البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

April / 8 / 2015  |  1426أمريكا في مأزق (دلائل خطاب نتنياهو في الكونغرس)

حيدر محمد الكعبي المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية آذار 2015
أمريكا في مأزق (دلائل خطاب نتنياهو في الكونغرس)

في سلسلة الحوادث الغريبة المتتالية التي باتت ترسم على المشهد العالمي العديد من المتغيرات السياسية، شهد يوم 3/3/2015 حادثا مهما في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية، وبخاصة في ما يتعلق بسياساتها الخارجية ورسمها لخارطة السياسة العالمية التي طالما تبجحت بأنها صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فيها.

لقد وطئت اقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) منصة البرلمان الامريكي (الكونغرس) ليلقي خطابا امام أعضائه، وهو حادث لم يكن جديدا إطلاقا وان كان فريدا من نوعه، اذ لم يطأ اي رئيس دولة أجنبية هذه المنصة عبر التاريخ الامريكي سوى رجلان هما (ونستون تشرشل) و(بنيامين نتنياهو).

ولكن اللافت للنظر أن صعود (نتنياهو) على منصة الكونغرس هذه المرة لم يأتِ بعد تحصيل الموافقة من الرئيس الامريكي (باراك اوباما)، وهو امر لا بد من الحصول عليه التزاما بالبروتوكول السياسي الامريكي، والأدهى انه جاء رغما عن انف (اوباما) الذي تشير الاخبار والتقارير كلها انه – هو وطاقمه الرئاسي واعضاء حزبه- قد عارض بشدة صعوده لمنصة الكونغرس لالقاء الخطاب، بحيث قاطع حضور الخطاب 60 عضوا من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه الرئيس (اوباما).

هذا وقد جاء خطاب (نتنياهو) في وقت يشهد العالم فيه تحولات حساسة اهمها: قرب ابرام اتفاق نهائي بين الحكومتين الامريكية والايرانية حول برنامجها النووي، وقرب موعد الانتخابات العامة الخاصة بالكيان الاسرائيلي، فضلا عن الاحداث الساخنة التي يمر بها الشرق الاوسط، كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن.

ان الاسباب المعلنة لخطاب (نتنياهو) هذا جاء على خلفية تقارب بين حكومة (اوباما) والحكومة الايرانية في عقد صيغة نهائية لاتفاق يمنح ايران حق تخصيب اليورانيوم بنسبة محددة تكفي لانتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية فحسب، وهو أمر يجعل ايران ثاني دولة نووية في المنطقة بعد اسرائيل، وهو أمر لم يكن الكيان الصهيوني ليسمح به اطلاقا، إذ يعده خطاً احمرا لا يسمح به لأقرب حلفائه في المنطقة كدول الخليج مثلا.

لذا فان محور خطاب (نتنياهو) كان منصبّا على خطر ايران الذي يهدد الدولة الاسرائيلية وامريكا في الوقت نفسه، وقد استدعى (نتنياهو) في خطابه كل الامثلة التاريخية القديمة لكي ينفخ في أتون الخوف الامريكي من ايران، مما يستدعي الضغط على حكومة (اوباما) لنقض اي اتفاق يخول ايران حق تخصيب اليورانيوم من اساسه خلال هذه المرحلة.

لقد جاء هذا الخطاب ليترجم بوضوح اثر التقاطع في وجهات النظر بين الرئيس الامريكي وحزبه الديمقراطي والحكومة الاسرائيلية ومعها الحزب الجمهوري بشكل لم يسجل له التاريخ شبيها له، وهي حالة تحتاج بحد ذاتها الى دراسة في الاسباب الموجبة لمثل هذا التقاطع.

ولكن – كالعادة – لم يكن ثمن الاهانة التي وجهها الرئيس الاسرائيلي للرئيس الامريكي سوى تصريحات استنكارية باردة اطلقها (اوباما) وطاقمه السياسي، لا تمس جوهر العلاقات الوطيدة بين الحكومتين، ولم تخفف من ثقل الدور الامريكي الراعي للكيان الاسرائيلي على طول الخط.

ولكن التداعيات التي اعقبت الخطاب كانت لافتة للنظر، فقد عمد الحزب الجمهوري – الذي سمح لنتنياهو بالخطاب ودعمه بشدة – الى ارسال رسالة الى الحكومة الايرانية يؤكد فيها ان الكونغرس سوف يعمد الى الغاء اي اتفاق شامل بين الرئيس الامريكي وايران حول برنامجها النووي بمجرد انتهاء مدة حكم الرئيس (اوباما)، وهي سابقة خطيرة في تاريخ السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وقد علق عليها كبير المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي قائلا: (إن هذه الرسالة تعد تاريخية على مستوى العلاقات الدولية، عندما يطالب اعضاء في برلمان دولة ما؛ دولة أخرى بعدم الثقة بدولتهم وحكومتهم... إن هذا الامر يدل على مدى حيرة اعضاء الكونغرس الامريكي حيث يدفعهم الكيان الصهيوني لهكذا خطوات، وخاصة بعد خطاب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو؛ ويعكس ايضا مدى قدرة الدبلوماسية الايرانية التي اوجدت هذه الحيرة وهذا الشرخ في النظام الامريكي)[1] .

قبسات من خطاب نتنياهو

في البدء لا بد من الاشارة الى انه على طول زمن الخطاب الذي استغرق 40 دقيقة، كان الجمهوريون في مجلس الشيوخ الامريكي يقاطعون (نتنياهو) في كل مقطع من حديثه بموجات عاصفة من التصفيق والتأييد بشكل لم يحضَ به أي رئيس من رؤساء الولايات المتحدة انفسهم عبر التاريخ الامريكي كله.

وفي بداية الخطاب لم يفت (نتنياهو) الاشادة بمواقف (اوباما) الداعمة لاسرائيل، في خطوة تدل على محاولته لتخفيف الازمة التي افتعلها بسبب اصراره على الخطاب في الكونغرس رغما عن الرئيس الامريكي وحزبه.. وبعد ان ينتهى من سرد كلمات العرفان، يعلن بوضوح عن سبب خطابه في الكونغرس، وهو الوقوف بوجه (سعي  إيران لامتلاك أسلحة نووية)، ولكي يدعم مزاعمه يقتبس حوادث تاريخية قديمة تدغدغ مشاعر المؤمنين بالعقيدة اليهودية الرائجة، وبخاصة اعضاء الحزب الجمهوري الذين يشكلون غالبية مجلس الشيوخ الراعي للخطاب، فيقول: (نحن أمة عريقة  تعود إلى  ما يقرب من أربعة آلاف عام من التاريخ، كثيرون حاولوا مراراً تدمير الشعب اليهودي.

غداً ليلاً، في إجازة عيد البوريم اليهودي، سوف نقرأ سفر "أستر"، سوف نقرأ عن "هامان" نائب الملك الفارسي القوي، الذي خطط لتدمير الشعب اليهودي منذ حوالي 2500 سنة، لكن المرأة اليهودية الشجاعة الملكة "أستر" أوقفت المخطط وأعطت الشعب اليهودي الحق في الدفاع عن أنفسهم ضد أعدائهم.. أحبطت المؤامرة وأنقذ شعبنا.

يواجه اليوم الشعب اليهودي محاولة أخرى من حاكم فارسي آخر لتدميرنا، يخرج المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامئني الكراهية القديمة، أقدم كراهية من المعادين للسامية، مستخدماً التكنولوجيا الحديثة، كتب تغريدة يقول فيها إن إسرائيل يجب أن تباد.. أنتم تعرفون، في إيران لا يوجد بالفعل حرية على الإنترنت، لكنه كتب تغريدته بالإنجليزية: ان إسرائيل يجب أن تدمر).

ولكي ينقل (نتنياهو) شعور الفزع للرأي العام الامريكي، خاطب كل الامريكيين الذين قلّ تعاطفهم مع اسرائيل مؤخرا عقب المجزرة التي ارتكبها (نتنياهو) في غزة فقال: (النظام الإيراني ليس مجرد مشكلة يهودية كما لم يكن النظام النازي مشكلة يهودية، لقد كان الـ 6 ملايين يهودي الذين قتلوا على أيدي النازيين جزءا بسيطا من 60 مليون نسمة قتلوا في الحرب العالمية الثانية، لذلك أيضاً، النظام الإيراني يمثل خطرا عميقا ليس فقط على إسرائيل، لكن أيضاً على السلام في العالم أجمع، ولإدراك مدى خطورة إيران إذا امتلكت أسلحة نووية، يجب أن نفهم تماماً طبيعة هذا النظام... الوثيقة المؤسسة لأمريكا تعد بالحياة والحرية والسعي إلى السعادة، أما وثيقة تأسيس إيران فهي تتعهد بالموت والطغيان والسعي إلى الجهاد...

إيران احتجزت العشرات من الرهائن الأمريكيين في طهران، وقتلت المئات من الجنود الأمريكيين المارينز، في بيروت، وكانت إيران مسؤولة عن قتل وتشويه آلاف الرجال والنساء من العسكريين الأمريكيين في العراق و أفغانستان...

النظام الإيراني متطرف كما كان دائماً، هتافاته بـ"الموت لأمريكا" وتسميتهم أمريكا بـ "الشيطان الأعظم" مازال صوتها عاليا كما كانت دائماً... هذا لا يجب أن يدعو للدهشة، لأن أيدولوجية النظام الثوري الإيراني متجذرة بعمق في الإسلام المتشدد، ولذلك هذا النظام سيكون دائماً عدواً لأمريكا).

ثم يتطرق (نتنياهو) للموضوع الاساس من خطابه، وهو مسألة الاتفاق النووي الذي يسمح لايران بتخصيب اليورانيوم للطاقة السلمية فيقول: (في ظل غياب أي تغيير دراماتيكي، فإننا متأكدون من أن أي اتفاق سيشمل تنازلين رئيسين لصالح إيران، التنازل الأول سيترك إيران بحوزتها بنية تحتية نووية كبيرة، ويمنحها وقتا مستقطعا قصيرا للحصول على قنبلة. والوقت المستقطع هو الوقت الذى تحتاجه لحشد ما يكفي من اليورانيوم والبلاتنيوم لصناعة قنبلة نووية، ووفقا للاتفاق لن تزال أي منشآت نووية، وقد تستمر ألاف الطاردات المستخدمة لتخصيب اليورانيوم في العمل، وقد يفصل ألاف منها بشكل مؤقت عن العمل لكنها لن تدمر.

لأن برنامج إيران النووي سيترك مصونا دون أن يمسه أحد، فإن الوقت المستقطع الذى ستحتاجه إيران (لإنتاج أسلحة نووية) سيكون قصيرا للغاية، وتقدره الولايات المتحدة بعام بينما تقدره إسرائيل بأقل من ذلك، وإذا استخدمت إيران طاردات تخصيب متطورة وسريعة دون توقف عن العمل فإن الوقت المستقطع الذى ستحتاجه سيكون قصيرا للغاية.. قصير جدا).

وأضاف قائلا: (صحيح أن قيودا محددة ستفرض على برنامج إيران النووي، وإلتزام إيران بتلك القيود سيكون تحت إشراف مفتشين دوليين، لكن هناك مشكلة، فالمفتشون الدوليون يوثقون الانتهاكات لكنهم لا يوقفونها.

عرف المفتشون متى وصلت كوريا الشمالية إلى مرحلة تصنيع قنبلة نووية، لكنهم لم يوقفوا أي شىء، أغلقت كوريا الشمالية الكاميرات وطردت المفتشين، وخلال سنوات قليلة حصلت على قنبلة نووية، الآن نحن نعرف أنه خلال خمس سنوات سيكون لدى كوريا الشمالية ترسانة من 100 قنبلة نووية.

إيران مثل كوريا الشمالية لم تمتثل للمفتشين الدوليين، وقد حدث ذلك في ثلاث مناسبات متفرقة في 2005 و2006 و2010 عندما كسرت إيران الأقفال وأغلقت الكاميرات).

ثم يعود (نتنياهو) ليثير في خطابه مخاوف الرأي العام الامريكي من خطر ايران في حالة امتلاكها للطاقة النووية اذ يقول: (أكد صديقي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذى اعرفه منذ وقت طويل، أن إيران يمكنها أن تمتلك بشكل شرعي طاردات تخصيب هائلة عندما تنتهي مدة الاتفاق.. أريدكم الآن أن تفكروا في الأمر، إن أبرز راعي للإرهاب العالمي يمكنه ان يمتلك خلال أسابيع اليورانيوم المخصب الكافي لترسانة  كاملة من الأسلحة النووية، وذلك في ظل غطاء كامل من الشرعية الدولية.

وبالمناسبة، إذا لم تكن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات جزء من هذا الاتفاق -وحتى الآن ترفض إيران أن تضع هذا الموضوع على مائدة المفاوضات- ستصبح إيران قادرة على إيصال تلك الترسانة النووية إلى أبعد الأماكن على الأرض بما فيها كل مناطق الولايات المتحدة).

ثم يعرج (نتنياهو) الى مخاوف اخرى تحفر عميقا في ذهنية الكيان الاسرائيلي في الشرق الاوسط، وهي أن مشروعية تحوّل ايران الى بلد نووي سوف يفتح الباب أمام كل دول المنطقة للمطالبة به كحق من الحقوق المشروعة، ولعله اخطر النتائج اذا اخذت بنظر الاعتبار امتلاك دول الخليج ذات التطرف العقائدي لمثل هذه القوة، يقول (نتنياهو): (جيران إسرائيل – جيران إيران يعرفون أن إيران ستصبح اكثر عدوانية وسترعى المزيد من الإرهاب عندما يصبح اقتصادها غير مقيد وطريقها ممهد إلى امتلاك قنبلة نووية.

العديد من هؤلاء الجيران يقولون أنهم سيردون بالتسابق إلى امتلاك أسلحة نووية، لذا فإن هذا الاتفاق لن يغير إيران إلى الافضل، إنه فقط سيغير الشرق الأوسط إلى الأسوأ، اتفاق من المفترض ان يحد من انتشار الاسلحة النووية سيؤدي إلى إشعال سباق تسلح نووي في اكثر مناطق الكوكب خطورة).

بعدها يعرض (نتنياهو) على طريقته حلولا بديلة للاتفاق النووي مع ايران - وهي حلول قابلها اعضاء الكونغرس بشحنة عاصفة مميزة من التصفيق- اذ يقول: (جئت هنا اليوم لأخبركم أننا لا يجب أن نراهن بأمن العالم أملا في ان تتغير إيران للأفضل. لا يجب علينا أن نقامر بمستقبلنا ومستقبل أطفالنا، يمكننا أن نصمم على استمرار فرض عقوبات على برنامج إيران النووي وليس رفعها طالما إيران مستمرة في عدوانها على المنطقة والعالم، قبل رفع تلك العقوبات على العالم ان يطلب من إيران ثلاثة أمور:

الأول: وقف عدوانها على جيرانها في الشرق الأوسط.

ثانياً: توقفوا عن دعم الإرهاب حول العالم.

وثالثاً: توقفوا عن التهديدات بإبادة دولتي إسرائيل، الدولة اليهودية الأولى والوحيدة.

لو أن القوى العالمية غير مستعدة لتغير سلوك إيران قبل توقيع الإتفاقية، فعلى الأقل يجب أن يصروا على أن تغير إيران سلوكها قبل أن تنتهي مدة الإتفاقية.. لو غيرت إيران من سلوكها سترفع القيود، أما إذا لم تغير سلوكها فستظل القيود كما هي).

واخيرا ينهي (نتنياهو) كلمته بخاتمة مسرحية مستوحاة من التراث اليهودي الذي يؤثر كثيرا في العقلية الغربية فيقول: (معنا اليوم الناجي من الهلوكوست[2]  والفائز بجائزة نوبل (إيلي فيزيل).

(إيلي): حياتك وأعمالك تلهم وتعطي معنى لكلمة: "لن يحدث هذا مرة أخرى". وأتمنى أن أكون قادراً على وعدك (إيلي)، بأننا تعلمنا من دروس التاريخ، استطيع فقط أن أناقش قادة العالم في ألا نكرر أخطاء الماضي. ليس بالتضحية بالمستقبل من أجل الحاضر؛ ليس بتجاهل العدوان أملاً في سلام وهمي، لكن أستطيع أن أضمن لك هذا: إن الأيام التي ظل فيها الشعب اليهودي سلبياً في مواجهة أعداء الإبادة الجماعية، هذه الأيام قد ولّت.

لم نعد مشتتين بين الأمم بلا قوة لحماية أنفسنا، لقد استعدنا سيادتنا على وطننا القديم، والجنود الذين يحمون وطننا يتمتعون بشجاعة بلا حدود، لأول مرة منذ 100 جيل، نحن الشعب اليهودي نستطيع حماية أنفسنا.

لهذا السبب.. لهذا السبب، كرئيس لوزراء إسرائيل أستطيع أن أعدك بأمر آخر: حتى لو وجب على إسرائيل الوقوف وحيدة، ستقف إسرائيل.

لكني أعلم أن إسرائيل لا تقف وحيدة، أعرف  أن أمريكا تقف بجوار إسرائيل.

أنتم تقفون بجانب إسرائيل لأنكم تعرفون أن القصة ليست فقط قصة الشعب اليهودي، لكنها متعلقة بالنفس البشرية التي ترفض مرة أخرى وأخرى الخضوع لمخاوف التاريخ.

تواجهني الآن في هذه اللوحات، وتنظر إلينا في هذه الغرفة صورة موسى، قاد موسى شعبنا من العبودية إلى أبواب الأرض الموعودة. وقبل دخول شعب إسرائيل إلى أرض إسرائيل، أعطانا موسى رسالة زادت من عزمنا لآلاف السنين، أترككم مع هذه الرسالة اليوم: "كونوا أقوياء وحازمون، لا خوف منهم ولا رهبة")[3] .

اثر الخطاب.. التوتر السياسي هو الابرز

تناولت العديد من القنوات الاعلامية الغربية حادثة خطاب (نتنياهو) في الكونغرس، ولكن الغريب انها لم تركز على مضمون الخطاب بقدر تركيزها على اثر الخطاب في طبيعة العلاقات بين الرئيس الامريكي وحكومة اسرائيل، وذلك نظرا لهتك البروتوكول الامريكي المتبع لإلقاء الخطاب على منصة الكونغرس.

وكدليل على ذلك فقد نشرت الوكالة الاخبارية للانباء خبرا جاء فيه: (تصاعدت حدة الخلاف العلني بين البيت الأبيض الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن نية الأخير إلقاء خطاب أمام الكونغرس الأسبوع المقبل.

وكان الحزب الجمهوري، بزعامة رئيس مجلس النواب الامريكي (جون باينر) قد وجه دعوة الى نتنياهو للتحدث أمام الكونغرس، وهو يتفق معه في معارضته إبرام صفقة مع إيران. وقد أثارت الدعوة حنق البيت الأبيض باعتبارها تجاوزاً لبروتوكول معتمد ينص على إبلاغ الرئيس باراك أوباما أولاً.

وشكك وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) علانية في قدرة نتنياهو على الحكم على قضية برنامج إيران النووي، بينما عد مسؤولون بإدارة الرئيس أوباما أن استنكاره الصريح لجهود التوصل الى اتفاق مع طهران بهذا الصدد أقحم التحزب بالعلاقات الأمريكية –الإسرائيلية المتوترة أصلاً في الآونة الأخيرة.

وأعلن مزيد من نواب الحزب الديمقراطي أنهم سيتغيبون عن جلسة الثلاثاء المقبل التي سيلقي فيها نتنياهو خطابه، في حين أعلن البيت الأبيض أن أوباما لن يستقبله، كما أنه لن يحضر الخطاب الذي سيتغيب عنه أيضا نائب الرئيس الذي يرأس عادة جلسات الكونغرس من هذا النوع...

وشن نتنياهو في خطاب ألقاه في مستوطنة معالي أدوميم القريبة من القدس، أمس الأربعاء، هجوماً لاذعاً على الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الآخرين التقليديين، وقال نتنياهو "يبدو أنهم (الحلفاء) قد تخلوا عن التزامهم وقبلوا أن إيران ستطور تدريجياً وخلال سنوات قليلة قدرات لإنتاج مواد لتصنيع العديد من الأسلحة النووية".

وتابع قد يقبلون ذلك لكنني لست على استعداد لقبوله، أنا أحترم البيت الأبيض وأحترم الولايات المتحدة، لكن في قضية مصيرية كهذه من شأنها أن تقرر وجودنا من عدمه، فإن من واجبي أن أفعل كل ما في وسعي لدرء هذا الخطر الكبير على دولة إسرائيل.

وفي سياق التراشق اللفظي بين الجانبين، قال وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) إن: نتنياهو ربما يكون على خطأ. وأضاف في جلسة استماع أمام الكونغرس إن لدى نتنياهو حكماً على الأمور "قد لا يكون صحيحاً إزاء موضوع" ملف إيران النووي.

ووصف كيري نتنياهو بأنه كان قصير النظر بشكل كبير وتحدث صراحة عن أهمية غزو العراق في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، وجميعنا نعلم ماذا حدث جراء ذلك القرار.

وكانت مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس قد قالت أول أمس الثلاثاء إن: قبول نتنياهو دعوة لإلقاء خطاب أمام الكونغرس من دون موافقة البيت الأبيض سيكون له أثر مدمر على العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، وأشارت رايس الى أن العلاقات الأمريكية مع (إسرائيل) كانت موضع تجاذب على الدوام بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكن الدعوة لإلقاء الخطاب تخرق ذلك التقليد وتعطيها طابعا سياسيا)[4] .

هل تصدق مزاعم نتنياهو؟

ان الكلمات التي اطلقها (نتنياهو) حول نتائج الاتفاق المزمع تبلوره بين الغرب وايران والتي وصفها بانها كارثية قد لاقت تفنيدا من عدد كبير من المحللين والساسة الكبار، إذ يرون فيها مبالغات كبيرة ومحاولات لخداع الرأي العام لدفع الولايات المتحدة الى المزيد من الصدام مع ايران، ففي (مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة "رويترز" عشية خطاب نتنياهو، اتهم الرئيس الأمريكي رئيس الوزراء الإسرائيلي بالافتقار إلى المصداقية، ووفقاً لما قاله أوباما "لقد قدّم نتنياهو الكثير من الإدعاءات منها إن هذا الاتفاق سيكون مروعاً، وسيؤدي إلى حصول إيران على إعفاء بقيمة 50 مليار دولار، وأن إيران لن تلتزم بالاتفاق، ولم يتحقق شيء من هذه الإدعاءات..". وأضاف: "تبيَّن في حقيقة الأمر أننا لم نر خلال هذه الفترة إيران تمضي قدماً في برنامجها النووي، بل قلصت في جوانب كثيرة عناصر من برنامجها النووي"...

عاصفة الانتقادات والاستياء والتحذيرات من العواقب السلبية لخطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي امتدت إلى إسرائيل، حيث أكد زعيم حزب العمل الإسرائيلي المعارض، يتسحاق هيرتسوغ "ان خطاب نتنياهو لن يؤثر في موقف الإدارة الأمريكية من الاتفاق مع إيران، ولكنه يعمق الشقاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، الأمر الذي سيدفع مواطنو دولة إسرائيل جميعهم ثمنه". وبدورها وصفت زعيمة حزب "ميرتس" اليساري، زهافا غالئون، خطاب نتنياهو بأنه "خطاب تخويف كاذب يعكس اليأس وانعدام الأمل")[5] .

و (بعيداً عن ردود الفعل السياسية المباشرة على خطاب نتنياهو، يتفق غالبية الخبراء المختصين في الشأن النووي على أن نتنياهو يحاول أن يلوي عنق الحقائق، ومن بين هؤلاء الخبراء البروفسور الإسرائيلي (أفنر كوهين) المتخصص بأبحاث الانتشار النووي في معهد الدراسات النووية في مونمري- كاليفورنيا ومؤلف كتاب "إسرائيل والقنبلة".

(كوهين) كتب مقالة في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بتاريخ 3/3/2015 فنَّد فيها كل ما جاء في كلمة نتنياهو أمام الكونغرس، واعتبر أن ما جاء فيها "ثمرة فجة لسياسة لا تعي ذاكرة أمريكا مثيلاً لها من قبل، وهو وليد خطيئة العلاقة بين رئيس الكونغرس الجمهوري الذي يمقت رئيسه، وزعيم دولة أجنبي مغرور لا يتردد قبل أسبوعين من الانتخابات في بلاده في استغلال الكونغرس لأغراض انتخابية، وعرابا هذه الفضيحة - رئيس الكونغرس ورئيس الوزراء الإسرائيلي- لا يترددان في تجاهل قواعد المسموح والممنوع في السياسة الأمريكية، وفي العلاقات بين الدولتين الحليفتين..".

ويستعرض (كوهين) في مقالته إيجابيات الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه بين مجموعة الدول الست الكبرى وطهران في رد على إدعاءات نتنياهو، ومن تلك الإيجابيات أنه ينشئ نظام رقابة دولية شفافة، ويبعد إيران عن امتلاك قنبلة ذرية، ويلزمها بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

ايجابيات لم تكن كافية كي يتمتع خطاب نتنياهو بالموضوعية، لأنه حسب البروفسور كوهين "الاتفاق المطروح ليس سيئاً بالنسبة لإسرائيل، الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، لكنه سيء جداً بالنسبة لنتنياهو لأنه ينزع منه علة وجوده كزعيم". ويوضح  كوهين في ختام مقالته أن نتنياهو استمد زعامته من تخويف الإسرائيليين من مخاطر وجودية مزعومة تتهددهم)[6] .

اسباب الخلاف بين اوباما ونتنياهو:

لم يكن الخلاف الذي عبر عنه خطاب الرئيس الاسرائيلي في الكونغرس هو بداية التقاطع بين (اوباما) و(نتنياهو)، بل له جذور امتدت على طول مدة حكم الرئيس الامريكي، فمنذ (وصوله إلى البيت الأبيض مطلع عام 2009 تميّزت العلاقة بين أوباما ونتنياهو بالتوتر والتنافر، وقد زادها سوءاً تصرفات نتنياهو التي وصلت إلى توجيه إهانات بالغة لأوباما من دون خشية من أي تداعيات، ومنها: أفشل نتنياهو بشكل واضح جهد الوساطة الأميركية في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية بما في ذلك جولات كيري الأخيرة، عبر الإصرار على تكثيف الاستيطان، ولم يعد أوباما يثق به. ومع ذلك لم يقم الأخير بأي خطوة تتضمن نوعاً من التعبير عن عدم الرضى فضلاً عن الضغط على إسرائيل بصورة فعلية.

أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل في آذار 2010 فاجأته حكومة نتنياهو بالإعلان عن عطاء لبناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية؛ ما اعتبرته الولايات المتحدة حينئذٍ إهانة لنائب الرئيس الذي كان في زيارة لدفع عجلة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية قدماً وللضغط على إسرائيل لتجميد بناء المستوطنات.

ألقى نتنياهو خطاباً في الكونغرس، في أيار 2011 بدعوة من قيادة الحزب الجمهوري، وتحدى فيه الرئيس أوباما وطرح لاءات كثيرة تعارض إدارته، وقد كان الفارق بين خطابي 2011 و2015 هو أنّ أوباما التقى نتنياهو في المرة السابقة، في حين رفض مقابلته هذه المرة بحجّة عدم التأثير في نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة، كما أنّ أعضاء الحزب الديمقراطي كلهم حضروا خطاب نتنياهو عام 2011، في حين قاطع خطابه هذه المرة نحو ستين عضواً...

كسر نتنياهو الأعراف الدبلوماسية أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة عام 2012، وذلك عندما تدخل لمصلحة المرشح الجمهوري ميت رومني ضد أوباما.

لم تكتف حكومة نتنياهو خلال العام الماضي بإفشال جهد وزير الخارجية جون كيري لإحياء عملية السلام والتوصل إلى اتفاق إطار فلسطيني - إسرائيلي في موعد أقصاه نيسان 2014، بل تهجّم المسؤولون الإسرائيليون أيضاً على الوزير الأميركي شخصياً، واتهموه بأنّ همّه يتركّز على الحصول على جائزة نوبل للسلام على حساب إسرائيل)[7] .

وربما يعزى سبب هذا الخلاف الى طبيعة السياسة الامريكية التي انتهجها (اوباما) والتي تتبع منهج التخفيف من اعباء الاثقال الاقتصادية والسياسية التي تكبدتها الولايات المتحدة عشية تدخلها المباشر في الشرق الاوسط، وفي هذا الصدد نشرت صحيفة الشعب اونلاين الصينية مقالا جاء فيه: (منذ بداية فترة الولاية الثانية للرئيس اوباما في عام 2012، بدأت امريكا بضبط استراتيجيها العالمية، بما في ذلك خفض درجة التدخل الامريكي في الشرق الاوسط... والانسحاب من العراق وافغانستان، والتركيز على انهاء الاعمال العدائية مع ايران، وإعادة التوازن الى السياسة الامريكية في الشرق الاوسط. وفي عام 2013، اغتنم اوباما فرصة فوز رجل الدين المعتدل حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية للإعلان على الملأ في الجمعية العامة للأمم المتحدة والاعتراف بحق ايران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وأن امريكا ليس لديها نية لتغيير النظام في ايران، كما اجرى الرئيس الامريكي والإيراني محادثة هاتفية، وشهدت محادثات النووية الايرانية في نوفمبر ذلك العام انفراجا، وسمحت امريكا لإيران الحفاظ على قدرات دورة الوقود النووي لها تحت اشراف دولي، ويمكن لإيران بعد مرور عشر سنوات تصنيع وانتاج الوقود النووي. في حين أن اسرائيل تعارض بشدة سياسة اوباما اتجاه الازمة النووية الايرانية، ونبه نتنياهو اوباما مرارا وتكرارا برفضه هذه السياسة. وكانت لقاءات اوباما مع نتنياهو تعيسة ومتناثرة...

بالإضافة إلى ذلك، فإن اوباما ونتنياهو لديهما حسابات سياسية خاصة بهما. فبعد أن خسر الديمقراطيون مقاعد عديدة في مجلسي النواب والشيوخ، لم يرغب اوباما في أن يتحول الى "بطة عرجاء"، وإنما يحاول أن يترك لنفسه وللديمقراطيين ارثا سياسيا مهما، أولا: اصلاح نظام الرعاية الصحية، ثانيا: انهاء الاعمال العدائية مع ايران...

يتطلع نتنياهو الى أن يقيد الكونغرس الامريكي - الذي يسطر عليه الجمهوريون- اوباما، وإجهاض الاتفاق النهائي بشأن المحادثات النووي الايرانية، ومع ذلك فإن ادارة اوباما لم تتأثر مباشرة، وانتقدت مستشارة الأمن القومي الأمريكي، سوزان رايس علنا موقف نتنياهو بشأن القضية النووية الايرانية واعتبرته " غير واقعي"، واتهمت زيارته لواشنطن بدون دعوة أوباما بـ" التدمير". كما تجاهل الرأي العام الامريكي خطاب نتنياهو واعتبره البعض بأنه اهانة للذكاء الامريكي)[8].

ان خطاب نتنياهو في الكونغرس جاء تتويجا لقمة الخلاف بينه وبين اوباما، وهو تتويج يعد الاكثر جرأة في التحدي والاهانة لرئيس الدولة العظمى، مما يجعلنا نتساءل بصراحة: هل سيرد الرئيس الامريكي على الاهانة؟

ان المعطيات التاريخية للعلاقات الامريكية الاسرائيلية تؤكد أن لا رد فعلي على التجاوزات الاسرائيلية الاخيرة، فطوال مدة حكمه السابقة (لم يقم أوباما بممارسة أي ضغط على حكومة نتنياهو ولم يتخذ أي خطوة ضدها. والجديد في الحالة الأخيرة، أن نتنياهو قام بخطوة سافرة للضغط على إدارة أوباما وإحراجها علناً في عقر دارها.

وبناء عليه، لم تكن الإهانة الأخيرة التي وجهها نتنياهو لأوباما، والتي وصفها مسؤول رفيع في البيت الأبيض بأنها "بصقة في وجهنا على رؤوس الأشهاد" إلا حلقة في سلسة طويلة لم تبلغ مداها بعد. فما دامت نسقية العلاقات الأميركية - الإسرائيلية على حالها، وما دامت إسرائيل غير عابئة بأي ردّ أميركي محتمل على إهاناتها المتكررة، فإنّ حكومة نتنياهو لا تشعر بأي داعٍ لتغيير سلوكها؛ فهذه الحكومة، يبدو أنها ما زالت تراهن على الحماية التي يوفرها لها أصدقاؤها في الكونغرس واللوبي الإسرائيلي، واليمين الأميركي المستعد دائماً للتدخل لحمايتها من تداعيات أي تطاول على رئيس الولايات المتحدة أو حتى تهديد مباشر لمصالح الولايات المتحدة....

من الواضح أنّ العلاقات الأميركية  الإسرائيلية تمرّ بمرحلةٍ غير مسبوقة من التوتر، ولكن ينبغي أيضاً عدم الذهاب بعيداً في الحديث عن انتهاء التحالف الوثيق الذي يجمعهما. فعلى الرغم من تلميحات صدرت عن البيت الأبيض بأنّ إدارة أوباما قد تعاقب إسرائيل عبر رفع الحصانة القانونية عنها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإنّ الواقع يكذب هذه النيات. ففي الوقت الذي كانت فيه مستشارة الأمن القومي سوزان رايس تندّد بقبول نتنياهو لدعوة إلقاء خطابٍ في الكونغرس، كان كيري يقدّم مرافعةً دفاعيةً عن إسرائيل في "مجلس حقوق الإنسان" في جنيف، متهماً المجلس بـ "الهوس" بما وصفه "مزاعم" ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان.

وعلى الرغم من أنّ البيت الأبيض قرّر عدم إيفاد مسؤولين "رفيعين جداً" مثل نائب الرئيس الذي اعتاد أن يحضر مؤتمر اللوبي الإسرائيلي "إيباك" في واشنطن، فإنه أوفد سوزان رايس وكذلك السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سمانثا باور، ليؤكدا مرة أخرى على عمق العلاقات الخاصة التي تربط بين الولايات المتحدة وإسرائيل)[9] .

خطاب إنقاذ أم دعاية انتخابية؟

ان التفسير الأقرب الذي يكشف عن السبب الحقيقي للمغامرة السياسية التي قام بها (نتنياهو) في الكونغرس الامريكي تتعلق بالحرب الانتخابية الاسرائيلية التي ينوي كسبها بشدة، لذلك نجد انه (قبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية في إسرائيل طرح نتنياهو نفسه على الناخب “الإسرائيلي” من بوابة الكونغرس الأمريكي كمخلص وبطل قومي فهو “موفد عن جميع مواطني إسرائيل ومجمل الشعب اليهودي” و”قلق على أمن جميع مواطني إسرائيل ومصير بلادنا وشعبنا”.. وهو ذاهب إلى الكونغرس في “مهمة تاريخية وحاسمة للشعب اليهودي”.. لكن قراءة سريعة لتحركاته الميدانية التي سبقت توجهه الى واشنطن بسويعات تفنّد طرحه هذا وتؤكد أن وصوله لبطاقة الناخب “الإسرائيلي” هو محركه الحقيقي قبل أي شيء آخر، فقد زار نتنياهو – يوم السبت – “حائط المبكى” (حائط البراق) للصلاة معتمراً قلنسوته سوداء، ووضع يديه على الحائط للصلاة قبل أن يدلي بتصريحات لعدد كبير من الصحافيين الموجودين في المكان تسير باتجاه ترسيخ صورته كقائد “استثنائي” و”تاريخي” و”كبطل قومي” (يعبر) الأطلسي في “مهمة تاريخية وحاسمة”.

لدى عودته من واشنطن استمر نتنياهو ببث رسائله الانتخابية التي تخدم ترسيخ صورته كـ”بطل وطني” بل ومنتصر في هذه المرة فقد أكد نتنياهو فور عودته ان ردود الفعل التي حصل عليها من الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة كانت مشجعة جداً، وقد “باتوا يدركون بصورة أفضل الأسباب التي تجعل الاتفاق المتبلور بين إيران والغرب سيئاً”...

في تل أبيب نُظر لخطاب نتنياهو كرهان في السياسة الداخلية الإسرائيلية، وتراوحت ردود الفعل بين الدعم من قبل أعضاء حزب نتنياهو وشخصيات يمينية أُخرى، طالبت بدعم نتنياهو وسوقت له كـ”خطاب تاريخي من شأنه أن يُغير مصيرنا”، فيما وقف قادة الوسط واليسار ضد الخطاب وشنوا حملات إعلامية حامية ضده، ولكن الأمر اللافت فعلاً كان وقوف قادة أمنيين سابقين ضد نتنياهو وخطابه واتهامه بـ”العمى الاستراتيجي”، وفي جميع الأحوال فإن السجال حول الخطاب وتبعاته صب في المحصلة النهائية في مصلحة نتنياهو بشكل غير مباشر، فهو زاد في الحقيقة من تواتر ذكر نتنياهو في وسائل الإعلام قبيل الاقتراع بفترة بسيطة، وفي الدعاية فإن التكرار أحد أهم مرتكزات النجاح في الإقناع، بمعنى أن تكرار ذكر اسم نتنياهو يرسخ حضوره في ذهن الناخب عند عملية الاقتراع وتكتسب هذه النقطة أهمية إضافية لدى البحث في كسب أصوات الناخبين المترددين)[10] .

وبالفعل، فقد حقق نتنياهو ما يطمح اليه، واثمرت الخطوة التي قام بها في امريكا بفوزه في انتخابات اسرائيل التي اقيمت في 17/3/2015، وذلك خلافا للتوقعات، إذ أن آخر استطلاعات الرأي التي نشرت نتائجها قبل أربعة أيام من بدء التصويت أظهرت أن الاتحاد الصهيوني متقدم بفارق أربعة مقاعد على ليكود.

هل هي مسرحية متفق عليها؟

مع كل التأكيد على واقعية الخلاف السياسي المحتدم بين الحزبين الأمريكيين حول موقف الولايات المتحدة من ايران، لا بد من أن لا ننسى الاحتمالات غير المعلنة من هذه الواقعة، وفي هذا المجال يسجل الكاتب طلال ياسر ملاحظات جديرة بالاهتمام في مقال له بعنوان (مسرحية نتنياهو امام الكونغرس...) يقول فيه: (مع بدء الأزمة السورية في آذار 2011، قام بنيامين نتنياهو بإلقاء كلمة أمام الكونغرس الأمريكي، بشّر فيها بولادة “الدولة اليهودية” بمباركة من الرئيس الأمريكي بارك أوباما ذاته، حيث سُجّلت مقاطعته بالتصفيق الحار أكثر من 30 مرة من النواب الديمقراطيين والجمهوريين معاً، في مشهد أوحى للكثير من المتابعين بأن نتنياهو يعلن فعلياً قيام “إسرائيل” دولة يهودية، ولم يتبقَّ له سوى انتزاع اعتراف الأنظمة العربية سواء أكانت راغبة بذلك أم مُكرهة عليه.

والآن في آذار 2015 يعيد نتنياهو العمل ذاته، ويلقي كلمة أمام الكونغرس الأمريكي، ادُّعي أنها جاءت تحدّياً لإرادة باراك أوباما حيث غمز فيها من قناة المفاوضات الغربية مع إيران موحياً بقلقه من إمكانية الوصول إلى اتفاق نووي نهائي مع إيران، وقد تغيّب النواب الديمقراطيون عن حضور هذه الكلمة، وتابعها النواب الجمهوريون، للقول: إن النواب الديمقراطيين مصطفّون إلى جانب زعيمهم أوباما في رفضهم لهذا التدخل، فهل تمّت هذه الكلمة رغم رفض الإدارة الأمريكية لها في التوقيت والمكان؟ ولماذا يُراد الآن الإيحاء بأن هناك خلافاً بين واشنطن وتل أبيب حول الاتفاق النووي؟.

المتتبّع لما يجري على هذا الصعيد، يلاحظ أنه تم تسويق مجموعة من الخلافات بين “نتنياهو” و”أوباما” منذ نحو أربعة أشهر، بطريقة تغري العديد من المحللين بتبنّي هذه الفرضية والبناء عليها لاحقاً، في الوقت الذي لا يشكّ فيه اثنان بأن كل ما جرى في المنطقة العربية في السنوات الأخيرة من أحداث لا يخدم إلا هدفاً واحداً هو “يهودية إسرائيل”، وأن واشنطن في سعيها لتوقيع اتفاق نووي مع إيران إنما تحاول أن تضمن بالدرجة الأولى “أمن دولة إسرائيل”، فلماذا يلقي نتنياهو كلمة توحي بمعارضة الاتفاق النووي في الوقت الذي تبحث فيه أمريكا و”إسرائيل” معاً عن رضا إيران التي يعلم الجميع أنها إن لم تكن الآن قوّة عالمية فهي على الأقل قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في المنطقة؟

المراقب للخطاب الاستعراضي الذي ألقاه نتنياهو على “خشبة الكونغرس” يقرأ مجموعة من الملاحظات، أوّلها مقاطعته بالتصفيق الحار أكثر من عشرين مرة رغم الإجماع على رفض تحدّيه الصارخ للإدارة الأمريكية حتى لو كان  الحضور جميعاً من الجمهوريين خصوم أوباما في الحكم، وثانيها أن نتنياهو أراد من خلال خطابه إبراز شدّة عدائه لأي اتفاق نووي مع إيران حتى لو كانت الإدارة الأمريكية راضية عنه، وثالثها أن توقيت الخطاب جاء في المرحلة التي أصرّ فيها الإعلام الغربي وتوابعه في المنطقة على أنها الفرصة الذهبية لتحقيق اتفاق، بمعنى أنه لا ينبغي على الإيرانيين تفويت هذه الفرصة حتى لو اضطروا إلى تقديم تنازلات، ورابعها أن “خشبة الكونغرس” هي الفرصة الأخيرة ربما لتعويم نتنياهو في الانتخابات المقبلة، من خلال إظهار مدى حرصه على “مصلحة الشعب اليهودي” الذي يمتطي أغلب الساسة الصهاينة صهوة حرصهم عليه لبلوغ أهدافهم حول العالم، وقد قام بذلك سابقاً عندما ذهب إلى باريس عقب أحداث تشارلي ايبدو المفبركة ربما، ودعا اليهود هناك إلى الهجرة إلى “إسرائيل” وادُّعيَ آنذاك أن الرئيس الفرنسي لم يكن راضياً عن تلك الزيارة.

ممّا تقدّم نستشفّ أن سياسة “حافة الهاوية” تمارس مع إيران بطريقة مقلوبة، بمعنى أن هناك من يحاول الإيحاء لها بأن الإدارة الأمريكية أغضبت في سبيل إرضائها والوصول معها إلى اتفاق، أقرب حلفائها الذين تبالغ في الحرص عليهم وهو “إسرائيل”، وعلى طهران أن تقابل واشنطن في منتصف الطريق بعد كل هذه التضحيات، أي على إيران أن تقبل بما هو مطروح حالياً على الطاولة لأن فرص التوصل إلى اتفاق تتضاءل، وهذا ما أكده تصريح أوباما الأخير الذي تحدّث فيه عن أنه لم يعُد يبالي كثيراً في البحث عن اتفاق مع إيران حول ملفّها النووي، وطبعاً هذه السياسة لا يمارسونها مع إيران لمجرّد الحصول منها على تنازلات فقط، فهم يعلمون جيداً أن المفاوض الإيراني ليس ضعيفاً وأنه يملك من أوراق القوة ما يجعله ينتصر في أي مفاوضات من هذا النوع، وإنما لأنهم يظنون أن اتفاقهم مع إيران الآن سيسحب البساط - ولو جزئياً- من تحت أقدام روسيا التي دفعتها السياسة الأمريكية في العالم والمنطقة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى التكامل مع إيران سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وبالطريقة ذاتها يمكن أن نفهم توجّه وزير الخارجية الأمريكية جون كيري إلى الخليج لطمأنة حلفائه هناك، وكذلك تهديد الكونغرس الأخير برفض أي اتفاق مع إيران وإسقاطه تحت قبّة الكونغرس، حيث يقوم كل طرف بتأدية دوره على هذا المسرح بالطريقة التي تخدم الهدف الأساسي وهو إجبار إيران على التنازل عن حقوقها النووية من خلال تفريغ الاتفاق من جميع الأمور التي تمنحها حقوقها، والحقيقة أن واشنطن هي التي تسارع الخُطا للوصول إلى اتفاق مع إيران وليس العكس.

فإذا ما تبيّن في النهاية أن ما قام به نتنياهو أمام الكونغرس لا يعدو كونه مشهداً مسرحياً، فإن من الطبيعي الفهم أن النواب الأمريكيين ديمقراطيين وجمهوريين، مهما اختلفوا حول الأداء المسرحي والأسلوب، فهم متفقون على إخراج المشهد بالطريقة التي يتوخاها المخرج في النهاية، وهي الوصول إلى اتفاق يضمن ولو مرحلياً بقاء “إسرائيل” في المشهد العام للمنطقة، لأن الأمريكي يريد الآن التفرّغ لـ“التنين الصيني” الذي يبدو أنه في طريقه إلى الخروج من القمقم في وقت قريب جداً)[11] .

رسالة الجمهوريين.. خطوة غير مسبوقة

على خلفية خطاب نتنياهو (وجّه 47 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ الامريكي رسالة إلى الحكومة الإيرانية يحذّرون فيها من أنّ أيّ اتفاق نووي مع إدارة الرئيس باراك أوباما قد لا يستمر بعد خروجه من الرئاسة. وورد في نص الرسالة التي صاغها السناتور الجمهوري توم كوتون، أنّ أيّ اتفاق لا يقرّه الكونغرس سيكون “اتفاقًا إجرائيًا” لا غير؛ بمعنى أنّه قرار تنفيذي وغير ملزم قانونًا الولايات المتحدة، وبإمكان الكونغرس أو أيّ رئيس مقبل أن يبطله. وقد أثارت هذه الرسالة التي تعدّ تدخّلًا حزبيًا غير مألوف في السياسة الخارجية، نقاشًا بشأن مدى قدرة الكونغرس فعلًا، والذي يسيطر الجمهوريون على مجلسيه - النواب مجلس الشيوخ الامريكي - على أن يفشل مساعي الإدارة الديمقراطية في التوصّل إلى اتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي. وبحسب خريطة طريق المفاوضات الجارية الآن مع إيران، فإنّه من المفترض أن يجري التوصل إلى اتفاق إطار قبل نهاية الشهر الجاري، وإلى اتفاق نهائي مع نهاية شهر حزيران المقبل...

وبحسب السيناتور كوتون، فإنّ الهدف من وراء تسطير الرسالة يتمثّل في توجيه إشارة واضحة إلى الزعماء الإيرانيين مفادها أنّه لا بدّ من أن يدلي الكونغرس برأيه في المفاوضات النووية معهم. وبحسب الدستور الأميركي فإنّ أيّ معاهدة دولية لا تصبح نافذة إلا بعد تصديق مجلس الشيوخ الامريكي عليها.

وبناءً على ذلك، يطالب الجمهوريون وعددٌ من الديمقراطيين بدورٍ أوسع للكونغرس في أيّ اتفاق مع إيران. ويرى زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الامريكي ميتش ماكونيل أنّ الرسالة لم تكن “خطأً” ذلك أنّ إدارة أوباما على وشك إبرام “اتفاق سيء للغاية… مع أحد أسوأ الأنظمة في العالم بما سيسمح له باستمرار امتلاك بنية تحتية نووية”. وأضاف أنّه إذا توصلت الإدارة إلى اتفاق مع إيران فإنّ مجلس الشيوخ الامريكي سيصوّت على مشروع قانون يُلزم الإدارة بعرضه على المجلس. وهو الأمر الذي هدّد أوباما باستخدام الفيتو لإحباطه...

ترى إدارة الرئيس أوباما أنّ الرسالة “غير مسبوقة” في التقاليد السياسية الأميركية، وأنّها “مصمّمة لإضعاف الرئيس في خضمّ مفاوضات دولية حساسة” وتقوية موقف المتشددين في إيران؛ إذ قد يكون لها “تأثير سلبي عميق” في المفاوضات، بما يمكّن طهران من إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في حال فشلها.

ويذهب مسؤولو الإدارة أبعد من ذلك بالقول “إنّ الرسالة تمثّل تدخلًا مباشرًا” في المفاوضات النووية بصورة تهدّد بتقويض قدرة أيّ رئيس أميركي في المستقبل، سواء أكان ديمقراطيًا أم جمهوريًا للتفاوض مع الدول الأخرى نيابةً عن الولايات المتحدة. ويتمثّل الأهمّ في مقاربة الإدارة الأميركية في تأكيدها أنّ السلطة التنفيذية يحقّ لها أن تبرم “اتفاقات تنفيذية” دولية أو ما يسمّى “اتفاقات غير ملزمة”، دون عرضها على مجلس الشيوخ الامريكي  للتصديق عليها. ويؤكد وزير الخارجية جون كيري، أنّ الكونغرس لا يحقّ له تعديل أيّ “اتفاقية تنفيذية”، وإن كان يقرّ في الوقت ذاته أنّ عقد مثل هذه الاتفاقات يجعلها “غير ملزمة قانونًا”، وعليه فإنّ من حقّ أيّ رئيس مقبل أن يبطلها.

وبحسب الناطقة باسم الخارجية الأميركية (جين باسكي) فإنّ الاتفاقية مع إيران لو أبرمت “سيكون لها طابع الترتيبات المتعارف عليها كما في العديد من مبادراتنا الدولية السابقة ذات الطابع الأمني.. ومن ذلك إطار المفاوضات مع روسيا لتدمير الأسلحة الكيماوية في سورية ومبادرة الحدّ من انتشار السلاح النووي ونظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ والمبادرات غير الأمنية مثل الإعلان المشترك الأخير بين الولايات المتحدة والصين بخصوص التغيرات المناخية”. ويقول مسؤولون في الإدارة إنّ الهدف من عدم توقيع “اتفاق ملزم” قانونًا مع إيران في هذه المرحلة، وعرْضه على مجلس الشيوخ الامريكي يكمن في الحفاظ على أكبر قدرٍ من المرونة والقدرة على المناورة لإعادة فرض العقوبات على إيران إذا لم تلتزم تعهداتها، غير أنّ ثمة من المراقبين من يرى أنّ السبب الحقيقي لعدم عرض الاتفاقية على الكونغرس لتصبح ملزمة قانونيًا، إن أُقرّت هو أنّ إدارة اوباما تريد تجنّب أيّ رقابة يمارسها الكونغرس...

من الناحيتين السياسية والقانونية، يد السلطة التنفيذية في إبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي هي العليا، غير أنّ مجلس الشيوخ الامريكي بإمكانه أيضًا أن يُصدر مشروع قانون يلزم الإدارة بعرض أيّ اتفاق مع إيران عليه، وهو مشروع موجود فعلًا. وفي هذه الحالة، يمكن للرئيس أن يعترض على ذلك وينقض المشروع عبر “الفيتو” الرئاسي. وهو ما هدّد البيت الأبيض بفعله.

حينها سيحتاج الجمهوريون إلى 60 صوتًا لتجاوزه، والحال أنّ عدد أعضائهم في مجلس الشيوخ الامريكي  (54 عضوًا) لا يمكّنهم من فعل ذلك. إلا أنّ تأييد 11 عضوًا من الديمقراطيين لموقفهم سوف يجعلهم قادرين على تحدّي إدارة أوباما. لكن الأمور تبدو مع ذلك أكثر تعقيدًا؛ إذ ثمّة تخوفات داخل الحزب الجمهوري من أن تسهم الرسالة التي وقّعها غالبية أعضاء الحزب في مجلس الشيوخ الامريكي في إثارة الغضب بين الديمقراطيين، وتراجع بعضهم عن تأييد أيّ مشروع قانون يلزم الإدارة بعرض أيّ اتفاق مع إيران على المجلس للتصديق عليه، كما امتنع سبعة من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ الامريكي عن توقيع الرسالة، وعلى رأسهم بوب كروكر. وتكمن أهمية كروكر في رئاسته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي ، وهي اللجنة التي ينبغي أن تقرّ أولًا مشروع قانونٍ كهذا قبل عرضه على المجلس، علمًا وأنّ كروكر هو من صاغ مشروع القانون الذي ينصّ على ضرورة أن تعرض إدارة أوباما أيّ اتفاق مع إيران على المجلس.

وقد أرسل رئيس طاقم موظفي البيت الأبيض (دينيس مكدونو) رسالةً إلى (كروكر) يناشده فيها عدم عرض مشروع القانون على التصويت إلا بعد الثلاثين من حزيران 2015، وهو الموعد النهائي للتوصّل إلى اتفاق شامل مع إيران. ولكن (كروكر) يصرّ حتى الآن على عرض المشروع الذي ينصّ على إعطاء مجلس الشيوخ الامريكي  مهلة 60 يومًا للموافقة على أيّ اتفاق مع إيران في نيسان المقبل أو للاعتراض عليه؛ ما قد يسحب من يد الرئيس سلطة تعليق بعض العقوبات التي أقرّها الكونغرس على إيران. وفي حين أنّ الكونغرس هو من يحقّ له إلغاء تلك العقوبات، بما أنّها أُقرّت بقوانين ملزمة، فإنّها تضمّنت أيضًا بنودًا تعطي للرئيس صلاحية تعليق بعضها بقرارات تنفيذية إن رأى مصلحة في ذلك، وفي حال صوّت مجلسَا الشيوخ والنواب على تشديد العقوبات على إيران وتمكنا من تجاوز عقبة “الفيتو” الرئاسي فإنّ الرئيس سيفقد هامش المناورة مع إيران.

في مواجهة تحدّي الكونغرس، بدأت إدارة الرئيس أوباما تحرّكًا مع القوى الخمس الكبرى الأخرى التي تفاوض إيران بهدف الاتفاق على قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي برفع بعض عقوبات الأمم المتحدة عن إيران، إذا جرى التوصّل إلى اتفاق نووي معها. وهي خطوة قد يصعب معها على الكونغرس تعطيلُ أيّ اتفاق محتمل أو إلغاؤُه، وتقول وزارة الخارجية الأميركية إنّ أيّ رفعٍ للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة لن يكون له تأثير في العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة من جانبٍ واحد أو الحَدّ من قدرة واشنطن على اتخاذ إجراءات من جانبها ضدّ إيران في المستقبل...

سوف يكون بمقدور البيت الأبيض على الأرجح تمرير اتفاقية إطار مع إيران، على افتراض إبرامها قبل نهاية هذا الشهر، حتى لو حاول الكونغرس تعطيلها؛ فـ”الاتفاقيات التنفيذية” أو “غير الملزمة” هي من ضمن صلاحيات الرئيس، وستكون المشكلة في التصديق قانونيًا على “معاهدة” ملزمة لا يرضى عنها مجلس الشيوخ الامريكي  وهذا أمر مستبعد. وسيكون بإمكان الرئيس أيضًا تعليق بعض العقوبات على إيران بقرار تنفيذي. لكن سيكون بإمكان الكونغرس أيضًا تشديد العقوبات القائمة أو فرض المزيد منها؛ وذلك إذا استطاع تجاوز “الفيتو” الرئاسي. غير أنّ الكونغرس لن يكون في مقدوره إفشال أيّ مسعى لتخفيف العقوبات الأممية والأوروبية على إيران. وهذا يعطي إدارة أوباما الأفضلية.

وحتى مع انتهاء رئاسة أوباما مطلع عام 2017، سيكون من الصعب إلغاء أيّ “اتفاق تنفيذي” مع إيران إن أُبرم فعلًا؛ فالرئيس المقبل، إذا افترضنا جدلًا أنّه سيكون معارضًا للاتفاق، سيجد نفسه أمام حقائقَ جديدة على الأرض، وحلفاء قد يكونون غير راضين عن التراجع عن التزامات قد قُطعت قبلًا.

أبْعد من ذلك، قد يكون في وسع الرئيس أو الكونغرس المقبلَيْن تشديد العقوبات الأميركية على إيران، ولكن لن يكون في وسعهما فرض عقوبات أممية جديدة دون توافق مع الحلفاء والخصوم في مجلس الأمن وخارجه على السواء)[12] .

هذا وقد تعرض ارسال الاعضاء الجمهوريون لهذه الرسالة الى جملة انتقادات من ابرزها ما تقدم به وزير الخارجية الامريكية (جون كيري) من انتقادات لهذه الخطوة.

إذ (قال كيري في إفادة في الكونجرس إنه رد "وهو غير مصدق تماما" على رسالة مفتوحة وقعها 47 سيناتورا تحذر من أن اي اتفاق نووي سيستمر فقط في الفترة المتبقية من رئاسة باراك اوباما في البيت الأبيض.

واضاف كيري أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ "عندما تقول (الرسالة) إن الكونجرس يمكن أن يعدل شروط الاتفاق في أي وقت يكون هذا خطأ صريحا، ليس من حقك تعديل اتفاق تم التوصل إليه مع قادة دولة."

وانتقد البيت الأبيض الرسالة ووصفها بأنها عمل "طائش وغير مسؤول" وحذر من أنها تمثل تدخلا في جهود التفاوض مع الإيرانيين...

وقال كيري "على مدى 29 عاما من وجودي في مجلس الشيوخ لم أسمع بهذا أو حتى أسمح باقتراح بذلك أو اي شيء شبيه بذلك... هذه الرسالة تتجاهل أكثر من قرنين من سوابق السياسة الخارجية الأمريكية".

وأضاف: إن الرسالة تقوض وتشكك في "آلاف الاتفاقات" التي وقعتها الولايات المتحدة مع حكومات أجنبية في أنحاء العالم)[13].

من جانبه (اعتبر قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي ان رسالة اعضاء الكونغرس تظهر انهيارا لما وصفه بالأخلاق السياسية في المؤسسة الامريكية، مشيرا بان الدول تلتزم بتعهداتها وفق المقررات الدولية ولا تنقض التزاماتها بتغير حكوماتها.

وأشار آية الله خامنئي الى ان تصعيد اللهجة والخطاب مع اقتراب موعد انتهاء المهلة المتفق عليها للمفاوضات النووية مع ايران، يعد احد اساليب الخداع الذي يتبعه الجانب الاميركي لتحقيق اهدافه.

وقال: "الفريق الذي اختاره الرئيس الايراني لمتابعة المفاوضات النووية يضم عناصر مؤتمنه وحريصة، يبذلون قصار جهودهم لتحقيق مصالح البلاد ولكني اشعر بالقلق من الطرف الاخر الذي دأبه الغدر والمكر والخديعة والطعن من الظهر".

وانحى آية الله خامنئي باللائمة على ادارة (اوباما) قائلا: "إن هذه الإدارة أطلقت تصريحات سخيفةٍ اتهمت فيها إيران بالإرهاب حتى عندما ارادت النأيَ بنفسِها عن مزاعمِ المهرج الصهيوني في الكونغرس" في اشارة الى خطاب رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، لافتا الى ان الادارة الاميركية والدول الحليفة لها في المنطقة هي التي اوجدت أخبث الارهابيين كداعش" وامثالها، وما زالت تقدم الدعم لهم...

من جهة اخرى وقع أكثر من مئتي وستين ألف شخص عريضة على موقع البيت الابيض، تحثه على ملاحقة سبعة واربعين من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بتهمة الخيانة لأنهم وجهوا رسالة إلى القادة الإيرانيين مشككين بالتزام بلادهم باتفاق نووي محتمل مع إيران.

كما اوردت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا اكدت فيه أن الايرانيين خلافا لمضامين رسالة السيناتورات الجمهوريين يعرفون جيدا الآليات السياسية في أميركا، كما أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف واغلبية اعضاء الحكومة الايرانية أنهوا دراساتهم الاكاديمية في الولايات المتحدة، مشددة على ان الرسالة تثبت الجهل المتعمد لدعاة الحرب الاميركيين الذي يعمدون دائما الى تقديم ايران كانها تهديد ولاعب غير منطقي في المنطقة)[14].

وعلى صعيد متصل، قال زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ (هاري ريد): (إن الرسالة رمت "لتقويض صلاحيات القائد العام بينما هي تعزز موقع الملالي .. ينبغي على اعضاء الحزب الجمهوري البحث عن سبل بديلة للتنفيس عن عدائهم للرئيس اوباما".

الزعيم "الثاني" الديموقراطي في مجلس الشيوخ، ديك ديربان، حذر من تداعيات "الجهد الساخر للاعضاء الجمهوريين لتقويض مفاوضات دولية دقيقة .. وينبغي عليهم الادراك انه في حال فشل المفاوضات، فان الخيار الآخر هو خيار عسكري" ضد إيران.

نائب الرئيس جو بأيدن كان أشد وضوحا وتنديدا بالحزب الجمهوري "المصمم على تجاوز صلاحية الرئيس وإضعافه بينما يخوض مفاوضات دقيقة على الصعيد الدولي، إنه تصرف يلحق الإهانة بمؤسسة مجلس الشيوخ" وحذر أقرانه من خطر "فشل المفاوضات.. اذ ستتحمل الولايات المتحدة مسؤولية ذلك، في حين ستمضي إيران قدما في برنامجها النووي المجمد حاليا".

المدير العام لشبكة الأمن القومي، التي تضم مسؤولين سابقين في شتى المجالات الأمنية والاستخبارية (جون برادشو) سخر من الرسالة الموجهة لقادة إيران بأنها "مخزية، تنم عن مجهود سلبي وعدواني لتقويض سياسة الولايات المتحدة على الصعيد الدولي".

كما سخر منها استاذ القانون في جامعة هارفارد والنائب السابق للمدعي العام الفيدرالي (جاك غولدسميث) قائلا: ان فرضية الموقعين على الرسالة بعدم ادراك القادة الإيرانيين لنظام الحكم الدستوري الأميركي تدل "على ان الاعضاء الموقعين انفسهم لا يدركون معاني نظامنا الدستوري أو العناصر المطلوبة لتثبيت الاتفاقيات الملزمة". ومضى قائلا: ان الرسالة تعزز صلاحية الرئيس أوباما باقرارها "الاتفاق الوشيك سيكون اتفاقا رئاسيا".

عضو مجلس الأمن القومي الأسبق والخبير بالشؤون الإيرانية (غاري سيك) حذر موقعي الرسالة من ان جهود "افشال الاتفاقية - كما طالب نتنياهو وعدد من اعضاء الكونغرس- ستعيدنا إلى المربع الاول لعام 2013: عقوبات مشددة، تسارع إيراني ملحوظ في البرنامج النووي وبوادر حرب تلوح في الأفق. انها سياسة لا يقدر عليها أي رجل دولة او سياسي مسؤول". واضاف ان ذلك سيؤدي بفوز إيران امام الرأي العام "وتحميل اسرائيل والكونغرس الاميركي المسؤولية")[15] .

محنة القوى العـظمى وصمود ايران

لو رفضت اسرائيل الحلول الدبلوماسية الامريكية كما يوحي خطاب (نتنياهو) في الكونغرس، فما هي الخيارات التي يمكن ان تصل اليها اسرائيل في مواجهة سعي ايران لانتاج الطاقة النووية؟

ان الخيارات تبدو ضئيلة هذه المرة، لأن نقض الاتفاق من جانب امريكا سوف يمنح ايران مبررا كافيا للخوض في مشروعها النووي من دون قيود، وهو اقصى ما تتخوف منه اسرائيل، وربما سيندفع الحزب الجمهوري الامريكي الى تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران لثنيها عن ذلك.

ولكن يبدو أن تشديد العقوبات الاقتصادية لن يجعل إيران تنثني بسهولة، فقد تجاوزت الجمهورية الإسلامية محنة العقوبات الكثيرة بنجاح، واستطاعت ان تقف على قدميها وان تحافظ على كيانها.

ان تشديد العقوبات الاقتصادية لم يعد انجع الحلول التي تقع بيد امريكا واسرائيل في هذه المرحلة، وفي مثل هذه الحالة لن يبقَ بيد اسرائيل الا قرع طبول الحرب لإجبار إيران على ايقاف برنامجها النووي.

خيارات إسرائيل الصعبة

اذا تهورت اسرائيل باللجوء الى خيار الحرب ضد ايران، (فنحن أمام معضلة أميركية بالدرجة الأولى، وهنا توضع سيناريوهات عديدة للتعامل مع الملف الإيراني إسرائيليًّا، ربما بعيدًا عن التنسيق الأميركي على غير العادة، ومن ذلك:

1-الذهاب إلى خيار "شمشون" بضربة انفرادية ضد إيران رغم استبعاده في ضوء تطورات المنطقة المشتعلة، وإن كان هناك من يرى في "نتنياهو" نسخة معدلة من سلفه الأسبق "مناحِم بيغن" الذي قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 رغم المعارضة الإسرائيلية والأميركية والعالمية.

في مثل هذه الحالة لن تقف واشنطن مكتوفة الأيدي إزاء ردِّ الفعل الإيراني المتوقع ضد إسرائيل، وستضطر مجبرة للدفاع عن "ابنها العاقّ" أمام العدو المشترك، ثم تتم معاقبة إسرائيل لاحقًا.

2-افتعال حرب قاسية أو محدودة مع حليف إيران الأوثق في المنطقة ممثَّلًا بحزب الله في لبنان، والتقديرات الإسرائيلية تُجمع على أن حرب لبنان الثانية 2006 ستكون "بروفة" مصغرة لحرب لبنان الثالثة إذا اندلعت في 2015، وستشهد استهدافًا مركزًا للجبهة الداخلية. هنا وهنا فقط، كما تُقدِّر إسرائيل، ستعلن واشنطن وقوفها بجانبها لأنها تتعرض لعدوان إيراني من خلال حزبها اللبناني.

3-استمرار إسرائيل عبر أجهزتها الأمنية الاستخبارية بعمليات التخريب داخل إيران، سواء اغتيال العلماء، أو إحداث تفجيرات داخلية، من شأنها أن تضغط على إيران للانسحاب من المحادثات الجارية على ملفها النووي)[16] .

ولا ريب في اسرائيل والدول العظمى تعلم ان هذه الخيارات الصعبة ضارة وغير مجدية، وبخاصة انها مرت بتجارب قاسية واجهتها مع حلفاء ايران في المنطقة كحزب الله والحكومة السورية، إذ فشلت كل الجهود التي بذلتها هذه القوى للقضاء على هؤلاء عسكريا، لذا فان من المنطقي ان تقتنع اسرائيل ومن يصطف الى جانبها بالتعايش مع القوة الايرانية كواقع مؤلم لا مناص منه.

وبالعودة الى خطاب الرئيس الاسرائيلي الذي أجج هذه الخيارات، يمكن ان نعرف ان كل التهديد الذي يحمله هذا الخطاب مجرد هواء في شبك، وقد تحدث عن ذلك الكاتب الاسرائيلي (ليلاخ سيغان) في تعليقه على خطاب (نتنياهو) قائلا: (ليس هنالك شك في أنه عندما يريد نتنياهو أن يضع الأمور على الأجندة اليومية فإنه يعرف القيام بذلك. ليس هنالك وسيلة إعلام في الولايات المتحدة لم تورد الخطاب في الكونغرس في عناوينها الرئيسية، ولكن مشكلة نتنياهو هي أن معظم وسائل الاعلام لا تُطيقه، ولا نتحدث عن وسائل الاعلام الاسرائيلية. صحيح أن هنالك الكثير من وسائل الاعلام الاجنبية تحولت الى معادية لاسرائيل في السنوات الاخيرة، ولكن نتنياهو مع كل مؤهلاته يقوم فقط بجعل الوضع اكثر سوءاً. كما أن القليل من الصحف التي ما زالت تعتبر محبة لاسرائيل تمقته بصورة شخصية.

ولسخرية القدر فإن مؤهلاته هي أيضاً تشكل مأساته. ونظراً لأنه آسرٌ جداً بكلماته فإنه مخيبٌ للآمال جداً بأفعاله. إنه يعرف أن يحدد بصورة مدهشة كل مشكلة، لديه حتى الآن مجموعة من المصفقين، ولكن ومع مرور الوقت فانهم يتضاءلون.

نتنياهو لم يخلق أي مشكلة، لم يخلق الساميّة، أو الصحف المعادية لاسرائيل، أو النووي الايراني، أو السياسات الخارجية لادارة أوباما. لم يحدث شيء بسببه، ولكن لكل مكان ننظر إليه يتضح أن نتنياهو عرف كيف يلقي  خطاباً مدهشاً ولكنه بالفعل فرَّق، وسعى ولم ينفذ .وبشكل عام فقط جعل الوضع أكثر سوء.

نتنياهو هو سياسي مدهش نظراً لأنه ينثر كلماته مثل الغبار السحري. هو يَعِد، يرمقك بنظرة ساحرة، يهدئ من روعك بان كل شيء سيكون على ما يرام، ثم يأسرك. ولكن بعد عدة سنوات من التجربة المتراكمة من الوعود الكاذبة، فإن الغبار ما زال موجوداً ولكن السحر تلاشى منذ فترة.

لقد توقف عن خداع أفضل السياسيين في حزبه الذين يئسوا وتركوا. لقد توقف عن خداع أشخاص من احزاب أخرى الذين منذ فترة أصبحوا لا يثقون به، لقد توقف عن خداع غالبية الاسرائيليين الذين لم يعودا مهتمين به أكثر كرئيس حكومة. لقد توقف عن خداع عدد لا بأس به من الأمنيين، الذين خرجوا ضده في الايام الأخيرة. كما توقف عن خداع أيضاً دول أوروبا التي مثل الوباء اعترفت مؤخراً من جانب واحد بالدولة الفلسطينية.

الآن توقف أيضاً عن خداع الأمريكيين الديموقراطيين. صحيح، أنه تبقي حتى الآن الجمهوريون، ولكن هذا يشير الى أن هنالك فقط هدف آخر للهدم، اذا اعطيت له الفرصة القادمة.

نتنياهو يستطيع الحصول على 10/10 في الخطابات ولكن يحصل على صفر في العلاقات الانسانية. حيث أن بيل كلينتون أيضاً لم يحتمله، وليس بالامكان أن نقول عنه أنه مسلم أو أنه لا يحب اسرائيل. اذاً صحيح أن أوباما سوف يذهب وسيأتي شخص آخر ولكن من الممكن أن يكون ذلك هيلاري كلينتون, ماذا سنعمل حينئذ؟ الديموقراطيين لقد فقدهم نتنياهو، وثانيةً لن يكون هنالك مع من يتكلم معه.

رئيس الحكومة على حق بخصوص الكل ولكنه أثبت بكل السبل الممكنة، بأنه ليس هو الشخص الذي يستطيع أن ينقذنا من كل هذا. بالعكس، إن الكراهية الشخصية تجاهه وصلت الى مستويات جديدة. والشخص الذي هو أفضل من يشرح مشاكل اسرائيل هو لسخرية القدر الشخص الذي يعمقها.

لقد تأثرنا من الخطاب، ولا نقول ذلك تهكماً - جميل أن لدينا من يتكلم بهذه الدرجة من الجمال لصالح اسرائيل. وهذا ليس أمراً بديهياً، ولكن في الاسبوع القادم هذا الخطاب سيُنسى، ومن ثمّ ستطفو المواضيع المؤلمة التي تتطلب حلاً وليس فقط كلمات، وبالضبط كما أثبت نتنياهو أنه يستطيع القاء خطاب مؤثر، فإنه أثبت أيضاً في العديد من المرات بأنه أبعد من ذلك ليس قادراً على إدارة سياسات من شأنها أن تحل المشاكل. ليس في الداخل ولا في الخارج.. القاء الخطب هذا كل ما لديه)[17] .

----------------------------------------

[1]  موقع راديو ايران العربي نقلا عن فارس نيوز للانباء نشر بتاريخ 15/3/2015.

[2] الهولوكوست: محرقة اليهود الشهيرة التي اقامها النازيون في المانيا ابان الحرب العالمية الثانية .

[3] الخطبة كاملة نشرتها وكالة وطن للانباء نقلا عن صحيفة الواشنطن بوست الامريكية .

[4] خبر للوكالة الاخبارية للانباء بعنوان (تراشق علني بين البيت الأبيض ونتنياهو على خلفية دعوة الأخير لإلقاء خطاب في الكونغرس) نشر بتاريخ 26/2/2015.

[5] مقال نشره موقع  سبوتنيك عربي تحت عنوان (نتنياهو أمام الكونغرس: تصفيق للفشل) بتاريخ 5/3/2015.

[6] مقال نشره موقع سبوتنيك عربي بعنوان (نتنياهو أمام الكونغرس: تصفيق للفشل) بتاريخ 5/3/2015.

[7] مقال نشرته جريدة المدن الالكترونية بعنوان (خطاب نتنياهو في الكونغرس: لا افتراق مع الولايات المتحدة) بتاريخ 9/3/2015.

[8] مقال لصحيفة الشعب اليومية اونلاين (خطاب «نتنياهو» في الكونغرس.. هل هو إشارة انطلاقة العد التنازلي في اتجاه حل الأزمة النووية الايرانية) نشر بتاريخ 5/3/2015.

[9] مقال نشرته جريدة المدن الالكترونية بعنوان (خطاب نتنياهو في الكونغرس: لا افتراق مع الولايات المتحدة) بتاريخ 9/3/2015.

[10] مقال للمركز الوطني للابحاث واستطلاع الرأي بعنوان (خطاب نتنياهو في الكونغرس.. تكتيك انتخابي ناجح) نشر بتاريخ 17/3/2015.

[11] مقال نشرته قناة المنار على موقعها تحت عنوان (مسرحية نتنياهو امام الكونغرس.. هل تمت رغم رفض الإدارة الأمريكية لها؟) مؤرخ في 12/3/2015.

[12] نشر في موقع مزاج نيوز تحت عنوان (رسالة مجلس الشيوخ الامريكي الى الحكومة الايرانية) مؤرخ في 24/3/2015.

[13] خبر لوكالة رويترز تحت عنوان (كيري: لا يمكن للكونجرس تعديل أي اتفاق نووي مع إيران) مؤرخ في 11/3/2015.

[14] تقرير نشره موقع قناة العالم بتاريخ 12/3/2015 تحت عنوان (الاتفاق النووي المرتقب والهواجس الايرانية).

[15] مقال للميادين نت تحت عنوان (تداعيات رسالة الجمهوريين الموجهة لإيران)  نشر بتاريخ 10/3/2015.

[16] ملف للجزيرة نت تحت عنوان (مآلات الخلاف الأميركي-الإسرائيلي حول إيران) مؤرخ في 5/3/2015.

[17] مقال مترجم نشره مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية بعنوان (متعهد خراب) مؤرخ في 5/3/2015.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف