البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

هوامش على كتاب: المرتضى، سيرة أمير المؤمنين سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه بقلم : أبو الحسن علي الحسني الندوي

الباحث :  السيد علي الحسيني الميلاني
اسم المجلة :  تراثنا
العدد :  34
السنة :  السنة التاسعة / محرم ـ صفر ـ ربيع الأول سنة 1414هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 6 / 2015
عدد زيارات البحث :  1351
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأولين والآخرين .
وبعد :
فإنه يصلنا بين كل يوم وآخر كتاب عن الشيعة وأئمتها وعقائدها ، من مختلف البلدان ، الإسلامية منها وغير الإسلامية ، يكتبها « دكاترة » و « مشايخ » يحاولون الصد من انتشار التشيع ، والوقوف أمام توجه أبناء الفرق الأخرى إليه . . .
وكذلك الحال في كل زمان ومكان . . فما خرج « منهاج السنة » من الشام ولا « الصواعق المحرقة » من مكة ، ولا « التحفة الاثنا عشرية » من الهند ، ولا غير هذه الكتب في الأزمنة والأمكنة المختلفة . . إلا لهذا السبب . . .
يقول ابن حجر المكي في مقدمة كتابه : « سئلت قديما في تأليف كتاب يبين حقيقة خلافة الصديق وإمارة ابن الخطاب ، فأجبت إلى ذلك مسارعة في

(الصفحة 17)


خدمة هذا الجناب . . ثم سئلت في إقرائه في رمضان سنة 950 بالمسجد الحرام ، لكثرة الشيعة والرافضة ونحوهما الآن بمكة المشرفة ، أشرف بلاد الإسلام ، فأجبت إلى ذلك رجاء لهداية بعض من زل به قدمه عن أوضح المسالك » ! !
وكان هذا السبب الآن أقوى من أي وقت مضى . . فما أكثر الكتب والمقالات في المجلات . . وحتى الأشرطة . . التي تنشر ضد هذا المذهب على مختلف المستويات . . في هذه الأيام . . لكنها ـ في الأغلب ـ تكرار لما تقوله الأقدمون ، واجترار لما لفظه الغابرون ، وتهجمات لا يقوم بها إلا الجاهلون . . ولا جواب لها . . إلا « السلام » .
إلا أنا نجد من بين تلك الكتب كتبا نادرة يبدو أن مؤلفيها شعروا بأن التهريج والافتراء لا يلائم روح العصر ، وأنه لا يجدي إن لم يثمر العكس . .
فجاءوا يدعون العلمية والتحقيق ، ويتظاهرون للنبي وآله بالولاء والتصديق . . فكانت كتبهم بظاهرها جديرة بالقراءة والدراسة . .
لكنك إذا لاحظتها وجدتها لا تختلف في واقعها عن غيرها . . إلا من ناحية الأسلوب ، أعني خلوصها ـ إلى حد ما ـ من السب والشتم . .
أمنا خلوصها من التحريف ، من الكذب ، من كتم الحقائق ، من إنكار الأمور المسلمة . . فلا . .
ولقد وقع اختياري من بين هذه الكتب المعدودة من هذا القبيل على كتيب وضعه أحدهم حول حديث « إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي . . . » ونشرت في رده كتاب « حديث الثقلين : تواتره ، فقهه » ، وكتاب آخر وضعه بعضهم حول كتاب « المراجعات » وأنا مشغول بالنظر فيه ، وهذا كتاب ثالث أنا بصدد التنبيه على بعض ما فيه ، والله المستعان .
الكتاب عنوانه « المرتضى : سيرة أمير المؤمنين سيدنا أبي الحسن علي ابن أبي طالب ، رضي الله عنه وكرم وجهه » ومؤلفه : « أبو الحسن علي الحسني

(الصفحة 18)


الندوي » من منشورات « دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع ، بدمشق » .
وهو في فصول عشرة :
الفصل الأول : علي بن أبي طالب في مكة ، من الأسرة والولادة إلى الهجرة ، 13 ـ 35 .
الفصل الثاني : علي في المدينة من الهجرة إلى وفاة الرسول ، 37 ـ 55 .
الفصل الثالث : سيدنا علي في خلافة أبي بكر ، 57 ـ 93 .
الفصل الرابع : سيدنا علي في خلافة عمر ، 95 ـ 114 .
الفصل الخامس : سيدنا علي في خلافة عثمان ، 115 ـ 136 .
الفصل السادس : سيدنا علي في خلافته ، 137 ـ 157 .
الفصل السابع : سيدنا علي إزاء الخوارج وأهل الشام إلى شهادته ، 159 ـ 174 .
الفصل الثامن : سيدنا علي بعد الخلافة ، 175 ـ 192 .
الفصل التاسع : سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين 193 ـ 219 .
الفصل العاشر : سادة أهل البيت وأولاد علي ،
فالكتاب كله يقع في 250 صفحة ! 221 ـ 250 .
والمتعلق منه بالموضوع ـ وهو سيرة المرتضى أمير المؤمنين ـ 190 صفحة فقط ! !
تناولت هذا الكتاب . . وأنا مستغرب كيف تمكن المؤلف من أن يودع « سيرة المرتضى أمير المؤمنين » في 190 صفحة فقط ؟ !
فوجدته يقول في المقدمة :
« ومن هذه الشخصيات المظلومة أو المهضومة حقها : شخصية سيدنا علي بن أبي طالب ، التي تراكمت عليها حجب كثيفة ! ! على مدى القرون

(الصفحة 19)


والأجيال ، لأسباب مذهبية طائفية ونفسية ، ولم ينصف لها حق الإنصاف ، ولم تعرض للدارسين والباحثين ـ وحتى للمحبين المجلين ـ في صورتها الحقيقية ، وإطارها الواسع الشامل ، وفي استعراض ـ أمين دقيق محايد ـ للعصر الذي نبغت فيه ، والأحداث التي عاشتها ، والمجتمع ورجاله وقادته الذين عاصرتهم وتعاونت معهم ، والمعضلات والمصاعب التي واجهتها ، والقيم والمثل التي تمسكت بها أشد التمسك ، والخطة السياسية والإدارية التي آثرتها ، ولم يبحث عن أسبابها ونتائجها ، ولم تقارن بنقيضها وضدها ونتائجه ، لو فضله وسار عليه » .
قرأت هذه الفقرة وازداد تعجبي واستغرابي ، وخشيت أن يكون هذا المؤلف أيضا ممن لم ينصف تلك الشخصية المظلومة أو المهضومة حقها « ! ! بل يكون هو أيضا من الظالمين لها والهاضمين لحقها ! ! »
ثم رأيته يقول :
« ولكني بدأت بعد ذلك أشعر ـ بشدة ـ بفراغ مثير للاستغراب والدهشة في المكتبة الإسلامية العالمية ، فيما يختص بموضوع سيرة سيدنا علي بن أبي طالب ، سيرة موسعة مؤسسة على دراسة تاريخية جديدة واسعة ، يتخطى فيها المؤلف الحدود المرسومة التي قيد فيها المؤلفون كتاباتهم . . . » .
فقلت : وهل ملأت الفراغ المثير للاستغراب والدهشة ، وجئت ب « سيرة موسعة مؤسسة على دراسة . . . » في فصول لا تبلغ المائة ورقة ؟ !
وحينئذ عزمت على مواصلة القراءة ، لأفهم ـ قبل كل شيء ـ كيف تكون المعجزة ؟ ! . . . « سيرة موسعة » . . . « تملأ الفراغ » . . . لشخصية « مظلومة أو مهضومة حقها . . . » « في إطارها الواسع الشامل . . . » . . . « في استعراض أمين دقيق محايد . . . » . . . في 190 صفحة ! !

(الصفحة 20)


وثمة شيء آخر . . في المقدمة . . يلفت النظر . . وهو وصفه هذا الكتاب بقوله :
« لا يكون عيالا على ما كتب وألف ، ولا على مصادر التاريخ المعدودة العرفية المعينة ، التي يستقي منها المؤلفون معلوماتهم في الغالب . . . » .
ثم قوله :
« إني التزمت في تأليف هذا الكتاب مبدأين كل الالتزام :
أولا : أن أعتمد على الكتب القديمة الموثوق بها المتلقاة بالقبول فقط .
ثانيا : التزمت الإحالة في النقل إلى اسم الكتاب بقيد الجزء ورقم الصفحة . . . » .
ولكنك إذا ما راجعت فهرس مصادره وجدته يستقي معلوماته من « مصادر التاريخ المعدودة العرفية المعينة » أمثال « سيرة ابن هشام » و « البداية والنهاية » . . ويخالف ما يدعي الالتزام به في قوله : « أعتمد على الكتب القديمة . . . » فقد اعتمد كثيرا على « البداية والنهاية » و « إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء » و « السيرة الحلبية » ونحوها من كتب المتأخرين ، حتى أنه رجح في غير مورد ما جاء في أحد هذه الكتب على ما روته « الكتب القديمة » ك « تاريخ الطبري » و « سيرة ابن هشام » . . . مضافا إلى تصريحه في هامش الصفحة 9 من المقدمة بأنه قد « أفاد كثيرا » من كتاب « عبقرية الإمام » للأستاذ عباس محمود العقاد ، بعد أن وصفه بقوله : « إن مما يقتضيه الإنصاف والاعتراف بالحق : إن خير ما كتب عن سيدنا علي رضي الله عنه هو كتاب عبقرية الإمام . . . » .
وبعد :
فهذه هوامش وضعتها باختصار على أهم الفصول المتعلقة من الكتاب بـ

(الصفحة 21)


« المرتضى » تبيينا للحقائق التي أنكرها أو أغفلها ، وتنبيها على الأساليب الملتوية التي سلكها متبعا أثر أئمته السابقين ، ومشيدا لما أسسه أسلافه الأول . . لكن بدس السم في العسل . . . ومن الله الهداية في القول والعمل .

(الصفحة 22)


الفصل الأول
علي بن أبي طالب في مكة
[ 1 ] صفات أمير المؤمنين موروثة ؟ !
قال في صفحة 17 :
« يحسن بنا أن نستعرض ـ في أمانة تاريخية وحياد علمي ـ وضع الأسرة والسلالة ، اللتين ولد ونشأ فيهما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . . . » .
كأنه يريد أن الخصائص التي امتاز بها أمير المؤمنين عليه السلام والصفات التي فضلته على غيره . . . إنما هي قضايا موروثة من آبائه ، فللدم الموروث في أعضاء الأسرة كابرا عن كابر تأثير على أخلافها وذرياتها . . . فالفضل في كل ما كان الإمام عليه السلام يتمتع به من الصفات العالية في أعلى درجاتها ، كالشجاعة والبلاغة . . . يعود إلى القبيلة التي كان ينتمي إليها ، والأسرة التي نشأ فيها . . .
وكان الرجل نسي ـ أو تناسي كما تقتضيهما الأمانة التاريخية والحياد العلمي ! ! ـ أنه لم يوجد في بني هاشم ولا قريش . . . من كان يداني سيدنا المرتضى عليه السلام في شيء من الصفات التي كانت متوفرة فيه ، وحتى إخوته الذين نشأوا معه وعاشوا سوية . . . لم يبلغوا معشار ما بلغه . . .
إذن ، ليست القضية قضية عشيرة وقبيلة ، أو أسرة وبيئة . . .
ثم ما يقول المؤلف في النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ! هل كانت صفاته التي كان عليها موروثة من آبائه كما يقول « علم التشريح وعلم النفس وعلم الأخلاق وعلم الاجتماع » ـ على حد تعبيره ـ ؟ !
إن حال أمير المؤمنين عليه السلام في فضائله التي ميزته عن أبناء أسرته

(الصفحة 23)


حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن ذلك فضل الله يؤتيه حيث يجعل رسالته . .
[ 2 ] مات أبو طالب ولم يسلم ؟ !
قال في صفحة 22 :
« مات أبو طالب في النصف من شوال في السنة العاشرة من النبوة ، وهو ابن بضع وثمانين سنة ، وهو العام الذي ماتت فيه خديجة زوج النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم . ولم يسلم أبو طالب وهو المشهور الثابت من كتب الحديث والسيرة ، المعروف عند المسلمين قديما وحديثا ، وقد تأسف على ذلك رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وحزن له ، وذلك يدل على أن هذا الدين دين مبدئي عقائدي ، لا يحابي فردا ولا سلالة على أساس نسب وسلالة ، أو رحم وقرابة ، ولا على حب ودفاع ، إذا لم تقرن به عقيدة صحيحة وإيمان بما جاء به الرسول » .
أقول :
أما أن ما زعمه هو المعروف بين المسلمين قديما وحديثا ، فكذب صريح ، إذ الشيعة مجمعون على إسلام سيدنا أبي طالب عليه السلام وإيمانه ، وجماعة كبيرة من علماء الفرق الأخرى ، ينصون على ذلك ويعترفون به وقد ألفت في إثباته الكتب قديما وحديثا . وأما أنه الثابت من كتب الحديث والسيرة ، فكذب آخر ، لأن كتب الشيعة متفقة على إسلامه ، وكتب غيرهم مشحونة بالأخبار والآثار الواضحة الدلالة على إيمانه .
وأما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم « قد تأسف على ذلك » أي على عدم إسلام أبي طالب عليه السلام ، فكذب ثالث . ولنذكر بعض الروايات الصريحة في موته مسلما ومؤمنا عن المصادر

(الصفحة 24)


« الموثوق بها المتلقاة بالقبول » كما قال وذلك إلزاما للمكابر ، وإلا فلسنا بحاجة إلى ما يروونه في مثل هذا الموضوع الثابت عندنا بالضرورة :
فمن ذلك : قول أبي طالب لعلي عليه السلام لما رآه يصلي مع النبي : « أما إنه لم يدعك إلا إلى خير ، فالزمه » (1) .
ورووا قوله لجعفر ـ لما رأى النبي وعليا عن يمينه يصليان ـ : « صل جناح ابن عمك وصل عن يساره » (2) .
ومن ذلك : قوله مخاطبا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة ودعوتني وعلمت أنك ناصحي ولقد علمت بأن دين محمد حتى أوسد في التراب دفينا وابشر بذاك وقر منك عيونا ولقد دعوت وكنت ثم أمينا من خير أديان البرية دينا (3)
ومن ذلك : قول في شعر له في أمر الصحيفة المعروف المشهور :
«ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا رسولا كموسى خط في أول الكتب» (4)
ومن ذلك : ما ورد في كتب القوم بأسانيد يروون بها عن سيدنا أبي طالب عليه السلام أنه قال : « حدثني محمد ابن أخي ، وكان والله صدوقا ، قال : قلت له : بم بعثت يا محمد ؟ قال : بصلة الأرحام وإقام الصلاة وإيتاء
------------------------------------
(1) رواه المؤلف في ص 31 عن سيرة ابن هشام 1 / 246 ، وهو أيضا في تاريخ الطبري 2 / 214 ، وسيرة ابن سيد الناس 1 / 94 ، وفي الإصابة 4 / 116 ، وغيرها .
(2) أسد الغابة 1 / 287 .
(3) البداية والنهاية 3 / 42 ، فتح الباري 7 / 153 ، السيرة الحلبية 1 / 305 ، المواهب اللدنية 1 / 61 .
(4) سيرة ابن هشام 1 / 373 ، ابن كثير 3 / 87 ، وغيرهما .

(الصفحة 25)


الزكاة » (5) . ومن ذلك : وصيته ، فإنه دعا بني عبد المطلب فقال : « لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد وما اتبعتم أمره ، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا » (6) . ومن ذلك : إقراره بالشهادة قبيل وفاته ، كما ذكر علماء القوم في كتبهم ، ونكتفي هنا بكلام أبي الفداء حيث قال : « ذكر وفاة أبي طالب : توفي في شوال سنة عشر من النبوة ، ولما اشتد مرضه قال له رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : يا عم قلها ، أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة ـ يعني الشهادة ـ فقال له أبو طالب : يا ابن أخي ، لولا مخافة السبة وأن تظن قريش إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها . فلما تقارب من أبي طالب الموت جعل يحرك شفتيه ، فأصغى إليه العباس بأذنه وقال : والله يا ابن أخي لقد قال الكلمة التي أمرته أن يقولها . فقال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : الحمد لله الذي هداك يا عم . هكذا روى ابن عباس . والمشهور (7) أنه مات كافرا . ومن شعر أبي طالب مما يدل على أنه كان مصدقا لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قوله :
ودعوتني وعلمت أنك صادق ولقد علمت بأن دين محمد والله لن يصلوا إليك بجمعهم ولقد صدقت وكنت ثم أمينا من خير أديان البرية دينا حتى أوسد في الترب دفينا
وكان [ عمر ] أبي طالب بضعا وثمانين سنة » (8) .
وقال السيد أحمد زيني دحلان بعد نقل حديث العباس : « نقل الشيخ
--------------------------------------
(5) الإصابة 4 / 118 ، أسنى المطالب ـ لأحمد زيني دحلان ـ : 6 ، وغيرهما .
(6) الطبقات 1 / 79 .
(7) أي بين المناوئين لله ولرسوله ، لكن المتأمل في كلام أبي الفداء صدرا وذيلا يحكم بأن هذا المؤرخ مخالف لهذا المشهور .
(8) المختصر في أخبار البشر 1 / 120 .

(الصفحة 26)


السحيمي في شرحه على شرح جوهرة التوحيد عن الإمام الشعراني والسبكي وجماعة : أن ذلك الحديث ثبت عند بعض أهل الكشف ، وصح عندهم إسلامه » .
هذا ، ولا يخفى أنه قد جاء حديث العباس في سيرة ابن هشام مع إضافة في آخره ، وهو أن النبي ـ لما أخبره العباس بقول أبي طالب الكلمة التي أمرها بها ـ قال : « لم أسمع » ولكن الصحيح ما جاء في تاريخ أبي الفداء فإنه عن ابن عباس ، ولا بد وأنه يرويه عن أبيه الذي هو صاحب القصة ، لكن القوم زادوا تلك الكلمة وجعلوا يفسرونها بما لا يخلو من اضطراب ، ففي « الروض الأنف » في شرح هذا الموضع : شهادة العباس لأبي طالب لو أداها بعد ما أسلم لكانت مقبولة ولم يرد بقوله : لم أسمع ، لأن الشاهد العدل إذا قال : سمعت ، وقال من هو أعدل منه : لم أسمع أخذ بقول من أثبت السماع ، لأن عدم السماع يحتمل أسبابا منعت الشاهد من السمع ، ولكن العباس شهد بذلك قبل أن يسلم » .
قلت :
أولا : قد عرفت بطلان هذه الزيادة .
وثانيا : إن العباس في هذا الموضع مخبر وليس بشاهد ، والمخبر إن كان موثوقا في إخباره يقبل منه ، ولا يشترط فيه العدالة كما لا يشترط التعدد ، بل لا يشترط فيه الإسلام ، ويشهد بذلك قبول النبي صلى الله عليه وآله وسلم خبر سلمان رضوان الله عليه في الهدية والصدقة قبل إسلامه ، وترتيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأثر على إخباره بأن الطبق المقدم له من الرطب صدقة فلم يأكل منه ، ثم إخباره مرة أخرى عن طبق آخر قدمه إليه بأنه هدية فجعل صلى الله عليه وآله وسلم يأكل ويقول لأصحابه : كلوا .
. . فحينذاك أسلم سلمان .
وذلك في قضية معروفة رواها أحمد في المسند 5 / 438 وغيره ،

(الصفحة 27)


واستشهد بها علماء الأصول في مبحث خبر الواحد ، راجع في ذلك كتاب : كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 2 / 685 .
فيظهر أن السهيلي ـ على جلالته ـ نسي أو تناسى قصة سلمان التي كانت من الثبوت بحيث اعتمد عليها الأصوليون في بحوثهم .
ومن ذلك : ما كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قول وفعل بعد وفاته ، وإيراد بعض ذلك ـ ولو باختصار ـ كاف في بيان المطلب وكذب المؤلف :
1 ـ بكاؤه الشديد على فقده .
2 ـ حضوره جنازته .
3 ـ معارضته لجنازته .
4 ـ دعاؤه له بقوله : « جزاك الله عني خيرا » .
5 ـ أمره عليا بأن يغسله ويكفنه ويواريه (9) .
وأخرج ابن سعد في الطبقات بسند صحيح عن إسحاق بن عبد الله ، قال العباس : « يا رسول الله ، أترجو لأبي طالب ؟ قال : كل الخير أرجو من ربي » (10) .
[ 3 ] أين كان مولد علي ؟ !
قال في صفحة 28 :
« قال الحاكم في ترجمة حكيم بن حزام : قد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليا في جوف الكعبة ، وولد حكيم بن حزام في
-----------------------------------------
(9) الطبقات الكبرى 1 / 105 ، تاريخ ابن كثير 3 / 125 ، تاريخ بغداد 13 / 196 ، الإصابة 4 / 116 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 26 .
(10) الطبقات الكبرى 1 / 106 .

(الصفحة 28)
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف