البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

January / 12 / 2016  |  1504التحالف الاسلامي بقيادة السعودية .. الجنين الذي ولد ميتاً

حيدر محمد الكعبي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية كانون الأول 2015
التحالف الاسلامي بقيادة السعودية .. الجنين الذي ولد ميتاً

بتاريخ 15/12/2015 وفي خطوة سعودية غير متوقعة، اعلن ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان خلال مؤتمر صحفي عن تشكيل (تحالف اسلامي عسكري يتكون من 34 دولة "لمحاربة الإرهاب". ويتكون هذا الحلف - بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية- من  دول عربية هي: السعودية ومصر والإمارات والأردن والبحرين وتونس وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا وجمهورية القمر الاتحادية والسودان وجيبوتي والصومال وموريتانيا والمغرب واليمن.

فضلا عن دول أفريقية هي: بنين وتشاد وتوغو والسنغال وسيراليون والغابون وغينيا وساحل العاج ومالي والنيجر ونيجيريا ، بالإضافة الى دول آسيوية هي: تركيا والباكستان وبنغلادش والمالديف وماليزيا) .

وقد (أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في باريس الثلاثاء أن الدول الـ 34 الأعضاء في التحالف العسكري الإسلامي الجديد لمكافحة "الإرهاب" ستتبادل المعلومات وتقدم معدات وتدريبا وستنشر قوات إذا لزم الأمر.

وقال الوزير في مؤتمر صحافي "هذا التحالف غير مسبوق وتشكيله هو إشارة واضحة وقوية إلى التزام الدول الإسلامية ضد الإرهاب والتطرف، مبديا ثقته بأن عدد الدول المعنية والذي يبلغ حاليا 34 سيزيد في الأسابيع المقبلة، وأوضح الجبير أن التحالف سيعمل على جانبين: "الأول يتصل بالأمن وسيسمح بتبادل المعلومات والمساعدة في التدريب وتسليم المعدات وإرسال قوات إذا كان ذلك ضروريا"، مشيرا إلى أن مركز قيادة مشتركا سيتم إنشاؤه في الرياض في الأسابيع المقبلة.

وتابع الجبير ردا على سؤال عن احتمال إرسال قوات على الأرض في الدول التي يطاولها الإرهاب: "القرارات تتخذ حالة بحالة، وليس هناك أي خيار مستبعد، ليس هناك حدود للمساعدة التي ستقدم أو لمن ستقدم، هناك عدد من الدول في حاجة ماسة إلى المساعدة ضد الإرهاب" وأكد أن "هذا التحالف هو تحالف طوعي والدول حرة في المشاركة وبذل الجهود التي تريدها" رافضا فكرة أن يكون التحالف سنيا.

وأعلن الجبير أيضا أن "الإرهاب ضرب العالم بعنف مؤخرا وخصوصا الدول الإسلامية. حان الوقت لأن تتخذ هذه الدول موقفا وقد قامت بذلك عبر إنشاء هذا التحالف")[1] .

من جانبه (اكد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز خلال مؤتمر صحافي... اهمية تنسيق الجهود والعمليات المشتركة في التحالف الاسلامي العسكري، مشيرا الى ان بعض الدول تعاني من الارهاب مثل تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق وايضا بعض الدول الاخرى مثل اليمن وليبيا، وان ذلك يتطلب جهودا دولية لمحاربته من خلال هذا التحالف.

وفي سؤال... حيال امكانية ان يصدر التحالف مواقف ملزمة للدول الاعضاء في التحالف قال وزير الدفاع السعودي: لا يمكن اصدار موقف ملزم للدول المشاركة في التحالف العسكري الاسلامي لمحاربة الارهاب، ولكن التحالف سيكون دوره تنسيقيا وكل الدول سوف تسهم حسب قدرتها في هذا المجال)[2] .

ردود فعل عالمية تجاه الحلف:

وقد (حظي إعلان تشكيل تحالف إسلامي بقيادة السعودية لمحاربة الإرهاب بردود فعل إقليمية ودولية مرحبة ومشيدة بالدفعة التي يمكن أن يحدثها في جهود التصدي للتطرف... وفي هذا السياق قال اشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي: "أنا سعيد بانضمام حلفاء دوليين جدد يتماشى مع دعواتنا لدور فعّال يساعدنا على هزيمة هذا الشيطان الحقيقي".

ومن جهته قال أحمد داوود أوغلو رئيس الوزراء التركي: "عندما تلقينا دعوة للمشاركة في هذا التحالف الموسع، ردّنا كان قاطعا بأن الجواب على من يربط الإرهاب بالإسلام هو توحد المسلمين ضد الإرهاب، لذلك فنحن نرى أن هذه الخطوة في الاتجاه الصحيح".

ومن جهتها، أعلنت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء دعمها الكامل لهذا التحالف ضد الإرهاب الذي يهدد العالم أجمع، ورحبت منظمة التعاون الإسلامي بهذا التحالف، خاصة أن المسلمين أكثر من يعاني من تلك الجماعات المتطرفة.

وغرّد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد على حسابه في تويتر قائلا إن "السعودية تقود التحالف الإسلامي العسكري بعد نجاحها في عاصفة الحزم"، أما الأردن فاعتبر الحرب على الإرهاب حربه وحرب المسلمين ضد الإرهابيين الذين يقومون بأعمال وحشية باسم الدين.

وأعلنت مصر دعمها أيضا ومشاركتها كجزء من التحالف الذي تقوده السعودية، وكذلك الحال مع ليبيا التي اعتبرت انضمامها للتحالف أمرا طبيعيا بوجود تنظيمات متطرفة على أراضيها على رأسها داعش... ألمانيا التي دعت التحالف الجديد للانضمام إلى محادثات فيينا التي تضم كل الدول التي تحارب تنظيم داعش، وهي مشاركة ستكون الأولى لهذا التحالف الوليد، ولكنها قد تشد من أزر المجتمعين هناك بحسب ما تراه ألمانيا)[3] .

تساؤلات ملحة تحوم حول الحلف:

واثر اعلان تشكيل هذا التحالف، سرعان ما اخذت تحوم حوله تساؤلات عدة، فالتصريحات التي اطلقها ولي ولي العهد السعودي ووزير خارجية السعودية لم تكفِ لبيان طبيعة حركة هذا الحلف واستراتيجياته، كما لم يقف الغموض عند (توقيت اعلانه وملابسات ذلك والجهة التي اعلنته وحسب، وانما في اهدافه وآليات

عمله وخططه للعمل الميداني، والاهم من ذلك كله التعريف الذي سيتبناه بشأن «الارهاب»، خصوصا ان للمملكة السعودية التي طرحت الفكرة واعلنتها ونصبت نفسها قائدة له من عاصمتها لديها «لائحتها» الخاصة للمنظمات التي تعتبرها «ارهابية».

فأي «ارهاب» هذا الذي تعتزم الدول المتحالفة قتاله؟ وهل للدول الـ35 المنضوية فيه مفهوم موحد؟

ولماذا يضم التحالف الاسلامي اوغندا وبنين والنيجر وساحل العاج وجزر المالديف مثلا، ولا يضم دولا محورية في المواجهة مع الارهابيين كالعراق وروسيا وايران وسوريا والصين وغيرها؟

«حان الوقت أمام العالم الاسلامي لمحاربة الارهاب» يقول السعوديون الآن، فلماذا يبدو من خلال استثناء تلك الدول كأنه صراع محاور؟ وما هو التفسير السياسي لما اعلنه ولي ولي العهد الامير وزير الدفاع محمد بن سلمان فجر امس عندما قال في مؤتمر صحافي «لا نستطيع القيام بعمليات في هاتين الدولتين (سوريا والعراق) من دون تنسيق مع السلطات الشرعية فيهما»؟ هل كانت زلة لسان؟ ام رسالة سعودية جديدة؟ علما بان وكالة الانباء السعودية الرسمية وزّعت نص كلام الامير السعودي ولم يتم تعديله.

ثم ما علاقة توقيت اعلان «التحالف الاسلامي» هذا بتطورات الوضع في اليمن حيث واجه «التحالف» الآخر الذي تقوده السعودية حائطا مسدودا بعد تسعة شهور من حرب الخراب التي قادتها عدة دول على الدولة العربية الاكثر فقرا تحت عنوان مواجهة الحوثيين المدرجين- بالمناسبة- على لائحة الارهاب السعودية.

وهل هي صدفة هذا التزامن ما بين انطواء حرب اليمن الى مرحلة التفاوض في سويسرا والانتكاسات العسكرية للتحالف الذي اصيب بالكثير من الهشاشة والخيبات، ومبادرة الرياض اعلان توليها التحالف الجديد باسم الاسلام؟ وبالتالي، لماذا الآن؟ لماذا كل هذا الصبر حتى الان؟ هل كانت دول العالم الاسلامي تنتظر كل هذا الوقت خرابا اكبر من خراب البصرة؟ اليست بعض الدول المنضوية في التحالف الجديد في موقع الاشتباه والاتهام بتورطها الصريح في التغاضي وتسهيل وتمويل وتشجيع «الارهاب» لكي يخدمها اينما كانت مصالحها من قندهار مرورا ببلاد الرافدين والشام وصولا الى نواحي نيجيريا وربما ابعد؟

ومجددا، لماذا الآن، وهناك من اعلن ان المشاورات لتشكيل «التحالف الاسلامي» العتيد جرت خلال 72 ساعة فقط، لماذا كانت هذه

العجالة؟ ولماذا ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان؟ ألا يخرج والده الملك سلمان لإعلانات ملكية اقل اهمية من ذلك بكثير، فلماذا لم يكن الملك نفسه من يتولى تصدر مشهد زعامة ما يبدو اكبر تحالف دولي اسلامي ضد الارهاب؟ ثم ما علاقة ذلك بولي العهد الامير محمد بن نايف المعروف سعوديا وعالميا ـ واميركيا تحديدا ـ بأنه الرجل الاول سعوديا في المعركة ضد الارهاب والمُهيّأ ليكون الملك الجديد؟

تكتسب الاجابة على الاسئلة اهميتها، من كونها تأتي غداة المؤتمر الصحافي العاجل الذي عقد بعد منتصف ليل امس الاول للأمير محمد بن سلمان، والذي لم يقدم فيه الكثير من الاجابات الشافية حول ما يدور في اذهان الكثيرين بشأن ما تعنيه الخطوة السعودية المفاجئة، فهل كانت مجرد زلة لسان تلك التي ارتكبها عندما سئل عن العراق وسوريا، فرد سريعا بان أي عمل ضد الارهاب في هذين البلدين يجب ان يتم عبر «السلطات الشرعية فيهما». ثم يخرج وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في اليوم التالي ليقول من باريس ان فكرة تدخل «قوات خاصة» خليجية ضمن التحالف الاسلامي في الاراضي السورية، احتمال وارد تجري مباحثات بشأنه. هل يتعارض كلامه مع تصريحات ولي ولي عهده، ام يتناسق معه؟

سيتضح المشهد الاوسع لهذا التحالف في الآتي من الايام، وربما لن يختلف مصيره عما آل اليه مصير «تحالفات» اخرى استخدمت لمآرب دعائية او شكلية، او ظلت حبيسة ادراج القمم والزعماء تماما كاليتيمة)[4] .

دول تنضم للتحالف من دون أن تعلم:

وبقدر المفاجأة التي تلقّى بها العالم نبأ تشكيل الحلف العسكري الجديد، تفاجأ الناس بأن بعض الدول التي أعلنت السعودية انضمامها اليه لم تكن تعلم بذلك، إذ (قال "أرماناثا ناصر" المتحدث باسم وزارة الخارجية في إندونيسيا -أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان- إن وزير الخارجية السعودي اتصل بجاكرتا مرتين خلال الأيام القليلة الماضية يسألها الانضمام إلى "مركز للتنسيق في مواجهة التطرف والإرهاب".

وأضاف "ما أعلنته السعودية هو تحالف عسكري... لذا فمن المهم أن تطلع إندونيسيا على التفاصيل أولا قبل أن تقرر ما إن كانت ستسانده" لم تكن جاكرتا قد اتخذت قرارا بعد بشأن الانضمام للمجموعة، ثم خرج وزير الأمن "لاهوت باندجايتان" في وقت لاحق ليقول "لا نريد أن ننضم لتحالف عسكري"...

وبدا أن لدى المسؤولين الذين اتصلت بها "رويترز"[5]  في عدد من الدول الأربع والثلاثين التي قالت الرياض إنها وقعت على الانضمام للتحالف مفاهيم مختلفة عما تستتبعه المشاركة في التحالف فعليا، في حين قال البعض إن بلدانهم لم تبلغ بالأمر رسميا.

وفي اتصال هاتفي أجرته "رويترز" قالت "سهار كمران" العضو بلجنة الدفاع التابعة لمجلس الشيوخ الباكستاني والتي عاشت بالسعودية سنوات طويلة إن هذه أول مرة تسمع فيها بهذا التحالف، وقالت "لم أسمع بالخبر بعد" وسئلت إن كان هذا نوقش في مجلس الشيوخ أو الجمعية الوطنية فأجابت: "لا، ليس بعد".

ونقلت صحيفة (دون) اليومية عن وكيل وزارة الخارجية "إعزاز تشودري" قوله إنه فوجئ بخبر مشاركة إسلام اباد منشورا وإنه يسعى لتفاصيل من الرياض)[6] .

وعلى المنوال ذاته فان لبنان قد ادخلت الى التحالف من دون اعلام رسمي لوزارتها الخارجية، إذ (قالت وزارة الخارجية اللبنانية "إنها لم تكن على علم مسبق بموضوع تشكيل التحالف العسكري الإسلامي" معتبرة أن الأمر "يمس بموقع لبنان وصلاحيات وزارة خارجيته" التي يتولاها "جبران باسيل" المحسوب على قوى الثامن من آذار بقيادة حزب الله.

واضافت في بيان الثلاثاء أنها "لم تكن على علم لا من قريب ولا من بعيد بموضوع إنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب وأنّه لم يرد إليها في أي سياق يشير إلى موضوع إنشاء هذا التحالف وأنه لم يتم التشاور معها لا خارجيا كما تفرضه الأصول ولا داخليا كما يفرضه الدستور". وأكد البيان أن "ما حصل يمسّ بموقع لبنان المميّز لجهة التوصيف المعطى لمحاربة الإرهاب والتصنيف المعتمد للمنظمات الإرهابية كما يمسّ بصلاحيات الوزارة بصفتها دستوريًا في إطار سياسة الحكومة والبيان الوزاري وبالتنسيق والتشاور مع رئيس الحكومة كما دأبت عادةً ")[7] .

دول ترفض الانضمام واخرى لا تدعى:

يبدو ان قائمة المشاكل التي رافقت ولادة هذا التحالف العسكري لم تنتهِ بعد، فقد رفضت دولا اسلامية مهمة الانضمام اليه على رأسها عمان والجزائر، فقد (أعلن وزير الخارجية العماني "يوسف بن علوي" أن القوات المسلحة العمانية لا يمكنها أن تعمل خارج نطاق مجلس التعاون، ومن ثم لا تستطيع المشاركة في التحالف العربي الإسلامي العسكري بالرياض لمكافحة الإرهاب، وقال "بن علوي" أثناء مؤتمر صحفي إن دستور سلطنة عمان لا يقر المشاركة في التجمعات الأمنية.

وتعرف سلطنة عمان بكونها دولة مسالمة وبعيدة عن معمعة الصراع في الشراق الأوسط، وليست لديها أي عداوات مع أي بلد، وتحرص على تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية بشكل متوازن مع مختلف القوى العالمية، الخليجية والإيرانية والأميركية والغربية منها...

وجاء موقف الجزائر متوقعاً نظراً لمواقفها السابقة من التحالف العربي باليمن وتشكيل قوة دفاع عربي مشترك، حيث أكد وزير الخارجية الجزائري "رمطان العمامرة" أن الدستور الجزائري لا يسمح بإرسال وحدات قتالية خارج حدوده، منوها بأنه لا بد أولاً من تنظيم البيت الداخلي لكل بلد على حدة، بحيث ينعم بالاستقرار والعدالة والتسامح بين مختلف أطيافه، وجاءت هذه التصريحات بعدما أعلنت مصر عن تشكيل قوة مشتركة عربية.

وأفادت مصادر مطّلعة بأن الرفض الجزائري استند إلى عاملين أساسيين، الأول يتصل بقناعة لدى الجزائر بأنها تتفق تماما مع قناعة مكافحة الإرهاب في أي دولة، لكنها تحرص على الخوض في هذه المسألة ومعالجتها ضمن أشكال الحوارات الفردية أو مع المجموعات، وثانيًا لكون الطلب يتقاطع مع حاجز دستوري لا يسمح للقوات العسكرية بالقتال خارج حدودها مهما كانت الأسباب)[8] .

(وفي أنقرة قال المتحدث باسم الخارجية التركية "تانجو بلجيجك" أن التحالف الجديد المناهض للإرهاب مهم على صعيد التنسيق العسكري والمخابراتي، لكن لا توجد خطط لإنشاء قوة عسكرية تركية في إطار هذا التحالف.

وقالت إندونيسيا إنها لن تقدم دعما عسكريا للتحالف العسكري الإسلامي بقيادة السعودية، وكشفت وزيرة الخارجية الإندونيسية "ريتنومرصودي"، أن نظيرها السعودي عادل الجبير تحدث معها في عدة مناسبات حول تلك المبادرة

"لكن لم توضح الرياض كيف ستمضي في هذا العمل"...

وأكد وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين، أن بلاده لن تشارك في التحالف عسكريا، لكنها تتضامن معه ضد التطرف، وقد ذكر بيان التحالف أن ماليزيا من بين الدول المشاركة في التحالف مع 33 دولة أخرى.

ومن ناحية أخرى أعربت وزارة الخارجية الباكستانية عن دهشتها من وجود أسم "باكستان" ضمن التحالف العسكري الإسلامي، وقال وزير الخارجية الباكستاني عزيز تشادوري، أنه مندهش من الأخبار الواردة حول ضم باكستان إلى قائمة الدول المشاركة في التحالف الذي أعلنته السعودية دون علم إسلام آباد. وأشار "تشادوري" إلى أنه كلف السفير الباكستاني في الرياض، للحصول على توضيح من السعودية حول هذا الشأن، مع العلم أن الحكومة الباكستانية تعارض نشر قوات البلاد وخارج حدودها)[9].

من جانب آخر، ومما يضيف الى التحالف العسكري الجديد غرابة، انه لم يضم كل هو من العراق وسوريا اليه، على الرغم انهما من اهم الدول الاسلامية المعنية بمحاربة الارهاب والجماعات المتطرفة، لأنها تتعامل مع الجماعات الارهابية بشكل مباشر، هذا فضلا عن استبعاد ايران عن قائمة التحالف مع ما لها من ثقل اقليمي لا ينكر في هذا المجال، الامر الذي يبعث على الاعتقاد بأن في تشكيل هذا الحلف بعدا طائفيا سياسيا واضحا.

لذلك فقد (واصل الإعلام الإيراني هجومه على التحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنته الرياض لمحاربة الإرهاب، متسائلا عن أهداف التحالف الذي لا تشارك فيه إيران... أما رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" فقد انتقد بدوره الإعلان عن التحالف "دون استشارة" العراق، واصفا ذلك بأنه

"خطأ جوهري" مضيفا: "كيف ينشأ تحالف ضد الارهاب ويستثني منه العراق ولا يتم التعامل مع سوريا، وكيف يتشكل من دول معظمها لا يملك امكانات وقدرات على مواجهة الإرهاب" وفقا لما ذكره مكتبه الإعلامي)[10] .

عقد اخرى يعاني منها التحالف الوليد:

بعد كل هذه المشاكل التي واجهت التحالف في اقل من اسبوع من اعلان تشكيله، لا تزال قائمة الاشكاليات مفتوحة في تقييم نجاحه، وقد اوضح عدد من المفكرين والمحللين هذه الاشكاليات بشكل منطقي لا يمكن تجاهله.

فمن جانبه (يعتقد المحلل المصري راشد أن "التباين الكبير بين الدول المشاركة يجعل من أي تحرك عسكري تحركا عقيما وذلك لاختلاف الرؤى والاتجاهات بين الدول المشاركة، وتساءل قائلا: "لو قام هذا التحالف بإرسال قوات مسلحة للقتال في سوريا فمن ستحارب؟ بشار أم داعش أم النصرة أم جماعات أخرى؟"...

ويرى راشد أن هنالك فرقا كبيرا بين الظروف المحيطة بنشأة التحالف العربي بشأن اليمن والتحالف السني الجديد، فالتحالف العربي تم تشكيله من أجل هدف محدد وهو اليمن، وكان العدو واضحا، كما أن مكان العمليات يتم ضمن نطاق جغرافي واضح، "مثل هذه الأمور لا تتوفر في التحالف الجديد"، وقال راشد إنه "على نطاق أضيق لم ينجح العرب في تشكيل قوات عربية مشتركة وذلك لاختلاف الرؤى" ولذلك فإن نجاح هذا التحالف السني ضمن المعايير والظروف الحالية "هو أمر شبه معدوم")[11] .

كما (أعلن الكاتب المصري الشهير «محمد حسنين هيكل» معارضته للتحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه السعودية... معتبرا أن بعض الدول المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري «من أهم الداعمين لتنظيم داعش الإرهابي» في إشارة محتملة إلى تركيا، التي اتهمتها روسيا بشراء النفط من تنظيم «الدولة الإسلامية» ونقلت عنها وسائل الإعلام المصرية هذه الاتهامات.

وألمح «هيكل» في تغريدة له على موقع «تويتر» إلى أن السعودية اتجهت لتشكيل التحالف الإسلامي «بعد فشل عاصفة الحزم»، معتبرا أن السعوديين قد لجأوا إلى هذا الحل «للخروج من المأزق» بحسب رأيه. وسخر من تشكيل هذا التحالف الإسلامي في تغريده أخرى له بالقول «فلسطين قريبة»، كما ألمح في سلسلة تغريدات الى أن هذا التحالف «بلا رؤية» و «لا تنسيق» أو «آليات محددة»... وفي تغريده أخرى له، تساءل «هيكل» عن «المعايير التي تم من خلالها إنشاء التحالف الإسلامي العسكري؟ وما هي آليته، ومن هو عدوه»، معتبرا أن هذا التحالف الجديد «لم يأت بأرضية مشتركة، ولم يبن على هدف واضح».

كذلك انتقد الحقوقي «حافظ أبو سعده»، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان، والقريب من السلطة التحالف الإسلامي، داعيا الدول أعضاء التحالف لإعلان أن التنظيمات المسلحة في سيناء هي تنظيمات إرهابية وإيقاف كافة أشكال الدعم لها، قائلا إن «قطر لا تعتبرهم إرهابيين»)[12] .

أهم الاعضاء لا يعيرون للحلف اهتماما:

في واقعة اخرى اصابت التحالف المأزوم في الصميم، أُعلنت كل من انقرة والدوحة عن إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر بعد 24 ساعة فقط من إعلان مبادرة السعودية بإنشاء تحالف إسلامي لمواجهة الإرهاب، إذ سارعت كلا الدولتان (للكشف عن إنشاء قاعدة عسكرية تركية في منطقة الخليج لأول مرة منذ انهيار الخلافة العثمانية عام 1920، وقال السفير التركي في قطر "أحمد ديميروك"... إن بلاده ستنشئ قاعدة عسكرية في قطر في إطار اتفاقية دفاعية تهدف إلى مساعدة البلدين على مواجهة “الأعداء المشتركين”.

وفيما تستقوي السعودية بحلفها مع الإمارات وتنسق مع مصر والسودان والمغرب ودول إسلامية أخرى لبناء تحالف إسلامي أوسع لمواجهة الجماعات المتشددة، تبدو الخطوة القطرية كمن يضع العصا في العجلة، ويهدف إلى إعادة دول الخليج إلى مرحلة من الخلافات التي كانت تعصف بعلاقة دول خليجية عدة مع قطر عام 2013 على خلفية دعم الدوحة لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر...

وقال "ديميروك" إن ثلاثة آلاف جندي من القوات البرية سيتمركزون في القاعدة التركية الجديدة، وهي أول منشأة عسكرية تركية في الشرق الأوسط إلى جانب وحدات جوية وبحرية ومدربين عسكريين وقوات خاصة، وأضاف أن القاعدة “متعددة الأغراض” وستكون في الأساس مقرا لتدريبات مشتركة، إلى جانب مئة ندي تركي موجودين حاليا في قطر لتدريب الجيش القطري.

وتابع “تواجه تركيا وقطر مشاكل مشتركة وكلانا قلق للغاية بشأن التطورات في المنطقة والسياسات الغامضة للدول الأخرى. إن التعاون بيننا مهم للغاية في هذا الوقت الحرج بالشرق الأوسط”... وتم الإعلان عن القاعدة بتنسيق تركي قطري كرد فعل على مبادرة التحالف الإسلامي التي قابلتها أنقرة بأسلوبها المعهود المبني على المناورة والإيحاء بالموقف ونقيضه.

وظهر ذلك جليا في تصريحات المتحدث باسم الخارجية التركية "تانجو بلجيج" الذي قال أمس إن "تحالفا مناهضا للإرهاب تقوده السعودية مهم على صعيد التنسيق العسكري والمخابراتي، لكن لا توجد خطط لإنشاء قوة عسكرية تركية في إطار هذا التحالف" ما يعني أن أنقرة تنأى بنفسها عن التحالف.

ولا يبدو أن الأزمة الخانقة التي تعيشها تركيا في علاقتها بروسيا قد عدّلت من نهج الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في إثارة الأزمات وتوسيع قائمة خصومه. وبات مرجحا أن يثير الإعلان التركي القطري غضب دول الخليج، وخاصة السعودية التي تخوض حربا في اليمن لقطع الطريق على التدخل الإيراني فيه، إلى جانب تحركاتها الإقليمية لتقليص النفوذ الإيراني المتزايد في عدة دول أخرى كالبحرين والعراق وسوريا ولبنان)[13].

أسباب خفية لتشكيل التحالف الجديد:

لا ريب ان التحالف الاسلامي العسكري الجديد هذا (قام على هدف فضفاض للغاية غير معرف بالتحديد معناه ولا المقصود به، ناهيك عن كون هذا التحالف العسكري قائم بين مجموعة من الدول غير المتطابقة الرؤية بالأساس في القضايا المتعلقة بالمنطقة كتعريف الإرهاب أو تصنيفات منظماته؛ ففي مصر والسعودية والإمارات على سبيل المثال تصنف جماعة الإخوان المسلمين ككيان إرهابي، بينما تأخذ قطر وتركيا والعديد من الدول الأخرى موقفًا مغايرًا لذلك تمامًا، فهل ستشن كافة هذه الدول حربًا إقليمية على تنظيم الإخوان المسلمين في كل هذه الدول؟

وهو ما يظهر أيضًا في انضمام السلطة الفلسطينية لهذا التحالف رغم أنها تحكم دولة محتلة، دون أن يطرق هذا التحالف لحل هذه القضية التاريخية، بل ضم التحالف هذه السلطة التي لا تستطيع الدفاع عن أرضها إلى تحالف هدفه الحرب على الإرهاب في المنطقة.

أمر تحالف كهذا أعقد من تنظيمه في أقل من 72 ساعة بدون أهداف واضحة ومحددة وآليات عمل يركن إليها وخطوط عريضة للمشاركين فيه، أما أن تجمع عشرات الدول تحت مسمى التحالف العسكري الإسلامي دون كل هذا، فهذه شهادة وفاة مكتوبة لهذا التحالف قبل أن يبدأ؛ لينضم إلى سيل معاهدات الدفاع والتحالفات المشتركة التي تبرمها دول الشرق الأوسط، كاتفاقيات الجامعة العربية التي لم تنفذ حتى اللحظة، أو حتى الاتفاقيات المعنوية لمنظمة العمل الإسلامي التي ترعى تحالفًا كهذا)[14] .

واذ استبعدنا احتمال ان يكون القرار السعودي مليء بالتخبط والاندفاع غير المدروس في اتخاذ القرارات، واذا استبعدنا احتمال ان يكون ولي ولي العهد حريصا على ابراز عضلاته للتغلب على منافسه الامير محمد بن نايف، يبقى الاحتمال الاقرب الى تفسير تشكيل الحلف الاسلامي العسكري هو رغبة السعودية بتلميع صورتها امام العالم، إذ (تهدف إلى مواجهة الحملة الدولية الغاضبة التي تتهم "الوهابية" الأيديولوجيا التي تتبناها المملكة العربية السعودية بالمسؤولية عن نشر "التطرف" حول العالم.

محاولة السعودية محاربة الصورة المُنتشرة عنها كداعمة للتطرف الديني، تتكرر في الأوقات التي تشتد فيها هذه النوعية من الأعمال، فبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر سعى ولي العهد حينذاك الأمير عبد الله -الملك لاحقاً- لتنظيم مؤتمر لمكافحة الإرهاب في الرياض في 2005، ودعا فيه لإقامة مركز لمكافحة الإرهاب يكون مقرّه في الرياض، وتجد هذا الأمر بعد هجمات باريس الأخيرة، وخلال قمة العشرين في أنطاليا التركية، أعاد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز طرح مقترح إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وتحت مظلة الأمم المتحدة كيما يحصل على موافقة الدول الكبرى، وأعلن سلمان عن تبرّع المملكة بمبلغ 110 ملايين دولار دعمًا لتمويل المشروع)[15] .

كما تأتي ورطة السعودية في حملة "عاصفة الحزم" كسبب وجيه يدفعها للإسراع بتشكيل هذا التحالف، وبخاصة ان تشكيله تزامن (مع عدة انتكاسات عسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، خصوصًا بعد واقعة قيام القوة الصاروخية في الجيش اليمني بتوجيه ضربة صاروخية مركزة ودقيقة لمقر قيادة “التحالف” في باب المندب، والتي أسفرت عن تدمير 3 طائرات أباتشي وأكثر من 40 آلية عسكرية و7 عربات و5 مصفحات مدرعة تتبع شركة "بلاك ووتر" وإعطاب منظومتين باتريوت وتدمير مباني مقر قيادة الغزاة ومقتل 23 سعوديًّا و9 إماراتيين و7 ضباط مغاربة بينهم قيادات عسكرية برتب كبيرة، منهم قائد القوات الخاصة السعودية العقيد الركن "عبد الله السهيان"، وقيادات عسكرية إماراتية منها قائد معسكر الغزاة في باب المندب العقيد الإماراتي "سلطان بن هويدان" إضافة إلى مصرع قائد كتيبة مرتزقة بلاك ووتر الأمريكية الكولومبي "كارلا" وبلغت أعداد قتلى هذه العملية 152 قتيلًا)[16] .

وعلى كل حال، وكنتيجة منطقية لكل ما سبق ذكره من المشاكل والاشكاليات التي رافقت ولادة هذا الحلف الجديد، فانه لن يعدو ان يكون سوى زوبعة اعلامية سوف تكلّف المملكة السعودية ملايين الدولارات دون ان تعود عليها بالنفع الفعلي، وسوف تضعف من موقف المملكة امام الرأي العام الاقليمي والعالمي ويؤكد انها تعاني من تخبط سياسي جرّها إليه الجيل الجديد من امرائها الحاكمين. 

------------------------------------------

[1] خبر بعنوان (من هي الدول المشاركة في "التحالف الإسلامي العسكري" ضد الإرهاب بقيادة السعودية؟) نشره موقع قناة فرانس 24 بتاريخ 15/12/2015.

[2] خبر لصحيفة الشرق الاوسط بعنوان (تحالف اسلامي عسكري يضم 34 دولة بقيادة السعودية لمحاربة الارهاب) نشر بتاريخ 20/12/2015.

[3] خبر نشره موقع قناة العربية الاخبارية بعنوان (ترحيب دولي بتشكيل تحالف_إسلامي بقيادة السعودية) في 16/12/2015.

[4] تحليل لموقع تحت المجهر بعنوان (التحالف الإسلامي بقيادة السعودي .. لماذا ؟ وضد من؟) بتاريخ 16/12/2015.

[5] "رويترز" هي وكالة انباء عالمية شهيرة مقرها الولايات المتحدة الامريكية.

[6] مقال نشرته وكالة رويترز للانباء بعنوان (غيوم التشوش تخيم على أجواء التحالف الإسلامي بقيادة السعودية) بتاريخ 16/12/2015.

[7] تقرير بعنوان (لبنان ينقسم بشدة حول عضويته في التحالف الاسلامي) نشره موقع ميدل ايست اون لاين بتاريخ 15/12/2015.

[8] تقرير نشره موقع كلمتي بعنوان (تعرف على الدول التي رفضت الانضمام للتحالف الإسلامي بقيادة السعودية) بتاريخ 16/12/2015.

[9] خبر نشره موقع صوت الامة بعنوان (5 دول تعلن أنسحابها من التحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية) بتاريخ 17/12/2015.

[10] خبر نشره موقع سي ان ان تحت عنوان (حزب الله وحيدر العبادي يهاجمان التحالف الإسلامي بقيادة السعودية ويشككان بقوته ونواياه.. وإيران تواصل حملتها) بتاريخ 17/12/2015.

[11] تقرير نشرته بوابة القاهرة (تقرير الماني يرصد ارباح مصر من التحالف الاسلامي) بتاريخ 17/12/2015.

[12] خبر نشره موقع الخليج الجديد تحت عنوان («هيكل» يهاجم «التحالف الإسلامي» بقيادة السعودية ويعتبره «متخبطا وبلا رؤية») بتاريخ 17/12/2015.

[13] تقرير نشرته صحيفة العرب اللندنية بعنوان (تحالف قطري تركي مقابل التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب) بتاريخ 17/12/2015.

[14] مقال بعنوان (التحالف العسكري الإسلامي ضد من؟) نشره موقع نون بوست بتاريخ 15/12/2015.

[15] تحليل نشره موقع ساسة بوست بعنوان («التحالف الإسلامي العسكري»: مبادرة سعودية للبحث عن القيادة في الشرق الأوسط) بتاريخ 17/12/2015.

[16] المصدر نفسه.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف