العملية التربوية هي اللبنة الأساس للنهوض بالمجتمع وازدهاره وتنمية الاجيال التي ترسم ملامح مستقبل البلاد فإهمال العملية التربوية له مخاطر لا تحمد عقباها لأنة يمس اهم شريحة في البلد وهم شباب المستقبل .

مع بدء العام الدراسي الجديد ظهرت مشكلة النقص في المناهج الدراسية التي تعاني منها اغلب المدارس التعليمية في المحافظات العراقية.

والان نقف امام تصريحات وزيرالتربية والمسؤولين لنسلط الضوء على هذة القضية من جوانبها المتعددة :

قال وزير التربية محمد إقبال في تصريح نقلته وكالة "أين نيوز": أن الوزارة " تحتاج الى شاحنات لنقل وتوزيع ملايين الكتب المدرسية في المحافظات".

وذكر إقبال في تصريح متلفز، أن " الأزمة الاقتصادية كبيرة جداً وألقت بظلالها على الوزارات كافة عامة والتربية خاصة بسبب ضخامة عملها" مبينا "منذ 3 سنوات وموازنة التربية تخفض تباعا وهو ما اوصلنا إلى هذا الحال".

وأضاف، ان "الكتب متوفرة وستؤمن تباعا وما حصل هو تأخير بسبب الازمة المالية " مشيرا الى ان " المدارس فيها كتب وان كان فيها نقص ودفعنا مجموعات كبيرة من المخازن منذ الشهر السادس، ولكن هناك مشكلة في النقل".

وأشار إقبال الى ان " الصف الاول الابتدائي لوحده يستلزم مليون و300 الف نسخة من كل كتاب وهذا عدد ضخم يحتاج اساطيل من الشاحنات لنقلها " موضحاً " نبحث عن حلول وضمانات للسنوات القادمة ونحاول ذلك مع كافة الجهات التشريعية والتنفيذية" .

ولفت " شكلنا خلية أزمة لمعالجة آثار احتلال داعش وكيفية ادارة ملف المدن المحررة وبالتعاون مع المنظمات الدولية ونطمئن الاهالي الى وجود معالجات لكافة مشاكل تأخر الدراسة وبما يعوضهم عما فاتهم" .

وكشف وزير التربية عن " استضافته غداً في لجنة التربية النيابية " داعيا الى " تعاون الجميع لحل الازمة وعدم الاكتفاء فقط بالتصاريح والانتقاد.

تصريحات وزير التربية تؤكد عدم توفر الشاحنات لنقل ملايين المناهج المتوفرة في المخازن اذن لماذا لم تشكل وزارة التربية خلية عمل مشتركة والاستعانة بشاحنات من الوزارات قبل بدء العام الدراسي ولم يتبق سوى ايام لامتحانات نصف السنة وما زال يعاني الطلبة من نقص كبير في المناهج الدراسية.

وأبدت الوزارة بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لوزير التربية، عن " استغرابها من طروحات بعض الأطراف والتي تحمّل الوزارة مسؤولية الوضع الاقتصادي الذي يعيشه العراق اليوم ، وانعكست آثاره على كل القطاعات".

وأفاد البيان ، بان " قرار تخفيض موازنة طباعة الكتب الى النصف شارك الجميع باتخاذه ضمن مجلس الوزراء، وبعدها داخل مجلس النواب،" مبينا " بأن هذا القرار وكذلك عدم تمويل الوزارة من قبل وزارة المالية لسداد ديون العام الماضي لقطاع المطابع يعد السبب الرئيسي في تأخر انجاز هذا الملف في الوقت المناسب.

بيان مكتب الوزير يؤكد هذا التصريح ان قرار مجلس الوزراء بتخفيض موازنة طباعة الكتب وعدم التمويل هو من ادى الى النقص في المناهج الدراسية لهذا العام وهذا يعني ان القضية لا تتحملها وزارة التربية لوحدها وانما هناك جهات اخرى ساهمت بمشكلة النقص في مناهج وزارة التربية.

الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري تساءل في تصريح له نقلته وكالة هنا الجنوب الاخبارية في معرض استطلاعها لآراء المواطنين : إن في كل دول العالم تقوم وزارة التربية بالتخطيط والتهيؤ للعام الدراسي الجديد منذ أول يوم من انتهاء العام الدراسي المنصرم .

متابعاً : حيث تقوم بجرد طلبتها واحتياجاتهم وعدد المدارس والمطلوب بناءَها او ترميمها وتصليح المستلزمات المدرسية من أثاث ورحلات وطباشير وأقلام كتابة وسبورات. مضيفاً : كذلك تهيئ المناهج الدراسية وكتبها المطلوبة وفق كل مادة وبكمية كافية وتزيد بأعدادها.

من جانبه أوضح حيدر جبار والد لطالبين في المرحلة الابتدائية ان تأخر تسليم الكتب يعني اضاعة فرص على الطلبة . مردفاً : لذا لم يعد امامنا الا شراء الكتب من الاسواق برغم انها تستهلك الكثير من ميزانية العائلة . داعياً : وزارة التربية واللجان البرلمانية متابعة هذا الملف والعمل على تذليل الصعوبات امام المواطن العراقي الذي لا يستحق كل هذا الاهمال من قبل الحكومة حسب وصفه.

المدرس هيثم التميمي حذّرنا كثيرا من هذه المشكلة وتفاقمها وتاثيرها على المستوى الدراسي. مستدركا : لكن للاسف لم نجد الاذان الصاغية ولا الاستجابة الحقيقية . لافتا : الى ان استمرار بيع الكتب والمناهج المدرسية علناً من دون رقابة او متابعة يشير الى حجم الكارثة التي تنظر واقع التعليم في البلاد.

في حين دعا الباحث التربوي رزاق عبد السلمان الى ضرورة القضاء على الفساد الذي سمح بتسرب الكتب المدرسية الى الاسواق اذا كانت المطبوعة او نسخها الأصلية . موضحا : ان هذا التسرّب اوجد نقصاً كبيراً في المدارس خاصة الابتدائية . لافتا : الى وجود تهاون كبير من قبل الجهات المعنية بالشأن. داعيا : الى مراجعة كل عقود طباعة الكتب المدرسية منذ الموسم الدراسي الاول ما بعد نيسان 2003.

بيع الكتب

تنتشر في العراق ظاهرة بيع الكتب المدرسية في الأسواق والمكتبات الأهلية قبل أن تسلمها وزارة التربية للمدارس . وتفتقر أغلب المدارس العراقية للكميات الكافية من الكتب والمناهج الدراسية التي توزع على الطلبة ، ما يدفع أولياء الأمور لشرائها من الأسواق والمكتبات. وشكى أولياء الأمور من هذه الظاهرة المستمرة ، والتي تفاقمت مع بدء العام الدراسي الجديد ، مع تسريب الكتب والمناهج الجديدة من مطابع الوزارة إلى الأسواق لبيعها في السوق السوداء.

 وكالة هنا الجنوب الاخبارية نقلت عن الوزير إقبال حديث له في مؤتمر صحفي عقده بمبنى الوزارة : إن “ضعف التخصيص المالي لطباعة الكتب المدرسية يقف في مقدمة أسباب تأخر انجازها ، وهو ما تسبب في تأخر تجهيز المدارس بها، ” مؤكدا انه “ تم تخفيض المبلغ المقدر لطبع الكتب من الموازنة العامة التخمينية للوزارة للعام الحالي 2016 من مبلغ (213) مليار دينار إلى (75،66) مليار دينار وبتخفيض مقداره (137،34) مليار دينار.

وكانت وزارة التربية قد قامت بنشر الكتب المدرسية بصيغة الكترونية ، من أجل دفع الأهالي إلى طبعها ، وهو ما أجج موجة سخرية كبيرة من وزير التربية محمد إقبال الصيدلي. وقال وزير التربية ، إن النقص في الكتب المدرسية يرجع لسبب قلة التخصيصات المالية لموزارته الا ان مسؤولين آخرين اتهموا الوزارة بالفساد . انتشار الفساد والتلاعب، على حساب مصلحة الطلبة وامكانات اولياء الامور .

اسباب تخطيطية

من الاسباب التخطيطية التي ادت الى اتهام وزارة التربية بالتقصير بشأن ملف تجهيز الكتب وبحسب لغة الارقام فان المقصر الرئيس لهذه الازمة يتقاسمها بالمناصفة كل من ضعف اجراءات مجلس الوزراء مع وزارة المالية التي لم تنفذ التوصيات بتوفير مبالغ خاصة لتبويب الكتب المدرسية فضلا عن وزارة التربية التي لم تضع الخطط البديلة وتشكيل خلية أزمة لهذا الأمر لتدارك ما يمكن أدراكه.

وقالت النائبة عواطف نعمة ، في بيان لها نقلته وكالة "الحقيقة نيوز" ، إن " من مهازل الحكومة ووزارة التربية أنه بعد صرف مليارات الدنانير على طباعة الكتب المنهجية في مطابع عمان لدعم الاقتصاد الأردني ... على أبنائنا الطلبة أن يشتروا كتبهم بالسوق السوداء أو يلجؤوا الى استنساخها في المكتبات" . واضافت أن ما يحصل "سابقة خطيرة تمثل انتكاسة كبرى للمسيرة التعليمية في العراق" ، مشيرة الى ان " الذي زاد الأمر سوءاً هو الإصرار العجيب لدى الوزير على تغيير المناهج الدراسية كل عام... في حين يدّعي قلة التخصيصات.

من جهته، اكد عضو لجنة التربية والتعليم النائب صلاح الجبوري، أن قطاع التربية يفتقر لأبسط المقومات والمستلزمات وبحاجة لـ ثورة اصلاحية تعيد الأمل لجيل المستقبل . وقال الجبوري في حديث له لوكالة "الحقيقة نيوز"، إن " الواقع التربوي الحالي بحاجة الى ثورة تعيد مجانية التعليم والأمل لجيل المستقبل"، مبيناً "أننا نراقب بقلق بالغ ما وصل إليه الواقع التربوي والتعليمي في العراق بالشكل الذي بدأ يهدد مستقبل الأجيال القادم، كون هذا القطاع الاستراتيجي والحيوي يفتقر لأبسط مقومات التربية والتنمية والبشرية" . وأضاف " بدلا من أن نتصدر لوائح اليونسكو بمجانية التعليم ومحو الأمية والكفاءة التدريسية كما كان العراق في سبعينيات القرن الماضي أصبحنا نتذيل دول العالم بعد ان بدأ قطاع التربية يفتقر لأبسط المقومات والمستلزمات سواء على مستوى الأبنية والمدارس أو المناهج والكتب، فضلا عن الافتقار للكادر المهني المتخصص".

وتابع أن " أزمة المناهج والكتب الأخيرة كشفت الواقع المزري الذي وصل إليه القطاع التربوي في زمن الديمقراطية الخلاقة التي كنّا وأهلنا نستبشر بها خيرا ونعقد عليها أملا بمستقبل يحقق الرؤيا القائلة (إن أطفال الْيَوْم هم رجال المستقبل)"، مطالباً الحكومة ومجلس النواب بكافة كتله السياسية بـ " وقفة جادة لإصلاح الواقع التربوي واتخاذ علاجات سريعة وناجعة قادرة على انتشاله من واقعه المزري وإعادة الأمل لهذا القطاع الحيوي" . وكانت وزارة التربية عزت ، في وقت سابق ، عدم توزيع الكتب المدرسية على الطلاب لقلة التخصيصات المالية ، مؤكدة أن ظاهرة تسريب الكتب للأسواق قديمة وليست بالجديدة.