البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

April / 3 / 2017  |  1081الاستراتيجية التركية بين الغرب والورقة الطائفية

هاشم الباججي المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية شباط 2017
الاستراتيجية التركية بين الغرب والورقة الطائفية

تعيش  تركيا في حالة تذبذب على كافة الصعد والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فهي في صراع ما بين جذورها الشرقية وطموحاتها الغربية، فجذورها الشرقية الاسلامية وواقعها الجغرافي ومصالحها الاقتصادية لا تعطيها فرصة الانسلاخ التام عن تراثها، كما ان طموحاتها الغربية تفرض عليها السير في ركاب السياسة الغربية والعمل كأداةٍ لها في المنطقة في اطار الحرب ضد الارهاب .


فمنذ تولى مصطفى كمال "اتاتورك" الحكم في تركيا عام 1923، باتجاهاته العلمانية الرامية الى تغريب تركيا وعلمنتها وسلخها من جذورها الثقافية الاسلامية، سعياً لادماجها الكلي بالمجتمع الغربي 
     ورغم محاولات تركيا لانتهاج سياسة خارجية محايدة ومستقلة لنيل المكاسب والثقة من كلا الطرفين ( الغرب وواقعها الاسلامي) إلا ان كفة انتماءاتها الغربية لدى سلطتها السياسية غالباً ما كانت هي الراجحة، إلا ان متغيراتٍ اقليمية ودولية وداخلية شهدتها منطقة الشرق الاوسط والعالم لاسيما التطرف الديني وموجة الارهاب العالمي، وضغط الرأي العام التركي على الحكومة، دفعت تركيا لإعادة النظر في سياستها الخارجية المعتمدة في توجهاتها على الغرب، والبحث عن ساحات استراتيجية اخرى، فوجدت ضالتها المنشودة في تسيد المشهد السياسي في منطقة الشرق الاوسط واعادة امجاد إمبراطورتيها العثمانية الغابرة لاسيما بعد التقاء مصالحها مع  دول الخليج بنفطه الوفير وثرواته المتنامية فوجدت فيه الحل الوافي لإخراج تركيا من عزلتها وحل ازماتها الاقتصادية وكحلفاء اقليميين، فبدأت تركيا بمد جسور التعاون مع دول المنطقة ككل للتخلص من مشكلاتها العالقة من جهة، وللضغط على امريكا والغرب للحصول على موقع متميز في حلف شمال الاطلسي، كونها تمثل الحامية للجناح الجنوبي الشرقي للحلف، ورفع الحظر التسليحي المفروض عليها من جهة اخرى.

ورغم مجالات التعاون الكبيرة التي استطاعت تركيا ان تفتحها مع دول الخليج والمنطقة إلا ان مجالات التهديد التركي للمنطقة لا زالت موجودة، خصوصاً وان العلاقات التركية (الإسرائيلية) تشهد تقدماً ملحوظاً وصل حد الشراكة الاستراتيجية، كما تحاول تركيا الحصول على مكاسب اقليمية في المنطقة العربية خصوصاً ومنطقة الشرق الاوسط عموماً. 

اذ ان الملف الكردي مع العراق لم يتم طيه، كما ان محاولاتها لاستغلال ازمة المياه في العراق ومنطقة الخليج  لمقايضة مياه الفرات بنفط الخليج لازالت مستمرة، فضلاً عن كون محاولاتها المستمرة لرهن المستقبل المائي لدول الخليج العربي بالقرار (الإسرائيلي) لازال قائماً، اضافة الى تغلغلها في شمال العراق وسوريا لتثبت أنها اللاعب الاساس بالمنطقة وانها المدافع الاول عن حقوق المسلمين السنة والقومية التركمانية ، وبهذا أدخلت نفسها في منزلق خطير، وفي معطيات هذا التشابك في العلاقات التركية مع محيطها الاقليمي سيتوضح مستقبل السياسة التركية اذا ما استمرت في سياستها التي اعتمدت فيها على التوتر المذهبي والعرقي.

أما مع محيطها الاوربي الذي تتوق السياسة التركية للانضمام اليه فأنه يواجه الكثير من التحديات ولعل ابرزها إسلاميتها ورغم علمانيتها لكنه هو العائق الاساس الذي يقف بوجه حصولها على العضوية الكاملة في الاتحاد الاوربي ، وكذلك مسألة حقوق الانسان ومشكلات النمو الاقتصادي هي واحدة من معوقات انضمامها الى الاتحاد ،وبعد تمكن التيار الاسلامي من الوصول الى السلطة وتشكيل الحكومة ، تحاول الحكومة التركية إبقاء علاقات متزنة مع المحيط العربي ولاسيما الخليجي منه بسبب ثقله الاقتصادي بالنسبة الى تركيا والمحيط الاوربي الذي يشكل الحلم التركي من خلال الانضمام الى الاتحاد الاوربي ، وهذا مما أدخل تركيا في اللعب على الوتر المذهبي والقومي لارضاء بعض الاطراف ، فوجدت تركيا نفسها قد أصبحت الساحة الاولى في عمليات تنقل الارهابيين بقصد او بغير القصد من أجل الضغط على جميع الاطراف لتنال غاياتها التي تسعى اليها.

ورغم هذا وذاك فان تركيا تعلم قبل غيرها بنتيجة اللعب بورقة العنف الاسلامي والمذهبي فلها تجارب مريرة في الماضي مما جعلهم ينظمون قانون العقوبات التركي المادة 63 الذي يحظر النشاطات السياسية الدينية التي لم يتم الغاؤها إلا في 17/12/1989 ، اذ تزايدت النشاطات الارهابية في تركيا منذ عام 1978 فقتل حوالي 800 شخص في صراع بين اليمين واليسار، كذلك ادت نزاعات مسلحة بين اطراف سنية واخرى شيعية الى مقتل 100 شخص، واستمر العنف في البلاد حتى وصلت الامورالى ما يشبه الحرب الاهلية اذ قتل وجرح حوالي 13 الف شخص خلال سنتي 1979و1980 وحدث اكثر من عشرين اغتيالاً سياسياً في كل يوم ، وفي الاعوام العشرة الاخيرة بدأت ظاهرة العنف الاسلامي تطرح نفسها من جديد اثر هجومين انتحاريين على كنيستين يهوديتين في 15 نوفمبر 2003 في اسطنبول، ثم تلاه عمليتا تفجير انتحاري في شاحنتين مفخختين استهدفتا القنصلية البريطانية وبنكاً بريطانياً في 20 نوفمبر 2003 اسفرتا عن قتل 30 شخصاً واصابة اكثر من 400 بجروح، وقد اعلنت كل من منظمة قاعدة ابن لادن وجبهة مقاتلي الشرق الاسلامي العظيم مسؤوليتها عن تلك الاحداث ، وتوالت احداث التفجيرات والاغتيالات في تركيا حتى طالت رئيس الوزراء التركي نفسه اردوغان الذي نجا بدعم امريكي واوربي من الانقلاب الذي جرى عليه في العام المنصرم ، وقد كان اخرها وليس اخيرها اغتيال السفير الروسي في نهاية عام 2016 ، ومن مجمل الاحداث يتضح فشل السياسة التركية التي حاولت من خلالها التلويح بالورقة الدينية – الطائفية سواء للمحيط الاقليمي الذي تحاول ان تكون هي المحرك الاساس للحركات المتطرفة فيه التي تهدد بها الاتحاد الاوربي بانها البوابة في منع او فسح المجال لدخول هذه المجموعات الارهابية لتكون وسيلة ضغط على هذه الدول أم الاوروبي، وهذه الازدواجية السياسية من قبل الساسة الاتراك ستكون بالتأكيد لها ارتدادت مؤثرة على الداخل التركي وقد بانت بعض نتائجه .

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف