البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

قراءة في كتاب التوحيد

الباحث :  الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي
اسم المجلة :  تراثنا
العدد :  27
السنة :  السنة السابعة / ربيع الثاني ـ جمادى الاولى ـ جمادى الثانية سنة 1412 هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 4 / 2015
عدد زيارات البحث :  1679
الكتاب بعنوان « التوحيد » من تأليف الدكتور صالح الفوزان ، نشر هذا العام 1412 هـ ـ 1991 م . عقد الباب الأول منه لـ (الانحراف في حياة البشرية) بعرض لمحة تاريخية عن الفكر والالحاد والشرك والنفاق . والباب الثاني منه في (أقوال وأفعال تنافي التوحيد أو تنقصه) . عرض لها ضمن الفصول التالية : ـ 1 ـ إدعاء علم الغيب قي قراءة الكف والفنجان والتنجيم وغيرها . 2 ـ السحر والكهانة والعرافة . 3 ـ تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور وتعظيمها . 4 ـ تعظيم التماثيل والنصب التذكارية . 5 ـ الاستهزاء بالدين والاستهانة بحرماته . 6 ـ الحكم بغير ما أنزل الله . 7 ـ إدعاء حق التشريع والتحليل والتحريم . 8 ـ الانتماء إلى المذاهب الإلحادية والأحزاب الجاهلية . 9 ـ النظرة المادية للحياة .

(الصفحة 7)


10 ـ التمائم والرقى .
11 ـ الحلف بغير الله والتوسل والاستعانة بالمخلوق دون الله .
وكان الباب الثالث (في بيان ما يجب اعتقاده في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وصحابته) .
من خلال الفصول التالية : ـ
1 ـ في وجوب محبة الرسول وتعظيمه والنهي عن الغلو ، والاطراء في مدحه وبيان منزلته .
2 ـ في وجوب طاعته والاقتداء به .
3 ـ في مشروعية الصلاة والسلام عليه .
4 ـ في فضل أهل البيت وما يجب لهم من غير جفاء ولا غلو .
5 ـ في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم ، ومذهب أهل السنة والجماعة فيما حدث بينهم .
6 ـ في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدى .
وجاء الباب الرابع ـ وهو الأخير ـ (في البدع) ، ويتضمن الفصول التالية : -
1 ـ تعريف البدعة ، أنواعها ، أحكامها .
2 ـ ظهور البدع في حياة المسلمين ، والأسباب التي أدت إليها .
3 ـ موقف الأمة الإسلامية من المبتدعة ، ومنهج أهل السنة والجماعة في الرد عليهم .
4 ـ في الكلام على نماذج من البدع المعاصرة ، وهي : -
أ ـ الاحتفال بالمولد النبوي .
ب ـ التبرك بالأماكن والآثار والأموات ونحو ذلك .
ج ـ البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله .
ونهج فيه مؤلفه في تناوله الموضوعات المذكورة المنهج السلفي ، فحاكم في ضوئه ، وحكم على هديه

(الصفحة 8)


قرأته ـ فيما أقرأ من كتب تصل إلي أو أصل إليها ـ فقدرت في مؤلفه الكريم غيرته على الإسلام ، وأكبرت محاولاته الخيرة في الدفاع عنه بتعريفه المذاهب القديمة والحديثة التي تخالف الإسلام أو تختلف معه كليا أو جزئيا . وهذا ما كنا نرغب في أن يكون من جميع الكتاب المسلمين ، لأن الدفاع عن العقيدة واجب ديني وحق قانوني . إلا أنه لفت نظري فيه شيئان استوقفاني عندهما طويلا ، فأحببت أن أوضحهما أكثر ، لعل فيهما ما لم يطلع عليه سعادة الدكتور الفوزان ، أو كان شيء من محتوياتهما مقفلا أمامه ، لأنه لا يملك الخلفيات الثقافية التي تحمل مفاتيح الأقفال ، وهما : 1 ـ حكمه بالبدعة على مسائل اجتهادية في خصوص ما يخالف رأيه ، بما يلزم منه تكفير المسلمين الذين لا يرون رأيه ، كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف . 2 ـ اعتباره التشيع من المذاهب الطارئة على الإسلام دون أن يستند إلى دليل صحيح صريح ، سوى ما نقله من فتوى بعض المشايخ من أنه نشأ بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان ، والكل يعلم أن الفتوى إذا لا تدعم بدليلها لا تصلح لأن يستدل بها. ولأبدأ بالموضوع الثاني لما له من أهمية ، وبخاصة في مجال ما يقال عن نشوء المذاهب الإسلامية .
نشأة التشيع
إن من المسلمات في تاريخ التشريع الإسلامي أن نفرا من الصحابة كانوا يجتهدون إلى جانب محاولة استفادة الحكم من الكتاب والسنة في استخدام رأيهم الخاص بتعرف المصلحة ووضع الحكم وفق متطلباتها ، وهو ما عرف في المصطلح الفقهي ب(اجتهاد الرأي) ، ويقابله ـ كما هو معلوم ـ (اجتهاد النص) ويعني محاولة معرفة الحكم الشرعي من خلال النص الشرعي ، آية أو رواية . وكان من أبرز أولئكم الصحابة الذين عرفوا باجتهاد الرأي ـ إن لم يكن

(الصفحة 9)


أبرزهم على الإطلاق ـ الخليفة عمر بن الخطاب .
وكان أبرز من اعتمد النص وحده ولم يرجع إلى الرأي بحال من الأحوال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
ولإثبات هذا وتوثيقه أنقل بعض النصوص التاريخية التي تعرب عنه : ـ
ـ قال أحمد أمين في كتابه « فجر الإسلام » ط 11 ـ نشر دار الكتاب العربي ببيروت ، سنة 1979 م ، في الصفحة 236 :
. « وعلى الجملة : فقد كان كثير من الصحابة يرى أن يستعمل الرأي حيث لا نص من كتاب ولا سنة »
ـ وقال في الصفحة 237 :
.«لعل عمر بن الخطاب كان أظهر الصحابة في هذا الباب ، وهو استعمال (الرأي) فقد روي عنه الشيء الكثير »
ـ وقال في الصفحة 238 :
« بل يظهر لي أن عمر كان يستعمل الرأي في أوسع من المعنى الذي ذكرنا ، ذلك أن ما ذكرنا هو استعمال الرأي حيث لا نص من كتاب ولا سنة ، ولكنا نرى عمر سار أبعد من ذلك ، فكان يجتهد في تعرف المصلحة التي لأجلها كانت الآية أو الحديث ، ثم يسترشد بتلك المصلحة في أحكامه ، وهو أقرب شيء إلى ما يعبر عنه الآن بالاسترشاد بروح القانون لا بحرفيته » .
ـ وقال في الصفحة 240 :
« وعلى كل حال وجد العمل بالرأي ، ونقل عن كثير من كبار الصحابة قضايا أفتوا فيها برأيهم ، كأبي بكر وعمر وزيد بن ثابت وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ، وكان حامل لواء هذه المدرسة أو هذا المذهب ـ فيما نري ـ عمر بن الخطاب ».
ـ وقال الشيخ ابن تيمية (مجموع فتاوي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، جمع وترتيب : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي ، ط.. إدارة المساحة العسكرية بالقاهرة ، سنة 1404 هـ) ج 19 ص 285 :

(الصفحة 10)


« كان الإمام أحمد يقول : إنه ما من مسألة يسأل عنها إلا وقد تكلم الصحابة فيها أو في نظيرها ، والصحابة كانوا يحتجون في عامة مسائلهم بالنصوص ، كما هو مشهور عنهم ، وكانوا يجتهدون برأيهم ، ويتكلمون بالرأي ، ويحتجون بالقياس الصحيح أيضا » .
ـ وفي مقدمة (موسوعة فقه أبي بكر الصديق ، للدكتور محمد رواس قلعه جي ، ط 1 ، نشر دار الفكر بدمشق ، 1403 هـ ـ 1983 م) ص 10 :
« فقد كان فقهاء الصحابة لا يعدلون عما اتفق عليه أبو بكر وعمر ، فعن عبد الله بن أيي يزيد قال : كان عبد الله بن مسعود إذا سيءل عن سيء وكان في القرآن والسنة قال به ، وإلا قال به أبو بكر وعمر ، فإن لم يكن قال برأيه » .
ـ وفي مقدمة (موسوعة فقه إبراهيم النخعي ، للدكتور محمد رواس قلعه جي ، ط 1 ، نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سنة 1399 هـ ـ 1979 م) ج 1 ص 127 :
« إن الأستاذ الأول لمدرسة الرأي هو عمر بن الخطاب ، لأنه واجه من الأمور المحتاجة إلى التشريع ما لم يواجهه خليفة قبله ولا بعده ! فهو الذي على يديه فتحت الفتوح ومصرت الأمصار وخضعت الأمم المتمدنة من فارس والروم لحكم الإسلام » . ـ وفي كتاب (الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي) ، لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي ، تعليق عبد العزيز بن عبد الفتاح القاري ، ط 1 ، نشر المكتبة العلمية بالمدينة المنورة ، سنة 1396 هـ) ج 1 ص 370 ـ نقلا عن كتاب الليث بن سعد ، لمالك بن أنس
ـ : « فإن كثيرا من أولئك السابقين الأولين خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله فجندوا الأجناد ، واجتمع إليهم الناس ، فأظهروا بين ظهرانيهم كتاب الله وسنة نبيه ولم يكتموهم شيئا علموه . وكان في كل جند منهم طائفة يعلمون كتاب الله وسنة نبيه ، ويجتهدون برأيهم فيما لم يفسره لهم القرآن والسنة ، وتقدمهم عليه أبو بكر وعمر وعثمان الذين اختارهم المسلمون لأنفسهم ! » .

(الصفحة 11)


ـ ويقول الشهيد الصدر في تصديره لكتاب (تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة منذ نشأة التشيع حتى مطلع القرن الرابع الهجري ، للدكتور عبد الله فياض ، ط . مطبعة أسعد ببغداد ، سنة 1970 م) ص 21 :
« وقد قدر لهذا الاتجاه (يعني اتجاه الرأي) ممثلون جريئون من كبار الصحابة ، من قبيل عمر بن الخطاب ، الذي ناقش الرسول واجتهد في مواضع عديدة خلافا للنص ، إيمانا منه بجواز ذلك ما دام يرى أنه لم يخطئ المصلحة في اجتهاده !
وبهذا الصدد يمكننا أن نلاحظ موقفه من صلح الحديبية ، واحتجاجه على هذا الصلح ، وموقفه من الأذان وتصرفه فيه بإسقاط (حي على خير العمل) .
وموقفه من النبي حين شرع متعة الحج ، إلى غير ذلك من مواقفه الاجتهادية . وقد انعكس كلا الاتجاهين (اتجاه الرأي واتجاه النص) في مجلس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في آخر يوم من أيام حياته ، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس : قال : لما حضر رسول الله وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر : إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي قال لهم : قوموا (1) .
وهذه الواقعة وحدها كافية للتدليل على عمق الاتجاهين ومدى التناقض والصراع بينهما . ويمكن أن نضيف إليها لتصوير عمق الاتجاه الاجتهادي ورسوخه
-------------------------------------------
(1) وفي نسخة صحيح البخاري طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة 1314 هـ ، وطبعة إدارة الطباعة المنيرية سنة 1348 هـ. الحديث 55 من كتاب العلم ـ باب كتابة العلم : « حدثنا يحيى بن سليمان ، قال : حدثني ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وجعه قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده . قال عمر : إن النبي غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا ! فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع ، فخرج ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين كتابه » .

(الصفحة 12)


ما حصل من نزاع وخلاف بين الصحابة حول تأمير أسامة بن زيد على الجيش بالرغم من النص النبوي الصريح على ذلك ، حتى خرج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو مريض فخطب الناس ، وقال : أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة ؟ ! ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأمير أبيه من قبله ، وأيم الله إن كان لخليقا بالإمارة وإن ابنه من بعده لخليق بها » .
ومما يصلح تعليقا على ما تقدم ما جاء في كتاب (أعلام الموقعين عن رب العالمين ، لابن قيم الجوزية ، تعليق طه عبد الرؤوف سعد ، ط . دار الجيل ببيروت) . ج 1 ص 51 ، تحت عنوان (النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله) : « وقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) أي لا تقولوا حتى يقول ، ولا تأمروا حتى يأمر ، ولا تفتوا حتى يفتي ، ولا تقطعوا أمرا حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضيه ، روى علي بن أيي طلحة عن ابن عباس (رضي الله عنه) : (لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة) ، وروى العوفي عنه قال : (نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه) .
والقول الجامع في معنى الآية : لا تعجلوا بقول ولا فعل قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أو يفعل » .
وأذكر ـ هنا ـ مسألتين لاجتهاد الرأي توضيحا لمفهومه وتمثيلا له ، وهما : 1 ـ جاء في (كتاب ـ فقه السنة ، للشيخ سيد سابق ، ط دار الكتاب العربي ـ بيروت) ج 1 ص 389 : « وذهبت الأحناف إلى أن سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط بإعزاز الله لدينه ، فقد جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس وطلبوا من أبي بكر نصبهم ، فكتب لهم بها ، وجاءوا إلى عمر وأعطوه الخط فأبي ومزقه وقال : هذا شيء كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعطيكموه تأليفا لكم على الإسلام ، والآن قد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم فإن ثبتم على الإسلام ، وإلا فبيننا وبينكم السيف
(وقل الحق من ربّکم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليکفر) » ، فرجعوا إلى أي بكر فقالوا : الخليفة أنت أم عمر ؟ ! بذلت لنا الخط فمزقه عمر ، فقال : هو إن شاء !

(الصفحة 13)


قالوا (يعني الأحناف) : إن أبا بكر وافق عمر ، ولم ينكر أحد من الصحابة ، كما أنه لم ينقل عن عثمان وعلي أنهما أعطيا أحدا من هذا الصنف .
ويجاب عن هذا :
بأن هذا اجتهاد من عمر ، وأنه رأى أنه ليس من المصلحة إعطاء هؤلاء بعد أن ثبت الإسلام في أقوامهم ، وأنه لا ضرر يخشى من ارتداهم عن الإسلام ، وكون عثمان ، وعلي لم يعطيا أحدا من هذا الصنف لا يدل على ما ذهبوا إليه من سقوط سهم المؤلفة قلوبهم ، فقد يكون ذلك لعدم وجود الحاجة إلى أحد من الكفار ، وهذا لا ينافي ثبوته لمن أحتاج إليه من الأئمة .
على أن العمدة في الاستدلال هو الكتاب والسنة ، فهما المرجع الذي لا يجوز العدول عنه بحال ».
2 ـ جاء في كتاب (فقه عمر بن الخطاب موازنا بفقه أشهر المجتهدين ، للدكتور رويعي بن راجح الرحيلي ، ط 1 ، نشر دار الغرب الاسلإمي ببيروت سنة 1403 هـ) ج 1 ص 85 وما بعدها .
« روى مسلم وغيره عن أبي نضرة ، قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال : على يدي دار الحديث ، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما قام عمر قال : إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازله ، فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله وأبتوا نكاح هذه النساء ، فلن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة .
وروى عبد الرزاق عن عطاء ، قال : لأول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى قال : أخبرني أبي يعلى أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف فأنكرت ذلك عليه ، فدخلنا على ابن عباس فذكر له بعضنا ، فقال : نعم ، فلم يقر في نفسي حتى قدم جابر بن عبد الله فجئنا في منزله فسأله القوم عن أشياء ، ثم ذكروا له المتعة ، فقال : نعم ، استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر ، حتى إذا

(الصفحة 14)


كان في أواخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة ـ سماها جابر فنسيتها ـ فحملت المرأة ، فبلغ ذلك عمر ، فدعاها فسألها ، فقالت : نعم ، قال : من أشهد ؟ قال عطاء : لا أدري أقالت : أمي أم وليها ، قال : فهلا غيرهما ، قال : خشي أن يكون دغلا الآخر » (1) .
وفي ص 95 منه : « واشتهر عن ابن عباس رضي الله عنه إباحتها ، وقال : ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولولا نهي عنها ما اضطر إلى الزنى إلا شقي » .
وفي (مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية) ج 20 ص 215 و 251 :
« وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس في المتعة ، فقال له : قال أبو بكر وعمر ، فقال ابن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله ، وتقولون : قال أبو بكر وعمر » .
« وكذلك ابن عمر لما سألوه عنها فأمر بها ، فعارضوا بقول عمر ، فبين لهم أن عمر لم يرد ما يقولونه فألحوا عليه ، فقال لهم : أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أحق أن يتبع أم أمر عمر ؟ »
. ومن الوثائق التاريخية التي تشير إلى هذين الاتجاهين (الرأي والنص) ما قاله ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة ، ط ، مصر الأولى) ج 10 ص 572 وهو يقارن بين سياستي علي وعمر ، وسياستي علي ومعاوية ونصه : « إعلم أن السائس لا يتمكن من السياسة البالغة إلا إذا كان يعمل برأيه وبما يرى فيه صلاح ملكه وتمهيد أمره وتوطيد قاعدته ، سواء وافق الشريعة أو لم يوافقها ، ومتى لم يعمل في السياسة والتدبير بموجب ما قلناه ، وإلا فبعيد أن ينتظم أمره أو يستوثق حاله .
------------------------------------------
(1) الدغل : الاغتيال ، والآخر : الأبعد .

(الصفحة 15)
 
فروع المركز

فروع المركز

للمركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية ثلاثة فروع في ثلاثة بلدان
  • العنوان

  • البريد الإلكتروني

  • الهاتف