البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

October / 30 / 2014  |  1064الخطر الطائفي على السعودية

جيورجيو كافييرو دانيال واغنر صحيفة هوفينجتون البريطانية 14 حزيران 2014
الخطر الطائفي على السعودية

في الشهر الماضي، حُكم على شيعيّيْن سعوديّيْن بالإعدام لارتكابهما المزعوم جرائم لم تسبّب القتل أو الأذى، ليكون العقاب الأقصى الذي تصدره الحكومة السعودية بحق نشطاء شيعة في المحافظة الشرقية منذ اندلاع الاضطراب الطائفي في تلك المنطقة الحيوية إستراتيجياً من المملكة خلال العام 2011. وفي محاولة لقمع تطلعات مواطنيها نحو الإصلاح السياسي والاجتماعي، أنفقت الحكومة منذ ذلك الوقت 130 مليار دولار على برامج القطاع العام في كافة أنحاء المملكة. وفيما تخفق البرامج في إخماد الغضب المعادي للحكومة في المحافظة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية، يبدو أنها نجحت في الأجزاء الأخرى من البلاد حيث تسكن الأغلبية السنية. ولكن، نظراً لكون معظم ثروة الموارد الطبيعية للمملكة تُجنى من المحافظة الشرقية، يمكن للاضطراب الطائفي المتزايد أن يكون له إنعكاسات جيوسياسية كبيرة على البلاد والمنطقة ومشتري النفط السعودي.

إن أعمال العنف بين الأجهزة الأمنية الرسمية والسكان الشيعة محصورة بالمحافظة الشرقية التي تُعد موطناً لكل شيعة المملكة تقريباً. وجراء وقوعها عند ساحل الخليج الفارسي، فإن المحافظة الشرقية على مقربة جغرافية من البحرين وإيران والعراق، وكلها دول ذات أغلبية شيعية. كما أن المحافظة تحد الكويت وعمان والإمارات العربية المتحدة واليمن، وهي بلدان تضم أقليات شيعية. منذ العام 2011، يخرج الشيعة السعوديون في مظاهرات في مراكز سكانية أساسية في المحافظة الشرقية مما يُعد تحدياً لأوامر الحكومة. ومنذ ذلك الوقت، قُتل 21 مواطناً واعتُقل أكثر من 300 آخرين نتيجة قمع الرياض لإبداء الرأي العام المعارض في المحافظة الشرقية. وإذا ما كان التاريخ يُعد دليلاً، فإن القمع المستمر بحق شيعة السعودية من المحتمل أن يدفع بعض التيارات الشيعية نحو التسلح والتطرف.

 

تاريخ الشيعة في السعودية

يشكل الشيعة السعوديون بين 10 و15% من سكان السعودية وتعود جذورهم في المحافظة الشرقية إلى قرون مضت. ومعظم الشيعة السعوديين ينتمون إلى الفكر الشيعي الاثنى عشري، مع أعداد قليلة تعتنق المذهب الشيعي الإسماعيلي والزيدي. وفيما يدّعي كثير من السلفيين أن المواطنين الشيعة في المملكة هم "عملاء" لإيران، فإن فئة قليلة من الشيعة السعوديين تربطهم علاقة دم بشيعة إيران. وكثيرون منهم لهم أقارب من شيعة البحرين، حيث أن البحرين الكبرى كانت في السابق تضم أراض الآن هي تتبع للسعودية.

إبان القرن الثامن عشر، قام المسلحون الوهابيون باحتلال عسكري لشرقي شبه الجزيرة العربية وشنوا عمليات جهادية شرسة بحق العرب الشيعة، معتبرين أنهم "ملحدون" أو "مسلمون مُزيفون". والملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة السعودية، قام بثورة ضد العثمانيين من أجل السيطرة على شرقي شبه الجزيرة العربية في أوائل القرن الماضي فارتكب المجازر بحق المجتمعات الشيعية. ومنذ تأسيس المملكة عام 1932، يُعاني شيعة السعودية من التمييز في المجالات العامة والخاصة. فما من شيعي يشغل منصب عضو في مجلس الوزراء أو نائب وزير أو مدير جامعة في السعودية، كما أنه يُمنع بناء المساجد الشيعية بصرامة.

 

الصحوة العربية في السعودية

منذ العام 2011، تدهورت العلاقات بين القوى الأمنية السعودية والفئات الشيعية المختلفة في المحافظة الشرقية. وبعد أيام فقط من إعلان الحكومة منع أي شكل من أشكال التظاهرات العامة خرج في العام نفسه متظاهرون شيعة في "يوم الغضب". ولكن، بدلاً من الدعوة إلى ثورة عنفية، تضمنت مطالب المتظاهرين منح الحقوق العادلة للشيعة وإطلاق سراح السجناء السياسيين في السعودية. وكرد على المظاهرات، اعتقلت الشرطة السعودية أكثر من 950 مواطناً، لا يزال 217 منهم رهن الاعتقال.

خلال الصحوة العربية، أصبحت التوترات الطائفية في المحافظة الشرقية مرتبطة إلى حد كبير بالصراعات الطائفية الأخرى في المنطقة. فالبحرين، التي لها حدود تمتد 16 ميلاً مع المحافظة الشرقية، تواجه انتفاضة بقيادة شيعية مناهضة للمملكة السنية. وكانت القوات السعودية قد دخلت في آذار 2011 إلى البحرين لمساعدة المنامة في الجهود الرامية إلى قمع المتظاهرين ضد الحكومة والمنتمين إلى شيعة البحرين. وخلال "يوم الغضب"، عبّر المتظاهرون في المحافظة الشرقية عن تضامنهم مع نظرائهم الشيعة في شوارع البحرين. وبرّر المسؤولون السعوديون تدخلهم في الشؤون البحرينية بادّعاء أن انتفاضة البحرين مرتبطة بالمتظاهرين في المحافظة الشرقية. وعلى ما يبدو فإن المسؤولين في السعودية متخوفون من أن تعيد طهران تنشيط حزب الله السعودي من أجل الضغط على السعودية للتراجع عن مواقفها بخصوص البحرين وسوريا.

وعندما اختُرقت حواسيب شركة آرامكو السعودية في العام 2012، كانت النتيجة أن ثلاث أرباع البيانات تم استبدالها بصورة لعلم أمريكي مُحترق. ووفقاً للحكومة الأمريكية، عملاء إيرانيون يقفون وراء عملية الاختراق. وبغض النظر عن التورط الفعلي لطهران مع أغلبية عمال آرامكو من الطائفة الشيعية، يُعد الحادث تذكيراً- كما لو أن الأمر بحاجة إلى تذكير- بأن عدداً صغيراً من الأفراد قادر على تنفيذ ضربات ضد الصناعة النفطية للسعودية.

في العام نفسه، اتهمت وزارة الداخلية "مجرمين" شيعة بتنفيذ "أجندة أجنبية"، متبنيةً الرواية السلفية بأن شيعة السعودية هم إما "طابور خامس" أو "عملاء" لإيران. والحالات المروية حول إطلاق النار من قبل مسلحين شيعة على الشرطة، إن صحّت، تُشير إلى أنّ العنف يتصاعد والتطرف المسلح يجد له أرضية لدى تيارات شيعية مُعينة في المحافظة الشرقية.

 

إندماج أو انسلاخ

أصبحت علاقات إيران بالدول الصغيرة في مجلس التعاون الخليجي وديةً منذ أن وصل الرئيس روحاني إلى سدة الرئاسة في العام الماضي. ورغم أن السعودية تبقى الدولة الأكثر عداءً لإيران في مجلس التعاون الخليجي، يبدو أن الرياض تسعى إلى إبقاء الخطوط الدبلوماسية مع إيران مفتوحة، مع الإستمرار في شن حروب بالوكالة تهدف إلى مواجهة نفوذ إيران في العالم العربي، وخصوصاً في سوريا. وبينما العروض الدبلوماسية للسعودية المُقدمة إلى إيران في الشهر الماضي مردها إلى عوامل عديدة، من المحتمل أن تكون الرياض تأخذ بعين الاعتبار منفعة واحدة وهي تخفيف التوتر مع إيران من أجل إمكانية أكبر لتخفيف حدة التوتر الطائفي في المحافظة الشرقية. ولكن من الصعب التنبؤ بكيفية رد طهران أو ما إذا كان أي تقدم في العلاقات الثنائية سيحظى بتأثير إيجابي في المدى البعيد.

لا يمكن نسب الاضطراب الطائفي بالكامل إلى مسعى إيران من أجل نفوذ أوسع في منطقة الخليج. فقبل الثورة الإيرانية بكثير، عانى شيعة السعودية من القمع على يد الحكم الوهابي في المملكة السعودية. ويجب على الحكومة السعودية أن تعترف بأن السبب الأساسي للمعارضة المناهضة للحكومة في المحافظة الشرقية هو النظام السياسي الذي يهدد الشيعة على أساس أنهم مواطنون من الفئة الثانية. وأسلوب تعامل السلطات السعودية مع المعارضة الشيعية- سواء عبر الحوار أو التسوية أو مزيد من القمع- ستحدد مستقبل المشهد الطائفي في السعودية. كما أن مزيداً من التسلط وانتهاكات حقوق الانسان يُهدد بتفشي مزيد من الرد المسلح على يد الشيعة السعوديين.

منذ العام 2011، يُسجّل النشاط المعادي للحكومة في المحافظة الشرقية تشابهاً معيناً بين مطالبة شيعة السعودية بإصلاح سياسي وإجتماعي وبين حركات الصحوة العربية في الدول الشرق أوسطية وتلك في شمالي أفريقيا. ومن الواضح أنّ السعودية هشّة أمام الرأي المعارض القوي والتمرد داخل حدودها. لكن الرد على المطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية عبر قبضة حديدية، تكون الحكومة السعودية تسبح ضد التيار.

إن تمويل دولة ذات إيرادات يمكن أن يسترضي المواطنين طالما أن الحكومة تحافظ على الشرعية. وقمع شيعة السعودية يكلف النظام الحاكم خسران شرعيته بين عدد كبير من مواطني المحافظة الشرقية. ومن أجل الحفاظ على الاستقرار النسبي، فإن الرياض بحاجة إلى إيجاد وسيلة لدمج أقليتها الشيعية على نحو أكبر في المجتمع السعودي. كما أن حرمان الشيعة من حقوقهم واضطهادهم لم ينفع. لذا يمكن للمشكلة أن تتفاقم أكثر مع الوقت.

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف