الحركة "لوتس باخمان" وهو يرتدي زياً مشابهاً لـ"هتلر" على فيسبوك، لكن هذا التأييد عاد للانتعاش أخيراً بسبب تصاعد أزمة اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط، حيث تنظم الحركة كل أسبوع مظاهرة في درسدن تطالب فيها بوقف الهجرة, ومنع مظاهر الأسلمة التي يدّعون أنها بدأت تنتشر في المجتمع الألماني.

وفي ايطاليا استطاعت العناصر الفاشية إيجاد كيان قوي لها رغم نفوذ القوى التقدمية في إيطاليا، ونجاحاتها الكبيرة في الانتخابات النيابية الأخيرة, فشعار "يحيى موسوليني" لازال يسمع حتى في قلب روما, وقبر "الدوتشي" الموجود شمال شرق إيطاليا، يؤمّه الفاشيون الجدد. والحركة الفاشية الجديدة ممثلة في أحزاب أهمها (الحركة الاجتماعية الإيطالية) وتضم الجناح الكلاسيكي: ويشمل أنصار موسوليني والعناصر المحافظة التي تنادي بممارسة الإرهاب ضد القوى الديمقراطية, ويلقى معارضة شديدة من الرأي العام ولهذا ظهر الجناح الليبرالي في الحركة، الذي يرفض العنف، ويدعو لاستخدام العمل السياسي المنظمّ للوصول إلى السلطة.

وفي السويد[5]  تبنَّت السلطات الأمنية تدابير أمنية مشددة، تحسبًا لوقوع أعمال شغب قد تشعل فتيلها التظاهرة في استوكهولم التي تنظمها (عصبة الدفاع السويدية والإنجليزية) المعاديتان لوجود الإسلام والمسلمين في أوروبا.

وقال الناشط المدني والمتابع لشئون الجماعات اليمينية المتشددة فواز الحيدر: "الحركات المعادية للإسلام والمسلمين في أوروبا بشكل عام بدأت بالتزايد والاتساع، رغم أنها لا تلاقي قبولاً واسعًا لدى مجتمعاتها".

وأضاف في حديث لوكالة كردستان للأنباء: "أحد أهم الأسباب التي سببت تزايد نشاط تلك الحركات هو بعض الهجمات التي تحدث وبعض الجماعات التي تعتبر المصالح الغربية أهدافًا مشروعة لها".

وتابع: "زيادة نشاط حركة اليمين المتطرف في أوروبا مرتبط باعتقاد اليمين المتطرف أن هناك حربًا بين الإسلام والغرب، لذا يسعى من خلال نشاطاته إلى تحجيم أعداد المسلمين في أوروبا وأمريكا وبريطانيا".

لمحة عن التنظيمات اليمينية المتطرفة في اوربا:

ظهرت في بلدان اوربية اخرى تنظيمات يمينية متطرفة واحزاب فاشية جديدة ذكرها الكاتب احمد الخطيب منها:

- حزب «جوبيك» في المجر (هنغاريا) أو «حركة مجر أفضل» عام 2003؛ ويُوصف في الإعلام الغربي بأنه حزب «فاشي، ومتطرف، ومعادٍ للأجانب، وعنصري»[6]

- الفجر الذهبي [7] في اليونان: حزب يميني متطرف، يصف نفسه بالعنصرية والقومية، ويدعم النازية ورموزها، وتصفه وسائل الإعلام والدوائر السياسية والأكاديمية بالفاشية والنازية الجديدة.

- الديمقراطيون السويديون[8]  في السويد: واعتمدت سياسته على الفاشية، والإيمان بتفوُق العِرق الأبيض، واليمينية المتطرفة، والقومية السويدية, وحاول بعد ذلك تبني اتجاهات أكثر اعتدالاً بين عامي 1995 و2010 لكن سياساته وقواعده التي تُقدر بـ 15 ألف عضو نشطٍ ما تزال يمينية متطرفة، ومُعادية للمهاجرين، وللاتحاد الأوروبي.

- حزب الشعب[9]   في الدنمارك: حزب يميني متطرف. يعتمد سياسات «شعبوية» ويعمل على حماية «ثقافة الدنمارك، وقيَمها، وعِرقها»؛ فيعارض الهجرة، والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ودخول تركيا فيه.

- رابطة الشمال[10]  في إيطاليا: حزب معارضٌ لهجرة غير الأوروبيين – خصوصًا المسلمين – إلى إيطاليا.

- حزب «هجوم»[11]  في بلغاريا: حزب قومي يميني متطرف، يُوصف بالعنصرية، ومعاداة المهاجرين والمسلمين.

- حزب حرية النمسا[12]  في النمسا:

حزب يميني متطرف تأسس في عام 1956 على يد مجموعات من النازيين السابقين والفاشيين، اتخذ اتجاهًا شعبويًا متطرفًا على يد رئيسه «جورج هيدر» منذ عام 1986.يعارض الحزب الهجرة، والإسلام، والاتحاد الأوروبي.

- حزب الفنلنديين[13]  في فنلندا: يُوصف بأوصاف متناقضة فأحيانًا هو حزب «وسطي»، وأحيانًا «يساري»، وأحيانًا «يميني متطرف»، لكن الحزب يصف نفسه بالقومية والشعبوية. تملك قيادات الحزب صلات مع أعضاء بارزين في الحركات اليمينة المتطرفة، وأطلق العديد منهم تصريحات عنصرية في الصحافة. سياسات الحزب معارضة للهجرة المفتوحة، وللاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقد وجد حوالي 80 خلية ومنظمة ومجموعة تنتشر في أرجاء أوروبا تتبنى أفكارا في غاية التشدد والتعصب تجاه الإسلام والمسلمين علي حد سواء, اعترف بذلك  المتطرف المسيحي المجرم (بريفيك) الذي قام بمجزرة في النرويج في 22/7/2011راح ضحيتها 69 شخصا في مخيم تابع لحزب العمال, وفجر سيارة في أوسلو مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص– حسب محقق الشرطة النرويجية " كريستبان هاتلو "  في حوار مع وكاله رويترز- وبين " هاتلو " إلي أن الشرطة كانت تعمدت تهوين ما قيل علي لسان بريفيك من وجود 80 خليه تساند أفكاره ومعتقداته لتجنب وتفادي إثارة الذعر في أنحاء القارة في ذلك الوقت.

وكان المحققون لا يثقون فيما يزعمه بريفيك من ناحية عدد المنظمات الإرهابية , لكن المتحدث باسم الشرطة رور هانسن أكد تلك وجود وعدد تلك الخلايا العنصرية , فقال في حديث له "إن ما وصل لمسامعي هو وجود ما بين 60 و80 خلية تعمل على العداء للإسلام والمسلمين ".

كان بريفيك من أبرز الوجوه الإرهابية التي ظهرت علي الساحة آنذاك عقب إدانته وتورطه في تلك الهجمات الإرهابية.

ومن تلك الأحداث المؤكدة لوجود تلك الخلايا الخفية الإرهابية , ما حدث بألمانيا في عام 2009 للمصرية المسلمة مروة الشربيني علي يد الألماني المتطرف (أليكس دبليو) وقد قام يطعنها ب18 طعنة في قاعة المحكمة متهمها هي بالإرهابية!

ولم تلق هذه القضية إلا تجاهلا وبرودا من الشرق والغرب علي حد سواء واتخذت علي أنها حالة فردية تحت نفس الشعار الممجوج " الإرهاب لا دين له " الذي يقال دوما لتبرئة النصرانية من الإرهاب .

تزايد الممارسات العنصرية  ضد الاسلام والمسلمين

الإسلام في الهوية الغربية [14]

يوضح (ديفد بلانكس) و(مايكل فراستو) في مقدمة كتاب لهما صدر عام 1999 عن "رؤية الغرب للإسلام في العصور الوسطى"، أن جذور رؤية الغرب الراهنة للإسلام والمسلمين تعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي الذي شهد بداية الحروب الصليبية والمراحل الأولى لنشأة الهوية الغربية الحديثة.

ويقول الكاتبان إن الأوروبيين في تلك الفترة كانوا محاصرين بحضارة أكثر قوة وتقدما وهي حضارة الإسلام، وأنهم فشلوا في هزيمة هذه الحضارة خلال الحروب الصليبية كما رفضوا فهمها، لكنهم شعروا دائما بتهديدها الحضاري والديني لهم، لذا لعب الإسلام دورا أساسيا في تشكيل الهوية الأوروبية ومن ثم الغربية الحديثة.

وفي الكتاب نفسه يرى (دانيال فيتكس) وهو أستاذ آداب بجامعة ولاية فلوريدا الأميركية أن نظرة الغرب الحديثة للإسلام ولدت في فترة كانت علاقة أوروبا بالإسلام فيها علاقة خوف وقلق، مما دفع الأوروبيين لتعريف الإسلام كدين يملؤه "العنف والشهوة" يقوم على "الجهاد العنيف" في الحياة الدنيا و"الملذات الحسية الموعودة" في الآخرة.

كما نظروا إلى الرسول محمد (ص) على أنه إما "قس كاثوليكي فشل في الترقي في سلم البابوية" فقرر الثورة ضد المسيحية، أو "راعي جمال فقير تلقى تعليمه على يد راهب سوري" ليشكل دينا جديدا من "قشور العقيدتين المسيحية واليهودية".

كما نظر الأوروبيون إلى حياة المسلمين الأخلاقية نظرة مزدوجة، وقد انتقلت هذه الصورة المشوهة إلى بعض أهم قادة الإصلاح الفكري والديني في أوروبا وعلى رأسهم زعيم حركة الإصلاح البروتستانتي (مارتن لوثر) الذي نظر إلى الإسلام على أنه "حركة عنيفة تخدم أعداء المسيح لا يمكن جلبها للمسيحية لأنها مغلقة أمام المنطق، ولكن يمكن فقط مقاومتها بالسيف".

ومع دخول عصر النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر الميلادي دخلت نظرة الغرب إلى الإسلام مرحلة جديدة بلغت قمتها في عصور الاستعمار الأوروبي الذي اجتاح شرق العالم القديم خلال القرن التاسع عشر.

ويرى إدوارد سعيد أن معرفة الغرب للإسلام في هذه المرحلة كانت بغرض السيطرة عليه وليس فهمه، وخلال هذه المرحلة نظر الغرب إلى الشرق -بما في ذلك العالم الإسلامي– بأسلوب أصبح الآن نموذجا يدرس عن التشويه المتعمد الذي يمكن أن تقوم به حضارة ما لصورة حضارة أخرى. ومن أهم عناصر هذا الأسلوب ما يلي:

النظر إلى الشرقي على أنه متخلف وحشي في مقابل الغربي المتقدم المتحضر، أو على أنه جاهل فقير في مواجهة الغربي المتعلم الثري، أو على أنه داكن ضعيف في مقابل الغربي الأبيض القوي.

وقف الغرب موقفا منزعجا ومتشددا وأحيانا انتقاميا تجاه الجماعات الشرقية أو المسلمة التي حاولت امتلاك أدوات القوة الغربية مثل اللغة وقوة الاقتصاد وفهم السياسة والقانون وأساليب العمل الإعلامي للتقريب بين مواقف المجتمعات الشرقية المستضعفة والغرب المستعمر.

وورث الأميركيون نفس نظرة الأوروبيين إلى الشرق والعالم الإسلامي، إذ سعى الأكاديميون الأميركيون لتقسيم العالم غير الغربي إلى مناطق ومستويات وفقا للمصالح الأميركية الاقتصادية والسياسية.

لم يكن اليمين الأوروبي المتطرّف والمعادي للأجانب بحاجة إلى جريمة الاعتداء على مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية (7/1/2015)[15]  كي يعرب عن كرهه للمهاجرين وللجاليات الإسلامية. فالحركات اليمينيّة المتطرّفة تعود جذور معظمها إلى سبعينيات القرن المنصرم وثمانينياته، وقد تزايد نشاطها بشكل ملحوظ في العقدين الأخيرين. كل ما في الأمر أن الاعتداء الإرهابي الأخير أتى كهدية قُدّمت على طبق من فضّة لزعماء اليمين المتطرف فسارعوا إلى استغلالها سياسياً وانقضّوا على خصومهم و"غريمتهم" الجاليات المهاجرة.

ففي بريطانيا:

أظهرت دراسة زيادة في الجماعات اليمينية المتطرفة في هذا البلد وعلى مستوى العالم، حيث تقوم بالتحريض على الكراهية والعنف ضد المسلمين. وبحسب تقييم، فإن هناك 24 جماعة جديدة تقدم نفسها على أنها معادية للجهاد، وتعمل على إثارة حرب ثقافية مدنية، بحسب (مارك تاونسند) في صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية.

 وتذكر الصحيفة أن تقرير منظمة (أمل لا كراهية) التي تحارب العنصرية يعد من أشمل التقارير حول التحالف بين المنظمات الدولية المعادية للجهاد. وحذر من أن الجماعات المعادية للإسلام في بريطانيا (إسلاموفوبيا) تقوم باستثمار القلق العام، الذي أعقب هجمات باريس وأزمة اللاجئين لصالحها.

 ويقول الكاتب إن (ستيفن ياكسلي) الزعيم السابق لـ(مجلس الدفاع الإنجليزي) المعروف باسم (تومي روبنسون) سيعود من جديد إلى الساحة، من خلال الإعلان عن الفرع الإنجليزي لحركة "بيغيدا" ، التي أدت خطاباتها النارية إلى هجمات على اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا.

 ويشير التقرير إلى أن تقرير المنظمة يوثق 920 حادث إسلاموفوبيا، وعددا من ناشري الكراهية في 22 دولة أوروبية، ولاحظ أن هذه الجماعات أصبحت قوية ماليا، خاصة في الولايات المتحدة، التي تبرعت فيها 8 مؤسسات بـ38 مليون جنيه إسترليني بعد هجمات ايلول 11/ 9.

 وتنقل الصحيفة عن (نيك لويلز) المدير التنفيذي للمنظمة قوله: إن الكراهية ضد المسلمين في أوروبا "تنتقل من الهامش إلى الخطاب الرئيسي"، وستزيد مظاهر التحيز والعنف في بريطانيا ضد المسلمين، حيث تعمل الجماعات المعادية للمهاجرين والجهاديين من أبناء البلد على استثمار هذه المظاهر لصالحها.

ويورد تاونسند أنه في يوم الجمعة قالت الشرطة إن الهجمات المعادية للمسلمين في لندن قد تضاعفت ثلاثة أضعاف منذ هجمات باريس، ويلفت التقرير إلى أنه من بين المنظمات التي ذكرها التقرير، وتمارس إسلاموفوبيا ضد المسلمين (إنفيدلز) وهي منظمة معادية للتعددية الثقافية وذات ميول نازية، و(تحالف جنوب- شرق)، وهي متحالفة مع "الجبهة الوطنية"، و"جمعية هنري جاكسون"، وهي مؤسسة بحثية متهمة بجعل "المشاعر المعادية للمسلمين جزءا من الخطاب الرسمي".

 وتبين الصحيفة أنه بعد تراجع نشاطات (مجلس الدفاع الإنجليزي)، حدد التقرير "إنجليش فيرست" بكونها الجماعة الأكثر حضورا في الشوارع البريطانية والمعادية للجهاد , لديها 1.1 مليون معجب على "فيسبوك".

ويعد ياكسلي- لينون شخصية ملهمة لدى الجماعات المتطرفة والسياسية، التي تقود موجة العداء للمسلمين، ولديه 109 آلاف متابع على "تويتر".

 ويذكر الكاتب أن من بين الجماعات الأخرى في بريطانيا "الحرية لبريطانيا" زعيمها (بول ويستون) يكتب عن الحرب المدنية المحتومة ضد المسلمين و"إبادة البيض" في بريطانيا.

 ويفيد التقرير، بأن لويلز يحذر من اتجاه مثير للقلق، وهو محاولة استخدام صور مستفزة للنبي محمد في محاولة لدفع المسلمين إلى الاحتجاج وبعنف. وعبر عن قلقه من أن السلطات لا تتعامل مع هذه الحركات بجدية، مشيرا إلى أن "الحركات أصبحت أكثر يمينية، وبعضها على حافة التعبير عن نواياها النازية وبشكل مفتوح. ومع ذلك يتم التعامل معها على أنها حركات تعيق النظام العام، لا حركات يمينية متطرفة".

وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أنه في دراسة أجراها معهد "يوغوف" البريطاني، بعد هجمات "شارلي إيبدو" وجد أن 40% من الفرنسيين لديهم آراء سلبية من المسلمين، وهي نسبة مشابهة لما سجل في بريطانيا.

هذا ولفت تقرير جديد لمنظمة  "Tell Mama"[16] ، وهي منظمة بريطانية معنية برصد ظاهرة الإسلاموفوبيا، الانتباه إلى موجة ارتفاع حاد في الهجمات المعادية للمسلمين وبيئة الكراهية في بريطانيا.

وسجل التقرير الذي نشره موقع صحيفة "الإندبندنت" الحوادث المعادية للمسلمين في بريطانيا على مدى 36 ساعة الماضية، ملاحظا أنها شهدت ارتفاعا في الحالات ذات الصلة بالإسلاموفوبيا بعد أحداث باريس، مضيفة أن التقرير "ينذر بالخطر".

وذكرت المنظمة، أن الجالية المسلمة تعرضت للعديد من الاعتداءات والعبارات العنصرية غير اللائقة التي استهدفت النساء المحجبات في مترو أنفاق لندن، وشتمهن ببذاءة ومطالبتهن بالذهاب إلى سوريا لأن "النساء لا يرتدين الحجاب في إنجلترا"، وأوردت الصحيفة دراسة للجنة الإسلامية لحقوق الإنسان في بريطانيا تتعلق بالحياة اليومية لمسلمي بريطانيا، كانت قد أظهرت زيادة في أرقام بلاغات التحرشات اللفظية، والاعتداءات الجسدية مقارنة بعام 2010. فمن بين 1800 شخص جرى استطلاعهم بين 2010 و2014، سجلت اللجنة تزايدا في نسبة ضحايا الإسلاموفوبيا من 50 % إلى 92 %، وكذا ارتفاعا في عدد الأشخاص الذين تعرضوا لأعمال معادية للإسلام والمسلمين من 69 بالمائة إلى 93.3 بالمائة.

وفي ألمانيا :

صار المسلم عامة، والتركي خاصة قضية الساعة، فإذا تحدث الناس عن البطالة أقحم الأتراك على أنهم السبب في تفشيها، رغم أن الألمان دفعوا بهم إلى الأعمال التي يأنفون منها، مثل: المناجم وشق الطرق، وإذا استعر النقاش حول مشاكل البيئة زج بهم أيضًا لأن “ذبائحهم الحلال” سبب القذارة!

وشعار “اخرجوا أيها الأتراك”.. هو وسام الاستحقاق الأكبر على طريقة النازية الجديدة... والجدران والأبواب ودورات المياه والمجلات والصحف ملأى بالعبارات العنصرية المعادية.

و“اخرجوا يا رعاة الإبل”.. إنه الإهانة الجماعية للشرق كله.. وقد نشرت مجلة “دير شبيجل” في عددها 8221 نماذج من رسائل قرائها جاء فيها: هؤلاء الجرذان، الحثالات، الحشرات القذرة، هؤلاء الآسيويون الهمج اجتاحوا بلادنا كالجراد، وحولوا ألمانيا إلى مستعمرة ألمانية إسلامية، يجب أن نخصي رجالهم وأن نستأصل أرحام نسائهم، وأن نشجع الاعتداء على محلاتهم.. إنهم أنصاف قردة وليسوا بشرًا، ولقد آن الأوان لظهور هتلر جديد!

ويقول “ولاراف” الذي صور وسجل في الخفاء أوضاع العمل الاستغلالية والعنصرية التي يعانيها المسلمون الأتراك في كتاب: إن الطريقة التي يستخدم بها العمال المسلمون ليست إلا تطبيقًا للرأي السائد في ألمانيا القائل: “يجب طرد الأجانب وعدم تزويدهم بأي عمل، وإن كان ولا بد، فليزودوا بأسوأ الأعمال، وفي أحقر الظروف”.

وحسب مرصد الأقليات المسلمة (الأناضول) فان نسبة الاعتداءات على الأجانب بألمانيا قد تضاعفت بنسبة 100% منذ بدء حركة "بيغيدا" بتنظيم مظاهرات في مدينة دريسدن.

وأظهر بحث أعده برنامج " Report Mainz" الذي تبثه القناة الأولى الألمانية، أن عدد الاعتداءات التي وقعت ضد اللاجئين والمهاجرين في عموم ألمانيا في الأشهر الثلاثة التي سبقت تاريخ 20 أكتوبر الماضي حيث بدأت بيغيدا بتنظيم مظاهراتها، بلغت 33 اعتداءً، مشيراً إلى أن ذلك العدد ارتفع إلى 76 اعتداءاً بعد 20 أكتوبر 2014.

وأوضح الاستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة "برلين الحرة"، " هاجو فونكا"، أن بيغيدا خلقت أجواء للعنف تجاه المهاجرين وخاصة المسلمين، مضيفاً "إن تزايد أرقام أعمال العنف تجاه الضعفاء إلى أكثر من 100 اعتداء يعد أمراً مخجلاً للبلد ولنا جميعاً".

إلى ذلك، أشار بحث أعدته مؤسسة "أماديو أنطونيو"، ومنظمات "برو أسيل" الأهلية، إلى أن ألمانيا تشهد وقوع ما معدله خمسة اعتداءات عنصرية أسبوعياً، لافتاً إلى وقوع 153 اعتداء على مراكز إيواء لاجئين عام 2014 في ألمانيا، إضافة إلى 77 هجوما مباشرا ضد اللاجئين.

وذكر البحث أن المهاجرين في مدينة دريسدن من أكثر المتخوفين من اعتداءات عنصرية قد تطالهم بسبب مظاهرات بيغيدا، وأن العديد من العائلات لم تعد ترسل أبناءها إلى المدارس يوم الاثنين بسبب احتجاجات الحركة، مبيناً أن النساء المحجبات لم يعدن يتجرأن على الخروج من منازلهم جراء ذلك.

قبل "المقتلة الفرنسية"، أشار استطلاع رأي أجرته "مؤسسة برتلسمان"، في نوفمبر الفائت[17]  إلى أنّ 57% من الألمان يعتبرون أنّ الإسلام يشكّل تهديداً لهم، ولفت إلى أنّ 40% منهم يشعرون "بأنهم أجانب في بلادهم"، وأن 61% يعتبرون أنّ هذا الدين لا يتلاءم مع العالم الغربي.

يعكس هذا الأمر المسار التصاعدي لحالة مناهضة المهاجرين، وهو ما يعبّر عنه ارتفاع عدد مناصري حركة (مواطنون أوروبيون ضد أسلمة الغرب"PEGIDA)  غير المسبوق. فهذه الحركة النازية الجديدة المناهضة للإسلام والمهاجرين، تأسست العام الفائت في منطقة درسدن، وتجاوزت شعبيتها الحدود الألمانية.

وبعد أن كان عدد المشاركين في التظاهرات التي تنظمها 500 شخص في مطلع أكتوبر الفائت، ارتفع إلى 17500 في منتصف نوفمبر. وفي الخامس من الشهر الجاري، لبّى نحو 18000 دعوتها الأسبوعية للتظاهر. وبعد جريمة باريس شارك حوالى 25000، والملفت أن المنظمين طلبوا من مناصريهم وضع شارة سوداء على أذرعهم، وهذا ما أعاد التذكير بشارات النازية.

وفي فرنسا:

في "بلد الأنوار" حيث وقعت "مقتلة الصحافيين"[18] سارع الزعيم السابق للجبهة الوطنية (جان ماري لوبان) إلى إطلاق الحملة الانتخابية لرئاسيّات 2017، وقام بنشر صورة على تويتر كتب عليها "كن هادئاً وانتخب  لوبان"، قاصداً ابنته مارين زعيمة الجبهة. أمّا الأخيرة، فاستفادت من الحدث كي تعلن عبر قناة "فرنسا الثانية" أنه "في حال انتخابها رئيسة للجمهورية ستجري استفتاءً عاماً على إعادة حكم الإعدام إلى التشريعات الفرنسية".

كذلك أعادت التذكير بمواقفها من قضايا إقفال الحدود الفرنسية وسنّ قوانين لاسترداد الجنسيّة.

لم تقتصر تداعيات جريمة "شارلي إيبدو" على الكلام، بل انعكست على العديد من أماكن العبادة الإسلامية التي تعرّضت لاعتداءات وعمليات إطلاق نار وإلقاء قنابل صوتية. وكتب مجهولون عبارات عنصرية مثل (الموت للعرب) على جدران بعض المساجد ورسموا عليها شعارات نازيّة.

ويبدو أن نسبة خوف الفرنسيين من الاعتداءات الإرهابية ارتفعت، إذ أشارت بعض استطلاعات الرأي إلى تخوّف حوالى 83% من إمكان حدوث اعتداءات مشابهة لاعتداء الأربعاء الفائت. ومن المرجح أن يؤدي مناخ الخوف هذا إلى تزايد العداء للمهاجرين العرب والمسلمين.

 يصادرون حرية المسلمات ويعتقلونهن ويعاقبونهن بدعوى ارتداء النقاب , وكأن لباس الستر أصبح جريمة في دنيا العهر وصار وصمة عار علي لابسيه. والكثير والكثير من الاضطهادات والتضييقات على للمسلمين 

وقالت الجمعية، في تقرير لها، إن أكثر من 71 % من تلك الاعتداءات ارتكبت داخل المؤسسات، مؤكدة أن الاعتداءات والتهديدات تزايدت في حق المهاجرين المغاربة والمسلمين.

وفي إيطاليا [19]

في اليوم التالي على جريمة باريس، قاد زعيم "عصبة الشمال" Lega Nord والنائب في البرلمان الأوروبي (ماتيو سالفيني) مجموعة من الشباب وتجمّعوا في إحدى محطات القطار في مدينة ميلانو ووزعوا ملصقات صحيفة "شارلي ايبدو" التي احتوت على بعض "الرسوم المسيئة" لنبيّ الإسلام.

وقال سالفيني إنّ "الإسلام خطير، وهناك الملايين من المسلمين المنتشرين في العالم وفي إيطاليا مستعدّون للقتل وقطع الرؤوس". ولم يكتفِ باتهام الإسلام والمهاجرين غير الشرعيين بالإرهاب، بل دعا عبر تغريدة على تويتر إلى "إلغاء اتفاقية شينغين الأوروبية والعودة إلى مراقبة الحدود الداخلية لدول الاتحاد الأوروبي بهدف صد المتطرفين الإسلاميين".

ولم يسلم البابا من انتقاد سالفيني فاعتبر أنه "مخطئ في التحاور مع الإسلام". وإذا كانت "عصبة الشمال" قد رأت أن وجود المهاجرين يشكل "حالة اعتداء واحتلال عسكري وثقافي للمجتمع"، فحال اليمين الوسط لم يكن أفضل من ذلك إذ دعا بعض قادته إلى الإقلاع عن سياسة التعددية الثقافية والتعامل الحسن مع المهاجرين.

وفي إطار السياسات اليمينية العنصرية المناهضة للإسلام حاول (حزب رابطة الشمال)[20]  المشارك في حكومة الائتلاف الإيطالية - أثناء اجتماع مجلس منطقة "لومباردي" - تمرير قانون يمنع التذكية الشرعية، إلا أنه قوبل برفض الأعضاء، مؤكدين أنه من شأنه تقييد حرية ممارسة الشعائر الدينية.

وفي قرية "بيوف" بمنطقة "فينتو" قام الحزب بنشر ملصقات تدعو لإحياء الذكرى 440 لمعركة "ليبنتو"، عندما هُزم الأسطول العثماني أمام أسطول التحالف النصراني "العصبة المقدسة" في استفزاز لمشاعر المسلمين, وقد طالب أعضاء الحزب بإصدار قوانين تمنع بناء المساجد، آخرها في مايو الماضي، هذا إضافة لحزب "Forza Nuova" المناهض للهجرة الإسلامية الباحثة عن فرص العمل، والداعي للحفاظ على الأصول العقدية والثقافية النصرانية في مواجهة الإسلام.

وفي السويد [21]

سبقت حالات الاعتداء على المساجد في السويد جريمة "شارلي ايبدو". وكان الأمين العام لـ(حزب الديمقراطيين في السويد) اليميني المتطرف والمناهض للمهاجرين (بيورن سودر) قد كتب على صفحته على فيسبوك إنّ "ديانة السلام (قاصداً الإسلام) كشفت عن وجهها الحقيقي". وقد اعتبرت النائبة (فيرونيكا بالم) العضو في "الحزب الديمقراطي الاشتراكي" أنّ تلك العبارة تعتبر قدحاً وذماًّ بحق الجماعات ويجب التأكد من أنها لا تقع ضمن التشريعات التي تعاقب على الإهانات العنصرية.

يُعَد "حزب الديمقراطيين في السويد" أحد أكبر الأحزاب السياسية في البلاد ووصل عدد ممثليه في البرلمان إلى 49 نائباً بعد الانتخابات التي جرت في العام الماضي، أي ما يعادل 12.9% من مقاعده. علماً أنّ عدد نوابه كان 20 في انتخابات العام 2010. وقد تعاظمت حصّة هذا الحزب بعدما حلّ ثالثاً على الساحة السياسية، وهذا ما حثّ زعماءه على المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة الشهر الفائت، بعد شهرين على الانتخابات التشريعية.

وفي النمسا[22]

وضع المسلمين في النمسا ليس أفضل من وضعهم في بقيّة الدول الأوروبية. وسبق أن اعتدي على امرأة ترتدي الحجاب في العاصمة فيينّا أُدخلت في أثره إلى المستشفى. وقعت هذه الحادثة قبل اعتداء باريس وتزامنت مع أخبار تناقلتها الصحف المحلية عن عملية استقطاب للشباب في النمسا بهدف "الجهاد" مع تنظيم داعش في سوريا والعراق.

هذا وتشير استطلاعات الرأي التي صدرت أخيراً إلى أن 51% من النمسويين يعتبرون أنّ الإسلام يشكّل تهديداً لمجتمعهم، وأن 40% منهم يرون أنّ الإسلام دين متخلّف، وأن 66% يعتبرون أنّ حجاب المرأة أمر مزعج.

وعقب "مقتلة باريس"، دعا زعيم (حزب الحرية) اليميني المتطرف، (هينز كريستيان ستراخيه) إلى اعتماد سياسات أكثر فعالية ضد التطرف الإسلامي وإلى إيقاف سياسة "دفن الرؤوس في الرمال" في ما يتعلّق بالإسلام الأصولي. ورحّب  بالتظاهرة التي دعا إليها فرع فيينا لحركة PEGIDA في 2 فبراير المقبل، لافتاً إلى أن المشاركة فيها ضرورية لمناهضة "الفاشية". ويبدو أن انتشار شعبية حركة بيغيدا لم يقتصر على ألمانيا والنمسا، إذ منحها الاعتداء على "شارلي إيبدو" رواجاً في العاصمة السويسرية زوريخ حيث أعلن مناصرون لها تسيير أول تظاهرة لهم في 16 فبراير المقبل.

وفي هولندا [23]

سارع زعيم (حزب من أجل الحرية) "غيرت فيلدرز" إلى إعادة نشر رابط فيلمه الشهير "فتنة" على حسابه في تويتر. وتعليقاً على جريمة باريس، نقلت وكالة رويترز عنه قوله إن "الغرب كان في حرب مع الإسلام". ولم يكتفِ بتحميل المهاجرين المسؤولية عن ارتفاع نسبة الجريمة والإرهاب، بل قال إنه إذا لم تتخذ إجراءات مناسبة ضد الإسلام فستحصل جريمة مشابهة في هولندا.

ومعلومٌ أن فيلدرز اعتبر في تصريحات سابقة أن "المغاربة أوباش وأخساء"، وهو ما زال يحاكم على هذه التصريحات. وفي استطلاع رأي أجري السبت الفائت في هولندا تبيّن أنّ شعبية الحزب ارتفعت، وقد يحصل في انتخابات مبكّرة على 31 مقعداً في البرلمان، أي ضعفَيْ عدد مقاعده الحالية، وهذا ما يعني تفوّقه على الحزبين العمالي والليبرالي اللذين لن يتمكنا مجتمعين من الحصول على أكثر من 28 مقعداً، في حين يبلغ عدد نوابهما الحاليين 79.

يبدو أن أوروبا المتعددة القوميات واللغات والتي لطالما تغنّت بـ"التعددية الثقافية" باتت اليوم مهددة جرّاء الإعصار اليميني الذي يجتاحها. وليس المهاجرون وحدهم مهددين، بل وحدة الاتحاد الاوروبي، ولا سيما أنّ جميع حركات اليمين المتطرف تشكك في جدوى استمراره.

------------------------------------

[1] اسلام اون لاين 12سبتمبر 2012.

[2] الفاشية: حركة وطنية استبدادية ومناهضة للشيوعية أسسها بينيتو موسوليني بإيطاليا سنة 1919 . وكانت الفاشية رد فعل للمتاعب الاقتصادية والفوضى الاجتماعية التي عمت بعد الحرب العالمية الأولى . أهم عناصر الفاشية الاعتزاز بالوطن ومناهضة الشيوعية والرفض التام للديموقراطية البرلمانية وترقية المزايا العسكرية وقوة الحكومة والوفاء لقائد قوي . كان الفاشيون يرتدون لباسا عسكريا يحوي قميصا أسودا ويحيون بعضهم البعض بمد الذراع على طريقة الرومان في العصور القديمة . استولت القمصان السوداء ( كما كان الفاشيون يسمون آنذاك ) لموسوليني على السلطة سنة 1922 . واتخذت حركة أخرى قالب الفاشية وبدأت تبرز في العشرينيات بألمانيا وهي حركة الاشتراكية الوطنية ( النازية ). وفي سنة 1936 استولى الفاشيون بقيادة الجنرال فرنتشسكو فرنكو بأسبانيا على الحكم فانزلقت البلاد إلى حرب أهلية دامت ثلاث سنوات انتصرت فيها الفاشية. ولقد سقطت الفاشية بإيطاليا بموت موسوليني في نهاية الحرب العالمية الثانية وبالرغم من أن بعض الأنظمة في أمريكا الجنوبية اعتنقت بعض أفكار الفاشية إلا أن نهاية الفاشية الحقيقية كانت بانتهاء موسوليني . وتستعمل الكلمة أحيانا وفي عصرنا هذا للدلالة على سلوك أو تفكير يحذو حذو القالب الفاشي مصطلحا/ موقع المعاني.

[3] نازية Nazism: حركة سياسية واجتماعية، نشأت في ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى وانهيار امبراطوريتها و توقيع معاهدة فرساي عام 1919.وكلمة 'نازيّ هي اختصار (حزب العمل القومي الاشتراكي الألماني).ويقصد بالنازية تلك الظاهرة التاريخية التي بلغت أكمل صيغها في فترة الثلاثينيات من القرن العشرين حتى العام 1945، حين استطاع الحزب النازي بزعامة أدولف هتلر أن يقود الحركة القومية الاشتراكية في ألمانيا، وأن يسيطر على الحكم في العام 1933، ويلغي الأحزاب، ويحتكر السلطة في ألمانيا.

[4] العدد 28.

[5] مفكرة الإسلام 4/8/2012.

[6] حصل في 2006 على 2.2% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية، و16.7% في  2010، و20% في2014 وأصبح ثالث أكبر الأحزاب في البرلمان.

[7] أصبح حزبًا رسميًا عام 1993. يملك الآن 3 مقاعد في البرلمان الأوروبي، و16 في البرلمان اليوناني، واتُهم أعضاء الحزب في البرلمان رسميًا بتنظيم اعتداءات على المهاجرين، وقال النائب العام إن 50 من قيادات الحزب متورطون في أعمال غير قانونية.

[8] تاسس عام 1988فاز في الانتخابات البرلمانية 2010 بـ 20 مقعدًا، و49 مقعدًا 2014من أصل 349، ومقعدين في البرلمان الأوروبي.

[9] تأسس في عام 1995، وأصبح الآن ثالث أكبر الأحزاب في الدنمارك بعد حصوله على 22 مقعدًا في البرلمان الدنماركي، و4 مقاعد في البرلمان الأوروبي، و255 مقعدًا في المجالس المحلية.

[10] تأسس في عام 1991 ليضم العديد من الحركات والمجموعات السياسية «الشعبوية». يملك 18 مقعدًا في البرلمان الإيطالي من أصل 630، و15 مقعدًا من 315 في مجلس الشيوخ، و5 مقاعد في البرلمان الأوروبي.

[11] تأسس الحزب في 2005 تحت قيادة «فولين سايدروف» الذي كان يُقدم برنامج «هجوم» (Attack) على إحدى القنوات التليفزيونية البلغارية.يملك الحزب 11 مقعدًا في البرلمان من أصل 240، ولا يملك أيَّة مقاعد في البرلمان الأوروبي.

[12] يملك الحزب الآن 40 مقعدًا في البرلمان النمساوي من أصل 183، و4 مقاعد في البرلمان الأوروبي من 18 مقعدًا مخصصًا للنمسا.

[13] تأسس رسميًا في عام 1995 وفاز عام 2011 ب20% من مقاعد البرلمان، ما يجعله ثالث أكبر الأحزاب تمثيلاً، وأكبر أحزاب المعارضة في فنلندا.

[14] الجزيرة.

[15] صحيفة رصيف- 2215/1/2015.

[16] 23. نوفمبر 2015.

[17] رصيف 22/1/2015.

[18] رصيف 22/1/2015.

[19] رصيف 22/1/2015.

[20] شبكة الالوكة.

[21] رصيف 22/1/2015.

[22] رصيف 22/1/2015.

[23] رصيف 22/1/2015.

 
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف