البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

September / 12 / 2018  |  2711الدراسات الاستشراقية وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي

د. لخضر بن بو زيد المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية صيف 2018
الدراسات الاستشراقية وخطرها على العقيدة والفكر الإسلامي

الملخص:

الدراسات الاستشراقية هي جميع الدراسات التي تمت من طرف الباحثين الغربيين على العالم الإسلامي، ولا سيما الدراسات الدينية، وقد ظهر الاستشراق تقريباً مع بداية الإسلام ولكنه تطور مع مرور الوقت، خاصة بعد فشل الحروب الصليبية وبعد نهاية العصور الوسطى.

وقد تطور الاستشراق في القرن التاسع عشر بشكل متزامن مع التوسع الاستعماري والمدّ التنصيري في العالم الإسلامي، الأمر الذي يثير الشكوك حول الدور الحقيقي الذي قام به المستشرقون في خدمة التبشير والاستعمار.

مقدمة

لقد ألف المستشرقون في جميع المعارف الاسلامية، فلا تكاد تجد مجال يخص المسلمين إلا وتجدهم قد تطرقوا إليه، حتى لقد اصبحت كتبهم مصادر للدراسات الاسلامية ليس للأوروبين فحسب بل للعرب والمسلمين أيضا، وقد تأثر بدراساتهم وبأراءهم أجيال من الباحثين المسلمين، لذلك يتساءل المرء عن اسباب دراستهم للمعارف الاسلامية ؟ وهل دراساتهم تلك قصدوا بها العلم والمعرفة ؟ أم كانت لهم مقاصد أخرى !!! وماهي المآخذ التي تؤخذ عليهم بل ماهي المكائد والشبهات التي أثاروها في الاسلام ؟

أولاً

مفهوم الاستشراق

الاستشراق في اللغة يعني الاتجاه إلى الشرق وأقرب كلمة إلى الاستشراق هي التَشْريقُ فقد جاء في مختار الصحاح أن التَشْريقُ هي الأخذ في ناحية المَشرِقِ؛ يقال: شتّان بين مُشَرِّقٍ ومغرِّبِ (1)، وجاء في القاموس المحيط التَّشْرِيقُ هو الأخذ في ناحية المشرق وشَرِّقوا أي ذهبوا إلى الشرق أَو أتوا الشرق(2)، وقد عرفه محمد فتح الله الزيادي بأنه مصدر من الفعل السداسي استشرق: أي طلب الشرق(3).

 وفي المعجم الوسيط: شرقت الشمس تشرق شروقا وشرقاً: طلعت، وإسم الموضع: المشرق، وشّرقوا ذهبوا إلى الشرق، وكل ما طلع من المشرق فقد شرق(4)، وفي الحديث: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. «إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا» (5).

 أما كلمة الاستشراق باللغة الاجنبية فهي مشتقة من كلمة الشرق "orient" والتي تستمد أصلها من اللغة اللاتينية، ومعناها يتمحور حول طلب العلم والمعرفة والارشاد والتوجيه مما يعني اعتراف ضمنيا أن العلم والمعرفة كان يطلب في هذه المنطقة (6).

 يعرف الباحثون الاستشراق بأنه تعبير أطلقه الغربيون على الدراسات المتعلقة بالشرقيين، شعوبهم وبلادهم، وتاريخهم، وأديانهم، ولغاتهم وأوضاعهم الاجتماعية، وحضارتهم وكل ما يتعلق بهم (7)، وهو أسلوب غربي لمعرفة العالم الشرقي عن طريق البحث أو التخصص في الشرق، بدراسة علوم وآداب وديانات وتاريخ شعوب الشرق للسيطرة عليه (8) ،ويدخل في المفهوم نفسه الدراسات التي قام بها الروس وسواهم من الشعوب الاخرى، وقد إستُخدم مصطلح ”المستشرق“ في الإنكليزية أول مرة سنة 1779، وبالفرنسية سنة 1799.

 اليوم تخل الاوربيون عن هذا المصطلح وأصبح مصطلح الاستعراب (*Arabistas(، ويصر الباحثين الاسبان على هذه التسمية على أنها تخصهم وحدهم، لكونهم يدرسون الثقافة العربية التي كانت موجودة في شبه جزيرة إيبريا ولا يهتمون باللغات الإسلامية الأخرى كالتركية والفارسية (9).

 وبعد تعرض المستشرقين للنقد عن الدور الذي قاموا به في خدمة التنصير والاستعمار، تخلى الغربيون على هذا المصطلح، ويذكر لويس برنارد في هذا الاطار إن هذا المصطلح قد ألقي به في مزابل التاريخ، فقد رأى الغرب أن هذا المصطلح ينطوي على حمولات تاريخية ودلالات سلبية فتم الاستغناء عنه في المؤتمر الذي عقد في باريس عام 1973 وأطلق على منظمتهم إسم " المؤتمـرات العالمية للدراسات الإنسانية حـول آسيا وشمال أفريقيا ".

أ- أسباب ظهور الاستشراق :

يرى البعض أن الاستشراق ظهر مع ظهور الإسلام، فقد سأل هرقل أبو سفيان عن الرسول 9، ويعد قيصر أول ملك اهتم بالإسلام، وربما سبقه إلى ذلك النجاشي ملك الحبشة مع اختلاف الدافع بينهما، بينما يرجعه آخرون إلى أيام الدولة الأموية في القرن الثاني الهجري حيث أن يوحنا الدمشقي (**) الذي عاش في العصر الاموي و خدم في بلاط يزيد بن عبد الملك، قام بأول محاولة للإستشراق وقد ألف كتابين الأول بعنوان «حياة محمد» والثاني «حوار بين مسيحي ومسلم» وكان هدفه إرشاد النصارى إلى جدال المسلمين (10) .

 ويعتبر بعض الباحثين الاندلس المكان الذي نشا فيه الاستشراق حيث أن الكثير من الاوربيين كانوا يدرسون فيها (***) ومن هنا جاء إهتمامهم بالمسلمين، كما أن فشل الحروب الصليبية لعب دورا في نشاة الاستشراق، و يرجح مصطفى السباع أن بدايته كانت بمحاولات فردية منذ أواخر القرن العاشر الميلادي، وأوائل المستشرقين قد يكون الراهب الفرنسي جربرت الذي أنتخب بابا لروما سنة 999 م بعد تعلمه في معاهد الاندلس، ثم بطرس المحترم 1092- 1156 وجيراردي كريمون 1114- 1187 م (11) .

ويمثل عام 1312 منعطفا هاما على صعيد بداية الاستشراق حيث اقرت السلطة الكنسية العالمية في فينا ضرورة تعليم اللغات الشرقية في الجامعات الاوربية مثل باريس وأكسفورد وبولونيا (12)، وهذا التاريخ يمثل بداية الاستشراق اللاهوتي فعليا وذلك بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية، ويذكر في هذا الاطار إدوارد سعيد أن الاستشراق اللاهوتي الرسمي قد بدأ وجوده حين صدور قرار مجمع فيينا الكنسي سنة 1312، وذلك بإنشاء عدد من كراسي الأستاذية في العربية والعبرية في جامعات باريس وأكسفورد وبولونيا وأفينيون(13).

هناك عدة عوامل ساهمت في ظهور الاستشراق الذي يعود أساسه إلى الصراع بين الاسلام والمسيحية، فالفتوحات الإسلامية في بلاد الشام وحروب المسلمين مع البيزنطيين من جهة وفتح المسلمين للأندلس واجتيازهم إلى بلاد الفرنجة ووصولهم إلى حوض باريس كان دافع قوي للأوربيين في مواجهة المسلمين .

 وعندما زال الحاجز النفسي بعد هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء، بدأ الأوربيون ينظمون أنفسهم مدفوعين بروح صليبية عارمة، بلغت ذروتها عندما شنت أوروبا حملات كبيرة ضد المسلمين وإستولوا على بيت المقدس، هناك عكفوا على دراسة الثقافة العربية، وقبل ذلك وبعده كانت المدن الإسلامية تعج بالطلاب من أوروبا خاصة المدن في بلاد المغرب، ولم يكونوا جميعا من الطلاب فقد كان بعضهم يبحث عن الطرق الناجعة لمواجهة الاسلام .

 كما أن فشل الحروب الصليبية كان له دور كبير في ظهور حركة الاستشراق من حيث إقتناع الأوربيين بعدم جدوى القوة العسكرية في مواجهة الإسلام وهذا الذي اقتنع به لويس التاسع عندما كان مأسورا في مصر (14)، من جهة ثانية فتوح العرب في صقلية والأندلس وجنوب فرنسا، جعلت أوروبا تستيقظ من غفوتها إلى وعيها الثقافي الجديد، دون أن نغفل سقوط القسطنطينية بأيدي الأتراك، وهو عامل مهم من عوامل نشأة الاستشراق فبسقوطها فتح باب أوروبا على الإسلام، ومن هنا لم تبق عداوة أوروبا للإسلام قضية ذات أهمية ثقافية فحسب بل ذات أهمية سياسية أيضا (15).

ب - مراحل تطور الاستشراق :

يمكن تقسيم الاستشراق إلى ثلاث مراحل المرحلة الأولى وهي قبل سقوط الأندلس وأفول نجم الحضارة الإسلامية، أتخذ فيها الاوربيون دوراً دفاعيا في وجه الإسلام حيث كانت كتاباتهم تتسم بردة الفعل ودراسة الإسلام من أجل التصدي له، وفيها إستفادت أوروبا من الحضارة الإسلامية المزدهرة في الأندلس والمغرب ومصر والشام، أما المرحلة الثانية من الاستشراق فهي مرحلة هادفة من قبل الغربيين إلى دراسة الإسلام عقيدة وشريعة وتاريخاً، والمرحلة الثالثة شهدت ظهور الاستشراق العلمي بدراسة لسائر أحوال الشرق أديانه وعلومه وتاريخه .

 ومن بين مظاهر الاستشراق الأولى تعليم اللغة العربية فقد قامت فرنسا بإنشاء مدارس لتدريس اللغة العربية؛ مثل: ريمس، وشارتر وذلك منذ القرن الرابع عشر (16)، أما في القرنين السادس عشر والسابع عشر فقد شهدِ الاستشراق ازدهاراً في النواحي العلمية والدراسية المتخصصة حيث تم جمعَ مجموعة هامة من المخطوطات، وفي تلك الفترة تم إنشاء أول مطبعة عربية في أوروبا من طرف الكردينال فرناندو دي مدتشي دوق توسكانا(17).

في القرن السابع عشر ظهرت التجارب الاولى لتعاطي المستشرقين مع الدراسات الإسلامية بالإشراف على نشرْ الكتب ومحاولة تصحيحها(18)، وعندما أقبل القرن الثامن عشر كان الاستشراق قد وطَّد أقدامه وتوسع بشكل غير مسبوق، وتحدَّدت معالمه إلى حدٍّ بعيد، حيث شهدِ إنشاء كرُسيين للغة العربية في جامعتي أكسفورد وكامبريدج (19) .

 وقد مثلت الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 منعرجا هاماً في تطور الاستشراق، وكان من نتائجها الاتصال المباشر بالشرق والتعرف على أحواله السياسية والاقتصادية والاجتماعية(20)، كما شرعَ الغربيون في تأسيس الجمعيات العلمية التي كانت نقطة انطلاق كبرى للاستشراق حيث تجمَّعت فيها العناصر العلمية والإدارية والمالية، فأسهمَت إسهاماً فعَّالا في البحث والاستكشاف (21)، ومع بداية القرن التاسع عشر بدأت الدراسات الاستشراقية بأسلوب أشمل وأكثر تنظيماً مصحوبة بروح دينية صليبية واستعمارية غربية حاقدة.

وحينما دخل العالم أعتاب القرن العشرين جرت أحداث هامة وتحوُّلات في العالم العربي، فوفدَ عدد كبير من المستشرقين المتخصصين للتدريس بالجامعة المصرية والعربية، لعل من أبرزهم: نيللينو، ماسينيون، شاخت، توماس أرنولد، كازانوفا، كراوس، ليتمان،الذين حاضروا في الفقه والآداب العربية والفلسفة والعلوم والفن...(22).

 وبدأَ جيل جديد من المستشرقين يغوص في أعماق الفكر والدين والأدب العربي؛ فقد اتَّجهت عنايتهم بالإسلام وشعوبه وأوضاعه الفكرية والاجتماعية، وقد تميَّز الاستشراق في هذا القرن بتخصَّص كل مستشرق في فرع معيَّن من فروع المعارف الشرقية،وانعقدت العديد من المؤتمرات،أسهمَ المستشرقون فيها بنصيب وٍافر من البحوث والمقالات، وحرص الأوروبيون والأمريكيون على إنشاء مراكز للدراسات العربية والإسلامية في العالم الإسلامي؛ لتكون أقرب إلى هذه البلاد، يستخدمها الطلاب والباحثون الغربيون كمراكز للبحث والدراسة، ولنشرْ الثقافة الغربية.

 ج - أنواع الاستـشراق :

1 - الاستشراق اللاهوتي: بدأ تقريبا مع بداية الاسلام وإن كان انطلاقته الفعلية بتبني الكنيسة لقرار إنشاء كراسي للغة العربية في الجامعات الاوربية في مؤتمر فينا عام 1312، وقد إحتضنت الكنيسة هذا النوع من الدراسات الشرقية وكان معظم المستشرقين على علاقة فعلية بالكنيسة .

2- الاستشراق العلمي: إن الاستشراق قد تشكَّل كعلِمْ في القرن التاسع عشر، منذ أن تخلص من سيطرة اللاهوت، أصبح علِماً قائماً بذاته، هدفه دراسة اللغات الشرقية وآدابها، وبرزَت هناك نزعة علمية تتَّجه إلى دراسة الآداب والعقائد الشرقية لذاتها، مستهدفة المعرفة وحدْها إلى حدٍّ ما (23).

 ومع ذلك فقد ظل يخدم الاغراض الدينية والسياسية ومن الامثلة على ذلك كل من هنري بالمر، وريتشارد بيرتون، وتشارلز دوتي الذين قاموا بدراسات جغرافية عن شبه الجزيرة العربية، كما أن العديد من المستشرقين قد إستغلوا وجود الاستعمار في البلاد العربية فقاموا بدراسات معمقة شملت كل الميادين وقد وفر لهم الاستعمار الامكانيات اللازمة بما يخدم مصالحه، وهذا ما حدث في الجزائر حيث أسس المستشرقون المؤسسات العلمية التي تمول البحوث وتنشرها مثل: متحف الجزائر سنة1880، والجمعية الأثرية لقسنطينة و الجمعية التاريخية للجزائر التي أنتجت المجلة الإفريقية المشهورة، أكاديمية هبون، الجمعية الجغرافية والأثرية لمقاطعة وهران.

ثانياً

خطر الاستشراق على العالم الاسلامي

أ - دوافع وأهداف المستشرقين :

 الافكار التي تبثها الكنيسة في عقول الاوربيين عن الاسلام لم تتوقف عند حد معاداة الاسلام، بل إعتبرته دينا محرفا يستمد أصله من اليهودية والنصرانية، وأن علومه وافكاره في الاصل من علوم الاغريق، بل اعتبرته مسيحية في أسوأ صورها أو مسيحية مشوهة، وبفضل إنتشار هذه الافكار بين الاوربيين تنكر الاوربيون للإسلام صاحب الفضل في إخراج أوروبا من العصور المظلمة (24).

 تعتبر الكنيسة الإسلام أكبر عدو لها فقد جاء في فرض الكهنة في تاريخ بيزا «دين محمد الهمجي والسكير الذي من نصيبه جهنم عقاب له على سيئاته هو دين خدام الشيطان والمؤابين الانجاس الذين يرددون آيات الرسول ويكثرون من التجذيف على ملكة السموات مريم» (25)، كما أن الكنيسة ثم الاستعمار ساهما في تشويه الإسلام وحضارته وتشويه الإنسان العربي، ثم تركت المهمة بعد ذلك للإستشراق على حد تعبير منتجومري وات مؤلف كتاب " فضل الإسلام على الحضارة " (26) .

وقد كان الهدف الاول للإستشراق ديني، فقد بدأ بنشاط الرهبان في مجال الترجمة، يذكر في هذا الاطار مصطفى السباعي أن الدافع الديني أهم دافع للمستشرقين، فقد كان هدفهم أن يطعنوا في الإسلام ويشوهوا محاسنه فوصفوا المسلمين باللصوص وسفاكي الدماء وأن سعيهم إنما هو لإرضاء ملذاتهم الجسدية(27)، فكان هدف الكنيسة هو التبشير وهنا يذكر يوهان فوك إن فكرة التبشير هي الدافع الحقيقي حول إنشغال الكنيسة بترجمة القرآن واللغة العربية، كلما تلاشى الامل بتحقيق نصر نهائي بقوة السلاح (28)، ويذكر الباحث محمد بن حمادي الفقير التمساني أن حملات التبشير النصرانية كانت أحد أسباب بداية الاستشراق (29).

 ومع أن الغرب يمقت الكنيسة ويثور عليها حيث أن شعار الثورة الفرنسية كان " إشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر راهب"، ومع أن السياسيين يمقتون رجال الدين ومع ذلك فنراهم يتعاونون معهم يشجعونهم على التبشير في الشرق بما يخدم مصالحهم.

 ومع أهمية الدافع الديني إلا أنه ليس الوحيد فهناك الدافع التجاري للترويج لبضاعتهم والحصول على امتيازات ومكاسب اقتصادية، و الدافع السياسي ولعله هو الأخطر حيث أنه وبعد استقلال كل الدول الإسلامية فان الأوربيين ظلوا على اتصال بالمفكرين والقادة السياسيين والصحافيين عن طريق الندوات و الحفلات التي يقيمونها، كما أن السفارات أصبحت تضم ملحقين ثقافيين بحيث تعرف كل خبايا البلد.

 وهناك الدافع الاستعماري فقد إتجه المستشرقون للتعرف على البلاد من خلال دراسة عادات وعقائد وأخلاق المجتمعات والتعرف على مختلف أقاليمها وثرواتها لمعرفة نقاط القوة والضعف، وعندما تم لهم ذلك راحوا يعملون على إضعاف المقاومة، بإيهام الناس أن الاستعمار قضاء و قدر فيشجعوا التصوف والزوايا وسعوا لإصدار فتاوى تدعوا إلى الاستكانة والاستسلام لقضاء الله وهذا ما نلمسه في الدور الذي قام به ليون روش في الجزائر لصرف الناس عن مساندة ثورة الامير عبد القادر .

 واخيرا هناك الدافع العلمي بالنسبة للذين لم يشتركوا في مخططات الكنيسة والاستعمار فإن دافعهم علمي بحت وقد بذلوا قصارا جهدهم في فهرسة المخططات والكتب وهؤلاء إستفادت منهم الدول الاسلامية حيث كان تاثيرهم إيجابيا(30)، فلم يكن جميع المستشرقين يخدمون أغراض التبشير أو الاستعمار بل هناك منهم من كان حياديا وكان غرضه العلم وهناك من أسلم(31).

 قد يتساءل المرء عن السبب الذي يجعل هؤلاء الباحثين يدرسون الاسلام كعقيدة، فهم لا يؤمنون به ولا يبحثون عن الحقيقة من وراء دراستهم للإسلام، وليس هدفهم هو العلم وإلا لأختصوا بمجال آخر مثلما فعل غيرهم، لكن علماء اللاهوت هؤلاء ما فتؤوا يبحثون عن كل نقيصة ومطعن في الاسلام.

تتلاقى دوافع الاستشراق مع أهدافه فإذا كان الدافع دينيا كان الهدف هو إخراج المسلمين عن دينهم فإن أمكن تنصيرهم فذاك المقصود وإلا فإبقاءهم بلا دين مطلقا وهذا يحقق لهم منافع ومصالح إقتصادية وسياسية وإستعمارية(32)، فقرار إنشاء كرسي اللغة العربية في جامعة كامبردج عام 1636 نص صراحة على خدمة هدفين أحدهما تجاري والثاني تنصيري «... نهدف إلى تقديم خدمة نافعة إلى الملك والدولة عن طريق تجارتنا مع الاقطار الشرقية وإلى تمجيد الله بتوسيع حدود الكنيسة والدعوة إلى الديانة المسيحية بين هؤلاء الذين يعيشون في ظلمات» (33).

وإذا كان الدافع إستعماريا فهو يهدف إلى السيطرة على العالم الاسلامي طمعا باستغلال الارض وإستعباد الناس والسيطرة على كل شيء، وإذا كان اقتصاديا فهو يهدف إلى تحصيل منافع اقتصادية واستغلال الارض والسكان لخدمة الاقتصاد الغربي(34) .

 نلاحظ في هذا الاطار أن أهداف الاستشراق تتلاقى مع أهداف الاستعمار والتبشير مما يجعل منها وجهات متعددة لعملة واحدة، ولقد قال الله تعالى في كتابه العزيز ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ...﴾ سورة البقرة، الاية120.

 يذكر مصطفى السباعي أن هدف المستشرقين هو طرح الشرق أمام الغرب بصورة مشوهة، لتكوين صورة سيئة عن العرب والمسلمين في ذهن الغربي المعاصر، لحمايته من أن يرى نور الإسلام، فيؤمن به، ويحمل رايته ويجاهد في سبيله.

- هزيمة المسلمين هزيمة روحية وفكرية، وذلك بالقضاء على روح الاستعلاء الإيماني والاعتزاز بالإسلام في نفس المسلم، وٕإذابة شخصيته الإسلامية عن طريق غسل دماغه شيئاً فشيئاً، بأسلوب ماكر يعتمد على إخفاء النوايا الحقيقية والظهور بمظهر برئ لطيف، وقد اشتركت في هذا الهدف مع الصهيونية والشيوعية.

- زرع بذور الشك في أهم دعامات الحضارة الإسلامية والتشكيك في النبوة والرسالة.

- هدم بنيان الشريعة الإسلامية، فقد شنّوا حملة شعواء على العقوبات والحدود الإسلامية: من قصاص، وقطع، ورجم، وشنّعوا عليها ووصفوها بالهمجية والوحشية، وقد علموا مدى مكانتها وعظم وظيفتها في المحافظة على مجتمع إسلامي متماسك سليم من الآفات والأمراض.

- تدمير المجتمع الإسلامي وطمس معالمه بالتركيز على حياة المرأة المسلمة، فصوروا حياتها في ظل الإسلام بصورة الكبت والظلم والانحطاط، واعتنوا كثيرا بتشويه الحجاب، فنشطوا لجر المرأة المسلمة إلى ميادين الفوضى والانحلال من أجل هدم بناء المجتمع الإسلامي.

تلك كانت الدوافع الحقيقية والنوايا الخفية وراء عناية الأوروبيين بالدراسات الإسلامية(35) .

خطر الاستشراق على العقيدة الاسلامية:

يذكر الامام محمد الغزالي إن الاستشراق كهانة جديدة تلبس مسوح العلم والرهبانية في البحث، وهي أبعد ما تكون عن بيئة العلم والتجرد، وجمهرة المستشرقين مستأجرين لإهانة الإسلام وتشويه محاسنه والافتراء عليه." (36) فالاستشراق اثر في الفكر الفلسفي العربي والإسلامي  بحيث لم يعد هناك مجال من مجالات دراسة الشرق وعلومه خالياً من أبحاث المستشرقين (37)، ويذكر في هذا الاطار إدوارد سعيد أن المستشرقين نشروا عن الاسلام والمسلمين فكرة مغلوطة وأنهم يصفونهم بابشع الصفات و أنهم غرسوا ذلك في أفكار الأوربيين ونجدها اليوم مجسدة في أفلام السينما(38) .

ب- وسائل الاستـتشراق :

 استعمل بعض المستشرقين وسائل دنيئة للوصول إلى أغراضهم خاصة منهم أولئك الذين خدموا الغرض التبشيري أو الاستعمار، ونسوق هنا قصة ليون روش مع الامير عبد القادر، فقد سمى نفسه الحاج عمر وإلتحق بخدمة الامير، ورافقه مدة طويلة ادَّعى خلالها أنه اعتنق الإسلام، ولما قامت الحرب بين الأمير وفرنسا انشقَّ عنه والتحق بالسلطة الفرنسية، فكلفه الجنرال بيجو الحاكم العسكري للجزائر، بالسفر إلى تونس ومصر والحجاز حاملًا فتوى تدعوا الجزائريين إلى قبول الحكم الفرنسي مقابل أن يحترم هذا الحكم دينهم وعاداتهم وتقاليدهم .

وهو يلخص في كتابه "ثلاثون سنة في رحاب الإسلام" استخفاف المستشرقين بعقول المسلمين حيث يذكر «وإني قد تمكنت من إغواء بعض هؤلاء الشيوخ في القيروان والإسكندرية ومكة , فكتبوا إلى المسلمين في الجزائر يفتونهم بوجوب الطاعة للفرنسيين، وبأن لا ينزعوا إلى ثوره، وبأن فرنسا خير دولة أخرجت للناس ومنهم من افتى بأن فرنسا دولة إسلامية أكثر من الدولة العثمانية , وكل ذلك لم يكلفني سوى بعض النقود الذهبية»، وبعد أن عاد إلى الجزائر نشر هذه الفتوى وكان قد ساعده بعض من شيوخ الزوايا منها محمد الصغير شيخ التيجانية، عندئذ كتب الأمير عبد القادر رسالة عنوانها "حسام الدين لقطع شبه المرتدين" ونشرها سنة 1843م تنقض هذه الفتوى(39).

وتلك هي الحال الذي وصله المسلمون من الوهن والذي استغله المستشرقون في الكيد للإسلام في غفلة من علمائه ورجاله.

ومن أبرز وسائلهم أيضا الغزو الفكري حيث استغلوا انبهار المسلمين بالحضارة الغربية في نشر الثقافة الغربية، فيأخذ المسلمون من الحضارة الغربية ما يمكن أن تبعدهم عن جذورهم، فسلاح التغريب من أخطر الاسلحة التي إستـخدمها الغرب ضد الشرق وقد اضطلع المستشرقون بهذه المهمة .

وبسبب السيطرة الإستعمارية بدأت المؤثرات الغربية تتدفق على البلاد الإسلامية حتى غدا تقليد الغرب والتشبه بأخلاقهم وأسلوب معيشتهم واقتباس أفكارهم وآراءهم الاجتماعية والسياسية، أكبر عوامل التبدل والانقلاب في العالم الإسلامي (40). وقد ثبت في عصرنا ما اخبر به الرسول 9، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم «لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ. حَتّىَ لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ آلْيَهُودُ وَالنّصَارَىَ؟ قَالَ "فَمَنْ؟» صحيح البخاري، رقم 3456.

 من أبرز الأمثلة على دور الاستشراق في نشر التغريب ما حدث في تركيا في عهد مصطفى كمال أتاتورك، فعندما قام بدعوته إلى تغريب تركيا حاضرة الخلافة، أخذ المستشرقون يتهمون الإسلام كدين بأنه سبب انحطاط الشعوب الإسلامية، وقوي نشاط المبشرين للمسيحية في العالم الإسلامي (41)، فقد ساند الاستشراق كل خطوات أتاتورك*4 بالقضاء على أي صلة لتركيا بالشرق، بنشر اللغة التركية بالحروف اللاتينية ومنع العربية والفارسية ونشر الثقافة الغربية في تركيا، وقاموا بأبحاث تاريخية ونظريات في فقه اللغة التركية تشهد بتأصيل اتجاهه التغريبي (42)، فساندوا الأفكار القومية الطورانية لأتاتورك، والأصول المشتركة للغات الأوروبية مع التركية وحاول المستشرقون إثبات صلة الحثيين *5 بالشعوب الهندوآرية (43).

 وحاول المستشرقون ضرب العقيدة الاسلامية وبث الشكوك حول صحة رسالة الاسلام فمن وسائلهم في التشكيك بصحة رسالة الرسول 9 ومصدرها الإلهي، إنكار النبوة و الادعاء أن الدين الإسلامي مستوحى من اليهودية والنصرانية، والتشكيك في صحة الأحاديث النبوية وفي الفقه الإسلامي، وفي قدرة اللغة العربية على مواكبة التطور العلمي، وفي قيمة التراث الحضاري الإسلامي وأنه منقول من الحضارة الرومانية واليونانية (44)، والسخرية من بعض الأحكام الدينية، كدعوى عدم مناسبتها لوقتنا الحاضر، وغير ذلك من مزاعم ذات أبعاد خطيرة.

ومن الادوات التي إستعملوها لتحقيق أغراضهم :

- تأليف الكتب في موضوعات منها القرآن والحديث والفقه والتاريخ الاسلامي وإصدار المجلات لنشر بحوثهم

- إرساليات التبشير التي تقوم بأعمال خيرية في مجالات إنسانية مختلفة في الظاهر .

- إنشاء جمعيات ومدارس ومؤسسات من أجل العمل الخيري والاحتكاك مع الشباب في العالم الاسلامي.

-إلقاء المحاضرات في الجامعات والهيئات العلمية ومقالات في الصحف المحلية.

-عقد المؤتمرات لإحكام سيطرتهم ومناقشة الأفكار الجديدة .

- التركيز على الدعوات الهدامة والافكار الخاطئة والفرق الضالة والدفاع عنها والإشادة بها فنجدهم يركزون بحوثهم على المتصوفة   والخوارج، الوقوف عند الحوادث التاريخية التي تمثل انتكاسات أو ثورات أو أزمات مر بها العالم الاسلامي وكأنهم إنما يبحثون عن الطعن في الاسلام (45).

 ج - علاقة الاستشراق بالاستعمار :

 يذكر الباحث بهاء الدين أن الاستعمار ورجال الكنيسة كانوا يشجعون المستشرقين ويدفعونهم لدراسة الحديث والفقه موفرين لهم كل المساعدات المادية والمعنوية، وقد وصلت أبحاث كل من شاخت وجولد تسيهر حد التقديس بحيث يرفض كل نقد لابحاثهم فحدث أن تقدم طالب لإنجاز رسالة دكتوراه تنتقد شاخت في جامعة لندن ثم جامعة كامبردج فرفض طلبه في كلتا الجامعتين، وردت عليه جامعة كامبردج بأنها لا تسمح بنقد شاخت(46).

 المستشرقون خدموا الاستعمار فسلفستر دي ساسي قام بترجمة الإعلان العام الموجه للجزائريين عند احتلال الجزائر، كما قام بالتجسس على المسلمين في الشرق خدمة للإستعمار، وعندما أنشات فرنسا قبيل احتلال الجزائر هيئة المترجمين والمرشدين العسكريين كان من أهم أعضاءها العديد من المستشرقين منهم سيلفاستر دي ساسي (47)، والمستشرق كارل هنريش بيكر kheinrich becker مؤسس مجلة الاسلام الألمانية كان يقوم بدراسات تخدم الاهداف الاستعمارية الألمانية في إفريقيا، أما بارتولد berthold مؤسس مجلة الاسلام الروسية فقد كلفته الحكومة الروسية بالقيام ببحوث تخدم مصالحها في آسيا الوسطى، وعالم الاسلاميات اليهودي سنوك هورنجرونيه تولى مناصب في أندونيسيا خدمة للإحتلال (48)، لقد أصبح الاستشراق في ذلك الوقت بالفعل مرادفا للهيمنةِ على الشرقِ، فالباحث لامارتين كان يبرر الاحتلال الأوروبي للشرقِ خلال رحلاته إلى فلسطين (49) .

 عمل الاستعمار على الإستفادة من التراث الاستشراقي مما عزز موقف الاستعمار، فقد واكب تطور الاستشراق التوسع الاستعماري، الذي جند طائفة كبيرة من المستشرقين لخدمة أغراضه وتحقيق أهدافه وتمكين سلطانه في البلاد المستعمرة فلقد عمل بعض المستشرقين كمستشارين لوزارات خارجية دولهم وكقناصل وتجسسوا على المسلمين (50).

 وكانت هناك علاقة متينة بين السياسيين والمستشرقين حيث كان السياسيون يرجعون إليهم قبل إتخاذ القرارات المهمة في الشؤون السياسية التي تخص الأمم العربية والإسلامية، وكان بعض المستشرقين يؤسس لصداقة بالرجال البارزين في الامة العربية ويتخذ من هذه الصلات ستارا يقوم من وراءه بأعمال التجسس في أثناء الحرب(51).

 كل ذلك جعل الباحث إسماعيل أحمد عمايرة يجزم أن الظاهرة الاستشراقية كانت تمثل الجذور الايديولوجية للإستعمار الحديث بكل دوافعه النفسية كالسيطرة الاستعلائية والرغبة التنصيرية والمصالح الاقتصادية وغيرها (52)، الواضح هنا هو تبادل الادوار بين الاستعمار والاستشراق فهذا المستشرق اليهودي الهولندي الاصل سنوك هرجرونيه يتحدث عن ضرورة الاستشراق للاستعمار وضرورة الاستعمار للإستشراق فيقول: «... وكلما زادت البلاد الإسلامية التي تقع تحت السيادة الأوروبية زادت الأهمية بالنسبة لنا نحن الأوروبيين لنتعرف على الحياة الفكرية وعلى الشريعة وعلى خلفية المفاهيم الإسلامية ...» (53).

د - علاقة الاستشراق بالتنصير:

 طَلائِع المُستَشرِقين الأولى خرجَتْ من الكنائس والأديِرَة بمناصب دينية، والبداية كانت عبر مجمع فيينا الكنسي سنة 1312م، وكانت هذه التَّوصية قائمة على دعوة المُنَصِّر المُستَشرِق ريموند لول وهو مستشرق فرنسي تعلم العربية وحفظ القرآن, طاف بشمال أفريقيا أكثر من مرة, كان يهدف إلى هدم الإسلام (54) ،وهنا يذكر رادشل " في كتابه "الجامعات في أوربا في القرون الوُسطَى" أن: الغرض من هذا القرار الكنسي كان تَنصِيريًّا صرفًا (55).

 وحول علاقة الاستشراف بالتنصير والاستعمار كتب الباحث نجيب العقيقي: «تعاونت الكنيسة مع ملوك أوروبا في مهمة نصفها الأول سياسيا ونصفها الأخر تبشيريا عنصريا» (56)، والاستِشراق مثل التَّنصِير نال الدعم المادي والسياسي والمعرفي والحماية كما نالَ رعاية الكنيسة ومباركتها، فقد اتَّجهت الكنيسة الغربية إلى التَّنصِير من خِلال الفكر والثقافة والعلم، فكان التَّوجُّه إلى ما نُسَمِّيه اليوم بالغزو الفكري في تحقيق ما فشَل فيه سِلاح الغزو الحربي، هذا الغزو الذي اتَّخَذ من الاستِشراق مُنطَلَقًا له، سعى من خلاله إلى تَشوِيه الإسلام بطُرُق شَتَّى (57) .

 لقد برز الاستشراق في البداية بقصد إيقاف التأثير الإسلامي في الغرب، ثم تطور ليخدم مشروع تنصير المسلمين، فقد كان منذ بداية نشأته لخدمة الكنيسة والاستعمار(58)، والمستشرقون لم يتناسوا التبشير في دراساتهم العلمية، والكثير منهم من رجال دين فهدفهم إدخال الوهن في قلوب المسلمين من دينهم وتاريخهم وتراثهم والتشكيك في مبادئهم وعقائدهم وحضارتهم لسلخ المسلمين عن دينهم(59) .

من جهة أخرى فسياسة الاستعمار كانت تخدم بدورها كل من الاستشراق والتبشير، فهي تقوم على :

- تشجيع التبشير وتمكينه في البلاد الإسلامية .

- فصل الدين عن الدولة والحياة، وإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية - تربية جيل من أبناء المسلمين على الفكر والسلوك الغربي وعزله عن عقيدته وتاريخ أمته، ثم اصطفاء نخبة من هؤلاء ليصنعهم الغرب على عينه، وقد ولاهم مقاليد البلاد بعد خروجه منها، فعاثوا فيها فساداً .

- توجيه مناهج التعليم والتربية والإعلام والثقافة والفكر والأدب وغيرها، وصبغها بالصبغة الغربية الخالصة .

- العمل بكل وسيلة على عرقلة النهضة الإسلامية فكرياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً لتبقى بحاجة إلى الغرب.

-عرض الأفكار والنظريات والفلسفات الغربية الهدامة ونشرها بين المسلمين كالشيوعية، والاشتراكية، والوجودية والقومية، والوطنية، والإباحية .. الخ، وتمكين أصحاب تلك الاتجاهات من مراكز القيادة والتوجيه .

ثالثاً

أراء المستشرقين في العقيدة الاسلامية

أ- اليهود و الاستشراق:

 إن اليهود من أشهر أعداء الاسلام وأكثرهم مكر ودهاءاً، قال تعالى ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ سورة المائدة: الاية 82.

 وقد واجهوا المسلمين بألوان من الكيد والتآمر والتأثير في المشركين والتأثير على المسلمين وإستخدموا وسيلة النفاق ضمن وسائلهم الكثيرة، ثم كان لهم في تاريخ الاسلام مكائد كثيرة  ضد شخص الرسول ص وجمهور الأمة وصولا إلى مكايد يهود «الدونمة» ضد الدولة العثمانية إلى المذاهب الهدامة التي نشروها بين المسلمين (60).

 لكن من أخطر المجالات التي دخلها اليهود هي الاستشراق حيث أرادو أن يسددوا إلى الإسلام ضربة في الصميم، من خلال التشكيك في أهم دعامتين هما القرآن والسنة والتشكيك في صحة نبوة الرسول «ص» ثم التشكيك في السيرة النبوية والتاريخ الاسلامي.

 دخل اليهود مجال الاستشراق بإخفائهم الدائم للديانة اليهودية وارتدائهم لأثواب مختلفة، فلقد ارتدوا ثوب الجنسية الأوروبية تارة، و النصرانية تارة , وثوب الإسلام تارة أخرى لتحقيق أهدافهم الخبيثة، ويعد يوحنا الاشبيلي أول المستشرقين اليهود وإسمه الحقيقي هو يوحنا بن داود عاش في القرن الثاني عشر كان له دورا في التنصير فقد اعتنق المسيحية وأخفى اليهودية و قام بترجمة سور من القرآن(61)، والكثير من اليهود دخلوا الاستشراق من باب المسيحية أو بوصفهم أوروبين، ومن هؤلاء شاخت الذي طعن في الأحاديث النبوية وشكك في صحتها، فخدعة الإخفاء هي أشهر ما استخدمه اليهود في صراعهم ضد المسلمين، فلقد جاء في أحد بروتوكولات حكمائهم ما نصه: " عليكم ألا تظهروا... وألا تعرفوا الناس علينا ...عليكم ألا تستخدموا كلمة يهودي".

 يقول الباحث محمود حمدي زقزوق: «لم يرد اليهود أن يعملوا داخل الحركة الاستشراقية بوصفهم مستشرقين يهود حتى لا يعزلوا أنفسهم وبالتالي يقل أثرهم، ولهذا عملوا بوصفهم مستشرقين أوربيين , وبذلك كسبوا مرتين: كسبوا أولا فرض أنفسهم على الحركة الإستشراقية كلها , وكسبوا ثانية تحقيق أهدافهم من النيل من الإسلام وهي أهداف تلتقي مع أهداف غالبية النصارى »، ومن اشهرهم صموئيل زويمر هذا المستشرق الذي كتب عديدا من المؤلفات الإسلامية، وهو مؤسس مجلة العالم الإسلامي عام 1911 م ترأس وأدار العديد من مؤاتمرات التبشير (62) .

 ففي مؤتمر القدس التبشيري عام 1935م وقف يقول :« مهمة التبشير التي تربيكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية, فإن في هذا هداية لهم وتكريما، وإنما مهمتك هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوق لا صله له بالله ،وبالتالي لأصله له بالأخلاق التي تعتمد عليه الأمم في حياتها »، وفي كتابه "العالم الإسلامي اليوم " يقول: «تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لان الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها »، وكتب مخاطبا المستشرقين: «إنكم أعددتم نشأ لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية وبالتالي جاء النشء طبقا لما أراده الاستعمار ...» .

 ومن المستشرقين اليهود أيضا فون جرونباوم وهو مستشرق ألماني ألف عديدا من الكتب الإسلامية منها: الأعياد المحمدية، دراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية، فهذا المستشرق اليهودي إمتلأت كتبه بالاعتداءات الصارخة على الإسلام والمسلمين، ومن بينهم أيضا جولد زيهر وهو مستشرق مجري يعد زعيم علماء الإسلاميات في أوروبا بلا منازع، و كتابه " تاريخ مذاهب التفسير الإسلامي"، يعد أشهر المراجع المعترف بها عند الأوروبيين، وهو الآخر يهودي متعصب ساهم في تلويث المناخ الفكري في العالم الإسلامي ساند هذا المستشرق الفكر البهائي، وهناك جوزيف شاخت *6 أحد كبار اليهود المستشرقين وسار على نهج أسلافه خاصة أستاذه جولد زيهر، وادعى بأن الشريعة الإسلامية لا تختلف عن أعراض الجاهلية، وقد عبر جولد تسيهر عما سماه إختلاف النص القرآني ست عشر مرة في ثمانية وعشرين سطر متوالية(63) .

 يذكر الباحث عبد الله التل أنه ليس من قبيل المصادفة أن نجد أكبر المستشرقين منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين هو اليهودي جولد تسيهر، الذي كرس حياتاه للطعن في الاسلام ونبي الاسلام وقرآن الاسلام، بأسلوب علمي مقنع، وليس من قبيل الصدفة أن يكون من أكبر المبشرين واخطرهم طوال النصف الأول من القرن العشرين هو اليهودي صمويل زويمر، الذي كان يدير عملية التبشير في العالم الاسلامي كله ومعه عشرات المستشرقين والمبشرين من اليهود (64).

 إن هناك الكثير من علماء المسلمين ومفكريهم قد تاثرو بالمستشرقين، ومازالت أمتنا الإسلامية حتى هذه اللحظة تعيش آثار هذه الغزو الفكري الذي أحدثه الاستشراق والمستشرقون ولا سيما اليهود منهم.

ب - المستشرقون والقرآن الكريم :

ادّعى بعض المستشرقين أن القرآن مأخوذ عن النصرانية واليهودية وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد إقتبس أفكاره من النصرانية واليهودية، فقد أكد المستشرق تيودور نولدكه في كتابه "تاريخ القرآن" أن القرآن في معظمه من أصل يهودي، وسبب ذلك هو وجود جماعات من اليهود في يثرب كما أن اليهود كانوا يترددون على مكة ايضا (65)، وهذا المستشرق قد تتلمذ على يد جولد تسيهر وسينوك هيروغرونيه وكلاهما يحمل حقد للإسلام .

 من بين المستشرقين الذين طعنوا في القرآن الكريم أيضا جون وانسبروغ John Wansborough الذي ألف كتاب بعنوان " الدراسات القرآنية: مصادر ومناهج التفسير للكتاب الديني"، ذكر فيه أن القرآن تطور تدريجيا في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين من أصل روايات شفوية عن طريق تعديلات جرت عبر قرنين حتى أخذ شكله الحالي، وصادف ذلك بروز التفاسير القرآنية، وكانت هذه العملية مماثلة لما حدث في تقويم الكتاب المقدس لليهود(66).

 على أن أول المستشرقين الذين طعنوا في القرآن الكريم هو شاخت واستاذه جولد تسيهر وهذا الاخير إمتدت أراءه الخبيثة إلى الحديث ايضا، بينما يذكر شاخت عن القرآن الكريم: إنه لم يكن مصدرا للشريعة الإسلامية قبل القرن التاسع عشر الميلادي(67) .

 لكن بعض المستشرقين المنصفين قد أكدوا خطأ ذلك الاعتقادوكذبوا إدعاءات شاخت و جولد تسيهر حول القرآن الكريم، منهم المستشرق شيبس فقد قال :«يعتقد بعض العلماء أن القرآن كلام محمد وهذا هو الخطأ المحض فالقرآن هو كلام الله تعالى الموحى على لسان رسوله، وليس في إستطاعة محمد ذلك الامي في تلك العصور الغابرة أن يأتينا بكلام تحار فيه عقول الحكماء ويهدي به الناس من الظلمات إلى النور...» أما الباحثة لورا فيشيا فاغليري فتقول في كتابها " دفاع عن الاسلام " «كيف يكون هذا الكتاب المعجز من عمل محمد وهو الأمي الذي لم يقل طوال حياته غير بيتين أو ثلاثة لا ينم منهما عن أدنى موهبة شعرية»(68) .

 المعلوم أن عدد من المستشرقين قام بترجمة معاني القرآن الكريم منهم المستشرق الانجليزي جورج سيل 1697-1736، والذي وضع لها مقدمة قال فيها أن محمد9 «هو من ألفه وساعده أحد من حكماء عصره من بني قومه أو من اليهود والنصارى »، على أن أولى الترجمات تلك التي أمر بها بطرس المحترم في القرن12 الميلادي، والمترجم وهو روبرت الكلوني لم يكن أمينا فقد أغفل بعض المفردات بالاضافة إلى الاخطاء الجسيمة التي وقع فيها، ثم قام روبرت كينت بمساعدة رجل عربي بترجمة القرآن(69)، وقد يكون هذا المساعد من المسلمين المرتدين (70)، توالت بعد ذلك الترجمات إلى مختلف اللغات، بينما كان قد حدث جدال كبير بين العلماء حول ترجمة القرآن الكريم من أمثال: ابي حنيفة، الغزالي، إبن حزم، ابن تيمية، الزركشي، السيوطي، الزرقاني، الحجري، ومشيخة الازهر(71) .

 وفي وقتنا الحالي كل الترجمات الحديثة إعتمدت على الترجمات القديمة التي فيها الكثير من التحريف، لذلك تنبه المسلمون إلى ضرورة ترجمة القرآن الكريم، وقد قام مجمع الملك فهد بالفعل بترجمة معاني القرآن إلى 40 لغة (72).

اهتم المستشرقون أيضا بكتب التفسير التي تخص الفرق الضالة مثل المعتزلة حيث ألف المستشرق الإيطالي جويدي كتاب "شرح المعتزلة للقرآن"، والمستشرق الروسي "سيمينوف" كتاب "القرآن في نظر الإسماعيليين"، لكن الأكثر شيوعاً في هذا المجال هو كتاب " مذاهب التفسير الإسلامي" للمستشرق المجري جولد تسهير.

ج - المستشرقون اليهود والسنة النبوية:

 توجه المستشرقون إلى دراسات الحديث النبوي في وقت متأخر بعد أن أمضوا وقتا في الدراسات التاريخية والادبية، ومن أهم وأخطر الدراسات ما قام به الالماني إجناس جولد تسيهر سنة 1890 حيث أصدر كتاب بعنوان " دراسات إسلامية " الذي أصبح مرجعا للباحثين(73).

وكذلك المستشرق شاخت الذي أمضى عشرة أعوام في دراسات الاحاديث والفقه الاسلامي ونشر بحوثه في كتاب بعنوان "اصول الشريعة المحمدية "، وكان خلاصة ما وصل إليه أنه ليس هناك حديث واحد صحيح وخاصة الاحاديث الفقهية، وأصبح هذا الكتاب مرجعا للباحثين ونال شهرة واسعة .

 وتعتبر تأثيرات كل من جولد تسيهر وشاخت عظيما في المسشرقين فقد وصف المستشرق جب كتاب جولد تسيهر بأنه سيصبح المرجع الاول للأبحاث عن الحضارة الاسلامية والتشريع على الاقل في الغرب، أما نظرية شاخت التي وضعها في كتبه فقد أثرت في جميع المستشرقين ومنهم: أندرسون، روبستون، فيزجرالد، كولسون، بوزورت وغيرهم، بل وأثرت في الكثير من المسلمين المتاثرين بالحضارة الغربية(74).

 ونتيجة للحرب التي شنها بعض المستشرقين على الحديث النبوي والطعن فيه فإن بعض المسلمين قد طالبوا بالاعتماد على القرآن فقط فقد ظهرت طائفة في الهند تدعى" أهل القرآن " تنادي بعدم الاحتجاج بالحديث(75).

ولم يكتف المستشرقون بالطعن بصحة نسبة الاحاديث النبوية إلى الرسول مباشرة بل طعنوا في شخص الرسول ومن وهؤلاء وليام بدول William Bedwell (1516م-1632م) الذي ظهرت له كتابات امتلأت بالحقد على الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم(76)، وينقل إدوارد سعيد عن نورمان دانيال في كتابه " الإسلام والغرب"، بأنّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم ينظر إليه في الغرب بأنه نبيُّ الوحي الكاذب(77).

 والحديث النبوي تعرض ولا يزال يتعرض لحملات مكثفة وهجمات ضالة وإفتراءات ظالمة مستهدفة هذا المصدر التشريعي المهم بالنسبة للمسلمين، لكن هناك من المستشرقين انفسهم من إنبرى دفاعا عنه، فهذا موريس جودفري ديمونبنين في كتابه: " القوانين الاسلامية " قال عنه: «هو المصدر الثاني للقانون الاسلامي، يبدو أنه إلى يومنا لا ينضب من المواد المسجلة لدراسة القانون... إنها وثائق في غاية الامتاع والفائدة »، ومنهم ايضا غوستاف جرونبوم في كتابه "الاسلام في العصورر الوسطى": إن المثل الذي يجب الاقتداء به هو النبي 9، ومن حيث أن القرآن لايورد التعليمات التفصيلية اللازمة لتطبيق نصوصه كانت سنة النبي هي التي كانت تملأ الفراغ وتحوي التفصيل اللازم.

 ويذكر الباحث إ - س تريتون في كتابه: " الاسلام عقيدة وعمل " «يعتبر محمد المثال الذي يجب أن يحذو حذوه المؤمنون، فالذين آمنوا بجد أرادو أن يعرفوا كل تفاصيل حياته حتى يتسنى لهم إتباعه  فالقوانين في القرآن لا تأتي التفاصيل الكافية لتنظيم الحياة في الدولة الاسلامية ... ومن هنا جاء الاهتمام بتدوين الاحاديث وجمعها وتبويبها»(78).

 ومن الباحثين من يؤدي به البحث المخلص إلى الاهتداء إلى الاسلام، كما فعل المستشرق الفرنسي إتيان ديني الذي عاش في الجزائر وأعجب بالاسلام فاسلم وتسمى بناصر الدين ديني، والف كتاب عن سيرة الرسول 9 وكتاب اشعة خاصة بنور الاسلام، نقل جثمانه إلى الجزائر حيث دفن فيها، والمستشرق المجري عبد الكريم جرمانوس الذي إعتنق الاسلام في الهند، ومنهم موريس بوكاي الطبيب الفرنسي صاحب كتاب: دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، و المستشرق الاسباني سيمون هايك(79)، ومن بينهم أيضا مراد هوفمان الذي ألف كتاب: " الإسلام كبديل "، و الفيلسوف الفرنسي رينيه جينو الذي أصبح إسمه عبد الواحد يحيى حيث قال: «أردت أن أعتصم بنص لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلم أجد بعد دراسة عميقة، سوى القرآن الكريم».

 الدراسات الاستشراقية حتى الموضوعية منها لم تسلم من تعصب وهوى وهي تعمل على خدمة نزعات دينية وإستعمارية، كما أن هذه الدراسات لا تخلوا من هنات واخطاء لغوية وعلمية وتاريخية مقصودة أو غير مقصودة،

*  هوامش البحث  *

(1) محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي: مختار الصحاح، مكتبة لبنان، 1986، ص 142.

(2) محمد بن يعقوب مجد الدين الفيروز آبادي: القاموس المحيط، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة بيروت، 2005، ط8، ص 879.

(3) محمد فتح الله الزيادي: الاستشراق أهدافه ووسائله، دمشق: دار قتيبة، الطبعة 2 :2002م ص17.

(4) إبراهيم مصطفى وآخرون: المعجم الوسيط: ج1، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ط4 ،2004، ص482.

(5) متفق عليه البخاري (394) ومسلم (264(.

(6) عبد الله محمد الامين النعيمي: الاستشراق في السيرة النبوية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فرجينيا، الولايات التحدة الامريكية 1997، ص15-16

(7) عبد الرحمان حسن حبنكة الميداني: أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها التبشير الاستشراق الاستعمار،دار القلم دمشق، ط8 ،2000 ،ص 53

(8) محمد فتح الله الزيادي: المرجع السابق، ص 16-17.

* فقد أطلقت كلمة »المستعربين« Mozarabes)) على العناصر المسيحية التي استعربت في لغتها وعاداتها، ولكنها بقيت على دينها محتفظة ببعض تراثها اللغوي والحضاري. وقد كفلت لهم الدولة الإسلامية حرية العقيدة، فأبقت لهم كنائسهم وأديرتهم وطقوسهم الدينية التي كانت تقام باللغة اللاتينية، كما كان لهم رئيس يعرف بـ»القومس« (Gomez) وقاضٍ يعرف بقاضي العجم أو النصارى، يفصل في منازعاتهم بمقتضى القانون القوطي، أنظر: محمد القاضي: «الاستعراب الإسباني والتراث الأندلسي من خلال ثلاثة نماذج: خوان أندريس ـ غاينغوس ـ ريبيرا» مجلة التاريخ العربي، عدد 15، ص 188

(9) محمد القاضي: المرجع السابق، ص 91

** حول يوحنا الدمشقي أنظر :

كمال اليازجي: يوحنا الدمشقي بيروت:منشورات النور 1984، جواد علي: يوحنا الدمشقي، مجلة الرسالة ( مصر )، ( عدد 610 )، ص 243، ربيع الأول 1364 هـ ـ مارس 1945 م.

(10) سليمان أحمد الضاهر: لاهوت يوحنا الدمشقي(دراسة تحليلية في كتاب "المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي") كتاب طبع بمناسبة القدس عاصمة الثقافة العربية ص 734-735، هنري لامنس، "أسرة القديس يوحنا الدمشقي"، مجلة المشرق،بيروت، العدد 29، 1931، ص482-483

*** بعض الرُّهبان من البلدان الأوروبية قصدوا الأندلس في إبَّان عظمتها ومجدْها ودرسوا في مدارسها،وترجمَوا القرآن وبعض الكتب العلمية إلى لغاتهم وخاصة الفلسفة والطب والرياضيات، وبعد أن عاد هؤلاء الرهبان إلى بلادهم، نشروا ثقافة العرب ومؤلَّفات أشهر علمائهم، ثم أسسوا المعاهد التي تعنى بالدراسات العربية أمثال: مدرسة "بادوا العربية"، وأخذت الأديرة والمدارس الغربية تدُرِّس مؤلفات العرب المترجمة إلى اللاتينية، واستمرَّت الجامعات الغربية تعتمد على كتُب العرب، وتعتبرها المراجع الأصلية للدراسة قرابة ستة قرون .أنظر: إدوارد سعيد، الاستشراق، ترجمة محمد عناني، رؤية للنشر والتوزيع، 2006،، ص 80.

(11) مصطفى السباعي «الاستشراق والمستشرقون» المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، ص14-17.

(12) الإلوري آدم عبد الله، «الإسلام في نيجيريا»، ص150.

(13) إدوارد سعيد: الاستشراق، ترجمة محمد عناني، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006، ص 80.

(14) مصطفى السباعي: المرجع السابق، ص 14.

(15) محمد إبراهيم الفيومي: الاستشراق رسالة إستعمار، دار الفكر العربي ،ـبيروت 1993، ص30

(16) ساسي سالم الحاج: نقد الخطاب الاستشراقي، ج1، دار المدار الإسلامي، بيروت، 2002، ص107.

(17) محمود حمدي زقزوق: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، دار المعارف، بيروت 2008، ص30.

(18) عبدالرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،، ط4 ص 248

(19) يحيى مراد: معجم أسماء المستشرقين.ـ بيروت: دار الكتب العلمية، 1425هـ/2004م، ص44.

(20) ساسي سالم الحاج: المرجع السابق، ص91.

(21) يحيى مراد: المرجع السابق، ص45.

(22) ساسي سالم الحاج: المرجع السابق، ص63.

(23) محمود حمدي زقزوق :المرجع السابق، ص41.

(24) محمد إبراهيم الفيومي: المرجع السابق، ص61

(25) نفسه، ص44

(26) نفسه، ص58

(27) مصطفى السباعي: المرجع السابق، ص 15-16 .

(28) على بن إبراهيم النملة: الاستشراق والقرآن الكريم، مجلة البحوث والدراسات القرآنية، ، العدد الثالث، السنة الثانية ،جانفي 2007،ص 209

(29) نفسه: ص 210

(30) مصطفى السباعي: المرجع السابق، ص 21-23

(31) عبد الرحمان حبنكة الميداني: المرجع السابق ،ص 53 -54

(32) نفسه: ص 129

(33) عبد الله محمد الامين النعيمي: الاستشراف في السيرة النبوية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1997، ص19

(34) عبد الرحمان حسن حبنكة الميداني: المرجع السابق، ص 130-131

(35) مصطفى السباعي: المرجع السابق، ص ٢٣، محمد قطب: المستشرقون والإسلام، ص ٥٤

(36) محمد الغزالي: دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، القاهرة: نهضة مصر، بدون تاريخ، ص 3.

(37) عبد الرزاق أحمد: فلسفة المشروع الحضاري، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1/ 162، 1995م

(38) إدوارد سعيد: المرجع السابق، ص 288-286

(39) ليون روش: ثلاثون سنة في رحاب الإسلام مذكرات ليون روش في رحلته إلى الحجاز، ترجمة محمد خير محمود البقاعي، جداول للنشر بيروت، 2011، ص 09- 14، الامير عبد القادر: " حسام الدين لقطع شبه المرتدين "، وثيقة بخط يد الامير .

(40) محمد إبراهيم الفيومي: المرجع السابق، ص81

(41) نفسه: ص87

*4 قيل بأن اصوله تعود إلى يهود الدونمة.

(42) محمد إبراهيم الفيومي: المرجع السابق، ص89

* ظهرت هذه الحضارة في الاناضول وكانت معاصرة للامبراطورية الحديثة في مصر، قضت عليها غزوة شعوب البحر.

(43) محمد إبراهيم الفيومي: المرجع السابق، ص90

(44) مصطفى السباعي: المرجع السابق، ص 25-33

(45) نفسه: ص 33-36

(46) محمد بهاء الدين: المستشرقون والحديث النبوي، دار النفائس، عمان الاردن، 1999، ص35

(47) عبد الرحمن بدوي: المرجع السابق، ص334-339، يحيى مراد: المرجع السابق، ص 537-530.

(48) محمود حمدي زقزوق: المرجع السابق، ص44- 46، سالم حميش: الاستشراق والعقد الاستعماري، مجلة الاجتهاد، عدد 23، بيروت 1994، ص 200، 202، 207،210.

(49) إدوارد سعيد: المرجع السابق، ص 288-286.

(50) نفسه: ص146، 121، محمود حمدي زقزوق: المرجع السابق، ص46.

(51) محمود حمدي زقزوق: المرجع السابق، ص47.

(52) إسماعيل أحمد عمايرة: المسترقون وتاريخ صلتهم بالعربية بحث في الجذور التاريخية للظاهرة الاستشراقية، دار حنين عمان الاردن، ط2، 1992، ص 51.

(53) بوسكي وشاخت: مختارات من كتاب سنوك هرجرونيه نشرها، مؤسسة برايل في لندن 1957م، ص 267.

(54) ساسي سالم الحاج: المرجع السابق، ص37.

(55) مجموعة من علماء المسلمين: الإسلام والاستشراق, ص 71.

(56) نجيب العقيقي: المستشرقون، دار المعارف - مصر، 1964،ج 3، 1156-1157

(57) سعيد عاشور: بحوث في تاريخ الإسلام وحضارته عالم الكتب القاهرة، 1987, ص12, شوقي أبو خليل: أضواء على مواقف المستشرقين والمبشرين، جمعية الدعوة الاسلامية – طرابلس ليبيا 1992, ص264.

(58) عبد الله محمد الامين النعيمي: الاستشراق في السيرة النبوية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1997، ص18 .

(59) مصطفى السباعي: المرجع السابق، ص 21-23.

(60) عبد الرحمان حسن حبنكة الميداني: المرجع السابق، ص 28.

(61) عبد الرحمن بدوي: المرجع سابق ،ص 631

(62) عبد الله التل: جذور البلاء، ج1، دار الارشاد، بيروت، ص 187-203، محمود حمدي زقزوق: المرجع السابق، ص 52-54.

*  مستشرق ألماني مختص في الفقه الاسلامي يعد الخبير الاول في الشريعة الاسلامية كتب ابحاثا كثيرة في الفقه وترجم العديد من الكتب العربة وشارك في تحرير دائرة المعارف الاسلامية، من أهم كتبه كتاب أصول الشريعة المحمدية، انظر : محمد بهاء الدين، المستشرقون والحديث النبوي، دار النفائس، عمان الاردن، 1999، ص19.

(63) محمد حسن حسن جبل: الرد على المستشرق اليهودي جولد تسيهر في مطاعنه على القرءات القرآنية ط2، 2002، جامعة الازهر، ص 15.

(64) عبد الله التل: المرجع السابق، ص 298.

(65) تيودور نولدكه: تاريخ القرآن، ترجمة جورج تامر وآخرون، دار النشر جورج ألمز،هلدسهايم، زيورخ، المانيا، ط4، 2000، ص 7-8.

(66)  J. Wansborough: Qur’anic Studies: Sources and Methods of Scriptural Interpretation, Oxford, 1977, pp.42-45

(67) ibid. p44

(68) على بن إبراهيم النملة: المرجع السابق ،ص 206.

(69) عبد الرحمن بدوي: المرجع السابق، ص441.

(70) محمد عبد الواحد العسري: الاسلام في تصورات الاستشراق الاسباني من ريموندس لولوس إلى أسين بلاثيوس، منشورات مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، 2003، ص122

(71) على بن إبراهيم النملة: المرجع السابق ،ص 198.

(72) نفسه: ص 204.

(73)  محمد بهاء الدين: المرجع السابق، ص19.

(74) محمد بهاء الدين: المرجع السابق، ص20-22.

(75) نفسه: ص34.

(76) عبد الرحمن بدوي: المرجع السابق، ص 252.

(77) إدوارد سعيد: المرجع السابق، ص62.

(78) محمد بهاء الدين: المرجع السابق، ص31-32.

(79) عبد الرحمان حسن حبنكة الميداني: المرجع السابق، ص 132-134.

(80) أنور محمود زناتي: معجم إفتراءات الغرب على الاسلام، جامعة عين شمس، ص15.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف