البحث في...
عنوان التقرير
إسم الباحث
المصدر
التاريخ
ملخص التقرير
نص التقرير
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

March / 29 / 2017  |  2260العلاقات العراقية - الكويتية ... خور عبد الله أنموذجا

حيدر رزاق شمران المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية شباط 2017
العلاقات العراقية - الكويتية ... خور عبد الله أنموذجا

على الرغم من التحسن الملحوظ الذي شهدته العلاقات العراقية – الكويتية بعد سقوط النظام البائد وتبادل السفراء بينهما إلا إن مشكلة الحدود تبقى قائمة لتشهد بين الفترة والأخرى توترا ينعكس على العلاقة بين البلدين.

 ولعل خور عبد الله مثال لذلك حيث كثر الجدل في الآونة الأخيرة على مجريات الأحداث فيه وما إذا كانت الحكومة في اتفاقها مع حكومة الكويت تقوم بجزء من التزاماتها مضطرة أمام المحافل الدولية لما ابرمه النظام البائد من اتفاقيات وعقود .. أم إنها صفقة جرت خلف الكواليس أريد لها أن تكون قسمة ارضائية شأنها شأن غيرها من الصفقات الأخرى بين الأطراف والتي ربما  سرعان ما تتعرض للانهيار وفق مصلحة أو ظرف ما.

ونحاول هنا أن نسلط  الضوء على مختلف الآراء والنتائج التي تناولت هذا الشأن العراقي الذي كثر فيه الجدل.


أحداث تاريخية

تناولت صحيفة المعرفة الالكترونية مشكلة الحدود بين العراق والكويت وتذبذب هذه العلاقة تاريخيا بسبب المماطلة في تثبيت الحدود الجغرافية بين البلدين, حيث ترى من خلال خبراء مختصين في السياسة والتاريخ إن مشكلة الحدود بين العراق والكويت تمتد إلى مطلع ثلاثينيات القرن الماضي عندما طلبت بريطانيا من العراق ترسيم الحدود مع الكويت ليتسنى له الحصول على استقلاله والانضمام إلى عصبة الأمم في العام 1932. فبعث رئيس الوزراء العراقي وقتذاك نوري السعيد برسالة إلى السلطات البريطانية في 21 تموز 1932 تتضمن وصفاً تفصيلياً للحدود البرية بين البلدين.

وخلال المباحثات التي كانت جارية بين العراق والأردن عام 1958 لتشكيل ”الاتحاد الهاشمي“ اقترح نوري السعيد على بريطانيا منح الاستقلال للكويت ليتسنى لها الدخول في الاتحاد كدولة مستقلة. لكن بريطانيا رفضت هذا الاقتراح وبقيت الكويت محمية بريطانية.

وفي العام 1961 قررت بريطانيا منح الاستقلال للكويت لكن الزعيم عبد الكريم قاسم وخلال مؤتمر صحفي عقد في وزارة الدفاع يوم 25 حزيران 1961 طالب بضم الكويت إلى العراق على أساس إنها كانت قضاء عثمانياً تابعا لولاية البصرة في العهد العثماني.

وباءت هذه المحاولة بالفشل عندما قامت بريطانيا بإنزال قواتها في الخليج للدفاع عن الكويت. وبقي العراق معارضاً لانضمام الكويت للأمم المتحدة حتى انقلاب 8 شباط 1963 حيث دعت الحكومة العراقية الجديدة إلى حل النزاع بالطرق السلمية.

واثر ذلك وصل وفد كويتي برئاسة صباح السالم الصباح ولي العهد الى العاصمة بغداد واجتمع بوفد عراقي برئاسة احمد حسن البكر رئيس الوزراء في ذلك الوقت.

وتمخض الاجتماع عن توقيع محضر مشترك صدر في 4 تشرين الثاني 1963 تم بموجبه الاعتراف باستقلال دولة الكويت وسيادتها على أراضيها وحدودها. وبالرغم من كل ما جرى من مداولات ومشاورات بشأن الحدود العراقية الكويتية، بقيت مسألة الحدود بالنسبة للجانب العراقي مرسومة على الورق فقط، في الوقت الذي تطورت فيه العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدين ولم تظهر أية مشكلة بهذا الشأن حتى عام 1989.

وتعززت العلاقات بين البلدين أكثر خلال قيام الحرب العراقية -الإيرانية، إذ قدمت الكويت للعراق خلال هذه الحرب دعماً مالياً واقتصادياً وإعلاميا منذ بداية الحرب وحتى توقفها في 8/8/ 1988.

وطوال هذه المدة بقيت قضية ترسيم الحدود بين البلدين بعيدة عن المداولة والنقاش على ارض الواقع، وبعد انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية بدأت بوادر أزمة ترسيم الحدود بين البلدين تلوح في الأفق نتيجة لأسباب عديدة أبرزها:

1- قيام العراق بعقد معاهدات وتسوية مشاكل بينه وبين الأردن والسعودية كل على حدة في الوقت الذي اجل اتخاذ إجراءات مماثلة مع الكويت إلى وقت آخر وهو ما يفسر كأسلوب من أساليب الضغط على الكويت أو ورقة سياسية يمكن اللجوء إليها عند الحاجة.

2- مطالبة صدام لدولة الكويت بالتنازل عن ديونها للعراق واعتبارها منحاً ومساعدات قدمتها الكويت للعراق ليدافع عن استقلالها ووجودها أمام المد الإيراني . وكانت هذه محاولة من قبل النظام السابق لمواجهة الدمار الاقتصادي الذي لحق بالعراق بعد انتهاء حربه مع إيران.

3- إقدام الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة على زيادة إنتاجهما من النفط بعد توقف الحرب العراقية-الإيرانية، ويبدو أن سبب هذه الزيادة للتعويض عن انخفاض أسعار النفط عالميا.. لكن هذه الزيادة في الإنتاج أدت إلى انخفاض جديد جعل سعر البرميل الواحد يصل إلى 12 دولاراً فقط. وقد أدت هذه السياسة إلى تحمل العراق خسائر تقدر بسبعة مليارات دولار سنوياً.

وأمام هذا الواقع طالب النظام العراقي السابق دول الخليج كافة بالتنازل عن ديونها واعتبارها منحاً ومساعدات بحجة انه كان يخوض حربه مع إيران بالنيابة عن هذه الدول.

ولم تتوقف المطالبة عند هذا الحد بل تعدته إلى مطالبة هذه الدول بتقديم عشرة مليارات دولار كمنحة للعراق وتأجيره جزيرة وربة وبوبيان الكويتيتين. ولم تنفع الجهود الدولية والعربية لاحتواء هذه الأزمة المتفاقمة التي أخذت تتطور وفق تداعيات خطيرة.

ففي أواخر يوليو 1990 عقد اجتماع في الطائف بين وفد عراقي يرأسه عزت الدوري ووفد كويتي يرأسه الشيخ سعد العبد الله الصباح ولي العهد.

وفي الاجتماع الأول وافق الوفد الكويتي على دفع 9 مليارات دولار فقط. وتبرع العاهل السعودي الملك فهد بالمليار العاشر في حفلة عشاء ضمت الوفدين، وفيما ظن الكثيرون أن الأجواء عادت إلى الهدوء طالب الوفد الكويتي بترسيم الحدود دوليا قبل قيامه بدفع ما تعهد به من أموال للطرف العراقي. وهذا ما أدى إلى تجدد الأزمة والجدل من جديد. وعاد الوفد العراقي إلى بغداد دون أن يحقق شيئاً. وفي 2 آب 1990 اصدر الرئيس العراقي السابق صدام أوامره للجيش العراقي المحتشد على الحدود الكويتية باجتياح الكويت بالكامل.

وبقيت القوات العراقية في الكويت لمدة ستة أشهر، ورفض النظام السابق وساطة الوفود الرسمية والشعبية من مختلف دول العالم بالانسحاب من الكويت، مما أدى إلى تشكيل تحالف دولي يضم عددا من الدول العربية لتحرير الكويت من سيطرة القوات العراقية. واستطاعت العمليات التي سميت بـ”عاصفة الصحراء“ إخراج هذه القوات من الكويت بالقوة.

وصاحب ذلك قيام الانتفاضة الشعبانية في العراق على اثر هذا الانسحاب لتتفاقم أزمات النظام السابق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. واثر هذه العملية شكل مجلس الأمن لأول مرة في تاريخه لجنة خاصة لتخطيط الحدود بين البلدين. واعتمدت في إجراءاتها على رسالة نوري السعيد عام 1932 والمحضر الموقع بين العراق والكويت عام 1963 .

وجرى تخطيط الحدود من قبل هذه اللجنة وتم اعتراف النظام السابق بما ورد فيها في تشرين الثاني عام 1994 كشرط من شروط رفع الحصار الاقتصادي، لكن العلاقات لم يتم تطبيعها بين البلدين لوجود الكثير من الأمور المعلقة بينهما خاصة قضية الأسرى والمفقودين الكويتيين أثناء الاجتياح العراقي للكويت وبعد سقوط نظام صدام على يد الجيش الأمريكي واحتلال العراق سنة 2003 سارعت الكويت إلى تطبيع العلاقات مع الحكومة العراقية الجديدة ولكن بقي موضوع الديون والحدود مدار اخذ ورد بين البلدين.(1)

تحت طائلة البند السابع :

  ويرزح العراق تحت وطأة البند السابع الذي فرضه عليه مجلس الأمن إبان غزوه للكويت آنذاك حيث ترى صحيفة كتابات الالكترونية على لسان كاتبها محمد جواد إن  أحكام الفصل السابع على العراق لم تفرض جزافاً، فقد كان احتلال النظام البائد للكويت السبب الذي جعل المنظومة الأممية تفرض ومنذ بداية الاحتلال الحصار الاقتصادي على العراق بقرارها رقم 661 الصادر في السادس من آب 1990. والذي كان بداية لسلسة من القرارات العقابية انتهت باللجوء إلى أحكام الفصل السابع الذي تضمن مواد ملزمة التطبيق من المادة 39 إلى المادة 51 .

  وربما تكون المواد الأكثر قسوة في هذا الفصل هي المواد الثلاث 41 و42 و43 ، حيث تطلب المادة 41 من الدول الأعضاء في "الأمم المتحدة" وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام العراقي .

   وتذهب المادة 42 إلى الحل العسكري عندما تذكر : إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة".

أما المادة 43 فتتضمن تعهد جميع أعضاء "الأمم المتحدة" في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناءً على طلبه وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور. وتوجب المادة أن يحدد ذلك الاتفاق أو تلك الاتفاقات عدد هذه القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأماكنها عموماً ونوع التسهيلات والمساعدات التي تقدم.

وبذلك فقد أجازت هذه المواد لمجلس الأمن القيام بعمليات حربية من شأنها تحرير الكويت.. وفرضت على العراق مجموعة كبيرة من القرارات والالتزامات .. وكان الشغل الشاغل للدبلوماسية العراقية بعد التغيير عام 2003 هو تحرير العراق من تلك القرارات وإخراجه من طائلة أحكام الفصل السابع .. وعلى مدى هذه السنوات المنصرمة  سعت الدبلوماسية العراقية على الرغم من كل العقبات المحلية والإقليمية والدولية، لتسوية علاقاتها وتطبيعها مع جارتها الكويت من جهة، وإقناع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لمساعدة العراق على الخروج من طائلة الفصل السابع من جهة ثانية.(2)

ميناء مبارك الكبير :

ويعد المشروع الكويتي لميناء مبارك الكبير من التحديات التي واجهت العلاقة بين البلدين حيث يرى الكاتب علاء الناصري في التحقيق الذي أجراه في صحيفة سطور الالكترونية أن ميناء مبارك هو عنوان صغير لأزمة كبيرة بين العراق والكويت متعددة الأبعاد ومتشعبة الخطوط ومختلفة الأسباب ، أزمة تختلط وتمتزج فيها المصالح والهواجس والمخاوف ويحكمها ويتحكم بها ماض حافل بعدم الثقة بين البلدين.

وقد جاء إعلان ميناء مبارك من قبل دولة الكويت كما يراه البعض نقطة تحول وربما مفاجأة لم يكن ليتوقعها العراق وهذا ما جعل الطرفين يدخلون في سجالات وخطابات إعلامية هائلة فالكويتيون شعبا وحكومة كانوا مؤيدين لذلك المشروع ويعتبرونه جزء من حقوقهم وهذا ما نجده في ابرز المواقف السياسية الكويتية بينما الطبقة السياسية العراقية كانت ردودها متأخرة ويبدو إن الشارع العراقي كان له التأثير على الموقف السياسي من خلال المطالبات الاحتجاجية ضد الصمت الحكومي وما كان يخشاه المراقبون في الشأن السياسي هو عدم التحرك ضد هذه التجاوزات

ويؤكد الكاتب والمحلل مؤيد العبودي إن الكويت دولة عربية مجاورة للعراق ولها معه تاريخ مشترك وعادات وتقاليد وعلاقات اجتماعية وروابط متينة جدا، لكن المشكلة مع الكويت ذات جوانب متعددة، يتعلق الجانب الأول منها بالتأثير الكبير الذي سببه الغزو عام 1991 على النفسية الجمعية للمجتمع الكويتي واستغلال كثير من الشوفينيين الكويتيين ( على مستوى سياسيين وكتاب وحتى رجال دين)  في تجذير الحقد الناتج عن الاحتلال والكوارث التي سببها للكويت شعبا ودولة و بنى تحتية ، مما انعكس سلبا على الرأي العام ،الكويتي ضد العراق ومصالحه ككلل، شعبا وحكومة باختلاف الأنظمة ..

وفي السياق نفسه يرى الكاتب علاء هاشم إن التحرشات الكويتية بالعراق والمضايقات التي تحدث بين الفترة والأخرى تستغل وضعية العراق باعتباره لا يزال تحت البند السابع والخارجية العراقية تتحمل جزءً كبيراً من سلسلة الكوارث كإطلاق النار واعتقال بعض الصيادين العراقيين وسلسلة الاعتداءات على الحدود وأخيرا مسألة ميناء مبارك والمفاعل النووي على الحدود الجنوبية للعراق .

ويعتقد البعض بأن أزمة ميناء مبارك ما هي إلا نقطة في بحر من المشاكل العالقة ليست مع الكويت فقط بل مع عدد من الدول في المنطقة وربما المنظومة الخليجية خاصة ويكمن السبب كما يراه البعض الأخر إن الطبقة السياسية العراقية غارقة في دوامة لا تنتهي من الصراعات واللامبالاة تجاه الكثير من القضايا العالقة والتي تمثل جوهراً حقيقياً و كجزء من سيادة العراق ويرى الكثير من المواطنين إن الطموح الكويتي بدأ يتنامى على حساب العراق عندما وجدوا السياسيين العراقيين في كسل مستمر.

ويرى خبراء عراقيون إن الميناء سيجعل الساحل الكويتي يمتد على مسافة 500 كلم، بينما سينحصر الساحل العراقي في مساحة 50 كلم،محذرين من إن المشروع قد يتسبب بأزمة سياسية جديدة بين البلدين الجارين على اعتبار انه سيؤدي إلى "خنق" المنفذ البحري الوحيد للعراق.

ومن جانبه فقد اعتبر هادي العامري بناء الميناء مخالفاً للقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي المرقم 833 وأوضح إن الممر المائي العراقي سيكون ضمن الميناء الكويتي والذي يصل إلى الحدود المائية التي رسمها القرار 833 وفي الأمر ظلم كبير .

وينص قرار مجلس الأمن الدولي المرقم833 والذي صدر 1993 على إقرار ما توصل إليه فريق ترسيم الحدود الكويتية وعد قراراته الخاصة بترسيم الحدود نهائية وطلب احترام ذلك القرار والالتزام به وعدم انتهاك الحدود الثنائية بين الكويت والعراق بما في ذلك الحدود الملاحية بينهما.(3)

خور عبد الله .. أزمة متصدرة :

وأخيرا فقد تصدر خور عبد الله العراقي بأزمته في الآونة الأخيرة ليكثر فيه  الجدل حول الاتفاقيات التي أبرمت بشأنه بين الطرفين.

ويقع خور عبد الله في شمال الخليج العربي بين جزيرتي بوبيان ووربة التابعتين لدولة الكويت من جهة وبين شبه جزيرة الفاو التابعة للعراق من جهة أخرى وتمتد رقعة الخور الجغرافية إلى داخل الأراضي العراقية لتشكل خور الزبير الذي يقع به ميناء أم قصر العراقي.

تنظيم الملاحة بين الطرفين

وقد أشارت صحيفة الصباح الالكترونية  الى أن موضوع تفعيل الاتفاقية الملاحية المبرمة بين العراق والكويت قد أثار ضجة كبيرة في الشارع العراقي وحتى في الأوساط السياسية والاقتصادية ، حيث اقر مجلس الوزراء تفعيل الاتفاقية المشرعة من قبل البرلمان عام 2013.

ونصت اتفاقية خور عبد الله التي وقعتها الحكومة العراقية مع نظيرتها الكويتية في عام 2012 على أن الغرض منها "التعاون في تنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية في الممر الملاحي في خور عبد الله بما يحقق مصلحة كلا الطرفين".

ويقول عضو مجلس النواب النائب عن محافظة البصرة عامر الفائز، إن "البرلمان أرسل سؤالا استفساريا الى الحكومة بشأن قضية خور عبد الله التي أثيرت في الإعلام مؤخرا، حيث وضحت الحكومة تفاصيل هذا الموضوع".

وأضاف الفائز ان "الأمم المتحدة أصدرت القرار رقم (833) في عام 1993 ضد العراق باعتباره دولة خاسرة للحرب آنذاك، حيث نرى إن مجلس الأمن تدخل في رسم الحدود بين العراق والكويت في سابقة غير معهودة، حيث تشكلت لجنة في ذلك الوقت لترسيم الحدود وكان العراق لم يسم أي شخص لتمثيله في عقد اتفاقية رسم الحدود البحرية، لكن تشكلت اللجنة وتم تثبيت حدود بحرية بين العراق والكويت".

فيما صرح الخبير الاقتصادي عبد العظيم الخفاجي بان إعطاء الخور لدولة الكويت يأتي ضمن الاتفاقيات الدولية التي وقعت في العام 1963 من قبل عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر، مؤكداً ان عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر استلما صكاً بقيمة 30 مليون دينار كويتي آنذاك مقابل إعطاء نصف الخور للكويت، مبيناً أن الاتفاقية بقيت جامدة إلى أن وصل صدام حسين إلى الحكم ومن ثم وقع على تنفيذ الاتفاقية وقبض ثمنها.

وقال الخفاجي أن الأمم المتحدة وبعد دخول العراق للكويت، قامت بنصب الأعمدة بين العراق والكويت بالتساوي بمبلغ مالي قدره "مليار وأربعمائة مليون دولار"، لافتاً إلى أن التأثير السلبي الذي سيعكسه الخور بعد إعطائه للكويت هو أن السفن والبواخر لن ترفع علم أية دولة إلى أن ترسو في جانبٍ معين سواء كان للكويت أم العراق.

سخط برلماني

وترى صحيفة العربي الجديد الالكترونية بقلم كاتبها براء الشمري أن قرار الحكومة العراقية بمنح قناة "خور عبد الله" البحرية في الخليج العربي بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، للكويت، تسبّب بحدوث أزمة بين سياسيين وبرلمانيين عراقيين رافضين للقرار، وبين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

وقد رفض وزير النقل العراقي السابق عامر عبد الجبار، تنازل الحكومة العراقية عن القناة للكويت دون مقابل، مؤكداً أنّ القناة "عراقية صرفة ولا حق للكويت فيها".

وأشار إلى تخصيص مجلس الوزراء العراقي، في اجتماعه الأخير، مبلغ 750 ألف دولار لترسيم الحدود بين العراق والكويت، مبيّناً خلال مقابلة متلفزة، أنّ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي وافق على منح "خور عبد الله" للكويت، يسير على نهج الأخطاء الذي سارت عليه الحكومة السابقة.

واعتبر عبد الجبار أنّ التنازل عن القناة للكويت "يمثّل إحدى مهازل البرلمان العراقي السابق الذي صادق على اتفاقية ترسيم الحدود"، مطالباً الحكومة العراقية بانتهاج السبل القانونية لترسيم الحدود بين البلدين.

وفي السياق، قالت النائب عن "حركة إرادة" حنان الفتلاوي، إنّها طلبت من رئيس البرلمان سليم الجبوري، توجيه سؤال برلماني إلى العبادي بشأن التنازل عن القناة للكويت، موضحة خلال مؤتمر صحافي، أنّ سؤالها سيتضمن الاستفسار من العبادي عن سبب منح القناة للكويت، و"عمّا إذا كان خيانة عظمى وحنثاً باليمين"، بحسب وصفها.

وفي المواقف أيضاً، انتقدت عضو البرلمان العراقي عن "جبهة الإصلاح" عالية نصيف، بشدة تصويت مجلس الوزراء العراقي على منح القناة للكويت، معتبرة ذلك "خيانة" للعراق.

وقالت إنّ "مجلس الوزراء قام بالتصويت على منح قناة خور عبد الله للكويت، وتخصيص 750 ألف دولار كتكاليف ترسيم للحدود البحرية مع الكويت، على الرغم من معرفة الجميع بأنّها ملك عراقي صرف"، موضحة في بيان أنّ القناة "غير مشمولة بالقرارات الدولية، ومن يتعذّر بهذا العذر الباطل فهو يحاول خداع الشعب العراقي".

وطالبت الحكومة العراقية بالكشف عن "أسباب تصرّفها بأملاك الشعب بمنح ما لا تملك إلى من ليس له حق بالتملك"، وقالت إنّ "الله سيحاسب المسؤولين عن هذه الجريمة".

واعتبر عضو البرلمان العراقي عن محافظة البصرة عادل المنصوري، أنّ منح القناة العراقية للكويت "خيانة كبيرة ومخالفة قانونية"، مؤكداً، في بيان، أنّ "الحكومة لا تمتلك الحق بمنح الأراضي والممتلكات العراقية".

ورأى المنصوري أنّ منح "خور عبد الله" للكويت عن طريق التصويت في مجلس الوزراء "فيه ظلم كبير للشعب العراقي"، مطالباً الحكومة بمراجعة "الخطأ" الذي وقعت فيه.(4)

الكويت تصرح :

ونشرت صحيفة عراق برس في 30 كانون الثاني 2017 تصريحا لنائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله أكد فيه التزام دولة الكويت بما اتفقت عليه مع العراق في شأن ترسيم وصيانة العلامات الحدودية البحرية وعدم تجاوزها وفقا لقرار مجلس الأمن رقم (833). في إشارة إلى اتفاقية خور عبد الله.

وقال الجار الله في تصريح للصحفيين ردا على سؤال حول ما أثاره بعض النواب العراقيين عن وجود تجاوز كويتي للملاحة في خور عبد الله خلال مشاركته في حفل السفارة الاسترالية بالعيد الوطني إن “الكويت لم تغير الواقع الجغرافي في هذه المنطقة”.

وأضاف “إن الكويت اتهمت باجتزائها من الأراضي العراقية واستولت على خور عبد الله وتجاوزت حدودها، وأؤكد إن الكويت لم تتجاوز على شبر من الأراضي العراقية كما أنها لا تقبل أن يتم تجاوز شبر من أراضيها”.

وأشار الجار الله إلى إن “القرار الدولي (833) بشأن ترسيم الحدود البرية وجزء من الحدود البحرية الى النقطة رقم (162) وهو القرار الاممي الذي صدر بموجب الفصل السابع من الميثاق يوجب التزام البلدين به نصاً وروحاً”.

وقال “نحن اتفقنا مع الأشقاء العراقيين ومع الأمم المتحدة على الشروع في رسم الخرائط الجديدة بمشاركة كويتية عراقية وكلفة يتحملها البلدان واخبرنا الأمم المتحدة عن استعداد الكويت لرسم هذه الخرائط الحدودية وبانتظار موافقة الجانب العراقي على هذا الشأن”.

وأضاف “رافق هذا الموضوع أقوال بعيدة عن الواقع ، فخور عبد الله ممر مائي بين الكويت والعراق وهناك اتفاقية وقعت بين البلدين لتنظيم الملاحة فيه عام 1912 وتمت المصادقة عليها والالتزام بها”.

واوضح انه “بهذا الاتفاق يستفيد البلدان من خور عبد الله وأي حديث عن استيلاء الكويت على الخور هو حديث مجاف للحقيقة ولا يعبر عن نوايا صادقة ومن يطرح هذه الأقوال لا يمكن القول بأنه يسعى إلى علاقة مميزة بين الكويت والعراق فهو يسيء للعراق كما يسيء للكويت”.

العبادي يكسر الصمت :

وأخيرا فقد كسرت الحكومة الصمت على لسان رئيس وزرائها حيدر العبادي الذي أعلن خلال مؤتمر صحفي ان الاتفاقية المصادق عليها بشأن خور عبد الله خاصة بالملاحة وليس لترسيم الحدود، متهماً أطرافاً بإثارة الموضوع بعد الانتصارات في الساحل الأيسر من مدينة الموصل، مبيناً أن "هذه الجهات هي نفسها التي طرحت قضية مذبحة الصقلاوية والهدف من هذا لموضوع إشغال الناس".

مبينا أن سياسات النظام السابق هي من ضيّعت خور عبد الله وشط العرب، وأن البعض يريد تبرئة النظام السابق ويريد أن يدين الحكومة السابقة.

وتابع العبادي أن " قضية خور عبد الله، لم تناقش في مجلس الوزراء، وإنما طرح المجلس تقريراً حول قناة الخور، وناقش نظاماً جديداً بشأن تخطيط الحدود وان هذا النظام لا يسهم في تغيير الحدود بين البلدين.

وكان المتحدث في مكتب رئيس الوزراء قد اعلن في وقت سابق إن الحكومة العراقية ملزمة بتطبيق الاتفاق الخاص بميناء خور عبد الله مع الكويت ولا يمكنها التراجع عنه دون موافقة الكويت.

وأوضح الحديثي في تصريح صحفي نشرته صحيفة  سومر نيوز أن "مجلس النواب في الدورة السابقة صوّت في 22 آب/أغسطس 2013  بالموافقة على قانون تصديق الملاحة البحرية في خور عبدالله".

كما أفاد بأن "مجلس الوزراء السابق (برئاسة نوري المالكي) صادق في 27 كانون الثاني 2014 على اجتماع اللجنة العليا المشتركة العراقية لترسيم الحدود بين البلدين ومن ضمنها قانون تصديق الملاحة".

وأشار الحديثي إلى أن "مجلس الوزراء الحالي وجّه بناء على الالتزامات السابقة باكمال الجهد الهندسي السابق"، مشددا على أن اتفاق (خور عبدالله) وهو من ضمن البند السابع للأمم المتحدة، وهو ملزم للبلدين ولا يمكن التراجع عنه باي شكل من الاشكال الا بموافقة الجانبين".

وقال الحديثي إن "الكتل والنواب الذين كانوا في الدورة السابقة ويعترضون حاليا على تطبيق القانون، لماذا لم يعترضوا في الدورة السابقة ولم يطعنوا في القانون لدى المحكمة الاتحادية؟".

فيما يرى الخبير القانوني طارق حرب في تصريح لموقع عين العراق الاخبارية إن إعطاء ميناء خور عبد الله لدولة الكويت هو ليس خطأ الحكام الحاليين، وإنما هو قرار دولي من لجنة الترسيم الدولية التي خطت الحدود بين العراق والكويت مشيرا الى ان النواب الذين ينتقدون الحكومة الحالية هم في عالم ثان لان القرار ليس بجديد وقد حسمت مسألته وفق لجنة دولية من الأمم المتحدة قامت برسم الحدود بين العراق والكويت".

وتبقى قضية خور عبد الله بين الأخذ والرد كشاهد لطبيعة العلاقة المتذبذبة بين العراق والكويت ليكون الزمن كفيلا بحلها لصالح طرف ما بحسب تطورات المرحلة الراهنة  وما تقتضيه سياسة الدولتين.

--------------------------------

(1) (العلاقات العراقية الكويتية) صحيفة المعرفة الالكترونية 2012م

(2) (ما الفصل السابع ؟ وما الذي سيجنيه العراق بخروجه من احكامه؟) احمد جواد صحيفة كتابات 17 تموز 2013

(3) (العلاقات العراقية الكويتية أزمة الحضور السياسي وغياب السيادة) الكاتب علاء الناصري - صحيفة سطور الالكترونية

(4) صحيفة العربي الجديد الالكترونية 27 كانون الثاني 2017

 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف